عادت تمثلات المشهد السياسي لما قبل 14جانفي 2011 لتسجل حضورها بشكل لافت من خلال تقارير الحريات او الدعوة للتحرك في الشارع ضد السلطة والنظام الحاكم.
ولم تكن كل هذه العناوين وحدها احالة مباشرة للازمة بل كشفتها ايضا اضرابات الجوع هنا وهناك حيث اختلط فيها السياسي بالاجتماعي وحتى المهني اثر دخول عدد من القطاعات في إضراب الأمعاء الخاوية.
وعلى اثر هذه التحولات عادت تونس لتحتل مكانتها داخل التقارير الدولية بشان الحريات والحقوق لا كبلد ضامن لهما بل كنظام عابث بها .
وقد تجسد ذلك من خلال الدعوة لمحاكمات عادلة للمدنيين امام القضاء المدني وليس القضاء العسكري او الرفض الكبير للمحاكمات الغيابية لعدد من النشطاء على غرار النائب السابق بشرى بلحاج حميدة والرئيس الاسبق محمد منصف المرزوقي.
وعلى العكس من ذلك فقد دافع الرئيس قيس سعيد عن اجراءاته الاستثنائية التي يتهمه خصومها بأنها كانت مدخلا للقمع والاستبداد خاصة بعد المرسوم 117لسنة 2021 .
الرئيس...غير مقتنع
غير ان ذلك لم يكن مقنعا لسعيد الذي اكد في اكثر من لقاء واجتماع انه لا يبتغي سلطة مطلقة وانه لا يسعى أن يكون نصف إله وان الحديث عن المس بالحقوق والحريات ماهي الا محاولة لإرباك اصلاحاته السياسية.
وكان خطاب سعيد يوم 13ديسمبر اولى خطوط دفاع سعيد عن اجراءاته الاستثنائية وما تلاها من أوامر وقرارات.
كلمات الرئيس واجتماعاته المتكررة وتأكيده المتواصل على انه لا مجال للمس من الحريات والحقوق قابلته تقارير داخلية وخارجية تفند في تفاصيلها ما يقوله سعيد لتاتي ذات التقارير لاحقا على سلسلة اضرابات الجوع والتي تعد علامة فارقة في حياة النضال السياسي.
أولى التقارير
أول تقرير أصدرته مجموعة من المحامين التونسيين في شكل بيان تأسيسي لما أسموه "محامون لحماية الحقوق والحريات"، بهدف رصد الانتهاكات والتجاوزات الماسة بالحقوق الفردية والعامة، والتصدي لها بكل الوسائل القانونية.
ودان البيان الصادر يوم 3اوت الماضي ما اعتبروه حالات الإيقاف "العشوائية" وعمليات الدهم الليلية دون احترام الإجراءات الجزائية المنصوص عليها ومحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية.
كما دان المحامون استهداف الصحفيين الأجانب والتونسيين وإغلاق المقرات أو حجز معداتهم وتعطيل عملهم بطرق غير قانونية على غرار ما حصل لمكتب الجزيرة في تونس.
نقابة الصحفيين على الخط
ولم تكن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بمعزل عن واقع الحريات حيث عبرت عن "رفضها المحاكمات العسكرية للمدنيين، على خلفية آرائهم ومواقفهم ومنشوراتهم، ودعت الرئيس قيس سعيّد إلى تفعيل تعهداته السابقة بضمان الحقوق والحريات، واعتبرت "أن ذلك يعد انتكاسة لحرية التعبير وضربا للديمقراطية وحق الاختلاف".
كما أعلنت النقابة رفضها لمتابعة الصحفيين وأصحاب الرأي بسبب أفكارهم، محذرة من خطر العودة إلى مربع التضييقات وتكميم الأفواه. وقالت النقابة إن "الأخطاء المهنية وقضايا النشر، مجالها الهيئات التعديلية للمهنة، والمرسوم الخاص بالصحافة والطباعة والنشر".
وحمّل المكتب التنفيذي للنقابة "الرئيس قيس سعيد مسؤولية أي انتكاسة لمسار الحقوق والحريات العامة والفردية، ودعاه إلى تفعيل تعهداته السابقة بضمانها".
"على سعيد الالتزام"
أما دوليا، قالت منظمة العفو الدولية "إنه ينبغي على الرئيس التونسي قيس سعيد الالتزام علناً باحترام وحماية حقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، والتجمع السلمي، بعد أن جمد عمل البرلمان، وتولى بعض مهام السلطات القضائية.
وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “إن الحريات والمكاسب التي حققتها انتفاضة تونس 2011 بصعوبة بالغة عرضة للخطر، خاصة في غياب محكمة دستورية لحماية حقوق الجميع في البلاد. ويجب على الرئيس قيس سعيد ضمان أن أي أفعال يأمر بها تتماشى بشكل صارم مع التزامات تونس بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. والأهم من ذلك، أنه يجب عليه الامتناع عن القيام بعمليات تطهير سياسي تعسفي."
جوع... من اجل التشغيل
وفي واقع الامر لم تكن مسالة الحريات تحت خط الملاحظات الداخلية والخارجية بل زادتها الدعوات المتصاعدة لإضرابات الجوع التي لم تشمل ما هو سياسي كما هو حال "مواطنون ضد الانقلاب'' بل لامست الاجتماعي ايضا بعد دخول عدد من أصحاب الشهائد العليا العاطلين عن العمل منذ ما يزيد عن 10 سنوات في اضراب جوع وحشي.
حيث أكدت المنسقة الجهوية لتنسيقية "الانتداب حقي" بالقصرين، أشواق العجلاني، أن 6 أفراد من أصحاب الشهائد العليا العاطلين عن العمل منذ ما يزيد عن 10 سنوات، المضربين عن الطعام تعكرت حالتهم الصحية مما استوجب تدخل الفرق الصحية والحماية المدنية لتقديم الإسعافات اللازمة لهم.
وبينت العجلاني، أن الحالة الصحية لزملائها المضربين عن الطعام "بدأت تتدهور، نظرا لرفضهم تعليق إضراب جوعهم الوحشي والخروج في سيارات الإسعاف لتلقي العلاج"، بسبب ما أسمته "تشبثهم بالانتداب أو الموت"، محمّلة، في ذات السياق، "مسؤولية ما سينتج عن إضراب الجوع الوحشي، للسلط الجهوية والمركزية".
وذكرت بالمناسبة أنه تم إعلام الرابطة التونسية لحقوق الإنسان والفرع الجهوي للمحامين بالحالة الصحية للمضربين وبوضعية بقية المعتصمين داخل مقر الولاية، والبالغ عددهم 60 معتصما.
جوع.. ضد الانقلاب
من جهته أصدر حراك "مواطنون ضد الانقلاب" المعارض لإجراءات قيس سعيّد، بيانًا يوم الخميس الماضي أُعلن فيه الدخول في إضراب عن الطعام للاحتجاج على "الحكم الفردي الذي يدفع بآلة القمع ومؤسسات الدولة لإخماد كل أصوات معارضة"، على حد وصف البيان.
وطالب الحراك في بيانه "بإطلاق فوري لسراح النواب والمعتقلين السياسيين وإيقاف المحاكمات العسكرية والكف عن تهديد القضاء والتحرش به".
ودعا ذات البيان إلى "الكف عن تهديد القضاء والتحرش به ومحاولة توظيفه في مسار تصفية الخصوم السياسيين على غرار فضيحة المحاكمة الوهمية والحكم الجائر الصادر في حق المناضل رئيس الجمهورية السابق محمد المنصف المرزوقي".
وقضت محكمة تونسية الأربعاء بسجن المرزوقي غيابيا لمدة أربع سنوات بتهمة التآمر على أمن الدولة "بعدما انتقد الرئيس قيس سعيد ودعا إلى احتجاجات مناهضة له"، وقال المرزوقي في تصريح على صفحته الرسمية على موقع فيس بوك إنه سيشارك "ولو رمزيا في إضراب الجوع".
كما دعا الحراك المعارض إلى "العدول عن كل ممارسات التضييق والمنع والاعتداء بالعنف على تحركات الأحزاب والمواطنين وضمان حق الجميع في التظاهر والتعبير بكل الأشكال التي يقرها الدستور والكف عن توظيف المؤسسة الأمنية".
خليل الحناشي
عادت تمثلات المشهد السياسي لما قبل 14جانفي 2011 لتسجل حضورها بشكل لافت من خلال تقارير الحريات او الدعوة للتحرك في الشارع ضد السلطة والنظام الحاكم.
ولم تكن كل هذه العناوين وحدها احالة مباشرة للازمة بل كشفتها ايضا اضرابات الجوع هنا وهناك حيث اختلط فيها السياسي بالاجتماعي وحتى المهني اثر دخول عدد من القطاعات في إضراب الأمعاء الخاوية.
وعلى اثر هذه التحولات عادت تونس لتحتل مكانتها داخل التقارير الدولية بشان الحريات والحقوق لا كبلد ضامن لهما بل كنظام عابث بها .
وقد تجسد ذلك من خلال الدعوة لمحاكمات عادلة للمدنيين امام القضاء المدني وليس القضاء العسكري او الرفض الكبير للمحاكمات الغيابية لعدد من النشطاء على غرار النائب السابق بشرى بلحاج حميدة والرئيس الاسبق محمد منصف المرزوقي.
وعلى العكس من ذلك فقد دافع الرئيس قيس سعيد عن اجراءاته الاستثنائية التي يتهمه خصومها بأنها كانت مدخلا للقمع والاستبداد خاصة بعد المرسوم 117لسنة 2021 .
الرئيس...غير مقتنع
غير ان ذلك لم يكن مقنعا لسعيد الذي اكد في اكثر من لقاء واجتماع انه لا يبتغي سلطة مطلقة وانه لا يسعى أن يكون نصف إله وان الحديث عن المس بالحقوق والحريات ماهي الا محاولة لإرباك اصلاحاته السياسية.
وكان خطاب سعيد يوم 13ديسمبر اولى خطوط دفاع سعيد عن اجراءاته الاستثنائية وما تلاها من أوامر وقرارات.
كلمات الرئيس واجتماعاته المتكررة وتأكيده المتواصل على انه لا مجال للمس من الحريات والحقوق قابلته تقارير داخلية وخارجية تفند في تفاصيلها ما يقوله سعيد لتاتي ذات التقارير لاحقا على سلسلة اضرابات الجوع والتي تعد علامة فارقة في حياة النضال السياسي.
أولى التقارير
أول تقرير أصدرته مجموعة من المحامين التونسيين في شكل بيان تأسيسي لما أسموه "محامون لحماية الحقوق والحريات"، بهدف رصد الانتهاكات والتجاوزات الماسة بالحقوق الفردية والعامة، والتصدي لها بكل الوسائل القانونية.
ودان البيان الصادر يوم 3اوت الماضي ما اعتبروه حالات الإيقاف "العشوائية" وعمليات الدهم الليلية دون احترام الإجراءات الجزائية المنصوص عليها ومحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية.
كما دان المحامون استهداف الصحفيين الأجانب والتونسيين وإغلاق المقرات أو حجز معداتهم وتعطيل عملهم بطرق غير قانونية على غرار ما حصل لمكتب الجزيرة في تونس.
نقابة الصحفيين على الخط
ولم تكن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بمعزل عن واقع الحريات حيث عبرت عن "رفضها المحاكمات العسكرية للمدنيين، على خلفية آرائهم ومواقفهم ومنشوراتهم، ودعت الرئيس قيس سعيّد إلى تفعيل تعهداته السابقة بضمان الحقوق والحريات، واعتبرت "أن ذلك يعد انتكاسة لحرية التعبير وضربا للديمقراطية وحق الاختلاف".
كما أعلنت النقابة رفضها لمتابعة الصحفيين وأصحاب الرأي بسبب أفكارهم، محذرة من خطر العودة إلى مربع التضييقات وتكميم الأفواه. وقالت النقابة إن "الأخطاء المهنية وقضايا النشر، مجالها الهيئات التعديلية للمهنة، والمرسوم الخاص بالصحافة والطباعة والنشر".
وحمّل المكتب التنفيذي للنقابة "الرئيس قيس سعيد مسؤولية أي انتكاسة لمسار الحقوق والحريات العامة والفردية، ودعاه إلى تفعيل تعهداته السابقة بضمانها".
"على سعيد الالتزام"
أما دوليا، قالت منظمة العفو الدولية "إنه ينبغي على الرئيس التونسي قيس سعيد الالتزام علناً باحترام وحماية حقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، والتجمع السلمي، بعد أن جمد عمل البرلمان، وتولى بعض مهام السلطات القضائية.
وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “إن الحريات والمكاسب التي حققتها انتفاضة تونس 2011 بصعوبة بالغة عرضة للخطر، خاصة في غياب محكمة دستورية لحماية حقوق الجميع في البلاد. ويجب على الرئيس قيس سعيد ضمان أن أي أفعال يأمر بها تتماشى بشكل صارم مع التزامات تونس بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. والأهم من ذلك، أنه يجب عليه الامتناع عن القيام بعمليات تطهير سياسي تعسفي."
جوع... من اجل التشغيل
وفي واقع الامر لم تكن مسالة الحريات تحت خط الملاحظات الداخلية والخارجية بل زادتها الدعوات المتصاعدة لإضرابات الجوع التي لم تشمل ما هو سياسي كما هو حال "مواطنون ضد الانقلاب'' بل لامست الاجتماعي ايضا بعد دخول عدد من أصحاب الشهائد العليا العاطلين عن العمل منذ ما يزيد عن 10 سنوات في اضراب جوع وحشي.
حيث أكدت المنسقة الجهوية لتنسيقية "الانتداب حقي" بالقصرين، أشواق العجلاني، أن 6 أفراد من أصحاب الشهائد العليا العاطلين عن العمل منذ ما يزيد عن 10 سنوات، المضربين عن الطعام تعكرت حالتهم الصحية مما استوجب تدخل الفرق الصحية والحماية المدنية لتقديم الإسعافات اللازمة لهم.
وبينت العجلاني، أن الحالة الصحية لزملائها المضربين عن الطعام "بدأت تتدهور، نظرا لرفضهم تعليق إضراب جوعهم الوحشي والخروج في سيارات الإسعاف لتلقي العلاج"، بسبب ما أسمته "تشبثهم بالانتداب أو الموت"، محمّلة، في ذات السياق، "مسؤولية ما سينتج عن إضراب الجوع الوحشي، للسلط الجهوية والمركزية".
وذكرت بالمناسبة أنه تم إعلام الرابطة التونسية لحقوق الإنسان والفرع الجهوي للمحامين بالحالة الصحية للمضربين وبوضعية بقية المعتصمين داخل مقر الولاية، والبالغ عددهم 60 معتصما.
جوع.. ضد الانقلاب
من جهته أصدر حراك "مواطنون ضد الانقلاب" المعارض لإجراءات قيس سعيّد، بيانًا يوم الخميس الماضي أُعلن فيه الدخول في إضراب عن الطعام للاحتجاج على "الحكم الفردي الذي يدفع بآلة القمع ومؤسسات الدولة لإخماد كل أصوات معارضة"، على حد وصف البيان.
وطالب الحراك في بيانه "بإطلاق فوري لسراح النواب والمعتقلين السياسيين وإيقاف المحاكمات العسكرية والكف عن تهديد القضاء والتحرش به".
ودعا ذات البيان إلى "الكف عن تهديد القضاء والتحرش به ومحاولة توظيفه في مسار تصفية الخصوم السياسيين على غرار فضيحة المحاكمة الوهمية والحكم الجائر الصادر في حق المناضل رئيس الجمهورية السابق محمد المنصف المرزوقي".
وقضت محكمة تونسية الأربعاء بسجن المرزوقي غيابيا لمدة أربع سنوات بتهمة التآمر على أمن الدولة "بعدما انتقد الرئيس قيس سعيد ودعا إلى احتجاجات مناهضة له"، وقال المرزوقي في تصريح على صفحته الرسمية على موقع فيس بوك إنه سيشارك "ولو رمزيا في إضراب الجوع".
كما دعا الحراك المعارض إلى "العدول عن كل ممارسات التضييق والمنع والاعتداء بالعنف على تحركات الأحزاب والمواطنين وضمان حق الجميع في التظاهر والتعبير بكل الأشكال التي يقرها الدستور والكف عن توظيف المؤسسة الأمنية".