* مضاعفة إنتاج الفسفاط والبحث عن قروض ميسرة بفائدة معقولة لإدارة الأزمة
* ارتفاع خدمة الدين الخارجي قد يؤدي إلى امتصاص إيرادات السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج
تونس- الصباح
شهدت خدمة الدين الخارجي في تونس، أمس، ارتفاعًا ملحوظًا، حيث وصلت إلى 7.5 مليار دينار تونسي، مما يثير قلق العديد من الخبراء والمراقبين الاقتصاديين، لتبعات ذلك على الاقتصاد الوطني، خصوصا وأن الارتفاع المسجل سيتسبب في امتصاص إيرادات تونس من السياحة وأيضا تحويلات التونسيين بالخارج، مما يزيد من صعوبة إدارة النفقات المتنامية وانجاز المشاريع.
وحسب ما كشف عنه عدد من الخبراء الاقتصاديين في وقت سابق لـ"الصباح"، فإن هذا الارتفاع يعود إلى عدة عوامل، أهمها ازدياد حجم الدين الخارجي خلال السنوات الماضية، خاصة بعد جائحةCOVID-19، مما أدى إلى زيادة تكاليف خدمة الدين، فضلا عن ارتفاع أسعار الفائدة العالمية، حيث أدى ارتفاع أسعار الفائدة العالمية إلى زيادة تكلفة الاقتراض الخارجي، مما انعكس على تكاليف خدمة الدين الخارجي لتونس.
كما أدى ضعف الدينار التونسي مقابل العملات الأجنبية إلى زيادة تكلفة خدمة الدين المقوم بالعملة الصعبة، ويعد ذلك من التبعات المقلقة على الاقتصاد، خاصة أمام زيادة الضغوط على المالية العامة، حيث تُشكل خدمة الدين الخارجي عبئًا كبيرًا على المالية العامة، مما يُقلل من قدرة الحكومة على الاستثمار في مجالات أخرى مثل التعليم والصحة والبنية التحتية، بالإضافة إلى انخفاض الاستثمار الأجنبي في تونس، ويدفع الحكومة إلى تخصيص جزء كبير من مواردها لسداد الدين بدلاً من الاستثمار في مشاريع تنموية.
وسجلت خدمة الدين الخارجي لتونس، ارتفاعا بشكل ملحوظ بنسبة 163%، لتتجاوز 4.5 مليار دينار، انطلاقا من 20 فيفري 2024، مقابل 1.7 مليار دينار قبل عام، وذلك وفق بيانات البنك المركزي. وتشهد تونس ارتفاعًا ملحوظًا في خدمة الدين الخارجي خلال عام 2024، مما يُشكل عبئًا كبيرًا على الاقتصاد الوطني. ووفقًا لتقارير رسمية، من المتوقع أن تبلغ خدمة الدين الخارجي حوالي 14 مليار دينار تونسي، أي ما يعادل 8% من الناتج المحلي الإجمالي.
ارتفاع إجمالي الدين الخارجي
وبلغ إجمالي الدين الخارجي لتونس 100 مليار دينار تونسي في عام 2023، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 115 مليار دينار تونسي في عام 2024، وذلك عائد إلى ارتفاع أسعار الفائدة العالمية حيث تُؤدّي الزيادة في أسعار الفائدة العالمية إلى زيادة تكلفة خدمة الدين الخارجي. كما يُؤدّي انخفاض قيمة الدينار التونسي إلى زيادة تكلفة خدمة الدين الخارجي المقوّم بالعملات الأجنبية.
وتمكنت تونس بتاريخ 17 فيفري 2024 من سداد سنداتها الأوروبية البالغة 850 مليون أورو، وذلك بعد أن تمكنت من جمع المبلغ المذكور عبر تمويل البنك المركزي لخزينة الدولة والقرض الرقاعي الوطني، وتبلغ قيمة القرض المسدد بالدينار التونسي 2867 مليون دينار، وفوائده 161.3 مليون دينار، علما وأن هذه العملية المالية تسببت في فقدان تونس لقدرتها على الاستيراد بقرابة 14 يوما.
وانخفض حساب الخزينة جراء هذه العملية بمقدار 3 مليارات دينار، وبالمثل انتقلت احتياطياتنا من العملات الأجنبية من 119 يومًا اعتبارًا من 19 فيفري 2024 إلى 107 أيام ولم تتجاوز 112 يوما موفى الأسبوع الماضي، مع ثبات باقي العوامل الأخرى.
وستزيد خدمة الدين الخارجي في ارتفاع عبء الدولة على سداد ديونها في الفترة القادمة مما يؤثر بشكل مباشر على مواردها المالية، وأيضا على نفقاتها.
وتواجه تونس أزمة ديون متفاقمة منذ سنوات، حيث وصل الدين العام إلى مستويات قياسية تشكل عبئًا ثقيلًا على الاقتصاد الوطني. وتشير التوقعات إلى أن ديون تونس ستواصل الارتفاع خلال عام 2024، مما يثير مخاوف حول قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها المالية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي. ويتوقع أن يصل الدين العام التونسي إلى 140 مليار دينار (حوالي 79.8٪ من الناتج المحلي الإجمالي) في عام 2024، بزيادة 13 مليار دينار عن عام 2023، في حين سترتفع خدمة الدين (سداد الفوائد وأقساط القروض) إلى 22 مليار دينار في عام 2024، مما يمثل 26٪ من نفقات الدولة. وستضطر تونس إلى الاقتراض من الخارج لتمويل عجزها المالي وسداد ديونها، مما يزيد من مخاطر الاعتماد على التمويل الخارجي.
تخفيف حدة الأزمة
ولتخفيف حدة هذه التبعات، تُطالب العديد من الجهات بضرورة اتخاذ الحكومة التونسية لخطوات جادة، أهمها تقليص حجم الدين الخارجي، حيث يجب على الحكومة التونسية العمل على تقليص حجم الدين الخارجي من خلال زيادة الإيرادات وتقليص النفقات، وتنويع مصادر الاقتراض بأسعار فائدة تخدم مصلحة الدولة التونسية، وتعزيز الصادرات لزيادة احتياطيات العملة الصعب، وتحسين قيمة الدينار التونسي.
وتواجه تونس تحديات كبيرة نتيجة تضاعف خدمة الدين الخارجي. أولاً، ارتفاع مخاطر الاقتراض قد يجعل من الصعب على تونس الحصول على قروض إضافية في المستقبل، خاصة مع تزايد مخاطر عدم قدرتها على سداد ديونها. ثانيًا، قد تُضطر الحكومة إلى خفض الإنفاق على الخدمات الأساسية أو زيادة الضرائب لتمويل سداد الدين، مما قد يؤدي إلى تراجع النمو الاقتصادي وتفاقم الأوضاع الاجتماعية. ثالثًا، قد تخضع تونس لضغوط من الدائنين الخارجيين لتنفيذ سياسات اقتصادية محددة، مما قد يُفقدها قدرًا من سيطرتها على اقتصادها الوطني.
لكن على الرغم من هذه التحديات، هناك بعض الآفاق الإيجابية لإدارة الدين الخارجي لتونس. أولاً، التزام الحكومة بالإصلاحات الهيكلية التي تهدف إلى تحسين مناخ الاستثمار وتعزيز النمو الاقتصادي، مما قد يساهم في خفض العجز في الميزانية وتقليل الاعتماد على الاقتراض الخارجي. ثانيًا، تمتلك تونس موارد طبيعية هائلة مثل الفسفاط ومشتقاته، يمكن استغلالها بشكل أفضل لزيادة الإيرادات وتقليل الاعتماد على الدين الخارجي. ثالثًا، يمكن لتونس تعزيز تعاونها مع الدول المانحة والمؤسسات الدولية للحصول على تمويلات ميسّرة وإعادة هيكلة ديونها.
سفيان المهداوي
* مضاعفة إنتاج الفسفاط والبحث عن قروض ميسرة بفائدة معقولة لإدارة الأزمة
* ارتفاع خدمة الدين الخارجي قد يؤدي إلى امتصاص إيرادات السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج
تونس- الصباح
شهدت خدمة الدين الخارجي في تونس، أمس، ارتفاعًا ملحوظًا، حيث وصلت إلى 7.5 مليار دينار تونسي، مما يثير قلق العديد من الخبراء والمراقبين الاقتصاديين، لتبعات ذلك على الاقتصاد الوطني، خصوصا وأن الارتفاع المسجل سيتسبب في امتصاص إيرادات تونس من السياحة وأيضا تحويلات التونسيين بالخارج، مما يزيد من صعوبة إدارة النفقات المتنامية وانجاز المشاريع.
وحسب ما كشف عنه عدد من الخبراء الاقتصاديين في وقت سابق لـ"الصباح"، فإن هذا الارتفاع يعود إلى عدة عوامل، أهمها ازدياد حجم الدين الخارجي خلال السنوات الماضية، خاصة بعد جائحةCOVID-19، مما أدى إلى زيادة تكاليف خدمة الدين، فضلا عن ارتفاع أسعار الفائدة العالمية، حيث أدى ارتفاع أسعار الفائدة العالمية إلى زيادة تكلفة الاقتراض الخارجي، مما انعكس على تكاليف خدمة الدين الخارجي لتونس.
كما أدى ضعف الدينار التونسي مقابل العملات الأجنبية إلى زيادة تكلفة خدمة الدين المقوم بالعملة الصعبة، ويعد ذلك من التبعات المقلقة على الاقتصاد، خاصة أمام زيادة الضغوط على المالية العامة، حيث تُشكل خدمة الدين الخارجي عبئًا كبيرًا على المالية العامة، مما يُقلل من قدرة الحكومة على الاستثمار في مجالات أخرى مثل التعليم والصحة والبنية التحتية، بالإضافة إلى انخفاض الاستثمار الأجنبي في تونس، ويدفع الحكومة إلى تخصيص جزء كبير من مواردها لسداد الدين بدلاً من الاستثمار في مشاريع تنموية.
وسجلت خدمة الدين الخارجي لتونس، ارتفاعا بشكل ملحوظ بنسبة 163%، لتتجاوز 4.5 مليار دينار، انطلاقا من 20 فيفري 2024، مقابل 1.7 مليار دينار قبل عام، وذلك وفق بيانات البنك المركزي. وتشهد تونس ارتفاعًا ملحوظًا في خدمة الدين الخارجي خلال عام 2024، مما يُشكل عبئًا كبيرًا على الاقتصاد الوطني. ووفقًا لتقارير رسمية، من المتوقع أن تبلغ خدمة الدين الخارجي حوالي 14 مليار دينار تونسي، أي ما يعادل 8% من الناتج المحلي الإجمالي.
ارتفاع إجمالي الدين الخارجي
وبلغ إجمالي الدين الخارجي لتونس 100 مليار دينار تونسي في عام 2023، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 115 مليار دينار تونسي في عام 2024، وذلك عائد إلى ارتفاع أسعار الفائدة العالمية حيث تُؤدّي الزيادة في أسعار الفائدة العالمية إلى زيادة تكلفة خدمة الدين الخارجي. كما يُؤدّي انخفاض قيمة الدينار التونسي إلى زيادة تكلفة خدمة الدين الخارجي المقوّم بالعملات الأجنبية.
وتمكنت تونس بتاريخ 17 فيفري 2024 من سداد سنداتها الأوروبية البالغة 850 مليون أورو، وذلك بعد أن تمكنت من جمع المبلغ المذكور عبر تمويل البنك المركزي لخزينة الدولة والقرض الرقاعي الوطني، وتبلغ قيمة القرض المسدد بالدينار التونسي 2867 مليون دينار، وفوائده 161.3 مليون دينار، علما وأن هذه العملية المالية تسببت في فقدان تونس لقدرتها على الاستيراد بقرابة 14 يوما.
وانخفض حساب الخزينة جراء هذه العملية بمقدار 3 مليارات دينار، وبالمثل انتقلت احتياطياتنا من العملات الأجنبية من 119 يومًا اعتبارًا من 19 فيفري 2024 إلى 107 أيام ولم تتجاوز 112 يوما موفى الأسبوع الماضي، مع ثبات باقي العوامل الأخرى.
وستزيد خدمة الدين الخارجي في ارتفاع عبء الدولة على سداد ديونها في الفترة القادمة مما يؤثر بشكل مباشر على مواردها المالية، وأيضا على نفقاتها.
وتواجه تونس أزمة ديون متفاقمة منذ سنوات، حيث وصل الدين العام إلى مستويات قياسية تشكل عبئًا ثقيلًا على الاقتصاد الوطني. وتشير التوقعات إلى أن ديون تونس ستواصل الارتفاع خلال عام 2024، مما يثير مخاوف حول قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها المالية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي. ويتوقع أن يصل الدين العام التونسي إلى 140 مليار دينار (حوالي 79.8٪ من الناتج المحلي الإجمالي) في عام 2024، بزيادة 13 مليار دينار عن عام 2023، في حين سترتفع خدمة الدين (سداد الفوائد وأقساط القروض) إلى 22 مليار دينار في عام 2024، مما يمثل 26٪ من نفقات الدولة. وستضطر تونس إلى الاقتراض من الخارج لتمويل عجزها المالي وسداد ديونها، مما يزيد من مخاطر الاعتماد على التمويل الخارجي.
تخفيف حدة الأزمة
ولتخفيف حدة هذه التبعات، تُطالب العديد من الجهات بضرورة اتخاذ الحكومة التونسية لخطوات جادة، أهمها تقليص حجم الدين الخارجي، حيث يجب على الحكومة التونسية العمل على تقليص حجم الدين الخارجي من خلال زيادة الإيرادات وتقليص النفقات، وتنويع مصادر الاقتراض بأسعار فائدة تخدم مصلحة الدولة التونسية، وتعزيز الصادرات لزيادة احتياطيات العملة الصعب، وتحسين قيمة الدينار التونسي.
وتواجه تونس تحديات كبيرة نتيجة تضاعف خدمة الدين الخارجي. أولاً، ارتفاع مخاطر الاقتراض قد يجعل من الصعب على تونس الحصول على قروض إضافية في المستقبل، خاصة مع تزايد مخاطر عدم قدرتها على سداد ديونها. ثانيًا، قد تُضطر الحكومة إلى خفض الإنفاق على الخدمات الأساسية أو زيادة الضرائب لتمويل سداد الدين، مما قد يؤدي إلى تراجع النمو الاقتصادي وتفاقم الأوضاع الاجتماعية. ثالثًا، قد تخضع تونس لضغوط من الدائنين الخارجيين لتنفيذ سياسات اقتصادية محددة، مما قد يُفقدها قدرًا من سيطرتها على اقتصادها الوطني.
لكن على الرغم من هذه التحديات، هناك بعض الآفاق الإيجابية لإدارة الدين الخارجي لتونس. أولاً، التزام الحكومة بالإصلاحات الهيكلية التي تهدف إلى تحسين مناخ الاستثمار وتعزيز النمو الاقتصادي، مما قد يساهم في خفض العجز في الميزانية وتقليل الاعتماد على الاقتراض الخارجي. ثانيًا، تمتلك تونس موارد طبيعية هائلة مثل الفسفاط ومشتقاته، يمكن استغلالها بشكل أفضل لزيادة الإيرادات وتقليل الاعتماد على الدين الخارجي. ثالثًا، يمكن لتونس تعزيز تعاونها مع الدول المانحة والمؤسسات الدولية للحصول على تمويلات ميسّرة وإعادة هيكلة ديونها.