إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

فريق نجلاء بودن لم يشذ عن القاعدة مكافحة الفساد.. "كلام حكومات" لا يعتد به !



تونس – الصباح

خلال الأيام القليلة الماضية، استقبلت رئيسة الحكومة نجلاء بودن، بقصر الحكومة، رئيس هيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية سليم الهنتاتي. وأشار بلاغ مقتضب صادر عن رئاسة الحكومة أنه تم خلال اللقاء "تقديم عرض لتنفيذ برنامج التفقد لسنة 2021، والخاص بالمهمات المبرمجة والمنجزة والمهمات غير المنجزة كما تمّ التطرق لنتائج أعمال التفقد لعدد من المؤسسات والمنشآت العمومية".

وفي حكومة رفعت منذ لحظة تعيينها شعار مكافحة الفساد أتى هذا اللقاء متأخرا جدا وكان يفترض برئيسة الحكومة أن يكون لقاؤها مع هيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية والتي تعتبر أهم هيئة رقابية في الدولة وهي التي تتولى مهام الرقابة العليا على مصالح الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات والمنشآت العمومية، وبصفة عامّة على الهياكل والذوات والمنظمات بجميع أنواعها التي تنتفع بدعم أو بمساهمة عمومية، بصفة مباشرة أو غير مباشرة.. خاصة وأن بلاغ أشار إلى كون هناك تقارير رقابية منجزة وهذه التقارير يفترض من رئيسة الحكومة أن تتطلع عليها وتحيلها إلى القضاء خاصة وأن أغلب التقارير الرقابية الصادرة عن هيئة الرقابة للمصالح العمومية والتي تم على ضوء تقريرها إحالة ملف رئيس الحكومة الأسبق الياس الفخاخ على القضاء وكذلك عن هيئة الرقابة المالية والإدارية التابعة لوزارة المالية أو هيئة الرقابة التابعة لوزارة أملاك الدولة تكون في الغالب تقارير مبنية على شبهات فساد إداري وتلاعب جدية تفرض الإحالة على القضاء .

 

مكافحة الفساد.. تلك الإشاعة !

في يوم أدائها لليمين الدستورية أشارت رئيسة الحكومة نجلاء بودن أن من بين أهم الأهداف على الإطلاق لعمل الحكومة هو مكافحة الفساد الذي قالت عنه: "أنه يزداد انتشارا يوما بعد يوما ويقوّض الثقة في أي محاولة إصلاح جذري وحقيقي من أجل إعادة الأمل للمواطن في المستقبل"الذي قالت عنه بودن أنها تتمناه أن يكون أفضل من الحاضر والماضي.. ولكن هل تحسن فعلا هذا "المستقبل" منذ تولت مهامها كأول رئيسة للوزراء في العالم العربي وهو الأمر الذي تم التسويق له سياسيا كحدث تاريخي وغذّى الآمال والتطلعات بأن قيادة امرأة للدولة سيحدث الفارق وستكون أكثر حرصا على مقاومة الفساد خاصة وأن السلطة التنفيذية اليوم تنفرد بتسيير الدولة دون شريك لا من البرلمان ولا من أي سلطة توازن أخرى .

وبعد حوالي أربعة أشهر من تسلم حكومة بودن مهامها تبدو النتيجة مخيبة لكل الآمال في باب مكافحة الفساد ولم تخرج عمّا اعتدناه من التزامات وتصريحات الحكومات السابقة رغم أن رئيس الجمهورية قيس سعيد بنى سردية منظومة 25 جويلية على التصدي للصوص والمافيات وإنقاذ الدولة التي استنزفها الفساد وحتى في خطابه بعد أداء الحكومة اليمين أكد على ذلك حيث حثّ على ضرورة "إنقاذ البلاد ممن يتربصون بها في الداخل والخارج" و"من يعتبرون المناصب غنيمة" واعدا بأنه سيفتح "الملفات ولن يستثني أحدا وأنه لا مكان لمن يريدون العبث بسيادة الدولة".

ما قيل في شرم الشيخ بقي في شرم الشيخ !

وإذا كانت الحكومة إلى اليوم ما زالت لم تترجم في الواقع ما التزمت به حرفيا أمام الشعب وأخفقت في أكبر اختباراتها وهو قانون المالية كما أخفقت في غيره من التزاماته، فإنها التزاماتها الخارجية وأمام المجتمع الدولي تواجه نفس المصير في الإهمال وعدم المتابعة الجدية وعدم الحرص والإصرار على تنفيذها.

ففي 13 ديسمبر الماضي وخلال أعمال الدورة التاسعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، بمدينة شرم الشيخ المصرية، أكدت رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن حرص تونس على إرساء منظومة قانونية ومؤسسية للوقاية من الفساد ومكافحته، في إطار مسؤوليتها الدولية عقب توقيعها على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.

ولكن إلى اليوم لم نر أو نسمع شيئا عن هذه المنظومة سواء قانونية أو مؤسسية للوقاية من الفساد بل ما حصل هو تجميد عمل هيئة مكافحة الفساد، التي غابت عن حضور مؤتمر شرم الشيخ رغم حضور أكثر من 30 ممثلا لهيئات مكافحة الفساد من دول مختلفة من العالم، رغم أن الهيئة هي أحد أبرز أدوات المنظومة المؤسسية في مكافحة الفساد وهي منجز كان يفترض من الحكومة أن تعمل على إصلاحه ودعمه وتوفير كل الإمكانيات والموارد لإنجاح أعمالها خاصة وأن أعوان الهيئة اكتسبوا خبرة في تعقّب ملفات الفساد كما أن عديد الملفات التي كانت الهيئة بصدد الاشتغال عليها أو تلك التي تمت إحالتها على القضاء لا نعرف ماذا حل بها أو إلى ماذا انتهت قضائيا .

ولعل اللافت في مسألة علاقة حكومة بودن بملف مكافحة الفساد ليس قصر مدة مباشرة الحكومة لمهامها بما يجعل الحكم علي توجهاتها في هذا الأمر صعبا ولكن لأن الحكومة إلى اليوم لم تكشف حتى مجرد نوايا جدية تؤكد التزامها بمحاربة الفساد وظلت على نفس منهج الحكومات السابقة في التعاطي مع هذا الملف.

منية العرفاوي

فريق نجلاء بودن لم يشذ عن القاعدة مكافحة الفساد.. "كلام حكومات" لا يعتد به !



تونس – الصباح

خلال الأيام القليلة الماضية، استقبلت رئيسة الحكومة نجلاء بودن، بقصر الحكومة، رئيس هيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية سليم الهنتاتي. وأشار بلاغ مقتضب صادر عن رئاسة الحكومة أنه تم خلال اللقاء "تقديم عرض لتنفيذ برنامج التفقد لسنة 2021، والخاص بالمهمات المبرمجة والمنجزة والمهمات غير المنجزة كما تمّ التطرق لنتائج أعمال التفقد لعدد من المؤسسات والمنشآت العمومية".

وفي حكومة رفعت منذ لحظة تعيينها شعار مكافحة الفساد أتى هذا اللقاء متأخرا جدا وكان يفترض برئيسة الحكومة أن يكون لقاؤها مع هيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية والتي تعتبر أهم هيئة رقابية في الدولة وهي التي تتولى مهام الرقابة العليا على مصالح الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات والمنشآت العمومية، وبصفة عامّة على الهياكل والذوات والمنظمات بجميع أنواعها التي تنتفع بدعم أو بمساهمة عمومية، بصفة مباشرة أو غير مباشرة.. خاصة وأن بلاغ أشار إلى كون هناك تقارير رقابية منجزة وهذه التقارير يفترض من رئيسة الحكومة أن تتطلع عليها وتحيلها إلى القضاء خاصة وأن أغلب التقارير الرقابية الصادرة عن هيئة الرقابة للمصالح العمومية والتي تم على ضوء تقريرها إحالة ملف رئيس الحكومة الأسبق الياس الفخاخ على القضاء وكذلك عن هيئة الرقابة المالية والإدارية التابعة لوزارة المالية أو هيئة الرقابة التابعة لوزارة أملاك الدولة تكون في الغالب تقارير مبنية على شبهات فساد إداري وتلاعب جدية تفرض الإحالة على القضاء .

 

مكافحة الفساد.. تلك الإشاعة !

في يوم أدائها لليمين الدستورية أشارت رئيسة الحكومة نجلاء بودن أن من بين أهم الأهداف على الإطلاق لعمل الحكومة هو مكافحة الفساد الذي قالت عنه: "أنه يزداد انتشارا يوما بعد يوما ويقوّض الثقة في أي محاولة إصلاح جذري وحقيقي من أجل إعادة الأمل للمواطن في المستقبل"الذي قالت عنه بودن أنها تتمناه أن يكون أفضل من الحاضر والماضي.. ولكن هل تحسن فعلا هذا "المستقبل" منذ تولت مهامها كأول رئيسة للوزراء في العالم العربي وهو الأمر الذي تم التسويق له سياسيا كحدث تاريخي وغذّى الآمال والتطلعات بأن قيادة امرأة للدولة سيحدث الفارق وستكون أكثر حرصا على مقاومة الفساد خاصة وأن السلطة التنفيذية اليوم تنفرد بتسيير الدولة دون شريك لا من البرلمان ولا من أي سلطة توازن أخرى .

وبعد حوالي أربعة أشهر من تسلم حكومة بودن مهامها تبدو النتيجة مخيبة لكل الآمال في باب مكافحة الفساد ولم تخرج عمّا اعتدناه من التزامات وتصريحات الحكومات السابقة رغم أن رئيس الجمهورية قيس سعيد بنى سردية منظومة 25 جويلية على التصدي للصوص والمافيات وإنقاذ الدولة التي استنزفها الفساد وحتى في خطابه بعد أداء الحكومة اليمين أكد على ذلك حيث حثّ على ضرورة "إنقاذ البلاد ممن يتربصون بها في الداخل والخارج" و"من يعتبرون المناصب غنيمة" واعدا بأنه سيفتح "الملفات ولن يستثني أحدا وأنه لا مكان لمن يريدون العبث بسيادة الدولة".

ما قيل في شرم الشيخ بقي في شرم الشيخ !

وإذا كانت الحكومة إلى اليوم ما زالت لم تترجم في الواقع ما التزمت به حرفيا أمام الشعب وأخفقت في أكبر اختباراتها وهو قانون المالية كما أخفقت في غيره من التزاماته، فإنها التزاماتها الخارجية وأمام المجتمع الدولي تواجه نفس المصير في الإهمال وعدم المتابعة الجدية وعدم الحرص والإصرار على تنفيذها.

ففي 13 ديسمبر الماضي وخلال أعمال الدورة التاسعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، بمدينة شرم الشيخ المصرية، أكدت رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن حرص تونس على إرساء منظومة قانونية ومؤسسية للوقاية من الفساد ومكافحته، في إطار مسؤوليتها الدولية عقب توقيعها على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.

ولكن إلى اليوم لم نر أو نسمع شيئا عن هذه المنظومة سواء قانونية أو مؤسسية للوقاية من الفساد بل ما حصل هو تجميد عمل هيئة مكافحة الفساد، التي غابت عن حضور مؤتمر شرم الشيخ رغم حضور أكثر من 30 ممثلا لهيئات مكافحة الفساد من دول مختلفة من العالم، رغم أن الهيئة هي أحد أبرز أدوات المنظومة المؤسسية في مكافحة الفساد وهي منجز كان يفترض من الحكومة أن تعمل على إصلاحه ودعمه وتوفير كل الإمكانيات والموارد لإنجاح أعمالها خاصة وأن أعوان الهيئة اكتسبوا خبرة في تعقّب ملفات الفساد كما أن عديد الملفات التي كانت الهيئة بصدد الاشتغال عليها أو تلك التي تمت إحالتها على القضاء لا نعرف ماذا حل بها أو إلى ماذا انتهت قضائيا .

ولعل اللافت في مسألة علاقة حكومة بودن بملف مكافحة الفساد ليس قصر مدة مباشرة الحكومة لمهامها بما يجعل الحكم علي توجهاتها في هذا الأمر صعبا ولكن لأن الحكومة إلى اليوم لم تكشف حتى مجرد نوايا جدية تؤكد التزامها بمحاربة الفساد وظلت على نفس منهج الحكومات السابقة في التعاطي مع هذا الملف.

منية العرفاوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews