إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الأمين العام لاتحاد المعطلين عن العمل: يكفينا من الحلول الترقيعية والمطلوب منوال تنموي يقطع مع سياسات التشغيل الهش

* التجاذبات السياسية والخلافات الإيديولوجية شقت صف "البطّالة" وحان وقت الوحدة

تونس-الصباح

طالب شريف الخرايفي الأمين العام لاتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل بوضع منوال تنموي جديد يخلق الثروة الحقيقية ويساهم في التقليص من نسبة البطالة بصفة فعلية بدلا عن الحلول الترقيعية.. وبين في تصريح لـ "الصباح" أن الاتحاد يجدد رفضه للانقلاب على القانون عدد 38 لسنة 2020 المتعلق بالانتدابات الاستثنائية في القطاع العام لأسباب سياسية بحتة، ويعتبر أن المرسوم عدد 15 لسنة 2022 المؤرّخ في 20 مارس 2022 المتعلق بالشركات الأهلية والمرسوم عدد 13 لسنة 2022 المؤرخ في 20 مارس 2022 المتعلق بالصلح الجزائي وتوظيف عائداته، لن يجديا نفعا في ظل الركود الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد في الوقت الراهن.

وأشار الخرايفي إلى أنه منذ اليوم الذي أبدى فيه رئيس الجمهورية قيس سعيد ذلك الموقف المزاجي من القانون عدد 38 وقوله إنه غير قابل للتطبيق، حذر الاتحاد من أنه لن يقع تعويض القانون المذكور، بحكم أنه حسب على الخصم السياسي للرئيس، كما نبه الاتحاد إلى أن التخلي عن تطبيق القانون لا يتم بحلول ترقيعية وإجراءات شعبوية مثل الشركات الأهلية التي قدمها سعيد كبديل وكذلك مسألة الصلح الجزائي، فهذه الأطروحات هي مجرد حلول وقتية وعبارة عن هروب إلى الأمام ولا تعالج أصل المشكل خاصة وأن فكرة الشركات الأهلية ارتبطت بمسائل أخرى من قبيل محاسبة من نهبوا المال العام وإقامة صلح جزائي معهم مقابل استثمارهم في الجهات المهمشة وهو أمر غير قابل للتطبيق لأن أغلب المعنيين بمرسوم الصلح الجزائي ماتوا أو سافروا.. وليس هذا فقط بل أن التفكير في بعث شركات أهلية في جهات تعاني من انكماش غير مسبوق وتراجع مريع للتنمية خال من المنطق لأنه لا يمكن لمثل هذه المشاريع أن تنجح في ظروف مماثلة.

وذكر الأمين العام لاتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل أن رئيس الدولة لم يقدم منذ حملته الانتخابية حلولا حقيقية لمشكلة البطالة ولم يعمل على مراجعة المنوال التنموي وهو أصل الداء، والمراسيم التي أصدرها كانت عبارة عن تلهية للرأي العام لأن الرئيس، وهذا واضع للعيان، منشغل بمشروعه الخاص، أما ملف التشغيل فإنه غير موجود في أجندته. وبين محدثنا أن التونسيين قبل 25 جويلية كانوا يعانون من التعفن السياسي الموجود في البرلمان واليوم هناك تسريبات تقيم الدليل على أن التعفن كان موجودا حتى في محيط الرئيس، وفي نهاية الأمر فإن الصراع السياسي كان على حساب الاستحقاقات الفعلية للتونسيين وعلى حساب المشاكل الحقيقية للبلاد وفي مقدمتها مشكلة البطالة والتنمية وعجز الميزان التجاري والمديونية، فعوضا عن التركيز على هذه الملفات الحارقة انصب الاهتمام نحو الصراع القائم بين جناحي المنظومة الحاكمة أي بين جرحى 25 جويلية وبين الماسكين بالسلطة في الوقت الراهن، والضحية الأولى هي السواد الأعظم من التونسيين وخاصة المعطلين منهم عن العمل من أصحاب الشهادات.

وقال الخرايفي: "نحن في الاتحاد لا نعتبر أنه بالإمكان حل ملف التشغيل دون تغيير المنوال التنموي، لأنه بالإمكان التوصل إلى حلول ترقيعية نتيجة ضغط الحركات الاحتجاجية والحركة السياسية، وبالإمكان إخماد الحراك الاجتماعي الذي يظهر بين الحين والآخر في بعض الجهات على غرار الحوض المنجمي لكن الحلول الوقتية لا تكفي، بل يجب وضع ملف التشغيل على الطاولة والاتجاه فورا نحو تغيير المنوال التنموي لأن المنوال الحالي عاجز على تحقيق النمو وخلق الثروة وبالتالي على معالجة أزمة البطالة نظرا إلى أنه لا يولي الأهمية اللازمة لقطاع الفلاحة.. فمن غير المنطقي أن نجد اليوم في تونس التي كانت تسمى مطمورة روما أناس يتضورون جوعا نتيجة تدهور المقدرة الشرائية وإهمال الفلاحة".

حلول عديدة

من الحلول التي اقترحها اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل لأزمة البطالة حسب قول شريف الخرايفي، منح مقاسم وأراض خصبة للمعطلين عن العمل، وبين أنه تم إقرار برامج  في هذا الاتجاه لكن تم منح الأولوية للمهندسين وليس للمعطلين، وأشار إلى وجود آلاف الهكتارات من الأراضي المهملة ولو يقع استغلالها من قبل المعطلين عن العمل فإن ذلك سيساهم في حل مشكل البطالة وسيؤدي في نفس الوقت إلى تحقيق الأمن الغذائي.

وبين أنه إضافة إلى توزيع مقاسم يقترح الاتحاد أن يتم تعويض المتقاعدين بصفة آلية بأصحاب شهادات معطلين عن العمل. وأضاف أن القطاع التربوي على سبيل الذكر يحتاج إلى أكثر من خمسين ألف عون بين أساتذة ومعلمين وقيمين والمطلوب هو تعويض كل من يغادر إلى التقاعد بغيره، ورصد الاعتمادات المالية الكافية للانتداب عوضا عن اعتماد آليات التشغيل الهش من نيابات وحضائر. وذكر أنه يتعين على الدولة أن تتحمل مسؤولياتها في انتداب أصحاب الشهادات، إذ يوجد في الوقت الراهن نحو 400 ألف صاحب شهادة عاطل عن العمل، ويعود تفاقم العدد من سنة إلى أخرى إلى تخلي الدولة عن دورها التشغيلي، وحتى الانتدابات التي تم فتحها خلال السنة الجارية فهي ضئيلة جدا أما المناظرات في المؤسسات والمنشآت العمومية فتكاد تكون منعدمة. وليس هذا فقط فالدولة حسب تأكيد الخرايفي، تتلاعب بـأرقام البطالة، وفسر أن الرقم المعلن عنه يتعلق بالمعطلين عن العمل المواظبين على التذكير بالتسجيل في مكاتب التشغيل، والحال أن جل المعطلين سئموا التردد على مكاتب التشغيل للتذكير بالتسجيل لأنهم أدركوا أن ما يفعلونه لا فائدة ترجى منه ولأنهم لا يجدون في مكاتب التشغيل عروض تشغيل جدية. وبين الخرايفي أنه أمام غياب فرص التشغيل هناك عدد كبير من خريجي كليات الطب والهندسة اضطروا إلى الهجرة وهو ما يمثل خسارة لا تعوض لأن المجموعة الوطنية أنفقت الكثير على دراستهم لكن في المقابل هناك تصحر في المؤسسات الصحية العمومية نتيجة النقص الفادح في عدد الأطباء والإطارات شبه الطبية ونفس الشيء بالنسبة للمهندسين.. وحتى المعطلين الذين بعثوا مشاريع خاصة فإنهم على حد تأكيده يعانون من مخلفات جائحة كورونا وأشار إلى أنه كان من المفروض على الدولة أن تساعدهم على تجاوز هذه الأزمة وأن تضخ ما يكفي من الأموال لدعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي تضررت من كوفيد لكن هذا لم يحدث، فالمساعدات التي تم توفيرها زهيدة جدا ولا تفي بالحاجة الأمر الذي أدى إلى غلق عدد كبير من المؤسسات وهو ما زاد في عدد المعطلين عن العمل.

وتعقيبا عن استفسار حول وضعية التشغيل في القطاع الخاص، بين الخرايفي أن أغلب مؤسسات القطاع الخاص تختار آليات التشغيل الهش من قبيل التشغيل عبر عقود التربصات للإعداد الحياة المهنية وعقد فرصتي وعقد الكرامة وغيرها وهي آليات تخدم مصلحة المشغل فقط. وفسر أن المشغل ينتفع بالحوافز وبالامتيازات الجبائية التي توفرها الدولة في إطار تلك الآليات لكنه في المقابل لا ينتدب المعطل عن العمل بعد انتهاء مدة العقد وهذا تحيل على الدولة واستنزاف لميزانيتها.. وأضاف أن الدولة نفسها تعتمد آليات التشغيل الهش  وهي تتعلل بصعوبات المالية العمومية ولا تقوم بتسوية ملفات النواب، وحتى وضعيات عمال الحضائر والمفروزين أمنيا فلم تقع تسويتها بالكامل..

ضرب لوحدة الصف

ولم يخف شريف الخرايفي ضجره من تفاقم أزمة البطالة من سنة إلى أخرى، وبين في هذا السياق أن الجامعة تخرج سنويا بين 50 و60 ألف مجاز لكن أبواب سوق الشغل موصدة منذ سنة 2016 أي منذ قرار تجميد الانتدابات الذي تم اتخاذه تحت وطأة ضغط صندوق النقد الدولي. وأشار إلى أنه في مقابل استفحال البطالة نجد أن الحركة الاحتجاجية أصابها ما أصاب الحركة السياسية، وأقر الأمين العام للاتحاد بأنهم في المنظمة لم يبذلوا ما يكفي من الجهد لحماية الحركة الاحتجاجية للمعطلين عن العمل من خطر الاستقطاب، وفسر أن القانون عدد 38 شقه الاستقطاب ففي مرحلة أولى كان هناك استقطاب حاد بين الكتل البرلمانية وفي مرحلة ثانية كان هناك استقطاب بين أنصار سعيد وخصومه.. وقال إنه يأسف كثيرا عندما يشاهد أناس كانوا يناضلون من أجل سن القانون عدد 38 لكنهم اليوم تخلوا عن القضية لأنه تم تعيينهم معتمدين في بعض الجهات، وذكر أنه تم التلاعب بالمعطلين المشمولين بالقانون المذكور وهو ما سهل طمس التحركات الاحتجاجية، ولكن هذا لا ينفي أن هناك من واصلوا النضال من أجل تفعيل القانون، ففي سوسة هناك اعتصام في المندوبية الجهوية للتربية متواصل منذ 27 سبتمبر الماضي إلى اليوموتم خلاله تنفيذ إضراب جوع، وذكر أن اتحاد المعطلين في هذه اللحظة الحرجة يوجه دعوة لتنسيقيات الانتداب حقي وتنسيقية الدكاترة المعطلين عن العمل وتنسيقية خرجي المعاهد العليا للرياضة والتربية البدنية لتوحيد صفوفهم، لأن السلطة هي الوحيدة المستفيدة من تشتت صفوف المعطلين عن العمل ولأن ضرب حراك أي تنسيقية هو ضرب لوحدة كافة المعطلين عن العمل. وأشار إلى أن اتحاد المعطلين عن العمل يستعد هذه الأيام لإحياء الذكرى 16 لتأسيسه وهناك في الأفق مبادرة لتوحيد المعطلين عن العمل وإعادة ترتيب البيت الداخلي للمنظمة. وعبر الخرايفي عن رغبته الكبيرة في توحيد صف كافة المعطلين عن العمل، وألقى باللائمة على بعض التنسقسيات التي كان عملها على حساب وحدة المعطلين، وذكر أن هناك من سقطوا في فخ التجاذبات السياسية والصراعات الحزبية والخلافات الإيديولوجية وهو ما أضر بقضية المعطلين المشمولين بالقانون عدد 38 كثيرا، وذكر أن الاتحاد كان واع بهذا الخطر وحتى عندما تم تشويهه من قبل بعض التنسيقيات القريبة من حركة النهضة لم يتخل عن مطلب وحدة الصف على اعتبار أنها صمام الأمان بالنسبة لعموم المعطلين عن العمل..

وردا عن سؤال حول ما إذا تم التفكير في تجميع المعطلين عن العمل في حزب سياسي وخوض غمار الانتخابات وفي صورة الفوز يتم تنفيذ برنامج يمنح الأولوية لملف البطالة، أجاب الخرايفي أن هذه الفكرة لم تطرح لأنهم يريدون أن يبقى اتحاد المعطلين عن العمل منظمة مستقلة ويريدون بقاء المعطلين عن العمل ومنظمتهم  خارج دائرة الصراع السياسي والإيديولوجي لأن قضية البطالة هي قضية شعب كامل وليست قضية يمين أو يسار.

 

سعيدة بوهلال

الأمين العام لاتحاد المعطلين عن العمل: يكفينا من الحلول الترقيعية والمطلوب منوال تنموي يقطع مع سياسات التشغيل الهش

* التجاذبات السياسية والخلافات الإيديولوجية شقت صف "البطّالة" وحان وقت الوحدة

تونس-الصباح

طالب شريف الخرايفي الأمين العام لاتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل بوضع منوال تنموي جديد يخلق الثروة الحقيقية ويساهم في التقليص من نسبة البطالة بصفة فعلية بدلا عن الحلول الترقيعية.. وبين في تصريح لـ "الصباح" أن الاتحاد يجدد رفضه للانقلاب على القانون عدد 38 لسنة 2020 المتعلق بالانتدابات الاستثنائية في القطاع العام لأسباب سياسية بحتة، ويعتبر أن المرسوم عدد 15 لسنة 2022 المؤرّخ في 20 مارس 2022 المتعلق بالشركات الأهلية والمرسوم عدد 13 لسنة 2022 المؤرخ في 20 مارس 2022 المتعلق بالصلح الجزائي وتوظيف عائداته، لن يجديا نفعا في ظل الركود الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد في الوقت الراهن.

وأشار الخرايفي إلى أنه منذ اليوم الذي أبدى فيه رئيس الجمهورية قيس سعيد ذلك الموقف المزاجي من القانون عدد 38 وقوله إنه غير قابل للتطبيق، حذر الاتحاد من أنه لن يقع تعويض القانون المذكور، بحكم أنه حسب على الخصم السياسي للرئيس، كما نبه الاتحاد إلى أن التخلي عن تطبيق القانون لا يتم بحلول ترقيعية وإجراءات شعبوية مثل الشركات الأهلية التي قدمها سعيد كبديل وكذلك مسألة الصلح الجزائي، فهذه الأطروحات هي مجرد حلول وقتية وعبارة عن هروب إلى الأمام ولا تعالج أصل المشكل خاصة وأن فكرة الشركات الأهلية ارتبطت بمسائل أخرى من قبيل محاسبة من نهبوا المال العام وإقامة صلح جزائي معهم مقابل استثمارهم في الجهات المهمشة وهو أمر غير قابل للتطبيق لأن أغلب المعنيين بمرسوم الصلح الجزائي ماتوا أو سافروا.. وليس هذا فقط بل أن التفكير في بعث شركات أهلية في جهات تعاني من انكماش غير مسبوق وتراجع مريع للتنمية خال من المنطق لأنه لا يمكن لمثل هذه المشاريع أن تنجح في ظروف مماثلة.

وذكر الأمين العام لاتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل أن رئيس الدولة لم يقدم منذ حملته الانتخابية حلولا حقيقية لمشكلة البطالة ولم يعمل على مراجعة المنوال التنموي وهو أصل الداء، والمراسيم التي أصدرها كانت عبارة عن تلهية للرأي العام لأن الرئيس، وهذا واضع للعيان، منشغل بمشروعه الخاص، أما ملف التشغيل فإنه غير موجود في أجندته. وبين محدثنا أن التونسيين قبل 25 جويلية كانوا يعانون من التعفن السياسي الموجود في البرلمان واليوم هناك تسريبات تقيم الدليل على أن التعفن كان موجودا حتى في محيط الرئيس، وفي نهاية الأمر فإن الصراع السياسي كان على حساب الاستحقاقات الفعلية للتونسيين وعلى حساب المشاكل الحقيقية للبلاد وفي مقدمتها مشكلة البطالة والتنمية وعجز الميزان التجاري والمديونية، فعوضا عن التركيز على هذه الملفات الحارقة انصب الاهتمام نحو الصراع القائم بين جناحي المنظومة الحاكمة أي بين جرحى 25 جويلية وبين الماسكين بالسلطة في الوقت الراهن، والضحية الأولى هي السواد الأعظم من التونسيين وخاصة المعطلين منهم عن العمل من أصحاب الشهادات.

وقال الخرايفي: "نحن في الاتحاد لا نعتبر أنه بالإمكان حل ملف التشغيل دون تغيير المنوال التنموي، لأنه بالإمكان التوصل إلى حلول ترقيعية نتيجة ضغط الحركات الاحتجاجية والحركة السياسية، وبالإمكان إخماد الحراك الاجتماعي الذي يظهر بين الحين والآخر في بعض الجهات على غرار الحوض المنجمي لكن الحلول الوقتية لا تكفي، بل يجب وضع ملف التشغيل على الطاولة والاتجاه فورا نحو تغيير المنوال التنموي لأن المنوال الحالي عاجز على تحقيق النمو وخلق الثروة وبالتالي على معالجة أزمة البطالة نظرا إلى أنه لا يولي الأهمية اللازمة لقطاع الفلاحة.. فمن غير المنطقي أن نجد اليوم في تونس التي كانت تسمى مطمورة روما أناس يتضورون جوعا نتيجة تدهور المقدرة الشرائية وإهمال الفلاحة".

حلول عديدة

من الحلول التي اقترحها اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل لأزمة البطالة حسب قول شريف الخرايفي، منح مقاسم وأراض خصبة للمعطلين عن العمل، وبين أنه تم إقرار برامج  في هذا الاتجاه لكن تم منح الأولوية للمهندسين وليس للمعطلين، وأشار إلى وجود آلاف الهكتارات من الأراضي المهملة ولو يقع استغلالها من قبل المعطلين عن العمل فإن ذلك سيساهم في حل مشكل البطالة وسيؤدي في نفس الوقت إلى تحقيق الأمن الغذائي.

وبين أنه إضافة إلى توزيع مقاسم يقترح الاتحاد أن يتم تعويض المتقاعدين بصفة آلية بأصحاب شهادات معطلين عن العمل. وأضاف أن القطاع التربوي على سبيل الذكر يحتاج إلى أكثر من خمسين ألف عون بين أساتذة ومعلمين وقيمين والمطلوب هو تعويض كل من يغادر إلى التقاعد بغيره، ورصد الاعتمادات المالية الكافية للانتداب عوضا عن اعتماد آليات التشغيل الهش من نيابات وحضائر. وذكر أنه يتعين على الدولة أن تتحمل مسؤولياتها في انتداب أصحاب الشهادات، إذ يوجد في الوقت الراهن نحو 400 ألف صاحب شهادة عاطل عن العمل، ويعود تفاقم العدد من سنة إلى أخرى إلى تخلي الدولة عن دورها التشغيلي، وحتى الانتدابات التي تم فتحها خلال السنة الجارية فهي ضئيلة جدا أما المناظرات في المؤسسات والمنشآت العمومية فتكاد تكون منعدمة. وليس هذا فقط فالدولة حسب تأكيد الخرايفي، تتلاعب بـأرقام البطالة، وفسر أن الرقم المعلن عنه يتعلق بالمعطلين عن العمل المواظبين على التذكير بالتسجيل في مكاتب التشغيل، والحال أن جل المعطلين سئموا التردد على مكاتب التشغيل للتذكير بالتسجيل لأنهم أدركوا أن ما يفعلونه لا فائدة ترجى منه ولأنهم لا يجدون في مكاتب التشغيل عروض تشغيل جدية. وبين الخرايفي أنه أمام غياب فرص التشغيل هناك عدد كبير من خريجي كليات الطب والهندسة اضطروا إلى الهجرة وهو ما يمثل خسارة لا تعوض لأن المجموعة الوطنية أنفقت الكثير على دراستهم لكن في المقابل هناك تصحر في المؤسسات الصحية العمومية نتيجة النقص الفادح في عدد الأطباء والإطارات شبه الطبية ونفس الشيء بالنسبة للمهندسين.. وحتى المعطلين الذين بعثوا مشاريع خاصة فإنهم على حد تأكيده يعانون من مخلفات جائحة كورونا وأشار إلى أنه كان من المفروض على الدولة أن تساعدهم على تجاوز هذه الأزمة وأن تضخ ما يكفي من الأموال لدعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي تضررت من كوفيد لكن هذا لم يحدث، فالمساعدات التي تم توفيرها زهيدة جدا ولا تفي بالحاجة الأمر الذي أدى إلى غلق عدد كبير من المؤسسات وهو ما زاد في عدد المعطلين عن العمل.

وتعقيبا عن استفسار حول وضعية التشغيل في القطاع الخاص، بين الخرايفي أن أغلب مؤسسات القطاع الخاص تختار آليات التشغيل الهش من قبيل التشغيل عبر عقود التربصات للإعداد الحياة المهنية وعقد فرصتي وعقد الكرامة وغيرها وهي آليات تخدم مصلحة المشغل فقط. وفسر أن المشغل ينتفع بالحوافز وبالامتيازات الجبائية التي توفرها الدولة في إطار تلك الآليات لكنه في المقابل لا ينتدب المعطل عن العمل بعد انتهاء مدة العقد وهذا تحيل على الدولة واستنزاف لميزانيتها.. وأضاف أن الدولة نفسها تعتمد آليات التشغيل الهش  وهي تتعلل بصعوبات المالية العمومية ولا تقوم بتسوية ملفات النواب، وحتى وضعيات عمال الحضائر والمفروزين أمنيا فلم تقع تسويتها بالكامل..

ضرب لوحدة الصف

ولم يخف شريف الخرايفي ضجره من تفاقم أزمة البطالة من سنة إلى أخرى، وبين في هذا السياق أن الجامعة تخرج سنويا بين 50 و60 ألف مجاز لكن أبواب سوق الشغل موصدة منذ سنة 2016 أي منذ قرار تجميد الانتدابات الذي تم اتخاذه تحت وطأة ضغط صندوق النقد الدولي. وأشار إلى أنه في مقابل استفحال البطالة نجد أن الحركة الاحتجاجية أصابها ما أصاب الحركة السياسية، وأقر الأمين العام للاتحاد بأنهم في المنظمة لم يبذلوا ما يكفي من الجهد لحماية الحركة الاحتجاجية للمعطلين عن العمل من خطر الاستقطاب، وفسر أن القانون عدد 38 شقه الاستقطاب ففي مرحلة أولى كان هناك استقطاب حاد بين الكتل البرلمانية وفي مرحلة ثانية كان هناك استقطاب بين أنصار سعيد وخصومه.. وقال إنه يأسف كثيرا عندما يشاهد أناس كانوا يناضلون من أجل سن القانون عدد 38 لكنهم اليوم تخلوا عن القضية لأنه تم تعيينهم معتمدين في بعض الجهات، وذكر أنه تم التلاعب بالمعطلين المشمولين بالقانون المذكور وهو ما سهل طمس التحركات الاحتجاجية، ولكن هذا لا ينفي أن هناك من واصلوا النضال من أجل تفعيل القانون، ففي سوسة هناك اعتصام في المندوبية الجهوية للتربية متواصل منذ 27 سبتمبر الماضي إلى اليوموتم خلاله تنفيذ إضراب جوع، وذكر أن اتحاد المعطلين في هذه اللحظة الحرجة يوجه دعوة لتنسيقيات الانتداب حقي وتنسيقية الدكاترة المعطلين عن العمل وتنسيقية خرجي المعاهد العليا للرياضة والتربية البدنية لتوحيد صفوفهم، لأن السلطة هي الوحيدة المستفيدة من تشتت صفوف المعطلين عن العمل ولأن ضرب حراك أي تنسيقية هو ضرب لوحدة كافة المعطلين عن العمل. وأشار إلى أن اتحاد المعطلين عن العمل يستعد هذه الأيام لإحياء الذكرى 16 لتأسيسه وهناك في الأفق مبادرة لتوحيد المعطلين عن العمل وإعادة ترتيب البيت الداخلي للمنظمة. وعبر الخرايفي عن رغبته الكبيرة في توحيد صف كافة المعطلين عن العمل، وألقى باللائمة على بعض التنسقسيات التي كان عملها على حساب وحدة المعطلين، وذكر أن هناك من سقطوا في فخ التجاذبات السياسية والصراعات الحزبية والخلافات الإيديولوجية وهو ما أضر بقضية المعطلين المشمولين بالقانون عدد 38 كثيرا، وذكر أن الاتحاد كان واع بهذا الخطر وحتى عندما تم تشويهه من قبل بعض التنسيقيات القريبة من حركة النهضة لم يتخل عن مطلب وحدة الصف على اعتبار أنها صمام الأمان بالنسبة لعموم المعطلين عن العمل..

وردا عن سؤال حول ما إذا تم التفكير في تجميع المعطلين عن العمل في حزب سياسي وخوض غمار الانتخابات وفي صورة الفوز يتم تنفيذ برنامج يمنح الأولوية لملف البطالة، أجاب الخرايفي أن هذه الفكرة لم تطرح لأنهم يريدون أن يبقى اتحاد المعطلين عن العمل منظمة مستقلة ويريدون بقاء المعطلين عن العمل ومنظمتهم  خارج دائرة الصراع السياسي والإيديولوجي لأن قضية البطالة هي قضية شعب كامل وليست قضية يمين أو يسار.

 

سعيدة بوهلال

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews