إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

جرحى الثورة "يتساقطون" أمام صمت الدولة

انتحار جريح الثورة ناجي الحفيان حرقا بسبب اليأس و"أحلامه" بقيت  "مهملة" في "مكتب الضبط "!!

تونس- الصباح

 بعد مرور عشر سنوات على اندلاع الثورة مازال جرحاها يتساقطون الواحد تلوى الآخر دون مبالاة أو اهتمام من الدولة، فبعضهم "قتلهم" الإهمال بسبب تردي وضعهم الصحي وعدم قدرتهم على العلاج وآخرون يعانون إعاقات وإصابات مختلفة ومازال بعضهم يحمل بقايا الرصاص الذي أصابه في جسده ويعيشون ظروفا اجتماعية صعبة فهم لا يتمتعون بمجانية العلاج ولا بعمل يعوضهم صبر سنين على الآلام والأوجاع التي تنخر أجسادهم مما دفع بعدد من جرحى الثورة ونتيجة لحالة اليأس والإحباط التي وصلوا إليها  إلى الإقدام على الانتحار، فبعد جريحي الثورة كمال عبادلية وماهر الحيزي اللذين أقدما على الانتحار فارق الحياة نهاية الأسبوع الفارط جريح الثورة  ناجي الحفيان بعد انتحاره حرقا لتتواصل مآسي جرحى الثورة التي انطلقت منذ سنوات ومازالت متواصلة إلى اليوم.

فارق جريح الثورة ناجي الحفيان الحياة وهو في ربيع العمر فهو لم يتخطى سن السادسة والعشرين بعد أن بلغ به اليأس مبلغه مما دفعه إلى إضرام النار في جسده نهاية شهر أوت الفارط مما استوجب نقله إلى مركز الإصابات والحروق البليغة ببن عروس  لتلقي الإسعافات اللازمة إلا أن جسده الضعيف لم يتمكن من مقاومة أثار الحروق البليغة التي لحقته واتت على أنحاء عديدة من جسده ليفارق الحياة نهاية الأسبوع الفارط بعد رحلة من التعب والانتظار والأوجاع.

نهاية مأساوية..

فارق ناجي الحياة في صمت رغم أن حياته كانت تضج بالوجع فرغم أن اسمه ورد بالقائمة النهائية لشهداء وجرحى الثورة التي صدرت بالرائد الرسمي خلال شهر مارس الفارط إلا أن وجود اسمه بهذه القائمة كان مجرد حبر على ورق فناجي لم يكن يتمتع بأبسط حقوقه كجريح للثورة.

فحياة ناجي الحفيان قبل ثورة 2011 كانت تسير بصفة عادية فقد كان طفلا كغيره من الأطفال يزاول دراسته مع أترابه بأحد المعاهد قبل أن يتلقى إصابة بالرصاص خلال الثورة استقرت على مستوى رأسه وعمره لم يتجاوز حينها 16 عاما، تلك الإصابة "اللعينة" قلبت حياة ناجي رأسا على عقب بل حولت حياته إلى جحيم.. جحيم الأوجاع التي أصبحت تلازمه منذ ذلك التاريخ وجحيم الوضع الاجتماعي المتردي لعائلة ناجي والذي تفاقم بهذه الإصابة التي زادت ألام وأوجاع العائلة باعتبارها أجبرت ناجي على مغادرة مقاعد الدراسة بعد أن كان يطمح إلى إكمال تعليمه قصد الحصول على عمل ومساعدة عائلته.

مراسلة لرئاسة الجمهورية

بعد أن أقدم ناجي على إضرام النار بجسده وتم إيداعه بمركز الإصابات والحروق البليغة ببن عروس لم تكن عائلته تعتقد بان ابنها سيفارق الحياة باكرا بل كانت تعيش على أمل أن ناجي سينهض لمواصلة المشوار المتعب وسيتجاوز محنته، فبينما كان ناجي يصارع الموت ويقبع  بالمستشفى  قام والده بمراسلة رئاسة الجمهورية بتاريخ 31 أوت الفارط حيث سرد والد ناجي كامل الوضعية الصحية والاجتماعية لابنه في المراسلة المذكورة والتي أودعها بمكتب الضبط بالقصر الرئاسي واستلم وصلا في الغرض على أمل أن يتم أخذها بعين الاعتبار ولكن ناجي فارق الحياة ولم يتم النظر في المراسلة بعد.

وقد طلب والد ناجي في المراسلة التي أودعها لدى رئاسة الجمهورية قبل وفاة ابنه النظر في مآل وضعية ابنه ناجي وتمكينه من موطن شغل قار وحقوقه المادية والمعنوية، حيث ذكر الأب في المراسلة بان ابنه ورد اسمه ضمن قائمة جرحى الثورة الصادرة بالرائد الرسمي بتاريخ 19 مارس الفارط .

 وأضاف بأنه منذ إصابة ابنه في أحداث الثورة لم يتحصل على حقوقه كجريح ثورة فهو لم يتحصل على التعويض المالي الأولي الذي تسلمه جميع الجرحى ولم يتحصل على حقه في التعويض على الضرر النفسي والمادي ولا على أي حق من حقوقه التي ضمنها القانون لجرحى الثورة حسب ما جاء بنص المراسلة.

خصاصة..    

وذكر والد ناجي صلب المراسلة بان ابنه عانى من آثار وألام الإصابات التي لحقت به في الثورة حيث أجرى عملية على مستوى الرأس وعاني من الخصاصة نظرا لكونه عاطل عن العمل وليس لديه مورد رزق يضمن له كرامة العيش باعتباره ينتمي لعائلة محدودة الدخل جميع أفرادها عاطلون عن العمل رغم أنهم من أصحاب الشهائد العليا  وليس لديهم مورد رزق سوى جراية التقاعد الخاصة بوالده والتي لا تلبي حاجياتهم للعيش والعلاج.

يأس فانتحار

وأوضح والد ناجي بان ابنه كجريح ثورة طبقا لما ورد بالقائمة النهائية لجرحى وشهداء الثورة لم يتمتع بحقوقه ولم ينتفع ولو بالشيء البسيط منها لا حقه في العلاج ولا في التنقل ولا في العمل.

وأكد والد ناجي صلب المراسلة بان ابنه سعى لدى جميع الإدارات والسلط المعنية بالموضوع للحصول على حقوقه لكن دون جدوى وخاصة حقه في العمل لا سيما وان إصابته تسببت له في الانقطاع  عن الدراسة فأصبح مستقبله مهددا دون عمل يضمن له العيش بكرامة، وأضاف والد ناجي بالمراسلة التي أودعها برئاسة الجمهورية بان التجاهل في تمكين ابنه من حقوقه وخاصة حقه في العمل وصد جميع الإدارات  والمسؤولين للأبواب  أمامه أدى به إلى ضغوطات نفسية حادة وصلت إلى حد اليأس  من الحياة ووصل به الأمر به إلى إضرام النار في جسده بتاريخ 26 أوت الفارط .

ولم يكن والد ناجي يظن بان ابنه سيفارق الحياة بعد إقدامه على حرق نفسه لذلك طلب في المراسلة من رئيس الجمهورية التعجيل في الإذن للسلط المعنية لتمكين ابنه من بطاقة علاج مجانية ليتمكن من توفير العلاج والأدوية وتمكينه من منحة شهرية لمساعدته على مجابهة مصاريف الحياة وألح والد ناجي صلب المراسلة على تمكين ابنه من حقه في العمل باعتباره السبيل الوحيد لإخراجه من حالته النفسية الصعبة.

فارق ناجي الحياة وبقيت أمنياته التي انتظرها منذ عشر سنوات والتي خطها والده في المراسلة التي أودعها برئاسة الجمهورية ظنا منه بان ابنه سيتغلب على الموت.. بقيت مجرد حبر على ورق ليسقط جريحا آخر من جرحى الثورة في صمت.

وهو ثالث جريح ثورة يقدم على الانتحار بعد أن سبقه في ذلك جريح الثورة  كمال عبادلية والذي أقدم على الانتحار خلال شهر افريل الفارط بعد أن أضرم بجسده النار أمام معتمدية سيدي بوزيد الغربية بعد أن كتب عبارات وعلقها بسور بلدية سيدي بوزيد تعبر عن يأسه من وضعيته الاجتماعية الصعبة، وقبله وتحديدا خلال شهر جوان 2020 أقدم كذلك جريح الثورة ماهر الحيزي على الانتحار بولاية القصرين نتيجة الوضعية الاجتماعية الصعبة التي مر بها.

وبالتوازي مع جرحى الثورة الذين دفع بهم اليأس من وضعيتهم الصحية والاجتماعية إلى الإقدام على الانتحار ومحاولات الانتحار فهناك جرحى ثورة غادروا الحياة بعد تدهور حالتهم الصحية على غرار جريحي الثورة محمد الحنشي وطارق الدزيري اللذين توفيا دون أن يتحصلا على حقوقهما في العلاج أو الرعاية الاجتماعية نتيجة سياسة الإهمال واللامبالاة لجرحى الثورة الذين يتساقطون في صمت.

فاطمة الجلاصي

جرحى الثورة "يتساقطون" أمام صمت الدولة

انتحار جريح الثورة ناجي الحفيان حرقا بسبب اليأس و"أحلامه" بقيت  "مهملة" في "مكتب الضبط "!!

تونس- الصباح

 بعد مرور عشر سنوات على اندلاع الثورة مازال جرحاها يتساقطون الواحد تلوى الآخر دون مبالاة أو اهتمام من الدولة، فبعضهم "قتلهم" الإهمال بسبب تردي وضعهم الصحي وعدم قدرتهم على العلاج وآخرون يعانون إعاقات وإصابات مختلفة ومازال بعضهم يحمل بقايا الرصاص الذي أصابه في جسده ويعيشون ظروفا اجتماعية صعبة فهم لا يتمتعون بمجانية العلاج ولا بعمل يعوضهم صبر سنين على الآلام والأوجاع التي تنخر أجسادهم مما دفع بعدد من جرحى الثورة ونتيجة لحالة اليأس والإحباط التي وصلوا إليها  إلى الإقدام على الانتحار، فبعد جريحي الثورة كمال عبادلية وماهر الحيزي اللذين أقدما على الانتحار فارق الحياة نهاية الأسبوع الفارط جريح الثورة  ناجي الحفيان بعد انتحاره حرقا لتتواصل مآسي جرحى الثورة التي انطلقت منذ سنوات ومازالت متواصلة إلى اليوم.

فارق جريح الثورة ناجي الحفيان الحياة وهو في ربيع العمر فهو لم يتخطى سن السادسة والعشرين بعد أن بلغ به اليأس مبلغه مما دفعه إلى إضرام النار في جسده نهاية شهر أوت الفارط مما استوجب نقله إلى مركز الإصابات والحروق البليغة ببن عروس  لتلقي الإسعافات اللازمة إلا أن جسده الضعيف لم يتمكن من مقاومة أثار الحروق البليغة التي لحقته واتت على أنحاء عديدة من جسده ليفارق الحياة نهاية الأسبوع الفارط بعد رحلة من التعب والانتظار والأوجاع.

نهاية مأساوية..

فارق ناجي الحياة في صمت رغم أن حياته كانت تضج بالوجع فرغم أن اسمه ورد بالقائمة النهائية لشهداء وجرحى الثورة التي صدرت بالرائد الرسمي خلال شهر مارس الفارط إلا أن وجود اسمه بهذه القائمة كان مجرد حبر على ورق فناجي لم يكن يتمتع بأبسط حقوقه كجريح للثورة.

فحياة ناجي الحفيان قبل ثورة 2011 كانت تسير بصفة عادية فقد كان طفلا كغيره من الأطفال يزاول دراسته مع أترابه بأحد المعاهد قبل أن يتلقى إصابة بالرصاص خلال الثورة استقرت على مستوى رأسه وعمره لم يتجاوز حينها 16 عاما، تلك الإصابة "اللعينة" قلبت حياة ناجي رأسا على عقب بل حولت حياته إلى جحيم.. جحيم الأوجاع التي أصبحت تلازمه منذ ذلك التاريخ وجحيم الوضع الاجتماعي المتردي لعائلة ناجي والذي تفاقم بهذه الإصابة التي زادت ألام وأوجاع العائلة باعتبارها أجبرت ناجي على مغادرة مقاعد الدراسة بعد أن كان يطمح إلى إكمال تعليمه قصد الحصول على عمل ومساعدة عائلته.

مراسلة لرئاسة الجمهورية

بعد أن أقدم ناجي على إضرام النار بجسده وتم إيداعه بمركز الإصابات والحروق البليغة ببن عروس لم تكن عائلته تعتقد بان ابنها سيفارق الحياة باكرا بل كانت تعيش على أمل أن ناجي سينهض لمواصلة المشوار المتعب وسيتجاوز محنته، فبينما كان ناجي يصارع الموت ويقبع  بالمستشفى  قام والده بمراسلة رئاسة الجمهورية بتاريخ 31 أوت الفارط حيث سرد والد ناجي كامل الوضعية الصحية والاجتماعية لابنه في المراسلة المذكورة والتي أودعها بمكتب الضبط بالقصر الرئاسي واستلم وصلا في الغرض على أمل أن يتم أخذها بعين الاعتبار ولكن ناجي فارق الحياة ولم يتم النظر في المراسلة بعد.

وقد طلب والد ناجي في المراسلة التي أودعها لدى رئاسة الجمهورية قبل وفاة ابنه النظر في مآل وضعية ابنه ناجي وتمكينه من موطن شغل قار وحقوقه المادية والمعنوية، حيث ذكر الأب في المراسلة بان ابنه ورد اسمه ضمن قائمة جرحى الثورة الصادرة بالرائد الرسمي بتاريخ 19 مارس الفارط .

 وأضاف بأنه منذ إصابة ابنه في أحداث الثورة لم يتحصل على حقوقه كجريح ثورة فهو لم يتحصل على التعويض المالي الأولي الذي تسلمه جميع الجرحى ولم يتحصل على حقه في التعويض على الضرر النفسي والمادي ولا على أي حق من حقوقه التي ضمنها القانون لجرحى الثورة حسب ما جاء بنص المراسلة.

خصاصة..    

وذكر والد ناجي صلب المراسلة بان ابنه عانى من آثار وألام الإصابات التي لحقت به في الثورة حيث أجرى عملية على مستوى الرأس وعاني من الخصاصة نظرا لكونه عاطل عن العمل وليس لديه مورد رزق يضمن له كرامة العيش باعتباره ينتمي لعائلة محدودة الدخل جميع أفرادها عاطلون عن العمل رغم أنهم من أصحاب الشهائد العليا  وليس لديهم مورد رزق سوى جراية التقاعد الخاصة بوالده والتي لا تلبي حاجياتهم للعيش والعلاج.

يأس فانتحار

وأوضح والد ناجي بان ابنه كجريح ثورة طبقا لما ورد بالقائمة النهائية لجرحى وشهداء الثورة لم يتمتع بحقوقه ولم ينتفع ولو بالشيء البسيط منها لا حقه في العلاج ولا في التنقل ولا في العمل.

وأكد والد ناجي صلب المراسلة بان ابنه سعى لدى جميع الإدارات والسلط المعنية بالموضوع للحصول على حقوقه لكن دون جدوى وخاصة حقه في العمل لا سيما وان إصابته تسببت له في الانقطاع  عن الدراسة فأصبح مستقبله مهددا دون عمل يضمن له العيش بكرامة، وأضاف والد ناجي بالمراسلة التي أودعها برئاسة الجمهورية بان التجاهل في تمكين ابنه من حقوقه وخاصة حقه في العمل وصد جميع الإدارات  والمسؤولين للأبواب  أمامه أدى به إلى ضغوطات نفسية حادة وصلت إلى حد اليأس  من الحياة ووصل به الأمر به إلى إضرام النار في جسده بتاريخ 26 أوت الفارط .

ولم يكن والد ناجي يظن بان ابنه سيفارق الحياة بعد إقدامه على حرق نفسه لذلك طلب في المراسلة من رئيس الجمهورية التعجيل في الإذن للسلط المعنية لتمكين ابنه من بطاقة علاج مجانية ليتمكن من توفير العلاج والأدوية وتمكينه من منحة شهرية لمساعدته على مجابهة مصاريف الحياة وألح والد ناجي صلب المراسلة على تمكين ابنه من حقه في العمل باعتباره السبيل الوحيد لإخراجه من حالته النفسية الصعبة.

فارق ناجي الحياة وبقيت أمنياته التي انتظرها منذ عشر سنوات والتي خطها والده في المراسلة التي أودعها برئاسة الجمهورية ظنا منه بان ابنه سيتغلب على الموت.. بقيت مجرد حبر على ورق ليسقط جريحا آخر من جرحى الثورة في صمت.

وهو ثالث جريح ثورة يقدم على الانتحار بعد أن سبقه في ذلك جريح الثورة  كمال عبادلية والذي أقدم على الانتحار خلال شهر افريل الفارط بعد أن أضرم بجسده النار أمام معتمدية سيدي بوزيد الغربية بعد أن كتب عبارات وعلقها بسور بلدية سيدي بوزيد تعبر عن يأسه من وضعيته الاجتماعية الصعبة، وقبله وتحديدا خلال شهر جوان 2020 أقدم كذلك جريح الثورة ماهر الحيزي على الانتحار بولاية القصرين نتيجة الوضعية الاجتماعية الصعبة التي مر بها.

وبالتوازي مع جرحى الثورة الذين دفع بهم اليأس من وضعيتهم الصحية والاجتماعية إلى الإقدام على الانتحار ومحاولات الانتحار فهناك جرحى ثورة غادروا الحياة بعد تدهور حالتهم الصحية على غرار جريحي الثورة محمد الحنشي وطارق الدزيري اللذين توفيا دون أن يتحصلا على حقوقهما في العلاج أو الرعاية الاجتماعية نتيجة سياسة الإهمال واللامبالاة لجرحى الثورة الذين يتساقطون في صمت.

فاطمة الجلاصي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews