إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

كمال العكروت لـ"الصباح نيوز": هذه نصيحتي لسعيد...وموقفي من الحوار الوطني وتغيير النظام السياسي

تعيش تونس اليوم في ظل وهن سياسيّ يتّسم بالاحتقان والغموض في التوجّهات السّياسيّة العامّة واستفحال التحدّيات الاقتصاديّة والاجتماعيّة الّتي باتت تهدّد استقرار البلاد وتنذر ببروز أزمات اقتصاديّة واجتماعيّة خانقة بالأخصّ بعد انتشار جائحة فيروس كورونا المستجدّ " كوفيد 19 ".

وبالتّوازي مع ذلك، يشهد مجلس نواب الشعب انقسامات وتجاذبات عديدة بين الكتل النّيابيّة والحكومة والأحزاب السّياسيّة وافتقادا إلى وحدة في القرار بين مؤسّسات الدّولة وهياكلها من جهة، وضعف التّنسيق في العمل بينها، من جهة أخرى، وعدم تركيز على تقديم الحلول لمشاكل الشّعب، من جهة ثالثة.

وقد ولّد هذا الواقع أزمة حادّة في عمل أجهزة الدّولة، والحال أنّنا في حاجة أكيدة، أكثر من أيّ وقت مضى، إلى رؤية استراتيجيّة وطنيّة موحّدة في كلّ المجالات.

وفي هذا الظّرف الرّهن، دعا رئيس الجمهوريّة قيس سعيد إلى تغيير النّظام السّياسيّ والقانون الانتخابيّ.

وحول موقفه من جميع هذه التطورات ، كان لـ"الصباح نيوز" الحوار التالي مع المستشار السابق برئاسة الجمهورية  ،الاميرال كمال العكروت :

هل وضع تونس الحالي يسمح بإجراء استفتاء لتغيير النّظام السّياسيّ؟

يمكن أن يكون الاستفتاء على تغيير النظام السياسي حلاّ عندما تنحبس الأوضاع السّياسيّة وتصبح الآليّات السّياسيّة الموجودة عاجزة عن الخروج من مأزق الصّراعات وتكرار المشهد المعطِّل للعمل السّياسيّ النّاجع، دون أفق للخروج منها حتّى مع إجراء الانتخابات، لكنّ الإشكالية لا تتمثّل اليوم في انحباس المشهد وحده بل في طبيعة القوى السّياسيّة نفسها الّتي أثبتت عدم كفاءتها وعجزها عن إيجاد الحلول للأزمات المتراكمة منذ سنوات.

لذا، أرى أنّ الحلّ يبدأ، قبل تغيير النّظام السّياسيّ، ببعث توازن جديد عبر بناء كتلة سياسيّة وطنيّة قويّة تجمع أكثر القوى الوطنيّة تعبيرا عن إرادة التّونسيّين في العيش الكريم بعيدا عن الأزمات المفتعلة حول الهويّة والتّاريخ والعلاقات مع الآخر. فلا يعني التونسيّ غير أن يكون تونسيّا كما عهدناه، واثقا من نفسه متفتّحا على العالم دون عُقد فاعلا بمختلف قواه الحيّة دون قيد أو شرط.

هل يمكن المشاركة في أشغال حوار وطنيّ لإقامة نظام سياسيّ جديد وتعديل دستوريّ؟

يعدّ الحوار قيمة محوريّة ورئيسيّة بالنّسبة إلى ظروفنا الرّاهنة، فهو مطلب لا يمكن للإنسانيّة أن تستغني عنه إذا أرادت أن تعيش بمنأى عن الخلافات والانشقاقات والصّراعات، فالحوار هو المنهج الصّحيح للتّفاهم والتّعايش والتّواصل بين الأفراد والجماعات وبين الشّعوب والأمم. فهو يمثّل أسلوبا تخاطبيّا يهدف إلى تنظيم العلاقات الإنسانيّة، من جهة، والعمل على تواصلها، من جهة أخرى.

من هنا، بات من الواضح أن المشاركة في أشغال حوار وطنيّ لإقامة نظام سياسيّ جديد وتعديل دستوري، تعدّ من الأسس الدّيموقراطيّة المراعية لطموحات الشّعب والدّاعمة لتحقيق أهدافه. فلا يكون الحوار الوطنيّ، وهو حوار سياسيّ في هذه الحالة، إلاّ في إطار محاولة التّقريب بين الأطراف السّياسيّة المتنافرة حول نقاط أساسيّة تجمعها لحلّ أزمة معيّنة.

لكن ليس من مهامّ الحوار الوطنيّ تغيير النّظام السّياسيّ، فهذا من مشمولات البرلمان أو هو يدخل في إمكانيّة دعوة الرّئيس، وفق صلاحياته التي يكفلها الدّستور، إلى إجراء استفتاء شعبيّ في الغرض.

ما هو الحلّ الأنسب اليوم للبلاد بين مطالبة البعض بإسقاط حكومة المشيشي ودعوة آخرين إلى تشكيل حكومة سياسيّة أو المرور إلى انتخابات سابقة لأوانها؟

إحداث أيّ فراغ ليس من مصلحة البلاد، نحن لسنا من دعاة الانقلابات أو إسقاط الحكومات، لكنّنا بالتأكيد لسنا راضين عن أداء الحكومة ولا الرئيس في هذه الفترة العصيبة والمفصلية من تاريخ تونس، فكأنّ الشلل أصاب كل العقول والسّواعد وانحبست الأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة على خلفيّة انحباس الوضع السّياسيّ العام دون أن يرى التّونسيّون أفقا للحلّ.

ما نراه حلاّ، بالفعل، هو إعادة بناء المشهد السّياسيّ برمّته من خلال دعوة الشّعب بشبابه ونسائه ورجاله إلى الانخراط في مشروع وطنيّ جديد يفتح أبواب الأمل للجميع ويطرح توازنات جديدة وحركيّة كبرى في اتّجاه تغيير منظومة العمل الوطنيّ في كلّ المستويات والمجالات بما في ذلك السّياسيّ. نحن ندعو التّونسيّين إلى استعادة وطنهم من خلال الفعل السّياسيّ والعمل في مختلف المواقع على مشروع وطنيّ مستقبليّ الأبعاد نتشارك جميعا في رسم معالمه دون حدود للحلم والأمل. فالتونسيّون قادرون على رفع تحدّيات الحاضر والمستقبل وتجاوز الأوضاع الحاليّة.

فمشروعنا لا يكتفي بتغيير مجلّة الانتخابات أو النّظام السّياسيّ، فهذه أمور شكليّة يمكن إنجازها في كلّ وقت ولا تستحقّ منّا اليوم التوقّف عندها وكأنّها الهدف الأسمى، فالأهمّ هو تغيير التّوازنات السّياسيّة المختلّة لصالح النّهج الوطنيّ الأصيل في أقرب وقت ممكن قصد كسب المعارك السّياسيّة القادمة لصالح التّونسيّين ولأجل الدفّاع عن تونسيّتهم وضمان مستقبلهم.

تحدث مؤخرا رئيس الجمهوريّة عن تخطيط لإزاحته من المنصب عبر الاغتيال، تقييمكم لهذه التّصريحات

من الغريب أن يتّهم رئيس الجمهورية في اجتماع رسميّ وعلني، أطرافا لم يسمّها بالسّفر إلى الخارج والتّنسيق مع دول أجنبيّة للتخلّص منه بكلّ الطّرق ولو بالاغتيال.

هذه اتهامات في غاية الخطورة وهي تهم بالخيانة العظمى قد تصل العقوبة فيها إلى الإعدام. ورغم ذلك، لم يقم الرّئيس بإعلام السّلط القضائيّة، سواء منها المدنيّة أو العسكريّة، للبحث في الموضوع وإيقاف الضّالعين في هذه المؤامرة.

إذا كان ما ذكره الرّئيس صحيحا، فإن السّكوت عنه يُعدّ خطيرا ويُعتبر جريمة أكبر ولا يزيد المشهد السّياسيّ الا ترذلا.

ماهي نصيحتك لرئيس الجمهورية باعتبارك كنت تشغل منصب المستشار السابق للأمن القومي في عهد الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي؟

لو تمت استشارتي لاقترحت عليه تفعيل صلوحياته كاملة وخاصة منها تفعيل دور مجلس الامن القومي ولجانه الخمس عشرة وكذلك تفعيل المركز الوطني للاستخبارات والاستعلامات المنصوص عليه بالامر الحكومي 71 لسنة 2017.

اميرة الدريدي

كمال العكروت لـ"الصباح نيوز": هذه نصيحتي لسعيد...وموقفي من الحوار الوطني وتغيير النظام السياسي

تعيش تونس اليوم في ظل وهن سياسيّ يتّسم بالاحتقان والغموض في التوجّهات السّياسيّة العامّة واستفحال التحدّيات الاقتصاديّة والاجتماعيّة الّتي باتت تهدّد استقرار البلاد وتنذر ببروز أزمات اقتصاديّة واجتماعيّة خانقة بالأخصّ بعد انتشار جائحة فيروس كورونا المستجدّ " كوفيد 19 ".

وبالتّوازي مع ذلك، يشهد مجلس نواب الشعب انقسامات وتجاذبات عديدة بين الكتل النّيابيّة والحكومة والأحزاب السّياسيّة وافتقادا إلى وحدة في القرار بين مؤسّسات الدّولة وهياكلها من جهة، وضعف التّنسيق في العمل بينها، من جهة أخرى، وعدم تركيز على تقديم الحلول لمشاكل الشّعب، من جهة ثالثة.

وقد ولّد هذا الواقع أزمة حادّة في عمل أجهزة الدّولة، والحال أنّنا في حاجة أكيدة، أكثر من أيّ وقت مضى، إلى رؤية استراتيجيّة وطنيّة موحّدة في كلّ المجالات.

وفي هذا الظّرف الرّهن، دعا رئيس الجمهوريّة قيس سعيد إلى تغيير النّظام السّياسيّ والقانون الانتخابيّ.

وحول موقفه من جميع هذه التطورات ، كان لـ"الصباح نيوز" الحوار التالي مع المستشار السابق برئاسة الجمهورية  ،الاميرال كمال العكروت :

هل وضع تونس الحالي يسمح بإجراء استفتاء لتغيير النّظام السّياسيّ؟

يمكن أن يكون الاستفتاء على تغيير النظام السياسي حلاّ عندما تنحبس الأوضاع السّياسيّة وتصبح الآليّات السّياسيّة الموجودة عاجزة عن الخروج من مأزق الصّراعات وتكرار المشهد المعطِّل للعمل السّياسيّ النّاجع، دون أفق للخروج منها حتّى مع إجراء الانتخابات، لكنّ الإشكالية لا تتمثّل اليوم في انحباس المشهد وحده بل في طبيعة القوى السّياسيّة نفسها الّتي أثبتت عدم كفاءتها وعجزها عن إيجاد الحلول للأزمات المتراكمة منذ سنوات.

لذا، أرى أنّ الحلّ يبدأ، قبل تغيير النّظام السّياسيّ، ببعث توازن جديد عبر بناء كتلة سياسيّة وطنيّة قويّة تجمع أكثر القوى الوطنيّة تعبيرا عن إرادة التّونسيّين في العيش الكريم بعيدا عن الأزمات المفتعلة حول الهويّة والتّاريخ والعلاقات مع الآخر. فلا يعني التونسيّ غير أن يكون تونسيّا كما عهدناه، واثقا من نفسه متفتّحا على العالم دون عُقد فاعلا بمختلف قواه الحيّة دون قيد أو شرط.

هل يمكن المشاركة في أشغال حوار وطنيّ لإقامة نظام سياسيّ جديد وتعديل دستوريّ؟

يعدّ الحوار قيمة محوريّة ورئيسيّة بالنّسبة إلى ظروفنا الرّاهنة، فهو مطلب لا يمكن للإنسانيّة أن تستغني عنه إذا أرادت أن تعيش بمنأى عن الخلافات والانشقاقات والصّراعات، فالحوار هو المنهج الصّحيح للتّفاهم والتّعايش والتّواصل بين الأفراد والجماعات وبين الشّعوب والأمم. فهو يمثّل أسلوبا تخاطبيّا يهدف إلى تنظيم العلاقات الإنسانيّة، من جهة، والعمل على تواصلها، من جهة أخرى.

من هنا، بات من الواضح أن المشاركة في أشغال حوار وطنيّ لإقامة نظام سياسيّ جديد وتعديل دستوري، تعدّ من الأسس الدّيموقراطيّة المراعية لطموحات الشّعب والدّاعمة لتحقيق أهدافه. فلا يكون الحوار الوطنيّ، وهو حوار سياسيّ في هذه الحالة، إلاّ في إطار محاولة التّقريب بين الأطراف السّياسيّة المتنافرة حول نقاط أساسيّة تجمعها لحلّ أزمة معيّنة.

لكن ليس من مهامّ الحوار الوطنيّ تغيير النّظام السّياسيّ، فهذا من مشمولات البرلمان أو هو يدخل في إمكانيّة دعوة الرّئيس، وفق صلاحياته التي يكفلها الدّستور، إلى إجراء استفتاء شعبيّ في الغرض.

ما هو الحلّ الأنسب اليوم للبلاد بين مطالبة البعض بإسقاط حكومة المشيشي ودعوة آخرين إلى تشكيل حكومة سياسيّة أو المرور إلى انتخابات سابقة لأوانها؟

إحداث أيّ فراغ ليس من مصلحة البلاد، نحن لسنا من دعاة الانقلابات أو إسقاط الحكومات، لكنّنا بالتأكيد لسنا راضين عن أداء الحكومة ولا الرئيس في هذه الفترة العصيبة والمفصلية من تاريخ تونس، فكأنّ الشلل أصاب كل العقول والسّواعد وانحبست الأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة على خلفيّة انحباس الوضع السّياسيّ العام دون أن يرى التّونسيّون أفقا للحلّ.

ما نراه حلاّ، بالفعل، هو إعادة بناء المشهد السّياسيّ برمّته من خلال دعوة الشّعب بشبابه ونسائه ورجاله إلى الانخراط في مشروع وطنيّ جديد يفتح أبواب الأمل للجميع ويطرح توازنات جديدة وحركيّة كبرى في اتّجاه تغيير منظومة العمل الوطنيّ في كلّ المستويات والمجالات بما في ذلك السّياسيّ. نحن ندعو التّونسيّين إلى استعادة وطنهم من خلال الفعل السّياسيّ والعمل في مختلف المواقع على مشروع وطنيّ مستقبليّ الأبعاد نتشارك جميعا في رسم معالمه دون حدود للحلم والأمل. فالتونسيّون قادرون على رفع تحدّيات الحاضر والمستقبل وتجاوز الأوضاع الحاليّة.

فمشروعنا لا يكتفي بتغيير مجلّة الانتخابات أو النّظام السّياسيّ، فهذه أمور شكليّة يمكن إنجازها في كلّ وقت ولا تستحقّ منّا اليوم التوقّف عندها وكأنّها الهدف الأسمى، فالأهمّ هو تغيير التّوازنات السّياسيّة المختلّة لصالح النّهج الوطنيّ الأصيل في أقرب وقت ممكن قصد كسب المعارك السّياسيّة القادمة لصالح التّونسيّين ولأجل الدفّاع عن تونسيّتهم وضمان مستقبلهم.

تحدث مؤخرا رئيس الجمهوريّة عن تخطيط لإزاحته من المنصب عبر الاغتيال، تقييمكم لهذه التّصريحات

من الغريب أن يتّهم رئيس الجمهورية في اجتماع رسميّ وعلني، أطرافا لم يسمّها بالسّفر إلى الخارج والتّنسيق مع دول أجنبيّة للتخلّص منه بكلّ الطّرق ولو بالاغتيال.

هذه اتهامات في غاية الخطورة وهي تهم بالخيانة العظمى قد تصل العقوبة فيها إلى الإعدام. ورغم ذلك، لم يقم الرّئيس بإعلام السّلط القضائيّة، سواء منها المدنيّة أو العسكريّة، للبحث في الموضوع وإيقاف الضّالعين في هذه المؤامرة.

إذا كان ما ذكره الرّئيس صحيحا، فإن السّكوت عنه يُعدّ خطيرا ويُعتبر جريمة أكبر ولا يزيد المشهد السّياسيّ الا ترذلا.

ماهي نصيحتك لرئيس الجمهورية باعتبارك كنت تشغل منصب المستشار السابق للأمن القومي في عهد الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي؟

لو تمت استشارتي لاقترحت عليه تفعيل صلوحياته كاملة وخاصة منها تفعيل دور مجلس الامن القومي ولجانه الخمس عشرة وكذلك تفعيل المركز الوطني للاستخبارات والاستعلامات المنصوص عليه بالامر الحكومي 71 لسنة 2017.

اميرة الدريدي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews