إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رغم التحولات الجذرية في التوازنات الإقليمية حولنا.. إصرار في تونس على سياسة المحاور؟؟

تونس-الصباح

تتسارع التطورات الإقليمية من حولنا وسط مؤشرات على تحولات جذرية في التوازنات الجيوستراتيجية لاسيما ذات الانعكاسات المباشرة على منطقة شمال إفريقيا، رغم ذلك لا تجد أثرا لهذه التغيرات في خطاب النخبة السياسة في تونس  ولا في خياراتها مما يطرح مخاوف حقيقية بشأن هذا الإصرار الغريب داخليا على التمترس ضمن لعبة وسياسة المحاور دون أدنى وعي ولا مراعاة للمصلحة العليا للبلاد أولا وقبل كل اعتبارات سياسية وحزبية ضيقة.

ولعل اللافت أيضا في خضم هذه التحولات الجذرية في التحالفات الإستراتيجية التي حولت "أعداء الأمس" إلى حلفاء يتبادلون المصالح والتنازلات أن تونس التي خسرت كثيرا على امتداد العشر سنوات الأخير من وراء الانخراط في لعبة المحاور ومنطق الاتهامات المتبادلة بـ"العمالة" لهذا الطرف أو ذاك، لم تنجح حتى بعد حدث بحجم رجة إجراءات 25 جويلية وما خلفته من ارتدادات، لم تنجح في الخروج من ذاك الجدل العقيم بل ربما تعمقت الأزمة وتحول الجدل حول حدث 25 جويلية في حد ذاته إلى مجال خصب لتبادل الاتهامات بالاصطفاف وراء هذا المحور أو ذاك وبالعمالة والخيانة العظمى أحيانا.

تحولات جيوستراتيجية

دواعي هذا الطرح لمعضلة غياب الوعي في صفوف النخبة التونسية بأهمية وخطورة  التغيرات من حولنا، في الآن ذاته، وضرورة التعلم من الأخطاء والبحث عن مصلحة تونس وتجنيبها المنزلقات والخيارات الخاطئة، مرده ما تشهده خارطة العلاقات الدولية والدبلوماسية مغاربيا وعربيا وإقليميا من تحولات.

فقد وقع المغرب وإسرائيل في الأيام الماضية اتفاق-إطار للتعاون الأمني وصف بـ“غير المسبوق”  وذلك خلال زيارة هي الأولى من نوعها لوزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس إلى المملكة.

وسيتيح الاتفاق  للمغرب كما تناقلت وكالات أنباء عالمية اقتناء معدات أمنية إسرائيلية عالية التكنولوجيا بسهولة، إضافة إلى التعاون في التخطيط العملياتي والبحث والتطوير.

في السياق ذاته من التحولات في المنطقة وبعد ما شاب العلاقات التركية الإماراتية من برود وتوتر أحيانا أخرى ، تعلن أول أمس الإمارات عن  تأسيس صندوق بقيمة 10 مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا في القطاعات اللوجستية ومنها الطاقة والصحة والغذاء.

وجاءت هذه الخطوة على هامش زيارة رسمية أداها  ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد لأنقرة بعد سنوات من القطيعة تعود إلى 2012 .

كما تخللت الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات بين البلدين، في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة.

تداعيات على تونس

لن تمر هذه التحولات دون تداعيات على تونس هذا ما أشار إليه الباحث والناشط السياسي  طارق الكحلاوي تعليقا على ما وصفه بـ"صورة اليوم: ابتسامات متبادلة خلال زيارة الحاكم (الفعلي) الإماراتي محمد بن زايد إلى تركيا بدعوة من اردوغان، في أول زيارة منذ عشر سنوات، منذ ثورات 2011."

ويضيف الكحلاوي في تدوينة مطولة على موقعه على الفايسبوك "الخلاصة: تركيا تبحث عن تحصين مالي لموازناتها التي تمر أساسا بأزمة، والاستعانة بالإمارات سيعني عمليا ليس فقط مصالحة بين الجانبين بل تنازلات تركية بشكل من الأشكال في عدد من المواقع، ويمكن توقع ذلك في سوريا حيث هناك تقارب رسمي إماراتي واضح مع النظام السوري (ربما تقارب بين أنقرة ودمشق للتمايز عن الطرف الكردي). في المقابل ابو ظبي تحتاج لاي حليف اقليمي قوي في سياق مواجهة الضغط الإيراني المستمر في أكثر من جبهة".

ويؤكد الكحلاوي أنه "سيكون من المستحيل ألا يكون هناك اثر لهذا التقارب الاستراتيجي على تونس بشكل من الاشكال. في اقل الحالات اي طرف تونسي سيعول على انقرة لتحسين وضعه الداخلي سيضيع الوقت. وكل من سيعول على ابو ظبي لمحاصرة النفوذ التركي ايضا يضيع الوقت. باختصار من سيبني سياساته على استقطابات 2011 سيكون خارج التاريخ. الاستقطاب حول التأسيس الديمقراطي لم يعد العامل الرئيسي للصراع. التوازنات الجيوسياسية، موازين القوى الواقعية عادت لتصدر المشهد إقليميا".

تعديل البوصلة

وشدد طارق الكحلازي على أن المحاور المختلفة خاصة الذين يواصلون التطاحن العقيم لمصلحة هذا الطرف او ذاك هم في التسلل... وان البوصلة يجب ان تبقى تونس وحصرا تونس...على حد تعبيره.

وليست هذه المرة الأولى التي تتم فيها الدعوة على ضرورة العدول عن منطق التمترس داخليا حول سياسة المحاور وعلى ضرورة تعديل البوصلة فقد  دعت مؤخرا حركة مشروع تونس في بيان أصدرته يوم 2 نوفمبر الجاري  رئيس الجمهورية إلى "تجنب سياسة المحاور والحياد السلبي والاصطفاف إلى جانب القضايا العادلة والتحلي بالحياد الإيجابي وتعزيز مكانة تونس في محيطها الإقليمي والدولي وربط علاقات صداقة وحسن جوار مع الدول الشقيقة والصديقة مبنية على المصالح المشتركة وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وتفعيل الديبلوماسية الاقتصادية خدمة لأهداف تونس في التنمية".

ويقول كثيرون لاسيما العارفون بالشأن الدولي والدبلوماسي أنه على الدبلوماسية التونسية التحرك أكثر في اتجاه تعديل بعض الخيارات والبحث عن مصالح تونس دون اصطفاف ودون توريط تونس في لعبة محاور قد تكلفها الكثير.

م.ي

رغم التحولات الجذرية في التوازنات الإقليمية حولنا.. إصرار في تونس على سياسة المحاور؟؟

تونس-الصباح

تتسارع التطورات الإقليمية من حولنا وسط مؤشرات على تحولات جذرية في التوازنات الجيوستراتيجية لاسيما ذات الانعكاسات المباشرة على منطقة شمال إفريقيا، رغم ذلك لا تجد أثرا لهذه التغيرات في خطاب النخبة السياسة في تونس  ولا في خياراتها مما يطرح مخاوف حقيقية بشأن هذا الإصرار الغريب داخليا على التمترس ضمن لعبة وسياسة المحاور دون أدنى وعي ولا مراعاة للمصلحة العليا للبلاد أولا وقبل كل اعتبارات سياسية وحزبية ضيقة.

ولعل اللافت أيضا في خضم هذه التحولات الجذرية في التحالفات الإستراتيجية التي حولت "أعداء الأمس" إلى حلفاء يتبادلون المصالح والتنازلات أن تونس التي خسرت كثيرا على امتداد العشر سنوات الأخير من وراء الانخراط في لعبة المحاور ومنطق الاتهامات المتبادلة بـ"العمالة" لهذا الطرف أو ذاك، لم تنجح حتى بعد حدث بحجم رجة إجراءات 25 جويلية وما خلفته من ارتدادات، لم تنجح في الخروج من ذاك الجدل العقيم بل ربما تعمقت الأزمة وتحول الجدل حول حدث 25 جويلية في حد ذاته إلى مجال خصب لتبادل الاتهامات بالاصطفاف وراء هذا المحور أو ذاك وبالعمالة والخيانة العظمى أحيانا.

تحولات جيوستراتيجية

دواعي هذا الطرح لمعضلة غياب الوعي في صفوف النخبة التونسية بأهمية وخطورة  التغيرات من حولنا، في الآن ذاته، وضرورة التعلم من الأخطاء والبحث عن مصلحة تونس وتجنيبها المنزلقات والخيارات الخاطئة، مرده ما تشهده خارطة العلاقات الدولية والدبلوماسية مغاربيا وعربيا وإقليميا من تحولات.

فقد وقع المغرب وإسرائيل في الأيام الماضية اتفاق-إطار للتعاون الأمني وصف بـ“غير المسبوق”  وذلك خلال زيارة هي الأولى من نوعها لوزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس إلى المملكة.

وسيتيح الاتفاق  للمغرب كما تناقلت وكالات أنباء عالمية اقتناء معدات أمنية إسرائيلية عالية التكنولوجيا بسهولة، إضافة إلى التعاون في التخطيط العملياتي والبحث والتطوير.

في السياق ذاته من التحولات في المنطقة وبعد ما شاب العلاقات التركية الإماراتية من برود وتوتر أحيانا أخرى ، تعلن أول أمس الإمارات عن  تأسيس صندوق بقيمة 10 مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا في القطاعات اللوجستية ومنها الطاقة والصحة والغذاء.

وجاءت هذه الخطوة على هامش زيارة رسمية أداها  ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد لأنقرة بعد سنوات من القطيعة تعود إلى 2012 .

كما تخللت الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات بين البلدين، في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة.

تداعيات على تونس

لن تمر هذه التحولات دون تداعيات على تونس هذا ما أشار إليه الباحث والناشط السياسي  طارق الكحلاوي تعليقا على ما وصفه بـ"صورة اليوم: ابتسامات متبادلة خلال زيارة الحاكم (الفعلي) الإماراتي محمد بن زايد إلى تركيا بدعوة من اردوغان، في أول زيارة منذ عشر سنوات، منذ ثورات 2011."

ويضيف الكحلاوي في تدوينة مطولة على موقعه على الفايسبوك "الخلاصة: تركيا تبحث عن تحصين مالي لموازناتها التي تمر أساسا بأزمة، والاستعانة بالإمارات سيعني عمليا ليس فقط مصالحة بين الجانبين بل تنازلات تركية بشكل من الأشكال في عدد من المواقع، ويمكن توقع ذلك في سوريا حيث هناك تقارب رسمي إماراتي واضح مع النظام السوري (ربما تقارب بين أنقرة ودمشق للتمايز عن الطرف الكردي). في المقابل ابو ظبي تحتاج لاي حليف اقليمي قوي في سياق مواجهة الضغط الإيراني المستمر في أكثر من جبهة".

ويؤكد الكحلاوي أنه "سيكون من المستحيل ألا يكون هناك اثر لهذا التقارب الاستراتيجي على تونس بشكل من الاشكال. في اقل الحالات اي طرف تونسي سيعول على انقرة لتحسين وضعه الداخلي سيضيع الوقت. وكل من سيعول على ابو ظبي لمحاصرة النفوذ التركي ايضا يضيع الوقت. باختصار من سيبني سياساته على استقطابات 2011 سيكون خارج التاريخ. الاستقطاب حول التأسيس الديمقراطي لم يعد العامل الرئيسي للصراع. التوازنات الجيوسياسية، موازين القوى الواقعية عادت لتصدر المشهد إقليميا".

تعديل البوصلة

وشدد طارق الكحلازي على أن المحاور المختلفة خاصة الذين يواصلون التطاحن العقيم لمصلحة هذا الطرف او ذاك هم في التسلل... وان البوصلة يجب ان تبقى تونس وحصرا تونس...على حد تعبيره.

وليست هذه المرة الأولى التي تتم فيها الدعوة على ضرورة العدول عن منطق التمترس داخليا حول سياسة المحاور وعلى ضرورة تعديل البوصلة فقد  دعت مؤخرا حركة مشروع تونس في بيان أصدرته يوم 2 نوفمبر الجاري  رئيس الجمهورية إلى "تجنب سياسة المحاور والحياد السلبي والاصطفاف إلى جانب القضايا العادلة والتحلي بالحياد الإيجابي وتعزيز مكانة تونس في محيطها الإقليمي والدولي وربط علاقات صداقة وحسن جوار مع الدول الشقيقة والصديقة مبنية على المصالح المشتركة وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وتفعيل الديبلوماسية الاقتصادية خدمة لأهداف تونس في التنمية".

ويقول كثيرون لاسيما العارفون بالشأن الدولي والدبلوماسي أنه على الدبلوماسية التونسية التحرك أكثر في اتجاه تعديل بعض الخيارات والبحث عن مصالح تونس دون اصطفاف ودون توريط تونس في لعبة محاور قد تكلفها الكثير.

م.ي