رئيس الغرفة النقابية للمخابز بالنيابة لـ«الصباح»:
نثمن التوجه نحو إنتاج خبز الألياف..
وندعو للإسراع بعرضه على مجلس وزاري
ما انفكت ثقافة استهلاك الأغذية الصحية في تونس تشهد تطورًا ملحوظًا، في السنوات الأخيرة، ويعد الإقبال على خبز الألياف كبديل صحي للخبز الأبيض التقليدي والذي تنتجه بعض المخابز الخاصة، وتوفره عدد من المحلات كما أصبح متوفرًا في جميع فروع عدد من المساحات التجارية. وينصح المختصون في التغذية باستهلاكه. ويتميّز هذا الخبز بمحتواه العالي من الألياف التي تُسهم في تحسين الهضم، وخفض الكولسترول، وتنظيم مستوى السكر في الدم، وزيادة الإحساس بالشبع، مما يجعله خيارًا مفضلًا لمن يتبع حمية غذائية صحية. وقد أعلنت عدة جهات منذ مدة عن توجه المخابز لإنتاج هذا النوع من الخبز وتعميمه لاسيما بعد أزمة الفارينة التي عرفتها عدة مخابز في السنتين الماضيتين ولكن إلى اليوم لم ير هذا المشروع النور. ليعود طرحه اليوم من جديد ضمن مقاربات تشريعية وصحية جديدة.
ولا توجد في تونس حتى الآن إحصائيات رسمية منشورة حول نسبة استهلاك خبز الألياف بشكل دقيق. ومع ذلك تشير بعض التقديرات في القطاع الخاص (المخابز أو المتاجر البيولوجية) إلى أن الطلب على هذا النوع من الخبز لا يزال ضعيفًا نسبيًا مقارنة بالخبز الأبيض أو خبز السميد التقليدي، لكنه يشهد نموًا تدريجيًا.
بعض المخابز الكبرى من جهتها، بدأت تخصص خطوطا لإنتاج خبز الألياف، وقد يشكل هذا الخبز حوالي 5 % إلى 10 % من إنتاج الخبز الخاص لديها.
وفي سنة 2023 نظّمت وزارة الفلاحة، حصة تذوّق لخبز جديد (خبز كامل) وذلك ضمن التجهيز لمشروع خبز الألياف.
وكشفت مديرة المعهد العالي للتكنولوجيا بجامعة منوبة، ريم درويش، حينها في تصريحات إعلامية أن هذا الخبز يشبه الخبز التقليدي التونسي المتكون من القمح الصلب ولا يحتوي على الفارينة المدعّمة، بل يحتوي على أكثر ألياف ومعادن وفيتامينات، وهو لا يشبه الخبز المدعّم الموجود حاليا في المخابز، لأنّه مصنوع من الألياف الموجودة في القمح وطريقة استخراج الفارينة الموجودة في القمح مختلفة تماما.
وفي ظل هذا الوضع، قدّم منذ أيام قليلة ممثلو وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري عرضا تناول أهم محاور مشروع خبز الألياف الذي يهدف إلى الترفيع في نسبة استخراج الفارينة من القمح اللّين المعد لصنع الخبز المدعم من 78 بالمائة إلى 85 بالمائة مما يزيد من محتوى الألياف والمعادن والفيتامينات لدعم صحة الجهاز الهضمي والوقاية من السمنة والسكري وإلى التخفيض التدريجي للملح بنسبة 30 %، انسجاما مع توصيات منظمة الصحة العالمية للوقاية من ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب. كان ذلك خلال جلسة بالبرلمان عقدتها لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة،خصصتها للاستماع إلى ممثلين عن كل من وزارة التجارة وتنمية الصادرات ووزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري ووزارة الصحة حول منظومة الخبز وخبز الألياف.
وتمت الإشارة إلى أنّه تمّ إجراء حصة تذوق بتاريخ 15 ديسمبر 2023 لاقت صدى إيجابيا من قبل جميع المتدخلين في منظومة تحويل الحبوب وصناعة الخبز، كما استعرضوا مقتطفا من مشروع نص ترتيبي جديد لتنقيح قرار وزيري الفلاحة والتجارة المؤرخ في 21 أوت 1979 المتعلق بتعيين نسبة استخراج الدقيق والسميد.
وزارة التجارة: ارتفاع ملحوظ في نسبة استهلاك الخبز
ومن جهتها أكّدت وزارة التجارة وتنمية الصادرات أنّ الإطار القانوني الحالي المنظم لقطاع الخبز يصنّف محلات صنع الخبز إلى مخابز مصنفة وأخرى غير مصنفة ونقاط بيع الخبز الساخن بالمساحات التجارية الكبرى والمتوسطة. وأشارت إلى أنّ السنوات الأخيرة شهدت ارتفاعا ملحوظا في نسبة استهلاك الخبز مما رفع من حاجيات البلاد في مادة فرينة الخبز إلى حوالي 6.9 مليون قنطار في السنة وأثّر ذلك سلبا على منظومة التعويض، وشدّدت على ضرورة اعتماد خطة مرحلية لإنجاح مشروع خبز الألياف مع وضع خطة اتصالية في الغرض.
وأوضحت وزارة الصحة أن استهلاك الخبز في تونس يساهم بما يتراوح بين 35 و40 % من الاستهلاك اليومي من الملح. وبيّنت أنّ من أهم التحديات الصحية المرتبطة بالتركيبة الحالية للخبز هي مساهمته في انتشار الأمراض غير السارية مثل ارتفاع ضغط الدم، والسكري، وأمراض القلب والشرايين، مما يجعل عملية إعادة صياغة تركيبة الخبز المدّعم ضرورة ملحّة حفاظا على صحة المواطن.
وأوصت بالإسراع بإصدار القرار الذي يهدف إلى الترفيع في نسبة استخراج الفارينة من القمح اللين المعدة لصنع الخبز المدعم من 78 بالمائة إلى 85 بالمائة مع التخفيض في الملح بنسبة 30 بالمائة وإدماج هذا التعديل في السياسة الوطنية للدعم الغذائي مع الحرص على مراقبة جودة الخبز بصفة منتظمة للمساهمة في بناء نظام غذائي أكثر صحة واستدامة ولتعزيز الوقاية من الأمراض غير السارية ومن النقص في المغذيات الدقيقة مثل الحديد والكلسيوم لدى الأطفال.
في سياق متصل، أعرب النواب عن شكرهم للمجهودات المبذولة من طرف كل الهياكل الإدارية المتدخلة لتفعيل هذا القرار الحيوي الذي يساعد في حسن حوكمة قطاع الحبوب والمحافظة على صحة المواطن وعبّروا عن استعداد الوظيفة التشريعية للمساهمة في إنجاح مشروع خبز الألياف. واستفسروا عن تاريخ الانطلاق في تسويق هذا النوع من الخبز مما سيمكن من ترشيد الاستهلاك والمحافظة على الصحة العامة.
ومن جهته، أوضح، رئيس الغرفة النقابية للمخابز بالنيابة يحيى موسى، في تصريح لـ«الصباح» أنهم كغرفة يباركون ويثمنون هذا التوجه نحو إنتاج خبر الألياف موضحا بأن هذا المشروع أطلقه ديوان الحبوب وهو مشروع يدخل في باب الإصلاحات التي يقوم بها ديوان الحبوب في سياق تحسين نوعية منتوجه الذي يعد في علاقة مباشرة بالمستهلك التونسي، مذكرا بتنظيم يوم التذوق في سنة 2023، ولكن الأمر توقف عند تلك النقطة، وفق تعبيره.
وأضاف محدثنا بأن مسألة الفارينة بالألياف تأخذها الغرفة من باب التفرقة في اللون بين الفارينة المدعمة وغير المدعمة، وبالتالي فإنهم ينادون بضرورة تطبيق التفرقة في اللون لتفادي ما يقال بأن هناك تبذيرا للفارينة المدعمة.
كما ذكر محدثنا بأهمية التوجه نحو هذا الإنتاج، خاصة وأن له العديد من الجوانب الاقتصادية والصحية على البلاد وعلى صحة المواطن، حيث أن الخبز بالألياف مفيد لصحة المواطن ويساهم في حفظ صحته لتصبح سليمة، وهو ما يساهم بدوره في تقليص استهلاك الأدوية أيضا وخاصة أدوية ضغط الدم والسكري.
تثمين
كما ثمن محدثنا توجه الدولة حول المحافظة على نفس التسعيرة بالنسبة للخبز المدعم وتوجهها نحو تحسين نوعية الفارينة لتتحول إلى فارينة ألياف ليصبح إنتاج الخبز أكثر صحيا للتونسي، وبالتالي فإن المهنيين لن يتأثروا في عملية الإنتاج باعتبار وأن الفارينة مدعمة ولكن التوجه هو تحسين نوعيتها مع المحافظة على نفس السعر.
كما ثمن محدثنا الخطوة التي اتخذتها لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة، ودعمها لهذا التمشي ولإثارة مشروع القانون من جديد معتبرا أنها خطوة معنوية لمزيد دعم وزارة الفلاحة إلى عرض مشروع القانون على المجلس الوزاري.
ويذكر أن نوابا من لجنة الصناعة تطرّقوا إلى موضوع الصندوق العام للتعويض وطالبوا بمزيد ترشيد نفقاته وتوجيه الدعم لمستحقيه وخاصة في مادة الخبز. وأكدوا على القيام بحملات تحسيسية لضمان نجاح التجربة عبر توعية المواطن بالقيمة الغذائية المضافة لخبز الألياف.
وأوصى النواب بضرورة تكريس العدالة في توزيع المخابز بالجهات ضمانا لتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطن. وشدّدوا على ضرورة وضع استراتيجيه متكاملة للحيلولة دون استعمال الخبز كمادة علفية وتكثيف عمليات المراقبة وتحسيس الفلاح.
وفي تفاعلهم مع تدخلات النواب أوضح ممثلو وزارة التجارة وتنمية الصادرات أنه يتم العمل على إعداد مخطط مديري يضبط شروط بعث المخابز ويأخذ بعين الاعتبار التعداد السكاني والمناطق ذات الأولوية مع توحيد منهجيات العمل في مختلف الجهات. وبخصوص العمليات الرقابية، أشاروا إلى أنه تم ضبط عدة مخالفات وتجاوزات على ضوئها تم تسليط عقوبات تمثلت في غلق عدد من المخابز وسحب بعض الرخص.
وأكّد ممثّلو الوظيفة التنفيذية أنه بالنسبة لمادة خبز الألياف فقد تمّ استكمال كل مراحل المشروع وأن هناك حرصا على التسريع بتنفيذه لما له من فوائد. وأكد أعضاء اللجنة بدورهم على أهمية هذا المشروع وضرورة التسريع بإصدار القرار المتعلق به. كما قررت اللجنة توجيه مراسلة إلى الوظيفة التنفيذية للتسريع في إجراءات إصدار القرار الوزاري المتعلق بالترفيع في نسبة استخراج فارينة الخبز من القمح اللين.
أميرة الدريدي