بدأت "بوادر" الانطلاق في مفاوضات الوصول إلى اتفاق حول مراحل وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال –والتي قدمها الرئيس الأمريكي جو بايدن- تطل برأسها، وإن كانت إرهاصاتها الأخيرة صعبة، وخصوصا من الجانب الإسرائيلي.
فالتغييرات التي طرأت على نص المبادرة، يبدو أنها منحت طرفي الحرب في غزة، فضاء للمناورة، تقبلته حركة "حماس" (ممثلة عن فصائل المقاومة الفلسطينية) التي أعلنت موافقتها عليه، فيما شكل ذلك ضغطا متزايدا على حكومة الاحتلال، والذي وجد نفسه أما ضغط من 4 محاور، ثلاثة منها تضغط من أجل إبرام الصفقة، ومحور آخر يقف جدار صدّ ضدها، فمن جهة يبدو أن المستويين العسكري والأمني(ممثلان خصوصا بجيش الاحتلال وبالاستخبارات الخارجية الموساد والاستخبارات الداخلية الشاباك) يريدان إبرام الصفقة مع "حماس" خصوصا في ظل حالة التململ التي بدأت تدب في صفوف جنود الاحتياط المشاركين في معارك غزة والتي أطاحت بكثير منهم بين قتلى وجرحى، وكذلك مع تعالي صيحات قادة الألوية العسكرية للاحتلال التي ترى أنه يجب إبرام صفقة مع "حماس" حتى ولو كانت ستحافظ على سلطتها في القطاع بعد وقف إطلاق النار، وكذلك مخافة التورط في مغامرة برية أخرى في الجبهة الشمالية مع "حزب الله" في جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة.
ومن جهة ثانية، فإن الضغط يأتي من قبل عائلات الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة في غزة، والتي لم تستطع الاستخبارات الإسرائيلية أن تصل إليهم، بل أن القصف العشوائي والعبثي الذي تقوم به مدفعية وطيران الاحتلال عرضهم للقتل، وجعل هذا الجيش يصنف في قائمة العار الأممية التي تضم الجيوش القاتلة للأطفال، وجعل حكومة الاحتلال أمام حتمية المحاكمة بتهم جرائم الحرب بعد أن قتلت أكثر من 38 ألف شخص في غزة، وهذا ما حرّك شوارع عواصم الغرب نصرة لغزة وأهاليها الذين يتعرضون لإبادة جماعية.
ومن جهة ثالثة، ضغط متأت من الإدارة الأمريكية التي تريد إبرام صفقة لوقف الحرب في غزة عاجلا أم آجلا، قبل انتخابات الرئاسة القادمة والتي يعمل بايدن من خلالها على إعادة ترجيح كفة الديمقراطيين فيها، إثر فشله الكبير في المناظرة الأخيرة مع مترشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، والذي يبدو أنه سيدفع بالوضع للتصعيد وفتح كل مخازن السلاح الأمريكية أمام الاحتلال لـ"استكمال" حرب الإبادة.
كذلك فإن إدارة بايدن، تسعى لكبح جماح الغضب الذي بات واضحا في المستويين السياسي والاستخباري وحتى العسكري من دعمها "اللامحدود" للاحتلال، مما وضع القيم التي يبني عليها الديمقراطيون سرديتهم السياسية (المبنية على علوية القانون الدولي وحقوق الإنسان) في موضع "ازدواجية" واضحة، خصوصا إذا ما تمت مقارنتها بمواقف البيت الأبيض بما يحصل في أوكرانيا بعد الحرب الروسية هناك.
أما الجهة الرابعة، فهي الأحزاب الدينية الصهيونية التي تطالب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بعدم إيقاف الحرب ومواصلتها، بل إعلان حرب أخرى في شمال الأراضي المحتلة، وتضغط عليه من خلال تهديدها بالانسحاب من الحكومة وإسقاطها، وهو ما يعكس حالة الانقسام الكبير في الجبهة الداخلية للاحتلال، خصوصا بين تيارات الصهيونية العلمانية والتي تشكل "الدولة العميقة" لدولة الكيان، وبين الأحزاب القومية والدينية الصهيونية، والتي تريد امتداد الحرب إلى ما لا نهاية.
كذلك يبدو أن نتنياهو يتعرض لضغط آخر وهو تداعي الاقتصاد الإسرائيلي، خصوصا مع خسائر قد لا يمكن أن يعوضها، إذا ما بدأ حربا مع "حزب الله" الذي يملك بنكا للأهداف –عرضه ضمن فيديو لطائرة تجسس مسيرة- قد يغرق الكيان في الظلام، وهو ما زاد من وتيرة الحرب النفسية التي ألمت بالإسرائيليين وجعلتهم يحتلون الشوارع للضغط وإنهاء الحرب في غزة وعدم إشعالها شمالا، خاصة مع تمسك "حزب الله" بمعادلة خفض التصعيد شمالا إلا إذا توقفت الحرب جنوبا في قطاع غزة.
نزار مقني
بدأت "بوادر" الانطلاق في مفاوضات الوصول إلى اتفاق حول مراحل وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال –والتي قدمها الرئيس الأمريكي جو بايدن- تطل برأسها، وإن كانت إرهاصاتها الأخيرة صعبة، وخصوصا من الجانب الإسرائيلي.
فالتغييرات التي طرأت على نص المبادرة، يبدو أنها منحت طرفي الحرب في غزة، فضاء للمناورة، تقبلته حركة "حماس" (ممثلة عن فصائل المقاومة الفلسطينية) التي أعلنت موافقتها عليه، فيما شكل ذلك ضغطا متزايدا على حكومة الاحتلال، والذي وجد نفسه أما ضغط من 4 محاور، ثلاثة منها تضغط من أجل إبرام الصفقة، ومحور آخر يقف جدار صدّ ضدها، فمن جهة يبدو أن المستويين العسكري والأمني(ممثلان خصوصا بجيش الاحتلال وبالاستخبارات الخارجية الموساد والاستخبارات الداخلية الشاباك) يريدان إبرام الصفقة مع "حماس" خصوصا في ظل حالة التململ التي بدأت تدب في صفوف جنود الاحتياط المشاركين في معارك غزة والتي أطاحت بكثير منهم بين قتلى وجرحى، وكذلك مع تعالي صيحات قادة الألوية العسكرية للاحتلال التي ترى أنه يجب إبرام صفقة مع "حماس" حتى ولو كانت ستحافظ على سلطتها في القطاع بعد وقف إطلاق النار، وكذلك مخافة التورط في مغامرة برية أخرى في الجبهة الشمالية مع "حزب الله" في جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة.
ومن جهة ثانية، فإن الضغط يأتي من قبل عائلات الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة في غزة، والتي لم تستطع الاستخبارات الإسرائيلية أن تصل إليهم، بل أن القصف العشوائي والعبثي الذي تقوم به مدفعية وطيران الاحتلال عرضهم للقتل، وجعل هذا الجيش يصنف في قائمة العار الأممية التي تضم الجيوش القاتلة للأطفال، وجعل حكومة الاحتلال أمام حتمية المحاكمة بتهم جرائم الحرب بعد أن قتلت أكثر من 38 ألف شخص في غزة، وهذا ما حرّك شوارع عواصم الغرب نصرة لغزة وأهاليها الذين يتعرضون لإبادة جماعية.
ومن جهة ثالثة، ضغط متأت من الإدارة الأمريكية التي تريد إبرام صفقة لوقف الحرب في غزة عاجلا أم آجلا، قبل انتخابات الرئاسة القادمة والتي يعمل بايدن من خلالها على إعادة ترجيح كفة الديمقراطيين فيها، إثر فشله الكبير في المناظرة الأخيرة مع مترشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، والذي يبدو أنه سيدفع بالوضع للتصعيد وفتح كل مخازن السلاح الأمريكية أمام الاحتلال لـ"استكمال" حرب الإبادة.
كذلك فإن إدارة بايدن، تسعى لكبح جماح الغضب الذي بات واضحا في المستويين السياسي والاستخباري وحتى العسكري من دعمها "اللامحدود" للاحتلال، مما وضع القيم التي يبني عليها الديمقراطيون سرديتهم السياسية (المبنية على علوية القانون الدولي وحقوق الإنسان) في موضع "ازدواجية" واضحة، خصوصا إذا ما تمت مقارنتها بمواقف البيت الأبيض بما يحصل في أوكرانيا بعد الحرب الروسية هناك.
أما الجهة الرابعة، فهي الأحزاب الدينية الصهيونية التي تطالب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بعدم إيقاف الحرب ومواصلتها، بل إعلان حرب أخرى في شمال الأراضي المحتلة، وتضغط عليه من خلال تهديدها بالانسحاب من الحكومة وإسقاطها، وهو ما يعكس حالة الانقسام الكبير في الجبهة الداخلية للاحتلال، خصوصا بين تيارات الصهيونية العلمانية والتي تشكل "الدولة العميقة" لدولة الكيان، وبين الأحزاب القومية والدينية الصهيونية، والتي تريد امتداد الحرب إلى ما لا نهاية.
كذلك يبدو أن نتنياهو يتعرض لضغط آخر وهو تداعي الاقتصاد الإسرائيلي، خصوصا مع خسائر قد لا يمكن أن يعوضها، إذا ما بدأ حربا مع "حزب الله" الذي يملك بنكا للأهداف –عرضه ضمن فيديو لطائرة تجسس مسيرة- قد يغرق الكيان في الظلام، وهو ما زاد من وتيرة الحرب النفسية التي ألمت بالإسرائيليين وجعلتهم يحتلون الشوارع للضغط وإنهاء الحرب في غزة وعدم إشعالها شمالا، خاصة مع تمسك "حزب الله" بمعادلة خفض التصعيد شمالا إلا إذا توقفت الحرب جنوبا في قطاع غزة.