تناقلت وسائل الإعلام العالمية، مؤخرا، تطورات جديدة في ما يتعلق بحرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني. وتفيد التقارير الواردة من هناك إلى إمكانية التوصل قريبا إلى صفقة لوقف إطلاق النار بين المقاومة والاحتلال بعد استئناف المفاوضات غير المباشرة بينهما.
فهل هي بداية إعلان هزيمة المحتل، وانتصار المقاومة، رغم الدمار الشامل الذي أصاب القطاع، ورغم الخسائر البشرية التي تجاوزت المائة وخمسين ألفا بين شهيد وجريح ومفقود، خاصة أن الضغوطات التي تدفع إلى إنجاح المفاوضات صادرة هذه المرة عن قيادات عليا بجيش الاحتلال، أعلنت عن استعدادها لقبول أي صفقة، وبأي ثمن، والمهم هو وقف الحرب؟
كل الاحتمالات واردة، قد يكون الأمر مناورات يعتمدها الاحتلال لإعادة تقييم خسائره، وضبط حساباته، وحتى يعطي لجيشه متنفسا بعد الخسائر الفادحة التي مني بها وعجزه عن تحقيق مكاسب أو أهداف عسكرية..
وقد تكون هذه المفاوضات فرصة للحكومة اليمينية المتطرفة ولرئيسها الذي يبحث عن مخرج سياسي، وعن مهرب من هزيمة مذلة تقيه ملاحقات قضائية دولية محتملة، أمام الضغوطات الداخلية والخارجية للحكومة الإسرائيلية وخطر انهيارها في أية لحظة..
لكن المتأمل في سير الأحداث، يلاحظ أن كل المؤشرات تدل على أن ضربات المقاومة وصمودها الأسطوري طيلة تسعة أشهر من القتال بإمكانيات محدودة، أمام جيش مدجج بكافة أنواع الأسلحة، لا يتورع عن استهداف المدنيين وارتكاب جرائم الحرب والإبادة.. كانت ومازالت حاسمة في سير المعارك وتوجيهها..
إذ تمكنت المقاومة من ضبط إيقاع نسق المعارك واختيار الوقت المناسب لتنفيذ عمليات نوعية ساهمت في إيقاع خسائر فادحة في صفوف الجيش الإسرائيلي. وهي خسائر لم يعرفها الاحتلال في جل حروبه التي خاضها سابقا، يعترف ببعضها وينكر بعضها الآخر، لكن الفيديوهات التي تصورها المقاومة في بعض المعارك والكمائن تؤكد صمودها، وتماسك شبكة قياداتها وتمكنها من إعادة تنظيم نفسها والحفاظ على قدراتها العسكرية والقتالية..
ولعل في تنويع المقاومة طيلة هذه الأشهر، لعملياتها الميدانية، أكسبها خبرة في التعاطي مع تطورات العملية العسكرية، مع حسن إدارة المعركة سياسيا واتصاليا، ساهم في إعادة جيش الاحتلال لحساباته العسكرية وأهدافه العملية البرية التي منيت بالفشل الى حد الآن. رغم الدمار وعنف الحصار واعتماد الاحتلال أساليب التجويع، ومنع المساعدات.. وهي أساليب ترتقي إلى جرائم حرب، وكان يراهن عليها لإضعاف المقاومة أو لدفع السكان إلى الهجرة أو التمرد على المقاومة..
كما برزت متغيرات في حسابات المعارك ميدانيا وسياسيا، تصب في صالح المقاومة في القطاع التي تنتهج تكتيكات قتال الشوارع لإحداث أكبر عدد ممكن من الخسائر.. واستدامة المقاومة في الضفة الغربية، وأيضا في الجبهة الجنوبية التي نجحت في فرض توازن حربي في شمال فلسطين المحتلة جعلت الاحتلال يقرأ لها ألف حساب ويخشى من توسع نطاق الحرب..
كما أن طول أمد الحرب، لم يمكن الاحتلال من تحقيق نتائج ذات أهمية، وهي التي غيرت من أهدافها عبر الترويج لهدف "إضعاف المقاومة" بدل القضاء عليها بعد أن تأكد لديها أن المقاومة فكرة، وعقيدة متجذرة في قلوب الفلسطينيين، وليست مجرد خيار سياسي أو توجه إيديولوجي..
كما ساهمت ضغوطات الداخل الإسرائيلي، وخاصة الصادرة عن عائلات المحتجزين والمتعاطفين معهم، والضغوطات السياسية، وضغوطات القيادات الأمنية والعسكرية الراغبة في إنهاء الحرب.. في دفع حكومة الاحتلال إلى خيار التفاوض الذي قد يفضي في النهاية إلى إعلان غير رسمي لوقف الحرب وبالتالي إلى هزيمة عسكرية وإستراتيجية مذلة لدولة الاحتلال..
رفيق بن عبد الله
تناقلت وسائل الإعلام العالمية، مؤخرا، تطورات جديدة في ما يتعلق بحرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني. وتفيد التقارير الواردة من هناك إلى إمكانية التوصل قريبا إلى صفقة لوقف إطلاق النار بين المقاومة والاحتلال بعد استئناف المفاوضات غير المباشرة بينهما.
فهل هي بداية إعلان هزيمة المحتل، وانتصار المقاومة، رغم الدمار الشامل الذي أصاب القطاع، ورغم الخسائر البشرية التي تجاوزت المائة وخمسين ألفا بين شهيد وجريح ومفقود، خاصة أن الضغوطات التي تدفع إلى إنجاح المفاوضات صادرة هذه المرة عن قيادات عليا بجيش الاحتلال، أعلنت عن استعدادها لقبول أي صفقة، وبأي ثمن، والمهم هو وقف الحرب؟
كل الاحتمالات واردة، قد يكون الأمر مناورات يعتمدها الاحتلال لإعادة تقييم خسائره، وضبط حساباته، وحتى يعطي لجيشه متنفسا بعد الخسائر الفادحة التي مني بها وعجزه عن تحقيق مكاسب أو أهداف عسكرية..
وقد تكون هذه المفاوضات فرصة للحكومة اليمينية المتطرفة ولرئيسها الذي يبحث عن مخرج سياسي، وعن مهرب من هزيمة مذلة تقيه ملاحقات قضائية دولية محتملة، أمام الضغوطات الداخلية والخارجية للحكومة الإسرائيلية وخطر انهيارها في أية لحظة..
لكن المتأمل في سير الأحداث، يلاحظ أن كل المؤشرات تدل على أن ضربات المقاومة وصمودها الأسطوري طيلة تسعة أشهر من القتال بإمكانيات محدودة، أمام جيش مدجج بكافة أنواع الأسلحة، لا يتورع عن استهداف المدنيين وارتكاب جرائم الحرب والإبادة.. كانت ومازالت حاسمة في سير المعارك وتوجيهها..
إذ تمكنت المقاومة من ضبط إيقاع نسق المعارك واختيار الوقت المناسب لتنفيذ عمليات نوعية ساهمت في إيقاع خسائر فادحة في صفوف الجيش الإسرائيلي. وهي خسائر لم يعرفها الاحتلال في جل حروبه التي خاضها سابقا، يعترف ببعضها وينكر بعضها الآخر، لكن الفيديوهات التي تصورها المقاومة في بعض المعارك والكمائن تؤكد صمودها، وتماسك شبكة قياداتها وتمكنها من إعادة تنظيم نفسها والحفاظ على قدراتها العسكرية والقتالية..
ولعل في تنويع المقاومة طيلة هذه الأشهر، لعملياتها الميدانية، أكسبها خبرة في التعاطي مع تطورات العملية العسكرية، مع حسن إدارة المعركة سياسيا واتصاليا، ساهم في إعادة جيش الاحتلال لحساباته العسكرية وأهدافه العملية البرية التي منيت بالفشل الى حد الآن. رغم الدمار وعنف الحصار واعتماد الاحتلال أساليب التجويع، ومنع المساعدات.. وهي أساليب ترتقي إلى جرائم حرب، وكان يراهن عليها لإضعاف المقاومة أو لدفع السكان إلى الهجرة أو التمرد على المقاومة..
كما برزت متغيرات في حسابات المعارك ميدانيا وسياسيا، تصب في صالح المقاومة في القطاع التي تنتهج تكتيكات قتال الشوارع لإحداث أكبر عدد ممكن من الخسائر.. واستدامة المقاومة في الضفة الغربية، وأيضا في الجبهة الجنوبية التي نجحت في فرض توازن حربي في شمال فلسطين المحتلة جعلت الاحتلال يقرأ لها ألف حساب ويخشى من توسع نطاق الحرب..
كما أن طول أمد الحرب، لم يمكن الاحتلال من تحقيق نتائج ذات أهمية، وهي التي غيرت من أهدافها عبر الترويج لهدف "إضعاف المقاومة" بدل القضاء عليها بعد أن تأكد لديها أن المقاومة فكرة، وعقيدة متجذرة في قلوب الفلسطينيين، وليست مجرد خيار سياسي أو توجه إيديولوجي..
كما ساهمت ضغوطات الداخل الإسرائيلي، وخاصة الصادرة عن عائلات المحتجزين والمتعاطفين معهم، والضغوطات السياسية، وضغوطات القيادات الأمنية والعسكرية الراغبة في إنهاء الحرب.. في دفع حكومة الاحتلال إلى خيار التفاوض الذي قد يفضي في النهاية إلى إعلان غير رسمي لوقف الحرب وبالتالي إلى هزيمة عسكرية وإستراتيجية مذلة لدولة الاحتلال..