إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

سعيد يطرح نفسه "بديلا "عن الكل.. ولا "شريك" له

 

تونس-الصباح

مع إعلان إجراءات 25جويلية الماضي ورغم مرور نحو41يوما على "التدخل الجراحي" لقيس سعيد لإنقاذ البلاد وتصحيح المسار السياسي والاقتصادي فان ذلك لم ينجح.

فقد تعطلت آلة الاقتصاد والسياسة في آن واحد بعد حديث الخبراء عن غياب محتمل لأجور الموظفين لتتحول الإجراءات الرئاسية إلى قلق شامل في الداخل كما في الخارج.

يحصل كل ذلك في وقت اخذ فيه قيس سعيد يتحرك منفردا دون شركاء سياسيين أو وسائط اجتماعية بعد أن عرى الجميع أمام الجميع،ليؤكد على انه بديل لكل هؤلاء وليس شريكا لهم كما توهمت أحزاب على غرار التيار الديمقراطي وحركة الشعب ومنظمات كما هو حال الاتحاد العام التونسي للشغل.

دخول سعيد مربع الإجراءات الاستثنائية يأتي بعد الأداء الكارثي لطبقة سياسية بأكملهاأربكتبأدائها الفعل السياسي وجيشت الشعب ضد منظومة حكم كاملة لتخلق فراغا فظيعا، عمل رئيس الجمهورية على ملئه بما يتلاءم ورؤيته المستقبلية.

وحيث لم تفهم الأحزاب ما يدور داخل الكواليس منذ انتخاب سعيد في 2019 فإنهاتفاجأت بالتدخل الرئاسي للإطاحة بالبرلمان ومنظومة الأحزاب التي كانت سببا مباشرة في خلق الفوضى وتغيير وجهة البرلمان من مؤسسة تشريعية إلىأخرى كوميدية بعد شطحات الترذيل المتعمد للمؤسسة ودورها الرئيسي في خلق التوازنات داخل منظومة الحكم.

هكذا وضعية دفعت بسعيد للوقوف على رأس الهرم السياسي ورفض كل المحيطين به وتحويلهم إلى الهامش دون تأثير يذكر حيث صعقة الإجراءات الاستثنائية ليوم 25جويلية مازالت تعيق أي تفكير لدى جزء واسع من الطبقة السياسية.

في المقابل تحركت ماكينة الانتهازيين من أحزاب وشخصيات ومنظمات للالتحاق بمركب قيس سعيد على أمل الوصول إلى المحطة القادمة وهو ما دفعهم هم أيضاإلى الهامش دون تأثير يذكر بعد أن لمس الجميع سعيهم للاستفادة من الوضع الجديد.

وقد وعى رئيس الجمهورية قيس سعيد هذا الوضع،ليتحرك كبديل عن الجميع حيث لا شريك له في وضع التصورات ولا احد غيره قادر على صياغة الموقف العام وسط ذهول النخب وتأليه شعبي غير مفهوم.

وسعى خصوم سعيد إلى اتهامه بغياب الرؤية الواضحة لمرحلة ما بعد "الانقلاب" حسب توصيفهم وأكد زعيم حزب العمال حمة الهمامي "على أن البلاد بصدد إعادة الديكتاتورية إلى الحكم وان الانقلاب أطلق يد الرئيس إلى ممارسات فاشية".

كما دعاه البعض الآخرإلىإنهاء حالة الغموض وهو ما تبنته حركة النهضة أمس في بيان مكتبها التنفيذي الصادر أمس .

ونبهت الحركة "من توغل البلاد في حالة من الغموض والضبابية وما تسببه الحالة الاستثنائية من تعطيل لأعمال السلطة التشريعية ".

كما لم يكن الانتهازيون بعيدين عن هذا التصور حيث وقفوا على الهامش في انتظار إشارات رئاسية دون أن يقدموا هم شيئا على اعتبار أن البعض منهم لا يمكن له أن ينتعش إلا في ظل أزمة دائمة وان الحل من شانه أن ينهي حالة التمعش السياسي لعدد من الأحزاب.

ورغم إيمانهابأنها شريك وحليف قوي لقيس سعيد فقد اصطدمت أحزاب بواقع الممارسة الحقيقية للرئيس وإيمانه العميق بذاته دون الحاجة للآخر مهما كان ولاؤه للرئيس أو محيطه .

وهي الرسالة التي فهمتها حركة الشعب بعد القطيعة الحاصلة بين قيادات الحزب منذ 25جويلية وسعيد، رغم المحاولات المتكررة للاتصال بالقصر والتدخلات الدعائية، لما أقدم عليه سعيد، من طرف قيادات حركة الشعب على غرار ليلى حداد وهيكل المكي وغيرهم .

وإذ واصلت حركة الشعب البروبغندا لمشروع سعيد دون أن يلقي هذا الأخيرأي بال لهم فقد اختار التيار الديمقراطي النزول من قطار سعيد بعد الاختلاف الكبير في الرؤى والمواقف وهو ما دفع قيادات مثل غازي الشواشي وسفيان مخلوفي ونعمان العش لتعديل البوصلة وإنهاءالتأثير المعنوي والتنظيمي للزوجين محمد وسامية عبو اللذين أسهما بشكل واضح في تخلف المنظومة وإسقاطها لاحقا.

بدوره لم يكن الاتحاد العام التونسي للشغل بعيدا عن مواقف الرئيس بعد الجملة الشهيرة للناطق الرسمي للاتحاد سامي الطاهري حين قال "يا رئيس خذها ولا تخف…توكل …"ليفقد بعدها الاتحاد أي بريق سياسي ونقابي بعد أن تجاوزه رئيس الجمهورية ونفضه من على حجره بل وسخر منه حين توجه إلى دعاة خريطة الطريق للذهاب إلى كتب الجغرافيا في إشارةأكيدةإلىأن الرئيس ليس شريكا للاتحاد بل هو بديل عن ماكينة البيروقراطية النقابية أصلا.

وبات واضحا أن سعيد لا يثق في القديم،ليضع نفسه بديل عن الكل رغم طلب الشراكة المتكرر سواء بالذهاب إلى الحوار الوطني أو فتح باب العلاقة مع الأحزاب وكان موقفه رافضالأي تعاط مع القديم .

وفي هذا السياق اعتبر الباحث والكاتب عادل بن عبدالله في مقاله الأسبوعي بموقع "عربي 21":لفهم "ضبابيةحالة الاستثناء بحكم رفض الرئيس تقديم أية خارطة طريق بسقف زمني أو مهمات واضحة، ولفهم إصرار الرئيس على نسف أي إمكانية لحوار وطني (بمنطق استحالة الحوار مع الفاسدين)، يجب علينا أن نستحضر أن حالة الاستثناء ليست تصحيحا للمسار في أفق الجمهورية الثانية ومنجزها ووسائطها، ينبغي علينا أن نتذكر أن الرئيس يتحرك بمنطق البديل لا بمنطق الشريك. وهو ما يعني أن إدارة حالة الاستثناء لا تقبل "التشاركية"، ولا يحكمها إلا حاجة الرئيس لترسيخ "مشروعية" إجراءاته وتأسيس الجمهورية الثالثة."

 

خليل الحناشي

سعيد يطرح نفسه "بديلا "عن الكل.. ولا "شريك" له

 

تونس-الصباح

مع إعلان إجراءات 25جويلية الماضي ورغم مرور نحو41يوما على "التدخل الجراحي" لقيس سعيد لإنقاذ البلاد وتصحيح المسار السياسي والاقتصادي فان ذلك لم ينجح.

فقد تعطلت آلة الاقتصاد والسياسة في آن واحد بعد حديث الخبراء عن غياب محتمل لأجور الموظفين لتتحول الإجراءات الرئاسية إلى قلق شامل في الداخل كما في الخارج.

يحصل كل ذلك في وقت اخذ فيه قيس سعيد يتحرك منفردا دون شركاء سياسيين أو وسائط اجتماعية بعد أن عرى الجميع أمام الجميع،ليؤكد على انه بديل لكل هؤلاء وليس شريكا لهم كما توهمت أحزاب على غرار التيار الديمقراطي وحركة الشعب ومنظمات كما هو حال الاتحاد العام التونسي للشغل.

دخول سعيد مربع الإجراءات الاستثنائية يأتي بعد الأداء الكارثي لطبقة سياسية بأكملهاأربكتبأدائها الفعل السياسي وجيشت الشعب ضد منظومة حكم كاملة لتخلق فراغا فظيعا، عمل رئيس الجمهورية على ملئه بما يتلاءم ورؤيته المستقبلية.

وحيث لم تفهم الأحزاب ما يدور داخل الكواليس منذ انتخاب سعيد في 2019 فإنهاتفاجأت بالتدخل الرئاسي للإطاحة بالبرلمان ومنظومة الأحزاب التي كانت سببا مباشرة في خلق الفوضى وتغيير وجهة البرلمان من مؤسسة تشريعية إلىأخرى كوميدية بعد شطحات الترذيل المتعمد للمؤسسة ودورها الرئيسي في خلق التوازنات داخل منظومة الحكم.

هكذا وضعية دفعت بسعيد للوقوف على رأس الهرم السياسي ورفض كل المحيطين به وتحويلهم إلى الهامش دون تأثير يذكر حيث صعقة الإجراءات الاستثنائية ليوم 25جويلية مازالت تعيق أي تفكير لدى جزء واسع من الطبقة السياسية.

في المقابل تحركت ماكينة الانتهازيين من أحزاب وشخصيات ومنظمات للالتحاق بمركب قيس سعيد على أمل الوصول إلى المحطة القادمة وهو ما دفعهم هم أيضاإلى الهامش دون تأثير يذكر بعد أن لمس الجميع سعيهم للاستفادة من الوضع الجديد.

وقد وعى رئيس الجمهورية قيس سعيد هذا الوضع،ليتحرك كبديل عن الجميع حيث لا شريك له في وضع التصورات ولا احد غيره قادر على صياغة الموقف العام وسط ذهول النخب وتأليه شعبي غير مفهوم.

وسعى خصوم سعيد إلى اتهامه بغياب الرؤية الواضحة لمرحلة ما بعد "الانقلاب" حسب توصيفهم وأكد زعيم حزب العمال حمة الهمامي "على أن البلاد بصدد إعادة الديكتاتورية إلى الحكم وان الانقلاب أطلق يد الرئيس إلى ممارسات فاشية".

كما دعاه البعض الآخرإلىإنهاء حالة الغموض وهو ما تبنته حركة النهضة أمس في بيان مكتبها التنفيذي الصادر أمس .

ونبهت الحركة "من توغل البلاد في حالة من الغموض والضبابية وما تسببه الحالة الاستثنائية من تعطيل لأعمال السلطة التشريعية ".

كما لم يكن الانتهازيون بعيدين عن هذا التصور حيث وقفوا على الهامش في انتظار إشارات رئاسية دون أن يقدموا هم شيئا على اعتبار أن البعض منهم لا يمكن له أن ينتعش إلا في ظل أزمة دائمة وان الحل من شانه أن ينهي حالة التمعش السياسي لعدد من الأحزاب.

ورغم إيمانهابأنها شريك وحليف قوي لقيس سعيد فقد اصطدمت أحزاب بواقع الممارسة الحقيقية للرئيس وإيمانه العميق بذاته دون الحاجة للآخر مهما كان ولاؤه للرئيس أو محيطه .

وهي الرسالة التي فهمتها حركة الشعب بعد القطيعة الحاصلة بين قيادات الحزب منذ 25جويلية وسعيد، رغم المحاولات المتكررة للاتصال بالقصر والتدخلات الدعائية، لما أقدم عليه سعيد، من طرف قيادات حركة الشعب على غرار ليلى حداد وهيكل المكي وغيرهم .

وإذ واصلت حركة الشعب البروبغندا لمشروع سعيد دون أن يلقي هذا الأخيرأي بال لهم فقد اختار التيار الديمقراطي النزول من قطار سعيد بعد الاختلاف الكبير في الرؤى والمواقف وهو ما دفع قيادات مثل غازي الشواشي وسفيان مخلوفي ونعمان العش لتعديل البوصلة وإنهاءالتأثير المعنوي والتنظيمي للزوجين محمد وسامية عبو اللذين أسهما بشكل واضح في تخلف المنظومة وإسقاطها لاحقا.

بدوره لم يكن الاتحاد العام التونسي للشغل بعيدا عن مواقف الرئيس بعد الجملة الشهيرة للناطق الرسمي للاتحاد سامي الطاهري حين قال "يا رئيس خذها ولا تخف…توكل …"ليفقد بعدها الاتحاد أي بريق سياسي ونقابي بعد أن تجاوزه رئيس الجمهورية ونفضه من على حجره بل وسخر منه حين توجه إلى دعاة خريطة الطريق للذهاب إلى كتب الجغرافيا في إشارةأكيدةإلىأن الرئيس ليس شريكا للاتحاد بل هو بديل عن ماكينة البيروقراطية النقابية أصلا.

وبات واضحا أن سعيد لا يثق في القديم،ليضع نفسه بديل عن الكل رغم طلب الشراكة المتكرر سواء بالذهاب إلى الحوار الوطني أو فتح باب العلاقة مع الأحزاب وكان موقفه رافضالأي تعاط مع القديم .

وفي هذا السياق اعتبر الباحث والكاتب عادل بن عبدالله في مقاله الأسبوعي بموقع "عربي 21":لفهم "ضبابيةحالة الاستثناء بحكم رفض الرئيس تقديم أية خارطة طريق بسقف زمني أو مهمات واضحة، ولفهم إصرار الرئيس على نسف أي إمكانية لحوار وطني (بمنطق استحالة الحوار مع الفاسدين)، يجب علينا أن نستحضر أن حالة الاستثناء ليست تصحيحا للمسار في أفق الجمهورية الثانية ومنجزها ووسائطها، ينبغي علينا أن نتذكر أن الرئيس يتحرك بمنطق البديل لا بمنطق الشريك. وهو ما يعني أن إدارة حالة الاستثناء لا تقبل "التشاركية"، ولا يحكمها إلا حاجة الرئيس لترسيخ "مشروعية" إجراءاته وتأسيس الجمهورية الثالثة."

 

خليل الحناشي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews