إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

صدرت تباعا في حق بلحاج حميدة والمرزوقي والبريبري.. أحكام قضائية بالسجن تثير شكوك الحقوقيين..

ثلاثة أحكام قضائية تقضي بالسجن لمدد متفاوتة، صدرت تباعا وفي ظرف وجير، في حق كل من الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي والناشطة الحقوقية والسياسية بشرى بلحاج حميدة والناشطة الاجتماعية والحقوقية مريم البريبري..، أثارت الكثير من الشكوك والريبة والمخاوف من تم توظيف القضاء لإصدار هذه الأحكام، خاصة وان المحكوم عليهم بالسجن غيابيا هم من المعارضين لقيس سعيد ومن المنتقدين لإجراءات ما بعد 25 جويلية..

ويرى عدد كبير من الحقوقيين والمنظمات والجمعيات المدافعة عن حقوق الانسان أن هذه الاحكام الصادرة كانت صادمة خاصة وان اغلبها تعلق بمسائل لها علاقة بحرية الرأي والتعبير ولم تخرج عن اطار الاختلاف السياسي والتعبير عن وجهات نظر مختلفة، حتى أن بعض النشطاء وصفوا هذه الاحكام بانها ستبقى وصمة عار على جبين القضاء خاصة وان بعض هذه الاحكام تعلقت بقضايا حصلت منذ سنوات وأن يُعاد النظر والحكم فيها اليوم بشكل غيابي وبتلك السرعة مثلما حصل في قضية بشرى بلحاج حميدة، فان القضاء يواجه اتهامات تمس من مصداقية أحكامه خاصة وأن الجهاز القضائي وخاصة بعد إجراءات 25 جويلية يواجه ضغوطات مختلفة، ومن جميع الأطراف، حيث لا يفوّت رئيس الجمهورية قيس سعيد فرصة إلا ويتهم القضاء بأنه لا يقوم بدوره في التصدي للفساد والفاسدين، في حين يتهم خصوم الرئيس الجهاز القضائي بأنه لم يعد اليوم مستقلا وهو يأتمر بأوامر الرئيس وأن قيس سعيد يوظفه لتنكيل بخصومه خاصة بعد الاحالات المتواترة لعدد كبير من منتقدي رئيس الجمهورية أمام القضاء العسكري..

أحكام تثير المخاوف والشكوك..

منذ أيام قليلة صدر في حق النائبة السابقة والناشطة الحقوقية والسياسية بشرى بلحاج حميدة، حكما غيابيا يَقضي بسجنها 6 أشهر في قضية تعود اطوارها إلى سنة 2012 عندما تقدّم طارق ذياب بصفته وزيرا للرياضة في تلك الفترة بشكاية لدى وكالة الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس، ضدّ بشرى بلحاج حميدة، إثر تصريح إعلامي، واتهمته بالفساد وفق ما أكده الشاكي.

ولعل مصدر الغرابة في هذا الحكم هو صدوره بعد حوالي تسع سنوات من رفع الشكاية، حتى أن وزير الرياضة السابق طارق ذياب وهو الذي تقدم بشكاية علق على الأمر بأنه نسي تلك الشكاية من أصلها مؤكدا انه سيحرص على إسقاط التتبع..، والمثير كذلك في هذا الحكم أنه صدر غيابيا رغم ان بشرى بلحاج حميدة مقيمة في تونس وهي وجه معروف ومقر إقامتها معروفة، وعلقت الناشطة الحقوقية بشرى بلحاج حميدة على هذا الحكم، معتبرة أن توقيت صدور حكم بالسجن ضدها بالمريب وذلك "لا لصدوره اليوم بل لعدم صدوره منذ عدة سنوات.. كما أنه قد يكون سقط بمرور الزمن، وفق تعبيرها، مشيرة إلى تحفظها بخصوص هذه الفرضية. وتابعت بلحاج حميدة  أن "المثير للريبة والمخيف أننا وبعد كل الإصلاحات الدستورية والقانونية التي تحققت، لم يستكمل القضاء الإصلاح الذاتي ومازال عديد القضاة يتعاملون مع القضايا بمعايير سياسية سواء لانتماءاتهم السياسية أو طمعا في مراكز معينة بما فيها المراكز السياسية والحقائب الوزارية أو خوفا على ملفاتهم أو فقط لمجرد رغبة في التقرب من السلطة ايا كانت تلك السلطة".

وقد ربط بعض الحقوقيين بين صدور هذا الحكم ضد بشرى بلحاج حميدة وموقفها المتعاطف مع المنصف المرزوقي بعد صدور حكم غيابي ضده يقضي بسجنه أربع سنوات..
 وفي ذات السياق أكدت لمياء الخميري محامية المرزوقي في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية بأن موكلها لم يتبلغ أي استدعاء للمثول أمام المحكمة، مشيرة إلى أنها تجهل ما هي التهمة التي أُدين بها..، ولكن ما تم تداوله أن التهمة التي حُكم على خلفيتها المنصف المرزوقي هي "المس بأمن الدولة في الخارج"، وإلحاق "ضرر دبلوماسي" بها. وكان قاضي التحقيق قد أصدر في نوفمبر الماضي مذكرة جلب دولية بحق المرزوقي بعد أسبوعين على طلب سعيّد من وزيرة العدل فتح تحقيق بحقه على خلفية تصريحات أدلى بها وسحب جواز سفره الدبلوماسي وذلك على خلفية دعوة كان وجهها المنصف المرزوقي خلال تظاهرة احتجاجية تم تنظيمها في باريس مطلع أكتوبر الماضي إلى الحكومة الفرنسية وطلب منها "عدم تقديم أي دعم" لسعيّد قائلا إنه "تآمر ضد الثورة ويسعى لإلغاء الدستور"، كما قام المرزوقي بالترحيب بتأجيل القمة الفرنكوفونية التي كان من المقرر إقامتها في جربة في نوفمبر الماضي معتبرا أن هذه الخطوة تشكل تخليا عن سعيّد على خلفية تدابيره.

وقبل صدور هذا الحكم أثار توجه رئيس الجمهورية قيس سعيد الى وزيرة العدل في أحد المجالس الوزارية طالبا منها بأن "تفتح تحقيقا قضائيا في حق من يتآمرون على تونس في الخارج"، مشددا على أنه "لن يقبل بأن توضع سيادة تونس على طاولة المفاوضات، فالسيادة للشعب وحده". وأضاف رئيس الجمهورية خلال الاجتماع المذكور "إن من يتآمر على تونس في الخارج يجب أن توجه له تهمة التآمر على أمن الدولة في الداخل والخارج"، في إشارة إلى تصريحات المرزوقي، وقبل ذلك أثار جملة من ردود الفعل المنتقدة والتي اعتبرت ان رئيس الجمهورية يحاول التدخل في القضاء والتأثير عليه .

بدورها، تفاجأت الناشطة المدنية والحقوقية، مريم البريبري، بصدور حكم ضدها بـ 4 أشهر سجنا وخطية مالية بـ 500 دينار بعد شكاية كان تقدم بها كاتب عام نقابة الامن الداخلي بصفاقس اتهمها من خلالها بتعمد الاساءة اليه..

وقد اعتبر محامي البريبري الأستاذ نعمان مزيد أنّ الحكم الصادر في حق الناشطة مريم البريبري بـ 4 أشهر سجنا يعد حكما جائرا خصوصا وأنّه لم يراع الروح التحررية للمرسوم عدد 115 الذي يمثل ضمانة للمدونين والصحفيين وحرية الرأي والتعبير وتمّ بناء على ذلك استعمال الفصل 86 من مجلة الاتصالات المتسم بالطابع الزجري، وبيّن المحامي أنّ هيئة الدفاع قامت باستئناف الحكم وفي انتظار تعيين جلسة، في حين أكدت مريم البريبري أنّ محاكمتها تمت على خلفية مساهمتها في نشر فيديو يوثق اعتداء بالعنف على مواطن في نابل وتنديدها بهذه الحادثة على مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرة أنّ محاكمتها تأتي في إطار التضييق على حرية الرأي والتعبير التي يكفلها الدستور وتشديد الخناق على المدافعين على حقوق الإنسان.

ومختلف هذه الاحكام أثارت موجة تعاطف كبيرة مع أصحابها من طرف حقوقيين ومنظمات وطنية ودولية مدافعة عن حقوق الانسان مؤكدة أن هذه الأحكام هدفها الترهيب وتضييق الخناق على حرية التعبير .

منية العرفاوي

صدرت تباعا  في حق بلحاج حميدة والمرزوقي والبريبري.. أحكام قضائية بالسجن تثير شكوك الحقوقيين..

ثلاثة أحكام قضائية تقضي بالسجن لمدد متفاوتة، صدرت تباعا وفي ظرف وجير، في حق كل من الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي والناشطة الحقوقية والسياسية بشرى بلحاج حميدة والناشطة الاجتماعية والحقوقية مريم البريبري..، أثارت الكثير من الشكوك والريبة والمخاوف من تم توظيف القضاء لإصدار هذه الأحكام، خاصة وان المحكوم عليهم بالسجن غيابيا هم من المعارضين لقيس سعيد ومن المنتقدين لإجراءات ما بعد 25 جويلية..

ويرى عدد كبير من الحقوقيين والمنظمات والجمعيات المدافعة عن حقوق الانسان أن هذه الاحكام الصادرة كانت صادمة خاصة وان اغلبها تعلق بمسائل لها علاقة بحرية الرأي والتعبير ولم تخرج عن اطار الاختلاف السياسي والتعبير عن وجهات نظر مختلفة، حتى أن بعض النشطاء وصفوا هذه الاحكام بانها ستبقى وصمة عار على جبين القضاء خاصة وان بعض هذه الاحكام تعلقت بقضايا حصلت منذ سنوات وأن يُعاد النظر والحكم فيها اليوم بشكل غيابي وبتلك السرعة مثلما حصل في قضية بشرى بلحاج حميدة، فان القضاء يواجه اتهامات تمس من مصداقية أحكامه خاصة وأن الجهاز القضائي وخاصة بعد إجراءات 25 جويلية يواجه ضغوطات مختلفة، ومن جميع الأطراف، حيث لا يفوّت رئيس الجمهورية قيس سعيد فرصة إلا ويتهم القضاء بأنه لا يقوم بدوره في التصدي للفساد والفاسدين، في حين يتهم خصوم الرئيس الجهاز القضائي بأنه لم يعد اليوم مستقلا وهو يأتمر بأوامر الرئيس وأن قيس سعيد يوظفه لتنكيل بخصومه خاصة بعد الاحالات المتواترة لعدد كبير من منتقدي رئيس الجمهورية أمام القضاء العسكري..

أحكام تثير المخاوف والشكوك..

منذ أيام قليلة صدر في حق النائبة السابقة والناشطة الحقوقية والسياسية بشرى بلحاج حميدة، حكما غيابيا يَقضي بسجنها 6 أشهر في قضية تعود اطوارها إلى سنة 2012 عندما تقدّم طارق ذياب بصفته وزيرا للرياضة في تلك الفترة بشكاية لدى وكالة الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس، ضدّ بشرى بلحاج حميدة، إثر تصريح إعلامي، واتهمته بالفساد وفق ما أكده الشاكي.

ولعل مصدر الغرابة في هذا الحكم هو صدوره بعد حوالي تسع سنوات من رفع الشكاية، حتى أن وزير الرياضة السابق طارق ذياب وهو الذي تقدم بشكاية علق على الأمر بأنه نسي تلك الشكاية من أصلها مؤكدا انه سيحرص على إسقاط التتبع..، والمثير كذلك في هذا الحكم أنه صدر غيابيا رغم ان بشرى بلحاج حميدة مقيمة في تونس وهي وجه معروف ومقر إقامتها معروفة، وعلقت الناشطة الحقوقية بشرى بلحاج حميدة على هذا الحكم، معتبرة أن توقيت صدور حكم بالسجن ضدها بالمريب وذلك "لا لصدوره اليوم بل لعدم صدوره منذ عدة سنوات.. كما أنه قد يكون سقط بمرور الزمن، وفق تعبيرها، مشيرة إلى تحفظها بخصوص هذه الفرضية. وتابعت بلحاج حميدة  أن "المثير للريبة والمخيف أننا وبعد كل الإصلاحات الدستورية والقانونية التي تحققت، لم يستكمل القضاء الإصلاح الذاتي ومازال عديد القضاة يتعاملون مع القضايا بمعايير سياسية سواء لانتماءاتهم السياسية أو طمعا في مراكز معينة بما فيها المراكز السياسية والحقائب الوزارية أو خوفا على ملفاتهم أو فقط لمجرد رغبة في التقرب من السلطة ايا كانت تلك السلطة".

وقد ربط بعض الحقوقيين بين صدور هذا الحكم ضد بشرى بلحاج حميدة وموقفها المتعاطف مع المنصف المرزوقي بعد صدور حكم غيابي ضده يقضي بسجنه أربع سنوات..
 وفي ذات السياق أكدت لمياء الخميري محامية المرزوقي في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية بأن موكلها لم يتبلغ أي استدعاء للمثول أمام المحكمة، مشيرة إلى أنها تجهل ما هي التهمة التي أُدين بها..، ولكن ما تم تداوله أن التهمة التي حُكم على خلفيتها المنصف المرزوقي هي "المس بأمن الدولة في الخارج"، وإلحاق "ضرر دبلوماسي" بها. وكان قاضي التحقيق قد أصدر في نوفمبر الماضي مذكرة جلب دولية بحق المرزوقي بعد أسبوعين على طلب سعيّد من وزيرة العدل فتح تحقيق بحقه على خلفية تصريحات أدلى بها وسحب جواز سفره الدبلوماسي وذلك على خلفية دعوة كان وجهها المنصف المرزوقي خلال تظاهرة احتجاجية تم تنظيمها في باريس مطلع أكتوبر الماضي إلى الحكومة الفرنسية وطلب منها "عدم تقديم أي دعم" لسعيّد قائلا إنه "تآمر ضد الثورة ويسعى لإلغاء الدستور"، كما قام المرزوقي بالترحيب بتأجيل القمة الفرنكوفونية التي كان من المقرر إقامتها في جربة في نوفمبر الماضي معتبرا أن هذه الخطوة تشكل تخليا عن سعيّد على خلفية تدابيره.

وقبل صدور هذا الحكم أثار توجه رئيس الجمهورية قيس سعيد الى وزيرة العدل في أحد المجالس الوزارية طالبا منها بأن "تفتح تحقيقا قضائيا في حق من يتآمرون على تونس في الخارج"، مشددا على أنه "لن يقبل بأن توضع سيادة تونس على طاولة المفاوضات، فالسيادة للشعب وحده". وأضاف رئيس الجمهورية خلال الاجتماع المذكور "إن من يتآمر على تونس في الخارج يجب أن توجه له تهمة التآمر على أمن الدولة في الداخل والخارج"، في إشارة إلى تصريحات المرزوقي، وقبل ذلك أثار جملة من ردود الفعل المنتقدة والتي اعتبرت ان رئيس الجمهورية يحاول التدخل في القضاء والتأثير عليه .

بدورها، تفاجأت الناشطة المدنية والحقوقية، مريم البريبري، بصدور حكم ضدها بـ 4 أشهر سجنا وخطية مالية بـ 500 دينار بعد شكاية كان تقدم بها كاتب عام نقابة الامن الداخلي بصفاقس اتهمها من خلالها بتعمد الاساءة اليه..

وقد اعتبر محامي البريبري الأستاذ نعمان مزيد أنّ الحكم الصادر في حق الناشطة مريم البريبري بـ 4 أشهر سجنا يعد حكما جائرا خصوصا وأنّه لم يراع الروح التحررية للمرسوم عدد 115 الذي يمثل ضمانة للمدونين والصحفيين وحرية الرأي والتعبير وتمّ بناء على ذلك استعمال الفصل 86 من مجلة الاتصالات المتسم بالطابع الزجري، وبيّن المحامي أنّ هيئة الدفاع قامت باستئناف الحكم وفي انتظار تعيين جلسة، في حين أكدت مريم البريبري أنّ محاكمتها تمت على خلفية مساهمتها في نشر فيديو يوثق اعتداء بالعنف على مواطن في نابل وتنديدها بهذه الحادثة على مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرة أنّ محاكمتها تأتي في إطار التضييق على حرية الرأي والتعبير التي يكفلها الدستور وتشديد الخناق على المدافعين على حقوق الإنسان.

ومختلف هذه الاحكام أثارت موجة تعاطف كبيرة مع أصحابها من طرف حقوقيين ومنظمات وطنية ودولية مدافعة عن حقوق الانسان مؤكدة أن هذه الأحكام هدفها الترهيب وتضييق الخناق على حرية التعبير .

منية العرفاوي