إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الفيلم المصري "القِصص" الحائز على "التانيت الذهبي" يعيد تفكيك العلاقة بين الحب والهوية الوطنية

حصد الفيلم المصري "القِصص" للمخرج أبو بكر شوقي على الجائزة الكبرى في الدورة 36 من أيام قرطاج السينمائية (13-20 ديسمبر 2025) وهي جائزة "التانيت الذهبي" في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة.

وتكمن قوة هذا العمل في قدرته على تحويل سيرة شخصية الى مرآة واسعة لمرحلة تاريخية مضطربة تداخل فيها الخاص بالعام والعاطفي بالسياسي.

ينطلق أبو بكر شوقي في فيلمه الثالث من رصيده، من حكاية حب حقيقية جمعت والديه، لكنه لا يتوقف عند حدود السيرة الذاتية، فهو يجعل منها مدخلا الى خمس حكايات متشابكة ترصد تحولات المجتمع المصري منذ صيف 1967، ذلك الصيف الذي افتتح بالهزيمة ومر بمحطات مفصلية مثل خطابات جمال عبد الناصر والتنحي ثم مرحلة انور السادات بما حملته من حرب اكتوبر والانفتاح الاقتصادي واتفاقية كامب ديفيد. هذه التحولات لا تقدم بوصفها دروسا تاريخية مباشرة فهي ترى من داخل بيت عائلة تنتمي الى الطبقة المتوسطة تتابع نشرات الاخبار وتتحمس لمباريات كرة القدم وتعيش السياسة بوصفها جزءا من تفاصيل الحياة اليومية.

وفي قلب السرد تقف شخصية "أحمد" الشاب الحالم بالموسيقى والذي يعزف على بيانو قديم تتداخل انغامه مع الاغاني الوطنية الحماسية واصوات المعلقين الرياضيين. هذا التداخل الصوتي عكس حالة جيل كامل نشأ بين الشعارات الكبرى وأحلام فردية تبحث عن متنفس. وتقود علاقة احمد بالموسيقى الى مراسلة مجلة اجنبية ومن هناك الى "اليزابيث" النمساوية التي تتحول في نظر الاسرة المشبعة بهاجس السياسة الى مشروع شبهة وتجسس في دلالة ذكية على مناخ الخوف والارتياب الذي ساد تلك المرحلة.

وتمثل رحلة احمد الى النمسا لدراسة الموسيقى ثم عودته الى مصر مصدوما باستشهاد شقيقه التوام في الجبهة منعطفا دراميا يربط الحلم الشخصي بالفقد الوطني. ومع تطور قصة الحب بينه وبين "ليز" التي تسافر الى القاهرة وتتزوجه يتحول الحب الى فعل مقاومة صامتة ومحاولة للتمسك بالحلم وسط الانكسارات المتتالية. تدفعه زوجته الى تقديم حفل موسيقي علني في لحظة ترمز الى اصرار الفرد على صوته الخاص حتى وهو محاط بضجيج التحولات الكبرى.

ويرتكز الفيلم على بناء بصري وصوتي، فهو يمزج بين لقطات ارشيفية لخطابات سياسية ومشاهد رياضية ومقاطع من افلام وبرامج اذاعية، وبين سرد درامي معاصر. كما يوظف الموسيقى والاغنية المصرية بوصفهما وثيقة وجدانية للزمن من اناشيد التعبئة في فترات الحرب، مثل "خلي السلاح صاحي" و"وطني حبيبي الوطن الاكبر"، وصولا الى اغنيات تعكس تحولات المزاج الاجتماعي في زمن الانفتاح مثل "زحمة يا دنيا زحمة" لاحمد عدوية. هذا الانتقال الموسيقي يرسم دون خطاب مباشر مسار التحول من الحلم الجماعي الى هموم الحياة اليومية.


وات

الفيلم المصري "القِصص"  الحائز على "التانيت الذهبي" يعيد تفكيك العلاقة بين الحب والهوية الوطنية

حصد الفيلم المصري "القِصص" للمخرج أبو بكر شوقي على الجائزة الكبرى في الدورة 36 من أيام قرطاج السينمائية (13-20 ديسمبر 2025) وهي جائزة "التانيت الذهبي" في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة.

وتكمن قوة هذا العمل في قدرته على تحويل سيرة شخصية الى مرآة واسعة لمرحلة تاريخية مضطربة تداخل فيها الخاص بالعام والعاطفي بالسياسي.

ينطلق أبو بكر شوقي في فيلمه الثالث من رصيده، من حكاية حب حقيقية جمعت والديه، لكنه لا يتوقف عند حدود السيرة الذاتية، فهو يجعل منها مدخلا الى خمس حكايات متشابكة ترصد تحولات المجتمع المصري منذ صيف 1967، ذلك الصيف الذي افتتح بالهزيمة ومر بمحطات مفصلية مثل خطابات جمال عبد الناصر والتنحي ثم مرحلة انور السادات بما حملته من حرب اكتوبر والانفتاح الاقتصادي واتفاقية كامب ديفيد. هذه التحولات لا تقدم بوصفها دروسا تاريخية مباشرة فهي ترى من داخل بيت عائلة تنتمي الى الطبقة المتوسطة تتابع نشرات الاخبار وتتحمس لمباريات كرة القدم وتعيش السياسة بوصفها جزءا من تفاصيل الحياة اليومية.

وفي قلب السرد تقف شخصية "أحمد" الشاب الحالم بالموسيقى والذي يعزف على بيانو قديم تتداخل انغامه مع الاغاني الوطنية الحماسية واصوات المعلقين الرياضيين. هذا التداخل الصوتي عكس حالة جيل كامل نشأ بين الشعارات الكبرى وأحلام فردية تبحث عن متنفس. وتقود علاقة احمد بالموسيقى الى مراسلة مجلة اجنبية ومن هناك الى "اليزابيث" النمساوية التي تتحول في نظر الاسرة المشبعة بهاجس السياسة الى مشروع شبهة وتجسس في دلالة ذكية على مناخ الخوف والارتياب الذي ساد تلك المرحلة.

وتمثل رحلة احمد الى النمسا لدراسة الموسيقى ثم عودته الى مصر مصدوما باستشهاد شقيقه التوام في الجبهة منعطفا دراميا يربط الحلم الشخصي بالفقد الوطني. ومع تطور قصة الحب بينه وبين "ليز" التي تسافر الى القاهرة وتتزوجه يتحول الحب الى فعل مقاومة صامتة ومحاولة للتمسك بالحلم وسط الانكسارات المتتالية. تدفعه زوجته الى تقديم حفل موسيقي علني في لحظة ترمز الى اصرار الفرد على صوته الخاص حتى وهو محاط بضجيج التحولات الكبرى.

ويرتكز الفيلم على بناء بصري وصوتي، فهو يمزج بين لقطات ارشيفية لخطابات سياسية ومشاهد رياضية ومقاطع من افلام وبرامج اذاعية، وبين سرد درامي معاصر. كما يوظف الموسيقى والاغنية المصرية بوصفهما وثيقة وجدانية للزمن من اناشيد التعبئة في فترات الحرب، مثل "خلي السلاح صاحي" و"وطني حبيبي الوطن الاكبر"، وصولا الى اغنيات تعكس تحولات المزاج الاجتماعي في زمن الانفتاح مثل "زحمة يا دنيا زحمة" لاحمد عدوية. هذا الانتقال الموسيقي يرسم دون خطاب مباشر مسار التحول من الحلم الجماعي الى هموم الحياة اليومية.


وات