لمعالجة مشاكل النظافة والخدمات الأساسية..
ضرورة تحمل المسؤولية وإحياء ثقافة المبادرة داخل المؤسسات العمومية
في الوقت الذي يتطلع فيه الجميع إلى أداء ناجع للمرفق العمومي يلمسه المواطن في تفاصيل حياته اليومية، ومع تصاعد النقاش حول مدى قدرة الهياكل الجهوية على الاستجابة السريعة لمشاغل المواطنين، جاء لقاء رئيس الجمهورية قيس سعيّد بوزير الداخلية خالد النوري ليضع مجددا النقاط على الحروف فيما يتعلق بدواليب إدارة المرفق العام، حيث بدا واضحا من خلال توجيهات رئيس الدولة قيس سعيّد أن الإشكال يتجاوز في جوهره ندرة الإمكانيات أو تشتت المسؤوليات، وإنما يتعلق بخلل أعمق يتعلق بطريقة تسيير الشأن العام وبمدى التزام المسؤولين بمقتضيات الواجب المهني، خاصة وأن رئيس الجمهورية قيس سعيّد قد تساءل عن السر الذي يجعل التعقيدات تتلاشى فور دعوة المسؤولين لتحمّل مسؤولياتهم، بما يكشف جانبا من البيروقراطية التي تستنفذ الكثير من جهود الدولة دون نتائج ملموسة، ويعيد طرح مسألة النجاعة الإدارية باعتبارها شرطا أساسيا لاستعادة ثقة المواطن في مؤسسات الدولة وهياكلها.
من هذا المنطلق، تحول الحديث عن النظافة والتطهير والإنارة إلى مدخل لتشخيص حالة الإدارة وطرح أسئلة جوهرية حول أولويات الدولة وقدرتها على ضمان استمرارية خدماتها اليومية.
وفي ظل هذا التمشي، تطرق رئيس الجمهورية قيس سعيّد خلال لقائه بوزير الداخلية إلى نقطة هامة مفادها أنه ليس من الطبيعي أن يُطلب من رئيس الجمهورية التدخل لربط منزل بشبكة التطهير، أو إنارة طريق، أو إصلاح جزء من مسلك أو طريق هو محل استياء من قبل المواطنين. فهذه المهام، وفق ما شدد عليه رئيس الدولة قيس سعيّد، هي من صميم عمل المسؤولين الجهويين والمحليين، وهي من البديهيات التي لا ينبغي أن تنتظر تعليمات وتوجيهات مركزية لاتخاذ قرار بشأنها.
وجدير بالذكر أن رئيس الجمهورية قيس سعيّد عندما تعرض إلى تفاصيل من قبيل الإنارة وطريق مهمل، فقد وضع الإصبع على الداء باعتبار تسيير الإدارة نفسها. إذ لم يعد مسموحا – من وجهة نظره – أن ينتظر المواطن تدخل أعلى هرم الدولة ليعالج ملفًا كان يفترض أن تتم تسويته على مستوى محلي أو جهوي.
خلل لا يعبر فقط عن ضعف في الأداء، بل عن انقطاع في حلقة المسؤولية، وعن غياب ثقافة المبادرة والتدخل الناجع التي كان من الضروري أن تكون حاضرة في ذهن كل مسؤول يتولى خدمة الصالح العام. وهنا تتحول الأمثلة البسيطة التي أشار إليها رئيس الدولة قيس سعيّد إلى مرآة تعكس عمق المعضلة: معضلة إدارة تعتمد على الحملات الظرفية بدل الاستمرارية في القيام بالواجب.
عقلية الاستمرارية
ومن بين الرسائل الجوهرية التي حملها لقاء رئيس الجمهورية قيس سعيّد بوزير الداخلية خالد النوري هو أداء المرفق العمومي على مستوى الجهات، باعتبار أن الخوض في «عمليات النظافة» لا يمثل مجرد نقد لواقع النظافة على مستوى عدد من المدن، وإنما هو إشارة إلى ما هو أعمق: وهو ضرورة الانتقال من عقلية الحملات الظرفية المناسباتية إلى عقلية الاستمرارية في الأداء والعطاء خدمة للصالح العام.
فالحملات الظرفية مهما كانت رمزيتها، تظل محدودة زمنيا، بينما يشدد رئيس الدولة قيس سعيّد على رؤية مختلفة تعتبر النظافة والإنارة والتطهير والخدمات الأساسية جزءا من سيرورة عمل دؤوب لا ينقطع.
وهذا الطرح يحمل في طياته نقدا مباشرا لنمط تسيير وإخلالات في إدارة الشأن العام تراكمت على مدار عقود، حيث ترتبط جودة الخدمات العمومية بالمبادرات الظرفية أو بزيارات رسمية مناسباتية، لا بالعمل المؤسساتي الدائم. وهو ما يؤشر إلى طرح جملة من الأسئلة الحارقة على غرار هيكلة البلديات، وأهمية تفعيل آليات متابعة مستمرة مع تفعيل الرقابة اليومية على أشغال المرفق العمومي.
من جهة أخرى، أثار رئيس الدولة قيس سعيّد عبر هذا اللقاء مسألة تعتبر بمثابة الداء العضال الذي تعاني منه مختلف المؤسسات والإدارات العمومية، وهي الذريعة المتكررة التي يرفعها عدد من المسؤولين، من قبيل «كثرة الإجراءات» أو «قلة الإمكانيات»، ليفند رئيس الدولة كل هذه التبريرات متسائلا: «لماذا تختفي التعقيدات وتظهر الإمكانيات فور تدخل رئاسة الجمهورية أو دعوة المسؤولين لتحمّل مسؤولياتهم؟»
وهذا السؤال الجوهري يعيد مجددا فتح ملف البيروقراطية التي تشكّل أحد أكبر التحديات اليوم أمام الجهود التي تبذلها الدولة على مستوى تحسين الخدمات العامة.
فالعجز الإداري لم يعد يتمظهر فقط في كثرة الإجراءات أو في تعطّل نسق المشاريع، بل أصبح يتجلى في أبسط الخدمات التي يفترض أنها لا تحتاج إلا متابعة وتنسيقا وسرعة في اتخاذ القرار في الوقت المناسب.
تونس.. العنوان
فالإشكالية لم تعد مرتبطة فقط بنقص في الموارد والإمكانيات، بل هي تقترن، وفقا لما يستشف من تصريحات رئيس الدولة قيس سعيّد، بمدى وجود إرادة لدى المسؤولين وصناع القرار على المسك فعليا بزمام الأمور من خلال القدرة على اتخاذ القرار في الوقت المناسب، وتطبيق القانون بكل حزم، وتوفير الخدمات الأساسية
التي لا تحتاج ضرورة إلى ميزانية كبيرة مقابل أثرها المباشر والايجابي على الحياة اليومية للمواطن.
ومن هنا جاءت دعوة رئيس الجمهورية قيس سعيّد إلى ضرورة إعادة ضبط بوصلة المسؤولين حول عنوان واحد: تونس.
وهذه الجملة تتجاوز طابعها الوجداني، لتحمل في عمقها رؤية واضحة لما يجب أن تكون عليه الإدارة. فالعنوان هنا ليس مجرد انتماء جغرافي، بل إنه معيار للأداء واتخاذ القرار، ومرجع لمحاسبة الذات قبل محاسبة الآخر. ومن يخطئ هذا العنوان، وفق تعبير رئيس الجمهورية قيس سعيّد، فهو يخطئ جوهر توجهات الدولة وخياراتها في هذه المرحلة، لأن المسؤول الذي ينشغل بتبرير التأخير بدل تداركه، أو بتكديس الملفات عوض حلّها، لن يكون جزءا من مسار الدولة الجديد الذي يضع الإنجاز والمساءلة في صلب الأولويات.
الشباب قادم..
وليس من قبيل الصدفة أن يربط رئيس الدولة بين هذا العنوان وبين الشباب حين قال: «من أخطأ العنوان أو تشابهت عليه الأسماء فليعلم أن الشباب قادم ولن يخطئ الهدف كما لن يخطئ العنوان». فالشباب، في نظره، ليس مجرد فئة عمرية، بل قوة اقتراح وتغيير قادمة، ونبض مجتمع لم يعد يقبل الأعذار القديمة، ولم يعد مستعدًا لغضّ الطرف عن استهتار إداري أو تبريرات لا تستقيم. وبالتالي تكون المراهنة على الشباب كخيار استراتيجي تتبناه الدولة في أعلى هرمها لإعطاء نفس جديد في مواقع القرار، بما يجعل الأداء الوظيفي اليوم – لا الوعود المتكررة – المعيار الوحيد للبقاء في مواقع المسؤولية والقرار.
فالدولة التي تفتح اليوم واجهة إصلاحات اقتصادية كبرى أو مشاريع وطنية ضخمة، يتعين عليها أن تبدأ أولا بترميم ثقة المواطن في قدراتها على إنجاز الأساسيات والبديهيات. فمن دون إنارة طريق، أو تنظيف حي، أو تبسيط إجراء إداري، لا يمكن إقناع المواطن بأن الدولة قادرة على إدارة مشاريع ضخمة أو دفع عجلة الاستثمار.
وبهذا بدا خطاب رئيس الدولة قيس سعيّد في لقائه بوزير الداخلية كدعوة لإعادة ترتيب الأولويات: فالإصلاح يبدأ من الميدان، من الشارع، من التفاصيل التي يلمسها المواطن في حياته اليومية والتي تُعتبر مقياسًا لمصداقية الدولة.
فاللقاء لم يكن مجرد متابعة تقنية لحملات النظافة أو لطبيعة البنية التحتية، بل كان موعدا لطرح سؤال أساسي: كيف يمكن للدولة أن تستعيد فاعليتها؟ والإجابة التي حملها خطاب رئيس الدولة لم تذهب نحو مزيد من النصوص أو القوانين، بل نحو مساءلة العقليات ومراجعة أساليب العمل وإحياء ثقافة المبادرة داخل الهياكل والمؤسسات العمومية. فالإدارة لا تُقاس بعدد الملفات التي هي قيد الدرس، وإنما بعدد الملفات المنجزة وعدد القرارات المتخذة.
جودة المرفق العمومي تبدأ من الشارع، من الحي، ومن خدمة بسيطة كانت ينبغي أن تُقدّم دون انتظار تعليمات. ومع كل توجيه يصدر من قصر قرطاج، تتكرس قناعة راسخة بأن تونس ليست فقط العنوان الصحيح، بل الوجهة التي يجب ألا يخطئها أي مسؤول بعد اليوم.
منال حرزي
++++++++++++++++++++
++++++++++++++++++++++++++++
اختتام الدورة الـ23 للجنة الكبرى المشتركة التونسية - الجزائرية
توقيع 25 اتفاقية ومذكرة تفاهم .. ودفع التعاون والشراكة نحو المزيد من التكامل والاندماج
◄ رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري:
اجتماع اللجنة محطّة هامة لمتابعة ما تحقق من إنجازات في مختلف مجالات التعاون المشترك وتقييم مساراته
◄ الوزير الأول الجزائري سيفي غريب:
وتيرة الإصلاحات الاقتصادية التي يشهدها البلدان تشكّل حافزًا للشروع في تجسيد العديد من المشاريع المشتركة
اختتمت أمس الجمعة 12 ديسمبر 2025 أشغال الدورة الثالثة والعشرين للجنة الكبرى المشتركة التونسية الجزائرية، وذلك بقصر الحكومة بالقصبة تحت إشراف رئيسة الحكومة سارة الزعفراني والوزير الأول الجزائري سيفي غريب.
وخلال الجلسة الافتتاحية لأشغال الدورة الثالثة والعشرين للجنة الكبرى المشتركة التونسية - الجزائرية، بحضور الوزير الأول الجزائري سيفي غريب وعدد من الوزراء في البلدين، قالت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري إن هذا الحدث يُعدّ مناسبة لتجسيم حرص رئيس الجمهورية قيس سعيّد ورئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عبد المجيد تبّون على مزيد تطوير علاقات الأخوّة والتعاون والجوار بين تونس والجزائر، والارتقاء بها إلى أعلى المراتب، وتحقيق إنجازات ملموسة ترتقي بماضيها المجيد وتستجيب لتطلّعات شعبينا الشقيقين، وتضع الأُسس المتينة لتعزيز دعائم المستقبل الزاهر الذي نصبو إليه.
وأكدت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري أن تونس، التي اختارت التعويل على قدراتها الذاتية واعتماد سياسة اجتماعية واقتصادية بناءً على خياراتها الوطنية، تواصل بخطى ثابتة إنجاز مسارها الإصلاحي الشامل من أجل تعزيز مقوّمات سيادتها الوطنية ومناعتها الاقتصادية وتوطيد أمنها واستقرارها، رغم كلّ التحديات الماثلة. وأضافت: «وإذ نؤكد وعينا بحجم هذه التحديات، فإننا مصممون على تجاوزها بالإرادة الصادقة والعزيمة وبذل أقصى جهودنا في تحقيق ما يتطلع إليه التونسيون والتونسيات من عدالة وحريّة وكرامة وطنية وتعافي اقتصادي وتقدّم في شتى المجالات. فإرادة شعبنا والتفافه حول قيادته يزيدان من عزمنا على المضي قدما في هذا المسار من أجل تحقيق انتظارات مواطنينا ومواطناتنا... كما نُشيد، في نفس السياق، ونعرب عن اعتزازنا بالإصلاحات الهيكلية والمؤسّساتية العميقة في مسار بناء الجزائر الجديدة بقيادة الرئيس عبد المجيد تبّون، ونُنوّه بمختلف المشاريع التنموية التي تحققت في شتى المجالات وفي ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار في البلاد».
كما قالت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري: «إن رؤيتنا للمستقبل واضحة، فكلّ مكسب تنموي تحققه تونس والجزائر يشكل لبنة أساسية لخدمة الهدف الأسمى، وهو التقدّم في تعزيز الاندماج الاقتصادي والاجتماعي والشراكة المتضامنة بين بلدينا وشعبينا الشقيقين، ودعامةً للأمن والاستقرار والازدهار في فضاء انتمائنا المغاربي».
كما أفادت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري بأن اجتماع اللجنة العليا المشتركة يعتبر محطة هامة لمتابعة ما تحقق من إنجازات في مختلف مجالات التعاون المشترك وتقييم مساراته، واستشراف آفاق جديدة لتعزيزه وتطوير آلياته من أجل مزيد من النجاعة والسرعة. وأعربت في هذا الإطار عن الارتياح لما يشهده التعاون الثنائي بين البلدين، خلال السنوات الأخيرة، من ديناميكية إيجابية ونتائج مرضية، وما تحقق من إنجازات ملموسة خلال الدورات السابقة للجنة الكبرى المشتركة التونسية الجزائرية.
وثمّنت رئيسة الحكومة روح المسؤولية التي طبعت عمل مختلف اللجان القطاعية والفنية التحضيرية لهذه اللجنة، والتي عكست الإرادة المشتركة والصادقة لأعضاء وفدي البلدين من أجل تحويل التوصيات المنبثقة عنها إلى خطوات عملية حقيقية، مؤكدة أهمية المتابعة المتواصلة وتجسيم مختلف هذه التوصيات بما يُسهم في تطوير التعاون الثنائي في مجالات التجارة والطاقة والنقل والأمن وتنمية المناطق الحدودية وإدارة المياه والسياحة والتعليم العالي، وغيرها من القطاعات الحيوية.
وفي هذا الإطار، ثمّنت مخرجات اجتماع لجنة المتابعة برئاسة وزيري الشؤون الخارجية للبلدين، بما خلُصت إليه من توصيات واتفاقات وبرامج عمل جديدة سيتمّ التوقيع عليها في ختام أشغال اللجنة الكبرى المشتركة.
كما نوّهت رئيسة الحكومة بالتنسيق والتشاور المتواصلين على المستوى الدبلوماسي في ما يتعلق بملفات التعاون الثنائي، ومتابعة المستجدات الإقليمية والدولية، داعية إلى مواصلة هذا النسق البنّاء من التنسيق المشترك من خلال العمل على تجسيم التوافقات المشتركة ببرمجة اجتماعات وزارية قطاعية في المجالات ذات الأولوية للبلدين، على غرار التجارة والأمن وتنمية المناطق الحدودية والطاقة والموارد المائية والنقل، ورفع توصيات عملية بشأنها إلى قيادتي الدولتين، بما يُكرّس التنسيق الاستراتيجي الدائم بين البلدين خدمةً لمصالحهما المشتركة.
تثمين التبادل التجاري بين البلدين...
وفي سياق آخر، قالت رئيسة الحكومة: «إنّ تونس تعتبر الجزائر الشقيقة شريكا اقتصاديا كبيرا، علاوة على مكانتها المتميّزة لدى الشعب التونسي، وتؤمن بأن أمام بلدينا آفاقا واسعة وفرص استثمار واعدة لتعميق التعاون الثنائي والارتقاء به إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية المنشودة، مما يقتضي مزيدا من التنسيق والتكامل في الرؤى والجهود، وتكثيف العمل المشترك لتجاوز الصعوبات التي قد تعترض بعض القطاعات الحيوية، وفي مقدمتها التجارة، بما يضمن انسيابية المبادلات التجارية وتطوير التعاون الاقتصادي».
وأشارت إلى «أهمية التبادل التجاري القائم بين تونس والجزائر، والذي بلغ قيمة ما يُقارب 7740 مليون دينار تونسي في سنة 2024، فإنه بإمكاننا تحقيق الأفضل بكثير عبر تكثيف الجهود المشتركة لرفع مختلف المعوقات التي تحول دون انسياب التجارة البينية، والعمل على تبسيط الإجراءات الجمركية وتحسين البنية التحتية للمنافذ البرية التجارية وتيسير انسياب السلع والخدمات، بما يساهم في رفع حجم المبادلات التجارية ويُدعم التعاون الاقتصادي كرافعة حقيقية للشراكة الاستراتيجية بين تونس والجزائر».
وشدّدت رئيسة الحكومة على ضرورة مواصلة المشاورات بين الجانبين واستكمالها في أقرب الآجال الممكنة، لدفع نسق المبادلات البينية عبر مراجعة الاتفاق التجاري التفاضلي بما يتماشى مع التطوّرات التي يشهدها اقتصادا البلدين، ويساهم في تطوير الامتيازات التعريفية المتبادلة وتوسيع قائمة المنتجات المشمولة به، ويعزّز الانسياب التجاري بين البلدين، لبلوغ هدفنا المشترك في إرساء شراكة اقتصادية استراتيجية أكثر عمقًا وفاعلية.
كما ثمّنت التطوّر المسجّل في حجم الاستثمارات الجزائرية النشطة في تونس، حيث بلغ عدد المؤسسات الصناعية ذات المساهمة الجزائرية ثمانية عشر مؤسسة تنشط في مجالات متنوّعة، على غرار الصناعات الغذائية والميكانيكية ومواد البناء والنسيج والملابس والجلود. ورغم ما تحقق من مؤشرات إيجابية، فما زال القطاع في حاجة إلى مزيد من الجرأة الاستثمارية والتكامل الصناعي لتحقيق ما نصبو إليه من اندماج اقتصادي حقيقي.
ودعت إلى عقد الاجتماع الحادي عشر للجنة المشتركة التونسية الجزائرية لتقييم ومتابعة التعاون الصناعي في أقرب الآجال الممكنة، إضافة إلى تفعيل البرامج التنفيذية المتفق عليها في إطار اتفاقات التعاون المبرمة بين المراكز الفنية التونسية ونظيراتها الجزائرية والانطلاق في بلورة تصور لبرنامج تعاون نموذجي مشترك بين وكالة النهوض بالصناعة والتجديد كجهة مشرفة على الشبكة الوطنية لمحاضن المؤسسات التونسية، والهيكل المشرف على محاضن المؤسسات الجزائرية، يتمّ التركيز من خلاله خاصة على عنصري ريادة الأعمال المجددة وريادة الأعمال النسائية.
وأضافت رئيسة الحكومة : «لا يفوتنا الإشادة في هذا الإطار بالحصيلة الإيجابية للمنتدى الاقتصادي التونسي - الجزائري، الذي توزعت أنشطته بين الأمس واليوم بمشاركة عدد هام من الفاعلين الاقتصاديين ورجال الأعمال من البلدين الشقيقين، بما من شأنه أن يسهم في تعزيز دور القطاع الخاص في تطوير التعاون الثنائي من خلال مزيد تشبيك المصالح المشتركة وإرساء شراكات فاعلة، ولا سيّما في القطاعات الواعدة كالصناعات التحويلية والطاقات المتجددة والتكنولوجيات الحديثة، بما يُساهم في خلق ديناميكية اقتصادية جديدة تُترجم في مشاريع واقعية تدعم التنمية وتعود بالنفع المباشر على الشعبين الشقيقين».
كما أكدت أن التعاون الطاقي بين تونس والجزائر يكتسي أهمية استراتيجية، باعتباره أحد الركائز الحيوية للعلاقات الثنائية، مؤكدة على أهمية إنجاح المفاوضات بين الشركة التونسية للكهرباء والغاز وشركة سوناطراك الجزائرية لمراجعة السعر التعاقدي لشراء الغاز للفترة الممتدة من سنة 2026 إلى سنة 2028، بما يتماشى مع استقرار الأسعار العالمية وتمكين بلادنا من كميات فوق تعاقدية عند الحاجة.
وثمنت أهمية تنفيذ مشاريع مشتركة في مجالات الطاقات المتجددة والربط الكهربائي وتطوير بنية تحتية طاقية متكاملة، بما يسهم في تحقيق التنمية الشاملة ويعزز مكانة تونس والجزائر كشريكين أساسيين في هذا المجال الحيوي. وفي هذا الإطار، دعت إلى عقد اجتماع اللجنة المشتركة التونسية الجزائرية للتعاون في مجال الطاقة التي لم تنعقد منذ سنة 2022.
وشددت رئيسة الحكومة على ضرورة مواصلة العمل المشترك وتبادل المعلومات والتجارب في مجالات استغلال الموارد المائية المشتركة وإدارة المياه السطحية والتصرّف في مياه السدود وتطوير مشاريع فلاحية نموذجية، ودعم البحث العلمي والابتكار والاستثمار المشترك في مجال الأمن الغذائي، بما يسهم في تعزيز قدرة بلدينا على مجابهة الأزمات وتحقيق الاكتفاء الذاتي وترسيخ روح التضامن والتكامل بين البلدين.
كما أفادت أنّ للتعاون السياحي دورا هاما في دعم العلاقات الثنائية وتعزيز التقارب بين الشعبين الشقيقين. وفي هذا الإطار، قالت: «نسجّل بكل ارتياح النسق التصاعدي الذي تعرفه الحركة السياحية بين البلدين، إذ سجلت تونس إلى حدود موفى شهر أكتوبر 2025 توافد ثلاثة ملايين سائح جزائري بنسبة ارتفاع بلغت 8.2 % مقارنة بعدد الوافدين خلال نفس الفترة من سنة 2024، مما يؤكد المكانة المميزة التي تحتلّها تونس لدى أشقائنا الجزائريين وعمق الروابط الأخوية بين الشعبين، ويجسّد النجاح المشترك ليصبح التعاون السياحي نموذجًا للتكامل والازدهار في الفضاء المغاربي.»
وانطلاقا من أهمية تعزيز التعاون بين تونس والجزائر في المجالات الثقافية والرياضية والشبابية والتربوية، باعتبارها أساسية لترسيخ التقارب الإنساني وتعزيز الروابط الحضارية العريقة التي تجمع الشعبين الشقيقين، دعت إلى تطوير برامج عملية مشتركة في هذه المجالات، تُعنى بتشجيع المبادرات الشبابية وتعزيز التبادل بين الجمعيات والهياكل الرياضية في البلدين، بما يُسهم في توطيد روح الأخوة بين الأجيال الصاعدة، مُشددة على أهمية تكثيف الشراكات الأكاديمية وتبادل الطلبة والأساتذة والباحثين وإرساء مشاريع علمية مشتركة في مجالات الابتكار والتكنولوجيات الحديثة، إيمانًا منا بأنّ الاستثمار في رأس المال البشري والمعرفة هو السبيل الأمثل لبناء مستقبل مشترك أكثر ازدهارًا ووحدة بين تونس والجزائر.
واعتبرت رئيسة الحكومة أن العلاقات الأخوية التاريخية التي تجمع شعبينا الشقيقين تؤكد على ضرورة إيلاء عناية فائقة بجاليتينا على مختلف الأصعدة، مضيفة: «ولعلّ من أوكد الأولويات اليوم الإسراع بتحيين اتفاقية الإقامة الموقّعة منذ سنة 1963، بما يتلاءم مع التحوّلات التي شهدتها تونس والجزائر وتطلعات مواطنيهما، وذلك في اتجاه تحسين ظروف الإقامة وتنقيح الإجراءات ذات العلاقة بالتملّك والعمل ونقل الأموال والإقامة، فضلاً عن تيسير تنقل الأشخاص والعمال والطلبة والمستثمرين. كما ندعو إلى اعتماد مقاربة جديدة تراعي خصوصية الروابط العائلية والاجتماعية بين الشعبين، بما ينعكس إيجابا على ترسيخ أسس الشراكة والتكامل بين تونس والجزائر».
وقالت رئيسة الحكومة: «يُمثل التنسيق والتشاور المتواصل بين قيادتي دولتينا حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية رافدًا أساسيًا لمزيد تعزيز علاقاتنا الثنائية. وإننا ننوه في هذا الإطار بتطابق وجهات نظر بلدينا بخصوص العديد من القضايا، مُذكرة في هذا السياق بموقف تونس الدائم والمبدئي والثابت الداعم للشعب الليبي حتى يتمكن من تحقيق طموحاته في إعادة الأمن والاستقرار في كامل ربوع ليبيا والحفاظ على سيادته في كنف الوحدة الوطنية، والدعوة إلى انتهاج الحوار السياسي سبيلا أوحد للحل بين أشقائنا الليبيين تحت الرعاية الأممية».
وعلى صعيد متصل، رحبت رئيسة الحكومة بمخرجات الاجتماع الثلاثي الثاني حول ليبيا المنعقد بالجزائر بتاريخ 6 نوفمبر 2025، والذي شكّل محطة هامة في مسار دعم الجهود الإقليمية الرامية إلى تعزيز الاستقرار في ليبيا ومساندة مسار الحل السياسي الشامل تحت رعاية الأمم المتحدة، مُؤكدة في هذا الإطار على أهمية تواصل النسق الحثيث لهذه الآلية الدبلوماسية لما تُتيحه من إطار تشاوري فعّال لتنسيق المواقف وتبادل الرؤى حول مجمل التطورات في ليبيا. وأضافت: «نُعرب عن تطلّعنا إلى مشاركة جزائرية ومصرية فاعلة في الاجتماع الثلاثي القادم الذي ستستضيفه تونس في مطلع سنة 2026، تأكيدا على وحدة المقاربة بين دول الجوار المباشر لليبيا ودورها المحوري في دعم الاستقرار الدائم فيها وتعزيز الأمن في المنطقة المغاربية والعربية.»
فرصة مواتية للوقوف
على واقع علاقات التعاون والشراكة
من جانبه، قال الوزير الأول الجزائري سيفي غريب في افتتاح أشغال اللجنة العليا المشتركة التونسية-الجزائرية إن هذا الاجتماع يُمثل فرصة مواتية للوقوف معًا على واقع علاقات التعاون والشراكة بين تونس والجزائر، وبحث راهنها ومستقبلها، وخاصة من خلال تقييم ما تم تجسيده منذ الدورة الأخيرة للجنة المشتركة الكبرى للتعاون، بالجزائر يوم 4 أكتوبر 2023، والتي تُعتبر الآلية المحورية لمتابعة ومرافقة الحركية الهامة التي تعرفها علاقات التعاون بين بلدينا الشقيقين.
وعبّر الوزير الأول الجزائري عن أمله في أن تكون هذه الدورة محطة متميزة على درب تعزيز التعاون والشراكة والتضامن بين الجزائر وتونس، لترقى إلى مستوى الإرادة السياسية لقائدي البلدين، وتكون عند حسن ظن وتطلعات الشعبين الشقيقين. وأضاف: «لقد بلغت علاقات تعاوننا وشراكتنا درجة من النضج والتجربة، تُمكننا من التخاطب كإخوة وجيران، بالموضوعية الضرورية التي تضمن تعزيز وتكريس كل ما هو إيجابي ومفيد للطرفين، وتصويب وتقويم كل ما هو دون ذلك، من خلال وضع آليات مبتكرة ومكيَّفة تسمح بتذليل أي عقبات تعترض تجسيد طموحاتنا المشتركة في مختلف المجالات.»
كما نوه الوزير الأول الجزائري بالنتائج الإيجابية التي تحققت في العديد من قطاعات التعاون، مشيرا إلى التنسيق المتواصل بين البلدين لمواجهة مختلف التهديدات الأمنية، لاسيما في مجال تأمين الحدود المشتركة، من أجل الحد من مخاطر الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود والهجرة السرية والتهريب بمختلف أشكاله والاتجار بالمخدرات. وأضاف: «لا زال التعاون بين البلدين في هذا المجال يخطو خطوات ثابتة وتبعث على الارتياح، كما أكدته مخرجات الاجتماع الثاني للجنة الأمنية المشتركة المنعقدة بالجزائر يومي 14 و15 جويلية 2025، الذي تم خلاله تقييم الوضع الأمني بالمنطقة ودول الجوار وتداعياته على أمن البلدين.»
وثمن توقيع البلدين مؤخرا على اتفاق للتعاون في المجال العسكري في أكتوبر 2025، والذي يشكل لبنة إضافية في صرح التعاون الثنائي في هذا المجال الهام.
وفي مجال الطاقة، الذي يمثل حلقة أساسية في التعاون الثنائي، قال الوزير الأول الجزائري: «نسجل بارتياح مساهمة الصادرات الطاقوية الجزائرية في تلبية الطلب الداخلي في تونس على الغاز الطبيعي والكهرباء، ونطمح إلى تعزيز التعاون في هذا المجال من خلال تجسيد المشاريع المهيكلة الرامية لتعزيز الربط الكهربائي الثلاثي.»
وأضاف أن حجم المبادلات التجارية بين البلدين شهد ارتفاعا خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغ 2.30 مليار دولار سنة 2024، حيث يُهيمن قطاع المحروقات على تركيبته السلعِيَّة، مستطردًا: «ورغم أن تونس تحتل المرتبة الثانية إفريقيًا من بين الشركاء التجاريين للجزائر، إلا أن البيانات الإحصائية تُشير إلى أن المبادلات البينية تبقى دون مستوى قدرات البلدين»، مؤكدًا ضرورة العمل من أجل دفع التعاون والشراكة نحو المزيد من التكامل والاندماج، عبر توفير الشروط المناسبة لرفع التبادل التجاري خارج المحروقات، ولاسيما من خلال إزالة جميع المعوقات البُنيَويَّة أو الظرفية التي تقف حاجزًا أمام تطوير وانسيابية حركة المبادلات التجارية.
وفي هذا الإطار، أكد الوزير الأول الجزائري بشكل خاص على أهمية عقد اجتماعات اللجان التقنية الفرعية لمرافقة التبادل التجاري، ووضع الأطر التنظيمية المناسبة لتسهيل انسياب السلع والخدمات بين البلدين، وتكريس الثقة بين المتعاملين الاقتصاديين من الجانبين، معتبرا أن «تعزيز التبادل التجاري يجب أن يرتبط بحركية مشابهة على مستوى ترقية الشراكة الاستثمارية بين البلدين، وهو ما تتجلى معه الحاجة الملحة لتكثيف التواصل بين المستثمرين ورواد الأعمال من البلدين، ووضع أطر مؤسساتية وقانونية تتناسب مع المتغيرات الاقتصادية المحلية والتحولات الدولية، وتساهم في بعث ديناميكية فعلية للشراكة بين البلدين.»
وقال الوزير الأول الجزائري إن وتيرة الإصلاحات الاقتصادية التي يشهدها البلدان والفُرص الكثيرة التي يُتيحها التزامهما ببناء شراكة متكاملة ومُندمجة، تُشكل حافزًا أساسيًا للشروع في تجسيد العديد من المشاريع المشتركة. وأضاف: «لعل عدد المشاريع المسجلة لدى الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمارات ناهزت قيمتها 350 مليون دولار، ونوايا الاستثمار التي تكاد تقارب هذا المبلغ، كلها مؤشرات تبعث على التفاؤل بمستقبل الشراكة وتبعث على مواصلة العمل من أجل الدفع بها قدمًا.»
شراكة واعدة بين البلدين
وفي هذا السياق، أفاد الوزير الأول الجزائري أن الآفاق الواعدة للشراكة التي تم استعراضها أول أمس خلال المنتدى الاقتصادي الجزائري-التونسي تؤكد حجم الفرص المتاحة للتعاون، ما يستوجب تكثيف التنسيق من أجل مرافقة المتعاملين المعنيين وتهيئة الظروف المناسبة لهم لتجسيد مشاريعهم ومنح علاقاتنا الثنائية المحتوى الاقتصادي الذي طالما شدد قائدا بلدينا على أهمية الرقي به وتعزيزه.
كما أكد الوزير الأول الجزائري أن العلاقات الجزائرية-التونسية تتميز بالترابط المتجذر بين شعبين تجمعهما الثقافة والتاريخ واللغة والدين، فضلا عن تاريخ نضالي مشترك وإيمان راسخ أيضًا بالمصير المشترك.. إذ يُشكل الجانب الإنساني جوهر هذه العلاقة المتينة، باعتباره الأساس الحقيقي والقوي للتواصل والتضامن بين البلدين الشقيقين. وشدد على ضرورة مواصلة العمل من أجل تكييف وتطوير الإطار القانوني لتنقل وإقامة الأفراد بين الجانبين، وتشجيع التواصل الثقافي في مختلف أشكاله وصوره، وتكثيف التظاهرات العلمية والثقافية والرياضية، فضلاً عن تعزيز التبادل الطلابي.
واعتبر الوزير الأول الجزائري أن إعادة تشغيل خط السكة الحديدية بين عنابة وتونس في أوت 2024، بعد انقطاع دام سنوات طويلة، يُشكل فرصة سانحة للتأكيد على أهمية تكثيف التعاون في مجال النقل وتيسير التواصل بين البلدين، وتوفير شروط ديمومته وتحسين الخدمات المرتبطة به.
وأضاف أن موافقة الجانبين على إنشاء «مركز ثقافي» لكل بلد لدى الآخر، سيساهم في تعميق التقارب، ودليل إضافي على العناية التي توليها حكومتا البلدين للبعد الثقافي في علاقاتهما الثنائية.
وفي نفس الإطار، قال الوزير الأول الجزائري إن هذه المحاور الاستراتيجية الواعدة لتعزيز العلاقات بين البلدين تتطلب تبني خارطة طريق واضحة المعالم، يتم من خلالها وضع آليات عملية وفق برنامج زمني محدد لتجسيد مشاريع التعاون في القطاعات الحيوية وذات الأولوية، فضلاً عن تلك التي تتيحها الفرص الهامة للشراكة والاستثمار، وخاصة تلك التي سبق اقتراحُها من قبل «لجنة التفكير والاستشراف»، خلال اجتماعها الأول، المنعقد بتونس في 8 مارس 2024، فيما يتعلق بالتعاون في مجالات الأمن الغذائي، وإنتاج القمح، وتحلية مياه البحر، وتطوير النقل، وهي مشاريع جديرة بأن يبدأ البلدان في تجسيدها.
كما أكد أهمية التفكير بجدية في تطوير آليات التعاون التقليدية من خلال النظر في ترشيد عملها وتكييفها وإعادة هيكلتها بما ينسجم مع الآفاق الاقتصادية في البلدين.
وفيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية، قال الوزير الأول الجزائري: «إن هذا الزخم الذي تشهده علاقات التعاون والتضامن بين البلدين يجد أيضًا سندَه في التطابق التام لوجهات نظر البلدين إزاء العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتمسكهما بالدفاع عن المبادئ والقيم التي تنظم المجتمع الدولي وتحمي النظام متعدد الأطراف من الانهيار... ففي ظل الأزمات والمآسي التي يعيشها العالم العربي، يقف البلدان بقوة إلى جانب الشعب الفلسطيني في مواجهة حرب الإبادة ومحاولات الإجهاز على قضيته من قبل الاحتلال الغاصب، ويُساندان نضاله لنيل حقوقه وبناء دولته المستقلة وعاصمته القدس. كما يتقاسم البلدان نفس الموقف إزاء ما يدور في لبنان وسوريا، البلدان الشقيقان اللذان ما زالا يتعرضان لاعتداءات سافرة من الاحتلال الإسرائيلي... هذا ويدعم بلدانا تسوية سياسية شاملة للأزمة في ليبيا الشقيقة، من خلال تمكين الأشقاء الليبيين أنفسهم من تحقيق المصالحة الوطنية والإسراع في تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية، تُفضي إلى بناء مؤسسات موحدة وشرعية وقوية، بما يحقق أمن واستقرار ووحدة هذا البلد الشقيق، بعيدًا عن التدخلات الخارجية، وبما يحفظ ثرواته ويضمن تسخيرها في خدمة رفاهية الشعب الليبي الشقيق... كما يسعى البلدان إلى جانب مصر الشقيقة، لبعث المساهمة بشكل جماعي في مرافقة الأشقاء الليبيين على هذا الدرب، كما تم تأكيده جليًا خلال الاجتماع الأخير للآلية الوزارية الثلاثية بالجزائر يوم 6 نوفمبر 2025... وضمن ذات التوجه، يتفق البلدان على أهمية استعادة الوئام في السودان الشقيق والحفاظ على وحدته وسيادته وحقن دماء أبنائه وحماية ثرواته... وعلى ضوء هذا التوافق والانسجام، يتعين تعميق التنسيق والتشاور حول مجمل القضايا الإقليمية والدولية التي تهم بلدينا، في عالم يموج بالتقلبات والتطورات المضطربة، قصد المساهمة في الحفاظ على استقرار منطقتنا وتعزيز مناعة بلدينا أمام مختلف التحديات والمخاطر».
اتفاقيات ومذكرة تفاهم بين البلدين تشمل العديد من المجالات
تم خلال أشغال اللجنة الكبرى المشتركة التونسية - الجزائرية إمضاء 25 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين، حيث تم إمضاء مذكرة تفاهم بين الأكاديمية الدبلوماسية الدولية بتونس والمعهد الدبلوماسي والعلاقات الدولية بالجزائر، ومذكرة تفاهم بين مؤسسة التلفزة التونسية والمؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري، ومذكرة تفاهم بين وكالة تونس إفريقيا للأنباء ووكالة الأنباء الجزائرية، واتفاقية توأمة وتعاون بين الإذاعة التونسية والمؤسسة الجزائرية العمومية للإذاعة المسموعة.
واتفاقية تعاون بين وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري للجمهورية التونسية ووزارة الري للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، واتفاقية بين المركز الوطني لتكوين المكونين وهندسة التكوين بتونس؛ المعهد الوطني للتكوين والتعليم المهنيين «قاسي الطاهر» بالأبيار بالجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، والبرنامج التنفيذي للتعاون الثقافي بين وزارة الشؤون الثقافية للجمهورية التونسية ووزارة الثقافة والفنون للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.
وبرنامج تنفيذي لاتفاقية التعاون في قطاع الصحة بين وزارة الصحة للجمهورية التونسية ووزارة الصحة للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية للسنوات 2026-2028.
كما تم إمضاء اتفاق توأمة بين الهيئة العامة للشغل والعلاقات المهنية بتونس والمفتشية العامة للعمل بالجزائر، ومذكرة تفاهم للتعاون في ميادين الطاقة والطاقات الجديدة والمتجددة بين وزارة الصناعة والمناجم والطاقة بالجمهورية التونسية ووزارة الطاقة والطاقات المتجددة بالجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، وبرنامج تنفيذي للتعاون في مجال الشباب للفترة 2026-2027، وبرنامج تنفيذي لاتفاقية التعاون في مجال النهوض بالمرأة والأسرة والطفولة وكبار السن للفترة 2026-2028.
واتفاق التعاون في مجال التشغيل بين الجمهورية التونسية والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، واتفاقية تعاون في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل في قطاع التأمينات، ومذكرة تفاهم بين الهيئة العامة للتأمين للجمهورية التونسية ولجنة الإشراف على التأمينات بوزارة المالية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية في مجال تبادل المعلومات والرقابة والإشراف على قطاع التأمين.
كما تم إمضاء مذكرة تفاهم بين وزارة الصحة بالجمهورية التونسية ووزارة الصناعة الصيدلانية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية في مجال الصناعة الصيدلانية، واتفاقية تعاون في مجال الاعتماد بين المجلس الوطني للاعتماد والهيئة الجزائرية للاعتماد، واتفاقية تعاون بين المجمع المهني المشترك لمنتجات الصيد البحري التونسي والغرفة الجزائرية للصيد البحري وتربية المائيات، وبرنامج تنفيذي للتعاون في مجال الرياضة للفترة 2026-2027.
واتفاقية إطارية للتعاون بين الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه والجزائرية للمياه، واتفاق استغلال مشترك لخطوط نقل دولي منتظم للأشخاص على الطرقات بين الشركة الوطنية للنقل بين المدن بتونس والمؤسسة العمومية الاقتصادية الجامعة للنقل والخدمات بالجزائر، ومذكرة تفاهم بين الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار ووكالة النهوض بالاستثمار الخارجي التونسية، وبرنامج تنفيذي لمذكرة تفاهم بين الهيئة التونسية للاستثمار للجمهورية التونسية لسنتي 2026-2027 والوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، ومذكرة تعاون بين المعهد العالي للتربية الخاصة بتونس والمدرسة العليا لأساتذة الصم والبكم بالجزائر.
هذا وتم أيضًا إمضاء اتفاقية تعاون بين الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية والمؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة للجمهورية التونسية في مجال التمثيل المتبادل، ومحضر اجتماع الدورة الثالثة والعشرون للجنة الكبرى المشتركة التونسية الجزائرية.
◗ أميرة الدريدي
+++++++++++++++++++
++++++++++++++++++++++
مسؤول بوكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية لـ«الصباح»:
قريبا تونس تستفيد من تمويلات الصندوق الأخضر للمناخ
أفاد رئيس نقطة الاتصال بالصندوق الأخضر بوكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية، بشير الونيسي، لـ»الصباح» بأن حصول تونس مؤخرا على الاعتماد من أكبر صندوق مالي للمناخ، يعد مؤشرا هاما وامتيازا لبلادنا لتمكينها من الحصول مستقبلا على تمويلات لمشاريع ذات علاقة بالتغيرات المناخية، تصل إلى 20 مليون دولار للمشروع الواحد.
وأكد المسؤول بوكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية أن الوكالة تقدمت بمشروعين معروضين حاليا على الصندوق في انتظار الموافقة على تمويلهما قريبا، مشيرا إلى أن الوكالة بصدد إعداد 4 مشاريع أخرى لعرضها والحصول على تمويلات من الصندوق لإنجازها، على غرار مشروع لتحلية المياه المالحة وآخر يهدف إلى استعمال مادة غاز الميثان في إنتاج الكهرباء أو استغلالها كغاز للتسخين.
واعتبر المسؤول بالوكالة أن الصندوق الأخضر كان متواجدا في تونس من قبل، لكن بصيغة غير تمويلية عبر الدعم الفني فقط، دون منح تمويلات تستهدف إنجاز مشاريع تتعلق بكيفية التكيف مع متغيرات المناخ والحد من الانبعاثات الغازية، وكل تداعيات الظواهر المناخية على الفلاحين وعلى القطاع الزراعي عموما.
وذكر الونيسي أن تونس تعد من البلدان الأولى التي تقدمت بمطلب اعتماد من الصندوق الأخضر، لتحصل عليه رسميا يوم 28 أكتوبر 2025، وبذلك تكون الوكالة أول هيكل وطني تونسي يتحصل على هذا الاعتماد، معتبرًا أن هذا الامتياز سيمكن بلادنا من الاستفادة من دعم هذا الصندوق المالي الأكبر عالميًا عبر تمويلات مالية هامة يحتاجها القطاع الفلاحي ومهنييه مستقبلا.
وأضاف محدثنا أن وكالة النهوض بالاستثمارات تشارك في المخطط الوطني للتكيف مع التغيرات المناخية في الجزء المتعلق بالقطاع الفلاحي والأمن الغذائي، تحديدا في مجال الشراكة بين القطاع العام والخاص، مبينا أنه قد تم الاشتغال على هذا المخطط بالتشارك بين وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو).
ويهدف مخطط تونس للتأقلم مع المتغيرات المناخية إلى تعزيز قدرة البلاد على الصمود أمام الآثار السلبية لتغير المناخ، وخاصة فيما يتعلق بندرة المياه وتدهور الموارد الطبيعية والأمن الغذائي. ويركز هذا المخطط بشكل خاص على القطاع الفلاحي وإدارة الموارد المائية لضمان الاستدامة والأمن الغذائي، ومن أهم أهدافه وتدابيره؛ بناء قاعدة معرفية وطنية حول التكيف لدعم صناع القرار وتعزيز مرونة النظم الزراعية عبر دعم الاستثمارات المبتكرة.
إلى جانب تحسين إدارة الموارد المائية وتطوير مشاريع تحلية المياه، وصيانة السدود، وتعزيز استعمال المياه المعالجة (ضمن إطار الاستراتيجية الوطنية للمياه في أفق 2050)، ودعم صمود المجتمعات الريفية الهشة من خلال برامج الحماية الاجتماعية والتقنيات الرقمية.
ويذكر أن الصندوق الأخضر للمناخ يتيح الحصول على هبات لمشاريع مناخية متوسطة الحجم تصل قيمتها إلى 20 مليون دولار، من خلال تقديم مقترحات لمشاريع تساهم في التكيف مع التغيرات المناخية والحد من الانبعاثات الكربونية وتعزيز القدرة على مواجهة التأثيرات السلبية للمناخ. ويعمل الصندوق على دعم الممارسات التي تحد من انبعاثات الغازات الدفيئة والمساهمة في التحول نحو مسارات منخفضة، وعلى مساعدة البلدان النامية على بناء قدرتها على الصمود والتكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ.
ويدعم الصندوق جميع البلدان النامية الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي، وتتمتع القارة الأفريقية بالنصيب الأكبر من تمويلات الصندوق بنسبة تصل إلى 38 %. وقد أصبحت تونس من بين الدول الأفريقية المستفيدة من هذه الحصة في شكل هبات وتمويلات لمشاريع مناخية متوسطة الحجم مثل مشاريع تحلية المياه المالحة، ومشاريع استعادة الغابات، فضلا عن دعم المخططات الوطنية في المجال.
وفاء بن محمد
+++++++++++++++++++++
++++++++++++++++++++++++++
إجراءات لفائدة الشركات الأهلية
الشروع في تحديد قائمة ومواصفات الأراضي الدولية الفلاحية للكراء بالمراكنة
تنفيذا لمقتضيات القرار الصادر في 4 نوفمبر الفارط والمتعلق بضبط شروط وإجراءات منح الشركات الأهلية الأولوية في كراء العقارات الدولية الفلاحية بالمراكنة، تم الشروع في تحديد قائمة بالأراضي وبطاقة وصفية لها قبل عرضها للكراء.
وقد أوصى أول أمس وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، عز الدين بن الشيخ، على هامش الجلسة الأولى للجنة المكلفة بضبط قائمة القرارات، بضبط منهجية موحدة لتحديد العقارات الدولية الفلاحية المزمع عرضها للكراء لفائدة الشركات الأهلية، بما يضمن حوكمة الرصيد العقاري وتوجيهه نحو المشاريع ذات القيمة المضافة، داعيا إلى التسريع في إعداد البطاقات الوصفية لهذه العقارات عبر عقد اجتماعات دورية.
شدد الوزير بالمناسبة على ضرورة تكريس الشفافية وحسن التصرف في العقارات الدولية الفلاحية، ودعم المبادرات الاستثمارية التي تتماشى مع خصوصيات الجهات وتساهم في تنمية الاقتصاد الوطني.
وربما تأتي إشارة الوزير إلى الحوكمة والشفافية في علاقة بهذا الملف في سياق بعض الانتقادات التي ما فتئت توجه للتفويت في الأراضي الدولية وغيرها من العقارات لفائدة الشركات الأهلية، وإثارة بعض المخاوف من اعتماد المحسوبية واعتبارات القرب من دوائر القرار والسلطة، بما يعيد للأذهان ممارسات في عهود سابقة أساءت التصرف في ملك الدولة ضمن إطار المراكنة.
والمراكنة قانونا هي «أن تعقد الدولة مع المستثمر دون اللجوء إلى إعلان مناقصة أو طلب عروض، بل مباشرة وفق الشروط التي توضع بالتوافق بين الطرفين».
تذليل الصعوبات
من جهتها، تؤكد الهياكل المشرفة على ملف الشركات الأهلية أن جملة التنقيحات المدخلة على عدد من القوانين إلى جانب القرارات والأوامر الصادرة مؤخرا، ومن بينها كراء العقارات الدولية الفلاحية، يندرج في سياق تذليل الصعوبات والعراقيل وطول الإجراءات والتعقيدات الإدارية التي تواجه في كثير من الأحيان الراغبين في بعث الشركات الأهلية.
تجدر الإشارة إلى أنه استنادا إلى القرار المشترك بين وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية ووزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري المؤرخ في 4 نوفمبر 2025 والمتعلق بضبط شروط وإجراءات منح الشركات الأهلية الأولوية في كراء العقارات الدولية الفلاحية بالمراكنة، فإنه تمنح للشركات الأهلية الفلاحية الأولوية في كراء العقارات الدولية الفلاحية بالمراكنة وفقا للشروط والإجراءات التي يضبطها هذا القرار. حيث تنتفع الشركة الأهلية بكراء عقار دولي فلاحي واحد خلال المدة الكرائية.
وقد نص الفصل 2 من القرار على إحداث لجنة يترأسها وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري أو من يمثله، وتضم خاصة ممثلين عن وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية والوزارة المكلفة بالشركات الأهلية، تتولى ضبط قائمة العقارات الدولية الفلاحية المزمع عرضها للكراء على معنى الفصل الأول من هذا القرار، وإعداد بطاقاتها الوصفية المتضمنة لمكونات العقار والتوجهات الإنمائية والمدة الكرائية.
وتتم إحالة قائمة العقارات المزمع عرضها للكراء، موقعة من قبل أعضاء اللجنة، إلى وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية ووزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري للمصادقة.
ووفقا للفصل 3، يتولى وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية إحالة قائمة العقارات الدولية الفلاحية المصادق عليها إلى الوزير المكلف بالشركات الأهلية وإلى الوالي المختص ترابيا، الذي يتولى الإعلان عنها عن طريق التعليق بمقر الولاية والمعتمدية والمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية والإدارة الجهوية لوكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية والإدارة الجهوية لأملاك الدولة والشؤون العقارية والإدارة الجهوية للوزارة المكلفة بالشركات الأهلية.
إجراءات الانتفاع
كما يتم الإعلام بتعليق القائمة المعنية بواسطة وسائل الإعلام المتاحة وعلى مواقع الويب الخاصة بالهياكل المتداخلة وبالمنصة الإلكترونية للشركات الأهلية.
كما نص الفصل 4 على أن تتولى الشركة الأهلية الراغبة في كراء عقار دولي فلاحي سحب البطاقة الوصفية الخاصة بالعقار من مقر المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية أو الإدارة الجهوية لأملاك الدولة والشؤون العقارية أو الإدارة الجهوية لوكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية، وإمضائها من قبل ممثلها القانوني، ثم إرفاقها بمطلب في الغرض يوجه إلى الوزارة المكلفة بالشركات الأهلية وذلك في أجل شهر من تاريخ الإعلان عن القائمة.
ويُضبط معلوم الكراء بمقتضى مقرر مشترك من وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية ووزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، ويراعى في تحديد ذلك المعلوم نوعية الأرض ومقومات الإنتاج بها وموقعها وما فيها من بناءات ومرافق.
لا يقتصر امتياز الكراء بالمراكنة على الأراضي الدولية الفلاحية فقط، بل يشمل عقارات الدولة الأخرى، ومنها التابعة للملك البلدي، إلى جانب جملة من الامتيازات الأخرى الخاصة بالشركات الأهلية.
فقد صدرت في 4 نوفمبر الفارط مجموعة من القرارات الخاصة بالشركات الأهلية في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية في العدد 132، وقد شملت تلك الإجراءات قرارًا من وزيرة المالية يضبط صيغ تكفل الصندوق الوطني للضمان بالتمويلات المسندة إلى هذه الشركات، وقرارًا من وزير الداخلية يضبط شروط وإجراءات كراء العقارات التابعة للملك البلدي الخاص لفائدة هذه الشركات بالمراكنة.
كما شملت الإجراءات قرارًا مشتركًا بين وزيري التشغيل والتكوين المهني والنقل يحدد شروط ممارسة نشاط النقل العمومي الجماعي المنتظم للأشخاص من قبل الشركات الأهلية، بالإضافة إلى قرار مشترك بين وزيري أملاك الدولة والشؤون العقارية والفلاحة والموارد المائية والصيد البحري يحدد شروط وإجراءات كراء العقارات التابعة لملك الدولة الخاص غير الفلاحي لفائدة الشركات الأهلية بالمراكنة.
◗ م.ي
++++++++++++
++++++++++++
النائب بالبرلمان عمار العيدودي لـ «الصباح»:
توافق كبير حول المبادرة التشريعية لانتداب من طالت بطالتهم
بعد المصادقة على مشروع قانون المالية لسنة2026 من المنتظر أن يعقد مجلس نواب الشعب يوم الثلاثاء 16 ديسمبر 2025 بقصر باردو جلسة عامة للنظر في المبادرة التشريعية عدد 23 لسنة 2023 المتعلقة بأحكام استثنائية لانتداب خريجي التعليم العالي ممن طالت بطالتهم بالقطاع العام والوظيفة العموميـة المقدمة من قبل مجموعة من أعضاء المجلس المنتمين إلى كتلة لينتصر الشعب.
عمار العيدودي النائب عن هذه الكتلة، قال في تصريح لـ«الصباح» إن هذه المبادرة التشريعية التي تم تعطيلها كثيرا في ما مضى، أصبحت اليوم تحظى بشبه إجماع تحت قبة البرلمان خاصة بعد أن تم التوافق حول تهيئة الأرضية الملائمة لتفعيلها وذلك عبر إقرار فصل صلب مشروع قانون المالية ينص على تخصص الاعتمادات المالية من ميزانية الدولة لسنة 2026 لانتداب الدفعة الأولى من خريجي التعليم العالي ممن طالت بطالتهم.
وفسر أن هذا الفصل لم يرد في الصيغة الأصلية لمشروع قانون المالية المقدمة من قبل رئاسة الجمهورية وإنما تم اقتراحه من قبل نواب الشعب ثم تمت المصادقة عليه في مرحلة أولى من طرف لجنتي المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب وبالمجلس الوطني للجهات والأقاليم ثم وقعت المصادقة عليه لاحقا في جلسة عامة مشتركة من قبل أعضاء مجلس نواب الشعب ثم من قبل أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم، وهو ما يدل على أنه محل توافق كبير ومثلت المصادقة عليه صلب مشروع قانون المالية خطوة إيجابية في اتجاه تفعيل المبادرة التشريعية سالفة الذكر على أرض الواقع ومن أجل أن لا تبقى بعد المصادقة عليها من قبل مجلس نواب الشعب يوم الثلاثاء المقبل حبرا على ورق.
ويذكر في هذا السياق أن الفصل 57 من مشروع قانون المالية لسنة 2026 الذي أحاله رئيس مجلس نواب الشعب يوم 10 ديسمبر 2025 إلى رئيس الجمهورية والمتعلق ببرنامج الانتداب المباشر لأصحاب الشهادات العليا ممن طالت بطالتهم نص على أن يتم :»تخصص الاعتمادات المالية من ميزانية الدولة لسنة 2026 لانتداب الدفعة الأولى من خريجي التعليم العالي ممن طالت بطالتهم بالقطاع العام والوظيفة العمومة بعد إصدار النصوص الترتيبية المتعلقة بمقترح الأحكام الاستثنائية لانتداب خريجي التعليم العالي بالوظيفة العمومية عدد 23/2023 ومتابعة تنفيذها طبقا لأحكام القانون الأساسي عدد 15 لسنة 2019 المؤرخ في 13 فيفري 2019 المتعلق بالقانون الأساسي للميزانية وخاصة الفصل 21 منه. وتطبق هذه الإجراءات بمقتضى أمر بعد نشرها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية».
وإجابة عن سؤال حول ما إذا كان هذا الإجراء غير مسبوق في التشريع على اعتبار أن الفصل 57 المصادق عليه بمشروع قانون المالية لا يتعلق بقانون نافذ وإنما بمبادرة تشريعية لم تقع المصادقة عليها بعد بل لم يقع عرضها على جلسة عامة لنقاشها والتصويت عليها، أوضح العيدودي أن رفض الحكومة حضور جلسات اللجنة لإبداء الرأي في المبادرة وعدم ردها على مراسلاتها وعدم إجابتها عن الأسئلة التي طرحها النواب خلال اليوم الدراسي بالأكاديمية البرلمانية كان يراد من خلاله ترحيل الجلسة العامة للتصويت على المبادرة إلى ما بعد مصادقة البرلمان بغرفتيه على مشروع قانون المالية، وذكر أنه لهذا السبب فقد تمسك نواب كتلة لينتصر الشعب بمطلب عقد جلسة عامة قبل النظر في مشروع قانون المالية لكن هذا لم يحدث رغم أن الكتلة قدمت طلب استعجال نظر فيه منذ شهر جويلية 2025 وكان من المفروض أن الجلسة العامة عقدت قبل نهاية الدورة النيابية الماضية، ولاحظ أنه نظرا إلى أن مكتب المجلس قرر في نهاية الأمر عقد هذه الجلسة العامة يوم 16 ديسمبر 2025 أي بعد المصادقة على مشروع قانون المالية فقد تم تقديم مقترح فصل إضافي لمشروع قانون المالية بهدف إلزام الدولة بتخصيص الاعتمادات اللازمة بميزانية 2026 لانتداب الدفعة الأولى من المعطلين عن العمل ممن تنسحب عليهم الأحكام الاستثنائية المنصوص عليها بالمبادرة الرامية لانتداب خريجي التعليم العالي ممن طالت بطالتهم بالقطاع العام والوظيفة العموميـة.
وقال النائب عمار العيدودي إن الفصل 57 جاء ليترجم إرادة نواب الشعب من المجلسين ورغبتهم في المصادقة على مقترح القانون عدد 23 لسنة 2023 سالف الذكر، وعبر النائب عن أمله في أن يحظى هذا المقترح بمصادقة الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب وذكر أنه يعتقد أن الجلسة العامة ستوافق عليه بأغلبية الحاضرين وسيرى هذا القانون النور نظرا لأنه لم يعد مجرد مبادرة تشريعية قدمها نواب كتلة وحيدة بل أصبح محل توافق كبير بين نواب الشعب على اختلاف انتماءاتهم.
وألقى عضو مجلس نواب الشعب عن كتلة لينصر الشعب عمار العيدودي باللائمة على الحكومة لعدم تفاعلها مع طلبات لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتيّة والتهيئة العمرانية المتعهدة بدراسة مقترح القانون المتعلق بأحكام استثنائية لانتداب خريجي التعليم العالي ممن طالت بطالتهم بالقطاع العام والوظيفة العموميـة، وذكر أنه رغم ذلك فإن جهة المبادرة مازالت أياديها ممدودة إلى الحكومة وهي مستعدة للتفاعل الإيجابي مع مقترحات الحكومة وذلك رغبة منها في تيسير سبل تطبيق القانون إثر المصادقة عليه من قبل مجلس نواب الشعب وحتى ينتفع به معطلون عن العمل من مختلف الجهات والاختصاصات.
وبين النائب أن عدم رد الحكومة عن أسئلة النواب ربما يعني أنها هي نفسها ليست لديها إحصائيات دقيقة وإن كان الأمر كذلك فهذا يؤكد عدم قدرتها على إعداد منصة إلكترونية تمكنها من ضبط عدد المعطلين عن العمل بكل دقة حسب السن والاختصاصات العلمية وسنة التخرج. وفسر النائب غياب المعلومة الإحصائية بعدم وجود تنسيق بين الوزارات المعنية وهو حسب رأيه أخطر بكثير من عدم تفاعل الحكومة من نواب الشعب. وأضاف أن ممثل الحكومة كان قد تعهد خلال اليوم الدراسي حول المبادرة التشريعية المنعقد يوم 3 أكتوبر الماضي بالأكاديمية البرلمانية بإجابة النواب كتابيا عن جميع أسئلتهم لكن لم تصل النواب أي إجابة عن أسئلتهم والحال أنهم بصدد الاستعداد للجلسة العامة المبرمج عقدها يوم الثلاثاء المقبل.
وينتظر أن يتم خلال الجلسة العامة المرتقبة عرض تقرير لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية حول مقترح القانون المتعلق بأحكام استثنائية لانتداب خريجي التعليم العالي ممن طالت بطالتهم بالقطاع العام والوظيفة العمومية الوارد على اللجنة بتاريخ 3 أوت 2023 والمصادق عليه من قبل في صيغة معدلة بتاريخ 18 جويلية 2025 و تنص الصيغة المعدلة على ثمانية فصول.
وحسب الفصل الأول تتم معالجة وضعية خرجي التعليم العالي ممن طالت بطالتهم بالانتداب الاستثنائي في مختلف القطاعات العمومية للدولة في القطاع العام والوظيفة العمومية ويكون هذا الملف تحت إشراف وزارة التشغيل والتكوين المهني.
ونص الفصل الثاني على أن تحدث منصة رقمية يتم فيها تنزيل المعطيات الخاصة بالمترشحين. ويتم ترتيب المترشحين ترتيبا تفاضليا حسب المعايير التالية: أولا سن المترشح وتعطى الأولوية لمن تجاوز 40 سنة، ثانيا سنة التخرج أكثر من عشر سنوات، ثالثا فرد من كل عائلة دون اعتبار شرط السن، رابعا الوضعية الاجتماعية.
وضبط الفصل الثالث شروط الترشح ويشترط في المترشحين: التسجيل بمكاتب التشغيل، عدم الانتفاع بإجراءات التسوية للوضعيات المهنية، عدم الانخراط بصفة مسترسلة في منظومة التقاعد والحيطة الاجتماعية، عدم التمتع بمعرف جبائي خلال السنة السابقة للتسجيل بالمنصة، عدم الحصول على قرض يتجاوز 40 ألف دينار من المؤسسات المالية والبنكية المانحة للقروض عند التسجيل بالمنصة.
أما الفصل الرابع من المبادرة التشريعية في صيغته المعدلة، فهو ينص على أن انتداب خريجي التعليم العالي ممن طالت بطالتهم يتم بالملفات ويخضع إثرها المنتدبون إلى مرحلة تأهيل حسب الخطة أو الوظيفة بالمؤسسة المعنية. ونص الفصل الخامس على أن يتم سد الشغور لتشغيل خريجي التعليم العالي ممن طالت بطالتهم في القطاع العام والوظيفة العمومية من ضمن المسجلين بالمنصة والذين تتوفر فيهم الشروط مع مراعاة التوازن في التوزيع بين الاختصاصات. وبمقتضى الفصل السادس يتم الانتداب على دفعات لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات من تاريخ صدور هذا القانون، ونص الفصل السابع على أن يتم تحيين معطيات المسجلين بالمنصة مرة واحدة كل سنة، في حين الفصل الثامن والأخير أن يدخل هذا القانون حيز التنفيذ مباشرة بعد صدوره بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.
سعيدة بوهلال
+++++++++++++++
+++++++++++++++++++++
وزير الاقتصاد والتخطيط خلال افتتاحه الدورة 39 لأيام المؤسسة:
الحكومة ملتزمة بدعم المؤسسات التونسية.. وسنعمل على تحفيز الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال
◄ الاقتصاد الوطني أظهر قدرة على الصمود حيث سجلت معظم المؤشرات تحسنًا تدريجيًا
أكد وزير الاقتصاد والتخطيط سمير عبد الحفيظ خلال افتتاحه أمس الدورة 39 لأيام المؤسسة نيابة عن رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري بأن موضوع هذه السنة يركز بشكل خاص على تأثير التحولات الكبرى على المؤسسات، وعلى رأسها التحول التكنولوجي، مشيرًا إلى أن هذا الواقع الجديد فرض نفسه على كل القطاعات ويتطلب منا التعامل معه بذكاء واستراتيجية واضحة.
وأضاف الوزير خلال إشرافه على افتتاح الدورة 39 لـ«أيام المؤسسة» أمس التي ينظمها المعهد العربي لرؤساء المؤسسات بسوسة من 11 إلى 13 ديسمبر 2025 تحت شعار: «المؤسسة والنظام الاقتصاد الجديد»، بأن المؤسسات التونسية أثبتت بفضل كفاءاتها ومرونتها قدرتها على التكيف مع هذه التحولات ومواكبة التطورات التكنولوجية، ما يعكس إمكاناتها الكبيرة لتعزيز قدرتها التنافسية في الأسواق المحلية والدولية.
وتأتي هذه الدورة في سياق سعي الحكومة لتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية كما تركز على دعم ريادة الأعمال، والابتكار، وتوسيع فرص النمو الاقتصادي في البلاد.
وقال سمير عبد الحفيظ إن الحكومة ملتزمة بدعم المؤسسات التونسية في رحلتها نحو الابتكار والتحول الرقمي، وتشجيع الاستثمار وتطوير بيئة الأعمال لتكون أكثر استعدادًا لمواجهة تحديات المستقبل.
وقال وزير الاقتصاد والتخطيط إن الدورة 39 لأيام المؤسسة تشكل فرصة لتأكيد دعم الدولة التونسية للقطاع الخاص، مشددًا على التزام الحكومة بتحسين مناخ الأعمال ومتابعة تنفيذ الإصلاحات تحت إشراف مباشر من رئيس الدولة.
تحسين الإجراءات والتشريعات
وقال الوزير إن متابعة رئيس الدولة تشمل تحسين الإجراءات والتشريعات بما يضمن للمؤسسات التونسية القدرة على التكيف مع مختلف التحديات، وعلى رأسها التحديات التكنولوجية الحديثة، موضحًا أن هذا الدعم يهدف إلى تعزيز المرونة والقدرة التنافسية للمؤسسات في مواجهة التحولات الاقتصادية المتسارعة.
وأشار وزير الاقتصاد والتخطيط، سمير عبد الحفيظ، إلى أن المؤشرات الاقتصادية الحالية مشجعة في ظل ما تبذله الحكومة من جهود كبيرة لتحسين مناخ الأعمال من خلال تنقيح وإلغاء مجموعة من التراخيص، ومراجعة قانون الاستثمار، وعديد المجلات القانونية الأخرى ذات الصلة بالمستثمرين، مثل مجلة التهيئة الترابية.
وأضاف أن هذه الإجراءات تأتي لدعم المؤسسة الاقتصادية التونسية وتعزيز قدرتها على التكيف والنمو في بيئة اقتصادية متغيرة.
وفي كلمة الافتتاح قال وزير الاقتصاد والتخطيط إن السياق الدولي الراهن المتسم بتحولات متسارعة خاصة على المستوى التكنولوجي يدعونا إلى التفكير العميق في الاستراتيجيات الكفيلة بالتعاطي الناجع مع التحديات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية المستجدة والعمل على مواكبتها وعلى جعلها فرصًا من أجل تنمية عادلة وشاملة يكون الإنسان محورها الأساسي.
وشدد الوزير على أهمية تبني سياسات مبتكرة تضمن ديمومة مؤسساتنا الاقتصادية وقدرتها على النمو والتطور وهو ما تعمل الحكومة على تحقيقه تجسيدًا لرؤية رئيس الجمهورية قيس سعيّد لتنمية اقتصادية تكون أهم مرتكزاتها العدالة الاجتماعية وتنويع الشراكات والتعويل على الذات من خلال العمل على تحقيق الأمن الغذائي والأمن الطاقي والتحكم في التوازنات المالية الدولية.
الاقتصاد الوطني أثبت قدرته على الصمود
وأضاف قائلًا: «بالرغم من الصعوبات والتقلبات التي طبعت الأوضاع العالمية وتداعياتها على الأوضاع الاقتصادية خلال السنوات الأخيرة، أظهر الاقتصاد الوطني قدرة على الصمود حيث سجلت معظم المؤشرات تحسنًا تدريجيًا، إذ سجل النمو تطورًا بلغ 2.4 بالمائة خلال التسعة أشهر الأولى من السنة الحالية مع التحكم في عجز الميزان التجاري والمحافظة على مستوى مقبول من العملة الأجنبية لتبلغ 105 أيام توريد بتاريخ 11 ديسمبر 2025، إلى جانب تواصل المنحى التنازلي للتضخم الذي استقر في حدود 4.9 بالمائة خلال الشهرين الأخيرين وتطور الاستثمار الخارجي بنحو 28 بالمائة خلال التسعة أشهر الأولى من سنة 2025، وكان لكل هذه العوامل إلى جانب الاستقرار السياسي والاجتماعي تأثير مباشر على تحسن الترقيم السيادي لبلادنا».
المؤسسة الاقتصادية الخاصة
رافعة للثروة الوطنية
وفي السياق نفسه أفاد الوزير أن المخطط التنموي للفترة 2026-2030 الجاري إعداده مثل فرصة هامة لدعم الإصلاحات لتحقيق نسبة نمو أكبر وتنمية شاملة وعادلة، مضيفًا أن الدولة تعتبر المؤسسة الاقتصادية الخاصة رافعة للثروة الوطنية ومحركًا للنمو وهي ملتزمة بمواصلة الإصلاحات لتحسين مناخ الأعمال وتذليل الصعوبات أمام المستثمرين محليين كانوا أو أجانب لأن العلاقة بين القطاع العام والخاص هي علاقة تكاملية تخدم المصلحة الوطنية وتحول التحديات إلى فرص.
كما دعا إلى تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار لأن كل استثمار في المؤسسات هو استثمار في الثقة وهو في الوقت نفسه استثمار في المستقبل ومسار لفتح الآفاق أمام الشباب حتى يساهم بفاعلية أكبر في تنمية بلاده وتطوير مكتسباتها.
تعزيز الشراكات بين المؤسسات ومراكز البحث
وأكد أن الحكومة تعمل من خلال برامج على دعم مسارات التكوين المزدوج وتعزيز الشراكات بين المؤسسات ومراكز البحث والابتكار مع تشجيع المبادرات التي تربط بين المؤسسات الناشئة والمؤسسات الصناعية والخدمية، مشددًا على ضرورة بذل المزيد من الجهود من قبل جميع الأطراف حتى تكون المؤسسات التونسية فاعلًا مركزيًا في التحول التكنولوجي والطاقي والبيئي وذلك من خلال الاستثمار في النجاعة الطاقية والطاقات المتجددة والاقتصاد الأخضر مستفيدة من ثراء رأس المال البشري والكفاءات التونسية عالية التكوين ومن الخصائص الجغرافية والمناخية لبلادنا ومن خيارات وطنية جعلت هذه المجالات محورًا أساسيًا للنمو والتنمية.
وقال سمير عبد الحفيظ: «إن انخراط بلادنا في المنطقة القارية الإفريقية للتبادل الحر «زليكاف» وفي السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا «كوميسا»، بالإضافة إلى سعيها إلى المحافظة وعلى دعم شراكاتها التقليدية مع العالم العربي والفضاء الأورو-متوسطي وعلى تعزيز حضورها في الأسواق الأمريكية والآسيوية، يمثل أحد السبل لتيسير نفاذ المؤسسات التونسية ودعم تموقعها في السوق الدولية وكذلك لمزيد جذب الاستثمارات الأجنبية، لاسيما في القطاعات التي تملك فيها تونس ميزات تفاضلية على غرار الصناعات الغذائية والخدمات الرقمية والصناعات الصيدلانية والصناعات الميكانيكية والكهربائية ومكونات الطائرات والسيارات وغيرها».
وزير تكنولوجيات الاتصال: تونس تستهدف رقمنة 80 بالمائة من خدماتها الإدارية بحلول 2030
◄ الحكومة تهدف إلى تعميم المنظومات الرقمية على 24 وزارة مع إطلاق تطبيق موحد للخدمات الإدارية
أكد وزير تكنولوجيات الاتصال سفيان الهميسي أن تونس تعمل على رقمنة 80 بالمائة من الخدمات الإدارية بحلول سنة 2030، في إطار استراتيجية وطنية تهدف إلى مكافحة الفساد وتحسين مناخ الأعمال وتهيئة بيئة أكثر مرونة وشفافية للمؤسسات والمواطنين على حد سواء.
وخلال ندوة «إدارة اقتصاد مرن» عقدت أول أمس مساء ضمن فعاليات أيام المؤسسة 2025، أوضح الهميسي أن الحكومة تعمل على مراجعة قانون الصفقات العمومية بما يسمح للمؤسسات الناشئة بالمشاركة في طلبات العروض، ضمن رؤية تعتمد على الذكاء الاصطناعي والرقمنة كأدوات أساسية في المخطط الخماسي 2026-2030.
وأضاف الوزير أن الحكومة تهدف خلال السنتين القادمتين إلى تعميم المنظومات الرقمية على 24 وزارة مع إطلاق تطبيق موحد للخدمات الإدارية على الهواتف الجوالة، وأوضح أن هذه الخطوة ستسهل على المواطن الوصول إلى الوثائق الرسمية مثل بطاقة التعريف وجواز السفر بسرعة وفعالية، وتقلل الإجراءات الورقية التقليدية. وأشار الهميسي إلى أهمية تكوين الكفاءات المتخصصة في الرقمنة والتقنيات الحديثة لضمان نجاح هذه العملية وتوفير الدعم الفني اللازم للمؤسسات والإدارات العامة، كما لفت إلى أن قانون المناولة يأتي كأداة حماية للعمل الظرفي، ويهدف إلى قطع الطريق أمام التشغيل الهش والتحيل الذي قد يحدث في بعض المؤسسات ما يعكس حرص الحكومة على ضمان بيئة عمل عادلة ومستقرة.
وأكد الوزير أن رقمنة الخدمات الإدارية وفتح المجال أمام المؤسسات الناشئة من خلال قانون الصفقات العمومية سيمنح فرصًا أكبر للابتكار وريادة الأعمال ويعزز الشفافية والمساءلة في القطاع الاقتصادي، مشيرًا إلى أن هذه المبادرات تمثل خطوة استراتيجية لدعم القطاع الخاص وتحفيز الاستثمارات وتسهيل الأعمال بما يساهم في نمو اقتصادي مستدام ومواكب للتحولات التكنولوجية العالمية.
تأتي هذه الإجراءات ضمن خطة شاملة تهدف إلى جعل تونس منصة إقليمية مبتكرة، قادرة على استيعاب التحديات الاقتصادية والتكنولوجية، وتعزيز القدرة التنافسية للمؤسسات الوطنية على المستوى المحلي والدولي، واعتبر الهميسي أن التقنيات الرقمية والتحول الإداري لم تعد خيارًا، بل ضرورة لتطوير المؤسسات وتعزيز الثقة بين الدولة والمواطنين والمستثمرين.
وزارة المالية تعتمد منظومة «سند 2» ضمن برنامج «Gov Tech» لتحديث الخدمات الديوانية
من جانبه أكد المدير العام للديوانة محمد الهادي سافر خلال الجلسة التي كانت أبرز محاورها الإصلاحات الضرورية لدفع الاستثمار في تونس، من خلال مقاربة عملية تهدف إلى تعزيز انفتاح الإدارة، تحسين إطار الاستثمار، وتحديث وتبسيط الإجراءات الديوانية، على حرص الإدارة العامة للديوانة، وتطبيقًا لاستراتيجية وزارة المالية وبرنامج الحكومة لرقمنة الإدارة «Gov Tech»، على تقدم إنجاز منظومة «سند 2»، التي ستسهل الإجراءات الديوانية وتقرب الخدمات من المتعاملين مع الإدارة، مع العمل وفق منظومة الترابط البيني بين الإدارات المتدخلة في الإجراءات الديوانية بما يخدم المؤسسات الاقتصادية والمواطنين التونسيين المقيمين بالخارج.
وأشار المدير العام إلى استعمال منظومة التصرف في المخاطر، التي تعتمد تقنيات الانتقاء والاستهداف، بهدف تحسين عمليات المراقبة وتبسيط الإجراءات الديوانية، بما يساهم في تسريع الأداء وتعزيز الثقة لدى المتعاملين.
كما تم التطرق إلى منظومة المتعامل الاقتصادي المعتمد، التي تمثل علامة ثقة للمؤسسات عند استجابتها لمجموعة من الشروط وفق المعايير الدولية، وهو ما يسهم في تشجيع الاستثمار ودعم التصدير، ويضع تونس في موقع متقدم ضمن البلدان التي تحرص على تيسير ممارسة الأعمال الاقتصادية.
وتأتي مشاركة الإدارة العامة للديوانة في هذه الدورة لتؤكد التزامها بتعزيز دورها الاقتصادي الحيوي، ومواكبة التحولات الجديدة في النظام الاقتصادي، من خلال تحسين الخدمات وتطوير منظومات مبتكرة تسهل الاستثمار وتدعم التصدير وتضمن الامتثال للمعايير الدولية.
◗ جهاد .ك
رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق دومينيك دو فيلبان:
تونس تمتلك مقومات فريدة تجعلها لاعبًا محوريًا في ربط أوروبا بالمغرب العربي وإفريقيا
في كلمته قال رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق دومينيك دو فيلبان، ضيف الدورة التاسعة والثلاثين لأيام المؤسسة، إن تونس تمتلك مقومات استثنائية تؤهلها للعب دور إقليمي محوري، معتبرًا أن موقعها الجيوستراتيجي المتميز ونسيجها الاقتصادي المتنوع وكفاءاتها البشرية العالية يجعلها منصة للربط بين أوروبا وأفريقيا، مع قدرة على استقطاب الاستثمارات في مجالي الذكاء الاصطناعي والطاقة الخضراء.
ودعا دو فيلبان الحكومة التونسية إلى تفعيل دبلوماسية اقتصادية استباقية وتنويع الشراكات وجذب الاستثمارات النوعية لاستغلال الفرص التي يتيحها التحول نحو النظام الاقتصادي الجديد، وتعزيز تنافسية البلاد محليًا وإقليميًا ودوليًا، بما يرسّخ مكانتها كقوة فاعلة في خارطة الاقتصاد المستقبلي. وتحدث دومينيك دو فيلبان عن أبرز التحولات التي يشهدها النظام الاقتصادي العالمي الجديد، والتي أعادت تشكيل الأعمدة الأربعة التقليدية للنظام الدولي.
وأشار إلى أن تونس تمتلك مقومات فريدة تجعلها لاعبًا محوريًا في ربط أوروبا بالمغرب العربي وإفريقيا، مؤكدًا على أهمية استثمار الاستراتيجيات الناجحة في هذا النظام الاقتصادي المتجدد. وأضاف أن استراتيجية «الميناء التجاري» تمثل رهانًا أساسيًا لتونس.
+++++++++++++++++++++++
+++++++++++
افتتاح مركز تقني جديد لشركة أمريكية..
تونس تتجه نحو التكنولوجيا الحديثة والبرمجيات في قطاع صناعة مكونات السيارات
انضاف، أمس، إلى النسيج المؤسساتي الصناعي ببلادنا مركز تقني وفني جديد يتبع شركة أمريكية عالمية ناشطة في مجال صناعة مكونات السيارات، ومتخصص أساسًا في هندسة البرمجيات والهندسة الإلكترونية والميكانيكية (Software, Hardware, Mechanical Engineering).
وفي هذا الإطار، أفادت رئيسة ديوان وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة، عفاف الشاشي الطياري، أن المركز الفني الجديد يمثل نقلة نوعية، إذ إن الكفاءات التونسية بصدد الانتقال من كفاءات متخصصة في تصنيع مكونات السيارات إلى كفاءات تقدم حلولًا تكنولوجية عالية، تُتيح تصميم نماذج تُستخدمها الشركة الأمريكية في تونس وخارجها، مما يدل على التوجه الثابت نحو صناعة ذات قيمة مضافة عالية.
وشددت عفاف الشاشي الطياري على أن الكفاءات التونسية قادرة على صنع الفارق وتطوير الصناعة الوطنية وجذب الاستثمارات الأجنبية.
وبخصوص قطاع صناعة مكونات السيارات، الذي أصبح أحد ركائز الصناعة الوطنية، قالت رئيسة الديوان إن النسيج المؤسساتي في هذا القطاع يضم أكثر من 300 مؤسسة ويوفر حوالي 120 ألف موطن شغل، بينما بلغت القيمة التصديرية للقطاع حوالي 3 مليارات دولار على امتداد سنة 2024، ومن المتوقع تسجيل تطور إيجابي وهام في صادرات القطاع هذا العام مقارنة بالسنة السابقة.
وأكدت رئيسة ديوان وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة أن قطاع صناعة مكونات السيارات يكتسي أهمية بالغة، حيث تم تصنيفه ضمن الاستراتيجية الوطنية للقطاع الصناعي والتجديد أفق سنة 2035 كقطاع ذو أولوية، وفي هذا السياق، تم العمل على إحداث ميثاق شراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص لتعزيز جاهزية القطاع وزيادة تنافسيته في الأسواق العالمية.
السفير الأمريكي: سأسعى إلى مزيد تعزيز العلاقات بين تونس والولايات المتحدة
من جهته، أكد سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى تونس، بيل بزي، أن العلاقات الثنائية بين تونس وبلاده جيدة جدًا، وسيسعى بدوره إلى تعزيزها.
وأثنى السفير على مهارة الكفاءات التونسية، مشيرًا إلى أنه سبق له زيارة العديد من المؤسسات الجامعية التونسية، وبيّن أن معرفة الشبان والخريجين التونسيين والمهندسين جيدة جدًا.
واعتبر السفير الأمريكي أن هذا المولود الفني للشركة الأمريكية يمثل خطوة مهمة للشراكة بين البلدين، إذ يتعلم كلا الجانبين من الآخر، مع الإشارة إلى أن الازدهار الاقتصادي سيكون النتيجة الطبيعية لهذا التعاون.
توفير مواطن شغل لـ200 مهندس
بدوره، ذكر الرئيس المدير العام للشركة الأمريكية، Sachin Lawande، أن الشركة رائدة عالميًا في مجال صناعة مكونات السيارات، وأن أنشطتها تساهم بقوة في الناتج المحلي الخام في العديد من الدول.
وأشار إلى أن الشركات العالمية الكبرى تسعى للتوسع دوليًا، وبالتالي فإن الشركة بحاجة إلى موارد كافية لدعم هذا التوسع.
وأضاف: «لاحظنا وجود كفاءات جيدة في تونس، ما دفعنا لاختيار هذا البلد لتوسعة أنشطة الشركة، ليس فقط في التصنيع، بل أيضًا في مجال الهندسة والتصميم والوظائف ذات الرواتب العالية».
وأشار إلى أن المركز الجديد سيُوفر نحو 200 موطن شغل للمهندسين التونسيين، مع إمكانية توسيع العدد مستقبلًا حسب الحاجة.
من جانبها، أفادت رئيسة الهيئة التونسية للاستثمار، نامية العيادي، أن الهيئة رافقت الشركة الأمريكية منذ تأسيسها الأول في تونس، وأنها اليوم تعد من أقوى الشركات ذات التطور الكبير في مجال صناعة مكونات السيارات.
تونس جاذبة للاستثمارات
ذات القيمة المضافة العالية
وأكدت نامية العيادي أن هذا المركز يمثل ثالث مركز بحث وتطوير ترافقه الهيئة خلال الفترة الأخيرة، بعد افتتاح شركة أوروبية أواخر 2024، وتلاه في أوائل 2025 مركز يشغّل أكثر من 200 مهندس في ولاية صفاقس.
وأشارت إلى أن تونس تُعد موقعًا جاذبًا للاستثمارات ذات القيمة المضافة العالية، نظرًا للمهارات العالية التي تتمتع بها الكفاءات التونسية.
جدير بالذكر أن الشركة الأمريكية افتتحت في أفريل 2024 وحدة صناعية جديدة بالقطب التكنولوجي ببرج السدرية، باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، لتوفير أكثر من 400 موطن شغل إضافي في 2024، مع التوقع بإحداث 1000 موطن شغل مباشر و3500 غير مباشر بحلول 2028. وأضافت أن الشركة، التي بدأت أنشطتها في تونس منذ 1991، تستمر في تعزيز استثماراتها مدفوعة بمناخ استثماري ملائم، وبنية تحتية متقدمة، وتصنيع عالي التقنية، وكفاءات تونسية تساهم في رفع قيمة الصناعة الوطنية. كما تُساهم الشركة في بناء جسور اقتصادية أعمق بين تونس والولايات المتحدة.
هذا وبلغت الاستثمارات الأمريكية في تونس 108.2 مليون دينار خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025، فيما استقطبت تونس استثمارات أجنبية بأكثر من 2588 مليون دينار حتى أواخر سبتمبر 2025.
درصاف اللموشي
++++++++++++
+++++++++++++++
ملتقى تونس للرواية العربية بدار الكتب الوطنية
الحلم في الرواية العربية سعي لإعادة امتلاك للعالم.. لا انسحاب ولا هروب
كان الموعد صباح الخميس الماضي في دار الكتب الوطنية مع انطلاق أشغال الدورة الثالثة لملتقى الرواية العربية ،تنظيم «بيت الرواية»، وبدعم من وزارة الشؤون الثقافية ، بحضور عدد هام من أهل الثقافة والأدب والكتابة السردية من تونس والوطن العربي، لمناقشة وتدارس وتحليل مفهوم ومدى حضور وخصوصيات وتقنيات «الحلم في الرواية العربية». محور قال عنه يونس السلطاني، مدير بيت الرواية، في تصريح خاص لـ»الصباح» أن كتابة الحلم بخصائصه الجمالية وعمقه الدلالي في النص العربي المعاصر يطرح جملة من الأسئلة المتصلة أولاً بشكل الحلم ورموزه وتشابكه مع مكونات النص، ومساءلة العلاقات القائمة بين الراوي والرائي، فضلاً عن أبعاد الأساليب واللغة المستعملة.
وأضاف: «في هذا الإطار تتنزل الدورة الثالثة لهذا الملتقى، الذي تم إحياؤه بعد دورة أولى في 2018 ودورة ثانية في 2019 والخاصة بالحلم في الرواية العربية»، والتي تشهد مشاركة أدباء وأكاديميين وباحثين من 17 دولة عربية، إلى جانب عدد من أهل الأدب والرواية ونقادها من تونس، بهدف إثراء البحث في دلالات توظيف الحلم ومظاهر تسريده في الرواية العربية، استناداً إلى ثلاثة محاور رئيسية تتعلق بأشكال الحلم في الرواية العربية ومضامينه، وكيف ومن أين يستمد الكاتب تفاصيل شخصياته في الرواية الحالمة، وثالث هذه المسائل يتعلق باستحضار والتوقف عند مجموعة من الأدباء على المستوى العربي الذين اشتهروا بتوظيف الحلم في كتاباتهم السردية.
الحلم في الرواية العربية.. مفاهيم ودلالات
انطلقت أولى الجلسات العلمية لملتقى الرواية العربية بدار الكتب الوطنية صباح الخميس بعد مراسم الافتتاح بكلمتي الترحيب للدكتور توفيق قريرة، مدير معهد تونس للترجمة بوصفه ممثلاً لوزارة الشؤون الثقافية والمكلف بتسيير دار الكتب الوطنية، ونزار كحيلة.
وخصصت الجلسة الأولى لمحور «الحلم في الرواية العربية: مداخل مفاهيمية»، جلسة غاب عنها – وفق قائمة المشاركين– الكاتب السعودي فهد العتيق، وقدم خلالها الدكتور محمد الخبو الذي ترأس الجلسة ورقة بين فيها أن مفهوم الرواية لا يتعلق بالحلم فقط، وإنما بكل الأدب العربي، فالحلم إبداع وما من نص أدبي يُكتب إلا وفيه شيء من الحلم، مبيناً – والكلام لمحمد الخبو – «أن الحلم في مفهومه هو ما يراه النائم من أحوال ومشاهد ليرتبط هذا المفهوم بما يكتبه الإنسان من رغبات أثناء اليقظة». وخصص الدكتور محمد الخبو الجزء الثاني من ورقته لقراءة في رواية «ترابها زعفران» لإدوارد خراط، وقد اعتبرها من أرقى ما تم إنتاجه في مجال الرواية العربية، مقدماً دراسة عن كيفية تشكل الحلم في هذا العمل.
ومن ناحيتها تحدثت الكاتبة المغربية زهور كرام في مداخلتها بعنوان «سردية الحلم في الرواية العربية» عن علاقة الحلم بالخيال وعلاقة الواقع بالخيال، وذلك من خلال حقل دلالي يقوم على مراجعة المفاهيم المرتبطة بالرواية والحلم، انطلاقاً من كتابها «نظرية الرواية ومراجعة المفاهيم»، الذي يبين أن العالم تسيره دلالات جديدة، وذلك لما طرا على الواقع من تغيرات ناتجة عن العديد من العوامل، منها البيئة الافتراضية التي أصبحت تشكل إدراكات الإنسان.
وتوقفت الكاتبة الروائية زهور كرام عند الاختلاف الذي طرأ على مسألة التغذية السردية للرواية المرتبط بكل الإمكانيات التي تسمح بتدبير العلاقة المرتبكة بين الرواية والخيال، وبالتالي تقول الكاتبة: يتم الحديث عن هذا المفهوم بوصفه يرمز إلى الآليات التي تلج عالم الخيال من أجل تحقيق شرط الإبداع في الرواية وتحويل الواقع.
وبينت الدكتورة والروائية المصرية سهير المصادفة في مداخلتها «من رحم أحلامي وكوابيسي» أن الحلم كان موجوداً في الرواية العربية بشكل أسطوري ومميز للغاية، وقد تكون الأحلام هي المادة الأساسية والجوهرية للروائيين العرب، وكذلك الخيال الواسع، حيث تضيق الحدود على الروائيات بسبب حالة الاستعمار التي يعيشها البعض من الشعوب، ما يجعلهن تخترن الأحلام والأساطير إلى أن يتحقق العدل والحق في العالم.
وأشارت إلى أن ما قد يميز كتاباتها أكثر هو حلم المرأة العربية بالانعتاق، سواء الحلم بمعناه الاصطلاحي الموجود في المخيلة الإبداعية، أو الحلم الذي قد يكون رمزاً لما تريده المرأة العربية والشرق الأوسط. وأضافت: «أحياناً تثور الكاتبات الشابات خلال ندواتي ومحاضراتي، وتقلن هذه الأوضاع ليست جيدة للمرأة الكاتبة، فأقول لهن صبراً، لقد حققنا الكثير في هذه الفترة التي كان يصول ويجول فيها الرجال، صبراً، لقد أصبحت أسماءنا أكثر حضوراً في المشهد العالمي، وفي الترجمة إلى لغات عدة، وفي الجوائز كقاصة وروائية».
أما الكاتب العراقي ماهر مجيد إبراهيم فقد طرح في مداخلته «التحولات السردية لبنائية الحلم في الرواية العربية»، إشكالية الحلم من جهة الواقع التي يأخذها الراوي ووجهات النظر التي يتقمصها مع الشخصية، وتحدث عن الحلم بوصفه ظاهرة نفسية عميقة الارتباط بالبنية الداخلية للإنسان، وقد شكل محوراً رئيسياً للدراسات النفسية الحديثة، لا سيما في القرن العشرين.
وتطرق المحاضر إلى سيغموند فرويد، مؤسس مدرسة التحليل النفسي، الذي نظر إلى الحلم بوصفه نتيجة مباشرة لتداعيات اللاوعي، إذ يرى أن الأحلام تمثل الرغبات المكبوتة داخل النفس، ولا سيما تلك التي يعجز الفرد عن تحقيقها أو التصريح بها في الواقع.
الحلم والذكاء الاصطناعي
واستأثر حضور وتأثير الذكاء الاصطناعي بالقسط الأكبر من النقاشات، من حيث إمكانية أن يكون بديلاً للمخيلة البشرية في كتابة الرواية، وما مدى تأثير الخوارزميات على الحلم في الكتابة السردية، وكيفية صراع الذات بين الحلم والواقع.
وكان جواب الدكتور محمد الخبو حاسماً، إذ برأيه لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن ينتج نصاً فيه حلم، ولكن لا يحمل معنى، على اعتبار أن الحلم مرتبط بشخصية الحالم، فالنص المنتج بالذكاء الاصطناعي نص لا هوية له.
الحلم لامتلاك العالم
وتواصلت أشغال الملتقى في جلسة علمية ثانية بعد ظهر اليوم الأول، برئاسة الأستاذة آمنة الرميلي، التي قدمت ورقة بعنوان «في ما يرى السارد»، استكشفت فيها المواجهة الداخلية بين السارد وذاته في منطقة التماس بين الرؤيا واليقظة، وناقش الكاتب الأردني أيمن العتوم ضرورة الحلم في الرواية العربية وقدرته على إعادة تشكيل الوعي. وقدمت الكاتبة الإماراتية لولوة المنصوري رؤيتها عن المخيلة المائية في ورقتها «ماء يحلم بالأرض»، كاستعارة لسيولة النص بين الواقع والحلم. واستعرض الكاتب من سلطنة عمان زهران القاسمي تجربة العيش في عالمين متوازيين، وقدم الأستاذ عمر حفيظ قراءة في أحلام شخصياته ضمن روايتيه «ليلة بيضاء» و»صديقي رضا لينين»، فيما كشف الكاتب الموريتاني محمد الأمين عن خصوصية الحلم الموريتاني في الرواية.
وكانت الحصيلة في خاتمة هذه الجلسة أن الحلم في الرواية العربية هو إعادة امتلاك للعالم، لا انسحاب منه. واهتمت الجلسة الثالثة بالحلم في الرواية العربية حوارية الذات والمعنى، في حين اهتمت الجلسة الرابعة بالرمز وجماليات السرد.
ويختتم صباح اليوم السبت 13 ديسمبر ملتقى الرواية العربية في دورته الثالثة أشغاله بدار الكتب الوطنية بعقد جلسة خامسة، ستخصص لموضوع: «الحُلم في الرّواية العربيّة: نماذج من الرّواية العربيّة»، بإدارة الأستاذ مصطفى الكيلاني من تونس، الذي سيُقدّم ورقة بعنوان «المتهم الشبحي في النفس: واقعاً وحياة في رواية «البحث عن وليد مسعود» لجبرا إبراهيم جبرا، ثم مداخلة الأستاذة هدى النعيمي من دولة قطر «الحلم في رواية المرأة الخليجية المعاصرة: خمسة نماذج روائية»، فمداخلة الأستاذ الهادي دانيال من سوريا بعنوان «خصيصة الحلم ودلالته في رواية هجرة السنونو للروائي السوري حيدر حيدر»، ثم مداخلة الأستاذ نادر حسين من البحرين بعنوان «سرد الحلم في الرواية العربية الحديثة – قراءة في نماذج من روايات البدايات والروايات المعاصرة».
محسن بن أحمد
لمعالجة مشاكل النظافة والخدمات الأساسية..
ضرورة تحمل المسؤولية وإحياء ثقافة المبادرة داخل المؤسسات العمومية
في الوقت الذي يتطلع فيه الجميع إلى أداء ناجع للمرفق العمومي يلمسه المواطن في تفاصيل حياته اليومية، ومع تصاعد النقاش حول مدى قدرة الهياكل الجهوية على الاستجابة السريعة لمشاغل المواطنين، جاء لقاء رئيس الجمهورية قيس سعيّد بوزير الداخلية خالد النوري ليضع مجددا النقاط على الحروف فيما يتعلق بدواليب إدارة المرفق العام، حيث بدا واضحا من خلال توجيهات رئيس الدولة قيس سعيّد أن الإشكال يتجاوز في جوهره ندرة الإمكانيات أو تشتت المسؤوليات، وإنما يتعلق بخلل أعمق يتعلق بطريقة تسيير الشأن العام وبمدى التزام المسؤولين بمقتضيات الواجب المهني، خاصة وأن رئيس الجمهورية قيس سعيّد قد تساءل عن السر الذي يجعل التعقيدات تتلاشى فور دعوة المسؤولين لتحمّل مسؤولياتهم، بما يكشف جانبا من البيروقراطية التي تستنفذ الكثير من جهود الدولة دون نتائج ملموسة، ويعيد طرح مسألة النجاعة الإدارية باعتبارها شرطا أساسيا لاستعادة ثقة المواطن في مؤسسات الدولة وهياكلها.
من هذا المنطلق، تحول الحديث عن النظافة والتطهير والإنارة إلى مدخل لتشخيص حالة الإدارة وطرح أسئلة جوهرية حول أولويات الدولة وقدرتها على ضمان استمرارية خدماتها اليومية.
وفي ظل هذا التمشي، تطرق رئيس الجمهورية قيس سعيّد خلال لقائه بوزير الداخلية إلى نقطة هامة مفادها أنه ليس من الطبيعي أن يُطلب من رئيس الجمهورية التدخل لربط منزل بشبكة التطهير، أو إنارة طريق، أو إصلاح جزء من مسلك أو طريق هو محل استياء من قبل المواطنين. فهذه المهام، وفق ما شدد عليه رئيس الدولة قيس سعيّد، هي من صميم عمل المسؤولين الجهويين والمحليين، وهي من البديهيات التي لا ينبغي أن تنتظر تعليمات وتوجيهات مركزية لاتخاذ قرار بشأنها.
وجدير بالذكر أن رئيس الجمهورية قيس سعيّد عندما تعرض إلى تفاصيل من قبيل الإنارة وطريق مهمل، فقد وضع الإصبع على الداء باعتبار تسيير الإدارة نفسها. إذ لم يعد مسموحا – من وجهة نظره – أن ينتظر المواطن تدخل أعلى هرم الدولة ليعالج ملفًا كان يفترض أن تتم تسويته على مستوى محلي أو جهوي.
خلل لا يعبر فقط عن ضعف في الأداء، بل عن انقطاع في حلقة المسؤولية، وعن غياب ثقافة المبادرة والتدخل الناجع التي كان من الضروري أن تكون حاضرة في ذهن كل مسؤول يتولى خدمة الصالح العام. وهنا تتحول الأمثلة البسيطة التي أشار إليها رئيس الدولة قيس سعيّد إلى مرآة تعكس عمق المعضلة: معضلة إدارة تعتمد على الحملات الظرفية بدل الاستمرارية في القيام بالواجب.
عقلية الاستمرارية
ومن بين الرسائل الجوهرية التي حملها لقاء رئيس الجمهورية قيس سعيّد بوزير الداخلية خالد النوري هو أداء المرفق العمومي على مستوى الجهات، باعتبار أن الخوض في «عمليات النظافة» لا يمثل مجرد نقد لواقع النظافة على مستوى عدد من المدن، وإنما هو إشارة إلى ما هو أعمق: وهو ضرورة الانتقال من عقلية الحملات الظرفية المناسباتية إلى عقلية الاستمرارية في الأداء والعطاء خدمة للصالح العام.
فالحملات الظرفية مهما كانت رمزيتها، تظل محدودة زمنيا، بينما يشدد رئيس الدولة قيس سعيّد على رؤية مختلفة تعتبر النظافة والإنارة والتطهير والخدمات الأساسية جزءا من سيرورة عمل دؤوب لا ينقطع.
وهذا الطرح يحمل في طياته نقدا مباشرا لنمط تسيير وإخلالات في إدارة الشأن العام تراكمت على مدار عقود، حيث ترتبط جودة الخدمات العمومية بالمبادرات الظرفية أو بزيارات رسمية مناسباتية، لا بالعمل المؤسساتي الدائم. وهو ما يؤشر إلى طرح جملة من الأسئلة الحارقة على غرار هيكلة البلديات، وأهمية تفعيل آليات متابعة مستمرة مع تفعيل الرقابة اليومية على أشغال المرفق العمومي.
من جهة أخرى، أثار رئيس الدولة قيس سعيّد عبر هذا اللقاء مسألة تعتبر بمثابة الداء العضال الذي تعاني منه مختلف المؤسسات والإدارات العمومية، وهي الذريعة المتكررة التي يرفعها عدد من المسؤولين، من قبيل «كثرة الإجراءات» أو «قلة الإمكانيات»، ليفند رئيس الدولة كل هذه التبريرات متسائلا: «لماذا تختفي التعقيدات وتظهر الإمكانيات فور تدخل رئاسة الجمهورية أو دعوة المسؤولين لتحمّل مسؤولياتهم؟»
وهذا السؤال الجوهري يعيد مجددا فتح ملف البيروقراطية التي تشكّل أحد أكبر التحديات اليوم أمام الجهود التي تبذلها الدولة على مستوى تحسين الخدمات العامة.
فالعجز الإداري لم يعد يتمظهر فقط في كثرة الإجراءات أو في تعطّل نسق المشاريع، بل أصبح يتجلى في أبسط الخدمات التي يفترض أنها لا تحتاج إلا متابعة وتنسيقا وسرعة في اتخاذ القرار في الوقت المناسب.
تونس.. العنوان
فالإشكالية لم تعد مرتبطة فقط بنقص في الموارد والإمكانيات، بل هي تقترن، وفقا لما يستشف من تصريحات رئيس الدولة قيس سعيّد، بمدى وجود إرادة لدى المسؤولين وصناع القرار على المسك فعليا بزمام الأمور من خلال القدرة على اتخاذ القرار في الوقت المناسب، وتطبيق القانون بكل حزم، وتوفير الخدمات الأساسية
التي لا تحتاج ضرورة إلى ميزانية كبيرة مقابل أثرها المباشر والايجابي على الحياة اليومية للمواطن.
ومن هنا جاءت دعوة رئيس الجمهورية قيس سعيّد إلى ضرورة إعادة ضبط بوصلة المسؤولين حول عنوان واحد: تونس.
وهذه الجملة تتجاوز طابعها الوجداني، لتحمل في عمقها رؤية واضحة لما يجب أن تكون عليه الإدارة. فالعنوان هنا ليس مجرد انتماء جغرافي، بل إنه معيار للأداء واتخاذ القرار، ومرجع لمحاسبة الذات قبل محاسبة الآخر. ومن يخطئ هذا العنوان، وفق تعبير رئيس الجمهورية قيس سعيّد، فهو يخطئ جوهر توجهات الدولة وخياراتها في هذه المرحلة، لأن المسؤول الذي ينشغل بتبرير التأخير بدل تداركه، أو بتكديس الملفات عوض حلّها، لن يكون جزءا من مسار الدولة الجديد الذي يضع الإنجاز والمساءلة في صلب الأولويات.
الشباب قادم..
وليس من قبيل الصدفة أن يربط رئيس الدولة بين هذا العنوان وبين الشباب حين قال: «من أخطأ العنوان أو تشابهت عليه الأسماء فليعلم أن الشباب قادم ولن يخطئ الهدف كما لن يخطئ العنوان». فالشباب، في نظره، ليس مجرد فئة عمرية، بل قوة اقتراح وتغيير قادمة، ونبض مجتمع لم يعد يقبل الأعذار القديمة، ولم يعد مستعدًا لغضّ الطرف عن استهتار إداري أو تبريرات لا تستقيم. وبالتالي تكون المراهنة على الشباب كخيار استراتيجي تتبناه الدولة في أعلى هرمها لإعطاء نفس جديد في مواقع القرار، بما يجعل الأداء الوظيفي اليوم – لا الوعود المتكررة – المعيار الوحيد للبقاء في مواقع المسؤولية والقرار.
فالدولة التي تفتح اليوم واجهة إصلاحات اقتصادية كبرى أو مشاريع وطنية ضخمة، يتعين عليها أن تبدأ أولا بترميم ثقة المواطن في قدراتها على إنجاز الأساسيات والبديهيات. فمن دون إنارة طريق، أو تنظيف حي، أو تبسيط إجراء إداري، لا يمكن إقناع المواطن بأن الدولة قادرة على إدارة مشاريع ضخمة أو دفع عجلة الاستثمار.
وبهذا بدا خطاب رئيس الدولة قيس سعيّد في لقائه بوزير الداخلية كدعوة لإعادة ترتيب الأولويات: فالإصلاح يبدأ من الميدان، من الشارع، من التفاصيل التي يلمسها المواطن في حياته اليومية والتي تُعتبر مقياسًا لمصداقية الدولة.
فاللقاء لم يكن مجرد متابعة تقنية لحملات النظافة أو لطبيعة البنية التحتية، بل كان موعدا لطرح سؤال أساسي: كيف يمكن للدولة أن تستعيد فاعليتها؟ والإجابة التي حملها خطاب رئيس الدولة لم تذهب نحو مزيد من النصوص أو القوانين، بل نحو مساءلة العقليات ومراجعة أساليب العمل وإحياء ثقافة المبادرة داخل الهياكل والمؤسسات العمومية. فالإدارة لا تُقاس بعدد الملفات التي هي قيد الدرس، وإنما بعدد الملفات المنجزة وعدد القرارات المتخذة.
جودة المرفق العمومي تبدأ من الشارع، من الحي، ومن خدمة بسيطة كانت ينبغي أن تُقدّم دون انتظار تعليمات. ومع كل توجيه يصدر من قصر قرطاج، تتكرس قناعة راسخة بأن تونس ليست فقط العنوان الصحيح، بل الوجهة التي يجب ألا يخطئها أي مسؤول بعد اليوم.
منال حرزي
++++++++++++++++++++
++++++++++++++++++++++++++++
اختتام الدورة الـ23 للجنة الكبرى المشتركة التونسية - الجزائرية
توقيع 25 اتفاقية ومذكرة تفاهم .. ودفع التعاون والشراكة نحو المزيد من التكامل والاندماج
◄ رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري:
اجتماع اللجنة محطّة هامة لمتابعة ما تحقق من إنجازات في مختلف مجالات التعاون المشترك وتقييم مساراته
◄ الوزير الأول الجزائري سيفي غريب:
وتيرة الإصلاحات الاقتصادية التي يشهدها البلدان تشكّل حافزًا للشروع في تجسيد العديد من المشاريع المشتركة
اختتمت أمس الجمعة 12 ديسمبر 2025 أشغال الدورة الثالثة والعشرين للجنة الكبرى المشتركة التونسية الجزائرية، وذلك بقصر الحكومة بالقصبة تحت إشراف رئيسة الحكومة سارة الزعفراني والوزير الأول الجزائري سيفي غريب.
وخلال الجلسة الافتتاحية لأشغال الدورة الثالثة والعشرين للجنة الكبرى المشتركة التونسية - الجزائرية، بحضور الوزير الأول الجزائري سيفي غريب وعدد من الوزراء في البلدين، قالت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري إن هذا الحدث يُعدّ مناسبة لتجسيم حرص رئيس الجمهورية قيس سعيّد ورئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عبد المجيد تبّون على مزيد تطوير علاقات الأخوّة والتعاون والجوار بين تونس والجزائر، والارتقاء بها إلى أعلى المراتب، وتحقيق إنجازات ملموسة ترتقي بماضيها المجيد وتستجيب لتطلّعات شعبينا الشقيقين، وتضع الأُسس المتينة لتعزيز دعائم المستقبل الزاهر الذي نصبو إليه.
وأكدت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري أن تونس، التي اختارت التعويل على قدراتها الذاتية واعتماد سياسة اجتماعية واقتصادية بناءً على خياراتها الوطنية، تواصل بخطى ثابتة إنجاز مسارها الإصلاحي الشامل من أجل تعزيز مقوّمات سيادتها الوطنية ومناعتها الاقتصادية وتوطيد أمنها واستقرارها، رغم كلّ التحديات الماثلة. وأضافت: «وإذ نؤكد وعينا بحجم هذه التحديات، فإننا مصممون على تجاوزها بالإرادة الصادقة والعزيمة وبذل أقصى جهودنا في تحقيق ما يتطلع إليه التونسيون والتونسيات من عدالة وحريّة وكرامة وطنية وتعافي اقتصادي وتقدّم في شتى المجالات. فإرادة شعبنا والتفافه حول قيادته يزيدان من عزمنا على المضي قدما في هذا المسار من أجل تحقيق انتظارات مواطنينا ومواطناتنا... كما نُشيد، في نفس السياق، ونعرب عن اعتزازنا بالإصلاحات الهيكلية والمؤسّساتية العميقة في مسار بناء الجزائر الجديدة بقيادة الرئيس عبد المجيد تبّون، ونُنوّه بمختلف المشاريع التنموية التي تحققت في شتى المجالات وفي ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار في البلاد».
كما قالت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري: «إن رؤيتنا للمستقبل واضحة، فكلّ مكسب تنموي تحققه تونس والجزائر يشكل لبنة أساسية لخدمة الهدف الأسمى، وهو التقدّم في تعزيز الاندماج الاقتصادي والاجتماعي والشراكة المتضامنة بين بلدينا وشعبينا الشقيقين، ودعامةً للأمن والاستقرار والازدهار في فضاء انتمائنا المغاربي».
كما أفادت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري بأن اجتماع اللجنة العليا المشتركة يعتبر محطة هامة لمتابعة ما تحقق من إنجازات في مختلف مجالات التعاون المشترك وتقييم مساراته، واستشراف آفاق جديدة لتعزيزه وتطوير آلياته من أجل مزيد من النجاعة والسرعة. وأعربت في هذا الإطار عن الارتياح لما يشهده التعاون الثنائي بين البلدين، خلال السنوات الأخيرة، من ديناميكية إيجابية ونتائج مرضية، وما تحقق من إنجازات ملموسة خلال الدورات السابقة للجنة الكبرى المشتركة التونسية الجزائرية.
وثمّنت رئيسة الحكومة روح المسؤولية التي طبعت عمل مختلف اللجان القطاعية والفنية التحضيرية لهذه اللجنة، والتي عكست الإرادة المشتركة والصادقة لأعضاء وفدي البلدين من أجل تحويل التوصيات المنبثقة عنها إلى خطوات عملية حقيقية، مؤكدة أهمية المتابعة المتواصلة وتجسيم مختلف هذه التوصيات بما يُسهم في تطوير التعاون الثنائي في مجالات التجارة والطاقة والنقل والأمن وتنمية المناطق الحدودية وإدارة المياه والسياحة والتعليم العالي، وغيرها من القطاعات الحيوية.
وفي هذا الإطار، ثمّنت مخرجات اجتماع لجنة المتابعة برئاسة وزيري الشؤون الخارجية للبلدين، بما خلُصت إليه من توصيات واتفاقات وبرامج عمل جديدة سيتمّ التوقيع عليها في ختام أشغال اللجنة الكبرى المشتركة.
كما نوّهت رئيسة الحكومة بالتنسيق والتشاور المتواصلين على المستوى الدبلوماسي في ما يتعلق بملفات التعاون الثنائي، ومتابعة المستجدات الإقليمية والدولية، داعية إلى مواصلة هذا النسق البنّاء من التنسيق المشترك من خلال العمل على تجسيم التوافقات المشتركة ببرمجة اجتماعات وزارية قطاعية في المجالات ذات الأولوية للبلدين، على غرار التجارة والأمن وتنمية المناطق الحدودية والطاقة والموارد المائية والنقل، ورفع توصيات عملية بشأنها إلى قيادتي الدولتين، بما يُكرّس التنسيق الاستراتيجي الدائم بين البلدين خدمةً لمصالحهما المشتركة.
تثمين التبادل التجاري بين البلدين...
وفي سياق آخر، قالت رئيسة الحكومة: «إنّ تونس تعتبر الجزائر الشقيقة شريكا اقتصاديا كبيرا، علاوة على مكانتها المتميّزة لدى الشعب التونسي، وتؤمن بأن أمام بلدينا آفاقا واسعة وفرص استثمار واعدة لتعميق التعاون الثنائي والارتقاء به إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية المنشودة، مما يقتضي مزيدا من التنسيق والتكامل في الرؤى والجهود، وتكثيف العمل المشترك لتجاوز الصعوبات التي قد تعترض بعض القطاعات الحيوية، وفي مقدمتها التجارة، بما يضمن انسيابية المبادلات التجارية وتطوير التعاون الاقتصادي».
وأشارت إلى «أهمية التبادل التجاري القائم بين تونس والجزائر، والذي بلغ قيمة ما يُقارب 7740 مليون دينار تونسي في سنة 2024، فإنه بإمكاننا تحقيق الأفضل بكثير عبر تكثيف الجهود المشتركة لرفع مختلف المعوقات التي تحول دون انسياب التجارة البينية، والعمل على تبسيط الإجراءات الجمركية وتحسين البنية التحتية للمنافذ البرية التجارية وتيسير انسياب السلع والخدمات، بما يساهم في رفع حجم المبادلات التجارية ويُدعم التعاون الاقتصادي كرافعة حقيقية للشراكة الاستراتيجية بين تونس والجزائر».
وشدّدت رئيسة الحكومة على ضرورة مواصلة المشاورات بين الجانبين واستكمالها في أقرب الآجال الممكنة، لدفع نسق المبادلات البينية عبر مراجعة الاتفاق التجاري التفاضلي بما يتماشى مع التطوّرات التي يشهدها اقتصادا البلدين، ويساهم في تطوير الامتيازات التعريفية المتبادلة وتوسيع قائمة المنتجات المشمولة به، ويعزّز الانسياب التجاري بين البلدين، لبلوغ هدفنا المشترك في إرساء شراكة اقتصادية استراتيجية أكثر عمقًا وفاعلية.
كما ثمّنت التطوّر المسجّل في حجم الاستثمارات الجزائرية النشطة في تونس، حيث بلغ عدد المؤسسات الصناعية ذات المساهمة الجزائرية ثمانية عشر مؤسسة تنشط في مجالات متنوّعة، على غرار الصناعات الغذائية والميكانيكية ومواد البناء والنسيج والملابس والجلود. ورغم ما تحقق من مؤشرات إيجابية، فما زال القطاع في حاجة إلى مزيد من الجرأة الاستثمارية والتكامل الصناعي لتحقيق ما نصبو إليه من اندماج اقتصادي حقيقي.
ودعت إلى عقد الاجتماع الحادي عشر للجنة المشتركة التونسية الجزائرية لتقييم ومتابعة التعاون الصناعي في أقرب الآجال الممكنة، إضافة إلى تفعيل البرامج التنفيذية المتفق عليها في إطار اتفاقات التعاون المبرمة بين المراكز الفنية التونسية ونظيراتها الجزائرية والانطلاق في بلورة تصور لبرنامج تعاون نموذجي مشترك بين وكالة النهوض بالصناعة والتجديد كجهة مشرفة على الشبكة الوطنية لمحاضن المؤسسات التونسية، والهيكل المشرف على محاضن المؤسسات الجزائرية، يتمّ التركيز من خلاله خاصة على عنصري ريادة الأعمال المجددة وريادة الأعمال النسائية.
وأضافت رئيسة الحكومة : «لا يفوتنا الإشادة في هذا الإطار بالحصيلة الإيجابية للمنتدى الاقتصادي التونسي - الجزائري، الذي توزعت أنشطته بين الأمس واليوم بمشاركة عدد هام من الفاعلين الاقتصاديين ورجال الأعمال من البلدين الشقيقين، بما من شأنه أن يسهم في تعزيز دور القطاع الخاص في تطوير التعاون الثنائي من خلال مزيد تشبيك المصالح المشتركة وإرساء شراكات فاعلة، ولا سيّما في القطاعات الواعدة كالصناعات التحويلية والطاقات المتجددة والتكنولوجيات الحديثة، بما يُساهم في خلق ديناميكية اقتصادية جديدة تُترجم في مشاريع واقعية تدعم التنمية وتعود بالنفع المباشر على الشعبين الشقيقين».
كما أكدت أن التعاون الطاقي بين تونس والجزائر يكتسي أهمية استراتيجية، باعتباره أحد الركائز الحيوية للعلاقات الثنائية، مؤكدة على أهمية إنجاح المفاوضات بين الشركة التونسية للكهرباء والغاز وشركة سوناطراك الجزائرية لمراجعة السعر التعاقدي لشراء الغاز للفترة الممتدة من سنة 2026 إلى سنة 2028، بما يتماشى مع استقرار الأسعار العالمية وتمكين بلادنا من كميات فوق تعاقدية عند الحاجة.
وثمنت أهمية تنفيذ مشاريع مشتركة في مجالات الطاقات المتجددة والربط الكهربائي وتطوير بنية تحتية طاقية متكاملة، بما يسهم في تحقيق التنمية الشاملة ويعزز مكانة تونس والجزائر كشريكين أساسيين في هذا المجال الحيوي. وفي هذا الإطار، دعت إلى عقد اجتماع اللجنة المشتركة التونسية الجزائرية للتعاون في مجال الطاقة التي لم تنعقد منذ سنة 2022.
وشددت رئيسة الحكومة على ضرورة مواصلة العمل المشترك وتبادل المعلومات والتجارب في مجالات استغلال الموارد المائية المشتركة وإدارة المياه السطحية والتصرّف في مياه السدود وتطوير مشاريع فلاحية نموذجية، ودعم البحث العلمي والابتكار والاستثمار المشترك في مجال الأمن الغذائي، بما يسهم في تعزيز قدرة بلدينا على مجابهة الأزمات وتحقيق الاكتفاء الذاتي وترسيخ روح التضامن والتكامل بين البلدين.
كما أفادت أنّ للتعاون السياحي دورا هاما في دعم العلاقات الثنائية وتعزيز التقارب بين الشعبين الشقيقين. وفي هذا الإطار، قالت: «نسجّل بكل ارتياح النسق التصاعدي الذي تعرفه الحركة السياحية بين البلدين، إذ سجلت تونس إلى حدود موفى شهر أكتوبر 2025 توافد ثلاثة ملايين سائح جزائري بنسبة ارتفاع بلغت 8.2 % مقارنة بعدد الوافدين خلال نفس الفترة من سنة 2024، مما يؤكد المكانة المميزة التي تحتلّها تونس لدى أشقائنا الجزائريين وعمق الروابط الأخوية بين الشعبين، ويجسّد النجاح المشترك ليصبح التعاون السياحي نموذجًا للتكامل والازدهار في الفضاء المغاربي.»
وانطلاقا من أهمية تعزيز التعاون بين تونس والجزائر في المجالات الثقافية والرياضية والشبابية والتربوية، باعتبارها أساسية لترسيخ التقارب الإنساني وتعزيز الروابط الحضارية العريقة التي تجمع الشعبين الشقيقين، دعت إلى تطوير برامج عملية مشتركة في هذه المجالات، تُعنى بتشجيع المبادرات الشبابية وتعزيز التبادل بين الجمعيات والهياكل الرياضية في البلدين، بما يُسهم في توطيد روح الأخوة بين الأجيال الصاعدة، مُشددة على أهمية تكثيف الشراكات الأكاديمية وتبادل الطلبة والأساتذة والباحثين وإرساء مشاريع علمية مشتركة في مجالات الابتكار والتكنولوجيات الحديثة، إيمانًا منا بأنّ الاستثمار في رأس المال البشري والمعرفة هو السبيل الأمثل لبناء مستقبل مشترك أكثر ازدهارًا ووحدة بين تونس والجزائر.
واعتبرت رئيسة الحكومة أن العلاقات الأخوية التاريخية التي تجمع شعبينا الشقيقين تؤكد على ضرورة إيلاء عناية فائقة بجاليتينا على مختلف الأصعدة، مضيفة: «ولعلّ من أوكد الأولويات اليوم الإسراع بتحيين اتفاقية الإقامة الموقّعة منذ سنة 1963، بما يتلاءم مع التحوّلات التي شهدتها تونس والجزائر وتطلعات مواطنيهما، وذلك في اتجاه تحسين ظروف الإقامة وتنقيح الإجراءات ذات العلاقة بالتملّك والعمل ونقل الأموال والإقامة، فضلاً عن تيسير تنقل الأشخاص والعمال والطلبة والمستثمرين. كما ندعو إلى اعتماد مقاربة جديدة تراعي خصوصية الروابط العائلية والاجتماعية بين الشعبين، بما ينعكس إيجابا على ترسيخ أسس الشراكة والتكامل بين تونس والجزائر».
وقالت رئيسة الحكومة: «يُمثل التنسيق والتشاور المتواصل بين قيادتي دولتينا حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية رافدًا أساسيًا لمزيد تعزيز علاقاتنا الثنائية. وإننا ننوه في هذا الإطار بتطابق وجهات نظر بلدينا بخصوص العديد من القضايا، مُذكرة في هذا السياق بموقف تونس الدائم والمبدئي والثابت الداعم للشعب الليبي حتى يتمكن من تحقيق طموحاته في إعادة الأمن والاستقرار في كامل ربوع ليبيا والحفاظ على سيادته في كنف الوحدة الوطنية، والدعوة إلى انتهاج الحوار السياسي سبيلا أوحد للحل بين أشقائنا الليبيين تحت الرعاية الأممية».
وعلى صعيد متصل، رحبت رئيسة الحكومة بمخرجات الاجتماع الثلاثي الثاني حول ليبيا المنعقد بالجزائر بتاريخ 6 نوفمبر 2025، والذي شكّل محطة هامة في مسار دعم الجهود الإقليمية الرامية إلى تعزيز الاستقرار في ليبيا ومساندة مسار الحل السياسي الشامل تحت رعاية الأمم المتحدة، مُؤكدة في هذا الإطار على أهمية تواصل النسق الحثيث لهذه الآلية الدبلوماسية لما تُتيحه من إطار تشاوري فعّال لتنسيق المواقف وتبادل الرؤى حول مجمل التطورات في ليبيا. وأضافت: «نُعرب عن تطلّعنا إلى مشاركة جزائرية ومصرية فاعلة في الاجتماع الثلاثي القادم الذي ستستضيفه تونس في مطلع سنة 2026، تأكيدا على وحدة المقاربة بين دول الجوار المباشر لليبيا ودورها المحوري في دعم الاستقرار الدائم فيها وتعزيز الأمن في المنطقة المغاربية والعربية.»
فرصة مواتية للوقوف
على واقع علاقات التعاون والشراكة
من جانبه، قال الوزير الأول الجزائري سيفي غريب في افتتاح أشغال اللجنة العليا المشتركة التونسية-الجزائرية إن هذا الاجتماع يُمثل فرصة مواتية للوقوف معًا على واقع علاقات التعاون والشراكة بين تونس والجزائر، وبحث راهنها ومستقبلها، وخاصة من خلال تقييم ما تم تجسيده منذ الدورة الأخيرة للجنة المشتركة الكبرى للتعاون، بالجزائر يوم 4 أكتوبر 2023، والتي تُعتبر الآلية المحورية لمتابعة ومرافقة الحركية الهامة التي تعرفها علاقات التعاون بين بلدينا الشقيقين.
وعبّر الوزير الأول الجزائري عن أمله في أن تكون هذه الدورة محطة متميزة على درب تعزيز التعاون والشراكة والتضامن بين الجزائر وتونس، لترقى إلى مستوى الإرادة السياسية لقائدي البلدين، وتكون عند حسن ظن وتطلعات الشعبين الشقيقين. وأضاف: «لقد بلغت علاقات تعاوننا وشراكتنا درجة من النضج والتجربة، تُمكننا من التخاطب كإخوة وجيران، بالموضوعية الضرورية التي تضمن تعزيز وتكريس كل ما هو إيجابي ومفيد للطرفين، وتصويب وتقويم كل ما هو دون ذلك، من خلال وضع آليات مبتكرة ومكيَّفة تسمح بتذليل أي عقبات تعترض تجسيد طموحاتنا المشتركة في مختلف المجالات.»
كما نوه الوزير الأول الجزائري بالنتائج الإيجابية التي تحققت في العديد من قطاعات التعاون، مشيرا إلى التنسيق المتواصل بين البلدين لمواجهة مختلف التهديدات الأمنية، لاسيما في مجال تأمين الحدود المشتركة، من أجل الحد من مخاطر الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود والهجرة السرية والتهريب بمختلف أشكاله والاتجار بالمخدرات. وأضاف: «لا زال التعاون بين البلدين في هذا المجال يخطو خطوات ثابتة وتبعث على الارتياح، كما أكدته مخرجات الاجتماع الثاني للجنة الأمنية المشتركة المنعقدة بالجزائر يومي 14 و15 جويلية 2025، الذي تم خلاله تقييم الوضع الأمني بالمنطقة ودول الجوار وتداعياته على أمن البلدين.»
وثمن توقيع البلدين مؤخرا على اتفاق للتعاون في المجال العسكري في أكتوبر 2025، والذي يشكل لبنة إضافية في صرح التعاون الثنائي في هذا المجال الهام.
وفي مجال الطاقة، الذي يمثل حلقة أساسية في التعاون الثنائي، قال الوزير الأول الجزائري: «نسجل بارتياح مساهمة الصادرات الطاقوية الجزائرية في تلبية الطلب الداخلي في تونس على الغاز الطبيعي والكهرباء، ونطمح إلى تعزيز التعاون في هذا المجال من خلال تجسيد المشاريع المهيكلة الرامية لتعزيز الربط الكهربائي الثلاثي.»
وأضاف أن حجم المبادلات التجارية بين البلدين شهد ارتفاعا خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغ 2.30 مليار دولار سنة 2024، حيث يُهيمن قطاع المحروقات على تركيبته السلعِيَّة، مستطردًا: «ورغم أن تونس تحتل المرتبة الثانية إفريقيًا من بين الشركاء التجاريين للجزائر، إلا أن البيانات الإحصائية تُشير إلى أن المبادلات البينية تبقى دون مستوى قدرات البلدين»، مؤكدًا ضرورة العمل من أجل دفع التعاون والشراكة نحو المزيد من التكامل والاندماج، عبر توفير الشروط المناسبة لرفع التبادل التجاري خارج المحروقات، ولاسيما من خلال إزالة جميع المعوقات البُنيَويَّة أو الظرفية التي تقف حاجزًا أمام تطوير وانسيابية حركة المبادلات التجارية.
وفي هذا الإطار، أكد الوزير الأول الجزائري بشكل خاص على أهمية عقد اجتماعات اللجان التقنية الفرعية لمرافقة التبادل التجاري، ووضع الأطر التنظيمية المناسبة لتسهيل انسياب السلع والخدمات بين البلدين، وتكريس الثقة بين المتعاملين الاقتصاديين من الجانبين، معتبرا أن «تعزيز التبادل التجاري يجب أن يرتبط بحركية مشابهة على مستوى ترقية الشراكة الاستثمارية بين البلدين، وهو ما تتجلى معه الحاجة الملحة لتكثيف التواصل بين المستثمرين ورواد الأعمال من البلدين، ووضع أطر مؤسساتية وقانونية تتناسب مع المتغيرات الاقتصادية المحلية والتحولات الدولية، وتساهم في بعث ديناميكية فعلية للشراكة بين البلدين.»
وقال الوزير الأول الجزائري إن وتيرة الإصلاحات الاقتصادية التي يشهدها البلدان والفُرص الكثيرة التي يُتيحها التزامهما ببناء شراكة متكاملة ومُندمجة، تُشكل حافزًا أساسيًا للشروع في تجسيد العديد من المشاريع المشتركة. وأضاف: «لعل عدد المشاريع المسجلة لدى الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمارات ناهزت قيمتها 350 مليون دولار، ونوايا الاستثمار التي تكاد تقارب هذا المبلغ، كلها مؤشرات تبعث على التفاؤل بمستقبل الشراكة وتبعث على مواصلة العمل من أجل الدفع بها قدمًا.»
شراكة واعدة بين البلدين
وفي هذا السياق، أفاد الوزير الأول الجزائري أن الآفاق الواعدة للشراكة التي تم استعراضها أول أمس خلال المنتدى الاقتصادي الجزائري-التونسي تؤكد حجم الفرص المتاحة للتعاون، ما يستوجب تكثيف التنسيق من أجل مرافقة المتعاملين المعنيين وتهيئة الظروف المناسبة لهم لتجسيد مشاريعهم ومنح علاقاتنا الثنائية المحتوى الاقتصادي الذي طالما شدد قائدا بلدينا على أهمية الرقي به وتعزيزه.
كما أكد الوزير الأول الجزائري أن العلاقات الجزائرية-التونسية تتميز بالترابط المتجذر بين شعبين تجمعهما الثقافة والتاريخ واللغة والدين، فضلا عن تاريخ نضالي مشترك وإيمان راسخ أيضًا بالمصير المشترك.. إذ يُشكل الجانب الإنساني جوهر هذه العلاقة المتينة، باعتباره الأساس الحقيقي والقوي للتواصل والتضامن بين البلدين الشقيقين. وشدد على ضرورة مواصلة العمل من أجل تكييف وتطوير الإطار القانوني لتنقل وإقامة الأفراد بين الجانبين، وتشجيع التواصل الثقافي في مختلف أشكاله وصوره، وتكثيف التظاهرات العلمية والثقافية والرياضية، فضلاً عن تعزيز التبادل الطلابي.
واعتبر الوزير الأول الجزائري أن إعادة تشغيل خط السكة الحديدية بين عنابة وتونس في أوت 2024، بعد انقطاع دام سنوات طويلة، يُشكل فرصة سانحة للتأكيد على أهمية تكثيف التعاون في مجال النقل وتيسير التواصل بين البلدين، وتوفير شروط ديمومته وتحسين الخدمات المرتبطة به.
وأضاف أن موافقة الجانبين على إنشاء «مركز ثقافي» لكل بلد لدى الآخر، سيساهم في تعميق التقارب، ودليل إضافي على العناية التي توليها حكومتا البلدين للبعد الثقافي في علاقاتهما الثنائية.
وفي نفس الإطار، قال الوزير الأول الجزائري إن هذه المحاور الاستراتيجية الواعدة لتعزيز العلاقات بين البلدين تتطلب تبني خارطة طريق واضحة المعالم، يتم من خلالها وضع آليات عملية وفق برنامج زمني محدد لتجسيد مشاريع التعاون في القطاعات الحيوية وذات الأولوية، فضلاً عن تلك التي تتيحها الفرص الهامة للشراكة والاستثمار، وخاصة تلك التي سبق اقتراحُها من قبل «لجنة التفكير والاستشراف»، خلال اجتماعها الأول، المنعقد بتونس في 8 مارس 2024، فيما يتعلق بالتعاون في مجالات الأمن الغذائي، وإنتاج القمح، وتحلية مياه البحر، وتطوير النقل، وهي مشاريع جديرة بأن يبدأ البلدان في تجسيدها.
كما أكد أهمية التفكير بجدية في تطوير آليات التعاون التقليدية من خلال النظر في ترشيد عملها وتكييفها وإعادة هيكلتها بما ينسجم مع الآفاق الاقتصادية في البلدين.
وفيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية، قال الوزير الأول الجزائري: «إن هذا الزخم الذي تشهده علاقات التعاون والتضامن بين البلدين يجد أيضًا سندَه في التطابق التام لوجهات نظر البلدين إزاء العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتمسكهما بالدفاع عن المبادئ والقيم التي تنظم المجتمع الدولي وتحمي النظام متعدد الأطراف من الانهيار... ففي ظل الأزمات والمآسي التي يعيشها العالم العربي، يقف البلدان بقوة إلى جانب الشعب الفلسطيني في مواجهة حرب الإبادة ومحاولات الإجهاز على قضيته من قبل الاحتلال الغاصب، ويُساندان نضاله لنيل حقوقه وبناء دولته المستقلة وعاصمته القدس. كما يتقاسم البلدان نفس الموقف إزاء ما يدور في لبنان وسوريا، البلدان الشقيقان اللذان ما زالا يتعرضان لاعتداءات سافرة من الاحتلال الإسرائيلي... هذا ويدعم بلدانا تسوية سياسية شاملة للأزمة في ليبيا الشقيقة، من خلال تمكين الأشقاء الليبيين أنفسهم من تحقيق المصالحة الوطنية والإسراع في تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية، تُفضي إلى بناء مؤسسات موحدة وشرعية وقوية، بما يحقق أمن واستقرار ووحدة هذا البلد الشقيق، بعيدًا عن التدخلات الخارجية، وبما يحفظ ثرواته ويضمن تسخيرها في خدمة رفاهية الشعب الليبي الشقيق... كما يسعى البلدان إلى جانب مصر الشقيقة، لبعث المساهمة بشكل جماعي في مرافقة الأشقاء الليبيين على هذا الدرب، كما تم تأكيده جليًا خلال الاجتماع الأخير للآلية الوزارية الثلاثية بالجزائر يوم 6 نوفمبر 2025... وضمن ذات التوجه، يتفق البلدان على أهمية استعادة الوئام في السودان الشقيق والحفاظ على وحدته وسيادته وحقن دماء أبنائه وحماية ثرواته... وعلى ضوء هذا التوافق والانسجام، يتعين تعميق التنسيق والتشاور حول مجمل القضايا الإقليمية والدولية التي تهم بلدينا، في عالم يموج بالتقلبات والتطورات المضطربة، قصد المساهمة في الحفاظ على استقرار منطقتنا وتعزيز مناعة بلدينا أمام مختلف التحديات والمخاطر».
اتفاقيات ومذكرة تفاهم بين البلدين تشمل العديد من المجالات
تم خلال أشغال اللجنة الكبرى المشتركة التونسية - الجزائرية إمضاء 25 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين، حيث تم إمضاء مذكرة تفاهم بين الأكاديمية الدبلوماسية الدولية بتونس والمعهد الدبلوماسي والعلاقات الدولية بالجزائر، ومذكرة تفاهم بين مؤسسة التلفزة التونسية والمؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري، ومذكرة تفاهم بين وكالة تونس إفريقيا للأنباء ووكالة الأنباء الجزائرية، واتفاقية توأمة وتعاون بين الإذاعة التونسية والمؤسسة الجزائرية العمومية للإذاعة المسموعة.
واتفاقية تعاون بين وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري للجمهورية التونسية ووزارة الري للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، واتفاقية بين المركز الوطني لتكوين المكونين وهندسة التكوين بتونس؛ المعهد الوطني للتكوين والتعليم المهنيين «قاسي الطاهر» بالأبيار بالجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، والبرنامج التنفيذي للتعاون الثقافي بين وزارة الشؤون الثقافية للجمهورية التونسية ووزارة الثقافة والفنون للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.
وبرنامج تنفيذي لاتفاقية التعاون في قطاع الصحة بين وزارة الصحة للجمهورية التونسية ووزارة الصحة للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية للسنوات 2026-2028.
كما تم إمضاء اتفاق توأمة بين الهيئة العامة للشغل والعلاقات المهنية بتونس والمفتشية العامة للعمل بالجزائر، ومذكرة تفاهم للتعاون في ميادين الطاقة والطاقات الجديدة والمتجددة بين وزارة الصناعة والمناجم والطاقة بالجمهورية التونسية ووزارة الطاقة والطاقات المتجددة بالجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، وبرنامج تنفيذي للتعاون في مجال الشباب للفترة 2026-2027، وبرنامج تنفيذي لاتفاقية التعاون في مجال النهوض بالمرأة والأسرة والطفولة وكبار السن للفترة 2026-2028.
واتفاق التعاون في مجال التشغيل بين الجمهورية التونسية والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، واتفاقية تعاون في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل في قطاع التأمينات، ومذكرة تفاهم بين الهيئة العامة للتأمين للجمهورية التونسية ولجنة الإشراف على التأمينات بوزارة المالية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية في مجال تبادل المعلومات والرقابة والإشراف على قطاع التأمين.
كما تم إمضاء مذكرة تفاهم بين وزارة الصحة بالجمهورية التونسية ووزارة الصناعة الصيدلانية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية في مجال الصناعة الصيدلانية، واتفاقية تعاون في مجال الاعتماد بين المجلس الوطني للاعتماد والهيئة الجزائرية للاعتماد، واتفاقية تعاون بين المجمع المهني المشترك لمنتجات الصيد البحري التونسي والغرفة الجزائرية للصيد البحري وتربية المائيات، وبرنامج تنفيذي للتعاون في مجال الرياضة للفترة 2026-2027.
واتفاقية إطارية للتعاون بين الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه والجزائرية للمياه، واتفاق استغلال مشترك لخطوط نقل دولي منتظم للأشخاص على الطرقات بين الشركة الوطنية للنقل بين المدن بتونس والمؤسسة العمومية الاقتصادية الجامعة للنقل والخدمات بالجزائر، ومذكرة تفاهم بين الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار ووكالة النهوض بالاستثمار الخارجي التونسية، وبرنامج تنفيذي لمذكرة تفاهم بين الهيئة التونسية للاستثمار للجمهورية التونسية لسنتي 2026-2027 والوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، ومذكرة تعاون بين المعهد العالي للتربية الخاصة بتونس والمدرسة العليا لأساتذة الصم والبكم بالجزائر.
هذا وتم أيضًا إمضاء اتفاقية تعاون بين الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية والمؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة للجمهورية التونسية في مجال التمثيل المتبادل، ومحضر اجتماع الدورة الثالثة والعشرون للجنة الكبرى المشتركة التونسية الجزائرية.
◗ أميرة الدريدي
+++++++++++++++++++
++++++++++++++++++++++
مسؤول بوكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية لـ«الصباح»:
قريبا تونس تستفيد من تمويلات الصندوق الأخضر للمناخ
أفاد رئيس نقطة الاتصال بالصندوق الأخضر بوكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية، بشير الونيسي، لـ»الصباح» بأن حصول تونس مؤخرا على الاعتماد من أكبر صندوق مالي للمناخ، يعد مؤشرا هاما وامتيازا لبلادنا لتمكينها من الحصول مستقبلا على تمويلات لمشاريع ذات علاقة بالتغيرات المناخية، تصل إلى 20 مليون دولار للمشروع الواحد.
وأكد المسؤول بوكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية أن الوكالة تقدمت بمشروعين معروضين حاليا على الصندوق في انتظار الموافقة على تمويلهما قريبا، مشيرا إلى أن الوكالة بصدد إعداد 4 مشاريع أخرى لعرضها والحصول على تمويلات من الصندوق لإنجازها، على غرار مشروع لتحلية المياه المالحة وآخر يهدف إلى استعمال مادة غاز الميثان في إنتاج الكهرباء أو استغلالها كغاز للتسخين.
واعتبر المسؤول بالوكالة أن الصندوق الأخضر كان متواجدا في تونس من قبل، لكن بصيغة غير تمويلية عبر الدعم الفني فقط، دون منح تمويلات تستهدف إنجاز مشاريع تتعلق بكيفية التكيف مع متغيرات المناخ والحد من الانبعاثات الغازية، وكل تداعيات الظواهر المناخية على الفلاحين وعلى القطاع الزراعي عموما.
وذكر الونيسي أن تونس تعد من البلدان الأولى التي تقدمت بمطلب اعتماد من الصندوق الأخضر، لتحصل عليه رسميا يوم 28 أكتوبر 2025، وبذلك تكون الوكالة أول هيكل وطني تونسي يتحصل على هذا الاعتماد، معتبرًا أن هذا الامتياز سيمكن بلادنا من الاستفادة من دعم هذا الصندوق المالي الأكبر عالميًا عبر تمويلات مالية هامة يحتاجها القطاع الفلاحي ومهنييه مستقبلا.
وأضاف محدثنا أن وكالة النهوض بالاستثمارات تشارك في المخطط الوطني للتكيف مع التغيرات المناخية في الجزء المتعلق بالقطاع الفلاحي والأمن الغذائي، تحديدا في مجال الشراكة بين القطاع العام والخاص، مبينا أنه قد تم الاشتغال على هذا المخطط بالتشارك بين وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو).
ويهدف مخطط تونس للتأقلم مع المتغيرات المناخية إلى تعزيز قدرة البلاد على الصمود أمام الآثار السلبية لتغير المناخ، وخاصة فيما يتعلق بندرة المياه وتدهور الموارد الطبيعية والأمن الغذائي. ويركز هذا المخطط بشكل خاص على القطاع الفلاحي وإدارة الموارد المائية لضمان الاستدامة والأمن الغذائي، ومن أهم أهدافه وتدابيره؛ بناء قاعدة معرفية وطنية حول التكيف لدعم صناع القرار وتعزيز مرونة النظم الزراعية عبر دعم الاستثمارات المبتكرة.
إلى جانب تحسين إدارة الموارد المائية وتطوير مشاريع تحلية المياه، وصيانة السدود، وتعزيز استعمال المياه المعالجة (ضمن إطار الاستراتيجية الوطنية للمياه في أفق 2050)، ودعم صمود المجتمعات الريفية الهشة من خلال برامج الحماية الاجتماعية والتقنيات الرقمية.
ويذكر أن الصندوق الأخضر للمناخ يتيح الحصول على هبات لمشاريع مناخية متوسطة الحجم تصل قيمتها إلى 20 مليون دولار، من خلال تقديم مقترحات لمشاريع تساهم في التكيف مع التغيرات المناخية والحد من الانبعاثات الكربونية وتعزيز القدرة على مواجهة التأثيرات السلبية للمناخ. ويعمل الصندوق على دعم الممارسات التي تحد من انبعاثات الغازات الدفيئة والمساهمة في التحول نحو مسارات منخفضة، وعلى مساعدة البلدان النامية على بناء قدرتها على الصمود والتكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ.
ويدعم الصندوق جميع البلدان النامية الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي، وتتمتع القارة الأفريقية بالنصيب الأكبر من تمويلات الصندوق بنسبة تصل إلى 38 %. وقد أصبحت تونس من بين الدول الأفريقية المستفيدة من هذه الحصة في شكل هبات وتمويلات لمشاريع مناخية متوسطة الحجم مثل مشاريع تحلية المياه المالحة، ومشاريع استعادة الغابات، فضلا عن دعم المخططات الوطنية في المجال.
وفاء بن محمد
+++++++++++++++++++++
++++++++++++++++++++++++++
إجراءات لفائدة الشركات الأهلية
الشروع في تحديد قائمة ومواصفات الأراضي الدولية الفلاحية للكراء بالمراكنة
تنفيذا لمقتضيات القرار الصادر في 4 نوفمبر الفارط والمتعلق بضبط شروط وإجراءات منح الشركات الأهلية الأولوية في كراء العقارات الدولية الفلاحية بالمراكنة، تم الشروع في تحديد قائمة بالأراضي وبطاقة وصفية لها قبل عرضها للكراء.
وقد أوصى أول أمس وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، عز الدين بن الشيخ، على هامش الجلسة الأولى للجنة المكلفة بضبط قائمة القرارات، بضبط منهجية موحدة لتحديد العقارات الدولية الفلاحية المزمع عرضها للكراء لفائدة الشركات الأهلية، بما يضمن حوكمة الرصيد العقاري وتوجيهه نحو المشاريع ذات القيمة المضافة، داعيا إلى التسريع في إعداد البطاقات الوصفية لهذه العقارات عبر عقد اجتماعات دورية.
شدد الوزير بالمناسبة على ضرورة تكريس الشفافية وحسن التصرف في العقارات الدولية الفلاحية، ودعم المبادرات الاستثمارية التي تتماشى مع خصوصيات الجهات وتساهم في تنمية الاقتصاد الوطني.
وربما تأتي إشارة الوزير إلى الحوكمة والشفافية في علاقة بهذا الملف في سياق بعض الانتقادات التي ما فتئت توجه للتفويت في الأراضي الدولية وغيرها من العقارات لفائدة الشركات الأهلية، وإثارة بعض المخاوف من اعتماد المحسوبية واعتبارات القرب من دوائر القرار والسلطة، بما يعيد للأذهان ممارسات في عهود سابقة أساءت التصرف في ملك الدولة ضمن إطار المراكنة.
والمراكنة قانونا هي «أن تعقد الدولة مع المستثمر دون اللجوء إلى إعلان مناقصة أو طلب عروض، بل مباشرة وفق الشروط التي توضع بالتوافق بين الطرفين».
تذليل الصعوبات
من جهتها، تؤكد الهياكل المشرفة على ملف الشركات الأهلية أن جملة التنقيحات المدخلة على عدد من القوانين إلى جانب القرارات والأوامر الصادرة مؤخرا، ومن بينها كراء العقارات الدولية الفلاحية، يندرج في سياق تذليل الصعوبات والعراقيل وطول الإجراءات والتعقيدات الإدارية التي تواجه في كثير من الأحيان الراغبين في بعث الشركات الأهلية.
تجدر الإشارة إلى أنه استنادا إلى القرار المشترك بين وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية ووزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري المؤرخ في 4 نوفمبر 2025 والمتعلق بضبط شروط وإجراءات منح الشركات الأهلية الأولوية في كراء العقارات الدولية الفلاحية بالمراكنة، فإنه تمنح للشركات الأهلية الفلاحية الأولوية في كراء العقارات الدولية الفلاحية بالمراكنة وفقا للشروط والإجراءات التي يضبطها هذا القرار. حيث تنتفع الشركة الأهلية بكراء عقار دولي فلاحي واحد خلال المدة الكرائية.
وقد نص الفصل 2 من القرار على إحداث لجنة يترأسها وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري أو من يمثله، وتضم خاصة ممثلين عن وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية والوزارة المكلفة بالشركات الأهلية، تتولى ضبط قائمة العقارات الدولية الفلاحية المزمع عرضها للكراء على معنى الفصل الأول من هذا القرار، وإعداد بطاقاتها الوصفية المتضمنة لمكونات العقار والتوجهات الإنمائية والمدة الكرائية.
وتتم إحالة قائمة العقارات المزمع عرضها للكراء، موقعة من قبل أعضاء اللجنة، إلى وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية ووزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري للمصادقة.
ووفقا للفصل 3، يتولى وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية إحالة قائمة العقارات الدولية الفلاحية المصادق عليها إلى الوزير المكلف بالشركات الأهلية وإلى الوالي المختص ترابيا، الذي يتولى الإعلان عنها عن طريق التعليق بمقر الولاية والمعتمدية والمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية والإدارة الجهوية لوكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية والإدارة الجهوية لأملاك الدولة والشؤون العقارية والإدارة الجهوية للوزارة المكلفة بالشركات الأهلية.
إجراءات الانتفاع
كما يتم الإعلام بتعليق القائمة المعنية بواسطة وسائل الإعلام المتاحة وعلى مواقع الويب الخاصة بالهياكل المتداخلة وبالمنصة الإلكترونية للشركات الأهلية.
كما نص الفصل 4 على أن تتولى الشركة الأهلية الراغبة في كراء عقار دولي فلاحي سحب البطاقة الوصفية الخاصة بالعقار من مقر المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية أو الإدارة الجهوية لأملاك الدولة والشؤون العقارية أو الإدارة الجهوية لوكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية، وإمضائها من قبل ممثلها القانوني، ثم إرفاقها بمطلب في الغرض يوجه إلى الوزارة المكلفة بالشركات الأهلية وذلك في أجل شهر من تاريخ الإعلان عن القائمة.
ويُضبط معلوم الكراء بمقتضى مقرر مشترك من وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية ووزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، ويراعى في تحديد ذلك المعلوم نوعية الأرض ومقومات الإنتاج بها وموقعها وما فيها من بناءات ومرافق.
لا يقتصر امتياز الكراء بالمراكنة على الأراضي الدولية الفلاحية فقط، بل يشمل عقارات الدولة الأخرى، ومنها التابعة للملك البلدي، إلى جانب جملة من الامتيازات الأخرى الخاصة بالشركات الأهلية.
فقد صدرت في 4 نوفمبر الفارط مجموعة من القرارات الخاصة بالشركات الأهلية في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية في العدد 132، وقد شملت تلك الإجراءات قرارًا من وزيرة المالية يضبط صيغ تكفل الصندوق الوطني للضمان بالتمويلات المسندة إلى هذه الشركات، وقرارًا من وزير الداخلية يضبط شروط وإجراءات كراء العقارات التابعة للملك البلدي الخاص لفائدة هذه الشركات بالمراكنة.
كما شملت الإجراءات قرارًا مشتركًا بين وزيري التشغيل والتكوين المهني والنقل يحدد شروط ممارسة نشاط النقل العمومي الجماعي المنتظم للأشخاص من قبل الشركات الأهلية، بالإضافة إلى قرار مشترك بين وزيري أملاك الدولة والشؤون العقارية والفلاحة والموارد المائية والصيد البحري يحدد شروط وإجراءات كراء العقارات التابعة لملك الدولة الخاص غير الفلاحي لفائدة الشركات الأهلية بالمراكنة.
◗ م.ي
++++++++++++
++++++++++++
النائب بالبرلمان عمار العيدودي لـ «الصباح»:
توافق كبير حول المبادرة التشريعية لانتداب من طالت بطالتهم
بعد المصادقة على مشروع قانون المالية لسنة2026 من المنتظر أن يعقد مجلس نواب الشعب يوم الثلاثاء 16 ديسمبر 2025 بقصر باردو جلسة عامة للنظر في المبادرة التشريعية عدد 23 لسنة 2023 المتعلقة بأحكام استثنائية لانتداب خريجي التعليم العالي ممن طالت بطالتهم بالقطاع العام والوظيفة العموميـة المقدمة من قبل مجموعة من أعضاء المجلس المنتمين إلى كتلة لينتصر الشعب.
عمار العيدودي النائب عن هذه الكتلة، قال في تصريح لـ«الصباح» إن هذه المبادرة التشريعية التي تم تعطيلها كثيرا في ما مضى، أصبحت اليوم تحظى بشبه إجماع تحت قبة البرلمان خاصة بعد أن تم التوافق حول تهيئة الأرضية الملائمة لتفعيلها وذلك عبر إقرار فصل صلب مشروع قانون المالية ينص على تخصص الاعتمادات المالية من ميزانية الدولة لسنة 2026 لانتداب الدفعة الأولى من خريجي التعليم العالي ممن طالت بطالتهم.
وفسر أن هذا الفصل لم يرد في الصيغة الأصلية لمشروع قانون المالية المقدمة من قبل رئاسة الجمهورية وإنما تم اقتراحه من قبل نواب الشعب ثم تمت المصادقة عليه في مرحلة أولى من طرف لجنتي المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب وبالمجلس الوطني للجهات والأقاليم ثم وقعت المصادقة عليه لاحقا في جلسة عامة مشتركة من قبل أعضاء مجلس نواب الشعب ثم من قبل أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم، وهو ما يدل على أنه محل توافق كبير ومثلت المصادقة عليه صلب مشروع قانون المالية خطوة إيجابية في اتجاه تفعيل المبادرة التشريعية سالفة الذكر على أرض الواقع ومن أجل أن لا تبقى بعد المصادقة عليها من قبل مجلس نواب الشعب يوم الثلاثاء المقبل حبرا على ورق.
ويذكر في هذا السياق أن الفصل 57 من مشروع قانون المالية لسنة 2026 الذي أحاله رئيس مجلس نواب الشعب يوم 10 ديسمبر 2025 إلى رئيس الجمهورية والمتعلق ببرنامج الانتداب المباشر لأصحاب الشهادات العليا ممن طالت بطالتهم نص على أن يتم :»تخصص الاعتمادات المالية من ميزانية الدولة لسنة 2026 لانتداب الدفعة الأولى من خريجي التعليم العالي ممن طالت بطالتهم بالقطاع العام والوظيفة العمومة بعد إصدار النصوص الترتيبية المتعلقة بمقترح الأحكام الاستثنائية لانتداب خريجي التعليم العالي بالوظيفة العمومية عدد 23/2023 ومتابعة تنفيذها طبقا لأحكام القانون الأساسي عدد 15 لسنة 2019 المؤرخ في 13 فيفري 2019 المتعلق بالقانون الأساسي للميزانية وخاصة الفصل 21 منه. وتطبق هذه الإجراءات بمقتضى أمر بعد نشرها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية».
وإجابة عن سؤال حول ما إذا كان هذا الإجراء غير مسبوق في التشريع على اعتبار أن الفصل 57 المصادق عليه بمشروع قانون المالية لا يتعلق بقانون نافذ وإنما بمبادرة تشريعية لم تقع المصادقة عليها بعد بل لم يقع عرضها على جلسة عامة لنقاشها والتصويت عليها، أوضح العيدودي أن رفض الحكومة حضور جلسات اللجنة لإبداء الرأي في المبادرة وعدم ردها على مراسلاتها وعدم إجابتها عن الأسئلة التي طرحها النواب خلال اليوم الدراسي بالأكاديمية البرلمانية كان يراد من خلاله ترحيل الجلسة العامة للتصويت على المبادرة إلى ما بعد مصادقة البرلمان بغرفتيه على مشروع قانون المالية، وذكر أنه لهذا السبب فقد تمسك نواب كتلة لينتصر الشعب بمطلب عقد جلسة عامة قبل النظر في مشروع قانون المالية لكن هذا لم يحدث رغم أن الكتلة قدمت طلب استعجال نظر فيه منذ شهر جويلية 2025 وكان من المفروض أن الجلسة العامة عقدت قبل نهاية الدورة النيابية الماضية، ولاحظ أنه نظرا إلى أن مكتب المجلس قرر في نهاية الأمر عقد هذه الجلسة العامة يوم 16 ديسمبر 2025 أي بعد المصادقة على مشروع قانون المالية فقد تم تقديم مقترح فصل إضافي لمشروع قانون المالية بهدف إلزام الدولة بتخصيص الاعتمادات اللازمة بميزانية 2026 لانتداب الدفعة الأولى من المعطلين عن العمل ممن تنسحب عليهم الأحكام الاستثنائية المنصوص عليها بالمبادرة الرامية لانتداب خريجي التعليم العالي ممن طالت بطالتهم بالقطاع العام والوظيفة العموميـة.
وقال النائب عمار العيدودي إن الفصل 57 جاء ليترجم إرادة نواب الشعب من المجلسين ورغبتهم في المصادقة على مقترح القانون عدد 23 لسنة 2023 سالف الذكر، وعبر النائب عن أمله في أن يحظى هذا المقترح بمصادقة الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب وذكر أنه يعتقد أن الجلسة العامة ستوافق عليه بأغلبية الحاضرين وسيرى هذا القانون النور نظرا لأنه لم يعد مجرد مبادرة تشريعية قدمها نواب كتلة وحيدة بل أصبح محل توافق كبير بين نواب الشعب على اختلاف انتماءاتهم.
وألقى عضو مجلس نواب الشعب عن كتلة لينصر الشعب عمار العيدودي باللائمة على الحكومة لعدم تفاعلها مع طلبات لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتيّة والتهيئة العمرانية المتعهدة بدراسة مقترح القانون المتعلق بأحكام استثنائية لانتداب خريجي التعليم العالي ممن طالت بطالتهم بالقطاع العام والوظيفة العموميـة، وذكر أنه رغم ذلك فإن جهة المبادرة مازالت أياديها ممدودة إلى الحكومة وهي مستعدة للتفاعل الإيجابي مع مقترحات الحكومة وذلك رغبة منها في تيسير سبل تطبيق القانون إثر المصادقة عليه من قبل مجلس نواب الشعب وحتى ينتفع به معطلون عن العمل من مختلف الجهات والاختصاصات.
وبين النائب أن عدم رد الحكومة عن أسئلة النواب ربما يعني أنها هي نفسها ليست لديها إحصائيات دقيقة وإن كان الأمر كذلك فهذا يؤكد عدم قدرتها على إعداد منصة إلكترونية تمكنها من ضبط عدد المعطلين عن العمل بكل دقة حسب السن والاختصاصات العلمية وسنة التخرج. وفسر النائب غياب المعلومة الإحصائية بعدم وجود تنسيق بين الوزارات المعنية وهو حسب رأيه أخطر بكثير من عدم تفاعل الحكومة من نواب الشعب. وأضاف أن ممثل الحكومة كان قد تعهد خلال اليوم الدراسي حول المبادرة التشريعية المنعقد يوم 3 أكتوبر الماضي بالأكاديمية البرلمانية بإجابة النواب كتابيا عن جميع أسئلتهم لكن لم تصل النواب أي إجابة عن أسئلتهم والحال أنهم بصدد الاستعداد للجلسة العامة المبرمج عقدها يوم الثلاثاء المقبل.
وينتظر أن يتم خلال الجلسة العامة المرتقبة عرض تقرير لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية حول مقترح القانون المتعلق بأحكام استثنائية لانتداب خريجي التعليم العالي ممن طالت بطالتهم بالقطاع العام والوظيفة العمومية الوارد على اللجنة بتاريخ 3 أوت 2023 والمصادق عليه من قبل في صيغة معدلة بتاريخ 18 جويلية 2025 و تنص الصيغة المعدلة على ثمانية فصول.
وحسب الفصل الأول تتم معالجة وضعية خرجي التعليم العالي ممن طالت بطالتهم بالانتداب الاستثنائي في مختلف القطاعات العمومية للدولة في القطاع العام والوظيفة العمومية ويكون هذا الملف تحت إشراف وزارة التشغيل والتكوين المهني.
ونص الفصل الثاني على أن تحدث منصة رقمية يتم فيها تنزيل المعطيات الخاصة بالمترشحين. ويتم ترتيب المترشحين ترتيبا تفاضليا حسب المعايير التالية: أولا سن المترشح وتعطى الأولوية لمن تجاوز 40 سنة، ثانيا سنة التخرج أكثر من عشر سنوات، ثالثا فرد من كل عائلة دون اعتبار شرط السن، رابعا الوضعية الاجتماعية.
وضبط الفصل الثالث شروط الترشح ويشترط في المترشحين: التسجيل بمكاتب التشغيل، عدم الانتفاع بإجراءات التسوية للوضعيات المهنية، عدم الانخراط بصفة مسترسلة في منظومة التقاعد والحيطة الاجتماعية، عدم التمتع بمعرف جبائي خلال السنة السابقة للتسجيل بالمنصة، عدم الحصول على قرض يتجاوز 40 ألف دينار من المؤسسات المالية والبنكية المانحة للقروض عند التسجيل بالمنصة.
أما الفصل الرابع من المبادرة التشريعية في صيغته المعدلة، فهو ينص على أن انتداب خريجي التعليم العالي ممن طالت بطالتهم يتم بالملفات ويخضع إثرها المنتدبون إلى مرحلة تأهيل حسب الخطة أو الوظيفة بالمؤسسة المعنية. ونص الفصل الخامس على أن يتم سد الشغور لتشغيل خريجي التعليم العالي ممن طالت بطالتهم في القطاع العام والوظيفة العمومية من ضمن المسجلين بالمنصة والذين تتوفر فيهم الشروط مع مراعاة التوازن في التوزيع بين الاختصاصات. وبمقتضى الفصل السادس يتم الانتداب على دفعات لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات من تاريخ صدور هذا القانون، ونص الفصل السابع على أن يتم تحيين معطيات المسجلين بالمنصة مرة واحدة كل سنة، في حين الفصل الثامن والأخير أن يدخل هذا القانون حيز التنفيذ مباشرة بعد صدوره بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.
سعيدة بوهلال
+++++++++++++++
+++++++++++++++++++++
وزير الاقتصاد والتخطيط خلال افتتاحه الدورة 39 لأيام المؤسسة:
الحكومة ملتزمة بدعم المؤسسات التونسية.. وسنعمل على تحفيز الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال
◄ الاقتصاد الوطني أظهر قدرة على الصمود حيث سجلت معظم المؤشرات تحسنًا تدريجيًا
أكد وزير الاقتصاد والتخطيط سمير عبد الحفيظ خلال افتتاحه أمس الدورة 39 لأيام المؤسسة نيابة عن رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري بأن موضوع هذه السنة يركز بشكل خاص على تأثير التحولات الكبرى على المؤسسات، وعلى رأسها التحول التكنولوجي، مشيرًا إلى أن هذا الواقع الجديد فرض نفسه على كل القطاعات ويتطلب منا التعامل معه بذكاء واستراتيجية واضحة.
وأضاف الوزير خلال إشرافه على افتتاح الدورة 39 لـ«أيام المؤسسة» أمس التي ينظمها المعهد العربي لرؤساء المؤسسات بسوسة من 11 إلى 13 ديسمبر 2025 تحت شعار: «المؤسسة والنظام الاقتصاد الجديد»، بأن المؤسسات التونسية أثبتت بفضل كفاءاتها ومرونتها قدرتها على التكيف مع هذه التحولات ومواكبة التطورات التكنولوجية، ما يعكس إمكاناتها الكبيرة لتعزيز قدرتها التنافسية في الأسواق المحلية والدولية.
وتأتي هذه الدورة في سياق سعي الحكومة لتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية كما تركز على دعم ريادة الأعمال، والابتكار، وتوسيع فرص النمو الاقتصادي في البلاد.
وقال سمير عبد الحفيظ إن الحكومة ملتزمة بدعم المؤسسات التونسية في رحلتها نحو الابتكار والتحول الرقمي، وتشجيع الاستثمار وتطوير بيئة الأعمال لتكون أكثر استعدادًا لمواجهة تحديات المستقبل.
وقال وزير الاقتصاد والتخطيط إن الدورة 39 لأيام المؤسسة تشكل فرصة لتأكيد دعم الدولة التونسية للقطاع الخاص، مشددًا على التزام الحكومة بتحسين مناخ الأعمال ومتابعة تنفيذ الإصلاحات تحت إشراف مباشر من رئيس الدولة.
تحسين الإجراءات والتشريعات
وقال الوزير إن متابعة رئيس الدولة تشمل تحسين الإجراءات والتشريعات بما يضمن للمؤسسات التونسية القدرة على التكيف مع مختلف التحديات، وعلى رأسها التحديات التكنولوجية الحديثة، موضحًا أن هذا الدعم يهدف إلى تعزيز المرونة والقدرة التنافسية للمؤسسات في مواجهة التحولات الاقتصادية المتسارعة.
وأشار وزير الاقتصاد والتخطيط، سمير عبد الحفيظ، إلى أن المؤشرات الاقتصادية الحالية مشجعة في ظل ما تبذله الحكومة من جهود كبيرة لتحسين مناخ الأعمال من خلال تنقيح وإلغاء مجموعة من التراخيص، ومراجعة قانون الاستثمار، وعديد المجلات القانونية الأخرى ذات الصلة بالمستثمرين، مثل مجلة التهيئة الترابية.
وأضاف أن هذه الإجراءات تأتي لدعم المؤسسة الاقتصادية التونسية وتعزيز قدرتها على التكيف والنمو في بيئة اقتصادية متغيرة.
وفي كلمة الافتتاح قال وزير الاقتصاد والتخطيط إن السياق الدولي الراهن المتسم بتحولات متسارعة خاصة على المستوى التكنولوجي يدعونا إلى التفكير العميق في الاستراتيجيات الكفيلة بالتعاطي الناجع مع التحديات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية المستجدة والعمل على مواكبتها وعلى جعلها فرصًا من أجل تنمية عادلة وشاملة يكون الإنسان محورها الأساسي.
وشدد الوزير على أهمية تبني سياسات مبتكرة تضمن ديمومة مؤسساتنا الاقتصادية وقدرتها على النمو والتطور وهو ما تعمل الحكومة على تحقيقه تجسيدًا لرؤية رئيس الجمهورية قيس سعيّد لتنمية اقتصادية تكون أهم مرتكزاتها العدالة الاجتماعية وتنويع الشراكات والتعويل على الذات من خلال العمل على تحقيق الأمن الغذائي والأمن الطاقي والتحكم في التوازنات المالية الدولية.
الاقتصاد الوطني أثبت قدرته على الصمود
وأضاف قائلًا: «بالرغم من الصعوبات والتقلبات التي طبعت الأوضاع العالمية وتداعياتها على الأوضاع الاقتصادية خلال السنوات الأخيرة، أظهر الاقتصاد الوطني قدرة على الصمود حيث سجلت معظم المؤشرات تحسنًا تدريجيًا، إذ سجل النمو تطورًا بلغ 2.4 بالمائة خلال التسعة أشهر الأولى من السنة الحالية مع التحكم في عجز الميزان التجاري والمحافظة على مستوى مقبول من العملة الأجنبية لتبلغ 105 أيام توريد بتاريخ 11 ديسمبر 2025، إلى جانب تواصل المنحى التنازلي للتضخم الذي استقر في حدود 4.9 بالمائة خلال الشهرين الأخيرين وتطور الاستثمار الخارجي بنحو 28 بالمائة خلال التسعة أشهر الأولى من سنة 2025، وكان لكل هذه العوامل إلى جانب الاستقرار السياسي والاجتماعي تأثير مباشر على تحسن الترقيم السيادي لبلادنا».
المؤسسة الاقتصادية الخاصة
رافعة للثروة الوطنية
وفي السياق نفسه أفاد الوزير أن المخطط التنموي للفترة 2026-2030 الجاري إعداده مثل فرصة هامة لدعم الإصلاحات لتحقيق نسبة نمو أكبر وتنمية شاملة وعادلة، مضيفًا أن الدولة تعتبر المؤسسة الاقتصادية الخاصة رافعة للثروة الوطنية ومحركًا للنمو وهي ملتزمة بمواصلة الإصلاحات لتحسين مناخ الأعمال وتذليل الصعوبات أمام المستثمرين محليين كانوا أو أجانب لأن العلاقة بين القطاع العام والخاص هي علاقة تكاملية تخدم المصلحة الوطنية وتحول التحديات إلى فرص.
كما دعا إلى تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار لأن كل استثمار في المؤسسات هو استثمار في الثقة وهو في الوقت نفسه استثمار في المستقبل ومسار لفتح الآفاق أمام الشباب حتى يساهم بفاعلية أكبر في تنمية بلاده وتطوير مكتسباتها.
تعزيز الشراكات بين المؤسسات ومراكز البحث
وأكد أن الحكومة تعمل من خلال برامج على دعم مسارات التكوين المزدوج وتعزيز الشراكات بين المؤسسات ومراكز البحث والابتكار مع تشجيع المبادرات التي تربط بين المؤسسات الناشئة والمؤسسات الصناعية والخدمية، مشددًا على ضرورة بذل المزيد من الجهود من قبل جميع الأطراف حتى تكون المؤسسات التونسية فاعلًا مركزيًا في التحول التكنولوجي والطاقي والبيئي وذلك من خلال الاستثمار في النجاعة الطاقية والطاقات المتجددة والاقتصاد الأخضر مستفيدة من ثراء رأس المال البشري والكفاءات التونسية عالية التكوين ومن الخصائص الجغرافية والمناخية لبلادنا ومن خيارات وطنية جعلت هذه المجالات محورًا أساسيًا للنمو والتنمية.
وقال سمير عبد الحفيظ: «إن انخراط بلادنا في المنطقة القارية الإفريقية للتبادل الحر «زليكاف» وفي السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا «كوميسا»، بالإضافة إلى سعيها إلى المحافظة وعلى دعم شراكاتها التقليدية مع العالم العربي والفضاء الأورو-متوسطي وعلى تعزيز حضورها في الأسواق الأمريكية والآسيوية، يمثل أحد السبل لتيسير نفاذ المؤسسات التونسية ودعم تموقعها في السوق الدولية وكذلك لمزيد جذب الاستثمارات الأجنبية، لاسيما في القطاعات التي تملك فيها تونس ميزات تفاضلية على غرار الصناعات الغذائية والخدمات الرقمية والصناعات الصيدلانية والصناعات الميكانيكية والكهربائية ومكونات الطائرات والسيارات وغيرها».
وزير تكنولوجيات الاتصال: تونس تستهدف رقمنة 80 بالمائة من خدماتها الإدارية بحلول 2030
◄ الحكومة تهدف إلى تعميم المنظومات الرقمية على 24 وزارة مع إطلاق تطبيق موحد للخدمات الإدارية
أكد وزير تكنولوجيات الاتصال سفيان الهميسي أن تونس تعمل على رقمنة 80 بالمائة من الخدمات الإدارية بحلول سنة 2030، في إطار استراتيجية وطنية تهدف إلى مكافحة الفساد وتحسين مناخ الأعمال وتهيئة بيئة أكثر مرونة وشفافية للمؤسسات والمواطنين على حد سواء.
وخلال ندوة «إدارة اقتصاد مرن» عقدت أول أمس مساء ضمن فعاليات أيام المؤسسة 2025، أوضح الهميسي أن الحكومة تعمل على مراجعة قانون الصفقات العمومية بما يسمح للمؤسسات الناشئة بالمشاركة في طلبات العروض، ضمن رؤية تعتمد على الذكاء الاصطناعي والرقمنة كأدوات أساسية في المخطط الخماسي 2026-2030.
وأضاف الوزير أن الحكومة تهدف خلال السنتين القادمتين إلى تعميم المنظومات الرقمية على 24 وزارة مع إطلاق تطبيق موحد للخدمات الإدارية على الهواتف الجوالة، وأوضح أن هذه الخطوة ستسهل على المواطن الوصول إلى الوثائق الرسمية مثل بطاقة التعريف وجواز السفر بسرعة وفعالية، وتقلل الإجراءات الورقية التقليدية. وأشار الهميسي إلى أهمية تكوين الكفاءات المتخصصة في الرقمنة والتقنيات الحديثة لضمان نجاح هذه العملية وتوفير الدعم الفني اللازم للمؤسسات والإدارات العامة، كما لفت إلى أن قانون المناولة يأتي كأداة حماية للعمل الظرفي، ويهدف إلى قطع الطريق أمام التشغيل الهش والتحيل الذي قد يحدث في بعض المؤسسات ما يعكس حرص الحكومة على ضمان بيئة عمل عادلة ومستقرة.
وأكد الوزير أن رقمنة الخدمات الإدارية وفتح المجال أمام المؤسسات الناشئة من خلال قانون الصفقات العمومية سيمنح فرصًا أكبر للابتكار وريادة الأعمال ويعزز الشفافية والمساءلة في القطاع الاقتصادي، مشيرًا إلى أن هذه المبادرات تمثل خطوة استراتيجية لدعم القطاع الخاص وتحفيز الاستثمارات وتسهيل الأعمال بما يساهم في نمو اقتصادي مستدام ومواكب للتحولات التكنولوجية العالمية.
تأتي هذه الإجراءات ضمن خطة شاملة تهدف إلى جعل تونس منصة إقليمية مبتكرة، قادرة على استيعاب التحديات الاقتصادية والتكنولوجية، وتعزيز القدرة التنافسية للمؤسسات الوطنية على المستوى المحلي والدولي، واعتبر الهميسي أن التقنيات الرقمية والتحول الإداري لم تعد خيارًا، بل ضرورة لتطوير المؤسسات وتعزيز الثقة بين الدولة والمواطنين والمستثمرين.
وزارة المالية تعتمد منظومة «سند 2» ضمن برنامج «Gov Tech» لتحديث الخدمات الديوانية
من جانبه أكد المدير العام للديوانة محمد الهادي سافر خلال الجلسة التي كانت أبرز محاورها الإصلاحات الضرورية لدفع الاستثمار في تونس، من خلال مقاربة عملية تهدف إلى تعزيز انفتاح الإدارة، تحسين إطار الاستثمار، وتحديث وتبسيط الإجراءات الديوانية، على حرص الإدارة العامة للديوانة، وتطبيقًا لاستراتيجية وزارة المالية وبرنامج الحكومة لرقمنة الإدارة «Gov Tech»، على تقدم إنجاز منظومة «سند 2»، التي ستسهل الإجراءات الديوانية وتقرب الخدمات من المتعاملين مع الإدارة، مع العمل وفق منظومة الترابط البيني بين الإدارات المتدخلة في الإجراءات الديوانية بما يخدم المؤسسات الاقتصادية والمواطنين التونسيين المقيمين بالخارج.
وأشار المدير العام إلى استعمال منظومة التصرف في المخاطر، التي تعتمد تقنيات الانتقاء والاستهداف، بهدف تحسين عمليات المراقبة وتبسيط الإجراءات الديوانية، بما يساهم في تسريع الأداء وتعزيز الثقة لدى المتعاملين.
كما تم التطرق إلى منظومة المتعامل الاقتصادي المعتمد، التي تمثل علامة ثقة للمؤسسات عند استجابتها لمجموعة من الشروط وفق المعايير الدولية، وهو ما يسهم في تشجيع الاستثمار ودعم التصدير، ويضع تونس في موقع متقدم ضمن البلدان التي تحرص على تيسير ممارسة الأعمال الاقتصادية.
وتأتي مشاركة الإدارة العامة للديوانة في هذه الدورة لتؤكد التزامها بتعزيز دورها الاقتصادي الحيوي، ومواكبة التحولات الجديدة في النظام الاقتصادي، من خلال تحسين الخدمات وتطوير منظومات مبتكرة تسهل الاستثمار وتدعم التصدير وتضمن الامتثال للمعايير الدولية.
◗ جهاد .ك
رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق دومينيك دو فيلبان:
تونس تمتلك مقومات فريدة تجعلها لاعبًا محوريًا في ربط أوروبا بالمغرب العربي وإفريقيا
في كلمته قال رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق دومينيك دو فيلبان، ضيف الدورة التاسعة والثلاثين لأيام المؤسسة، إن تونس تمتلك مقومات استثنائية تؤهلها للعب دور إقليمي محوري، معتبرًا أن موقعها الجيوستراتيجي المتميز ونسيجها الاقتصادي المتنوع وكفاءاتها البشرية العالية يجعلها منصة للربط بين أوروبا وأفريقيا، مع قدرة على استقطاب الاستثمارات في مجالي الذكاء الاصطناعي والطاقة الخضراء.
ودعا دو فيلبان الحكومة التونسية إلى تفعيل دبلوماسية اقتصادية استباقية وتنويع الشراكات وجذب الاستثمارات النوعية لاستغلال الفرص التي يتيحها التحول نحو النظام الاقتصادي الجديد، وتعزيز تنافسية البلاد محليًا وإقليميًا ودوليًا، بما يرسّخ مكانتها كقوة فاعلة في خارطة الاقتصاد المستقبلي. وتحدث دومينيك دو فيلبان عن أبرز التحولات التي يشهدها النظام الاقتصادي العالمي الجديد، والتي أعادت تشكيل الأعمدة الأربعة التقليدية للنظام الدولي.
وأشار إلى أن تونس تمتلك مقومات فريدة تجعلها لاعبًا محوريًا في ربط أوروبا بالمغرب العربي وإفريقيا، مؤكدًا على أهمية استثمار الاستراتيجيات الناجحة في هذا النظام الاقتصادي المتجدد. وأضاف أن استراتيجية «الميناء التجاري» تمثل رهانًا أساسيًا لتونس.
+++++++++++++++++++++++
+++++++++++
افتتاح مركز تقني جديد لشركة أمريكية..
تونس تتجه نحو التكنولوجيا الحديثة والبرمجيات في قطاع صناعة مكونات السيارات
انضاف، أمس، إلى النسيج المؤسساتي الصناعي ببلادنا مركز تقني وفني جديد يتبع شركة أمريكية عالمية ناشطة في مجال صناعة مكونات السيارات، ومتخصص أساسًا في هندسة البرمجيات والهندسة الإلكترونية والميكانيكية (Software, Hardware, Mechanical Engineering).
وفي هذا الإطار، أفادت رئيسة ديوان وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة، عفاف الشاشي الطياري، أن المركز الفني الجديد يمثل نقلة نوعية، إذ إن الكفاءات التونسية بصدد الانتقال من كفاءات متخصصة في تصنيع مكونات السيارات إلى كفاءات تقدم حلولًا تكنولوجية عالية، تُتيح تصميم نماذج تُستخدمها الشركة الأمريكية في تونس وخارجها، مما يدل على التوجه الثابت نحو صناعة ذات قيمة مضافة عالية.
وشددت عفاف الشاشي الطياري على أن الكفاءات التونسية قادرة على صنع الفارق وتطوير الصناعة الوطنية وجذب الاستثمارات الأجنبية.
وبخصوص قطاع صناعة مكونات السيارات، الذي أصبح أحد ركائز الصناعة الوطنية، قالت رئيسة الديوان إن النسيج المؤسساتي في هذا القطاع يضم أكثر من 300 مؤسسة ويوفر حوالي 120 ألف موطن شغل، بينما بلغت القيمة التصديرية للقطاع حوالي 3 مليارات دولار على امتداد سنة 2024، ومن المتوقع تسجيل تطور إيجابي وهام في صادرات القطاع هذا العام مقارنة بالسنة السابقة.
وأكدت رئيسة ديوان وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة أن قطاع صناعة مكونات السيارات يكتسي أهمية بالغة، حيث تم تصنيفه ضمن الاستراتيجية الوطنية للقطاع الصناعي والتجديد أفق سنة 2035 كقطاع ذو أولوية، وفي هذا السياق، تم العمل على إحداث ميثاق شراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص لتعزيز جاهزية القطاع وزيادة تنافسيته في الأسواق العالمية.
السفير الأمريكي: سأسعى إلى مزيد تعزيز العلاقات بين تونس والولايات المتحدة
من جهته، أكد سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى تونس، بيل بزي، أن العلاقات الثنائية بين تونس وبلاده جيدة جدًا، وسيسعى بدوره إلى تعزيزها.
وأثنى السفير على مهارة الكفاءات التونسية، مشيرًا إلى أنه سبق له زيارة العديد من المؤسسات الجامعية التونسية، وبيّن أن معرفة الشبان والخريجين التونسيين والمهندسين جيدة جدًا.
واعتبر السفير الأمريكي أن هذا المولود الفني للشركة الأمريكية يمثل خطوة مهمة للشراكة بين البلدين، إذ يتعلم كلا الجانبين من الآخر، مع الإشارة إلى أن الازدهار الاقتصادي سيكون النتيجة الطبيعية لهذا التعاون.
توفير مواطن شغل لـ200 مهندس
بدوره، ذكر الرئيس المدير العام للشركة الأمريكية، Sachin Lawande، أن الشركة رائدة عالميًا في مجال صناعة مكونات السيارات، وأن أنشطتها تساهم بقوة في الناتج المحلي الخام في العديد من الدول.
وأشار إلى أن الشركات العالمية الكبرى تسعى للتوسع دوليًا، وبالتالي فإن الشركة بحاجة إلى موارد كافية لدعم هذا التوسع.
وأضاف: «لاحظنا وجود كفاءات جيدة في تونس، ما دفعنا لاختيار هذا البلد لتوسعة أنشطة الشركة، ليس فقط في التصنيع، بل أيضًا في مجال الهندسة والتصميم والوظائف ذات الرواتب العالية».
وأشار إلى أن المركز الجديد سيُوفر نحو 200 موطن شغل للمهندسين التونسيين، مع إمكانية توسيع العدد مستقبلًا حسب الحاجة.
من جانبها، أفادت رئيسة الهيئة التونسية للاستثمار، نامية العيادي، أن الهيئة رافقت الشركة الأمريكية منذ تأسيسها الأول في تونس، وأنها اليوم تعد من أقوى الشركات ذات التطور الكبير في مجال صناعة مكونات السيارات.
تونس جاذبة للاستثمارات
ذات القيمة المضافة العالية
وأكدت نامية العيادي أن هذا المركز يمثل ثالث مركز بحث وتطوير ترافقه الهيئة خلال الفترة الأخيرة، بعد افتتاح شركة أوروبية أواخر 2024، وتلاه في أوائل 2025 مركز يشغّل أكثر من 200 مهندس في ولاية صفاقس.
وأشارت إلى أن تونس تُعد موقعًا جاذبًا للاستثمارات ذات القيمة المضافة العالية، نظرًا للمهارات العالية التي تتمتع بها الكفاءات التونسية.
جدير بالذكر أن الشركة الأمريكية افتتحت في أفريل 2024 وحدة صناعية جديدة بالقطب التكنولوجي ببرج السدرية، باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، لتوفير أكثر من 400 موطن شغل إضافي في 2024، مع التوقع بإحداث 1000 موطن شغل مباشر و3500 غير مباشر بحلول 2028. وأضافت أن الشركة، التي بدأت أنشطتها في تونس منذ 1991، تستمر في تعزيز استثماراتها مدفوعة بمناخ استثماري ملائم، وبنية تحتية متقدمة، وتصنيع عالي التقنية، وكفاءات تونسية تساهم في رفع قيمة الصناعة الوطنية. كما تُساهم الشركة في بناء جسور اقتصادية أعمق بين تونس والولايات المتحدة.
هذا وبلغت الاستثمارات الأمريكية في تونس 108.2 مليون دينار خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025، فيما استقطبت تونس استثمارات أجنبية بأكثر من 2588 مليون دينار حتى أواخر سبتمبر 2025.
درصاف اللموشي
++++++++++++
+++++++++++++++
ملتقى تونس للرواية العربية بدار الكتب الوطنية
الحلم في الرواية العربية سعي لإعادة امتلاك للعالم.. لا انسحاب ولا هروب
كان الموعد صباح الخميس الماضي في دار الكتب الوطنية مع انطلاق أشغال الدورة الثالثة لملتقى الرواية العربية ،تنظيم «بيت الرواية»، وبدعم من وزارة الشؤون الثقافية ، بحضور عدد هام من أهل الثقافة والأدب والكتابة السردية من تونس والوطن العربي، لمناقشة وتدارس وتحليل مفهوم ومدى حضور وخصوصيات وتقنيات «الحلم في الرواية العربية». محور قال عنه يونس السلطاني، مدير بيت الرواية، في تصريح خاص لـ»الصباح» أن كتابة الحلم بخصائصه الجمالية وعمقه الدلالي في النص العربي المعاصر يطرح جملة من الأسئلة المتصلة أولاً بشكل الحلم ورموزه وتشابكه مع مكونات النص، ومساءلة العلاقات القائمة بين الراوي والرائي، فضلاً عن أبعاد الأساليب واللغة المستعملة.
وأضاف: «في هذا الإطار تتنزل الدورة الثالثة لهذا الملتقى، الذي تم إحياؤه بعد دورة أولى في 2018 ودورة ثانية في 2019 والخاصة بالحلم في الرواية العربية»، والتي تشهد مشاركة أدباء وأكاديميين وباحثين من 17 دولة عربية، إلى جانب عدد من أهل الأدب والرواية ونقادها من تونس، بهدف إثراء البحث في دلالات توظيف الحلم ومظاهر تسريده في الرواية العربية، استناداً إلى ثلاثة محاور رئيسية تتعلق بأشكال الحلم في الرواية العربية ومضامينه، وكيف ومن أين يستمد الكاتب تفاصيل شخصياته في الرواية الحالمة، وثالث هذه المسائل يتعلق باستحضار والتوقف عند مجموعة من الأدباء على المستوى العربي الذين اشتهروا بتوظيف الحلم في كتاباتهم السردية.
الحلم في الرواية العربية.. مفاهيم ودلالات
انطلقت أولى الجلسات العلمية لملتقى الرواية العربية بدار الكتب الوطنية صباح الخميس بعد مراسم الافتتاح بكلمتي الترحيب للدكتور توفيق قريرة، مدير معهد تونس للترجمة بوصفه ممثلاً لوزارة الشؤون الثقافية والمكلف بتسيير دار الكتب الوطنية، ونزار كحيلة.
وخصصت الجلسة الأولى لمحور «الحلم في الرواية العربية: مداخل مفاهيمية»، جلسة غاب عنها – وفق قائمة المشاركين– الكاتب السعودي فهد العتيق، وقدم خلالها الدكتور محمد الخبو الذي ترأس الجلسة ورقة بين فيها أن مفهوم الرواية لا يتعلق بالحلم فقط، وإنما بكل الأدب العربي، فالحلم إبداع وما من نص أدبي يُكتب إلا وفيه شيء من الحلم، مبيناً – والكلام لمحمد الخبو – «أن الحلم في مفهومه هو ما يراه النائم من أحوال ومشاهد ليرتبط هذا المفهوم بما يكتبه الإنسان من رغبات أثناء اليقظة». وخصص الدكتور محمد الخبو الجزء الثاني من ورقته لقراءة في رواية «ترابها زعفران» لإدوارد خراط، وقد اعتبرها من أرقى ما تم إنتاجه في مجال الرواية العربية، مقدماً دراسة عن كيفية تشكل الحلم في هذا العمل.
ومن ناحيتها تحدثت الكاتبة المغربية زهور كرام في مداخلتها بعنوان «سردية الحلم في الرواية العربية» عن علاقة الحلم بالخيال وعلاقة الواقع بالخيال، وذلك من خلال حقل دلالي يقوم على مراجعة المفاهيم المرتبطة بالرواية والحلم، انطلاقاً من كتابها «نظرية الرواية ومراجعة المفاهيم»، الذي يبين أن العالم تسيره دلالات جديدة، وذلك لما طرا على الواقع من تغيرات ناتجة عن العديد من العوامل، منها البيئة الافتراضية التي أصبحت تشكل إدراكات الإنسان.
وتوقفت الكاتبة الروائية زهور كرام عند الاختلاف الذي طرأ على مسألة التغذية السردية للرواية المرتبط بكل الإمكانيات التي تسمح بتدبير العلاقة المرتبكة بين الرواية والخيال، وبالتالي تقول الكاتبة: يتم الحديث عن هذا المفهوم بوصفه يرمز إلى الآليات التي تلج عالم الخيال من أجل تحقيق شرط الإبداع في الرواية وتحويل الواقع.
وبينت الدكتورة والروائية المصرية سهير المصادفة في مداخلتها «من رحم أحلامي وكوابيسي» أن الحلم كان موجوداً في الرواية العربية بشكل أسطوري ومميز للغاية، وقد تكون الأحلام هي المادة الأساسية والجوهرية للروائيين العرب، وكذلك الخيال الواسع، حيث تضيق الحدود على الروائيات بسبب حالة الاستعمار التي يعيشها البعض من الشعوب، ما يجعلهن تخترن الأحلام والأساطير إلى أن يتحقق العدل والحق في العالم.
وأشارت إلى أن ما قد يميز كتاباتها أكثر هو حلم المرأة العربية بالانعتاق، سواء الحلم بمعناه الاصطلاحي الموجود في المخيلة الإبداعية، أو الحلم الذي قد يكون رمزاً لما تريده المرأة العربية والشرق الأوسط. وأضافت: «أحياناً تثور الكاتبات الشابات خلال ندواتي ومحاضراتي، وتقلن هذه الأوضاع ليست جيدة للمرأة الكاتبة، فأقول لهن صبراً، لقد حققنا الكثير في هذه الفترة التي كان يصول ويجول فيها الرجال، صبراً، لقد أصبحت أسماءنا أكثر حضوراً في المشهد العالمي، وفي الترجمة إلى لغات عدة، وفي الجوائز كقاصة وروائية».
أما الكاتب العراقي ماهر مجيد إبراهيم فقد طرح في مداخلته «التحولات السردية لبنائية الحلم في الرواية العربية»، إشكالية الحلم من جهة الواقع التي يأخذها الراوي ووجهات النظر التي يتقمصها مع الشخصية، وتحدث عن الحلم بوصفه ظاهرة نفسية عميقة الارتباط بالبنية الداخلية للإنسان، وقد شكل محوراً رئيسياً للدراسات النفسية الحديثة، لا سيما في القرن العشرين.
وتطرق المحاضر إلى سيغموند فرويد، مؤسس مدرسة التحليل النفسي، الذي نظر إلى الحلم بوصفه نتيجة مباشرة لتداعيات اللاوعي، إذ يرى أن الأحلام تمثل الرغبات المكبوتة داخل النفس، ولا سيما تلك التي يعجز الفرد عن تحقيقها أو التصريح بها في الواقع.
الحلم والذكاء الاصطناعي
واستأثر حضور وتأثير الذكاء الاصطناعي بالقسط الأكبر من النقاشات، من حيث إمكانية أن يكون بديلاً للمخيلة البشرية في كتابة الرواية، وما مدى تأثير الخوارزميات على الحلم في الكتابة السردية، وكيفية صراع الذات بين الحلم والواقع.
وكان جواب الدكتور محمد الخبو حاسماً، إذ برأيه لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن ينتج نصاً فيه حلم، ولكن لا يحمل معنى، على اعتبار أن الحلم مرتبط بشخصية الحالم، فالنص المنتج بالذكاء الاصطناعي نص لا هوية له.
الحلم لامتلاك العالم
وتواصلت أشغال الملتقى في جلسة علمية ثانية بعد ظهر اليوم الأول، برئاسة الأستاذة آمنة الرميلي، التي قدمت ورقة بعنوان «في ما يرى السارد»، استكشفت فيها المواجهة الداخلية بين السارد وذاته في منطقة التماس بين الرؤيا واليقظة، وناقش الكاتب الأردني أيمن العتوم ضرورة الحلم في الرواية العربية وقدرته على إعادة تشكيل الوعي. وقدمت الكاتبة الإماراتية لولوة المنصوري رؤيتها عن المخيلة المائية في ورقتها «ماء يحلم بالأرض»، كاستعارة لسيولة النص بين الواقع والحلم. واستعرض الكاتب من سلطنة عمان زهران القاسمي تجربة العيش في عالمين متوازيين، وقدم الأستاذ عمر حفيظ قراءة في أحلام شخصياته ضمن روايتيه «ليلة بيضاء» و»صديقي رضا لينين»، فيما كشف الكاتب الموريتاني محمد الأمين عن خصوصية الحلم الموريتاني في الرواية.
وكانت الحصيلة في خاتمة هذه الجلسة أن الحلم في الرواية العربية هو إعادة امتلاك للعالم، لا انسحاب منه. واهتمت الجلسة الثالثة بالحلم في الرواية العربية حوارية الذات والمعنى، في حين اهتمت الجلسة الرابعة بالرمز وجماليات السرد.
ويختتم صباح اليوم السبت 13 ديسمبر ملتقى الرواية العربية في دورته الثالثة أشغاله بدار الكتب الوطنية بعقد جلسة خامسة، ستخصص لموضوع: «الحُلم في الرّواية العربيّة: نماذج من الرّواية العربيّة»، بإدارة الأستاذ مصطفى الكيلاني من تونس، الذي سيُقدّم ورقة بعنوان «المتهم الشبحي في النفس: واقعاً وحياة في رواية «البحث عن وليد مسعود» لجبرا إبراهيم جبرا، ثم مداخلة الأستاذة هدى النعيمي من دولة قطر «الحلم في رواية المرأة الخليجية المعاصرة: خمسة نماذج روائية»، فمداخلة الأستاذ الهادي دانيال من سوريا بعنوان «خصيصة الحلم ودلالته في رواية هجرة السنونو للروائي السوري حيدر حيدر»، ثم مداخلة الأستاذ نادر حسين من البحرين بعنوان «سرد الحلم في الرواية العربية الحديثة – قراءة في نماذج من روايات البدايات والروايات المعاصرة».
محسن بن أحمد