إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في ندوة "هشام جعيط: المؤرخ والمفكر" جعيط كان يفكر في التاريخ ويؤرخ له

*لم يدن أقطاب الاستشراق ولم يمجدهم بل تعامل معهم بمنهج النقد العلمي الصارم 

*توتر ميتافيزيقي..تناقضات وجدانية..تأمل فلسفي فمنهج تاريخي

*لم يكن مثقف السلطة ابدا بل كان حرا..عاندها ورفض الانسياق في جوقتها

*قريبا إصدار مقالات معمقة ومشاكسة لهشام جعيط

تونس-الصباح

بالتعاون مع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات وبحضور هيئة تحرير مجلة "اسطور" نظم مركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية ندوة فكرية على امتداد يومين (14و15مارس الجاري) تحت عنوان :هشام جعيط المؤرخ والمفكر ..لقاء حضره ثلة من المؤرخين والمفكرين والباحثين في مجالات شتى من مختلف الجهات التونسية والأقطار العربية على غرار المغرب ولبنان وقطر.. كيف لا ومحور الحدث يعد من أهم الشخصيات العربية المؤثرة في مناهج البحث والتعمق في المسائل الجوهرية للتاريخ الإسلامي وأهم مكونات الفكر الإسلامي والموروث الحضاري..

ما يلفت الانتباه حقا خلال اللقاء هو أن تدخلات بعض الحاضرين كانت تدخلات ثرية معمقة تعكس ثقافة واسعة وشغفا كبيرا بشخصية الفقيد هشام جعيط وتأثرهم بمناهج طرحه النقاش التي بدت واضحة من خلال التطرق إلى مسائل في غاية الأهمية.. خاصة أولئك الذين أشرف على أطروحاتهم المفكر الراحل مثل سلوى بالحاج الاستاذة المحاضرة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة المتخصصة في الاديان، والتي لم تتمالك نفسها وهي بصدد الحديث عن اطروحة دكتوراه "المسيحية العربية وتطوراتها من نشأتها إلى القرن الرابع الهجري/العاشر ميلادي "قائلة: كأنه يحاورني الآن..

هكذا كانت أجواء المداخلات والنقاش والتي غلب فيها الحديث عن المنهج التاريخي الذي تميز به هشام جعيط الموسوعة والذي لم يخل من العلوم الأخرى كالانثربولوجيا وعلم الأديان وعلم الاجتماع وعلم النفس والفلسفة.. بعيدا عن الأبعاد الدينية التي يرى أنها مقبرة للحقائق التاريخية..

ما من شك في أن المدرسة الاستشراقية كان لها الأثر البليغ في فكر هشام جعيط ذلك أنها في اعتمادها كمنطلق للبحث تجعله يصطدم مع الحقل المعرفي الإسلامي ليجد نفسه أمام تحد كبير وهو البحث عن منهج جديد بعيد عن المألوف لتفكيك قضايا معقدة تكون منسجمة مع النص الديني متوافقة مع الظروف التاريخية في آن واحد  مع اعتماد وثائق مادية لا التأويلات التي لا طائل من ورائها..

وهو امر في غاية الأهمية تناولته أستاذة التاريخ الإسلامي الوسيط في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة تونس ومديرة مخبر الاقتصاد المتوسطي ومجتمعاته حياة عمامو خلال مداخلتها لتبين أن جعيط نبه إلى اختلاف فكر الاستشراق الفرنسي من الإسلام ونبيه مقارنة بالفلسفة الألمانية وفسر هذا الاختلاف بتاريخ العلاقات الإسلامية الاوروبية التي بنيت على السياسة العدائية بالنسبة إلى أوروبا اللاتينية، ذلك أن الحركة الاستعمارية الفرنسية امتدت إلى جزء هام من العالم الإسلامي.. وهو لم يجعل المفكر جعيط يدين أقطاب الاستشراق الذين برزوا خلال القرن العشرين او يمجدهم بل تعامل معهم بمنهج النقد العلمي الصارم فاستمد بعض أفكارهم وصوب البعض الآخر حتى أن مفكرنا الراحل-حسب حياة عمامو- كان يرى أن اهتمام المستشرقين بالإسلام سيتراجع وربما يضمحل خاصة إذا تمكن الباحثون المسلمون من حذق المناهج العلمية الغربية..وهو الأمر الذي "جعله لا يولي اهتماما كبيرا بـ"الاستشراق الانكلوسكسوني" الجديد حسب تعبير الفقيد..

ورغم صعوبات البحث الذي قام به المؤرخ والمفكر هشام جعيط فإنها لا تنفي إمكانية إنشاء معرفة تاريخية عن الدين بمنأى عن الأبحاث الفقهية، وهو ما أبرزته الباحثة المختصة في تاريخ الدولة العثمانية المتأخر والتاريخ التركي المعاصر سمية الوحيشي التي تناولت إنتاج الباحث التونسي كمحللة وناقدة، حتى غلب على تحليلها المقارنة بين أهم منتجات جعيط في تاريخ الإسلام المبكر على غرار "الفتنة الكبرى" والسيرة النبوية" وما أنتجه الفكر العربي الحديث حول ذات المواضيع لتتخلص إلى أنه تعذر الوعي بحجم النتاج العربي الحديث فيما يخص التاريخ الإسلامي المبكر والسيرة النبوية فضلا عن تعذر خطوط التواصل والانفصال بين تلك المؤلفات وما انتجه جعيط.. عكس ما جاءت به بعض المداخلات الأخرى أثناء الندوة والتي كان منطلقها الكتاب الثالث حول السيرة النبوية حين تمكن صاحبها من استنطاق المصادر وعلى راسها القرآن الذي يعد في مسيرة جعيط امرا ثوريا إلى حد كبير مقارنة بالمؤرخين العرب الرافضين إلى اعتماد النص المقدس..

نوه حسن حافظي علوي الباحث وأستاذ المغرب وحضارته في العصر الوسيط بجامعة محمد الخامس بالرباط إلى أهمية ما كتبه جعيط حول النظم والمؤسسات ببلاد المغرب في القرنين الأولين للهجرة وكيف أنه انطلاقا من استقرائه للمصادر المختلفة وتحديدا من  خلال كتابه "تأسيس الغرب الإسلامي" استطاع أن يقدم للقارئ أحداثا مقنعة تحد من فجوات تاريخ الإسلام المبكر.. بل تفرد المؤرخ في دراسة خصائص النظم العربية بافريقية بما فيها دواوين الجند والبريد والخراج والصدقات والأعمار والطراز ودار السكة وبيت المال.. وكيف تأثرت هذه الأجهزة الإدارية بالنظم الساسانية او البيزنطية او ما عرفه المشرق الإسلامي من تنظيمات إدارية من بدايات الإسلام إلى العهد العباسي الأول.. فضلا عن دور القضاة في القرن الأول للهجرة ومناقشة جعيط لآراء المستشرقين حول النظام القضائي الإسلامي..

ذلك أن تنوع سبل النقاش و"المشاكسات" غالبا ما كانت تراود فكر هشام جعيط وفكر كل باحث مهتم بقراءاته ومناهجه التاريخية وهو المساهم حسب كمال عبد اللطيف أستاذ الفلسفة السياسية والفكر العربي المعاصر بكلية الآداب في جامعة محمد الخامس بالرباط في التأسيس لأنوار غربية نظرا لانحياز المفكر الراحل إلى خيارات الانوار والتنوير في الحاضر العربي وهي الخيارات التي مارس فيها بكثير من العمق نقده للغرب وللمركزية الثقافية الغربية .. إذ ليس من باب الصدفة أن يعمد الاستاذ كمال عبد اللطيف  إلى المقارنة بين أعمال جعيط وأعمال عبد الله العروي رغم تكوينهما الأكاديمي الواحد حيث دافع كل واحد بطريقته عن قيم التنوير التي تبدو في تناولها حسب الأخير قريبة من المجال الاجتماعي السياسي في حين أن الحضور التاريخي في أعمال جعيط فإنه يستوعب جوانب من التوتر الميتافيزيقي وتناقضات وجدانية ليخلص إلى تأمل فلسفي ونقد تاريخي .. فأعماله تتجه إلى التفكير في التاريخي وما يتجاوزه.. ذلك أن الروح الانوارية في مؤلفاته تجعلنا تجاه طريق ينفتح على أفق في التأسيس لأنوار عربية.. طريق يمهد إلى مجتمع جديد وقيم جديدة. 

 

وبما أن فكر جعيط تسوده التناقضات الوجدانية في جل بحوثه تناولت الباحثة سلوى بالحاج صالح مسألة الدين والديني من خلال كتاب penser l'histoire penser la religion حيث اعتبر صاحبه أن الدين جزء جوهري من النفس البشرية والتوحيد حدسا ما جعله يتأمل في علاقة الحداثة بالديني ويسعى إلى التاليف بين كل ما اورده في مؤلفه في نقطة مهمة الا وهي "التفكير التاريخي والدين" .. فقد كان جعيط -حسب الاستاذة سلوى- كثير التفكر في القضايا المعقدة ليبقى متأرجحا بين أكثر من فكرة في الموضوع نفسه. 

إصدار مقالات لجعيط..لم لا؟

من المهم أيضا أن تنوه "الصباح " من خلال مواكبة ندوة "هشام جعيط المؤرخ والمفكر" أن أغلب المحاضرين اتفقوا -والفكرة للباحث رشيد خشانة- على أن يتم إصدار مجموعة من المقالات كانت قد نشرت في أهم الجرائد والمجلات تونسية او أجنبية على غرار اليوم السابع و réalité و"الصباح" و débat الفرنسية .. بما ان المفكر جعيط ساهم بالعديد من الكتابات في الشأن العام والمقالات المعمقة والمشاكسة نذكر منها تلك التي كانت  ضد بورقيبة في مقال مشهور تحت عنوان les arrivistes sont arrivés.. فضلا عن مقال اخر ينبه فيه إلى انحراف الرئيس الراحل بن علي.. وبالتالي ستكون كلها شاهدة على مسيرة الرجل الذي لم يخش اي إنسان في إبداء رأيه أو أي موضوع من المواضيع..إذ لم يكن جعيط مثقف السلطة كما يدعي البعض بل كان حرا بل عاند السلطة ورفض الانسياق في جوقتها.. 

 

وليد عبد اللاوي

في ندوة "هشام جعيط: المؤرخ والمفكر" جعيط كان يفكر في التاريخ ويؤرخ له

*لم يدن أقطاب الاستشراق ولم يمجدهم بل تعامل معهم بمنهج النقد العلمي الصارم 

*توتر ميتافيزيقي..تناقضات وجدانية..تأمل فلسفي فمنهج تاريخي

*لم يكن مثقف السلطة ابدا بل كان حرا..عاندها ورفض الانسياق في جوقتها

*قريبا إصدار مقالات معمقة ومشاكسة لهشام جعيط

تونس-الصباح

بالتعاون مع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات وبحضور هيئة تحرير مجلة "اسطور" نظم مركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية ندوة فكرية على امتداد يومين (14و15مارس الجاري) تحت عنوان :هشام جعيط المؤرخ والمفكر ..لقاء حضره ثلة من المؤرخين والمفكرين والباحثين في مجالات شتى من مختلف الجهات التونسية والأقطار العربية على غرار المغرب ولبنان وقطر.. كيف لا ومحور الحدث يعد من أهم الشخصيات العربية المؤثرة في مناهج البحث والتعمق في المسائل الجوهرية للتاريخ الإسلامي وأهم مكونات الفكر الإسلامي والموروث الحضاري..

ما يلفت الانتباه حقا خلال اللقاء هو أن تدخلات بعض الحاضرين كانت تدخلات ثرية معمقة تعكس ثقافة واسعة وشغفا كبيرا بشخصية الفقيد هشام جعيط وتأثرهم بمناهج طرحه النقاش التي بدت واضحة من خلال التطرق إلى مسائل في غاية الأهمية.. خاصة أولئك الذين أشرف على أطروحاتهم المفكر الراحل مثل سلوى بالحاج الاستاذة المحاضرة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة المتخصصة في الاديان، والتي لم تتمالك نفسها وهي بصدد الحديث عن اطروحة دكتوراه "المسيحية العربية وتطوراتها من نشأتها إلى القرن الرابع الهجري/العاشر ميلادي "قائلة: كأنه يحاورني الآن..

هكذا كانت أجواء المداخلات والنقاش والتي غلب فيها الحديث عن المنهج التاريخي الذي تميز به هشام جعيط الموسوعة والذي لم يخل من العلوم الأخرى كالانثربولوجيا وعلم الأديان وعلم الاجتماع وعلم النفس والفلسفة.. بعيدا عن الأبعاد الدينية التي يرى أنها مقبرة للحقائق التاريخية..

ما من شك في أن المدرسة الاستشراقية كان لها الأثر البليغ في فكر هشام جعيط ذلك أنها في اعتمادها كمنطلق للبحث تجعله يصطدم مع الحقل المعرفي الإسلامي ليجد نفسه أمام تحد كبير وهو البحث عن منهج جديد بعيد عن المألوف لتفكيك قضايا معقدة تكون منسجمة مع النص الديني متوافقة مع الظروف التاريخية في آن واحد  مع اعتماد وثائق مادية لا التأويلات التي لا طائل من ورائها..

وهو امر في غاية الأهمية تناولته أستاذة التاريخ الإسلامي الوسيط في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة تونس ومديرة مخبر الاقتصاد المتوسطي ومجتمعاته حياة عمامو خلال مداخلتها لتبين أن جعيط نبه إلى اختلاف فكر الاستشراق الفرنسي من الإسلام ونبيه مقارنة بالفلسفة الألمانية وفسر هذا الاختلاف بتاريخ العلاقات الإسلامية الاوروبية التي بنيت على السياسة العدائية بالنسبة إلى أوروبا اللاتينية، ذلك أن الحركة الاستعمارية الفرنسية امتدت إلى جزء هام من العالم الإسلامي.. وهو لم يجعل المفكر جعيط يدين أقطاب الاستشراق الذين برزوا خلال القرن العشرين او يمجدهم بل تعامل معهم بمنهج النقد العلمي الصارم فاستمد بعض أفكارهم وصوب البعض الآخر حتى أن مفكرنا الراحل-حسب حياة عمامو- كان يرى أن اهتمام المستشرقين بالإسلام سيتراجع وربما يضمحل خاصة إذا تمكن الباحثون المسلمون من حذق المناهج العلمية الغربية..وهو الأمر الذي "جعله لا يولي اهتماما كبيرا بـ"الاستشراق الانكلوسكسوني" الجديد حسب تعبير الفقيد..

ورغم صعوبات البحث الذي قام به المؤرخ والمفكر هشام جعيط فإنها لا تنفي إمكانية إنشاء معرفة تاريخية عن الدين بمنأى عن الأبحاث الفقهية، وهو ما أبرزته الباحثة المختصة في تاريخ الدولة العثمانية المتأخر والتاريخ التركي المعاصر سمية الوحيشي التي تناولت إنتاج الباحث التونسي كمحللة وناقدة، حتى غلب على تحليلها المقارنة بين أهم منتجات جعيط في تاريخ الإسلام المبكر على غرار "الفتنة الكبرى" والسيرة النبوية" وما أنتجه الفكر العربي الحديث حول ذات المواضيع لتتخلص إلى أنه تعذر الوعي بحجم النتاج العربي الحديث فيما يخص التاريخ الإسلامي المبكر والسيرة النبوية فضلا عن تعذر خطوط التواصل والانفصال بين تلك المؤلفات وما انتجه جعيط.. عكس ما جاءت به بعض المداخلات الأخرى أثناء الندوة والتي كان منطلقها الكتاب الثالث حول السيرة النبوية حين تمكن صاحبها من استنطاق المصادر وعلى راسها القرآن الذي يعد في مسيرة جعيط امرا ثوريا إلى حد كبير مقارنة بالمؤرخين العرب الرافضين إلى اعتماد النص المقدس..

نوه حسن حافظي علوي الباحث وأستاذ المغرب وحضارته في العصر الوسيط بجامعة محمد الخامس بالرباط إلى أهمية ما كتبه جعيط حول النظم والمؤسسات ببلاد المغرب في القرنين الأولين للهجرة وكيف أنه انطلاقا من استقرائه للمصادر المختلفة وتحديدا من  خلال كتابه "تأسيس الغرب الإسلامي" استطاع أن يقدم للقارئ أحداثا مقنعة تحد من فجوات تاريخ الإسلام المبكر.. بل تفرد المؤرخ في دراسة خصائص النظم العربية بافريقية بما فيها دواوين الجند والبريد والخراج والصدقات والأعمار والطراز ودار السكة وبيت المال.. وكيف تأثرت هذه الأجهزة الإدارية بالنظم الساسانية او البيزنطية او ما عرفه المشرق الإسلامي من تنظيمات إدارية من بدايات الإسلام إلى العهد العباسي الأول.. فضلا عن دور القضاة في القرن الأول للهجرة ومناقشة جعيط لآراء المستشرقين حول النظام القضائي الإسلامي..

ذلك أن تنوع سبل النقاش و"المشاكسات" غالبا ما كانت تراود فكر هشام جعيط وفكر كل باحث مهتم بقراءاته ومناهجه التاريخية وهو المساهم حسب كمال عبد اللطيف أستاذ الفلسفة السياسية والفكر العربي المعاصر بكلية الآداب في جامعة محمد الخامس بالرباط في التأسيس لأنوار غربية نظرا لانحياز المفكر الراحل إلى خيارات الانوار والتنوير في الحاضر العربي وهي الخيارات التي مارس فيها بكثير من العمق نقده للغرب وللمركزية الثقافية الغربية .. إذ ليس من باب الصدفة أن يعمد الاستاذ كمال عبد اللطيف  إلى المقارنة بين أعمال جعيط وأعمال عبد الله العروي رغم تكوينهما الأكاديمي الواحد حيث دافع كل واحد بطريقته عن قيم التنوير التي تبدو في تناولها حسب الأخير قريبة من المجال الاجتماعي السياسي في حين أن الحضور التاريخي في أعمال جعيط فإنه يستوعب جوانب من التوتر الميتافيزيقي وتناقضات وجدانية ليخلص إلى تأمل فلسفي ونقد تاريخي .. فأعماله تتجه إلى التفكير في التاريخي وما يتجاوزه.. ذلك أن الروح الانوارية في مؤلفاته تجعلنا تجاه طريق ينفتح على أفق في التأسيس لأنوار عربية.. طريق يمهد إلى مجتمع جديد وقيم جديدة. 

 

وبما أن فكر جعيط تسوده التناقضات الوجدانية في جل بحوثه تناولت الباحثة سلوى بالحاج صالح مسألة الدين والديني من خلال كتاب penser l'histoire penser la religion حيث اعتبر صاحبه أن الدين جزء جوهري من النفس البشرية والتوحيد حدسا ما جعله يتأمل في علاقة الحداثة بالديني ويسعى إلى التاليف بين كل ما اورده في مؤلفه في نقطة مهمة الا وهي "التفكير التاريخي والدين" .. فقد كان جعيط -حسب الاستاذة سلوى- كثير التفكر في القضايا المعقدة ليبقى متأرجحا بين أكثر من فكرة في الموضوع نفسه. 

إصدار مقالات لجعيط..لم لا؟

من المهم أيضا أن تنوه "الصباح " من خلال مواكبة ندوة "هشام جعيط المؤرخ والمفكر" أن أغلب المحاضرين اتفقوا -والفكرة للباحث رشيد خشانة- على أن يتم إصدار مجموعة من المقالات كانت قد نشرت في أهم الجرائد والمجلات تونسية او أجنبية على غرار اليوم السابع و réalité و"الصباح" و débat الفرنسية .. بما ان المفكر جعيط ساهم بالعديد من الكتابات في الشأن العام والمقالات المعمقة والمشاكسة نذكر منها تلك التي كانت  ضد بورقيبة في مقال مشهور تحت عنوان les arrivistes sont arrivés.. فضلا عن مقال اخر ينبه فيه إلى انحراف الرئيس الراحل بن علي.. وبالتالي ستكون كلها شاهدة على مسيرة الرجل الذي لم يخش اي إنسان في إبداء رأيه أو أي موضوع من المواضيع..إذ لم يكن جعيط مثقف السلطة كما يدعي البعض بل كان حرا بل عاند السلطة ورفض الانسياق في جوقتها.. 

 

وليد عبد اللاوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews