في الوقت الذي كان من المفترض أن تكون الطبقة السياسية مثالا لاحترام البرتوكول الصحي ونموذجا لتطبيق التعليمات الصحية، فقد كان كل من رئيس الدولة ورئيس الحكومة نموذجين لكل اختراقات بعد أن تحولا إلى ولاية باحة لأداء واجب العزاء في وفاة والد الأمين العام لاتحاد الشغل نورالدين الطبوبي.
ويأتي تنقل رأسي السلطة التنفيذية إلى جهة باحة في نفس الوقت الذي تعلن فيه السلط الجهوية والطبية عن عزل المدينة وإغلاقها أمام بقية الوافدين وذلك تجنبا لخطر العدوى أو نقل مزيد من العدوى إليها.
غير ان ذلك لم يكن مقنعا امام رئيس الحكومة هشام المشيشي الذي تنقل من العاصمة الى ولاية باحة كحركة رمزية منه للوقوف على واجب كان يمكن له ان يؤديه عبر برقية تعزية ويعطي بذلك المثال الأفضل في احترام رأي اللجنة العلمية والطبية والجهوية التي أقرت بعدم التنقل بين الجهات.
بيد أن ذلك لم يحصل ليكون المشيشي حاضرا بين المعزين للطبوبي في وفاة والده، واذ حاول بعضهم تنزيل ما قام به رئيس الحكومة في اطار الواجب فان آخرين لاحظوا ان ما اقدم عليه مشيشي يتجاوز البعد الانساني ليلامس البعد السياسي وهو ما دفع برئيس الحكومة لخرق كل الإجراءات سواء بحضور الجنازة أو التنقل في وقت يمنع فيه التونسيون التنقل إلى جهاتهم أو الخروج منها.
ولم يكن رئيس الدولة أحسن نموذجا لتطبيق الإجراءات المعلن عنها بعد أن تنقل هو الآخر إلى ولاية باحة للتعزية هناك.
وفي واقع الأمر، كثيرا ما عمل قيس سعيد على القفز على دعوات البرتوكول الصحي ولعل أهمها ما قام به من زيارة ميدانية إلى منطقة المنيهلة أو التجمع الجماهيري الذي رافق تحركه أمام وزارة الداخلية منذ نحو السنة.
وإذا كان لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة التأثير المعنوي فان ذلك لم يمنعهما من تقديم نموذج غير سليم لإتباعه بعد أن كانا عنوانا رئيسيا لفشل تطبيق الإجراءات .
كثيرا ما يلوم الإعلام الوطني التونسيين على تجاوزهم للإجراءات بل وبلغ الامر ببعضهم للحديث عن غياب الوعي لدى عموم التونسيين خاصة أولئك الذين تحولوا الى الجهات الساحلية او من تعتمد زيارة "الرحبة" كما حصل في توزر وقفصة وغيرها من الولايات الأخرى.
تحركات رأسي السلطة وخرقهم للحظر قد لا يدفع ببعضهم للنسج على منوال المشيشي وسعيد، وهو ما حصل فعلا في ولاية القيروان بعد تحرك واحتجاج عدد من الفرق الشعبية بالجهة احتجاجا على منعهم من العمل الليلي في إطار منع الجولان .
في المقابل فقد بدا بعض التململ يظهر عند أصحاب المقاهي بسبب توقيت غلق المقاهي واعتماد سياسية الغلق خلال نهاية الأسبوع وهو ما رفضه البعض .
وإذا كان تمرد بعض التونسيين على إجراءات الدولة لحمايتهم من خطر العدوى هو بدافع العمل والبحث المضني عن "خبز الأبناء" فماهو الدافع لتحركات رئيس الدولة ورئيس الحكومة إلى جهة محكوم عليها بانتشار الوباء؟
يحصل كل ذلك في توقيت حرج تعيشه ولاية باجة بعد الانتشار الكبير للعدوى في صفوف المواطنين هناك وفي وقت حذرت فيه اللجان الصحية والأمنية هناك ونبهت إلى ضرورة ملازمة المواطنين الحذر والانتباه.
وقد صنّفت الإدارة الجهوية للصحة بباجة كل معتمديات ولاية باجة ذات مستوى إنذار مرتفع جدا في ما يعلق بوباء "كورونا"، وهو ما يعني وجود أكثر من 100 مصاب لكل مائة ألف ساكن بباجة الشمالية أين كان كلا الرئيسين في زيارتيهما الأخيرتين .
كما تعيش باجة الجنوبية وتبرسق وتيبار ونفزة وقبلاط وعمدون وتستور ومجاز الباب حالات عدوى قياسية حسب تقرير تحصلت عليه "وات".
وحسب الإدارة الجهوية للصحة فقد وصلت نسبة التحاليل الايجابية المتعلقة بتقصي فيروس "كورونا" المستجد أمس الأول الثلاثاء بباجة إلى 54,73 بالمائة وهي النسبة الأرفع المسجلة منذ أشهر بالجهة، حيث تم تسجيل 104 حالات ايجابية من جملة 190 تحليلا تم إجراؤها.
كما ارتفع عدد الوافيات نتيجة الإصابة بفيروس "كورونا" المستجد بباجة الى 229 حالة بعد تسجيل وفاة رجل عمره 88 سنة بالمستشفى الجهوى بباجة، وانخفضت نسبة التعافي من الفيروس حتى أمس الثلاثاء إلى 89 بالمائة بتسجيل تعافي 6663 شخصا.
وكان المدير الجهوي للصحة بباجة إلياس عمار ومدير الصحة الوقائية ناجي العطواني أكدا لـ"وات"، أن الوضع الوبائي المرتبط بفيروس "كورونا" أصبح "كارثيا" بالجهة.
فكيف يمكن إقناع المواطن أن كل التونسيين متساوون أمام القانون وأنه في دولة ديمقراطية القانون فيها يسري على الجميع؟
خليل الحناشي
تونس-الصباح
في الوقت الذي كان من المفترض أن تكون الطبقة السياسية مثالا لاحترام البرتوكول الصحي ونموذجا لتطبيق التعليمات الصحية، فقد كان كل من رئيس الدولة ورئيس الحكومة نموذجين لكل اختراقات بعد أن تحولا إلى ولاية باحة لأداء واجب العزاء في وفاة والد الأمين العام لاتحاد الشغل نورالدين الطبوبي.
ويأتي تنقل رأسي السلطة التنفيذية إلى جهة باحة في نفس الوقت الذي تعلن فيه السلط الجهوية والطبية عن عزل المدينة وإغلاقها أمام بقية الوافدين وذلك تجنبا لخطر العدوى أو نقل مزيد من العدوى إليها.
غير ان ذلك لم يكن مقنعا امام رئيس الحكومة هشام المشيشي الذي تنقل من العاصمة الى ولاية باحة كحركة رمزية منه للوقوف على واجب كان يمكن له ان يؤديه عبر برقية تعزية ويعطي بذلك المثال الأفضل في احترام رأي اللجنة العلمية والطبية والجهوية التي أقرت بعدم التنقل بين الجهات.
بيد أن ذلك لم يحصل ليكون المشيشي حاضرا بين المعزين للطبوبي في وفاة والده، واذ حاول بعضهم تنزيل ما قام به رئيس الحكومة في اطار الواجب فان آخرين لاحظوا ان ما اقدم عليه مشيشي يتجاوز البعد الانساني ليلامس البعد السياسي وهو ما دفع برئيس الحكومة لخرق كل الإجراءات سواء بحضور الجنازة أو التنقل في وقت يمنع فيه التونسيون التنقل إلى جهاتهم أو الخروج منها.
ولم يكن رئيس الدولة أحسن نموذجا لتطبيق الإجراءات المعلن عنها بعد أن تنقل هو الآخر إلى ولاية باحة للتعزية هناك.
وفي واقع الأمر، كثيرا ما عمل قيس سعيد على القفز على دعوات البرتوكول الصحي ولعل أهمها ما قام به من زيارة ميدانية إلى منطقة المنيهلة أو التجمع الجماهيري الذي رافق تحركه أمام وزارة الداخلية منذ نحو السنة.
وإذا كان لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة التأثير المعنوي فان ذلك لم يمنعهما من تقديم نموذج غير سليم لإتباعه بعد أن كانا عنوانا رئيسيا لفشل تطبيق الإجراءات .
كثيرا ما يلوم الإعلام الوطني التونسيين على تجاوزهم للإجراءات بل وبلغ الامر ببعضهم للحديث عن غياب الوعي لدى عموم التونسيين خاصة أولئك الذين تحولوا الى الجهات الساحلية او من تعتمد زيارة "الرحبة" كما حصل في توزر وقفصة وغيرها من الولايات الأخرى.
تحركات رأسي السلطة وخرقهم للحظر قد لا يدفع ببعضهم للنسج على منوال المشيشي وسعيد، وهو ما حصل فعلا في ولاية القيروان بعد تحرك واحتجاج عدد من الفرق الشعبية بالجهة احتجاجا على منعهم من العمل الليلي في إطار منع الجولان .
في المقابل فقد بدا بعض التململ يظهر عند أصحاب المقاهي بسبب توقيت غلق المقاهي واعتماد سياسية الغلق خلال نهاية الأسبوع وهو ما رفضه البعض .
وإذا كان تمرد بعض التونسيين على إجراءات الدولة لحمايتهم من خطر العدوى هو بدافع العمل والبحث المضني عن "خبز الأبناء" فماهو الدافع لتحركات رئيس الدولة ورئيس الحكومة إلى جهة محكوم عليها بانتشار الوباء؟
يحصل كل ذلك في توقيت حرج تعيشه ولاية باجة بعد الانتشار الكبير للعدوى في صفوف المواطنين هناك وفي وقت حذرت فيه اللجان الصحية والأمنية هناك ونبهت إلى ضرورة ملازمة المواطنين الحذر والانتباه.
وقد صنّفت الإدارة الجهوية للصحة بباجة كل معتمديات ولاية باجة ذات مستوى إنذار مرتفع جدا في ما يعلق بوباء "كورونا"، وهو ما يعني وجود أكثر من 100 مصاب لكل مائة ألف ساكن بباجة الشمالية أين كان كلا الرئيسين في زيارتيهما الأخيرتين .
كما تعيش باجة الجنوبية وتبرسق وتيبار ونفزة وقبلاط وعمدون وتستور ومجاز الباب حالات عدوى قياسية حسب تقرير تحصلت عليه "وات".
وحسب الإدارة الجهوية للصحة فقد وصلت نسبة التحاليل الايجابية المتعلقة بتقصي فيروس "كورونا" المستجد أمس الأول الثلاثاء بباجة إلى 54,73 بالمائة وهي النسبة الأرفع المسجلة منذ أشهر بالجهة، حيث تم تسجيل 104 حالات ايجابية من جملة 190 تحليلا تم إجراؤها.
كما ارتفع عدد الوافيات نتيجة الإصابة بفيروس "كورونا" المستجد بباجة الى 229 حالة بعد تسجيل وفاة رجل عمره 88 سنة بالمستشفى الجهوى بباجة، وانخفضت نسبة التعافي من الفيروس حتى أمس الثلاثاء إلى 89 بالمائة بتسجيل تعافي 6663 شخصا.
وكان المدير الجهوي للصحة بباجة إلياس عمار ومدير الصحة الوقائية ناجي العطواني أكدا لـ"وات"، أن الوضع الوبائي المرتبط بفيروس "كورونا" أصبح "كارثيا" بالجهة.
فكيف يمكن إقناع المواطن أن كل التونسيين متساوون أمام القانون وأنه في دولة ديمقراطية القانون فيها يسري على الجميع؟