إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

النّصف الأوّل من رمضان "بلون الدم" مختصّ في علم النفس لـ"الصباح نيوز": العنف في  الدراما التلفزية..  

*انعدام ضوابط للسلوك خلال التفاعل البشري

*التحكم في الانفعالات مسار طويل يبدأ من البيئة الأسرية وتهذبه المؤسسة التربوية

*الاشتغال مجتمعيا على الجانب الوقائي

لئن كان شهر رمضان شهر اختبار الذات وتدريبها على الصبر ومغالبة الأهواء والرغبات والانفعالات والتحكم في سلوكنا وضبطه إلا أن ما يلفت الانتباه خلال الأيام الفارطة من شهر الصيام هو بعض الاعمال الرمضانية التي جاءت مغرقة  في العنف.

عنف في الدراما التونسية حاولنا ان نقف على تاثيراته و امتداده للمجتمع  إلى درجة ارتكاب جرائم القتل خاصة في هذا الشهر الكريم الذي يستغله البعض للعبادات والتقرب أكثر من الله ولكن البعض الآخر لم يتوان فيه عن إزهاق أرواح بشرية بدافع  "حشيشة رمضان".

فقد سجلت في النصف الأول من رمضان سبعة جرائم قتل، آخرها جد مساء أمس الأحد بمنطقة الحرقوسية  بمعتمدية بنان بالمنستير راح ضحيتها حارس بمصنع يبلغ من العمر 40 سنة، كما جدت فجر الجمعة 30 أفريل 2021 جريمة قتل بجهة مرناق والضحية يبلغ من العمر 62 سنة بعد تعرضه إلى عملية طعن من طرف شخص آخر داخل سيارة نقل ريفي.

جريمة قتل أخرى شهدتها منطقة العقبة راح ضحيتها رجل أعمال بعد اقتحام منزله أثناء موعد الإفطار، شاب يقتل ابن عمه بمنطقة القصرين، وآخر يجهز على  جارته بمدينة سوسة لأنها نهته عن استعمال كلبه الشرس لترهيب الأجوار، جريمة قتل أخرى كانت اهتزت لها  منطقة جلمة بولاية سيدي بوزيد وراح ضحيتها شيخ على يد ابن عمه بعد  نشوب خلاف  بين الجاني وهو شيخ يبلغ من العمر  66 سنة  وابن عمه الهالك والبالغ من العمر 69 عاما بسبب حد يفصل بين قطعة أرض تابعة للضحية وأخرى تابعة للهالك، كما اهتزت معتمدية السرس بالكاف على وقع جريمة قتل فظيعة راحت ضحيتها امرأة تبلغ من العمر  48 سنة على يد جارها.

  فما هي دوافع وأسباب هذه الجرائم وهل أن مرتكبيها مجرمون بالفطرة؟

رغم أنها جرائم قتل وقعت في شهر رمضان ولكن من المؤكد حسب إفادة عبد الباسط الفقيه المختص في علم النفس لـ"الصباح نيوز" أنها ارتكبت ليس بسبب الصيام ولكن بسبب التوتر المصاحب في هذا الشهر معتبرا أن المشكلة الكبيرة في تونس انعدام ضوابط للسلوك خلال  التفاعل البشري بين الناس فكلما تكون هناك قدرة على إدارة تلك الضوابط كلما تكون موجودة ومتجذرة  في الأذهان كلما كان ضبط النفس أكثر والتحكم في الانفعالات أكثر.

جرائم فسرها المختص في علم النفس عبد الباسط الفقيه  بأنها ليست مرتبطة بالصيام مثلما سبق وأن بين ذلك    ولكن مرتبطة بالتوتر الذي اعتاد الناس عيشه في هذا الشهر الكريم، التوتر المصاحب المنجر عن الحرمان من بعض العادات كتدخين السجائر. احتساء القهوة... مضيفا أن الأشخاص الذين لا يتحكمون في أعصابهم ويردون ردود فعل عنيفة تصل حد ارتكاب جريمة قتل لأتفه الأسباب  لم يتعلموا كيفية  إدارة انفعالاتهم،  وخصوصا إدارة الغضب، فالغضب طاقة جبارة وإذا لم تقع إدارته جيدا يمكن أن يتحول إلى عنف شديد سواء تجاه الذات أو تجاه الآخرين، لذلك يجب أن نتعود في تربيتنا وبيئتنا كيفية إدارة غضبنا وتوتراتنا وضبط  أنفسنا أكثر.

ويلاحظ المختص في علم. النفس أن التدرب على التحكم في الانفعالات مسار طويل يبدأ من البيئة الأسرية وتهذبه التعاملات داخل المؤسسة التربوية،  فنحن نحتاج إلى تعلم إدارة انفعالاتنا فكلما تعلمنا إدارة انفعالاتنا وتوتراتنا كلما كان تعاملنا مع الآخرين جيدا وإحساسنا بالحياة أفضل، وكل شخص ليس له القدرة على إدارة غضبه وتوتراته فإنه يسقط في مربع العنف سواء عنف  لفظي أو جسدي يصل حد ارتكاب جريمة ثم  في لحظة تعقل أغلب مرتكبي الجرائم  يعبرون عن ندمهم ولكن بعد فوات الأوان في حين كان بالإمكان  ضبط النفس قبل وقوع الكارثة وتفادي النتائج السلبية الناجمة عن عدم التحكم في أعصابنا وتوتراتنا وكيفية إدارتها. مبينا أن عدم التحكم في توتراتنا سببه وجود خلل في التربية الأصلية لأننا اكتفينا بالتعلمات وتركنا التربية وان من قام بالجريمة لم يتشبع طيلة الفترة الماضية إلا بالتوترات من خلال ما يراه، ما يسمعه وما يعايشه مع الناس.

فنحن اليوم لو عالجنا المشكلات بعقل عوض أن ندعم هذه التوترات من خلال ما يصنع وما يرى وما يعايش سواء في الأغاني على غرار "الراب"  أو الخطابات السياسية وغيرها  أو بعض ما يمرر بالعديد من القنوات التلفزية على غرار "السيت كوم" المؤثر والمدمر في رمضان، كل ذلك  أثرا بشكل كبير على سلوك التونسي الذي أصبح يرى نفسه من خلال ذلك.

واعتبر المتحدث أن كاظمي الغيظ هم من يتجاوزون الخلافات بتعقل وروية لأن كتم الغيظ  أمر غير  سهل    فيه تسلط كبير على الانفعلات وهذا لا ينجح الا اذا كان  الإنسان تلقى تربية ومنظومة قيم تساعده على ذلك.

وخلص عبد الباسط الفقيه الى القول بأن ما نراه اليوم من رداءة وانفلات في الخطاب والعنف اللفظي والمادي الذي يسوق سواء من خلال الدراما التونسية او غيرها فكل تلك الأدوات قادرة على التأثير  على الآخر ويصبح غير قادر على تنظيم أفكاره بل ويصبح ذلك المحتوى هو الذي ينظم له أولوياته وأفكاره وبالتالي كل ما امتدت هذه المواد التي  تملأ رؤوسنا بمنظومات أخلاقية وقيمية  تتناقض مع شخصيتنا الأصلية كلما كان لها تأثير سلبي  على سلوكنا.

وشدد على ضرورة الاشتغال مجتمعيا على الجانب الوقائي بتهذيب البيئة التي نعيش فيها وزرع ثقافة إدارة التحكم في الانفعالات...

صباح الشابي

النّصف الأوّل من رمضان "بلون الدم"  مختصّ في علم النفس لـ"الصباح نيوز": العنف في  الدراما التلفزية..   

*انعدام ضوابط للسلوك خلال التفاعل البشري

*التحكم في الانفعالات مسار طويل يبدأ من البيئة الأسرية وتهذبه المؤسسة التربوية

*الاشتغال مجتمعيا على الجانب الوقائي

لئن كان شهر رمضان شهر اختبار الذات وتدريبها على الصبر ومغالبة الأهواء والرغبات والانفعالات والتحكم في سلوكنا وضبطه إلا أن ما يلفت الانتباه خلال الأيام الفارطة من شهر الصيام هو بعض الاعمال الرمضانية التي جاءت مغرقة  في العنف.

عنف في الدراما التونسية حاولنا ان نقف على تاثيراته و امتداده للمجتمع  إلى درجة ارتكاب جرائم القتل خاصة في هذا الشهر الكريم الذي يستغله البعض للعبادات والتقرب أكثر من الله ولكن البعض الآخر لم يتوان فيه عن إزهاق أرواح بشرية بدافع  "حشيشة رمضان".

فقد سجلت في النصف الأول من رمضان سبعة جرائم قتل، آخرها جد مساء أمس الأحد بمنطقة الحرقوسية  بمعتمدية بنان بالمنستير راح ضحيتها حارس بمصنع يبلغ من العمر 40 سنة، كما جدت فجر الجمعة 30 أفريل 2021 جريمة قتل بجهة مرناق والضحية يبلغ من العمر 62 سنة بعد تعرضه إلى عملية طعن من طرف شخص آخر داخل سيارة نقل ريفي.

جريمة قتل أخرى شهدتها منطقة العقبة راح ضحيتها رجل أعمال بعد اقتحام منزله أثناء موعد الإفطار، شاب يقتل ابن عمه بمنطقة القصرين، وآخر يجهز على  جارته بمدينة سوسة لأنها نهته عن استعمال كلبه الشرس لترهيب الأجوار، جريمة قتل أخرى كانت اهتزت لها  منطقة جلمة بولاية سيدي بوزيد وراح ضحيتها شيخ على يد ابن عمه بعد  نشوب خلاف  بين الجاني وهو شيخ يبلغ من العمر  66 سنة  وابن عمه الهالك والبالغ من العمر 69 عاما بسبب حد يفصل بين قطعة أرض تابعة للضحية وأخرى تابعة للهالك، كما اهتزت معتمدية السرس بالكاف على وقع جريمة قتل فظيعة راحت ضحيتها امرأة تبلغ من العمر  48 سنة على يد جارها.

  فما هي دوافع وأسباب هذه الجرائم وهل أن مرتكبيها مجرمون بالفطرة؟

رغم أنها جرائم قتل وقعت في شهر رمضان ولكن من المؤكد حسب إفادة عبد الباسط الفقيه المختص في علم النفس لـ"الصباح نيوز" أنها ارتكبت ليس بسبب الصيام ولكن بسبب التوتر المصاحب في هذا الشهر معتبرا أن المشكلة الكبيرة في تونس انعدام ضوابط للسلوك خلال  التفاعل البشري بين الناس فكلما تكون هناك قدرة على إدارة تلك الضوابط كلما تكون موجودة ومتجذرة  في الأذهان كلما كان ضبط النفس أكثر والتحكم في الانفعالات أكثر.

جرائم فسرها المختص في علم النفس عبد الباسط الفقيه  بأنها ليست مرتبطة بالصيام مثلما سبق وأن بين ذلك    ولكن مرتبطة بالتوتر الذي اعتاد الناس عيشه في هذا الشهر الكريم، التوتر المصاحب المنجر عن الحرمان من بعض العادات كتدخين السجائر. احتساء القهوة... مضيفا أن الأشخاص الذين لا يتحكمون في أعصابهم ويردون ردود فعل عنيفة تصل حد ارتكاب جريمة قتل لأتفه الأسباب  لم يتعلموا كيفية  إدارة انفعالاتهم،  وخصوصا إدارة الغضب، فالغضب طاقة جبارة وإذا لم تقع إدارته جيدا يمكن أن يتحول إلى عنف شديد سواء تجاه الذات أو تجاه الآخرين، لذلك يجب أن نتعود في تربيتنا وبيئتنا كيفية إدارة غضبنا وتوتراتنا وضبط  أنفسنا أكثر.

ويلاحظ المختص في علم. النفس أن التدرب على التحكم في الانفعالات مسار طويل يبدأ من البيئة الأسرية وتهذبه التعاملات داخل المؤسسة التربوية،  فنحن نحتاج إلى تعلم إدارة انفعالاتنا فكلما تعلمنا إدارة انفعالاتنا وتوتراتنا كلما كان تعاملنا مع الآخرين جيدا وإحساسنا بالحياة أفضل، وكل شخص ليس له القدرة على إدارة غضبه وتوتراته فإنه يسقط في مربع العنف سواء عنف  لفظي أو جسدي يصل حد ارتكاب جريمة ثم  في لحظة تعقل أغلب مرتكبي الجرائم  يعبرون عن ندمهم ولكن بعد فوات الأوان في حين كان بالإمكان  ضبط النفس قبل وقوع الكارثة وتفادي النتائج السلبية الناجمة عن عدم التحكم في أعصابنا وتوتراتنا وكيفية إدارتها. مبينا أن عدم التحكم في توتراتنا سببه وجود خلل في التربية الأصلية لأننا اكتفينا بالتعلمات وتركنا التربية وان من قام بالجريمة لم يتشبع طيلة الفترة الماضية إلا بالتوترات من خلال ما يراه، ما يسمعه وما يعايشه مع الناس.

فنحن اليوم لو عالجنا المشكلات بعقل عوض أن ندعم هذه التوترات من خلال ما يصنع وما يرى وما يعايش سواء في الأغاني على غرار "الراب"  أو الخطابات السياسية وغيرها  أو بعض ما يمرر بالعديد من القنوات التلفزية على غرار "السيت كوم" المؤثر والمدمر في رمضان، كل ذلك  أثرا بشكل كبير على سلوك التونسي الذي أصبح يرى نفسه من خلال ذلك.

واعتبر المتحدث أن كاظمي الغيظ هم من يتجاوزون الخلافات بتعقل وروية لأن كتم الغيظ  أمر غير  سهل    فيه تسلط كبير على الانفعلات وهذا لا ينجح الا اذا كان  الإنسان تلقى تربية ومنظومة قيم تساعده على ذلك.

وخلص عبد الباسط الفقيه الى القول بأن ما نراه اليوم من رداءة وانفلات في الخطاب والعنف اللفظي والمادي الذي يسوق سواء من خلال الدراما التونسية او غيرها فكل تلك الأدوات قادرة على التأثير  على الآخر ويصبح غير قادر على تنظيم أفكاره بل ويصبح ذلك المحتوى هو الذي ينظم له أولوياته وأفكاره وبالتالي كل ما امتدت هذه المواد التي  تملأ رؤوسنا بمنظومات أخلاقية وقيمية  تتناقض مع شخصيتنا الأصلية كلما كان لها تأثير سلبي  على سلوكنا.

وشدد على ضرورة الاشتغال مجتمعيا على الجانب الوقائي بتهذيب البيئة التي نعيش فيها وزرع ثقافة إدارة التحكم في الانفعالات...

صباح الشابي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews