كانت الطريق الى بيته مليئة بالأشواك.وسط شبه جنان صغير بدا قبره مرميا، متروكا مثل قبور الغرباء. يحيط بالقبر اشواك الهندي. انه على كل حال قبر رمزي. فهل قبور الزعماء، حتى ان كانت رمزية، تستحق هذا القدر من النسيان؟
لا يتعلق الامر بقبر منسي فقط فحتى ذلك البيت الذي شهد يوما على ميلاد زعيم وطني بدا حزينا وجدرانه تشهد على كثير من الم الذاكرة المفقودة التي تكاد ملامحها تنمحي فينساها النشا ونصبح مبتورين من ذاكرتنا ونفقد بوصلة المستقبل.
ها هنا إذا، ولد الزعيم الروحي لكل النقابيين في العالم العربي؟ في ثنايا بيت نبتت على جنباته اليوم اشواك وحشائش وعششت بين اركانه اسراب الطيور.
لعلها كلها أكثر عرفانا من رفقاء درب فرحات حشاد. لعل تلك الطيور التي تعود للتفريخ وسط باحة بيت ايل للسقوط أكثر التصاقا من نقابيين نسمعهم دائما يستشهدون بتاريخ فرحات حشاد ولكنهم يمرون كل عام على بيته المتهالك في منطقة العباسية من جزيرة قرقنة، يمرون عليه مرور الكرام غير العابئين بتاريخ شخصية نقابية طبعت التاريخ و تركت بصمتها محليا و عالميا.
في كل عام يأتي وفد من الاتحاد العام التونسي للشغل للاحتفال بذاكرة الحبيب عاشور، فهل فاهم ان يمروا ببيت فرحات حشاد التي تبق بيت عاشور ببضع أمتار فقط؟
هنا إذا بين الحشائش والاشواك يرقد قبر رمزي ويمتد بيت متهالك لزعيم الحركة النقابية في تونس مؤسس الاتحاد العام التونسي للشغل فرحات حشاد.
وسط الأشواك وبين ثنايا هذا البيت المتهاوي ولد زعيم نقابي تونسي، أسس الاتحاد التونسي العام للشغل، أول منظمة نقابية في العالم العربي وأفريقيا، تزعم الكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي ودافع عن حقوق العمال وساهم في تحصيل الاستقلال.
فرحات حشاد الاب لثلاثة أبناء واب الحركة النقابية، لم يجد بين أبنائه اليوم ابنا بارا به يرمم جدران بيت طفولته الذي تربى فيه بيته المتهالك الذي كان شاهدا على نشأة الرمز.
فرحات حشاد الذي كان محاطا بمعارفه النقابية والثقافية والسياسية ممن يرون فيه مرجعا لهم، أصبح اليوم بالنسبة لهم اسما يعودون اليه ليعدوا مناقب الاتحاد وينفخون في صورة اسمه ليكون أصلا تجاريا، شخصية لم تستحق منهم مجرد حفظ الذكرى في بيت ولد فيه أول أمين عام للاتحاد العام التونسي بعد تأسيسه عام 1946 وعين وقتها عضوا مساعدا للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات الحرة "السيزل" مكلفا بالشؤون الإفريقية.
فرحات حشاد الذي دفع حياته ذات 5 ديسمبر 1952 وعثر على جثته في طريق بمنطقة نعسان وعليها آثار طلقة نارية في الرأس ووابل من الرصاص في الجسم، رفقاؤه من النقابيين وأبناؤه من نسله، يواصلون اليوم احياء ذكراه في كل عام فمن يتذكر يا ترى هذا القبر الرمزي المنسي وهذا البيت الذي أصبح يشبه ظلمة ذلك اليوم الذي اغتيل فيها غدرا من مستعمر رأى فيه شعلة ستقود للاستقلال لو بقيت على قيد الحياة.
حظ عاشور اوفر من العرفان..
كان الحبيب عاشور رفيق فرحات حشاد، يفصلهما عام فقط في العمر وجمع بينهما عمر من النضال في صلب الحركة النقابية. فرحات حشاد رفيق الطفولة للحبيب عاشور لا يفصل بين بيتي الرجلين سوى بضع أمتار. كان الطريق الى بيت المرحوم الحبيب عاشور معبدا غير مليء بالأشواك، بدت جدرانه متماسكة تشهد على عناية العائلة به اكراما لروح الفقيد.
بدا بيت الزعيم الوطني والنقابي الحبيب عاشور الذي وافاه الأجل عام 1999 اوفر حظا من بيت رفيق طفولته:رغم ان عاشور يعد هو الاخر من أبرز وجوه الحركة النقابية منذ تأسيسها وأيقونتها مع زعيمها المؤسس فرحات حشاد..
وحتى قبر الحبيب عاشور أيضا بدا اوفر حظا من العناية. سلكنا الطريق اليه، تم تعبيدها منذ فترة وجيزة. وسط جنان الكروم في منطقة العباسية، دخلنا روضة المرحوم الخبيب عاشور التي هياها الاتحاد العام التونسي للشغل بمبلغ قدره خمي مائة الف دينار.
بدت الروضة أجمل من تلك التي تركناها لقبر منسي وسط الاشواك. كانت اثار رفاق الدرب النقابي للحبيب عاشور بادية على المكان فقد تم بناء قبر من الرحام محاط بقبور عائلة الخبيب عاشور. وسط باحة في المقبرة لافتة تشهد ان أعضاء الاتحاد مروا من هناك وتركوا بصمة العرفان بمناقب الرجل.
مناقب لرجلين تركا بصمة عميقة في تاريخ الحركة النقابية ومسيرة الاستقلال للشعب التونسي.
على مقربة من قبل عاشور كانت ترقد زوجة فرحة حشاد وحيدة، مسيجة القبر. شعرت بوحدتها، لعلها مثلي تستغرب نومها وحيدو وسط غربة المقابر، فما ضر لو كانت محاطة برفيق دربها، زوجها الذي افنت عمرها تربي اطفاله، زوجها الذي كانت معه تقود مسيرة وضع حجر النضال الذي زعزع عروش المستعمر الفرنسي.
ها هنا حيث يرقد الزعماء كنت اشعر ان احدهم غائب عن السرب،كنت اشعر انه متروك فقط لوحشته حيث يرقد هناك بعيدا: فلو كان حشاد حيا هل كان سيوصي بدفنه في مسقط راسه قرقنة مثلما كان شان الحبيب عاشور الذي عاش بعده طويلا و كان له من الوقت ما يكفي لترك الوصية؟
فرفقا بذكرى فرحات حشاد، فقد غدرته رصاصة لم تمنحه فرصة ان يوصيكم ببيته وقبره خيرا...رفقا بالرموز فالطريق الى بيت حشاد وقبرهمليء بالأشواك..
كانت الطريق الى بيته مليئة بالأشواك.وسط شبه جنان صغير بدا قبره مرميا، متروكا مثل قبور الغرباء. يحيط بالقبر اشواك الهندي. انه على كل حال قبر رمزي. فهل قبور الزعماء، حتى ان كانت رمزية، تستحق هذا القدر من النسيان؟
لا يتعلق الامر بقبر منسي فقط فحتى ذلك البيت الذي شهد يوما على ميلاد زعيم وطني بدا حزينا وجدرانه تشهد على كثير من الم الذاكرة المفقودة التي تكاد ملامحها تنمحي فينساها النشا ونصبح مبتورين من ذاكرتنا ونفقد بوصلة المستقبل.
ها هنا إذا، ولد الزعيم الروحي لكل النقابيين في العالم العربي؟ في ثنايا بيت نبتت على جنباته اليوم اشواك وحشائش وعششت بين اركانه اسراب الطيور.
لعلها كلها أكثر عرفانا من رفقاء درب فرحات حشاد. لعل تلك الطيور التي تعود للتفريخ وسط باحة بيت ايل للسقوط أكثر التصاقا من نقابيين نسمعهم دائما يستشهدون بتاريخ فرحات حشاد ولكنهم يمرون كل عام على بيته المتهالك في منطقة العباسية من جزيرة قرقنة، يمرون عليه مرور الكرام غير العابئين بتاريخ شخصية نقابية طبعت التاريخ و تركت بصمتها محليا و عالميا.
في كل عام يأتي وفد من الاتحاد العام التونسي للشغل للاحتفال بذاكرة الحبيب عاشور، فهل فاهم ان يمروا ببيت فرحات حشاد التي تبق بيت عاشور ببضع أمتار فقط؟
هنا إذا بين الحشائش والاشواك يرقد قبر رمزي ويمتد بيت متهالك لزعيم الحركة النقابية في تونس مؤسس الاتحاد العام التونسي للشغل فرحات حشاد.
وسط الأشواك وبين ثنايا هذا البيت المتهاوي ولد زعيم نقابي تونسي، أسس الاتحاد التونسي العام للشغل، أول منظمة نقابية في العالم العربي وأفريقيا، تزعم الكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي ودافع عن حقوق العمال وساهم في تحصيل الاستقلال.
فرحات حشاد الاب لثلاثة أبناء واب الحركة النقابية، لم يجد بين أبنائه اليوم ابنا بارا به يرمم جدران بيت طفولته الذي تربى فيه بيته المتهالك الذي كان شاهدا على نشأة الرمز.
فرحات حشاد الذي كان محاطا بمعارفه النقابية والثقافية والسياسية ممن يرون فيه مرجعا لهم، أصبح اليوم بالنسبة لهم اسما يعودون اليه ليعدوا مناقب الاتحاد وينفخون في صورة اسمه ليكون أصلا تجاريا، شخصية لم تستحق منهم مجرد حفظ الذكرى في بيت ولد فيه أول أمين عام للاتحاد العام التونسي بعد تأسيسه عام 1946 وعين وقتها عضوا مساعدا للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات الحرة "السيزل" مكلفا بالشؤون الإفريقية.
فرحات حشاد الذي دفع حياته ذات 5 ديسمبر 1952 وعثر على جثته في طريق بمنطقة نعسان وعليها آثار طلقة نارية في الرأس ووابل من الرصاص في الجسم، رفقاؤه من النقابيين وأبناؤه من نسله، يواصلون اليوم احياء ذكراه في كل عام فمن يتذكر يا ترى هذا القبر الرمزي المنسي وهذا البيت الذي أصبح يشبه ظلمة ذلك اليوم الذي اغتيل فيها غدرا من مستعمر رأى فيه شعلة ستقود للاستقلال لو بقيت على قيد الحياة.
حظ عاشور اوفر من العرفان..
كان الحبيب عاشور رفيق فرحات حشاد، يفصلهما عام فقط في العمر وجمع بينهما عمر من النضال في صلب الحركة النقابية. فرحات حشاد رفيق الطفولة للحبيب عاشور لا يفصل بين بيتي الرجلين سوى بضع أمتار. كان الطريق الى بيت المرحوم الحبيب عاشور معبدا غير مليء بالأشواك، بدت جدرانه متماسكة تشهد على عناية العائلة به اكراما لروح الفقيد.
بدا بيت الزعيم الوطني والنقابي الحبيب عاشور الذي وافاه الأجل عام 1999 اوفر حظا من بيت رفيق طفولته:رغم ان عاشور يعد هو الاخر من أبرز وجوه الحركة النقابية منذ تأسيسها وأيقونتها مع زعيمها المؤسس فرحات حشاد..
وحتى قبر الحبيب عاشور أيضا بدا اوفر حظا من العناية. سلكنا الطريق اليه، تم تعبيدها منذ فترة وجيزة. وسط جنان الكروم في منطقة العباسية، دخلنا روضة المرحوم الخبيب عاشور التي هياها الاتحاد العام التونسي للشغل بمبلغ قدره خمي مائة الف دينار.
بدت الروضة أجمل من تلك التي تركناها لقبر منسي وسط الاشواك. كانت اثار رفاق الدرب النقابي للحبيب عاشور بادية على المكان فقد تم بناء قبر من الرحام محاط بقبور عائلة الخبيب عاشور. وسط باحة في المقبرة لافتة تشهد ان أعضاء الاتحاد مروا من هناك وتركوا بصمة العرفان بمناقب الرجل.
مناقب لرجلين تركا بصمة عميقة في تاريخ الحركة النقابية ومسيرة الاستقلال للشعب التونسي.
على مقربة من قبل عاشور كانت ترقد زوجة فرحة حشاد وحيدة، مسيجة القبر. شعرت بوحدتها، لعلها مثلي تستغرب نومها وحيدو وسط غربة المقابر، فما ضر لو كانت محاطة برفيق دربها، زوجها الذي افنت عمرها تربي اطفاله، زوجها الذي كانت معه تقود مسيرة وضع حجر النضال الذي زعزع عروش المستعمر الفرنسي.
ها هنا حيث يرقد الزعماء كنت اشعر ان احدهم غائب عن السرب،كنت اشعر انه متروك فقط لوحشته حيث يرقد هناك بعيدا: فلو كان حشاد حيا هل كان سيوصي بدفنه في مسقط راسه قرقنة مثلما كان شان الحبيب عاشور الذي عاش بعده طويلا و كان له من الوقت ما يكفي لترك الوصية؟
فرفقا بذكرى فرحات حشاد، فقد غدرته رصاصة لم تمنحه فرصة ان يوصيكم ببيته وقبره خيرا...رفقا بالرموز فالطريق الى بيت حشاد وقبرهمليء بالأشواك..