إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رضا بلحاج المدير التنفيذي لحزب "الأمل" لـ "الصباح": بقاء مشيشي ضمان لاستقرار الدولة.. ولا أحد قادر على إقصاء النهضة

 

تونس – الصباح

اكد رضا بلحاج المدير التنفيذي لحزب الامل ان الابقاء علي هشام مشيشي على راس الحكومة هو الضمان الوحيد لاستقرار مؤسسات الدولة والبلاد وصمام امان امام محاولات بث الفوضى في حال سيطر رئيس الجمهورية على مفاصل الدولة، مشيرا الى ان سعيد زرع بذور الفشل للحوار الوطني منذ البداية لان اخر اهتماماته خدمة مصلحة البلاد بل هدفه اعادة تنظيم المجتمع السياسي وفق رؤية فوضوية، على حد تعبيره.

وفي حوار مطوّل لـ "الصباح" كشف المدير التنفيذي لحزب الامل بان سبب مساندته لرئيس حزب قلب تونس نبيل القروي نابع من قناعة بانه بريء قضائيا ومستهدف سياسيا.

بلحاج اعتبر في حواره ان حركة النهضة هي اليوم في المشهد السياسي ولا احد قادر على اقصائها وكل الدول التي ذهبت في اتجاه اقصاء الاسلام السياسي دفعت ضريبة ذلك، وما تسعى له عبير موسي هو افشال التجربة الديمقراطية لكنها ستتآكل سياسيا قبل الانتخابات القادمة، لأنها لم تتخل عن الروح الانتقامية، وفق قوله،

 

* اخيرا نبيل القروي حر هذا ما كتبته بعد اطلاق سراحه مباشرة، هل هذا تعاطف المحامي؟

-تعاطفي مع نبيل القروي كمحام وكذلك كسياسي لأني عايشت معه التجربة منذ ترشحه للانتخابات الرئاسية في 2019، وقد كان مستهدفا حتى قبل ان يترشح للرئاسية من طرف سياسي معلوم وهو يوسف الشاهد رئيس الحكومة الاسبق ونذكر جميعا القانون الذي تمت صياغته ورفض المرحوم الباجي قائدي السبسي امضاءه لأنه قانون اقصائي.

وكنت من بين محامي القروي في تلك الفترة الى ان تم اطلاق سراحه قبل يومين من الدورة الرئاسية الثانية وخاض الانتخابات وقد اصبحت حظوظه ضئيلة بسبب عملية التشويه التي تعرض لها ثم في مرحلة ثانية الاستهداف الذي تعرض له من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد والاطراف السياسية القريبة منه الذين يعتبرونه الحلقة القوية في الحزام السياسي حول رئيس الحكومة هشام مشيشي.

* هل تم توظيف القضاء في استهداف القروي؟

-قبل كل شيء، بحكم معرفتي الدقيقة بالملف الذي اؤكد انه ملف فارغ ولا علاقة له بما يشاع في الخارج من ارتكباه لعمليات تبييض اموال، الملف يتعلق بخلاف مع ادارة الجباية وادارة البنك المركزي التونسي حول ارقام معاملات.

كما ان ايقاف نبيل القروي للمرة الثانية اعتمد على اختبار، وقد اكدنا من البداية انه اختبار غير محايد لان الخبراء لم يأخذوا بعين الاعتبار عديد المعطيات ما ادى الى تقديم شكايات احيلوا بمقتضاها الان على التحقيق وهي القطرة التي افاضت الكاس خاصة بعد الإصرار على إبقائه في السجن رغم انتهاء المدة القانونية للإيقاف التحفظي المضبوطة بستة اشهر والتي اعترفت بها دائرة الاتهام ولكن لم تمض فيها الى الاخير وطلبت من قاضي التحقيق تسوية الوضعية وهذا ما نقضته محكمة التعقيب واعتبرت ان بقاءه في السحن باطل والغت بطاقة الايقاف.
كذلك الخطير في ايقاف القروي، خصوصا انه محجر من السفر وامواله مجمدة، وان عديد الاطراف سعت الى تصفية حسابات سياسية معه ووقع توظيف القضاء في ذلك.

* هل تعتقد ان ملف القروي ستكون له تداعيات مستقبلا خصوصا على المشهد السياسي في البلاد؟

-انا على قناعة بان القروي بريء قضائيا ومستهدف سياسيا، وهذا اكدته محكمة التعقيب في جانب الايقاف التحفظي الى جانب تقدم البحث في التحقيق الذي فتح ضد الخبراء المحاسبين، واعتقد ان مسار قضية نبيل القروي في الاسبوع الاخير ينبئ بان التداعيات القضائية مازالت واساسا السياسية.

* هل ان قلب تونس والقروي يدفعان ثمن التقارب مع النهضة؟

-انا لست في قلب تونس، لكن بالنسبة الى حركة النهضة هي اليوم في المشهد السياسي ولا احد قادر على اقصائها والانتقال الديمقراطي لا يمكن ان ينجح الا بالحوار والتعايش وبمفهوم التسويات مع النهضة وغيرها.

* يعني حزبكم لا يعارض الشراكة السياسية مع النهضة؟

-حركة النهضة منافس وهو معطى في المشهد السياسي لا يمكن تجاهله وكل الدول التي ذهبت في اتجاه اقصاء الاسلام السياسي دفعت ضريبة ذلك، الجزائر مثلا الاسلاميون قبلوا بالمؤسسات القائمة والمنظومة ونرى نتائج الانتخابات الاخيرة تعكس واقع المجتمع الجزائري.

من حيث المبدأ حزب الامل يعتبر حركة النهضة عنصرا اساسيا في المشهد السياسي ومنافسا ودون الحوار معها واجراء تسويات سياسية لا يمكن التقدم بالبلاد وتجاوز الازمة.

وقناعتي بان تونس لا يمكن ان تتقدم دون الحوار واذا نجح المرحوم الباجي قائد السبسي ولو نسبيا فكان ذلك بالحوار والتسويات السياسية باعتبارها مكمّلا للعلاقة بين المؤسسات.

* لكن البعض يعتبر ان نداء تونس دفع فاتورة سياسية بسبب هذا التقارب؟

-النداء ضعف لعديد الاسباب المعقدة والمتشابكة وليس بسبب تعايشه مع النهضة، مثلا اليوم ماذا استفادت عبير موسي التي استعملت الطريقة القصوى في مقاومة النهضة فهي "ستندثر" مع الوقت.

* بعد تصريحات الرئيس الاخيرة، هل سنشهد انفراجا سياسيا في القريب؟

-انا لست متفائلا من خطاب الرئيس المتشنج كعادته والذي وجه فيه تهما مجانية وخطيرة، كما ان حضور اطراف ممثلة في رؤساء حكومات سابقين ليست معنية مباشرة وليست فاعلة في الحوار لن تضيف شيئا لما تشهده تونس من انسداد سياسي وكان من المفروض ان يكون اللقاء مع ممثلين عن الاحزاب الموجودة في البرلمان وليس مع رؤساء حكومات.

تونس اليوم تحتاج الى حوار بين مختلف الاطراف السياسية الفاعلة يكون مضمونه الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي لم يتطرق له رئيس الدولة وكذلك استكمال المؤسسات الدستورية والتفكير في تحوير القانون الانتخابي وغير ذلك اعتبره انقلابا على الشرعية.

* لماذا هذا التردد في قبول الرئيس لمبادرة الحوار الوطني التي تقدم بها اتحاد الشغل منذ اشهر؟

-ان الرئيس قبل الحوار من حيث المبدأ، لكنه يريد اساسا تغيير النظام السياسي واعادة النظر في الدستور وهذا ليس من مهامه فقط هو سيشرف على حوار بين مؤسسات قائمة واحزاب انتصرت في مسار انتخابي ديمقراطي.

لقد زرع رئيس الدولة بذور الفشل للحوار منذ البداية واخر اهتماماته خدمة مصلحة البلاد الى جانب بث الفرقة بين ابناء الشعب الواحد وهدفه اعادته تنظيم المجتمع السياسي وفق رؤية اعتبرها فوضوية، صحيح رئيس جمهورية منتخب ونحترم عهدته لكن يجب ان يحترم الدستور والمؤسسات القائمة والاغلبية المنتخبة والاقليات الموجودة في البرلمان وخارجه في اطار المؤسسات.

* هل تعتقد ان الحل للازمة يكمن في تغيير هشام مشيشي؟

-بقاء هشام مشيشي على راس الحكومة الضمان الوحيد لاستقرار المؤسسات والبلاد وصمام امان امام محاولات بث الفوضى في حال سيطر رئيس الجمهورية على مفاصل الدولة.

* هناك عديد الانتقادات لمؤسسة رئاسة الجمهورية، حسب رايك اين يوجد الخلل؟

-مؤسسة رئاسة الجمهورية مكتملة التكوين منذ بورقيبة وطوّرها بن علي رغم الاخطاء الكبيرة لكن كهيكل متكامل فيها اطارات من اعلى ما يوجد في الادارة التونسية ولها ميزانية تقدر بحوالي 160 مليون دينار ومنظمة بطريقة عصرية، لكن المشكل في رئيس الجمهورية لانه في فترة الباجي قائد السبسي وجدنا مؤسسة رئاسة الجمهورية مكتملة.

* ما هو تعليقك على ما يراه البعض في جمود مؤسسة رئاسة الجمهورية؟

-مؤسسة رئاسة الجمهورية بريئة من جمود، الرئيس والفريق المحيط به وطبعا سعيد هو من اختار فريقه من المستشارين.

* وماذا عن الانتقادات الموجهة الى رئيسة ديوانه؟

-لست متأكد من أن مديرة الديوان الرئاسي سببا في هذا الجمود لأنها في الاخير تعمل تحت إمرة الرئيس.

* حسب رايك توجد اسباب وراء التراجع النسبي في مواقف الرئيس الاخيرة؟

-اذا تاكد تراجع الرئيس فهذه خطوة للاعتراف بالهزيمة ودليل ضعف لانه كان متمسكا بذهاب مشيشي، كما ان هناك عدة اسباب قد تدفع سعيد للتراجع وهو موقف الدولة الذي يؤكد على احترام المؤسسات وعلى مستوى داخلي شئنا ام ابينا رئيس الحكومة سجل عديد النقاط في الفترة الفارطة رغم صعوبة الوضع الاقتصادي والصحي وهذا ثابت في التقدم في بسط نفوذه في اطار ما يسمح به الدستور.

* هل يريد سعيد ان يحكم من خارج الدستور؟

-اجل اختباره، الفخفاخ لترؤس الحكومة كان هدفه ان يحكم من خارج الدستور لكن الاخير دفع الفاتورة لانه اراد ان يحكم باقلية اي من خلال التيار الديمقراطي وحركة الشعب وتجاهل الاغلبية المنتخبة وهذه رغبة الرئيس وهذا مخططه في انتظار تغيير الدستور لبسط نفوذه.

وكذلك هشام مشيشي تم اختياره بنية تنفيذ نفس المخطط لكن اثبت انه رجل، لذلك الرئيس لم يقبل قوانين اللعبة واشترط ذهاب مشيشي.

الان تغيرت المعطيات الدولية والاقليمية ما يجري في ليبيا والجزائر اثبتت ان حسابات سعيد كانت خاطئة وهذا ما يبرر انفعالاته لذلك اصبح يبحث لنفسه عن مخرج، هذا ما جعله في موقف ضعف وفقدان لهامش التحرك وتناقص حلفاءه الا التيار الديمقراطي الذي لم يقبل خروجه من الحكم وحلمه بترؤس الحكومة وجزء من حركة الشعب التي تريد تصفية حساب مع مشيشي.

* يعني تراجعه تحت الضغط الخارجي؟

-نعم تراجع سعيد تكتيكي دون قناعة وهذا ما يفسر انفعالاته في خطابه الاخير.

* سعيد ما زال يتصدر نوايا التصويت في عمليات سبر الاراء، ما رايك؟

-توجد مؤسسة سبر أراء وحيدة ليست مستقلة وليست محايدة ولا يمكن ان تكون مقياسا.

* البرلمان التونسي يعيش صراعا غير مسبوق اثر على عمله التشريعي، هل يتحمل رئيس البرلمان جزءا من المسؤولية في ما آلت إليه هذه المؤسسة؟

-اعتقد أن ما يعيشه البرلمان هو صراع بين قوى ديمقراطية واطراف اخرى تسعى الى تعطيل الانتقال لان الصراعات هي ظاهرة صحية في العمل البرلماني لكن ما يحدث هو أساسا لإجهاض التجربة الديمقراطية.

*هل تقصد بذلك عبير موسي وكتلتها؟

-وجود اطراف لا تؤمن بالديمقراطية مثل عبير موسي وهذا السبب الرئيسي لتعطيل اعمال البرلمان.

* لكنها اليوم تتصدر نوايا التصويت في الانتخابات التشريعية؟

-المشهد السياسي لم يستقر بعد وستتآكل قاعدة عبير موسي في قادم الايام لان حزب يعتمد فقط على تعطيل مؤسسات الدولة واقصاء غيره لا يمكن ان يكون له مستقبل سياسي.

الحزب الدستوري الحر مبني على شخص وحنين للماضي الديكتاتوري لا يمكن ان ينجح، وعبير موسي تهدد مكاسب الثورة والانتقال الديمقراطي ولم تتخل عن الروح الانتقامية.

* هل انت مع دعوات سحب الثقة من الغنوشي؟

-انا ديمقراطي، إنسان وقع اختياره بأغلبية نواب ليس من حق اي طرف بان يطلب منه الانسحاب كما انه ليس من حقي ان اطلب الانسحاب من قيس سعيد رغم انني لا اتفق مع افكاره لكن احترم اختيارات الاغلبية.

* هل يفكر حزب الامل في التقارب مع قلب تونس أو بعض الأحزاب الأخرى؟

-هناك نقاش مع بعض العائلات السياسية القريبة من الحزب لكن في اخر الامر التطورات السياسية هي التي ستفرض نفسها فالمشهد السياسي سيشهد تحولات كبرى ولا نعرف ماذا سيحدث من تطورات مستقبلا على اساسها سيحدد الحزب توجهاته على مستوى الشراكات السياسية كما اننا نعمل الان على وضع إستراتجية للتوسع جهويا.

* هل انت مع اعادة تشكيل المنظومة السياسية في تونس؟

-لا أوافق على فكرة اسقاط المنظومة واعادة الانتخابات، بل يجب استكمال مؤسسات الدولة وتركيز المحكمة الدستورية واحترام الاستحقاقات الانتخابية وتغيير بعض أحكام القانون الانتخابي.

لو توجهت برسائل سياسية للأسماء التالية ماذا تقول لهم؟

رئيس الجمهورية قيس سعيد : عليك ان تراجع مواقفك وتحترم المؤسسات وارادة الصندوق.

رئيس الحكومة هشام مشيشي: اعتقد انه ماض في الطريق الصحيح وأتمنى له النجاح.

رئيس مجلس النواب راشد الغنوشي: مهما يقال عليه اثبت انه رجل سياسة محنك.

رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي: لم تفهم التاريخ.

رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي: رجل سياسة مقاوم استطاع ان يحارب ضد التيار وبدأ يحقق النتائج.

*ماذا تعلمت من المرحوم الباجي قايد السبسي؟

تعلمت من الباجي قايد السبسي الصبر في العمل السياسي والمرونة لكننا تسرعنا في الخلاف معه في بعض الجوانب بسبب قلة التجربة.

* في ماذا اخطأ قايد السبسي؟

-في التخلي عن الحبيب الصيد واختيار يوسف الشاهد وهذا خطأ قاتل.

* النهضة كذلك تخلت عنه؟

-النهضة أجبرت على التخلي عن الحبيب الصيد.

* هل انت مع من يقول ان يوسف الشاهد مازال يحكم من وراء الستار؟

-مازالت اثار يوسف الشاهد في الحياة السياسة وطرق التسيير التي اعتمدها مازالت موجودة في بعض الدوائر وبقاياه في السلطة لكن خارج اطار خطة قيس سعيد لا مستقبل ليوسف الشاهد.

 

أجرت الحوار : جهاد الكلبوسي

رضا بلحاج المدير التنفيذي لحزب "الأمل" لـ "الصباح":  بقاء مشيشي ضمان لاستقرار الدولة.. ولا أحد قادر على إقصاء النهضة

 

تونس – الصباح

اكد رضا بلحاج المدير التنفيذي لحزب الامل ان الابقاء علي هشام مشيشي على راس الحكومة هو الضمان الوحيد لاستقرار مؤسسات الدولة والبلاد وصمام امان امام محاولات بث الفوضى في حال سيطر رئيس الجمهورية على مفاصل الدولة، مشيرا الى ان سعيد زرع بذور الفشل للحوار الوطني منذ البداية لان اخر اهتماماته خدمة مصلحة البلاد بل هدفه اعادة تنظيم المجتمع السياسي وفق رؤية فوضوية، على حد تعبيره.

وفي حوار مطوّل لـ "الصباح" كشف المدير التنفيذي لحزب الامل بان سبب مساندته لرئيس حزب قلب تونس نبيل القروي نابع من قناعة بانه بريء قضائيا ومستهدف سياسيا.

بلحاج اعتبر في حواره ان حركة النهضة هي اليوم في المشهد السياسي ولا احد قادر على اقصائها وكل الدول التي ذهبت في اتجاه اقصاء الاسلام السياسي دفعت ضريبة ذلك، وما تسعى له عبير موسي هو افشال التجربة الديمقراطية لكنها ستتآكل سياسيا قبل الانتخابات القادمة، لأنها لم تتخل عن الروح الانتقامية، وفق قوله،

 

* اخيرا نبيل القروي حر هذا ما كتبته بعد اطلاق سراحه مباشرة، هل هذا تعاطف المحامي؟

-تعاطفي مع نبيل القروي كمحام وكذلك كسياسي لأني عايشت معه التجربة منذ ترشحه للانتخابات الرئاسية في 2019، وقد كان مستهدفا حتى قبل ان يترشح للرئاسية من طرف سياسي معلوم وهو يوسف الشاهد رئيس الحكومة الاسبق ونذكر جميعا القانون الذي تمت صياغته ورفض المرحوم الباجي قائدي السبسي امضاءه لأنه قانون اقصائي.

وكنت من بين محامي القروي في تلك الفترة الى ان تم اطلاق سراحه قبل يومين من الدورة الرئاسية الثانية وخاض الانتخابات وقد اصبحت حظوظه ضئيلة بسبب عملية التشويه التي تعرض لها ثم في مرحلة ثانية الاستهداف الذي تعرض له من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد والاطراف السياسية القريبة منه الذين يعتبرونه الحلقة القوية في الحزام السياسي حول رئيس الحكومة هشام مشيشي.

* هل تم توظيف القضاء في استهداف القروي؟

-قبل كل شيء، بحكم معرفتي الدقيقة بالملف الذي اؤكد انه ملف فارغ ولا علاقة له بما يشاع في الخارج من ارتكباه لعمليات تبييض اموال، الملف يتعلق بخلاف مع ادارة الجباية وادارة البنك المركزي التونسي حول ارقام معاملات.

كما ان ايقاف نبيل القروي للمرة الثانية اعتمد على اختبار، وقد اكدنا من البداية انه اختبار غير محايد لان الخبراء لم يأخذوا بعين الاعتبار عديد المعطيات ما ادى الى تقديم شكايات احيلوا بمقتضاها الان على التحقيق وهي القطرة التي افاضت الكاس خاصة بعد الإصرار على إبقائه في السجن رغم انتهاء المدة القانونية للإيقاف التحفظي المضبوطة بستة اشهر والتي اعترفت بها دائرة الاتهام ولكن لم تمض فيها الى الاخير وطلبت من قاضي التحقيق تسوية الوضعية وهذا ما نقضته محكمة التعقيب واعتبرت ان بقاءه في السحن باطل والغت بطاقة الايقاف.
كذلك الخطير في ايقاف القروي، خصوصا انه محجر من السفر وامواله مجمدة، وان عديد الاطراف سعت الى تصفية حسابات سياسية معه ووقع توظيف القضاء في ذلك.

* هل تعتقد ان ملف القروي ستكون له تداعيات مستقبلا خصوصا على المشهد السياسي في البلاد؟

-انا على قناعة بان القروي بريء قضائيا ومستهدف سياسيا، وهذا اكدته محكمة التعقيب في جانب الايقاف التحفظي الى جانب تقدم البحث في التحقيق الذي فتح ضد الخبراء المحاسبين، واعتقد ان مسار قضية نبيل القروي في الاسبوع الاخير ينبئ بان التداعيات القضائية مازالت واساسا السياسية.

* هل ان قلب تونس والقروي يدفعان ثمن التقارب مع النهضة؟

-انا لست في قلب تونس، لكن بالنسبة الى حركة النهضة هي اليوم في المشهد السياسي ولا احد قادر على اقصائها والانتقال الديمقراطي لا يمكن ان ينجح الا بالحوار والتعايش وبمفهوم التسويات مع النهضة وغيرها.

* يعني حزبكم لا يعارض الشراكة السياسية مع النهضة؟

-حركة النهضة منافس وهو معطى في المشهد السياسي لا يمكن تجاهله وكل الدول التي ذهبت في اتجاه اقصاء الاسلام السياسي دفعت ضريبة ذلك، الجزائر مثلا الاسلاميون قبلوا بالمؤسسات القائمة والمنظومة ونرى نتائج الانتخابات الاخيرة تعكس واقع المجتمع الجزائري.

من حيث المبدأ حزب الامل يعتبر حركة النهضة عنصرا اساسيا في المشهد السياسي ومنافسا ودون الحوار معها واجراء تسويات سياسية لا يمكن التقدم بالبلاد وتجاوز الازمة.

وقناعتي بان تونس لا يمكن ان تتقدم دون الحوار واذا نجح المرحوم الباجي قائد السبسي ولو نسبيا فكان ذلك بالحوار والتسويات السياسية باعتبارها مكمّلا للعلاقة بين المؤسسات.

* لكن البعض يعتبر ان نداء تونس دفع فاتورة سياسية بسبب هذا التقارب؟

-النداء ضعف لعديد الاسباب المعقدة والمتشابكة وليس بسبب تعايشه مع النهضة، مثلا اليوم ماذا استفادت عبير موسي التي استعملت الطريقة القصوى في مقاومة النهضة فهي "ستندثر" مع الوقت.

* بعد تصريحات الرئيس الاخيرة، هل سنشهد انفراجا سياسيا في القريب؟

-انا لست متفائلا من خطاب الرئيس المتشنج كعادته والذي وجه فيه تهما مجانية وخطيرة، كما ان حضور اطراف ممثلة في رؤساء حكومات سابقين ليست معنية مباشرة وليست فاعلة في الحوار لن تضيف شيئا لما تشهده تونس من انسداد سياسي وكان من المفروض ان يكون اللقاء مع ممثلين عن الاحزاب الموجودة في البرلمان وليس مع رؤساء حكومات.

تونس اليوم تحتاج الى حوار بين مختلف الاطراف السياسية الفاعلة يكون مضمونه الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي لم يتطرق له رئيس الدولة وكذلك استكمال المؤسسات الدستورية والتفكير في تحوير القانون الانتخابي وغير ذلك اعتبره انقلابا على الشرعية.

* لماذا هذا التردد في قبول الرئيس لمبادرة الحوار الوطني التي تقدم بها اتحاد الشغل منذ اشهر؟

-ان الرئيس قبل الحوار من حيث المبدأ، لكنه يريد اساسا تغيير النظام السياسي واعادة النظر في الدستور وهذا ليس من مهامه فقط هو سيشرف على حوار بين مؤسسات قائمة واحزاب انتصرت في مسار انتخابي ديمقراطي.

لقد زرع رئيس الدولة بذور الفشل للحوار منذ البداية واخر اهتماماته خدمة مصلحة البلاد الى جانب بث الفرقة بين ابناء الشعب الواحد وهدفه اعادته تنظيم المجتمع السياسي وفق رؤية اعتبرها فوضوية، صحيح رئيس جمهورية منتخب ونحترم عهدته لكن يجب ان يحترم الدستور والمؤسسات القائمة والاغلبية المنتخبة والاقليات الموجودة في البرلمان وخارجه في اطار المؤسسات.

* هل تعتقد ان الحل للازمة يكمن في تغيير هشام مشيشي؟

-بقاء هشام مشيشي على راس الحكومة الضمان الوحيد لاستقرار المؤسسات والبلاد وصمام امان امام محاولات بث الفوضى في حال سيطر رئيس الجمهورية على مفاصل الدولة.

* هناك عديد الانتقادات لمؤسسة رئاسة الجمهورية، حسب رايك اين يوجد الخلل؟

-مؤسسة رئاسة الجمهورية مكتملة التكوين منذ بورقيبة وطوّرها بن علي رغم الاخطاء الكبيرة لكن كهيكل متكامل فيها اطارات من اعلى ما يوجد في الادارة التونسية ولها ميزانية تقدر بحوالي 160 مليون دينار ومنظمة بطريقة عصرية، لكن المشكل في رئيس الجمهورية لانه في فترة الباجي قائد السبسي وجدنا مؤسسة رئاسة الجمهورية مكتملة.

* ما هو تعليقك على ما يراه البعض في جمود مؤسسة رئاسة الجمهورية؟

-مؤسسة رئاسة الجمهورية بريئة من جمود، الرئيس والفريق المحيط به وطبعا سعيد هو من اختار فريقه من المستشارين.

* وماذا عن الانتقادات الموجهة الى رئيسة ديوانه؟

-لست متأكد من أن مديرة الديوان الرئاسي سببا في هذا الجمود لأنها في الاخير تعمل تحت إمرة الرئيس.

* حسب رايك توجد اسباب وراء التراجع النسبي في مواقف الرئيس الاخيرة؟

-اذا تاكد تراجع الرئيس فهذه خطوة للاعتراف بالهزيمة ودليل ضعف لانه كان متمسكا بذهاب مشيشي، كما ان هناك عدة اسباب قد تدفع سعيد للتراجع وهو موقف الدولة الذي يؤكد على احترام المؤسسات وعلى مستوى داخلي شئنا ام ابينا رئيس الحكومة سجل عديد النقاط في الفترة الفارطة رغم صعوبة الوضع الاقتصادي والصحي وهذا ثابت في التقدم في بسط نفوذه في اطار ما يسمح به الدستور.

* هل يريد سعيد ان يحكم من خارج الدستور؟

-اجل اختباره، الفخفاخ لترؤس الحكومة كان هدفه ان يحكم من خارج الدستور لكن الاخير دفع الفاتورة لانه اراد ان يحكم باقلية اي من خلال التيار الديمقراطي وحركة الشعب وتجاهل الاغلبية المنتخبة وهذه رغبة الرئيس وهذا مخططه في انتظار تغيير الدستور لبسط نفوذه.

وكذلك هشام مشيشي تم اختياره بنية تنفيذ نفس المخطط لكن اثبت انه رجل، لذلك الرئيس لم يقبل قوانين اللعبة واشترط ذهاب مشيشي.

الان تغيرت المعطيات الدولية والاقليمية ما يجري في ليبيا والجزائر اثبتت ان حسابات سعيد كانت خاطئة وهذا ما يبرر انفعالاته لذلك اصبح يبحث لنفسه عن مخرج، هذا ما جعله في موقف ضعف وفقدان لهامش التحرك وتناقص حلفاءه الا التيار الديمقراطي الذي لم يقبل خروجه من الحكم وحلمه بترؤس الحكومة وجزء من حركة الشعب التي تريد تصفية حساب مع مشيشي.

* يعني تراجعه تحت الضغط الخارجي؟

-نعم تراجع سعيد تكتيكي دون قناعة وهذا ما يفسر انفعالاته في خطابه الاخير.

* سعيد ما زال يتصدر نوايا التصويت في عمليات سبر الاراء، ما رايك؟

-توجد مؤسسة سبر أراء وحيدة ليست مستقلة وليست محايدة ولا يمكن ان تكون مقياسا.

* البرلمان التونسي يعيش صراعا غير مسبوق اثر على عمله التشريعي، هل يتحمل رئيس البرلمان جزءا من المسؤولية في ما آلت إليه هذه المؤسسة؟

-اعتقد أن ما يعيشه البرلمان هو صراع بين قوى ديمقراطية واطراف اخرى تسعى الى تعطيل الانتقال لان الصراعات هي ظاهرة صحية في العمل البرلماني لكن ما يحدث هو أساسا لإجهاض التجربة الديمقراطية.

*هل تقصد بذلك عبير موسي وكتلتها؟

-وجود اطراف لا تؤمن بالديمقراطية مثل عبير موسي وهذا السبب الرئيسي لتعطيل اعمال البرلمان.

* لكنها اليوم تتصدر نوايا التصويت في الانتخابات التشريعية؟

-المشهد السياسي لم يستقر بعد وستتآكل قاعدة عبير موسي في قادم الايام لان حزب يعتمد فقط على تعطيل مؤسسات الدولة واقصاء غيره لا يمكن ان يكون له مستقبل سياسي.

الحزب الدستوري الحر مبني على شخص وحنين للماضي الديكتاتوري لا يمكن ان ينجح، وعبير موسي تهدد مكاسب الثورة والانتقال الديمقراطي ولم تتخل عن الروح الانتقامية.

* هل انت مع دعوات سحب الثقة من الغنوشي؟

-انا ديمقراطي، إنسان وقع اختياره بأغلبية نواب ليس من حق اي طرف بان يطلب منه الانسحاب كما انه ليس من حقي ان اطلب الانسحاب من قيس سعيد رغم انني لا اتفق مع افكاره لكن احترم اختيارات الاغلبية.

* هل يفكر حزب الامل في التقارب مع قلب تونس أو بعض الأحزاب الأخرى؟

-هناك نقاش مع بعض العائلات السياسية القريبة من الحزب لكن في اخر الامر التطورات السياسية هي التي ستفرض نفسها فالمشهد السياسي سيشهد تحولات كبرى ولا نعرف ماذا سيحدث من تطورات مستقبلا على اساسها سيحدد الحزب توجهاته على مستوى الشراكات السياسية كما اننا نعمل الان على وضع إستراتجية للتوسع جهويا.

* هل انت مع اعادة تشكيل المنظومة السياسية في تونس؟

-لا أوافق على فكرة اسقاط المنظومة واعادة الانتخابات، بل يجب استكمال مؤسسات الدولة وتركيز المحكمة الدستورية واحترام الاستحقاقات الانتخابية وتغيير بعض أحكام القانون الانتخابي.

لو توجهت برسائل سياسية للأسماء التالية ماذا تقول لهم؟

رئيس الجمهورية قيس سعيد : عليك ان تراجع مواقفك وتحترم المؤسسات وارادة الصندوق.

رئيس الحكومة هشام مشيشي: اعتقد انه ماض في الطريق الصحيح وأتمنى له النجاح.

رئيس مجلس النواب راشد الغنوشي: مهما يقال عليه اثبت انه رجل سياسة محنك.

رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي: لم تفهم التاريخ.

رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي: رجل سياسة مقاوم استطاع ان يحارب ضد التيار وبدأ يحقق النتائج.

*ماذا تعلمت من المرحوم الباجي قايد السبسي؟

تعلمت من الباجي قايد السبسي الصبر في العمل السياسي والمرونة لكننا تسرعنا في الخلاف معه في بعض الجوانب بسبب قلة التجربة.

* في ماذا اخطأ قايد السبسي؟

-في التخلي عن الحبيب الصيد واختيار يوسف الشاهد وهذا خطأ قاتل.

* النهضة كذلك تخلت عنه؟

-النهضة أجبرت على التخلي عن الحبيب الصيد.

* هل انت مع من يقول ان يوسف الشاهد مازال يحكم من وراء الستار؟

-مازالت اثار يوسف الشاهد في الحياة السياسة وطرق التسيير التي اعتمدها مازالت موجودة في بعض الدوائر وبقاياه في السلطة لكن خارج اطار خطة قيس سعيد لا مستقبل ليوسف الشاهد.

 

أجرت الحوار : جهاد الكلبوسي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews