بدأت تل أبيب في التسويق لـ"خطة اليوم التالي" لغزة، أو ما يطلق عليها الاحتلال بـ"المرحلة الثالثة" للحرب على القطاع التي امتدت على مدى أكثر من 270 يوما، وهي خطة تسعى خلالها تل أبيب للحفاظ على بقاء "مستدام" في القطاع عسكريا، على 3 مستويات وهي: منطقة عازلة تقضم من القطاع أكثر من 32 في المائة من أراضيه، موجودة على طول الشريط الحدودي بين القطاع وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو ما يعرف بمنطقة محيط القطاع، ومنطقة على مستوى محور فيلادلفيا المحاذي لصحراء سيناء بمصر، وكذلك بحضور على مستوى محور نيتساريم الذي يقسم القطاع إلى نصفين.
فالاحتلال يسعى من خلال هذه الخطة، عسكريا، أن يكون تدخله في المستقبل من خلال قيامه بعمليات سريعة ضد المقاومة الفلسطينية ومنعها من بسط نفوذها في أحياء القطاع.
ولعل ملامح هذه الخطة، تحمل بذور فشلها، خصوصا إذا ما لاحظنا أنها تعارض ما جاء في "صفقة" الرئيس الأمريكي جو بايدن لإيقاف الحرب، والتي على أساسها يحاول على الأقل ثنائي من ثلاثي الوساطة إبرام اتفاق بموجبها بين "حماس" وتل أبيب، والتي تقتضي في مرحلتها الثانية انسحابا كاملا لقوات الاحتلال من القطاع، فيما تتضمن المرحلة الأولى منها، انسحابا جزئيا عل شاكلة ما حصل في "صفقة تبادل الأسرى الأولى" في ديسمبر من سنة 2023.
بذور الفشل لا تنبع من هذا الأساس فقط، بل تمتد إلى دول الجوار وخاصة مصر، التي وإن غضت الطرف على تواجد صهيوني قرب حدودها مع غزة وخصوصا على مستوى محور فيلادلفيا-في خرق صارخ لاتفاقية السلام وتوابعها الممضاة في سنة 2005 بعد انسحاب الاحتلال من القطاع- إلا أنها لن ترضى باستدامة هذا الوضع، وخصوصا فيما يخص تشغيل معبر رفح –والذي تحاول إسرائيل نقله جنوبا قرب معبر كرم أبو سالم في إطار خطة المرحلة الثالثة- حيث أن الاتفاقية المكملة لاتفاقية السلام تنص على أن المشغل له يكون فلسطينيا من الجهة الفلسطينية من المعبر وبمراقبة من الاتحاد الأوروبي.
وضع يحتم معركة قانونية للديبلوماسية المصرية ويضع موقعها كوسيط في "صفقة بايدن" محل تساؤل، إذ أن تل أبيب تسعى لفرض أمر واقع على السلطة المصرية، وهو ما قد ترفضه القاهرة والتي أخذت تعبر على ذلك من جديد من خلال خطاب "إفشال خطة التهجير الإسرائيلية لسكان القطاع".
كذلك، فإن من بذور فشل هذا التصور لمرحلة اليوم التالي لغزة، هو موقف فصائل المقاومة، التي لن توافق على أي صفقة لتبادل الأسرى إذا كانت ستفضي لهذا الواقع، وستواصل ضرب تمركزات القوات الإسرائيلية، من خلال إعادة تنظيم قواتها وعديدها مثلما فعلت في حي الشجاعية وفي مخيم جباليا وكذلك في رفح مؤخرا.
ولعل هذا التصور لليوم التالي هو الذي تم التفاهم عليه بين وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت ونظيره الأمريكي لويد أوستن، في زيارته الأخيرة لواشنطن، بالرغم من أن الإدارة الأمريكية تعلم أن مثل هذا "السيناريو" لن يرضي بعض الأطراف المتدخلة في عملية الوساطة، وكذلك الطرف الثاني فيها وهي حركة "حماس" ومن ورائها الفصائل الأخرى سواء الفلسطينية أو الموجودة على جبهات أخرى وخصوصا في لبنان، حيث أن "حزب الله" من جهته سيواصل قصفه لشمال الأراضي الفلسطينية المحتلة وفق قواعد الاشتباك الحالية التي يمكن أن تتغير في أية لحظة إذا ما اختار الاحتلال المغامرة من جديد في جنوب لبنان.
نزار مقني
بدأت تل أبيب في التسويق لـ"خطة اليوم التالي" لغزة، أو ما يطلق عليها الاحتلال بـ"المرحلة الثالثة" للحرب على القطاع التي امتدت على مدى أكثر من 270 يوما، وهي خطة تسعى خلالها تل أبيب للحفاظ على بقاء "مستدام" في القطاع عسكريا، على 3 مستويات وهي: منطقة عازلة تقضم من القطاع أكثر من 32 في المائة من أراضيه، موجودة على طول الشريط الحدودي بين القطاع وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو ما يعرف بمنطقة محيط القطاع، ومنطقة على مستوى محور فيلادلفيا المحاذي لصحراء سيناء بمصر، وكذلك بحضور على مستوى محور نيتساريم الذي يقسم القطاع إلى نصفين.
فالاحتلال يسعى من خلال هذه الخطة، عسكريا، أن يكون تدخله في المستقبل من خلال قيامه بعمليات سريعة ضد المقاومة الفلسطينية ومنعها من بسط نفوذها في أحياء القطاع.
ولعل ملامح هذه الخطة، تحمل بذور فشلها، خصوصا إذا ما لاحظنا أنها تعارض ما جاء في "صفقة" الرئيس الأمريكي جو بايدن لإيقاف الحرب، والتي على أساسها يحاول على الأقل ثنائي من ثلاثي الوساطة إبرام اتفاق بموجبها بين "حماس" وتل أبيب، والتي تقتضي في مرحلتها الثانية انسحابا كاملا لقوات الاحتلال من القطاع، فيما تتضمن المرحلة الأولى منها، انسحابا جزئيا عل شاكلة ما حصل في "صفقة تبادل الأسرى الأولى" في ديسمبر من سنة 2023.
بذور الفشل لا تنبع من هذا الأساس فقط، بل تمتد إلى دول الجوار وخاصة مصر، التي وإن غضت الطرف على تواجد صهيوني قرب حدودها مع غزة وخصوصا على مستوى محور فيلادلفيا-في خرق صارخ لاتفاقية السلام وتوابعها الممضاة في سنة 2005 بعد انسحاب الاحتلال من القطاع- إلا أنها لن ترضى باستدامة هذا الوضع، وخصوصا فيما يخص تشغيل معبر رفح –والذي تحاول إسرائيل نقله جنوبا قرب معبر كرم أبو سالم في إطار خطة المرحلة الثالثة- حيث أن الاتفاقية المكملة لاتفاقية السلام تنص على أن المشغل له يكون فلسطينيا من الجهة الفلسطينية من المعبر وبمراقبة من الاتحاد الأوروبي.
وضع يحتم معركة قانونية للديبلوماسية المصرية ويضع موقعها كوسيط في "صفقة بايدن" محل تساؤل، إذ أن تل أبيب تسعى لفرض أمر واقع على السلطة المصرية، وهو ما قد ترفضه القاهرة والتي أخذت تعبر على ذلك من جديد من خلال خطاب "إفشال خطة التهجير الإسرائيلية لسكان القطاع".
كذلك، فإن من بذور فشل هذا التصور لمرحلة اليوم التالي لغزة، هو موقف فصائل المقاومة، التي لن توافق على أي صفقة لتبادل الأسرى إذا كانت ستفضي لهذا الواقع، وستواصل ضرب تمركزات القوات الإسرائيلية، من خلال إعادة تنظيم قواتها وعديدها مثلما فعلت في حي الشجاعية وفي مخيم جباليا وكذلك في رفح مؤخرا.
ولعل هذا التصور لليوم التالي هو الذي تم التفاهم عليه بين وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت ونظيره الأمريكي لويد أوستن، في زيارته الأخيرة لواشنطن، بالرغم من أن الإدارة الأمريكية تعلم أن مثل هذا "السيناريو" لن يرضي بعض الأطراف المتدخلة في عملية الوساطة، وكذلك الطرف الثاني فيها وهي حركة "حماس" ومن ورائها الفصائل الأخرى سواء الفلسطينية أو الموجودة على جبهات أخرى وخصوصا في لبنان، حيث أن "حزب الله" من جهته سيواصل قصفه لشمال الأراضي الفلسطينية المحتلة وفق قواعد الاشتباك الحالية التي يمكن أن تتغير في أية لحظة إذا ما اختار الاحتلال المغامرة من جديد في جنوب لبنان.