إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ديمقراطية تونس مهددة بالفساد.. بالقضاء وبالعدالة الانتقالية

 

تونس-الصباح

احتفلت تونس امس على غرار باقي دول العالم باليوم العالمي للديمقراطية الموافق ليوم 15 سبتمبر من كل سنة، حيث يوفر هذا اليوم الدولي للديمقراطية فرصة لاستعراض حالة الديمقراطية في العالم، وفقا لليونسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة) وتعد الديمقراطية  عملية من العمليات بقدر ما هي هدف من الأهداف، ولا يمكن لمثال الديمقراطية أن يتحول إلي حقيقة واقعة يحظي بها الجميع في كل مكان.

كما تشكل القيم المتعلقة بالحرية واحترام حقوق الإنسان ومبدأ تنظيم انتخابات دورية نزيهة بالاقتراع العام عناصر ضرورية للديمقراطية. والديمقراطية توفر بدورها تلك البيئة الطبيعية اللازمة لحماية حقوق الإنسان وإعمالها على نحو يتسم بالكفاءة. وهذه القيم واردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كما أنها مذكورة بالتفصيل في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يكرس مجموعة من حقوق الإنسان والحريات المدنية من شأنها أن تساند الديمقراطيات الهادفة.

يوافق الاحتفال بهذا اليوم العالمي في وقت تمر فيه تونس بـ "إجراءات استثنائية"، مثيرة للجدل، وهي التي كان قد أعلن عنها  رئيس الجمهورية يوم عيد الجمهورية 25 جويلية الماضي، وأهمها إقالة الحكومة وتوليه السلطتين التنفيذية والقضائية وتجميد عمل البرلمان. والتي كان من المقرر أن تنتهي بعد شهر الا أنها مازالت متواصلةإلى حد الآن بعد إصدار قيس سعيد امر رئاسي"يقضي بالتمديد في التدابير الاستثنائية المتخذة بمقتضى الأمر الرئاسي عدد 80 لسنة 2021 المتعلق بتعليق اختصاصات مجلس نواب الشعب وبرفع الحصانة البرلمانية عن كل أعضائه، وذلك إلى غاية إشعار آخر".

تونس دولة حرة

وكانت  مؤسسة "فريدوم هاوس الأميركية"، قد أعلنت قبل فترة في تقريرها الصادر، أن هذا العام هو الخامس عشر على التوالي من التراجع الديمقراطي على المستوى العالمي، أو كما وصفه التقرير بـ "الركود الديمقراطي الطويل"، وتعتمد منظمة "فريدوم هاوس" على تصنيف الدول بناء على 25 مؤشرا لتقييم حالة الديمقراطية في دولة معينة (أو عدم وجودها). وتمكن النتيجة التراكمية بعد ذلك المنظمة، التي تعمل منذ عام 1941، من تصنيف بلد معين على أنه "حر" أو "حر جزئيا" أو "غير حر".

وجاءت كل الدول العربية ضمن قائمة الدول غير الحرة باستثناء 7 دول وهي تونس (حرة)، والمغرب وموريتانيا ولبنان والكويت وجزر القمر (حرة جزئيا) وأشار التقرير إلى أن الانتخابات في هذه المنطقة نادرة أو مزورة أو مؤجلة إلى إشعار الآخر.

ومن بين 195 دولة مستقلة تم تقييمها، شهدت 73 دولة تراجعاً في مجموع النقاط وشهدت 28 دولة فقط نموا. وهكذا باتت 54 دولة يتم تصنيفها حاليا على أنها "غير حرة"، أو حوالي 38% من سكان العالم، وهي أعلى نسبة منذ عام 2005، فيما يعيش أقل من 20% من سكان العالم في بلدان مصنفة حاليا على أنها "حرة". وكما في السنوات السابقة هزت الاحتجاجات الكبرى المؤيدة للديمقراطية أجزاء مختلفة من العالم. ومن بين 39 دولة ومنطقة شهدت احتجاجات مؤيدة للديمقراطية في عام 2019 شهدت 23 دولة انخفاضا في درجاتها في العام التالي.

وتعد تونس الدولة العربية الوحيدة التي اندرجت في تصنيف "دولة حرة" في التقرير الذي أفاد بأنه منذ الإطاحة بالنظام السابق في تونس سنة 2011، بدأت تونس عملية انتقال ديمقراطي، حيث يتمتع المواطنون بحقوق سياسية وحريات مدنية غير مسبوقة، لكن نفس  التقرير يقول  إن تأثير الفساد المستشري في تونس والتحديات الاقتصادية والتهديدات الأمنية واستمرار القضايا العالقة المتعلقة بالمساواة بين الجنسين والعدالة الانتقالية، لا تزال تشكل عقبات أمام توطيد الديمقراطية بشكل كامل…

الديمقراطية تبنى في إطار مسار متواصل

وأكد رئيس مكتب المغرب العربي للشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، رامي الصالحي، في تصريح لـ"الصباح"، "أن هناك تقييما متسرعا وسلبيا لتقييم وضعية الديمقراطية في تونس في إطار انطباعي يؤكد عدم ملاءمة الديمقراطية مع السياق التونسي وهو انطباع خاطئ، فالديمقراطية تبنى في إطار مسار متواصل لا يقل عن 20 و30 سنة ولا يمكن أن نتحدث في تونس عن ديمقراطية في سنوات قليلة.

وأضاف الصالحي، أن ما عاشته تونس في الـ 10 سنوات الماضية ليست ديمقراطية إنما هي مرحلة بناء ديمقراطي وسياسي وما تعيشه من مشاكل سياسية في إطار هذا  بناء، وفي تعليقه عن الوضع الديمقراطي في تونس أفاد محدثنا أن ما وقع هو انتكاسة جديدة تدخل في نفس الإطار مثل انتكاسات الاغتيالات السياسية التي مرت بها البلاد ومحاولة إخضاع مؤسسات الدولة من قبل عديد الأحزاب والحكومات المتعاقبة منذ 2011،  الا أن رئيس الجمهورية قيس سعيد يقوم بضرب قيم الديمقراطية ومؤسسات الدولة فالاعتداء الواقع على الدستور والمؤسسات  السياسية التي هي شكل من أشكال الديمقراطية والهيئات العمومية المستقلة مع تواصل الوضع الغامض واذا تواصل الوضع على ما هو عليه فإننا سنعيش هشاشة في كل المستويات وهدم لما تم بناؤه منذ 2011 الى اليوم في ما يتعلق بالديمقراطية والمحافظة عليها، وفق قوله.

وأشار رامي الصالحي، الى أنه لا يمكن الحديث عن دولة ومؤسسات ودستور يحمي الحريات دون الحديث عن مواصلة العقوبات الجماعية ومنها المنع غير القانوني لسفر العديد من التونسيين وعيش نسبة كبيرة من التونسيين في إقامة جبرية، بالإضافةإلى تواصل الخطاب التهديدي والترويعي من قبل رئيس الجمهورية ضد عدد كبير من التونسيين، فالحديث عن دولة الحقوق والمؤسسات يتطلب الالتزام بالمبادئ التي يتحدث عنها سعيد على سبيل المثال فهي ممارسة فعلية وليست فقط خطابات ...

مبادئ التعددية السياسية

ودعت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا)، رئاسة الجمهورية، من جانبها إلى "توضيح رؤيتها حول مستقبل حرية الصحافة في تونس، ورسم سياسة اتصالية ناجعة مع مختلف الأطراف المتدخلة". وذكرت "الهايكا" في بيان صادر عنها الإثنين الماضي، أن مجلس الهيئة قرّر إثر إعلان رئيس الجمهورية، التدابير الاستثنائية يوم 25 جويلية 2021، إنجاز تقرير لرصد مدى التزام القنوات التلفزية والإذاعية العمومية والخاصة بمبادئ التعددية السياسية خلال الفترة الممتدة من 25 إلى 31 جويلية 2021.

وبيّنت نتائج هذا التقرير المنجز من قبل وحدة الرصد بالهيئة من خلال العديد من المؤشرات عدم الالتزام بمبادئ التعدّد والتنوّع والتوازن، سواء كان ذلك على مستوى المدّة الزمنيّة المخصّصة لمختلف المواقف والفاعلين السياسيين أو طريقة التناول للمواضيع ذات الصلة. حيث عاين مجلس الهيئة "إخلالات جسيمة في العديد من القنوات التلفزية والإذاعية، تتعلق بحق المواطن في المعلومة وحقه في التعبير عن آرائه ومواقفه والاطلاع على مختلف الآراء والأفكار". كما طالت هذه الإخلالات "حق مختلف الفاعلين السياسيين والمدنيين في النفاذ لفضاءات هذه القنوات".

وجاء في نفس البيان أن العديد من القنوات التلفزية والإذاعية "وقعت تحت تأثير التجاذبات والحسابات السياسية وهو ما أثر سلبا على التزاماتها بتنوع الآراء وتعدد زوايا التناول الإعلامي لموضوع 25 جويلية، مما انجر عنه مس بقواعد المهنة الصحفية وأخلاقياتها"....

واعتبرت "الهايكا" أن "الطموح السياسي لبعض أصحاب المؤسسات الإعلامية أو رغبتهم في التموقع في المشهد السياسي لتحقيق مصالح خاصة أو الحفاظ عليها، يشكّل خطرا جديّا على مستقبل الإعلام في تونس".

غياب مؤشرات الديمقراطية

وقال نقيب الصحفيين التونسيين محمد ياسين الجلاصي، في تصريح لـ"الصباح"، في ذات الصدد "بعد 10 سنوات في مسار الانتقال الديمقراطي في تونس للأسف لم نصل إلى نظام ديمقراطي حقيقي يفصل بين السلط ويحمي حقوق المواطنين ويوفر العدالة للمواطنين وغيرها من مطالب الثورة التي لم تنجح تونس في تحقيقها، بل على العكس من ذلك فنحن نعيش ديمقراطية فاسدة تكرس الفساد وتحمي الفاسدين".

وأضاف محمد ياسين الجلاصي، أن هذا الوضع انعكس على المشهد الإعلامي في تونس الذي لا يختلف عنه كثيرا خاصة مع عدم دراية عن مصادر تمويل بعض المؤسسات الاعلامية وإدارتها من قبل لوبيات فساد وانخراطها في حملات سياسية ومحاصصات حزبية مع انحيازها الكلي المفضوح لبعض الأطراف والمترشحين...، ورغم الحرية التي تم اكتسابها بفضل شهداء وجرحى الثورة وتضحيات التونسيين إلا أن الحرية  لوحدها غير كافية مع مزيد تدعيم الشفافية والوضوح.

وفي حديثه عن الوضع السياسي في البلاد بعد إجراءات 25 جويلية الماضي، أكد محدثنا أن البلاد تعيش في " وضع استثنائي معلق" خاصة في ظل غياب تام لكل مؤشرات الديمقراطية وأبرزها مبدأ الفصل بين السلط وخاصة منها استقلالية القضاء وهو ما يعني عدم الحديث عن مسار ديمقراطي حاليا...

تعزيز قدرة الديمقراطية

وكتب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، رسالة بمناسبة اليوم الدولي للديمقراطية وقع نشرها على الموقع الرسمي للأمم المتحدة وحصلت "الصباح" على نسخة منها قال فيها "في الوقت الذي يكافح فيه العالم للخروج من جائحة كوفيد-19 وعواقبها المدمرة، يجب أن نستفيد من الدروس المستخلصة من الأشهر الثمانية عشر الماضية في تعزيز قدرة الديمقراطية على الصمود في مواجهة الأزمات المقبلة. وهذا يعني استبانة وتطوير ممارسات الحكم السليم في حالات الطوارئ - سواء كانت صحية أو بيئية أو مالية …"

وأضاف أنطونيو غوتيريش" كما يعني تعزيز الديمقراطية تبني مشاركة حقيقية في اتخاذ القرار بأساليب تشمل الاحتجاجات السلمية وإفساح مجال حقيقي لسماع أصوات الناس والمجتمعات المحلية التي كانت مستبعدة تقليديا. ويشكل إسكات أصوات النساء، والأقليات الدينية والإثنية، ومجتمعات السكان الأصليين، والأشخاص ذوي الإعاقة، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والصحفيين عائقا أمام إقامة مجتمعات تنعم بالصحة. فالديمقراطية ببساطة لا يمكن أن تبقى، ناهيك عن أن تزدهر، في غياب الحيز المدني".

 

صلاح الدين كريمي

ديمقراطية تونس مهددة بالفساد.. بالقضاء وبالعدالة الانتقالية

 

تونس-الصباح

احتفلت تونس امس على غرار باقي دول العالم باليوم العالمي للديمقراطية الموافق ليوم 15 سبتمبر من كل سنة، حيث يوفر هذا اليوم الدولي للديمقراطية فرصة لاستعراض حالة الديمقراطية في العالم، وفقا لليونسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة) وتعد الديمقراطية  عملية من العمليات بقدر ما هي هدف من الأهداف، ولا يمكن لمثال الديمقراطية أن يتحول إلي حقيقة واقعة يحظي بها الجميع في كل مكان.

كما تشكل القيم المتعلقة بالحرية واحترام حقوق الإنسان ومبدأ تنظيم انتخابات دورية نزيهة بالاقتراع العام عناصر ضرورية للديمقراطية. والديمقراطية توفر بدورها تلك البيئة الطبيعية اللازمة لحماية حقوق الإنسان وإعمالها على نحو يتسم بالكفاءة. وهذه القيم واردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كما أنها مذكورة بالتفصيل في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يكرس مجموعة من حقوق الإنسان والحريات المدنية من شأنها أن تساند الديمقراطيات الهادفة.

يوافق الاحتفال بهذا اليوم العالمي في وقت تمر فيه تونس بـ "إجراءات استثنائية"، مثيرة للجدل، وهي التي كان قد أعلن عنها  رئيس الجمهورية يوم عيد الجمهورية 25 جويلية الماضي، وأهمها إقالة الحكومة وتوليه السلطتين التنفيذية والقضائية وتجميد عمل البرلمان. والتي كان من المقرر أن تنتهي بعد شهر الا أنها مازالت متواصلةإلى حد الآن بعد إصدار قيس سعيد امر رئاسي"يقضي بالتمديد في التدابير الاستثنائية المتخذة بمقتضى الأمر الرئاسي عدد 80 لسنة 2021 المتعلق بتعليق اختصاصات مجلس نواب الشعب وبرفع الحصانة البرلمانية عن كل أعضائه، وذلك إلى غاية إشعار آخر".

تونس دولة حرة

وكانت  مؤسسة "فريدوم هاوس الأميركية"، قد أعلنت قبل فترة في تقريرها الصادر، أن هذا العام هو الخامس عشر على التوالي من التراجع الديمقراطي على المستوى العالمي، أو كما وصفه التقرير بـ "الركود الديمقراطي الطويل"، وتعتمد منظمة "فريدوم هاوس" على تصنيف الدول بناء على 25 مؤشرا لتقييم حالة الديمقراطية في دولة معينة (أو عدم وجودها). وتمكن النتيجة التراكمية بعد ذلك المنظمة، التي تعمل منذ عام 1941، من تصنيف بلد معين على أنه "حر" أو "حر جزئيا" أو "غير حر".

وجاءت كل الدول العربية ضمن قائمة الدول غير الحرة باستثناء 7 دول وهي تونس (حرة)، والمغرب وموريتانيا ولبنان والكويت وجزر القمر (حرة جزئيا) وأشار التقرير إلى أن الانتخابات في هذه المنطقة نادرة أو مزورة أو مؤجلة إلى إشعار الآخر.

ومن بين 195 دولة مستقلة تم تقييمها، شهدت 73 دولة تراجعاً في مجموع النقاط وشهدت 28 دولة فقط نموا. وهكذا باتت 54 دولة يتم تصنيفها حاليا على أنها "غير حرة"، أو حوالي 38% من سكان العالم، وهي أعلى نسبة منذ عام 2005، فيما يعيش أقل من 20% من سكان العالم في بلدان مصنفة حاليا على أنها "حرة". وكما في السنوات السابقة هزت الاحتجاجات الكبرى المؤيدة للديمقراطية أجزاء مختلفة من العالم. ومن بين 39 دولة ومنطقة شهدت احتجاجات مؤيدة للديمقراطية في عام 2019 شهدت 23 دولة انخفاضا في درجاتها في العام التالي.

وتعد تونس الدولة العربية الوحيدة التي اندرجت في تصنيف "دولة حرة" في التقرير الذي أفاد بأنه منذ الإطاحة بالنظام السابق في تونس سنة 2011، بدأت تونس عملية انتقال ديمقراطي، حيث يتمتع المواطنون بحقوق سياسية وحريات مدنية غير مسبوقة، لكن نفس  التقرير يقول  إن تأثير الفساد المستشري في تونس والتحديات الاقتصادية والتهديدات الأمنية واستمرار القضايا العالقة المتعلقة بالمساواة بين الجنسين والعدالة الانتقالية، لا تزال تشكل عقبات أمام توطيد الديمقراطية بشكل كامل…

الديمقراطية تبنى في إطار مسار متواصل

وأكد رئيس مكتب المغرب العربي للشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، رامي الصالحي، في تصريح لـ"الصباح"، "أن هناك تقييما متسرعا وسلبيا لتقييم وضعية الديمقراطية في تونس في إطار انطباعي يؤكد عدم ملاءمة الديمقراطية مع السياق التونسي وهو انطباع خاطئ، فالديمقراطية تبنى في إطار مسار متواصل لا يقل عن 20 و30 سنة ولا يمكن أن نتحدث في تونس عن ديمقراطية في سنوات قليلة.

وأضاف الصالحي، أن ما عاشته تونس في الـ 10 سنوات الماضية ليست ديمقراطية إنما هي مرحلة بناء ديمقراطي وسياسي وما تعيشه من مشاكل سياسية في إطار هذا  بناء، وفي تعليقه عن الوضع الديمقراطي في تونس أفاد محدثنا أن ما وقع هو انتكاسة جديدة تدخل في نفس الإطار مثل انتكاسات الاغتيالات السياسية التي مرت بها البلاد ومحاولة إخضاع مؤسسات الدولة من قبل عديد الأحزاب والحكومات المتعاقبة منذ 2011،  الا أن رئيس الجمهورية قيس سعيد يقوم بضرب قيم الديمقراطية ومؤسسات الدولة فالاعتداء الواقع على الدستور والمؤسسات  السياسية التي هي شكل من أشكال الديمقراطية والهيئات العمومية المستقلة مع تواصل الوضع الغامض واذا تواصل الوضع على ما هو عليه فإننا سنعيش هشاشة في كل المستويات وهدم لما تم بناؤه منذ 2011 الى اليوم في ما يتعلق بالديمقراطية والمحافظة عليها، وفق قوله.

وأشار رامي الصالحي، الى أنه لا يمكن الحديث عن دولة ومؤسسات ودستور يحمي الحريات دون الحديث عن مواصلة العقوبات الجماعية ومنها المنع غير القانوني لسفر العديد من التونسيين وعيش نسبة كبيرة من التونسيين في إقامة جبرية، بالإضافةإلى تواصل الخطاب التهديدي والترويعي من قبل رئيس الجمهورية ضد عدد كبير من التونسيين، فالحديث عن دولة الحقوق والمؤسسات يتطلب الالتزام بالمبادئ التي يتحدث عنها سعيد على سبيل المثال فهي ممارسة فعلية وليست فقط خطابات ...

مبادئ التعددية السياسية

ودعت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا)، رئاسة الجمهورية، من جانبها إلى "توضيح رؤيتها حول مستقبل حرية الصحافة في تونس، ورسم سياسة اتصالية ناجعة مع مختلف الأطراف المتدخلة". وذكرت "الهايكا" في بيان صادر عنها الإثنين الماضي، أن مجلس الهيئة قرّر إثر إعلان رئيس الجمهورية، التدابير الاستثنائية يوم 25 جويلية 2021، إنجاز تقرير لرصد مدى التزام القنوات التلفزية والإذاعية العمومية والخاصة بمبادئ التعددية السياسية خلال الفترة الممتدة من 25 إلى 31 جويلية 2021.

وبيّنت نتائج هذا التقرير المنجز من قبل وحدة الرصد بالهيئة من خلال العديد من المؤشرات عدم الالتزام بمبادئ التعدّد والتنوّع والتوازن، سواء كان ذلك على مستوى المدّة الزمنيّة المخصّصة لمختلف المواقف والفاعلين السياسيين أو طريقة التناول للمواضيع ذات الصلة. حيث عاين مجلس الهيئة "إخلالات جسيمة في العديد من القنوات التلفزية والإذاعية، تتعلق بحق المواطن في المعلومة وحقه في التعبير عن آرائه ومواقفه والاطلاع على مختلف الآراء والأفكار". كما طالت هذه الإخلالات "حق مختلف الفاعلين السياسيين والمدنيين في النفاذ لفضاءات هذه القنوات".

وجاء في نفس البيان أن العديد من القنوات التلفزية والإذاعية "وقعت تحت تأثير التجاذبات والحسابات السياسية وهو ما أثر سلبا على التزاماتها بتنوع الآراء وتعدد زوايا التناول الإعلامي لموضوع 25 جويلية، مما انجر عنه مس بقواعد المهنة الصحفية وأخلاقياتها"....

واعتبرت "الهايكا" أن "الطموح السياسي لبعض أصحاب المؤسسات الإعلامية أو رغبتهم في التموقع في المشهد السياسي لتحقيق مصالح خاصة أو الحفاظ عليها، يشكّل خطرا جديّا على مستقبل الإعلام في تونس".

غياب مؤشرات الديمقراطية

وقال نقيب الصحفيين التونسيين محمد ياسين الجلاصي، في تصريح لـ"الصباح"، في ذات الصدد "بعد 10 سنوات في مسار الانتقال الديمقراطي في تونس للأسف لم نصل إلى نظام ديمقراطي حقيقي يفصل بين السلط ويحمي حقوق المواطنين ويوفر العدالة للمواطنين وغيرها من مطالب الثورة التي لم تنجح تونس في تحقيقها، بل على العكس من ذلك فنحن نعيش ديمقراطية فاسدة تكرس الفساد وتحمي الفاسدين".

وأضاف محمد ياسين الجلاصي، أن هذا الوضع انعكس على المشهد الإعلامي في تونس الذي لا يختلف عنه كثيرا خاصة مع عدم دراية عن مصادر تمويل بعض المؤسسات الاعلامية وإدارتها من قبل لوبيات فساد وانخراطها في حملات سياسية ومحاصصات حزبية مع انحيازها الكلي المفضوح لبعض الأطراف والمترشحين...، ورغم الحرية التي تم اكتسابها بفضل شهداء وجرحى الثورة وتضحيات التونسيين إلا أن الحرية  لوحدها غير كافية مع مزيد تدعيم الشفافية والوضوح.

وفي حديثه عن الوضع السياسي في البلاد بعد إجراءات 25 جويلية الماضي، أكد محدثنا أن البلاد تعيش في " وضع استثنائي معلق" خاصة في ظل غياب تام لكل مؤشرات الديمقراطية وأبرزها مبدأ الفصل بين السلط وخاصة منها استقلالية القضاء وهو ما يعني عدم الحديث عن مسار ديمقراطي حاليا...

تعزيز قدرة الديمقراطية

وكتب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، رسالة بمناسبة اليوم الدولي للديمقراطية وقع نشرها على الموقع الرسمي للأمم المتحدة وحصلت "الصباح" على نسخة منها قال فيها "في الوقت الذي يكافح فيه العالم للخروج من جائحة كوفيد-19 وعواقبها المدمرة، يجب أن نستفيد من الدروس المستخلصة من الأشهر الثمانية عشر الماضية في تعزيز قدرة الديمقراطية على الصمود في مواجهة الأزمات المقبلة. وهذا يعني استبانة وتطوير ممارسات الحكم السليم في حالات الطوارئ - سواء كانت صحية أو بيئية أو مالية …"

وأضاف أنطونيو غوتيريش" كما يعني تعزيز الديمقراطية تبني مشاركة حقيقية في اتخاذ القرار بأساليب تشمل الاحتجاجات السلمية وإفساح مجال حقيقي لسماع أصوات الناس والمجتمعات المحلية التي كانت مستبعدة تقليديا. ويشكل إسكات أصوات النساء، والأقليات الدينية والإثنية، ومجتمعات السكان الأصليين، والأشخاص ذوي الإعاقة، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والصحفيين عائقا أمام إقامة مجتمعات تنعم بالصحة. فالديمقراطية ببساطة لا يمكن أن تبقى، ناهيك عن أن تزدهر، في غياب الحيز المدني".

 

صلاح الدين كريمي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews