إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أمام تحديات قانونية وسياسية.. هل يمكن تنظيم الانتخابات البلدية في ثلاثة أشهر؟

 
رغم الطموح المعلن من الهيئة المستقلة للانتخابات لإنجاز المحطة الأخيرة من الاستحقاق الانتخابي للبلديات، فانها واقعيا تواجه تحديات قانونية وتشريعية وسياسية تعكسها التصريحات الأخيرة لرئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر، التي تطرح تساؤلات مهمة حول مدى إمكانية حصول هذا الاستحقاق.. 
 
جدلية لامستها أولى إشارات رئيس هيئة الإنتخابات بعنوان الحاجة إلى إصدار قانون أساسي جديد للبلديات، حيث أن التأخير في سن هذا القانون وغياب الاتفاق السياسي حوله يخلق فراغاً قانونياً يعطل العملية الانتخابية ويجعل من إجرائها في موعد قريب أمراً صعب التحقيق. 
 
كما ان التعويل على النصوص القانونية القديمة يتعارض  مع الدستور الجديد ولا يتناسب معه، بما يمنح انطباعاً بأن هناك قصوراً في إرادة تحديث المنظومة القانونية وتحيينها بما لا يخدم مستقبل الحكم المحلي.
 
كما ان ربط بوعسكر موعد الانتخابات بسنة 2026، رغم تبريره بأن هذه السنة خالية من استحقاقات انتخابية أخرى لتسهيل العملية، يمكن قراءته أيضاً كإعلان ضمني عن تأجيل جديد لهذا الاستحقاق..
 
أما من ناحية المضمون التنظيمي، فإن الحديث عن نظام الوكالة لسحب العضوية من أعضاء المجالس ومساءلتهم، رغم أهميته النظرية، يفتقر إلى ضمانات فعالة للتطبيق، ويثير قلقاً من احتمال استغلال هذا النظام لأغراض تؤدي إلى تعطيل العمل الموكل لهذه المجالس أو استخدامها كورقة ضغط..
 
وبالنظر إلى الجوانب التقنية، فإن تأكيد بوعسكر على قدرة الهيئة على تنظيم الانتخابات خلال ثلاثة أشهر بعد صدور الأوامر اللازمة، يطرح تساؤلات حول مدى استعداد الهيئة لاستيعاب التعقيدات اللوجستية والرقابية التي تتطلبها انتخابات شفافة ونزيهة، خصوصاً في ظل النقص المحتمل في الموارد المالية والبشرية المتخصصة، كما تلقي الضوء في آن واحد على صعوبات هيكلية في النظام الانتخابي المحلي والقانوني الذي يحتاج الى تحيين وملائمة مع الأحكام الجديدة للدستور، مما يدفع إلى التساؤل عن مدى إمكانية انعاش الانتخابات البلدية القادمة للديمقراطية المحلية وقدرتها في إعادة ثقة المواطنين في الهياكل المنتخبة..
 
قرار سياسي وتحدي تشريعي
وفي هذا السياق، اعتبر الخبير في الحوكمة المحلية محمد الضيفي في تصريح لـ"الصباح نيوز"، ان قرار اجراء الانتخابات البلدية هو قرار سياسي بالدرجة الأولى مما يجعله بيد رئيس الجمهورية الذي تبقى له صلاحية إصدار أمر في الغرض على اعتبار ان الانتخابات البلدية فقدت صبغتها الدورية بعد حل المجالس البلدية بمقتضى مرسوم عدد 9 لسنة 2023 مؤرّخ في 8 مارس 2023 يتعلق بحلّ المجالس البلدية 2023، وهو ما يستدعي اعادة صياغة البلديات الجديدة.
واوضح الضيفي ان تنظيم الانتخابات البلدية ممكن ان يحصل شرط إصدار القانون الاساسي للبلديات لتحديد ملامح اختصاصاتها ومهامها والمقترنة بدورها بأمر دعوة الناخبين والقانون الاساسي الجديد للبلديات، لان مجلة الجماعات المحلية التي وقع سنها في 2018 لم تعد تتلائم مع دستور 2022، وبالتالي يجب مراجعة القانون الأساسي برمته والغاء المجلة القديمة واصدار قانون اساسي جديد يتقاطع و مقتضيات دستور 2022 وكذلك التوجهات العامة للدولة ووحدتها.
 
وقال:" من المهم ان نذكر ان جزءا مهما من العملية الانتخابية متوفر الآن والمتمثل في القانون الانتخابي الصادر بالمرسوم عدد 8 لسنة2023 ولكن ما ينقص هو القانون الأساسي للبلديات."
 
وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فاروق بوعسكر قد أعلن ان الهيئة جاهزة وقادرة على تنظيم الانتخابات البلدية في ظرف 3 اشهر، موضحا ان تنظيمها يستدعي سن قانون أساسي جديد للبلديات يلغي مجلة الجماعات المحلية التي لم تعد تتلاءم مع البناء الدستوري الجديد لتونس.
 
واضاف بوعسكر في رده على ردود نواب المجلسين، ان الهيئة واعية بضرورة اجراء الانتخابات البلدية في اقرب الآجال، مشددا على انه من الضروري ان لا يتجاوز اجراء تلك الانتخابات سنة 2026 ،ولا يوجد حيز زمني لاجرائها الا في العام المقبل. 
 
من جهة اخرى، قال بوعسكر انه من الضروري ان يحسم القانون المرتقب للبلديات في مسائل من بينها النظر في الاختصاص والعلاقة بين المجلس البلدية والمجالس المحلية، مضيفا ان التقسيم الحالي الترابي للبلديات يستوجب المراجعة وتقييم تجربة البلديات المحدثة.
 
وبخصوص مسالة سحب الوكالة، والتي اثارها بعض النواب، قال بوعسكر أنه مبدأ دستوري ينسحب على جميع المجالس المنتخبة واعضائها، وهي نظام معتمد في نحو 25 دولة، مشددا على ان هيئة الانتخابات تتثبت فقط من صحة عريضة السحب شكلا.
 
 
 خليل الحناشي 
 
Messenger_creation_95A5CBA7-309F-401F-8F0D-7DE09F084402.jpeg
  أمام تحديات قانونية وسياسية.. هل يمكن تنظيم الانتخابات البلدية في ثلاثة أشهر؟
 
رغم الطموح المعلن من الهيئة المستقلة للانتخابات لإنجاز المحطة الأخيرة من الاستحقاق الانتخابي للبلديات، فانها واقعيا تواجه تحديات قانونية وتشريعية وسياسية تعكسها التصريحات الأخيرة لرئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر، التي تطرح تساؤلات مهمة حول مدى إمكانية حصول هذا الاستحقاق.. 
 
جدلية لامستها أولى إشارات رئيس هيئة الإنتخابات بعنوان الحاجة إلى إصدار قانون أساسي جديد للبلديات، حيث أن التأخير في سن هذا القانون وغياب الاتفاق السياسي حوله يخلق فراغاً قانونياً يعطل العملية الانتخابية ويجعل من إجرائها في موعد قريب أمراً صعب التحقيق. 
 
كما ان التعويل على النصوص القانونية القديمة يتعارض  مع الدستور الجديد ولا يتناسب معه، بما يمنح انطباعاً بأن هناك قصوراً في إرادة تحديث المنظومة القانونية وتحيينها بما لا يخدم مستقبل الحكم المحلي.
 
كما ان ربط بوعسكر موعد الانتخابات بسنة 2026، رغم تبريره بأن هذه السنة خالية من استحقاقات انتخابية أخرى لتسهيل العملية، يمكن قراءته أيضاً كإعلان ضمني عن تأجيل جديد لهذا الاستحقاق..
 
أما من ناحية المضمون التنظيمي، فإن الحديث عن نظام الوكالة لسحب العضوية من أعضاء المجالس ومساءلتهم، رغم أهميته النظرية، يفتقر إلى ضمانات فعالة للتطبيق، ويثير قلقاً من احتمال استغلال هذا النظام لأغراض تؤدي إلى تعطيل العمل الموكل لهذه المجالس أو استخدامها كورقة ضغط..
 
وبالنظر إلى الجوانب التقنية، فإن تأكيد بوعسكر على قدرة الهيئة على تنظيم الانتخابات خلال ثلاثة أشهر بعد صدور الأوامر اللازمة، يطرح تساؤلات حول مدى استعداد الهيئة لاستيعاب التعقيدات اللوجستية والرقابية التي تتطلبها انتخابات شفافة ونزيهة، خصوصاً في ظل النقص المحتمل في الموارد المالية والبشرية المتخصصة، كما تلقي الضوء في آن واحد على صعوبات هيكلية في النظام الانتخابي المحلي والقانوني الذي يحتاج الى تحيين وملائمة مع الأحكام الجديدة للدستور، مما يدفع إلى التساؤل عن مدى إمكانية انعاش الانتخابات البلدية القادمة للديمقراطية المحلية وقدرتها في إعادة ثقة المواطنين في الهياكل المنتخبة..
 
قرار سياسي وتحدي تشريعي
وفي هذا السياق، اعتبر الخبير في الحوكمة المحلية محمد الضيفي في تصريح لـ"الصباح نيوز"، ان قرار اجراء الانتخابات البلدية هو قرار سياسي بالدرجة الأولى مما يجعله بيد رئيس الجمهورية الذي تبقى له صلاحية إصدار أمر في الغرض على اعتبار ان الانتخابات البلدية فقدت صبغتها الدورية بعد حل المجالس البلدية بمقتضى مرسوم عدد 9 لسنة 2023 مؤرّخ في 8 مارس 2023 يتعلق بحلّ المجالس البلدية 2023، وهو ما يستدعي اعادة صياغة البلديات الجديدة.
واوضح الضيفي ان تنظيم الانتخابات البلدية ممكن ان يحصل شرط إصدار القانون الاساسي للبلديات لتحديد ملامح اختصاصاتها ومهامها والمقترنة بدورها بأمر دعوة الناخبين والقانون الاساسي الجديد للبلديات، لان مجلة الجماعات المحلية التي وقع سنها في 2018 لم تعد تتلائم مع دستور 2022، وبالتالي يجب مراجعة القانون الأساسي برمته والغاء المجلة القديمة واصدار قانون اساسي جديد يتقاطع و مقتضيات دستور 2022 وكذلك التوجهات العامة للدولة ووحدتها.
 
وقال:" من المهم ان نذكر ان جزءا مهما من العملية الانتخابية متوفر الآن والمتمثل في القانون الانتخابي الصادر بالمرسوم عدد 8 لسنة2023 ولكن ما ينقص هو القانون الأساسي للبلديات."
 
وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فاروق بوعسكر قد أعلن ان الهيئة جاهزة وقادرة على تنظيم الانتخابات البلدية في ظرف 3 اشهر، موضحا ان تنظيمها يستدعي سن قانون أساسي جديد للبلديات يلغي مجلة الجماعات المحلية التي لم تعد تتلاءم مع البناء الدستوري الجديد لتونس.
 
واضاف بوعسكر في رده على ردود نواب المجلسين، ان الهيئة واعية بضرورة اجراء الانتخابات البلدية في اقرب الآجال، مشددا على انه من الضروري ان لا يتجاوز اجراء تلك الانتخابات سنة 2026 ،ولا يوجد حيز زمني لاجرائها الا في العام المقبل. 
 
من جهة اخرى، قال بوعسكر انه من الضروري ان يحسم القانون المرتقب للبلديات في مسائل من بينها النظر في الاختصاص والعلاقة بين المجلس البلدية والمجالس المحلية، مضيفا ان التقسيم الحالي الترابي للبلديات يستوجب المراجعة وتقييم تجربة البلديات المحدثة.
 
وبخصوص مسالة سحب الوكالة، والتي اثارها بعض النواب، قال بوعسكر أنه مبدأ دستوري ينسحب على جميع المجالس المنتخبة واعضائها، وهي نظام معتمد في نحو 25 دولة، مشددا على ان هيئة الانتخابات تتثبت فقط من صحة عريضة السحب شكلا.
 
 
 خليل الحناشي 
 
Messenger_creation_95A5CBA7-309F-401F-8F0D-7DE09F084402.jpeg