سجلت تونس خلال الثلاثي الأول من العام الحالي ارتفاعا مهما في الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وهو ما يعكس تحسنًا في مناخ الأعمال وزيادة جاذبية السوق التونسية للمستثمرين الأجانب. ووفقًا للمعطيات الرسمية، بلغت القيمة الجملية للاستثمارات الأجنبية المباشرة 730.8 مليون دينار، مسجلة نموا بنسبة 26.1 % مقارنة بسنة 2024، و6.5 % مقارنة بسنة 2023، و22.6 % مقارنة بسنة 2022.
هذا التطور الملحوظ يعكس مؤشرات إيجابية على نسق تدفق الاستثمار نحو تونس، ويؤكد أهمية الجهود المبذولة لتحسين البيئة الاستثمارية في البلاد.
قطاع الصناعات المعملية في الصدارة
ووفقا لوكالة النهوض بالاستثمار الخارجي، استأثر قطاع الصناعات المعملية بالنصيب الأكبر من هذه الاستثمارات، حيث استحوذ على 62.2 % من القيمة الجملية. ويعود هذا الارتفاع في نسق الاستثمارات إلى عدة عوامل، منها توفر اليد العاملة المؤهلة، وتنوع الصناعات التونسية، ووجود اتفاقيات شراكة مع العديد من الأسواق الدولية التي تسهل تصدير المنتجات. كما أن الصناعات المعملية تمثل ركيزة أساسية في الاقتصاد التونسي، حيث تساهم بشكل كبير في خلق فرص العمل وزيادة الصادرات.
وإلى جانب قطاع الصناعات المعملية، سجل قطاع الطاقة نسبة استثمارات بلغت 26.8 % من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مما يعكس استمرار الاهتمام بالمشاريع المتعلقة بالطاقة التقليدية والمتجددة في تونس. ويعد هذا القطاع حيويا نظرا لدوره في تأمين الاحتياجات الطاقية للبلاد وتقليل الاعتماد على الواردات.
أما قطاع الخدمات، فقد حصل على نسبة 10.3 % من الاستثمارات الأجنبية، وهو قطاع يشهد نموا تدريجيا بفضل التوسع في مجالات التكنولوجيا والرقمنة والخدمات اللوجستية. في المقابل، لم تتجاوز الاستثمارات في قطاع الفلاحة نسبة 0.7 % خلال الثلاثي الأول، وهو ما يبرز ضعف الاستثمار في هذا المجال رغم أهميته الإستراتيجية في تحقيق الأمن الغذائي.
استثمارات ذات قيمة مضافة
وتلعب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، اليوم في تونس دورا حيويا في دعم الاقتصاد التونسي، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد. ومن بين أبرز فوائد هذه الاستثمارات، تعزيز النمو الاقتصادي، حيث تساهم الاستثمارات الأجنبية في زيادة الناتج المحلي الإجمالي من خلال إنشاء مشاريع جديدة وتوسيع المشاريع القائمة، وخلق فرص عمل جديدة مباشرة وغير مباشرة، مما يسهم في تقليص معدلات البطالة، خاصة بين الشباب. كما تساعد الاستثمارات الأجنبية في نقل المعرفة والتكنولوجيا الحديثة إلى تونس، مما يدعم تطوير الكفاءات المحلية وتحسين جودة الإنتاج، وزيادة الصادرات، حيث تسهم المشاريع التي تمولها الاستثمارات الأجنبية في تعزيز الصادرات التونسية، خاصة في القطاعات الصناعية الموجهة للأسواق العالمية، فضلا عن تحسين البنية التحتية، حيث عادة ما تكون الاستثمارات الأجنبية مصحوبة بمشاريع لتحسين البنية التحتية، مثل الموانئ، وشبكات النقل، والمناطق الصناعية.
دعم القطاعات الإستراتيجية
وعلى الرغم من الأداء الإيجابي لقطاع الصناعات المعملية وقطاع الطاقة، يؤكد خبراء الاقتصاد لـ«الصباح»، أن المرحلة القادمة تتطلب توجيه الاستثمارات نحو قطاعات إستراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي. ومن بين أهم القطاعات التي يجب أن تحظى بالأولوية في استقطاب الاستثمارات، قطاع الفلاحة والصناعات الغذائية، حيث يشكل الأمن الغذائي أحد التحديات الكبرى التي تواجه تونس. لذا، يشدد جل الخبراء على ضرورة توجيه الاستثمارات نحو تطوير القطاع الفلاحي، من خلال إدخال تقنيات حديثة، وإقامة مشاريع ريّ ذكية، إضافة إلى التركيز على الصناعات الغذائية التي تضيف قيمة مضافة للمنتجات الزراعية المحلية، مما يعزز القدرة التنافسية للمنتجات التونسية في الأسواق العالمية.
كما يمثل القطاع التكنولوجي محركا أساسيًا للنمو الاقتصادي في العالم الحديث، ومن الضروري أن تعمل تونس على استقطاب استثمارات في مجالات البرمجيات، والذكاء الاصطناعي، والطاقة المتجددة، وإنشاء مناطق تكنولوجية حرة تعزز من جاذبية البلاد للشركات العالمية العاملة في هذا المجال.
كما تتطلب المرحلة القادمة النهوض بقطاع السياحة، الذي يظل أحد أعمدة الاقتصاد التونسي، حيث يشدد البعض من الخبراء على ضرورة توجيه الاستثمارات نحو تطوير السياحة المستدامة، مثل السياحة البيئية والثقافية، وتنويع المنتجات السياحية لتلبية احتياجات أسواق جديدة. كما يمثل التحول نحو الطاقات النظيفة فرصة لتقليص الاعتماد على الواردات الطاقية، وتعزيز استقلالية البلاد في مجال الطاقة. ويمكن استقطاب استثمارات لإنشاء محطات طاقة شمسية ورياح لتحقيق الأمن الطاقي لتونس خلال العشرية القادمة .
النهوض بقطاع الخدمات اللوجستية
وبالنظر إلى موقعها الاستراتيجي في البحر الأبيض المتوسط، تمتلك تونس إمكانيات كبيرة لتطوير قطاع الخدمات اللوجستية، حيث يشدد أغلب المسؤولين بالدولة، اليوم، على ضرورة استقطاب استثمارات لإنشاء موانئ حديثة، وإنشاء شبكات نقل متطورة تدعم التجارة الإقليمية والدولية. ولضمان استمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية نحو تونس، يجب على الحكومة العمل على معالجة بعض التحديات التي تواجه المستثمرين. وتشمل هذه التحديات، المضي في تنفيذ الإصلاحات الإدارية لتسهيل الإجراءات الإدارية، وتقليص البيروقراطية التي تعيق إتمام المشاريع الاستثمارية، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي، حيث يلعب الاستقرار دورا كبيرا في جذب الاستثمارات من خلال تعزيز الشفافية وتحسين مناخ الأعمال، فضلا عن تطوير البنية التحتية، بما في ذلك شبكات الطرق والموانئ والمناطق الصناعية، لجعل البلاد أكثر جاذبية للمستثمرين، وتقديم حوافز ضريبية ومالية للمستثمرين الأجانب، خاصة في القطاعات ذات الأولوية، وتحديث القوانين المتعلقة بالاستثمار لتتوافق مع المعايير الدولية وتلبي احتياجات المستثمرين.
ويمثل الارتفاع الملحوظ في الاستثمارات الأجنبية خلال الثلاثي الأول من العام الجاري، خاصة في قطاع الصناعات المعملية، مؤشرا ايجابيا على تحسن مناخ الاستثمار في تونس. ومع ذلك، فإن تحقيق نتائج مستدامة يتطلب توجيه الاستثمارات نحو قطاعات إستراتيجية مثل الفلاحة، والتكنولوجيا، والطاقة المتجددة، والسياحة المستدامة. كما يجب على الحكومة التونسية مواصلة جهودها لتحسين مناخ الأعمال ومواجهة التحديات القائمة، بما يضمن تحقيق التنمية الاقتصادية والاستفادة القصوى من الفرص التي توفرها الاستثمارات الأجنبية.
سفيان المهداوي
سجلت تونس خلال الثلاثي الأول من العام الحالي ارتفاعا مهما في الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وهو ما يعكس تحسنًا في مناخ الأعمال وزيادة جاذبية السوق التونسية للمستثمرين الأجانب. ووفقًا للمعطيات الرسمية، بلغت القيمة الجملية للاستثمارات الأجنبية المباشرة 730.8 مليون دينار، مسجلة نموا بنسبة 26.1 % مقارنة بسنة 2024، و6.5 % مقارنة بسنة 2023، و22.6 % مقارنة بسنة 2022.
هذا التطور الملحوظ يعكس مؤشرات إيجابية على نسق تدفق الاستثمار نحو تونس، ويؤكد أهمية الجهود المبذولة لتحسين البيئة الاستثمارية في البلاد.
قطاع الصناعات المعملية في الصدارة
ووفقا لوكالة النهوض بالاستثمار الخارجي، استأثر قطاع الصناعات المعملية بالنصيب الأكبر من هذه الاستثمارات، حيث استحوذ على 62.2 % من القيمة الجملية. ويعود هذا الارتفاع في نسق الاستثمارات إلى عدة عوامل، منها توفر اليد العاملة المؤهلة، وتنوع الصناعات التونسية، ووجود اتفاقيات شراكة مع العديد من الأسواق الدولية التي تسهل تصدير المنتجات. كما أن الصناعات المعملية تمثل ركيزة أساسية في الاقتصاد التونسي، حيث تساهم بشكل كبير في خلق فرص العمل وزيادة الصادرات.
وإلى جانب قطاع الصناعات المعملية، سجل قطاع الطاقة نسبة استثمارات بلغت 26.8 % من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مما يعكس استمرار الاهتمام بالمشاريع المتعلقة بالطاقة التقليدية والمتجددة في تونس. ويعد هذا القطاع حيويا نظرا لدوره في تأمين الاحتياجات الطاقية للبلاد وتقليل الاعتماد على الواردات.
أما قطاع الخدمات، فقد حصل على نسبة 10.3 % من الاستثمارات الأجنبية، وهو قطاع يشهد نموا تدريجيا بفضل التوسع في مجالات التكنولوجيا والرقمنة والخدمات اللوجستية. في المقابل، لم تتجاوز الاستثمارات في قطاع الفلاحة نسبة 0.7 % خلال الثلاثي الأول، وهو ما يبرز ضعف الاستثمار في هذا المجال رغم أهميته الإستراتيجية في تحقيق الأمن الغذائي.
استثمارات ذات قيمة مضافة
وتلعب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، اليوم في تونس دورا حيويا في دعم الاقتصاد التونسي، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد. ومن بين أبرز فوائد هذه الاستثمارات، تعزيز النمو الاقتصادي، حيث تساهم الاستثمارات الأجنبية في زيادة الناتج المحلي الإجمالي من خلال إنشاء مشاريع جديدة وتوسيع المشاريع القائمة، وخلق فرص عمل جديدة مباشرة وغير مباشرة، مما يسهم في تقليص معدلات البطالة، خاصة بين الشباب. كما تساعد الاستثمارات الأجنبية في نقل المعرفة والتكنولوجيا الحديثة إلى تونس، مما يدعم تطوير الكفاءات المحلية وتحسين جودة الإنتاج، وزيادة الصادرات، حيث تسهم المشاريع التي تمولها الاستثمارات الأجنبية في تعزيز الصادرات التونسية، خاصة في القطاعات الصناعية الموجهة للأسواق العالمية، فضلا عن تحسين البنية التحتية، حيث عادة ما تكون الاستثمارات الأجنبية مصحوبة بمشاريع لتحسين البنية التحتية، مثل الموانئ، وشبكات النقل، والمناطق الصناعية.
دعم القطاعات الإستراتيجية
وعلى الرغم من الأداء الإيجابي لقطاع الصناعات المعملية وقطاع الطاقة، يؤكد خبراء الاقتصاد لـ«الصباح»، أن المرحلة القادمة تتطلب توجيه الاستثمارات نحو قطاعات إستراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي. ومن بين أهم القطاعات التي يجب أن تحظى بالأولوية في استقطاب الاستثمارات، قطاع الفلاحة والصناعات الغذائية، حيث يشكل الأمن الغذائي أحد التحديات الكبرى التي تواجه تونس. لذا، يشدد جل الخبراء على ضرورة توجيه الاستثمارات نحو تطوير القطاع الفلاحي، من خلال إدخال تقنيات حديثة، وإقامة مشاريع ريّ ذكية، إضافة إلى التركيز على الصناعات الغذائية التي تضيف قيمة مضافة للمنتجات الزراعية المحلية، مما يعزز القدرة التنافسية للمنتجات التونسية في الأسواق العالمية.
كما يمثل القطاع التكنولوجي محركا أساسيًا للنمو الاقتصادي في العالم الحديث، ومن الضروري أن تعمل تونس على استقطاب استثمارات في مجالات البرمجيات، والذكاء الاصطناعي، والطاقة المتجددة، وإنشاء مناطق تكنولوجية حرة تعزز من جاذبية البلاد للشركات العالمية العاملة في هذا المجال.
كما تتطلب المرحلة القادمة النهوض بقطاع السياحة، الذي يظل أحد أعمدة الاقتصاد التونسي، حيث يشدد البعض من الخبراء على ضرورة توجيه الاستثمارات نحو تطوير السياحة المستدامة، مثل السياحة البيئية والثقافية، وتنويع المنتجات السياحية لتلبية احتياجات أسواق جديدة. كما يمثل التحول نحو الطاقات النظيفة فرصة لتقليص الاعتماد على الواردات الطاقية، وتعزيز استقلالية البلاد في مجال الطاقة. ويمكن استقطاب استثمارات لإنشاء محطات طاقة شمسية ورياح لتحقيق الأمن الطاقي لتونس خلال العشرية القادمة .
النهوض بقطاع الخدمات اللوجستية
وبالنظر إلى موقعها الاستراتيجي في البحر الأبيض المتوسط، تمتلك تونس إمكانيات كبيرة لتطوير قطاع الخدمات اللوجستية، حيث يشدد أغلب المسؤولين بالدولة، اليوم، على ضرورة استقطاب استثمارات لإنشاء موانئ حديثة، وإنشاء شبكات نقل متطورة تدعم التجارة الإقليمية والدولية. ولضمان استمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية نحو تونس، يجب على الحكومة العمل على معالجة بعض التحديات التي تواجه المستثمرين. وتشمل هذه التحديات، المضي في تنفيذ الإصلاحات الإدارية لتسهيل الإجراءات الإدارية، وتقليص البيروقراطية التي تعيق إتمام المشاريع الاستثمارية، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي، حيث يلعب الاستقرار دورا كبيرا في جذب الاستثمارات من خلال تعزيز الشفافية وتحسين مناخ الأعمال، فضلا عن تطوير البنية التحتية، بما في ذلك شبكات الطرق والموانئ والمناطق الصناعية، لجعل البلاد أكثر جاذبية للمستثمرين، وتقديم حوافز ضريبية ومالية للمستثمرين الأجانب، خاصة في القطاعات ذات الأولوية، وتحديث القوانين المتعلقة بالاستثمار لتتوافق مع المعايير الدولية وتلبي احتياجات المستثمرين.
ويمثل الارتفاع الملحوظ في الاستثمارات الأجنبية خلال الثلاثي الأول من العام الجاري، خاصة في قطاع الصناعات المعملية، مؤشرا ايجابيا على تحسن مناخ الاستثمار في تونس. ومع ذلك، فإن تحقيق نتائج مستدامة يتطلب توجيه الاستثمارات نحو قطاعات إستراتيجية مثل الفلاحة، والتكنولوجيا، والطاقة المتجددة، والسياحة المستدامة. كما يجب على الحكومة التونسية مواصلة جهودها لتحسين مناخ الأعمال ومواجهة التحديات القائمة، بما يضمن تحقيق التنمية الاقتصادية والاستفادة القصوى من الفرص التي توفرها الاستثمارات الأجنبية.