إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مختص في علم الاجتماع لـ"الصباح نيوز":"الإدارة الموازية "أخطر من الحرب على الاحتكار

ان التوجه الحالي للدولة وإعلانها الحرب ضد الاحتكار وتوعد المضاربين من خلال تشديد العقوبات تصل حد السجن ضمن مراسيم رئاسية سيقع الإعلان عنها في ابانها من أجل وضع حد للمساس بقوت التونسيين خاصة في ظل "تغول" المحتكرين والمضاربين وعجز السلط الرقابة على ايقافهم.

وهو ما يطرح عدة تساؤلات تصب في خانة واحدة وهي هل يمكن أن تجدي القوانين والتشديد في العقوبات بخصوص المحتكرين والمضاربين نفعا.

في هذا السياق ذكر المختص في علم الاجتماع سامي نصر ل"الصباح نيوز" ان هذا الامر هو حديث الساعة وبات يلفت اهتمام كل مواطن تونسي اليوم .

وأضاف نصر ان عديد التجارب في تونس بينت ان النخب في وادي وعامة الناس في وادي آخر، مقرا بان تصريحات هذه  النخب مخالفة للمزاج الشعبي العام حيث ان المواطن يعاني بشكل كبير جدا من ارتفاع الأسعار وغياب المواد الضرورية.

في جانب آخر أشار محدثنا إلى ان عديد النخب وكأنها تعمد  الى القيام بعملية تحويل وجهة لتوجهات الحكومة.. وفي قراءة سوسيولوجية لمحدثنا ذكر ان الامر بات يقتضي ازالة الغطاء عما يتداول وهو "هل انت مع أو ضد قرارات رئيس الحكومة"؟ إذ أن الشعور الطاغي اليوم يتمثل في أن الشخص الذي يرغب في التعبير عن رأيه أصبحت تعتريه بعض المخاوف من أن يقع تصنيفه ضمن صف المؤيدين لرئاسة الجمهورية (او الحكومة)أو ضمن المخالفين لهما معرجا في الان ذاته انه يفترض على هذه النخب ان تعطي موقفها دون اخذ مسألة التوظيف لتصريحاتها.

ولاحظ محدثنا انه بالعودة لمسار 25جويلية وما اقتضاه من  استناد للفصل 80 الذي تم تطبيقه  نظرا لوجود خطر داهم مقرا في هذا الصدد بأن هناك استحالة لفهم الإجراءات التي تم اتخاذها دون فهم المعنى الحقيقي للخطر الداهم الذي أشارت اليه رئاسة الجمهورية ولم تضع اصبعها على الداء.

وضمن ذات القراءة السوسيولوجية للخطر الداهم او الجاثم أوضح محدثنا ان هذا الخطر هو ما يمكن ان نسميه الموازي الذي اصبح يهمين على الدولة وبلغة عالم الاجتماع الفرنسي ميشال كروزي يسمى "اللاشكلي" او "إدارة الظل" من حيث وجوده كظاهرة طبيعية.

وكشف محدثنا في ذات الجانب ان الحكومة كانت صريحة عندما تحدثت عن التجارة الموازية التي تعد أضعف حلقة في العالم الموازي او "اللاشكلي" لان هناك ما أخطر من التجارة الموازية وهو" الادارة الموازية "حيث نجد المسؤول و"المسؤول الموازي".. هذا العالم الموازي بات يهيمن على الدولة بشكل كبير .

ولاحظ مختص علم الاجتماع  ايضا ان خطأ الحكومة في هذه  الاجراءات التي وقع اتخاذها هو اهمالها لبعض الثغرات اولها انه تم التركيز على أضعف حلقة وهي التجارة الموازية وتم تناسي المغذي لها الذي يجعلها تنتعش وهو الإدارة الموازية، وبالتالي محاربة التجارة الموازية والاحتكار يبقى جهدا بسيطا جدا امام حجم "ماكينة" التجارة الموازية إذ أن "المافيات" و" اللوبيات" مهيمنة بشكل كبير وتستمد قوتها من شبكة العلاقات وراس مالها الاجتماعي من ذلك المعتمد والوالي والمديرين العامين وبالتالي كان يفترض اول إجراء يتخذ هو قطع شبكة علاقاتهم وهو ما لم يحصل وبالتالي فإن هذا العالم واصل عمله بأكثر قوة.

وافاد محدثنا ان جرائم الاحتكار والرشوة والفساد تسمى في علم الاجتماع الإجرامي "جرائم زئبقية" والإجراءات التي يحب اتخاذها لا يمكن المراهنة فيها على السياسة القضائية فقط وهو الخطأ الثاني الذي ارتكبته الحكومة التي راهنت فقط على السلطة القضائية أو الأمنية فقط.

وخلص محدثنا إلى أن "نزيف الموازي" فضلا عن الصيغ الاتصالية غير المجدية أوصل الحكومة إلى الفشل في كسب أطراف  أخرى تمد لها المساعدة لضرب "هيمنة الموازي"وبالتالي يعتقد محدثنا ان الحرب على الاحتكار والمضاربة فان الحكومة ظاهريا هي التي تمسك بزمام الامور من خلال اجهزتها الا انه عمليا فان صاحب القوة هو الماسك ب"اللوبيات الموازية" مضيفا "اكبر حرب تخوضها تونس اليوم ،والتي تعد أصعب من محاربة المستعمرالتي جاءت بالاستقلال ، هي حرب استقلال الرسمي على الموازي واستقلال الشكلي على اللاشكلي" ..كما قال انه من الغباء المراهنة فقط على القضاء عملا بمقولة "دوركايم"القائلة "نحن لا نرفض الفعل لانه جرم وإنما هو جرم لأننا نرفضه".. وبالتالي يجب ان تكون هناك اسبقية للرفض المجتمعي على الرفض القضائي واستغلال كل القوى لخلق النبذ والرفض الاجتماعي.

وانتهى محدثنا إلى ضرورة ان تكون لنا عقلية إدارة الأزمة والتي تعد مفقودة  الان وهو مقترح لطالما ناشد تحقيقه من خلال بعث" وزارة لادارة الأزمة او تمهيد لبعث مؤسسة خاصة بإدارة الأزمة" لان الأزمة الحالية المتعلقة بالاحتكار لا يمكن أن تدار فقط بالقوانين الزجرية وإنما وجب المراهنة أيضا على عوامل أخرى من بينها إدارة الأزمات.

سعيدة الميساوي

مختص في علم الاجتماع لـ"الصباح نيوز":"الإدارة الموازية "أخطر من الحرب على الاحتكار

ان التوجه الحالي للدولة وإعلانها الحرب ضد الاحتكار وتوعد المضاربين من خلال تشديد العقوبات تصل حد السجن ضمن مراسيم رئاسية سيقع الإعلان عنها في ابانها من أجل وضع حد للمساس بقوت التونسيين خاصة في ظل "تغول" المحتكرين والمضاربين وعجز السلط الرقابة على ايقافهم.

وهو ما يطرح عدة تساؤلات تصب في خانة واحدة وهي هل يمكن أن تجدي القوانين والتشديد في العقوبات بخصوص المحتكرين والمضاربين نفعا.

في هذا السياق ذكر المختص في علم الاجتماع سامي نصر ل"الصباح نيوز" ان هذا الامر هو حديث الساعة وبات يلفت اهتمام كل مواطن تونسي اليوم .

وأضاف نصر ان عديد التجارب في تونس بينت ان النخب في وادي وعامة الناس في وادي آخر، مقرا بان تصريحات هذه  النخب مخالفة للمزاج الشعبي العام حيث ان المواطن يعاني بشكل كبير جدا من ارتفاع الأسعار وغياب المواد الضرورية.

في جانب آخر أشار محدثنا إلى ان عديد النخب وكأنها تعمد  الى القيام بعملية تحويل وجهة لتوجهات الحكومة.. وفي قراءة سوسيولوجية لمحدثنا ذكر ان الامر بات يقتضي ازالة الغطاء عما يتداول وهو "هل انت مع أو ضد قرارات رئيس الحكومة"؟ إذ أن الشعور الطاغي اليوم يتمثل في أن الشخص الذي يرغب في التعبير عن رأيه أصبحت تعتريه بعض المخاوف من أن يقع تصنيفه ضمن صف المؤيدين لرئاسة الجمهورية (او الحكومة)أو ضمن المخالفين لهما معرجا في الان ذاته انه يفترض على هذه النخب ان تعطي موقفها دون اخذ مسألة التوظيف لتصريحاتها.

ولاحظ محدثنا انه بالعودة لمسار 25جويلية وما اقتضاه من  استناد للفصل 80 الذي تم تطبيقه  نظرا لوجود خطر داهم مقرا في هذا الصدد بأن هناك استحالة لفهم الإجراءات التي تم اتخاذها دون فهم المعنى الحقيقي للخطر الداهم الذي أشارت اليه رئاسة الجمهورية ولم تضع اصبعها على الداء.

وضمن ذات القراءة السوسيولوجية للخطر الداهم او الجاثم أوضح محدثنا ان هذا الخطر هو ما يمكن ان نسميه الموازي الذي اصبح يهمين على الدولة وبلغة عالم الاجتماع الفرنسي ميشال كروزي يسمى "اللاشكلي" او "إدارة الظل" من حيث وجوده كظاهرة طبيعية.

وكشف محدثنا في ذات الجانب ان الحكومة كانت صريحة عندما تحدثت عن التجارة الموازية التي تعد أضعف حلقة في العالم الموازي او "اللاشكلي" لان هناك ما أخطر من التجارة الموازية وهو" الادارة الموازية "حيث نجد المسؤول و"المسؤول الموازي".. هذا العالم الموازي بات يهيمن على الدولة بشكل كبير .

ولاحظ مختص علم الاجتماع  ايضا ان خطأ الحكومة في هذه  الاجراءات التي وقع اتخاذها هو اهمالها لبعض الثغرات اولها انه تم التركيز على أضعف حلقة وهي التجارة الموازية وتم تناسي المغذي لها الذي يجعلها تنتعش وهو الإدارة الموازية، وبالتالي محاربة التجارة الموازية والاحتكار يبقى جهدا بسيطا جدا امام حجم "ماكينة" التجارة الموازية إذ أن "المافيات" و" اللوبيات" مهيمنة بشكل كبير وتستمد قوتها من شبكة العلاقات وراس مالها الاجتماعي من ذلك المعتمد والوالي والمديرين العامين وبالتالي كان يفترض اول إجراء يتخذ هو قطع شبكة علاقاتهم وهو ما لم يحصل وبالتالي فإن هذا العالم واصل عمله بأكثر قوة.

وافاد محدثنا ان جرائم الاحتكار والرشوة والفساد تسمى في علم الاجتماع الإجرامي "جرائم زئبقية" والإجراءات التي يحب اتخاذها لا يمكن المراهنة فيها على السياسة القضائية فقط وهو الخطأ الثاني الذي ارتكبته الحكومة التي راهنت فقط على السلطة القضائية أو الأمنية فقط.

وخلص محدثنا إلى أن "نزيف الموازي" فضلا عن الصيغ الاتصالية غير المجدية أوصل الحكومة إلى الفشل في كسب أطراف  أخرى تمد لها المساعدة لضرب "هيمنة الموازي"وبالتالي يعتقد محدثنا ان الحرب على الاحتكار والمضاربة فان الحكومة ظاهريا هي التي تمسك بزمام الامور من خلال اجهزتها الا انه عمليا فان صاحب القوة هو الماسك ب"اللوبيات الموازية" مضيفا "اكبر حرب تخوضها تونس اليوم ،والتي تعد أصعب من محاربة المستعمرالتي جاءت بالاستقلال ، هي حرب استقلال الرسمي على الموازي واستقلال الشكلي على اللاشكلي" ..كما قال انه من الغباء المراهنة فقط على القضاء عملا بمقولة "دوركايم"القائلة "نحن لا نرفض الفعل لانه جرم وإنما هو جرم لأننا نرفضه".. وبالتالي يجب ان تكون هناك اسبقية للرفض المجتمعي على الرفض القضائي واستغلال كل القوى لخلق النبذ والرفض الاجتماعي.

وانتهى محدثنا إلى ضرورة ان تكون لنا عقلية إدارة الأزمة والتي تعد مفقودة  الان وهو مقترح لطالما ناشد تحقيقه من خلال بعث" وزارة لادارة الأزمة او تمهيد لبعث مؤسسة خاصة بإدارة الأزمة" لان الأزمة الحالية المتعلقة بالاحتكار لا يمكن أن تدار فقط بالقوانين الزجرية وإنما وجب المراهنة أيضا على عوامل أخرى من بينها إدارة الأزمات.

سعيدة الميساوي