إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مشيشي.. "كلمة السر" في مفاوضات الحكومة السياسية!

تونس – الصباح

نجح رئيس الحكومة هشام مشيشي، سياسيا، في تثبيت نفسه في القصبة لمدة أشهر، رغم كل الصعوبات التي واجهت حكومته وفشلها الكبير في إدارة كل الأزمات التي تعصف بالبلاد وعلى رأسها الأزمة الصحية التي بدأت تتحول إلى مأساة وكارثة غير مسبوقة.. وكذلك رغم الأزمة التي خلقها وجوده بين رئيس الجمهورية قيس سعيد والتحالف البرلماني بقيادة حركة النهضة..

حيث يعتبر رئيس الجمهورية الذي اختار منذ البداية، مشيشي، أنه خان ثقته وانقلب على اتفاق التكليف بينهما، ولذلك فعل كل ما في وسعه ليفقد الحكومة وزنها وقوتها من خلال ممارسة صلاحية التعطيل، من ذلك رفضه للتحوير الوزاري الذي ما زال إلى اليوم معلقا على أداء يمين مرفوضة منذ أشهر ..

في حين سعت أحزاب "الوسادة البرلمانية" التي سحبت إليها هشام مشيشي منذ البداية، تحت تعلة تثبيت صلاحيات رئيس الحكومة الدستورية، إلى تشكيل كتلة برلمانية- حكومية في مواجهة تصلب وتعنت مواقف رئيس الجمهورية الذي نجح إلى حد ما في تحجيم قوتها، ولكن فاتورة ذلك كانت على حساب أجهزة الدولة التي أصابها الشلل وفقدت نجاعتها خاصة في علاقة بجائحة كورونا .

اليوم تشهد هذه الأزمة السياسية اتجاها يراه البعض انفراجا محتملا، في حين يراه البعض الاخر فصلا جديدا في هذه الأزمة.. خاصة وأن مواقع اللاعبين الجدد غير واضحة وفق قواعد اللعبة السياسية التي تدفع إليها حركة النهضة تحت مسمى حكومة سياسية، والتي تريد من خلالها، الحركة التي تكون لها كلمة الفصل في تحديد وزنها الحكومي وتحديد وزن الحلفاء المرتقبين.. ولكن في كل ذلك بتعامل الجميع بما في ذلك حركة النهضة مع رئيس الحكومة هشام مشيشي، على كونه لا يشكل تهديدا جديا لمسار الحكومة السياسية ولكن وعلى العكس من ذلك، فان مشيشي سيكون "كلمة السر" في كل مفاوضات هذه الحكومة، المعلن والخفي منها، إذا تمت هذه الحكومة، خاصة وان رئيس الحكومة ما يزال يملك بيده ورقة مهمة للحسم، ستحدد وجهة المسار مستقبلا ..

البحث عن مسك الخيوط من جديد ..

كما بدا بيان مجلس الشورى الأخير واضحا، عند دعوته إلى تكوين حكومة سياسية قوية في المرحلة القادمة تكون قادرة على مواجهة القضايا الراهنة وتتحمل مسؤوليتها أمام الشعب حيث لم يشترط أن يكون مشيشي على رأس هذه الحكومة السياسية المرتقبة، فان الناطق الرسمي باسم حركة النهضة فتحي العيادي، أكد ذلك عند تصريحه: "أن حركة النهضة مع حكومة سياسية برئاسة هشام مشيشي وستعرض عليه فكرة تكوينها" ثم استدرك بقوله "لو قبل وساعدنا على ذلك سيكون أمرا محبذا وان تعذر عليه ولم يقبل بالخيار سنعود إلى مؤسسات الحركة للبحث عن وسائل أخرى تمكن من الوصول إلى الهدف المتمثل في تكوين حكومة سياسية" وطرح العيادي خيار أن المشيشي يمكن أن لا يقبل بحكومة سياسية يقودها، هو خيار قائم وان النهضة تدرك ذلك، ولا تضعه بقاء مشيشي على رأس الحكومة كشرط أساسي، حيث أكد العيادي في التصريح الآنف ذكره أن الهدف هو حكومة سياسية ولمح بأن هناك وسائل أخرى للوصول إلى هذا الهدف ومن ذلك التخلي عن هشام مشيشي وهو الطلب الذي ما يزال قيس سعيد يشترطه ويتمسك به للبدء في الحوار ولإيجاد صيغة سياسية جديدة للتعامل المشترك بينه وبين حركة النهضة .

وإذا كان هم حركة النهضة المحافظة على موقع القوة في المعادلة السياسية الجديدة التي تدفع إليها بقوة، فان هشام مشيشي سيجد حرجا في التخلي عن فريقه الوزاري الحالي والذي استطاع من خلاله أن يسد شغورا وزاريا في 11 وزارة، وفي صورة تخليه عن فريقه بعد كل تلك التضحيات بصرف النظر عن تقييم الأداء الذي يبقى أداء هزيلا لكل الفريق الحكومي بما في ذلك رئيس الحكومة، إلا أن قبوله بالنجاة لوحده والتموقع من جديد في القصبة والتخلي عن كل الفريق، تبقى مسألة أخلاقية محرجة للمشيشي وهو الملاحق باتهامات سابقة حول تخليه عن صاحب الفضل في إيصاله إلى القصبة وهو رئيس الجمهورية !

ولا تبدو مهمة حركة النهضة يسيرة في إيجاد الدعم للحكومة السياسية التي تقترحها خاصة وان أحزاب الحزام الحكومي لا تبدو اليوم على موقف واحد فكتلة الإصلاح التي دعمت حكومة مشيشي، يرى رئيسها حسونة الناصفي ان مقترح النهضة، تريد من وراءه إيجاد "موقع قدم ثقيل جدا في القصبة وفي الحكومة" وفق تعبيره، مشيرا أنه من "المستحيل أن تحكم الأحزاب السياسية في تونس مع بعضها البعض ومن المستحيل تشكيل حكومة متحزبة في ظل الوضع الراهن في البلاد". وهو ما يعني ضمنيا أن كتلة الإصلاح لن تكون في الحزام السياسي لحكومة سياسية سواء بقيادة مشيشي أو غيره .

كما أكد القيادي في "قلب تونس" فؤاد ثامر أن حزبه لا يمكن أن يتخلّى عن هشام المشيشي، وهو ليس نفس الموقف النهائي لحركة النهضة، كما أن "قلب تونس"، يخشى اليوم من أن تضحي به حركة النهضة من أجل التوافق مع قيس سعيد .

مشيشي.. كلمة السرّ

يبقى هشام مشيشي "كلمة السرّ" في مفاوضات الحكومة السياسية المرتقبة في صورة ما إذا انطلقت، حيث رأينا أن هناك قوى سياسية ترفض من الأساس مقترح حركة النهضة في زمن الأزمة الراهنة، حيث ترى أن الإطاحة بحكومة مشيشي الآن هي إعادة لسيناريو حكومة الفخفاخ مما سينعكس بشكل سيء على الوضع الصحي والاقتصادي، المتأزم بطبعه ..

كما أن المفاوضات التي ستذهب إليها حركة النهضة من اجل هذه الحكومة السياسية التي تريدها، ترتبط بأطراف معينة مثل رئيس الجمهورية الذي ما زال يرفض بقاء مشيشي على رأس الحكومة، إلى جانب أطراف أخرى مثل قلب تونس الذي يرفض التخلي عن رئيس الحكومة.. في حين وسعت التطورات الأخيرة التي شهدها مجلس نواب الشعب مؤخرا، مساحة المعارضة البرلمانية وهو ما سيجعل أي عملية تصويت على حكومة جديدة، عملية صعبة وليست بالهينة، كما أن رئيس الجمهورية قيس سعيد سيعود الى تعطيل المسار الحكومي اذا لم يكن راضيا عليه منذ البداية .

وفي كل ذلك ما يزال هشام مشيشي يحتفظ بأوراق حاسمة ورابحة في هذه المعركة الجديدة، فإذا فكرت النهضة في التخلي عنها، فانه من الطبيعي أن يقوم برد فعل على ذلك وهناك إجماع على أن رد الفعل هذا لن يكون إلا بتقديم استقالته إلى رئيس الجمهورية وإعادة مبادرة تشكيل الحكومة إليه للمرة الثالثة في ظرف سنة ونصف.. وتقديم الاستقالة يبقى ورقة حاسمة في يد مشيشي يمكن أن يجهض بها أي محاولة لسحب الثقة من حكومته كما فعل الياس الفخفاخ في وقت سابق.. ولكن هذه الورقة قد تفقد قيمتها إذا اتفق رئيس الجمهورية وحركة النهضة على سيناريو حكومي يرضي كلا الطرفين !

منية العرفاوي

مشيشي.. "كلمة السر" في مفاوضات الحكومة السياسية!

تونس – الصباح

نجح رئيس الحكومة هشام مشيشي، سياسيا، في تثبيت نفسه في القصبة لمدة أشهر، رغم كل الصعوبات التي واجهت حكومته وفشلها الكبير في إدارة كل الأزمات التي تعصف بالبلاد وعلى رأسها الأزمة الصحية التي بدأت تتحول إلى مأساة وكارثة غير مسبوقة.. وكذلك رغم الأزمة التي خلقها وجوده بين رئيس الجمهورية قيس سعيد والتحالف البرلماني بقيادة حركة النهضة..

حيث يعتبر رئيس الجمهورية الذي اختار منذ البداية، مشيشي، أنه خان ثقته وانقلب على اتفاق التكليف بينهما، ولذلك فعل كل ما في وسعه ليفقد الحكومة وزنها وقوتها من خلال ممارسة صلاحية التعطيل، من ذلك رفضه للتحوير الوزاري الذي ما زال إلى اليوم معلقا على أداء يمين مرفوضة منذ أشهر ..

في حين سعت أحزاب "الوسادة البرلمانية" التي سحبت إليها هشام مشيشي منذ البداية، تحت تعلة تثبيت صلاحيات رئيس الحكومة الدستورية، إلى تشكيل كتلة برلمانية- حكومية في مواجهة تصلب وتعنت مواقف رئيس الجمهورية الذي نجح إلى حد ما في تحجيم قوتها، ولكن فاتورة ذلك كانت على حساب أجهزة الدولة التي أصابها الشلل وفقدت نجاعتها خاصة في علاقة بجائحة كورونا .

اليوم تشهد هذه الأزمة السياسية اتجاها يراه البعض انفراجا محتملا، في حين يراه البعض الاخر فصلا جديدا في هذه الأزمة.. خاصة وأن مواقع اللاعبين الجدد غير واضحة وفق قواعد اللعبة السياسية التي تدفع إليها حركة النهضة تحت مسمى حكومة سياسية، والتي تريد من خلالها، الحركة التي تكون لها كلمة الفصل في تحديد وزنها الحكومي وتحديد وزن الحلفاء المرتقبين.. ولكن في كل ذلك بتعامل الجميع بما في ذلك حركة النهضة مع رئيس الحكومة هشام مشيشي، على كونه لا يشكل تهديدا جديا لمسار الحكومة السياسية ولكن وعلى العكس من ذلك، فان مشيشي سيكون "كلمة السر" في كل مفاوضات هذه الحكومة، المعلن والخفي منها، إذا تمت هذه الحكومة، خاصة وان رئيس الحكومة ما يزال يملك بيده ورقة مهمة للحسم، ستحدد وجهة المسار مستقبلا ..

البحث عن مسك الخيوط من جديد ..

كما بدا بيان مجلس الشورى الأخير واضحا، عند دعوته إلى تكوين حكومة سياسية قوية في المرحلة القادمة تكون قادرة على مواجهة القضايا الراهنة وتتحمل مسؤوليتها أمام الشعب حيث لم يشترط أن يكون مشيشي على رأس هذه الحكومة السياسية المرتقبة، فان الناطق الرسمي باسم حركة النهضة فتحي العيادي، أكد ذلك عند تصريحه: "أن حركة النهضة مع حكومة سياسية برئاسة هشام مشيشي وستعرض عليه فكرة تكوينها" ثم استدرك بقوله "لو قبل وساعدنا على ذلك سيكون أمرا محبذا وان تعذر عليه ولم يقبل بالخيار سنعود إلى مؤسسات الحركة للبحث عن وسائل أخرى تمكن من الوصول إلى الهدف المتمثل في تكوين حكومة سياسية" وطرح العيادي خيار أن المشيشي يمكن أن لا يقبل بحكومة سياسية يقودها، هو خيار قائم وان النهضة تدرك ذلك، ولا تضعه بقاء مشيشي على رأس الحكومة كشرط أساسي، حيث أكد العيادي في التصريح الآنف ذكره أن الهدف هو حكومة سياسية ولمح بأن هناك وسائل أخرى للوصول إلى هذا الهدف ومن ذلك التخلي عن هشام مشيشي وهو الطلب الذي ما يزال قيس سعيد يشترطه ويتمسك به للبدء في الحوار ولإيجاد صيغة سياسية جديدة للتعامل المشترك بينه وبين حركة النهضة .

وإذا كان هم حركة النهضة المحافظة على موقع القوة في المعادلة السياسية الجديدة التي تدفع إليها بقوة، فان هشام مشيشي سيجد حرجا في التخلي عن فريقه الوزاري الحالي والذي استطاع من خلاله أن يسد شغورا وزاريا في 11 وزارة، وفي صورة تخليه عن فريقه بعد كل تلك التضحيات بصرف النظر عن تقييم الأداء الذي يبقى أداء هزيلا لكل الفريق الحكومي بما في ذلك رئيس الحكومة، إلا أن قبوله بالنجاة لوحده والتموقع من جديد في القصبة والتخلي عن كل الفريق، تبقى مسألة أخلاقية محرجة للمشيشي وهو الملاحق باتهامات سابقة حول تخليه عن صاحب الفضل في إيصاله إلى القصبة وهو رئيس الجمهورية !

ولا تبدو مهمة حركة النهضة يسيرة في إيجاد الدعم للحكومة السياسية التي تقترحها خاصة وان أحزاب الحزام الحكومي لا تبدو اليوم على موقف واحد فكتلة الإصلاح التي دعمت حكومة مشيشي، يرى رئيسها حسونة الناصفي ان مقترح النهضة، تريد من وراءه إيجاد "موقع قدم ثقيل جدا في القصبة وفي الحكومة" وفق تعبيره، مشيرا أنه من "المستحيل أن تحكم الأحزاب السياسية في تونس مع بعضها البعض ومن المستحيل تشكيل حكومة متحزبة في ظل الوضع الراهن في البلاد". وهو ما يعني ضمنيا أن كتلة الإصلاح لن تكون في الحزام السياسي لحكومة سياسية سواء بقيادة مشيشي أو غيره .

كما أكد القيادي في "قلب تونس" فؤاد ثامر أن حزبه لا يمكن أن يتخلّى عن هشام المشيشي، وهو ليس نفس الموقف النهائي لحركة النهضة، كما أن "قلب تونس"، يخشى اليوم من أن تضحي به حركة النهضة من أجل التوافق مع قيس سعيد .

مشيشي.. كلمة السرّ

يبقى هشام مشيشي "كلمة السرّ" في مفاوضات الحكومة السياسية المرتقبة في صورة ما إذا انطلقت، حيث رأينا أن هناك قوى سياسية ترفض من الأساس مقترح حركة النهضة في زمن الأزمة الراهنة، حيث ترى أن الإطاحة بحكومة مشيشي الآن هي إعادة لسيناريو حكومة الفخفاخ مما سينعكس بشكل سيء على الوضع الصحي والاقتصادي، المتأزم بطبعه ..

كما أن المفاوضات التي ستذهب إليها حركة النهضة من اجل هذه الحكومة السياسية التي تريدها، ترتبط بأطراف معينة مثل رئيس الجمهورية الذي ما زال يرفض بقاء مشيشي على رأس الحكومة، إلى جانب أطراف أخرى مثل قلب تونس الذي يرفض التخلي عن رئيس الحكومة.. في حين وسعت التطورات الأخيرة التي شهدها مجلس نواب الشعب مؤخرا، مساحة المعارضة البرلمانية وهو ما سيجعل أي عملية تصويت على حكومة جديدة، عملية صعبة وليست بالهينة، كما أن رئيس الجمهورية قيس سعيد سيعود الى تعطيل المسار الحكومي اذا لم يكن راضيا عليه منذ البداية .

وفي كل ذلك ما يزال هشام مشيشي يحتفظ بأوراق حاسمة ورابحة في هذه المعركة الجديدة، فإذا فكرت النهضة في التخلي عنها، فانه من الطبيعي أن يقوم برد فعل على ذلك وهناك إجماع على أن رد الفعل هذا لن يكون إلا بتقديم استقالته إلى رئيس الجمهورية وإعادة مبادرة تشكيل الحكومة إليه للمرة الثالثة في ظرف سنة ونصف.. وتقديم الاستقالة يبقى ورقة حاسمة في يد مشيشي يمكن أن يجهض بها أي محاولة لسحب الثقة من حكومته كما فعل الياس الفخفاخ في وقت سابق.. ولكن هذه الورقة قد تفقد قيمتها إذا اتفق رئيس الجمهورية وحركة النهضة على سيناريو حكومي يرضي كلا الطرفين !

منية العرفاوي