إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الكل فشل في "الاستئثار" بالشارع.. وعجز عن التحشيد

تونس-الصباح

لم ينجح أنصار رئيس الجمهورية هذه المرة في تحشيد الشارع السياسي مثلما كانوا يأملون حيث دخل تحرك أول أمس الأحد 8 ماي في خانة  ما سبقه من تحركات مختلف الأطراف السياسية للاستقطاب بعد أن سجل المتابعون تراجعا واضحا لانصار قيس سعيد.

ولم يكن سعيد وحده من خسر معركة الشارع حيث كان للمعارضة نصيبها من الهزيمة ايضا بعد أن عجزت عن التحشيد والإطاحة بالإجراءات الاستثنائية وما تلاها من اجراءات عبرت المعارضة عن رفضها لها واعتبارها انقلابا.

واذ تبقى مسالة الفشل مسالة نسبية للمعارضة فان ذلك لا ينسحب على الرئيس وأنصاره في ظل ما قيل عن التسهيلات التي رافقت تحركات يوم الاحد الماضي وقبلها تحرك 3 أكتوبر المنقضي.

وعلى عكس المعارضة فقد أشارت عديد المصادر أن البعض من أنصار سعيد وجدوا تسهيلات كبرى للنزول للشارع متهمين وزارة الداخلية برفع الحواجز الأمنية أمامهم وتجاوزت ولاية تونس قرارها بمنع التظاهر بشوارع العاصمة هذا إلى جانب نزول وزير الداخلية توفيق شرف الدين بنفسه لمكان التظاهر وكذلك والي تونس وعدد من المعتمدين من الجهات الداخلية اللذين نزلوا للالتحام "بالجماهير" وللاطمئنان على عملية سير التحرك وهو ما طرح موضوع حياد مؤسسات الدولة في الخلاف السياسي بين سعيد وخصومه.

وعلى عكس وزير الداخلية فقد استبق الأمنيون تحرك الأحد بإعلانهم الحياد التام في هذه المعركة حيث اعلنت النقابة الوطنية لقوات الامن الداخلي رفضها الزج بها في اي خلاف سياسي.

واكدت النقابة في بيان لها يوم 7ماي الجاري انها تتمسك بهويتها كأمن جمهوري ورفضها لكل محاولات الزج بها في معارك لا تعنيها في شيء لترفع شعار"لا ولاء إلا للوطن ولا سيادة إلا للشعب".

وعلى الرغم من محاولة السلطة الاستئثار بالشارع وتوفير كل سبل النجاح الا ان ذلك لم يكن حافزا للتونسيين للمشاركة في " لاءات" أنصار الرئيس الذين تراجع عددهم بشكل واضح.

ففي تحرك اكتوبر لاحظ عموم التونسيين التأييد الكبير لقيس سعيد حيث تجاوز عدد المتظاهرين يومها أكثر من 4 آلاف متظاهر وفق معطيات متقاطعة لعدد من وكالات الأنباء العالمية، بينما تراجعت أعداد المشاركين اول امس بشكل لافت وهو ما دفع بخصوم قيس سعيد للتساؤل والبحث عن "الشعب" الذي كثيرا ما تحدث عنه رئيس الدولة واصدر قرارات باسمه.

يحصل كل ذلك امام معارضة عاجزة عن توحيد الصف رغم اسبقيتها الميدانية في خلق شارع متحرك ولكنه غير مؤثر.

رأي يجد ما يفنده حيث لا يمكن الحديث عن فشل المعارضة في وقت تتعرض فيها مسيراتهم وتحركاتهم للمضايقات الامنية واغلاق فضاءات التحركات بعد ان عسكرت وزارة الداخلية شوارع العاصمة في مناسبات متكررة.

وفي هذا السياق علق الناشط السياسي كريم المرزوقي لقد " فشل تحشيد أنصار الرئيس رغم كل التسهيلات من أجهزة الدولة، بعد فشل أنصار "مواطنون ضد الانقلاب" في التحشيد ضد الرئيس، يؤكد حقيقة المعادلة الصفرية ومحدودية القوى النشطة من الجهتين."

واعتبر المرزوقي ان "الشارع" في وضع سلبي، والمؤيدون للرئيس في عمليات سبر الآراء هم مؤيدون سلبيون من مواطنين غير معنيين بأي نشاط أو تحرك، وجلهم غير مسيّسين وبالنهاية الآن نحن في الوضع الطبيعي للشارع حيث لا توجد أي جهة قادرة على التحشيد الجدي والمؤثر..، يبقى الشارع القادر على التغيير هو شارع الغضب الذي يخرج دون إعداد ولا استباق".

وفي تعليقه عن تحرك 25جويلية اقر المرزوقي "ان تحركات 25 جويلية كانت محدودة جدا ولا يمكن أن تكون أساسا لأي تحول جذري في وضع عادي، لكن الرئيس كان بحاجة  للتحرك لتبرير إعلان الحالة الاستثنائية بعد قطيعته المعلنة وقتها مع بقية المؤسسات السيادية (الحكومة والبرلمان).. في المقابل مسيرات مساء 25 جويلية كانت عفوية عنوانها دعم التغيير وهي لحظة شعبية شاء من شاء وكره من كره دون أن يعني ذلك أن ما حصل لم يكن انقلابا مؤسساتيا.."

من جهته أفاد رئيس حزب التحالف من أجل تونس سرحان الناصري أمس إنّ حزبه من بين الأطراف التي دعت إلى المسيرة المساندة لإجراءات 25 جويلية التي انتظمت. وعلى عكس وزارة الداخلية التي خيرت الصمت على العدد الحقيقي للمشاركين، حصر الناصري عدد المشاركين " في المسيرة كان في حدود 2200 شخص ولا أحد يقدر على تعبئة مليون شخص"، وأفاد الناصري بأنّ المسيرة لم تكن لدعم رئيس الجمهورية نظرا لأنّ الرئيس لا يستحق الشارع لدعمه وهو يملك جميع السلطات في يده، وفق قوله، مبرزا أنّ رئيس الدولة لا ينتظر دعما شعبيا بل يسير في طريقه"، وختم الناصري بأنّ الرئيس لا يبحث اليوم عمن يدعمه، وبأنّ مساندة الحزب لمسار 25 جويلية ليس إرضاء لشخص قيس سعيّد.

هذا الوضع وهذا الانقسام في الشارع، جعل الملاحظين يؤكدون أن الأزمة السياسية الحاصلة في البلاد لن يحلها النزول الى الشارع بقدر ما يكمن الحل في العودة الى طاولة الحوار الجاد وصياغة الحد الادنى المضمون امام دولة تتهاوى.

خليل الحناشي

الكل فشل في "الاستئثار" بالشارع.. وعجز عن التحشيد

تونس-الصباح

لم ينجح أنصار رئيس الجمهورية هذه المرة في تحشيد الشارع السياسي مثلما كانوا يأملون حيث دخل تحرك أول أمس الأحد 8 ماي في خانة  ما سبقه من تحركات مختلف الأطراف السياسية للاستقطاب بعد أن سجل المتابعون تراجعا واضحا لانصار قيس سعيد.

ولم يكن سعيد وحده من خسر معركة الشارع حيث كان للمعارضة نصيبها من الهزيمة ايضا بعد أن عجزت عن التحشيد والإطاحة بالإجراءات الاستثنائية وما تلاها من اجراءات عبرت المعارضة عن رفضها لها واعتبارها انقلابا.

واذ تبقى مسالة الفشل مسالة نسبية للمعارضة فان ذلك لا ينسحب على الرئيس وأنصاره في ظل ما قيل عن التسهيلات التي رافقت تحركات يوم الاحد الماضي وقبلها تحرك 3 أكتوبر المنقضي.

وعلى عكس المعارضة فقد أشارت عديد المصادر أن البعض من أنصار سعيد وجدوا تسهيلات كبرى للنزول للشارع متهمين وزارة الداخلية برفع الحواجز الأمنية أمامهم وتجاوزت ولاية تونس قرارها بمنع التظاهر بشوارع العاصمة هذا إلى جانب نزول وزير الداخلية توفيق شرف الدين بنفسه لمكان التظاهر وكذلك والي تونس وعدد من المعتمدين من الجهات الداخلية اللذين نزلوا للالتحام "بالجماهير" وللاطمئنان على عملية سير التحرك وهو ما طرح موضوع حياد مؤسسات الدولة في الخلاف السياسي بين سعيد وخصومه.

وعلى عكس وزير الداخلية فقد استبق الأمنيون تحرك الأحد بإعلانهم الحياد التام في هذه المعركة حيث اعلنت النقابة الوطنية لقوات الامن الداخلي رفضها الزج بها في اي خلاف سياسي.

واكدت النقابة في بيان لها يوم 7ماي الجاري انها تتمسك بهويتها كأمن جمهوري ورفضها لكل محاولات الزج بها في معارك لا تعنيها في شيء لترفع شعار"لا ولاء إلا للوطن ولا سيادة إلا للشعب".

وعلى الرغم من محاولة السلطة الاستئثار بالشارع وتوفير كل سبل النجاح الا ان ذلك لم يكن حافزا للتونسيين للمشاركة في " لاءات" أنصار الرئيس الذين تراجع عددهم بشكل واضح.

ففي تحرك اكتوبر لاحظ عموم التونسيين التأييد الكبير لقيس سعيد حيث تجاوز عدد المتظاهرين يومها أكثر من 4 آلاف متظاهر وفق معطيات متقاطعة لعدد من وكالات الأنباء العالمية، بينما تراجعت أعداد المشاركين اول امس بشكل لافت وهو ما دفع بخصوم قيس سعيد للتساؤل والبحث عن "الشعب" الذي كثيرا ما تحدث عنه رئيس الدولة واصدر قرارات باسمه.

يحصل كل ذلك امام معارضة عاجزة عن توحيد الصف رغم اسبقيتها الميدانية في خلق شارع متحرك ولكنه غير مؤثر.

رأي يجد ما يفنده حيث لا يمكن الحديث عن فشل المعارضة في وقت تتعرض فيها مسيراتهم وتحركاتهم للمضايقات الامنية واغلاق فضاءات التحركات بعد ان عسكرت وزارة الداخلية شوارع العاصمة في مناسبات متكررة.

وفي هذا السياق علق الناشط السياسي كريم المرزوقي لقد " فشل تحشيد أنصار الرئيس رغم كل التسهيلات من أجهزة الدولة، بعد فشل أنصار "مواطنون ضد الانقلاب" في التحشيد ضد الرئيس، يؤكد حقيقة المعادلة الصفرية ومحدودية القوى النشطة من الجهتين."

واعتبر المرزوقي ان "الشارع" في وضع سلبي، والمؤيدون للرئيس في عمليات سبر الآراء هم مؤيدون سلبيون من مواطنين غير معنيين بأي نشاط أو تحرك، وجلهم غير مسيّسين وبالنهاية الآن نحن في الوضع الطبيعي للشارع حيث لا توجد أي جهة قادرة على التحشيد الجدي والمؤثر..، يبقى الشارع القادر على التغيير هو شارع الغضب الذي يخرج دون إعداد ولا استباق".

وفي تعليقه عن تحرك 25جويلية اقر المرزوقي "ان تحركات 25 جويلية كانت محدودة جدا ولا يمكن أن تكون أساسا لأي تحول جذري في وضع عادي، لكن الرئيس كان بحاجة  للتحرك لتبرير إعلان الحالة الاستثنائية بعد قطيعته المعلنة وقتها مع بقية المؤسسات السيادية (الحكومة والبرلمان).. في المقابل مسيرات مساء 25 جويلية كانت عفوية عنوانها دعم التغيير وهي لحظة شعبية شاء من شاء وكره من كره دون أن يعني ذلك أن ما حصل لم يكن انقلابا مؤسساتيا.."

من جهته أفاد رئيس حزب التحالف من أجل تونس سرحان الناصري أمس إنّ حزبه من بين الأطراف التي دعت إلى المسيرة المساندة لإجراءات 25 جويلية التي انتظمت. وعلى عكس وزارة الداخلية التي خيرت الصمت على العدد الحقيقي للمشاركين، حصر الناصري عدد المشاركين " في المسيرة كان في حدود 2200 شخص ولا أحد يقدر على تعبئة مليون شخص"، وأفاد الناصري بأنّ المسيرة لم تكن لدعم رئيس الجمهورية نظرا لأنّ الرئيس لا يستحق الشارع لدعمه وهو يملك جميع السلطات في يده، وفق قوله، مبرزا أنّ رئيس الدولة لا ينتظر دعما شعبيا بل يسير في طريقه"، وختم الناصري بأنّ الرئيس لا يبحث اليوم عمن يدعمه، وبأنّ مساندة الحزب لمسار 25 جويلية ليس إرضاء لشخص قيس سعيّد.

هذا الوضع وهذا الانقسام في الشارع، جعل الملاحظين يؤكدون أن الأزمة السياسية الحاصلة في البلاد لن يحلها النزول الى الشارع بقدر ما يكمن الحل في العودة الى طاولة الحوار الجاد وصياغة الحد الادنى المضمون امام دولة تتهاوى.

خليل الحناشي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews