"إن الأرقام تؤكد أن الشركات الأهلية مطلب شعبي"، هكذا علق رئيس الجمهورية قيس سعيد عند سماعه نتائج الاستشارة الوطنية مؤخرا وهو الذي اصدر مرسوما رئاسيا في 21 مارس الفارط، يتعلق بهذا النوع من الشركات حيث جاء في نص المرسوم انه "تعتبر شركة أهلية على معنى أحكام هذا المرسوم كلّ شخص معنوي تحدثه مجموعة من أهالي الجهة يكون الباعث على تأسيسها تحقيق العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات من خلال ممارسة جماعية لنشاط اقتصادي انطلاقا من المنطقة الترابية المستقرين بها."
وتهدف الشركات الأهلية إلى تحقيق التنمية الجهوية وأساسا بالمعتمديات وفقا للإرادة الجماعية للأهالي وتماشيا مع حاجيات مناطقهم وخصوصياتها. وتمارس الشركات الأهلية نشاطا اقتصاديا انطلاقا من الجهة الترابية المنتصبة بها.
وبعد أن وجد لها نص قانوني وأفادت نتائج الاستشارة أن الشركات الأهلية أصبحت مطلبا شعبيا هل بات من الممكن تطبيق هذه الفكرة على ارض الواقع؟
على مستوى قانوني وقبل صدور المرسوم أثارت فكرة إحداث الشركات الأهلية جدلا واسعا في الأوساط القانونية حيث اعتبر البعض أنها لن تعطي نتائجها إلا بعد سنوات طويلة من العمل، حيث أكد أستاذ القانون العام صغير الزكراوي "أن منوال التنمية في تونس لا يمكن أن يكون من خلال صلح جزائي وشركات أهلية لن تعطي نتائج إلا بعد مرور مدة من الزمن".
أما على مستوى المردودية، اعتبر محسن حسن الوزير الأسبق والخبير الاقتصادي أن تكوين وتمويل الشركات الأهلية يطرح عدة إشكاليات رغم صدور مرسوم في الغرض إلا أن المأزق الاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه تونس أعمق من أن يقع حله من خلال إحداث هذا النوع الجديد من الشركات التي يحوم حولها الغموض هذا الى جانب تعدد الشركاء وضعف رأس المال وربط نشاط هذه الشركات بإطار جغرافي محدد.
وفي نفس السياق شدد حسن على ضرورة دعم الاقتصاد الاجتماعي التضامني كقطاع ثالث الذي لازالت مساهمته ضعيفة في الاقتصاد الوطني ولم تتعد 5 بالمائة لأنه اشمل وأعمق من الشركات الأهلية التي يمكن أن تكون احدى مكونات هذا القطاع شريطة تحسين صياغة النصوص القانونية المنظمة لإحداثها وتوفير الظروف لتلعب دورا في التنمية المحلية وخلق فرص العمل والقضاء على الفقر.
وحسب الوزير الأسبق فان الاقتصاد التونسي يحتاج الى رؤية اقتصادية جديدة تقوم على سياسات قطاعية تهدف لدفع الاستثمار الخاص والعام والتضامني وكذلك دفع التصدير والاستهلاك أي تفعيل محركات النمو وخلق الثروة لتحقيق التنمية الجهوية العاجلة، مضيفا بان إنقاذ الاقتصاد في تونس ينطلق من إصلاحات عميقة وشاملة تكون نتاج ومخرجات لحوار اقتصادي وطني شامل لا يقصي كل من له إمكانية تقديم الإضافة.
وكان الأستاذ الجامعي المختص في الاقتصاد التضامني، لطفي بن عيسى، أشار إلى أن نص المرسوم المتعلق بالشركات الأهلية "يتقاطع مع قانون الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وذلك على مستوى المبادئ والأهداف التنموية وكذلك في عدة نقاط على غرار مسألة توزيع الفوائض والمحاور المتعلقة بالمدخرات".
حسب نص المرسوم، تعتمد الشركات الأهلية، على موارد ذاتية في حدود 10 آلاف دينار بالنسبة للشركات التي تنشط على مستوى المعتمدية و20 ألف دينار بالنسبة للشركات الناشطة في الولاية، بالإضافة إلى موارد خارجية عمومية متأتية من صندوق الصلح الجبائي وفق مقتضيات مرسوم الصلح الجزائي، الذي ينص على رصد نسبة 20 بالمائة من الصندوق لفائدة الجماعات المحلية التي ستساهم في رأس مال الشركات الأهلية.
وشدد بالقول "كان من المفروض الاكتفاء بالقانون والتنصيص في الأوامر الترتيبية على الشركات الأهلية" والاستغناء عن المرسوم الذي يتطلب تطبيقه نصوص ترتيبية توضح بعض فصوله.
كما أشار محسن الشيباني رئيس جمعية تنمية مستدامة اقتصاد اجتماعي تضامني وخبير في اقتصاد التنمية انه بدل الذهاب في تنفيذ فكرة الشركات الأهلية التي يحوم حولها الغموض إلى جانب أنها طرح سياسي أكثر منه اقتصادي، يوجد في الرفوف قانون عليه إجماع من قبل المنظمة الشغيلة والبرلمان قبل أن يقع حله وهو قانون الاقتصاد الاجتماعي التضامني غير أن آليات التنفيذ والقوانين الترتيبية لهذا القانون لم تصدر وهذه مسؤولية وزارة التشغيل والتكوين المهني وهي حاليا شرعت في إعداد مشروع لتحيين القانون الأول وهناك مخاوف من إفراغه من محتواه.
كما أفاد محدثنا أن الاقتصاد الاجتماعي التضامني هو خيار ثالث ليدعم سياسة الدولة العمومية ويثمن المبادرة الخاصة ولكن في نفس الوقت يعتمد على التجديد وتتم من خلاله المعادلة بين المردودية الاقتصادية وتحقيق الأهداف الاجتماعية من خلال استثمار الإرباح من جديد في تحقيق أهداف اجتماعية إلى جانب أن تجربة الاقتصاد الاجتماعي التضامني موجود حاليا في الدول الأوروبي تساهم بقيمة تقدر من 12 بالمائة في الناتج الداخلي الخام ويشغل الملايين من الناس وفي حال تفعيله في تونس فهو قادر على المساهمة في الخروج من الأزمة وخلق مواطن شغل بالآلاف لكن الشركات الأهلية خيار سياسي وغير واضحة المعالم على مستوى ربحيتها ولا يمكن الخلط بينها وبين الاقتصاد الاجتماعي التضامني الذي نجح في عديد الدول الغربية.
وأضاف الشيباني أن في مخطط التنمية الجديدة رصدت الحكومة حوالي 70 مليون دينار لدعم الاقتصاد الاجتماعي التضامني ووزارة التشغيل والتكوين المهني هي المكلفة بتسيير أنشطة الاقتصاد الاجتماعي التضامني.
جهاد الكبوسي
تونس – الصباح
"إن الأرقام تؤكد أن الشركات الأهلية مطلب شعبي"، هكذا علق رئيس الجمهورية قيس سعيد عند سماعه نتائج الاستشارة الوطنية مؤخرا وهو الذي اصدر مرسوما رئاسيا في 21 مارس الفارط، يتعلق بهذا النوع من الشركات حيث جاء في نص المرسوم انه "تعتبر شركة أهلية على معنى أحكام هذا المرسوم كلّ شخص معنوي تحدثه مجموعة من أهالي الجهة يكون الباعث على تأسيسها تحقيق العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات من خلال ممارسة جماعية لنشاط اقتصادي انطلاقا من المنطقة الترابية المستقرين بها."
وتهدف الشركات الأهلية إلى تحقيق التنمية الجهوية وأساسا بالمعتمديات وفقا للإرادة الجماعية للأهالي وتماشيا مع حاجيات مناطقهم وخصوصياتها. وتمارس الشركات الأهلية نشاطا اقتصاديا انطلاقا من الجهة الترابية المنتصبة بها.
وبعد أن وجد لها نص قانوني وأفادت نتائج الاستشارة أن الشركات الأهلية أصبحت مطلبا شعبيا هل بات من الممكن تطبيق هذه الفكرة على ارض الواقع؟
على مستوى قانوني وقبل صدور المرسوم أثارت فكرة إحداث الشركات الأهلية جدلا واسعا في الأوساط القانونية حيث اعتبر البعض أنها لن تعطي نتائجها إلا بعد سنوات طويلة من العمل، حيث أكد أستاذ القانون العام صغير الزكراوي "أن منوال التنمية في تونس لا يمكن أن يكون من خلال صلح جزائي وشركات أهلية لن تعطي نتائج إلا بعد مرور مدة من الزمن".
أما على مستوى المردودية، اعتبر محسن حسن الوزير الأسبق والخبير الاقتصادي أن تكوين وتمويل الشركات الأهلية يطرح عدة إشكاليات رغم صدور مرسوم في الغرض إلا أن المأزق الاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه تونس أعمق من أن يقع حله من خلال إحداث هذا النوع الجديد من الشركات التي يحوم حولها الغموض هذا الى جانب تعدد الشركاء وضعف رأس المال وربط نشاط هذه الشركات بإطار جغرافي محدد.
وفي نفس السياق شدد حسن على ضرورة دعم الاقتصاد الاجتماعي التضامني كقطاع ثالث الذي لازالت مساهمته ضعيفة في الاقتصاد الوطني ولم تتعد 5 بالمائة لأنه اشمل وأعمق من الشركات الأهلية التي يمكن أن تكون احدى مكونات هذا القطاع شريطة تحسين صياغة النصوص القانونية المنظمة لإحداثها وتوفير الظروف لتلعب دورا في التنمية المحلية وخلق فرص العمل والقضاء على الفقر.
وحسب الوزير الأسبق فان الاقتصاد التونسي يحتاج الى رؤية اقتصادية جديدة تقوم على سياسات قطاعية تهدف لدفع الاستثمار الخاص والعام والتضامني وكذلك دفع التصدير والاستهلاك أي تفعيل محركات النمو وخلق الثروة لتحقيق التنمية الجهوية العاجلة، مضيفا بان إنقاذ الاقتصاد في تونس ينطلق من إصلاحات عميقة وشاملة تكون نتاج ومخرجات لحوار اقتصادي وطني شامل لا يقصي كل من له إمكانية تقديم الإضافة.
وكان الأستاذ الجامعي المختص في الاقتصاد التضامني، لطفي بن عيسى، أشار إلى أن نص المرسوم المتعلق بالشركات الأهلية "يتقاطع مع قانون الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وذلك على مستوى المبادئ والأهداف التنموية وكذلك في عدة نقاط على غرار مسألة توزيع الفوائض والمحاور المتعلقة بالمدخرات".
حسب نص المرسوم، تعتمد الشركات الأهلية، على موارد ذاتية في حدود 10 آلاف دينار بالنسبة للشركات التي تنشط على مستوى المعتمدية و20 ألف دينار بالنسبة للشركات الناشطة في الولاية، بالإضافة إلى موارد خارجية عمومية متأتية من صندوق الصلح الجبائي وفق مقتضيات مرسوم الصلح الجزائي، الذي ينص على رصد نسبة 20 بالمائة من الصندوق لفائدة الجماعات المحلية التي ستساهم في رأس مال الشركات الأهلية.
وشدد بالقول "كان من المفروض الاكتفاء بالقانون والتنصيص في الأوامر الترتيبية على الشركات الأهلية" والاستغناء عن المرسوم الذي يتطلب تطبيقه نصوص ترتيبية توضح بعض فصوله.
كما أشار محسن الشيباني رئيس جمعية تنمية مستدامة اقتصاد اجتماعي تضامني وخبير في اقتصاد التنمية انه بدل الذهاب في تنفيذ فكرة الشركات الأهلية التي يحوم حولها الغموض إلى جانب أنها طرح سياسي أكثر منه اقتصادي، يوجد في الرفوف قانون عليه إجماع من قبل المنظمة الشغيلة والبرلمان قبل أن يقع حله وهو قانون الاقتصاد الاجتماعي التضامني غير أن آليات التنفيذ والقوانين الترتيبية لهذا القانون لم تصدر وهذه مسؤولية وزارة التشغيل والتكوين المهني وهي حاليا شرعت في إعداد مشروع لتحيين القانون الأول وهناك مخاوف من إفراغه من محتواه.
كما أفاد محدثنا أن الاقتصاد الاجتماعي التضامني هو خيار ثالث ليدعم سياسة الدولة العمومية ويثمن المبادرة الخاصة ولكن في نفس الوقت يعتمد على التجديد وتتم من خلاله المعادلة بين المردودية الاقتصادية وتحقيق الأهداف الاجتماعية من خلال استثمار الإرباح من جديد في تحقيق أهداف اجتماعية إلى جانب أن تجربة الاقتصاد الاجتماعي التضامني موجود حاليا في الدول الأوروبي تساهم بقيمة تقدر من 12 بالمائة في الناتج الداخلي الخام ويشغل الملايين من الناس وفي حال تفعيله في تونس فهو قادر على المساهمة في الخروج من الأزمة وخلق مواطن شغل بالآلاف لكن الشركات الأهلية خيار سياسي وغير واضحة المعالم على مستوى ربحيتها ولا يمكن الخلط بينها وبين الاقتصاد الاجتماعي التضامني الذي نجح في عديد الدول الغربية.
وأضاف الشيباني أن في مخطط التنمية الجديدة رصدت الحكومة حوالي 70 مليون دينار لدعم الاقتصاد الاجتماعي التضامني ووزارة التشغيل والتكوين المهني هي المكلفة بتسيير أنشطة الاقتصاد الاجتماعي التضامني.