اختار الفنان المسرحي هشام الدرويش اقتحام تجربة إبداعية ذات طابع خصوصي تتطلب تركيزا خاصا وغوصا في تفاصيل قد يغفل عنها رجل المسرح العادي
انه فن "الحكي" الذي يتطلب دراية دقيقة اعتبارا لتعدد المواقف وتنوع الأحداث في الحكاية، ولا غرابة ان يتفق اهل الثقافة والمسرح على نجاح وتميز هشام الدرويش في التعاطي بكل حرفية واتقان مع هذا الفن ليكون احد رواده البارزين في تونس والوطن العربي..
حوار: محسن بن احمد
*أسست لفن "الفداوي" وبرزت فيه بشكل لافت ماهو تقييمك لهذه التجربة؟
اعتبر نفسي انخرطت في هذا التقليد ولا اعتبر نفسي المؤسس لفن "الفداوي" لأنه والجميع يعلم هناك من سبقني في هذا المجال في الماضي البعيد وحتى حاليا باعتباري انطلقت في خوض التجربة سنة 2018 بعد مسيرة مسرحية طويلة ولكن يمكن ان نقول قد أسست لتوجهات جديدة معاصرة لفن الحكي في عديد المقاربات إبداعيا واجتماعيا وبحثيا، بما انني وبسبب شغفي الكبير بفن الحكي عدت الى مقاعد الكلية وسجلت بمرحلة الماجستير في علوم التراث بكلية العلوم الانسانية والاجتماعية بتونس بعد 27 سنة من تخرجي من المعهد العالي للتنشيط الثقافي بتونس والان بصدد اعداد البحث الجامعي حول الحكاية الشعبية من الاصول الى الرقمنة.
*ماهي التقنيات التي تعتمدها في الإعداد لعرض الحكواتي؟
لا اعتمد تقنيات عديدة في اعدادي لعروضي في فن الحكاية سوى اني اقوم بنفسي بكتابة الحكايات الشعبية التي اقدمها مستوحاة من التراث العالمي وموظفا وحسب المواضيع الامثال الشعبية التونسية المناسبة لكل حكاية الى جانب توظيف لباس خاص في العرض سواء كان لباسا تونسيا اصيلا مثل الجبة والشاشية او لباسا عصريا مميزا دون نسيان اني اعتمد تقنيات فن الحكي الاساسية وهي التلوين الصوتي والتماهي مع الشخصيات الى غير ذلك من التقنيات كما اسعى في كل عرض الى تشريك الجمهور المتلقي أثناء سردي للحكاية .
*كيف تحدد مضامين العرض؟
كما سبق وان ذكرت ومنذ انطلاقي في تجربتي في فن الحكاية أقوم بنفسي باقتباس الحكايات الشعبية من التراث العالمي من مختلف اللغات ومن مختلف الثقافات في العالم والمتضمنة لعبر وقيم إنسانية فاني أعيد صياغة كتابتها إلى الدارجة التونسية واسمح لنفسي بتعديل في الحبكة قليلا لجعلها تستجيب لخصوصية الشخصية التونسية مع توظيف الأمثال الشعبية التونسية لإكساب الهوية التونسية للحكاية وسميتها حكايات درويش والتي وصل عددها الى حد الان قرابة 300 حكاية شعبية للأطفال وفيها للكبار، والطريف في هذا ان المتابعين لحكاياتي يشبهونني بالمرحوم عبد العزيز العروي ويؤكدون في كل مناسبة اني خليفته واعتز كثيرا بهذا التشبيه، ولا انكر تعلقي وتأثري به مع اني وفي نفس الوقت لم اقدم ولو حكاية من حكايات العروي واردت ان ابتكر طريقتي الخاصة بي مع الاستئناس بتجربته الكبيرة في مجال الكتابة والاعلام والصحافة. لان المرحوم عبد العزيز العروي قدم خدمات جليلة في مجال حفظ وتوثيق الموروث الشفوي التونسي والعالمي.
*ما مدى تفاعل المتلقي مع هذه العروض؟
اعود بك الى فترة الكتابة وقبل تقديم اول عرض حكواتي كنت اقوم ببث تجريبي امام اطفال العائلة الضيقة والواسعة كي الاحظ مدى حسن التلقي من عدمه للحكايات فكانت النتائج مشجعة ومتحمسة ومنذ أولى العروض كان الاطفال وحتى اولياؤهم أحبوا الحكايات ومضامينها التي كلها عبر وقيم ومعلومات مفيدة بطريقة مبسطة وسلسة وفيها تفاعل كبير مع الجمهور ولازلت اذكر اول عرض ذات 19 مارس 2018 بدار الثقافة نصر الله عندما منعني الاطفال من وضع حد للعرض وطلبوا مني المواصلة في سرد الحكايات.
ومن سنة الى اخرى وبنضج التجربة واشعاعها اعلاميا اصبحت اتلقى من اولياء الاطفال المتلقين لحكايات درويش فيديوات لابنائهم وهم يشاهدونني في بعض الحصص التلفزية او وهم يقدمون بعضا من حكاياتي التي احبوها وحفظوها وخاصة حكاية القلمون وشجرة التفاح والامانة وغيرها...
الى ان أتتني فكرة بعث مشروع حكايات درويش على لسان صغارنا يتعلق باكتشاف مواهب جديدة من الاطفال في فن الحكي وتاطيرهم وهم يقدمون حكايات درويش على طريقتهم الخاصة وقد كان ذلك ضمن فقرة قارة في برنامج صغارنا في اذاعة الشباب مع الاعلامية نسرين حشانة.
*لمن تتوجه بعروض الحكواتي؟
سؤال مهم وعميق لاني في البداية كنت اتوجه بحكاياتي الى الاطفال بشكل تفاعلي تلقائي سواء من خلال تشريكهم في سرد الحكاية عبر اعادة بعض الجمل الايقاعية او عبر تقديم حكاية دون نهاية واطلب منهم استكمالها من وحي خيالهم الى ان جاءتني الملاحظة من عديد الاولياء المواكبين للعرض مع ابنائهم المتمثلة في انهم ايضا شدت انتباههم حكايات درويش واعجبتهم الى ان اصبحت اضع في اعتباري عند كتابة الحكايات اهتمامات الكبار واصبحت حكايات درويش للأطفال وللكبار مع التنبيه الى ان العكس غير ممكن يعني حكايات الكبار لا يمكن لها ان تناسب الاطفال.
كما توجهت بحكاياتي الى الفئات الاقل حظا من غيرها وهم الاطفال من ذوي الاعاقة باختلاف اصنافها وفاقدي السند وايضا كبار وهي المقاربة الاجتماعية والاندماجية الي ركزت عليها في السنين القريبة الماضية وخاصة منذ 2020 مع ذوي الاعاقة السمعية وحاليا مع الاطفال من ذوي الإعاقة البصرية في مدرسة النور للمكفوفين وكذلك اتوجه دائما للمودعين في الاصلاحيات والوحدات السجنية في مقاربة عامة وهي كيف تكون الحكاية سبيلا للادماج وحتى العلاج.
*تعدد مقدمي عروض الحكواتي هل هناك خصوصية تتميز وتختص بها عن البقية؟
لابد من التاكيد من ان لكل "فداوي" او حكواتي خصوصيته ومضامينه التي تميزه ولانه الى الان وبخلاف الدول العربية والاجنبية لا يزال هذا الفن العريق غير مصنف في تونس مما جعل الحابل يختلط بالنابل وتم للاسف استسهال هذا الفن الصعب والذي يتطلب مهارة فائقة لشد المتلقي وبمضامين راقية وهادفة بعيدا عن التلقين والدروس وفي الاخير وفي ظل هذا الوضع لا يصح الا الصحيح وتظل القدرة على الاقناع والابداع هي الفيصل وخاصة مع الاطفال لانهم لا يجاملون ولا ينافقون.
واما عن الخصوصية التي يمكن ان اتميز بها هي البساطة في الطرح والتقديم واحترام الخيط الرفيع بين التمثيل المسرحي وبين فن الحكي واعتماد مهارات المسرح دون الوقوع في تقمص الشخصيات مع ضرورة الحفاظ على الطابع السردي في التقديم وهو اساس فن الحكي.
*كان لك حضور هام في المهرجانات العربية ماذا تقول عنها وما مدى تفاعل المتلقي هناك؟
فعلا كانت لي مشاركات في مهرجانات دولية في بلدان عربية كانت محطات حاسمة في التجربة اولها في جويلية 2018 بالرباط في المهرجان الدولي مغرب الحكايات بدعم من وزارة الشؤون الثقافية.
وفي نوفمبر سنة 2022 كانت لي مشاركة في المهرجان الدولي للحكواتي في مدينة طرابلس اللبنانية واخر مشاركة لي كانت بمدينة مراكش المغربية فيفري 2023 وهو من أكبر الملتقيات الدولية في فن الحكاية بمشاركة 88 من قرابة 30 دولة من جميع القارات واعتبر هذه المشاركة بوابتي للعالمية خاصة وبعد ان لفتت مشاركتي وطريقتي الخاصة في سرد الحكايات في قلب ساحة جامع الفناء شدتني ملاحظة احد المشاركين بقوله بالفرنسية tu as vibré ساحة جامع الفناء
وتم ادراجي بالمناسبة ضمن المنصة الدولية للحكواتيين في العالم وتمت دعوتي للقيام بتأطير دورة تكوينية في فن الحماية بمراكش سبتمبر 2024 في اطار فاعلياتهم بمناسبة اختيار مراكش عاصمة للثقافة الاسلامية 2024.
*هل مثلت اللغة المستعملة عائقا لك في تلك المهرجانات؟
سؤال وجيه ومنطقي ولقائل ان يقول عندما اقدم حكاياتي باللهجة التونسية هل ستكون مفهومة اولا من الاشقاء في الدول العربية وايضا من المشاركين القادمين من دول اوروبية وامريكية.
اولا وفي ما يخصني انا شخصيا احرص دائما على تقديم حكاياتي باللهجة التونسية مع تعديل بسيط في بعض المفردات التي لا يمكن فهمها مثال كرطابة اعوضها بكلمة محفظة او كرهبة اعوضها بكلمة سيارة دون المساس بمبادئ واسس اللهجة التونسية لان التثاقف وتبادل التجارب لا يكون الا باكتشاف التنوع في اللهجات العربية واساس الحكايات كموروث شفوي لا يقدم في الاصل الا باللهجة المحلية لكل بلد.
ولدى مشاركتي في المهرجان الدولي لفن الحكاية بمراكش ولضمان التفاعل بين جميع الحكواتيين الاجانب والعرب ومع حتى السياح الاجانب الذين هم عنصر اساسي من جمهور ساحة جامع الفناء فكان هناك طلبة في اللغة الانقليزية تطوعوا لتقديم الترجمة الحينية لكل العروض العربية الى الانقليزية والعكس بالعكس فكانت فكرة ذكية لإنجاح كل العروض.
*اليس من الضروري اليوم حسب رايك التفكير بجدية في تأسيس مهرجان دولي لفن الحكاية في تونس ؟
على اثر مشاركتي في مهرجان مراكش لمست عن قرب نجاح المهرجان على جميع المقاييس تساءلت مع نفسي لماذا نفتقد لمثل هذا المهرجان وبذلك الحجم في تونس لأنه صحيح تعددت في الجهات التظاهرات المعنية بفن الحكاية وان يمثل ذلك عودة لروح الخرافة والحكاية فان ذلك وحسب رايي غير كاف ودائما مقتنع انه في الاتحاد قوة فلابد من توحيد جميع المجهودات البشرية بين المهتمين بهذا الفن وتركيز الموارد المالية على مهرجان دولي كبير يضاهي مهرجان مراكش وهذا ليس بعزيز علينا فقط عندما تتوفر الارادة وغياب تضخم الانا وتتوفر روح المجموعة.
في الاخير ادعو من خلال هذه المساحة كل وسائل الاعلام المرئية والمسموعة الى ايلاء الاهتمام بفن الحكاية وتخصيص الحيز المحترم لبث اعمال الحكواتيين العديدة والتي نجدها ومن ضمنهم اعمالي واعمال الحكواتي العم جلال والحكواتي سعيد مروموش وغيرهما من الذين يجتهدون دون هوادة في سبيل تثمين التراث الشفوي وحفظه من الاندثار وجعل البدائل الرقمية والسمعية البصرية مصدرا لهذا التثمين والية من بين الاليات الناجحة والناجعة.
فدعوة الى التلفزات والاذاعات الى الالتفات الى فن الحكاية وليس فقط في رمضان مع اني لا انكر اهتمام بعض الاذاعات في هذا المجال واولها الاذاعة الوطنية والاذاعة الثقافية واذاعة الشباب واخرها اذاعة المنستير والتي سيكون مستمعوها ومستمعاتها على موعد مع فقرة قارة اسبوعية في منوعة بشائر الصباح الذي يقوم باعداده الاعلامي وليد الجموسي بعنوان احكيلي عليها مع هشام درويش كل سبت واحد من كل اسبوع خلال الشبكة الصيفية انطلاقا من السابعة والنصف صباحا
وحكايتنا تعيش مع حكايات درويش
تونس-الصباح
اختار الفنان المسرحي هشام الدرويش اقتحام تجربة إبداعية ذات طابع خصوصي تتطلب تركيزا خاصا وغوصا في تفاصيل قد يغفل عنها رجل المسرح العادي
انه فن "الحكي" الذي يتطلب دراية دقيقة اعتبارا لتعدد المواقف وتنوع الأحداث في الحكاية، ولا غرابة ان يتفق اهل الثقافة والمسرح على نجاح وتميز هشام الدرويش في التعاطي بكل حرفية واتقان مع هذا الفن ليكون احد رواده البارزين في تونس والوطن العربي..
حوار: محسن بن احمد
*أسست لفن "الفداوي" وبرزت فيه بشكل لافت ماهو تقييمك لهذه التجربة؟
اعتبر نفسي انخرطت في هذا التقليد ولا اعتبر نفسي المؤسس لفن "الفداوي" لأنه والجميع يعلم هناك من سبقني في هذا المجال في الماضي البعيد وحتى حاليا باعتباري انطلقت في خوض التجربة سنة 2018 بعد مسيرة مسرحية طويلة ولكن يمكن ان نقول قد أسست لتوجهات جديدة معاصرة لفن الحكي في عديد المقاربات إبداعيا واجتماعيا وبحثيا، بما انني وبسبب شغفي الكبير بفن الحكي عدت الى مقاعد الكلية وسجلت بمرحلة الماجستير في علوم التراث بكلية العلوم الانسانية والاجتماعية بتونس بعد 27 سنة من تخرجي من المعهد العالي للتنشيط الثقافي بتونس والان بصدد اعداد البحث الجامعي حول الحكاية الشعبية من الاصول الى الرقمنة.
*ماهي التقنيات التي تعتمدها في الإعداد لعرض الحكواتي؟
لا اعتمد تقنيات عديدة في اعدادي لعروضي في فن الحكاية سوى اني اقوم بنفسي بكتابة الحكايات الشعبية التي اقدمها مستوحاة من التراث العالمي وموظفا وحسب المواضيع الامثال الشعبية التونسية المناسبة لكل حكاية الى جانب توظيف لباس خاص في العرض سواء كان لباسا تونسيا اصيلا مثل الجبة والشاشية او لباسا عصريا مميزا دون نسيان اني اعتمد تقنيات فن الحكي الاساسية وهي التلوين الصوتي والتماهي مع الشخصيات الى غير ذلك من التقنيات كما اسعى في كل عرض الى تشريك الجمهور المتلقي أثناء سردي للحكاية .
*كيف تحدد مضامين العرض؟
كما سبق وان ذكرت ومنذ انطلاقي في تجربتي في فن الحكاية أقوم بنفسي باقتباس الحكايات الشعبية من التراث العالمي من مختلف اللغات ومن مختلف الثقافات في العالم والمتضمنة لعبر وقيم إنسانية فاني أعيد صياغة كتابتها إلى الدارجة التونسية واسمح لنفسي بتعديل في الحبكة قليلا لجعلها تستجيب لخصوصية الشخصية التونسية مع توظيف الأمثال الشعبية التونسية لإكساب الهوية التونسية للحكاية وسميتها حكايات درويش والتي وصل عددها الى حد الان قرابة 300 حكاية شعبية للأطفال وفيها للكبار، والطريف في هذا ان المتابعين لحكاياتي يشبهونني بالمرحوم عبد العزيز العروي ويؤكدون في كل مناسبة اني خليفته واعتز كثيرا بهذا التشبيه، ولا انكر تعلقي وتأثري به مع اني وفي نفس الوقت لم اقدم ولو حكاية من حكايات العروي واردت ان ابتكر طريقتي الخاصة بي مع الاستئناس بتجربته الكبيرة في مجال الكتابة والاعلام والصحافة. لان المرحوم عبد العزيز العروي قدم خدمات جليلة في مجال حفظ وتوثيق الموروث الشفوي التونسي والعالمي.
*ما مدى تفاعل المتلقي مع هذه العروض؟
اعود بك الى فترة الكتابة وقبل تقديم اول عرض حكواتي كنت اقوم ببث تجريبي امام اطفال العائلة الضيقة والواسعة كي الاحظ مدى حسن التلقي من عدمه للحكايات فكانت النتائج مشجعة ومتحمسة ومنذ أولى العروض كان الاطفال وحتى اولياؤهم أحبوا الحكايات ومضامينها التي كلها عبر وقيم ومعلومات مفيدة بطريقة مبسطة وسلسة وفيها تفاعل كبير مع الجمهور ولازلت اذكر اول عرض ذات 19 مارس 2018 بدار الثقافة نصر الله عندما منعني الاطفال من وضع حد للعرض وطلبوا مني المواصلة في سرد الحكايات.
ومن سنة الى اخرى وبنضج التجربة واشعاعها اعلاميا اصبحت اتلقى من اولياء الاطفال المتلقين لحكايات درويش فيديوات لابنائهم وهم يشاهدونني في بعض الحصص التلفزية او وهم يقدمون بعضا من حكاياتي التي احبوها وحفظوها وخاصة حكاية القلمون وشجرة التفاح والامانة وغيرها...
الى ان أتتني فكرة بعث مشروع حكايات درويش على لسان صغارنا يتعلق باكتشاف مواهب جديدة من الاطفال في فن الحكي وتاطيرهم وهم يقدمون حكايات درويش على طريقتهم الخاصة وقد كان ذلك ضمن فقرة قارة في برنامج صغارنا في اذاعة الشباب مع الاعلامية نسرين حشانة.
*لمن تتوجه بعروض الحكواتي؟
سؤال مهم وعميق لاني في البداية كنت اتوجه بحكاياتي الى الاطفال بشكل تفاعلي تلقائي سواء من خلال تشريكهم في سرد الحكاية عبر اعادة بعض الجمل الايقاعية او عبر تقديم حكاية دون نهاية واطلب منهم استكمالها من وحي خيالهم الى ان جاءتني الملاحظة من عديد الاولياء المواكبين للعرض مع ابنائهم المتمثلة في انهم ايضا شدت انتباههم حكايات درويش واعجبتهم الى ان اصبحت اضع في اعتباري عند كتابة الحكايات اهتمامات الكبار واصبحت حكايات درويش للأطفال وللكبار مع التنبيه الى ان العكس غير ممكن يعني حكايات الكبار لا يمكن لها ان تناسب الاطفال.
كما توجهت بحكاياتي الى الفئات الاقل حظا من غيرها وهم الاطفال من ذوي الاعاقة باختلاف اصنافها وفاقدي السند وايضا كبار وهي المقاربة الاجتماعية والاندماجية الي ركزت عليها في السنين القريبة الماضية وخاصة منذ 2020 مع ذوي الاعاقة السمعية وحاليا مع الاطفال من ذوي الإعاقة البصرية في مدرسة النور للمكفوفين وكذلك اتوجه دائما للمودعين في الاصلاحيات والوحدات السجنية في مقاربة عامة وهي كيف تكون الحكاية سبيلا للادماج وحتى العلاج.
*تعدد مقدمي عروض الحكواتي هل هناك خصوصية تتميز وتختص بها عن البقية؟
لابد من التاكيد من ان لكل "فداوي" او حكواتي خصوصيته ومضامينه التي تميزه ولانه الى الان وبخلاف الدول العربية والاجنبية لا يزال هذا الفن العريق غير مصنف في تونس مما جعل الحابل يختلط بالنابل وتم للاسف استسهال هذا الفن الصعب والذي يتطلب مهارة فائقة لشد المتلقي وبمضامين راقية وهادفة بعيدا عن التلقين والدروس وفي الاخير وفي ظل هذا الوضع لا يصح الا الصحيح وتظل القدرة على الاقناع والابداع هي الفيصل وخاصة مع الاطفال لانهم لا يجاملون ولا ينافقون.
واما عن الخصوصية التي يمكن ان اتميز بها هي البساطة في الطرح والتقديم واحترام الخيط الرفيع بين التمثيل المسرحي وبين فن الحكي واعتماد مهارات المسرح دون الوقوع في تقمص الشخصيات مع ضرورة الحفاظ على الطابع السردي في التقديم وهو اساس فن الحكي.
*كان لك حضور هام في المهرجانات العربية ماذا تقول عنها وما مدى تفاعل المتلقي هناك؟
فعلا كانت لي مشاركات في مهرجانات دولية في بلدان عربية كانت محطات حاسمة في التجربة اولها في جويلية 2018 بالرباط في المهرجان الدولي مغرب الحكايات بدعم من وزارة الشؤون الثقافية.
وفي نوفمبر سنة 2022 كانت لي مشاركة في المهرجان الدولي للحكواتي في مدينة طرابلس اللبنانية واخر مشاركة لي كانت بمدينة مراكش المغربية فيفري 2023 وهو من أكبر الملتقيات الدولية في فن الحكاية بمشاركة 88 من قرابة 30 دولة من جميع القارات واعتبر هذه المشاركة بوابتي للعالمية خاصة وبعد ان لفتت مشاركتي وطريقتي الخاصة في سرد الحكايات في قلب ساحة جامع الفناء شدتني ملاحظة احد المشاركين بقوله بالفرنسية tu as vibré ساحة جامع الفناء
وتم ادراجي بالمناسبة ضمن المنصة الدولية للحكواتيين في العالم وتمت دعوتي للقيام بتأطير دورة تكوينية في فن الحماية بمراكش سبتمبر 2024 في اطار فاعلياتهم بمناسبة اختيار مراكش عاصمة للثقافة الاسلامية 2024.
*هل مثلت اللغة المستعملة عائقا لك في تلك المهرجانات؟
سؤال وجيه ومنطقي ولقائل ان يقول عندما اقدم حكاياتي باللهجة التونسية هل ستكون مفهومة اولا من الاشقاء في الدول العربية وايضا من المشاركين القادمين من دول اوروبية وامريكية.
اولا وفي ما يخصني انا شخصيا احرص دائما على تقديم حكاياتي باللهجة التونسية مع تعديل بسيط في بعض المفردات التي لا يمكن فهمها مثال كرطابة اعوضها بكلمة محفظة او كرهبة اعوضها بكلمة سيارة دون المساس بمبادئ واسس اللهجة التونسية لان التثاقف وتبادل التجارب لا يكون الا باكتشاف التنوع في اللهجات العربية واساس الحكايات كموروث شفوي لا يقدم في الاصل الا باللهجة المحلية لكل بلد.
ولدى مشاركتي في المهرجان الدولي لفن الحكاية بمراكش ولضمان التفاعل بين جميع الحكواتيين الاجانب والعرب ومع حتى السياح الاجانب الذين هم عنصر اساسي من جمهور ساحة جامع الفناء فكان هناك طلبة في اللغة الانقليزية تطوعوا لتقديم الترجمة الحينية لكل العروض العربية الى الانقليزية والعكس بالعكس فكانت فكرة ذكية لإنجاح كل العروض.
*اليس من الضروري اليوم حسب رايك التفكير بجدية في تأسيس مهرجان دولي لفن الحكاية في تونس ؟
على اثر مشاركتي في مهرجان مراكش لمست عن قرب نجاح المهرجان على جميع المقاييس تساءلت مع نفسي لماذا نفتقد لمثل هذا المهرجان وبذلك الحجم في تونس لأنه صحيح تعددت في الجهات التظاهرات المعنية بفن الحكاية وان يمثل ذلك عودة لروح الخرافة والحكاية فان ذلك وحسب رايي غير كاف ودائما مقتنع انه في الاتحاد قوة فلابد من توحيد جميع المجهودات البشرية بين المهتمين بهذا الفن وتركيز الموارد المالية على مهرجان دولي كبير يضاهي مهرجان مراكش وهذا ليس بعزيز علينا فقط عندما تتوفر الارادة وغياب تضخم الانا وتتوفر روح المجموعة.
في الاخير ادعو من خلال هذه المساحة كل وسائل الاعلام المرئية والمسموعة الى ايلاء الاهتمام بفن الحكاية وتخصيص الحيز المحترم لبث اعمال الحكواتيين العديدة والتي نجدها ومن ضمنهم اعمالي واعمال الحكواتي العم جلال والحكواتي سعيد مروموش وغيرهما من الذين يجتهدون دون هوادة في سبيل تثمين التراث الشفوي وحفظه من الاندثار وجعل البدائل الرقمية والسمعية البصرية مصدرا لهذا التثمين والية من بين الاليات الناجحة والناجعة.
فدعوة الى التلفزات والاذاعات الى الالتفات الى فن الحكاية وليس فقط في رمضان مع اني لا انكر اهتمام بعض الاذاعات في هذا المجال واولها الاذاعة الوطنية والاذاعة الثقافية واذاعة الشباب واخرها اذاعة المنستير والتي سيكون مستمعوها ومستمعاتها على موعد مع فقرة قارة اسبوعية في منوعة بشائر الصباح الذي يقوم باعداده الاعلامي وليد الجموسي بعنوان احكيلي عليها مع هشام درويش كل سبت واحد من كل اسبوع خلال الشبكة الصيفية انطلاقا من السابعة والنصف صباحا