رئيس مجلس نواب الشعب في جلسة عامة برلمانية:
التدخل في الشؤون الداخلية مرفوض
يواصل مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم خلال الأيام القادمة النظر في مشروع قانون المالية لسنة 2026 في إطار جلسة عامة مشتركة بقصر باردو، على أن تقع المصادقة عليه في أجل أقصاه يوم 10 ديسمبر 2025. وخلال النقاش العام لهذا المشروع مساء أمس بحضور وزيرة المالية مشكاة سلامة طالب أعضاء الغرفة النيابية الأولى بالتعويل على الذات والحد من الضغط الجبائي ومحاربة الاقتصاد الموازي، ودعوا إلى تسوية وضعيات التشغيل الهش وانتداب أصحاب الشهادات العليا ممن طالت بطالتهم وعبروا عن تمسكهم بمقترحات سيارة لكل عائلة وجدولة ديون الفلاحين وتخفيف الأداءات المستوجبة على جرايات المتقاعدين وغيرها. وانتقد العديد منهم مشروع القانون وبينوا أنه لا يعبر عن رغبة في تحقيق سيادة وطنية فعلية نظرا لتواصل التداين كما أنه يفتقر إلى إجراءات من شأنها أن تساهم في التشغيل والحد من التلوث البيئي.
وهناك من انتهزوا الفرصة للتنديد بالقرار الصادر عن البرلمان الأوروبي، ولم يخف النائب يوسف طرشون في هذا السياق شعوره بالألم ممن يهللون هذه الأيام فرحا بهذا القرار الذي ينم عن تدخل سافر من قبل البرلمان الأوروبي في الشأن الداخلي لتونس وفي السيادة الوطنية وأضاف ما يحزنه أكثر ليس قرار هذا البرلمان وإنما تواطؤ من يدعون أنهم أبناء هذا الوطن.. وأضاف أنه على الاتحاد الأوروبي أن يعلم أن تونس سيدة قرارها وأنه لا مجال للتدخل فيها وأن السيادة الوطنية خط أحمر وما دونها الدم وما دونها الموت حسب وصفه، وقال نحن لا نساوم في قرارنا الوطني، وأشار إلى أنه لا يوجد محتجزون سياسيون في تونس وتساءل بأي حق أن يتم تصنيف من هم على ذمة القضاء بأنهم سجناء سياسيين ولماذا في الاتحاد الأوروبي يتدخلون في تونس بعد أن عمت عيونهم عن جرائم الكيان الصهيوني وأجاب أنهم يتدخلون في الشأن التونسي لأنهم خسروا عملاءهم ويريدون استرجاعهم. ونددت النائبة فاطمة المسدي بدورها بالتدخل الأجنبي من قبل البرلمان الأوروبي في الشؤون الداخلية لتونس وأشارت إلى إعداد لائحة من قبل نواب الشعب للتنديد بهذا التدخل وطلبت عرضها على الجلسة العامة للمصادقة عليها.
الحقوق مكفولة
وقال رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة:» ليعلم الجميع أن سيادتنا الوطنية ومشاكلنا الداخلية تحل داخليا من طرف المؤسسات الرسمية وأن العقلية الاستعمارية التي مازالت تؤمن بها بعض الأطراف الأجنبية والذين لم يتحرروا إلى حد الآن من عقليتهم الاستعمارية أن ذلك العهد قد ولى وانقضى بصورة نهائية وأن تونس هذا الوطن العزيز على كل التونسيات والتونسيين حرة ونالت استقلالها بفضل من جاهدوا في سبيل ذلك وهي تمارس السيادة التامة ولن تسمح لأي طرف من الأطراف بالتدخل في شؤونها الداخلية». وبين بودربالة أنه انطلاقا مما نصت عليه أحكام الدستور والاتفاقيات التي صادقت عليها تونس فهو يؤمن بأن الفرد في تونس له اعتباره وله كرامته ولا يحاسب إلا طبق الإجراءات القانونية المكفولة من طرف المحاكم لذلك فإنه يقول لهؤلاء إذا كنتم تريدون التعامل على أساس الاحترام المتبادل فأهلا وسهلا أما إذا أردتم النظر إلى تونس بصفة فوقية فنقول لكم إن ذلك العهد ولى وانقضى، وأوضح أن ممارسة الوظائف التشريعية والتنفيذية والقضائية تتم بكل استقلالية وأن الفرد محترم وأن الحريات الشخصية والحريات العامة محترمة وأن حق التظاهر وحق الاحتجاج وحق إبداء الرأي المعارض كلها حقوق محترمة ومكفولة دستوريا وذهب رئيس المجلس إلى أبعد من ذلك وقال إن حرية الإعلام والصحافة مكفولة وما عليهم إلا الإطلاع على ما يجري في تونس لذلك فهو يجدد التأكيد على أن الشعب التونسي مدرك لحقوقه ولواجباته وخلص إلى أن ما صدر مؤخرا يعتبر من قبيل التدخل في الشؤون الداخلية وهو أمر مرفوض ولا يمكن بأي صيغة من الصيغ قبوله.
تهرب جبائي وتلاعب
النائب عن كتلة الأمانة والعمل محمد اليحياوي فبين أن الشركات المهيكلة مازالت تعاني من الضغط الجبائي وبإضافة المساهمة التضامنية فإن الضغط الجبائي يتجاوز خمسين بالمائة وفي المقابل هناك بضائع أجنبية تدخل عبر المعابر المراقبة وتضخ في السوق الموازية وهو ما ساهم في الإضرار بالمنتوج التونسي كما ان المواطن الذين يشتري من تلك البضائع يعرض نفسه إلى عقوبات عندما يتم التفطن إليه من قبل أعوان الحرس أو الديوانة . وبخصوص الشركات المصدرة كليا لاحظ النائب وجود تهرب جبائي وتلاعب حيث لا يتم تصدير البضائع ودعا إلى ضرورة المطالبة بالاستظهار بفواتير بلد التصدير واقترح على وزارة المالية تعميم الفوترة ووضع نظام موحد لغرض لمراقبة مسالك التوزيع.
ولدى حديثه عن المؤسسات العمومية بين أنه لم يقع صلب مشروع قانون المالية التطرق إلى شركة التبغ والوقيد والشركة التونسية للأنشطة البترولية. وذكر أنه طال انتظار المجلس النيابي لمجلة الاستثمار ومجلة الصرف وبين أن هناك مهندسين يعملون مع شركات أجنبية عن بعد ويجدون صعوبة في إدخال أموال من العملة الصعبة وهو ما يقتضي تمكينهم من امتيازات على غرار ما حصل سابقا مع الأطباء لضمان استقرارهم في تونس وعدم استنزاف هذه الطاقة البشرية.
وأكد النائب على ضرورة مقاومة اقتصاد الريع من خلال تحرير الاقتصاد ولو جزئيا عبر إزالة بعض الرخص والتوجه نحو كراس شروط خاصة في قطاعات لها قيمة مضافة مثل النقل والاتصالات والطاقة والاقتصاد الرقمي وغيرها. وعن رأيه في عدد من فصول مشروع قانون المالية بين أنه يتحفظ على حذف الفصل خمسين المتعلق بالضريبة التصاعدية على الثروة ودعا إلى إعادته إلى الجلسة العامة ونبه أن الفصل المتعلق بحيازة الأموال يسبب خطر شبهة تبييض أموال والتلاعب بالأموال وهو ما يقتضي إعادة النظر فيه كما يجب معالجة مشاكل الصفقات العمومية ومراجعة الأمر المنظم لها لأنه يسبب مشاكل كبيرة جدا على مستوى المؤسسات العمومية. وثمن النائب التوجهات الاجتماعية في الميزانية.
أما النائب غير المنتمي إلى كتل هشام حسني فبين أنه لا بد من الالتزام بأحكام المرسوم عدد 1 المتعلق بتنظيم العلاقات بين مجلسي نواب الشعب والجهات والأقاليم لأنه لا يحق للجنة المالية والميزانية إلغاء فصول ومنها الفصل خمسين المتعلق بالضريبة التصاعدية وهي ضريبة معمول بها في عديد الدول لتحقيق العدالة الاجتماعية، وعبر عن اعتراضه عن إلغاء الفصول الجيدة في مشروع قانون المالية مقابل إضافة فصول أخرى وقال إنه يرفض إلغاء الفصل المتعلق باللاقطات الشمسية لأنه توجد ثلاثة شركات فقط في تونس وحذف هذا الفصل الذي ينص على تخفيف ضريبي على التوريد يطرح نقطة استفهام. وثمن حسني الحد من التداين الخارجي لكنه نبه من تبعات اللجوء إلى البنك المركزي للحصول على 11 ألف مليار. وذكر أنه في صورة تمرير مقترحات التعديل التي تقدم بها النواب فقد يتطلب الأمر الترفيع في هذا المبلغ إلى 15 ألف مليار.
الأحياء الشعبية
وبين النائب عادل ضياف أن ميزانية 2026 فيها زيادة في المداخيل بنسبة خمسة فاصل واحد بالمائة مقابل زيادة في النفقات بستة فاصل ثلاثة بالمائة وهو ما يخلق عجزا في الميزانية وسيتم تسديد هذا العجز عبر اقتراض 11 ألف مليار من البنك المركزي، لكن الإيجابي في مشروع قانون المالية حسب رأيه البعد اجتماعي فهو يهدف إلى دعم الفئات الهشة والمتقاعدين وذوي الإعاقة وصغار الفلاحين كما أنه يدعم التوازن الاجتماعي وهو ما تؤكده الدولة من خلال توجهها الاجتماعي والتعويل على الذات. وأضاف أنه يوجد توجه نحو العدالة الجبائية حيث تم اقتراح ضريبة على الثروة. وطالب بإعادة التصويت على هذا الإجراء وأن العدالة الاجتماعية يجب أن تكون المحرار لهذه الدولة. ولاحظ النائب وجود دعم للاستثمار والتنمية الجهوية والمحلية فمشروع القانون صمم في إطار رؤية تنموية لفترة 2026ـ 2030 مع مراعاة التنمية المتوازنة بين الجهات والتمييز الايجابي. وهناك فيه حسب قوله إجراءات لدعم المؤسسات العمومية والمشاريع الوطنية.
وأشار ضياف في المقابل إلى أن مشروع قانون المالية يقوم في جانب منه على الضرائب وهو ما يثقل كاهل المواطنين، كما توجد هيمنة لكتلة الأجور وهو ما يحد من الاستثمار. وتحدث النائب عن الضيم الذي يشعر به المواطنون في الأحياء الشعبية ودعا إلى تحسين ظروف عيشهم وتوفير مطاعم مدرسية وملاعب ودور ثقافة وشباب يقضي فيها أبناء هذه الأحياء أوقات فراغهم وهو ما يقيهم من العنف والمخدرات وقوارب الموت.
أنسنة قانون المالية
وقالت النائبة عن كتلة الأحرار سيرين مرابط لوزيرة المالية إن النواب شخصوا الوضع وقدموا مقترحات وحلول وتساءلت لماذا لا تقع تسوية وضعيات التشغيل الهش إذا كانت هناك موارد مالية لم يقع صرفها واستغربت من تنقل البعض من منبر إعلامي إلى آخر لترذيل المقترحات التي قدمها النواب لإثراء مشروع قانون المالية ومنها مقترح السيارة لكل عائلة وكيف أنه تم التركيز على تصريح مفاده أن هذا المقترح سيشجع الشباب على الزواج. وبينت أنها ستقدم مقترحات تتعلق بمرضى السكري وبتسوية الوضعيات الهشة لأنها ترى أنه لا بد من أنسنة هذا القانون، وخلصت قائلة لا للتدخل الأجنبي وكررت هذه العبارة عدة مرات لأن تونس دولة حرة مستقلة أبد الدهر.
لا للتدخل الأجنبي
وقال النائب علي زغدود عن كتلة لينتصر الشعب إنه في ظل التطورات المتلاحقة خاصة ما صدر في الساعات الأخيرة كشف مجددا حجم الصلف الأوروبي ونزعته الاستعمارية المتجددة، إذ تجرأ البرلمان الأوروبي على مناقشة الوضع الداخلي في تونس والتصويت عليه واتخاذ قرارات بشأنه وكأن تونس أصبحت ولاية تابعة أو كيانا بلا سيادة. وقال إنه يعتبر هذا التدخل عدوانا سافرا على سيادة الدولة التونسية وكرامة الشعب التونسي بما يستوجب ردا وطنيا قويا وصريحا. وأضاف أن كتلته ترى أن أول واجب في هذا الرد هو تعليق كل أشكال التعاون والوفود والتبادل مع البرلمان الأوروبي إلى أن يتوقف على هذه الممارسات الاستعلائية. وحمّل زغدود نواب الشعب مسؤولية تعبئة الرأي العام دفاعا عن سيادة تونس مهما كانت التكاليف. وذكر أنه بقدر دفاعهم في الكتلة عن كل رأي وطني معارض فإنهم يدينون بشدة كل من يتورط في الارتهان للأجنبي تحت أي مسوغ كان. وبين أنهم لا يسمحون بتكرار المآسي التي عاشتها دول عربية أخرى حين ترك الباب مفتوحا للتدخلات الأجنبية والخارجية فكان الثمن انهيار الدولة وضياع القرار الوطني. وذكر أنه لن يقع السماح بذلك في تونس.
ولدى حديثه عن مشروع قانون المالية أشار زغدود إلى أن هذا القانون هو واجهة السيادة وخط الدفاع الأول، وذكر أن أول رد عملي دفاعا عن السيادة الوطنية هو أن تكون فصول هذا القانون مستجيبة لتطلعات الشعب التونسي من كادحين وفلاحين وعمال وصناعيين وموظفين ومعطلين فضلا عن الشباب والنساء والمتقاعدين فهذه الفئات الشعبية حسب وصفه هي الحصن الحقيقي الذي يحمي استقلال تونس حينما تستهدف سيادتها. وأضاف أن التونسيين يشعرون بأن معركة التحرر الاقتصادي والاجتماعي هي معركتهم وأن الدولة تقف إلى جانبهم في مواجهة البطالة والفقر والاستغلال، فبهذه الكيفية يتحولون إلى قوة لا تهزم. وخلص إلى أن التشغيل ضرورة وطنية وليس خيارا فإنهاء مأساة عشرات الآلاف من أصحاب الشهائد الجامعية ممن طالت بطالتهم لم يعد ترفا ولا مطلبا ثانويا بل أصبح ضرورة وطنية حيوية وتبعا لذلك يجب تخصيص الاعتمادات الكافية لتشغيل الدفعة الأولى منهم ودفعات السنوات الثلاث القادمة حماية لمستقبلهم ومستقبل الوطن. وتحدث النائب عن المتقاعدين الذين خدموا الدولة عقودا طويلة فهم أول من سيقف للدفاع عن سيادة تونس ومن حقهم اليوم أن يتم إنصافهم عبر إعفاء جزئي لجرايتهم من الأداء على الدخل. وأضاف أن الفلاحين هم درع السيادة الغذائية وأبطال التحرر إذ كانوا دوما عنونا للسيادة وفي طليعة معارك التحرر لكن اليوم يتم التنكيل بهم من فلاحي الزياتين والتمور حيث عادت شبكات الاحتكار والمافيات بقوة مما يستدعي من الحكومة التدخل العاجل، وأضاف أن كتلة لينتصر الشعب ترى أنه لا بد اتخاذ الإجراءات الضرورية لدعم الصناعات الغذائية وحمايتها وإعادة العمل بالمعاليم الديوانية المرتفعة على المواد الفلاحية الموردة وضبط قائمة في المواد الممكن توريدها بصفة استثنائية استجابة لحاجيات وطنية مع اتخاذ إجراءات لدعم قطاع زيت الزيتون منها إعفاء التخزين والتعليب من الأداءات والمعاليم وإقرار منحة استثمار لا تقل عن 25 بالمائة من الكلفة. كما أشار إلى ضرورة دعم الصناعة الوطنية وبين أنه في الوقت الذي يطالب فيه بحلول ظرفية مثل تسهيل توريد سيارة لكل عائلة يجب ألا يتم التغافل عن الحل الجذري وهو الاستثمار في الصناعة الوطنية وحمايتها وتحصينها من المنافسة الأجنبية الشرسة ويجب أن تتجه تونس حسب قوله إلى قطب للصناعات الدوائية وقطب للصناعات الغذائية وقطب للصناعات المتجددة مع تعزيز السيادة الوطنية على الثروات الطبيعية. وطالب بدعم المؤسسات الصناعية الوطنية القادرة على التشغيل وتقديم حوافز جبائية ومالية وتشجيع الاندماج في مجمعات صناعية قوية قادرة على المنافسة والتطور، كما شدد زغدود على ضرورة التركيز على الاقتصاد الرقمي بوصفة مجالا سياديا جديدا فالنهوض به لم يعد خيارا بل أصبح ضرورة سيادية عبر محاضن أعمال وشركات ناشئة تمولها الدولة جزئيا وصناديق الاستثمار الوطنية. وخلص إلى أن المعركة التي يخوضها الشعب التونسي اليوم هي معركة كسب التحدي الاقتصادي ففي صورة كسب هذه المعركة فيمكن كسب المعركة السياسية بامتياز، ويرى أنه آن الأوان لإيقاف النزيف الخطير للتداين الخارجي والداخلي. كما يجب الحد من التراخيص والبيروقراطية فهي مكامن للفساد وخصم للسيادة. وذكر أنه على كل طرف أن يحدد موقعه فإما في صف الشعب والتنمية أو في صف الاستعمار وأعوانه من لوبيات مالية وبنكية. وفي علاقة بالبنوك بين أنه يجب إنهاء حالة التمرد البنكي وإلغاء التراخيص أو تقليص عددها مع تبسيط الإجراءات وتقليص الآجال على مستوى الجباية والديوانة والسجل التجاري مع تقديم حوافز للمشاريع المرتبطة بالتشغيل والتصدير. وقال إن هذه المعركة هي معركة الشعب التونسي بأسره لحماية السيادة في مواجهة كل أشكال الابتزاز، وذكر أنه من واجب البرلمان أن يمكن كل قوى الشعب من المشاركة الفعلية في بناء دولة قوية وعادلة منتجة وذات سيادة لا تخترق ولا تبتز.
بين الشعارات والواقع
وقال النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي عبد الرزاق عويدات إن كتلته تثمن الشعارات التي قامت عليها ميزانية 2026 مثل التعويل على الذات والتشغيل والدور الاجتماعي للدولة لكن البرامج المقترحة ضمن مشروع قانون المالية لا يمكن أن تحقق تلك الشعارات فعلى مستوى التعويل على الذات فإن 91 بالمائة من الميزانية متأت من الضرائب وفي صورة التعويل على الذات يجب دعم الاستثمار في استخراج الثروات الطبيعية مثل جبس وفسفاط ورخام مع اقتراح القيام بإصلاح شامل لمؤسسة عمومية أو ديوان. وأضاف أن الحديث عن الدور الاجتماعي للدولة يقتضي تحقيق الرعاية الاجتماعية وهذه الرعاية لا تتم في مناسبات ظرفية بل يجب تحسين أداء المؤسسات العمومية في التعليم والصحة والنقل فهي التي تقدم الخدمات العمومية التي يحتاجها المواطن.
وقال النائب عماد أولاد جبريل إن أي مقترح إضافي لمشروع قانون المالية لسنة 2026 يكون في صالح الشعب سيتم التصويت عليه بنعم دون نقاش ولكن أي مقترح من شأنه أن يثقل كاهل المواطن والشعب فهو مرفوض. وبين أن جميع التعديلات التي سيتم إدخالها على المشروع خلال الجلسة العامة يجب أن تمر عبر نواب الشعب وقال لا للمفاوضات ولا للبيع والشراء ويرى أنه من غير المقبول عند تمرير إعفاء ديواني للفلاح لكي يقتني معدات فلاحية أن يأتي من يشكك في أن الفلاح سيبيع الجرار، وبين أنه حتى وإن باعه فسيشتريه فلاح آخر.
وشدد النائب على أن مقترح السيارة لكل عائلة سيمر كما أن المقترحات التي تمت إضافتها من قبل النواب لفائدة المتقاعدين والفلاحين والفئات الهشة كلها ستمر ولا مجال لجلسة مفاوضات مع وزارة المالية وأشار إلى الامتيازات الكبيرة التي يتمتع بها أعوان المالية، وبين أنه لن يقبل التعلات الواهية التي يتم تقديمها من أجل عدم تمرير الفصول التي هي في صالح الشعب والفصول التي تهم الشركات الصغرى والمتوسطة فالنواب هم أصحاب القرار وفسر أن تقديرات كلفة المقترحات الإضافية التي تقدم بها النواب لا تتجاوز أربعة آلاف مليار وبين أنه يمكن تمريرها حتى يشعر الشعب بتحسن ملموس في واقعه المعيشي وقال :»نحن مع كل المقترحات التي تهم الشعب».
تقرير مشترك
وقبل الشروع في النقاش العام لمشروع قانون المالية لسنة 2026 استعرضت لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب التي يرأسها عبد الجليل الهاني بمعية لجنة المالية والميزانية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم التي يرأسها سليم سالم تقريرا مشتركا حول هذا المشروع،
وبين الهاني أنه تم عقد 13 جلسة عمل مشتركة تواصلت 80 ساعة خصصت أولها للاستماع إلى وزيرة المالية، كما تم بعد ذلك الاستماع إلى ممثلي عديد المنظمات والجمعيات الذين قدموا قراءاتهم في المشروع واقترحوا عديد التعديلات والإضافات وتم أخذ بعضها بعين الاعتبار ونقاشها كما تم فتح الباب لأعضاء المجلسين لتقديم مقترحاتهم التعديلية والإضافية قبل الانطلاق في نقاش الفصول فصلا فصلا. وأشار إلى أنه تم عقد جلستين مع رؤساء الكتل وممثلي غير المنتمين إلى كتل للاتفاق حول طريقة عمل لترشيد عملية تقديم المقترحات التعديلية لتجنيب اللجنة والجلسة العامة النظر في زخم كبير منها مثلما تم سابقا. وأضاف أنه أمام العدد الكبير للمقترحات المقدمة للجنة من قبل النواب تبين بعد الإطلاع عليها أنها لا تعود إلى كتل نيابية بعينها بل تم تبنيها من قبل نواب من مختلف الكتل ومن غير المنتمين إلى كتل لذلك ارتأى مكتب اللجنة عقد جلسة ثانية مع رؤساء الكتل وممثلي غير المنتمين إلى كتل لإيجاد صيغة توافقية حول كيفية التعاطي مع تلك المقترحات نظرا لأنه لا يمكن للجنة النظر في جميعها لكثرتها من جهة ومن جهة أخرى لضيق الوقت المتاح أمامها. وفسر الهاني أنه تم التفطن إلى أن العديد من المقترحات المقدمة متشابهة إلى حد بعيد وهو ما تمت معاينته من قبل ممثلي النواب الذين قدموها وتم الاتفاق على تجميعها في محاور على أن تقوم اللجنة بتبنيها وعرضها على أشغال جلساتها المشتركة مع لجنة المالية والميزانية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم وهو ما حصل فعلا حيث تم الاتفاق على أربعة محاور كبرى تهم بالخصوص الجانب الاجتماعي والاقتصادي كما تم النظر في عدد من المقترحات المقدمة من قبل أعضاء لجنتي المالية بالمجلسين وإثر النظر في المشروع المقدم من قبل الحكومة تم عرض تلك المقترحات على ممثلي وزارة المالية بحضور الوزيرة لإبداء الرأي فيها وانتهت الجلسة الأخيرة بمصادقة أعضاء لجنة المالية بمجلس نواب الشعب بإجماع أعضائها الحاضرين وبمصادقة جميع أعضاء لجنة المالية والميزانية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم الحاضرين على فصول مشروع قانون المالية لسنة 2026 معدلا.
سعيدة بوهلال
+++++++++++++++++
+++++++++++++++++++++
بعضها حوّل «التوظيف بالخارج» من حلم إلى كابوس
وزير التشغيل يؤكد إحالة عشرات مكاتب التوظيف المتحيّلة على القضاء
الحصول على فرصة عمل في الخارج بطريقة قانونية وعبر مكاتب التوظيف أو وكالة التعاون الفني من الأهداف والأحلام التي يسعى لتحقيقها جزء هام من الشباب، سواء من خرّيجي الجامعة أو من خرّيجي مراكز التكوين. ولذلك، انتشرت في السنوات الأخيرة عدة مكاتب للتوظيف بالخارج. ولئن نجح بعضها في توفير فرص عمل حقيقية ومهمة لطالبي الشغل، فإن البعض الآخر لاحقته عدة تهم بالتحيّل والتلاعب بأحلام الراغبين في تحسين ظروف عيشهم، وكم من ضحايا نُسفت أحلامهم جرّاء وعود واهية قدمتها مكاتب توظيف متحيّلة كان هدفها سرقة أموالهم بعقود شغل وهمية.
وخلال الجلسة العامة المشتركة للغرفتين التشريعيتين المخصّصة لمناقشة مشروع ميزانية الوزارة لسنة 2026، عرّج وزير التشغيل والتكوين المهني رياض شّود على هذا الملف الخطير وأكد إحالة عدد من الملفات على القضاء تخص مكاتب توظيف بالخارج قامت بإيهام طالبي الشغل بعقود غير قانونية. كما أشار إلى أن الوزارة تعمل على مواجهة كل أشكال التحيل التي تستهدف الشباب الراغب في الهجرة أو العمل خارج البلاد. كما دعا وزير التشغيل طالبي الشغل إلى التحري والتثبت من قانونية مكاتب التوظيف قبل التعامل معها من خلال الرجوع إلى القائمة الرسمية المنشورة على الموقع الإلكتروني للوزارة أو عبر الإدارات الجهوية للتشغيل. وكان المدير العام للتوظيف بالخارج واليد العاملة الأجنبية بوزارة التشغيل والتكوين المهني أحمد المسعودي، في أفريل الماضي قد أكد أنه تمّت إحالة أكثر من 70 قضية على القضاء.
حيث تضبط الوزارة هذه القائمة الرسمية لمكاتب التوظيف بالخارج باعتبار أن وزارة التشغيل والتكوين المهني تتولّى من خلال الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل توجيه ومرافقة التونسيين الراغبين في العمل بالخارج، كما تقدم الوزارة معلومات عن الوكالات الخاصة المرخص لها بالتوظيف بالخارج وتصدر تحذيرات ضد التعامل مع المكاتب غير المرخص لها.
التوظيف بالخارج وتحذيرات وزارة التشغيل
منذ ما قبل الثورة، انتشرت ظاهرة مكاتب التوظيف بالخارج، ولكن في السنوات الأخيرة زاد عدد المكاتب غير القانونية بشكل لافت، وهذه المكاتب تستغل طموح وحلم بعض الشباب وتحوله إلى كابوس من خلال التجاوزات والتحيّل.
وحذّرت وزارة التشغيل في عدة مرّات سابقة من مغبّة التعامل مع هذه المكاتب، ودعت طالبي الشغل إلى التحقق من الوضعية القانونية لمكاتب التوظيف قبل التعامل معها، حيث إن الوزارة تسند تراخيص لممارسة هذا النشاط في إطار قانون 2010 الذي خلق نشاط هذه المكاتب ونظمه.
ووفق معطيات رسمية قدّمتها الوزارة، فإنه منذ بداية سنة 2010 وإلى حدود الثلاثية الأولى من سنة 2025، بلغ عدد المكاتب المرخّص لها 62 مكتبا. وهذه المكاتب تشتغل بطريقة قانونية وتحت رقابة الوزارة، إلا أن المقلق هو انتشار مكاتب التشغيل بالخارج غير المرخص لها وغير القانونية، والتي تعتمد على تقديم عروض شغل وهمية لطالبي التوظيف، خاصة نحو دول الخليج وبعض الدول الأوروبية، لقاء مبالغ مالية ضخمة. ولكن بعد ذلك قد يفاجأ مُمضي العقد عند وصوله إلى البلد الذي من المفترض أنه سيعمل فيه بأن عقد العمل غير موجود أو أن الشروط تغيّرت كليا سواء على مستوى الراتب أو المهام أو الامتيازات.
كما يتعرّض طالبو الشغل المتعاملين مع مكاتب غير قانونية إلى تجاوزات عديدة، من بينها احتجاز وثائقهم الرسمية مثل جوازات السفر مما يقيّد حريتهم في التنقل ويمنعهم من العودة إلى تونس. ووفق تصريحات سابقة لمسؤولين بوزارة التشغيل، فإن هذه المكاتب غير القانونية تطالب أحيانا بمبالغ خيالية تصل إلى 20 ألف دينار مقابل تسهيل التوظيف!
وفي أفريل الماضي، أعلنت وزارة التشغيل أنه وفي خطوة تهدف إلى الحد من هذه التجاوزات، تمّ إعداد مشروع قانون جديد بالتشاور مع كافة الأطراف المعنية، يهدف إلى تعزيز الرقابة وتوسيع صلاحيات التفقد والردع. وينص مشروع القانون المرتقب على الغلق الفوري للمكاتب غير المرخص لها وتحرير عقد وساطة بين طالب الشغل والمكتب يضمن الحقوق والالتزامات للطرفين. كما يتضمن مشروع القانون عقوبات ردعية تصل إلى 5 سنوات سجن وخطايا مالية بـ20 ألف دينار لكل مؤسسة تُبرم عقودا وهمية أو لا تتطابق مع التراتيب الجاري بها العمل مع تشديد الرقابة على التوظيف الرقمي بما فيها عروض الشغل عبر الإنترنت دون ترخيص رسمي.
وفي الجلسة البرلمانية الأخيرة، أشار وزير التشغيل إلى أن الوزارة تعمل على التقليص من نسب البطالة من خلال تنفيذ السياسة العمومية في مجال التشغيل، والتي تركز على تنشيط سوق الشغل بتقليص الفجوة بين العرض والطلب، وتحسين التشغيلية، ورفع نسبة إدماج الباحثين عن عمل، والاستجابة السريعة لحاجيات المؤسسات الاقتصادية من الكفاءات والمهارات عبر تطوير التكوين المهني باعتباره جزءا من منظومة الموارد البشرية ودعم الشركات الأهلية وريادة الأعمال للإدماج الاقتصادي والاجتماعي لجميع الفئات. وقد أكّد الوزير أن هذه الاستراتيجيات تهدف إلى دعم النمو الاقتصادي وتشجيع الشباب على الانخراط في سوق العمل بشكل فعّال بما يساهم في استقرار الوضع الاجتماعي وتحسين جودة الموارد البشرية في تونس.
وتؤكّد وزارة التشغيل كل مرة على دورها في الحدّ من الهجرة غير الشرعية عبر دعم هجرة العمل المنظمة. وفي الأشهر الأخيرة، عملت على تفعيل اتفاقيات التعاون في مجال الهجرة المنظمة مع كل من الجانب الفرنسي والإيطالي والسويسري، ولاسيما من حيث توفير فرص الشغل والتوظيف. حيث تفيد آخر معطيات رسمية أعلنتها الوزارة في 2024 أنه تم توظيف 2198 شابًا في سوق الشغل الفرنسية، دون اعتبار الذين تم توظيفهم في إطار آلية جواز كفاءات. كما تم توقيع البروتوكول التنفيذي لمذكرة التفاهم بين تونس وإيطاليا للتعاون في مجال التصرف في تدفقات الهجرة، والتي تهدف أساسا إلى تلبية حاجيات المؤسسات الإيطالية عن طريق انتداب عمال أجراء غير موسميين من الجنسية التونسية، بحصة تقدر بـ4000 عامل سنويا في العديد من القطاعات. أما في مجال التعاون التونسي السويسري، فقد تم إمضاء اتفاقية تعاون بين وزارة التشغيل والتكوين المهني والسفارة السويسرية لتنفيذ برنامج يهدف إلى توظيف 200 شاب تونسي بسويسرا في إطار الاتفاق الخاص بالشبان المهنيين، ومساعدة ما لا يقل عن 30 من الكفاءات التونسية بالخارج على إحداث مشاريع بتونس وتحسين حوكمة الهجرة.
كما أعلنت الوزارة في وقت سابق خلال جلسة نقاش برلماني أنه تم إعداد كراس شروط لوضع منصة رقمية تهم المؤسسات الخاصة للتوظيف بالخارج. وفي الأشهر الماضية، أكّد القنصل العام لفرنسا بتونس دومينيك ماس، أن أكثر من 80 % من مطالب التأشيرة التي يتقدم بها الطلبة والراغبون في العمل تحظى بالقبول، كما أكّد أن بعض التأخير في معالجة الملفات يعود إلى نقص في المعطيات أو إلى تقديم ملفات غير مكتملة.
وكانت تونس قد وقّعت اتفاقية إطارية في 31 جانفي 2025 بين وزارة التكوين المهني والتشغيل والوكالة التونسية للتعاون الفني والديوان الفرنسي للهجرة والاندماج تهدف إلى تسهيل تنقل الشباب التونسي للعمل في قطاعي النقل والخدمات اللوجستية عبر برنامج تكويني يشمل مائة شاب.
وتدعو مختلف الأطراف المعنية بهذا الملف إلى تطوير آليات الهجرة القانونية بما يضمن كرامة الأفراد ويستجيب للمعايير الدولية في مجال الشغل. حيث إن اليوم هناك فرص عمل مهمة في أوروبا وخاصة في دول تعاني من التهرّم السكاني كألمانيا، ولكن البحث من طرف الشباب عن تلك الفرص لا يجب أن يجعلهم ضحايا لمكاتب التوظيف الوهمية، حيث من الضروري التثبت لتفادي الوقوع ضحية العقود الوهمية.
ودعت الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل، طالبي الشغل الراغبين في العمل بالخارج، إلى عدم التعامل مع المكاتب الخاصة للتوظيف بالخارج غير المتحصلة على الترخيص القانوني المسلّم من الوزارة.
تحذير من مكاتب التشغيل بالخارج
وفي أوت الماضي، حذّرت الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل من المكاتب الخاصة للتوظيف بالخارج التي «تتولى نشر عروض شغل وهميّة ومغلوطة وتحمّل طالبي الشغل مبالغ مالية خاصة» وفق نصّ بلاغ نشرته الوكالة. التي أكدت أن الإطار القانوني يمنع منعا باتا تحميل المترشحين للعمل بالخارج أعباء مالية. وتأتي هذه الدعوة في إطار تقنين المؤسسات الخاصة للتوظيف بالخارج وتنظيم قطاع الوساطة وحماية طالبي الشغل من النشاط غير القانوني لبعض المكاتب الناشطة في مجال التوظيف بالخارج حسب البلاغ. كما نشرت الوكالة قائمة بأسماء المكاتب الخاصة للتوظيف بالخارج المتحصلة على الترخيص القانوني وعناوينها وأرقام هواتفها في جميع ولايات الجمهورية.
منية العرفاوي
+++++++++++++++++
+++++++++++++++++++
رئيس الغرفة الوطنية لموزعي قوارير الغاز المنزلي بالجملة لـ«الصباح»:
قوارير الغاز متوفرة.. لكن الخلل في بعض مراكز التعبئة الخاصة
يتزايد الطلب على قوارير الغاز المنزلي في ظل تواصل موجة البرد، خاصة في مناطق الشمال الغربي والوسط الغربي وبعض مناطق الجنوب، حيث تنخفض درجات الحرارة بشكل لافت ليلا. وفيما يتعلق بتوفر قوارير الغاز المنزلي، تحدثت «الصباح» مع رئيس الغرفة النقابية الوطنية لموزعي قوارير الغاز المنزلي بالجملة، محمد منيف، الذي أفادنا أن قوارير الغاز متوفرة وأن الموزعين يعملون ليلا نهارا لتوفير قوارير الغاز المنزلي من شمال تونس إلى جنوبها.
وفي سياق متصل، استدرك محمد منيف بالقول: «هناك ضغط كبير على مراكز التعبئة، حيث تمتد صفوف وطوابير شاحنات الموزعين لعدة أمتار في انتظار دورها للحصول على شحنتها من قوارير الغاز المنزلي، حتى أن البعض أصبح يقضي الليلة أمام مراكز التعبئة ليحصل على مراده». وأوضح أن بعض مراكز التعبئة، وخاصة المراكز التي تملكها شركات خاصة، تعاني من نقص في عدد العمال، مما أدى إلى تسجيل نقص في عدد القوارير المعبأة. وأضاف أن هذا الوضع أدى إلى نقص في تزويد بعض المناطق بقوارير الغاز، في ظل الإقبال الكبير على شرائها من قبل المواطنين خلال هذه الفترة، خاصة بعد انطلاق موجة البرد القوية.
وبين رئيس الغرفة النقابية الوطنية لموزعي قوارير الغاز المنزلي أن عدد مراكز تعبئة قوارير الغاز المنزلي يبلغ 7 مراكز، ثلاثة منها تابعة للشركة الوطنية «عجيل» وتتمركز في رادس وغنوش بولاية قابس، وأخرى في بنزرت، في حين أن لدى الشركات الخاصة مركزين لكل منها.
زيادة في حجم حاجياتنا شتاء
وأكد مصدرنا أن حاجيات تونس اليومية من قوارير الغاز المنزلي تتراوح بين 180 ألفا و200 ألف قارورة خلال فترة ذروة الاستهلاك، أي في فصل الشتاء، مشيرا إلى وجود خلل في بعض مراكز التعبئة، الأمر الذي يضطر الشاحنات إلى قضاء وقت طويل في انتظار دورها. وقد تسبب ذلك في نقص وصول قوارير الغاز إلى بعض المناطق، مثل بعض مناطق ولاية الكاف.
جهود الدولة
وفي هذا الصدد، قال منيف: «إن الدولة تبذل جهدًا كبيرًا لتوفير الغاز وتعبئة قوارير الغاز المنزلي حتى يصل إلى جميع مناطق البلاد». مؤكدًا على وجود جهد أكبر لتوفير الغاز إلى مناطق الشمال الغربي، التي تعدها مؤسسات الدولة من الأولويات في التزود بقوارير الغاز المنزلي، بسبب انخفاض درجات الحرارة في ولاياته.
وكشف مصدرنا أن والي الكاف قد تدخل يوم الأحد الماضي لتحويل الكميات المعبأة بمركز التعبئة ببنزرت إلى هذه الولاية لتغطية حاجيات المنطقة. وشدد على سعي الدولة لتوفير الغاز بالكميات المطلوبة، وهو ما لمسه أهل القطاع على أرض الواقع. مشيرا إلى أن المادة متوفرة، لكن المشكلة تكمن في نقص التعبئة ببعض مراكز الشركات الخاصة. وفي هذا السياق، أكد محمد منيف على ضرورة عمل مراكز التعبئة التابعة لهذه الشركات يوم الأحد لتوفير كميات إضافية لتفادي أي نقص. وأضاف أن الوضع خلال هذه الفترة جيد ومطمئن، وأن سعر قارورة الغاز بقي على حاله مراعاة للمقدرة الشرائية للمواطن. وذكر بما حدث العام الماضي، عندما تم تسجيل نقص فادح في قوارير الغاز المنزلي في عدة مناطق، مع تسجيل ضغط كبير على مراكز التعبئة.
دعوة إلى التفاعل الايجابي
في سياق آخر، لوح رئيس الغرفة النقابية الوطنية لموزعي قوارير الغاز المنزلي بالجملة، محمد منيف، باعتزام 200 موزع لقوارير الغاز المنزلي تعليق نشاطهم في موعد سيتم تحديده في الأيام القادمة. وعن أسباب هذه الخطوة، أرجعها محدثنا إلى عدم تفاعل سلطة الإشراف بشكل جاد وإيجابي مع مطالبهم، والتي تتعلق بعدم التزامها بمحضر جلسة 23 مارس 2022 المبرم بمقر وزارة التجارة وتنمية الصادرات، والمتعلق بتعديل القرار المشترك المؤرخ في 4 مارس 2022 حول تنظيم تجارة توزيع غاز البترول المسيل وبترول الإنارة. كما أشار إلى عدم صرف منحة النقل المقدرة بـ40 مليم، والمتخلدة بذمة وزارة الصناعة منذ أكثر من سنتين، بالإضافة إلى عدم برمجة زيادات في منحة التوزيع للسنتين 2023 و2024، رغم الزيادات الكبيرة في كلفة التوزيع.
وأشار إلى أن مهنيي القطاع مستاؤون من عدم استجابة سلط الإشراف، رغم العديد من المراسلات والمطالب، وعدم الجلوس على طاولة الحوار، رغم شرعية مطالبهم.
حنان قيراط
+++++++++++++++++++++++
+++++++++++++++++++++++++++
بين تونس والبنك الإفريقي للتصدير والتوريد
شراكات مُتقدّمة وآفاق واسعة للتكامل الاقتصادي
في خطوة تهدف إلى تمتين العلاقات التجارية والاقتصادية بين تونس والبنك الإفريقي للتصدير والتوريد (Afreximbank)، أدى الرئيس الجديد للبنك جورج إلومببيو زيارة إلى تونس امتدت ليومين 25 و26 نوفمبر الجاري.
وشكّلت تونس أحد المحطات البارزة التي حرص الرئيس الجديد للبنك على زيارتها في بداية عهدته بالنظر إلى أنه تسلّم مهامه رسميا على رأس هذا البنك أواخر شهر أكتوبر.
ومثّل التعاون الاقتصادي أحد أبرز نقاط اللقاءات التي جمعته في بلادنا برئيس الجمهورية قيس سعيّد وبمحافظ البنك المركزي التونسي فتحي زهير النوري.
ويبدو أن الفترة القادمة ستشهد آفاقا أكبر للشراكة بين الطرفين بالنظر إلى أن البنك يستعدّ لفتح مكتب إقليمي له في تونس، وهي الخطوة التي ثمّنها رئيس الجمهورية خلال استقباله لجورج إلومببيو، حيث أعرب عن ترحيبه باعتزام هذه المؤسسة المالية الإفريقية فتح مكتب إقليمي لها ببلادنا بما يساعد على خلق ديناميكية في الساحة المالية التونسية من خلال تطوير حجم التمويلات المتوقع منحها للمؤسّسات التونسية.
ومن المنتظر أن يشكّل هذا المولود المؤسساتي الجديد للبنك الإفريقي للتصدير والتوريد ملامح مغايرة للعلاقات التونسية الإفريقية، قوامها التكامل الاقتصادي ودفع الصادرات البينية والمساهمة الفعلية في خلق تجربة تجارية ثرية مع إفريقيا وتوسيع نطاق الفرص مع هذا الفضاء التجاري، مما يُرسّخ مكانة تونس الوازنة صلب التكتّل الإفريقي.
البنك الإفريقي للتصدير والتوريد مُموّل بارز للميزانية وللمشاريع التنموية
ويعدّ البنك الإفريقي للتصدير والتوريد أحد كبار المموّلين الأجانب للميزانية التونسية بالنظر إلى حجم القروض التي تم منحها إلى تونس، إلى جانب العديد من التدخلات التمويلية البارزة لفائدة حزمة من المشاريع.
وفي هذا الصدد، نوّه رئيس الجمهورية خلال لقائه الأخير برئيس البنك بمستوى الشراكة الاستراتيجية القائمة بين تونس والبنك الإفريقي للتصدير والتوريد، مبرزا الدّور الهام الذي يضطلع به البنك في توفير الموارد المالية اللازمة بشروط ميسّرة لدعم ميزانية الدولة وتمويل عدد من المشاريع الاقتصادية الحيوية، هذا بالإضافة إلى دوره على مستوى القارة الإفريقية في دعم التجارة البينية الإفريقية وتطويرها داخل القارّة على وجه الخصوص.
وشدّد رئيس الجمهورية على أنّ البنك يمثل شريكا أساسيا لتونس في القطاعين العام والخاص لمجابهة مختلف التحديات الاقتصادية والمالية، ورحّب بالتزام البنك بمعاضدة جهود بلادنا في دعم مشاريع بنية تحتية ضخمة وأخرى في قطاعات حيوية.
أما اللقاء الذي جمع بين محافظ البنك المركزي التونسي فتحي زهير النوري والرئيس الجديد للبنك الإفريقي للتصدير والتوريد جورج إلومببيو، فقد تم الاتفاق خلاله على مواصلة العمل المشترك وتوسيع مجالات التعاون وتعزيز حضور تونس داخل الفضاء الاقتصادي الإفريقي، إلى جانب متابعة البرامج التمويلية القائمة والمستقبلية بما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني.
وأتاح اللقاء، وفق بلاغ صدر عن البنك المركزي التونسي، الفرصة لاستعراض أبرز البرامج والآليات التي يضعها البنك على ذمة الدول الإفريقية لتعزيز التجارة البينية ودفع الاستثمار داخل القارة، وبحث سبل استفادة تونس منها على النحو الأمثل.
وفي هذا الإطار، ثمّن محافظ البنك المركزي الدور الإيجابي والمتواصل للبنك الإفريقي للتصدير والتوريد في مساندة الجهود الوطنية الرامية إلى مواجهة التحديات المالية والاقتصادية، مشددا على حرص البنك المركزي على توطيد أواصر التعاون مع هذه المؤسسة الإفريقية والارتقاء بها إلى مستويات جديدة تدعم الاستقرار والنمو الشامل والمستدام.
قدرة تونس على النفاذ إلى التمويلات الخارجية
وسعت تونس إلى رسم مسار مضيء من الانسجام المالي والاقتصادي في علاقتها بالبنك الإفريقي للتنمية. ففي أكتوبر 2024، صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية قرار مصادقة رئيس الجمهورية على قرض من البنك الإفريقي للتصدير والتوريد بقيمة 500 مليون دولار لفائدة الدولة ولحسابها.
وقبلها، جرى توقيع اتفاق قرض بقيمة 700 مليون دولار مع البنك الإفريقي للاستيراد والتصدير لتمويل ميزانية 2022، على أن فائدة هذا القرض بلغت 5.76 %، ومن المقرر سداد القرض على 7 سنوات تشمل فترة سماح لسنتين.
ويُحيل هذا التوجه من قبل البنك المذكور نحو تدعيم تعاونه المالي مع تونس إلى قدرة تونس على النفاذ إلى التمويلات الخارجية وكسب ثقة الهيئات المالية الدولية، وبناء أسس سليمة من التعاون.
ومن المهم أن يكون لتونس العديد من الشركاء الماليين الدوليين وعدم الاكتفاء بجهة واحدة، فثراء وجهة الاقتراض الخارجي يُوفّر لبلادنا صلابة إضافية للاقتصاد التونسي ويُخوّل بالتالي توفير دعم مالي خارجي أكبر، علاوة على الحفاظ على علاقات قوية مع العديد من الشركاء الماليين، من ضمنهم البنك الإفريقي للتصدير والتوريد والبنك الدولي والعديد من الهيئات المالية الأوروبية، على سبيل الذكر البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (BERD).
ويندرج توطيد العلاقات الاستراتيجية بين تونس والبنك الإفريقي للتصدير والتوريد في إطار تنويع مصادر التمويل الخارجي التي اقتصرت في السابق بدرجة كبيرة على القروض المُسندة من طرف صندوق النقد الدولي.
وقد بنى البنك الإفريقي جسورًا مميّزة من الشراكة مع العديد من المنظمات التونسية المعنية بالشأن الاقتصادي الإفريقي، من بينها مجلس الأعمال التونسي- الإفريقي، إذ جرى توقيع اتفاقية شراكة بين الجانبين في جوان 2025، ومثّل الجانب التونسي في هذه الاتفاقية ائتلاف تونس للتنمية الإفريقية المُنضوي تحت لواء مجلس الأعمال التونسي- الإفريقي.
وتهدف الاتفاقية المذكورة إلى دعم الائتلاف في تمويل مشاريع تنموية كبرى وذات تأثير واسع على مستوى القارة الإفريقية.
وشكّل توقيع هذه الاتفاقية دليلًا على ثقة البنك الإفريقي للتصدير في الخبرة التونسية، كما اعتُبر خطوة محورية لترسيخ مكانة الائتلاف كفاعل إقليمي مرجعي في تنفيذ مشاريع ذات قيمة مضافة عالية.
الاستفادة من اتفاقية «زليكاف» ومن نظام الدفع والتسوية بين البلدان الإفريقية
ورسمت تونس لانطلاقة قوية في علاقتها بدول القارة السمراء من أجل الاندماج في عمقها الإفريقي، من خلال الاستفادة من العديد من المزايا التي أطلقها البنك الإفريقي للتصدير والتوريد، حيث سبق أن بعث منطقة التجارة الحرة الإفريقية «زليكاف»، وباتت تونس أحد الركائز المحورية لهذه المنطقة من خلال التزايد الملحوظ في عمليات التصدير إلى جانب ارتفاع وتيرة إصدار شهادة المنشأ في إطار اتفاقية «زليكاف».
وكان البنك المركزي التونسي قد انضم إلى نظام الدفع والتسوية بين البلدان الإفريقية «PASS»، الذي يعدّ من البنى التحتية للسوق المالية، وهو النظام التابع للبنك الإفريقي للتصدير والتوريد ويُمكّن من تدفّق الأموال بكفاءة وأمان وسلاسة عبر الحدود الإفريقية، وتكمن مُهمته بالأساس في ربط البنوك المركزية الإفريقية.
درصاف اللموشي
++++++++++++++++
+++++++++++++++++
كشف وتعرية للذات البشرية
مشهدية بصرية مبهرة للعرض العراقي «الجدار» في أيام قرطاج المسرحية
«الجدار» عرض مسرحي عراقي للمخرج سنان العزاوي ونص حيدر جمعة ينافس ضمن خيارات المسابقة الرسمية لأيام قرطاج المسرحية (من 22 إلى 29 نوفمبر 2025). وقد استقطب عند عرضه يوم الخميس عددا كبيرا من محبي الفن الرابع والشغوفين باكتشاف تجارب معاصرة للمسرح العراقي، والذي يعتبر سنان العزاوي من الأسماء المجددة على خشبته.
يخوض صناع «جدار» تجربة فنية جمالية لافتة تغوص بجرأة في عمق مجتمعاتنا – المنطلق محلي عراقي للكاتب حيدر جمعة – والرمزية تلوّن عوالمنا الشرقية في قيودها وأعرافها... يتساءل الشخوص كما المشاهدون: هل نحن أحياء أم أموات؟ بشر أو حيوانات؟ منسوب العنف يطغى على حياة النساء كما الرجال. هم ضحايا السلطة، الجشع والفساد السياسي والأخلاقي. فمن المُدان في هذا العالم؟ الآن وهنا تتجلى إسقاطات الزمان والمكان ومخلفات الماضي في «الجدار» لسنان العزاوي.
كم هي موجعة حياة النساء في أوطاننا... تُروى قصصهن على جدار «التعري» و»البوح» في مسرحية سنان العزاوي وحيدر جمعة، عن العنف الجنسي، الاغتصاب، «السلعنة» و»زنا المحارم». عالم موحش هستيري يفتقد للقيم والإنسانية... هنا، في هذا الفضاء المسرحي، يتجاوز المتفرج حدود الفرجة ويغوص تدريجيا إلى أعماق الحكاية، فيسقط الجدار الفاصل بين الشخوص والمتفرجين. تقنيا، أجاد المخرج سحب البساط من جمهوره وسحب أرواحهم لعالمه أمام «جدار الاعتراف». كم هي مقززة هذه البشاعة التي تلوّن عالم البشر؛ لا تدرج أو تبرير أو مساحة وردية للتنفس، بل منجز فني يفرض مواجهة الذات والآخر...
على «الجدار» تتآكل النفوس وتتحرر من آلامها: نساء معنفات ورجل اغتصب طفلا ففقد هوية الانتماء، وعين تراقب هذه المشهدية لمجتمع ينخره الاستغلال الجنسي والمادي والسياسي...
يستلهم حيدر جمعة بعض الحكايات من دفاتر الماضي. إسقاطاتها موجعة واعية ومدركة، تُنسج في رؤية إخراجية وسينوغرافية وظفت جماليات السرد البصري وموسيقى العمل؛ مشهدية راقية أنيقة ومبهرة على مستوى الشكل، في تناقض عميق مع هول الحكاية كما أداء الممثلين (إدارة ممثل عالية الحرفية من قبل سنان العزاوي)، وتقنيات الإضاءة التي منحت العرض بعدا جماليا خاصا.
«الجدار» من بين المسرحيات الأكثر تميزا فنيا وتقنيا من بين عروض المسابقة الرسمية للدورة السادسة والعشرين لأيام قرطاج المسرحية. عمل متقن من حيث الجودة الفنية والتقنية، ومع ذلك نعتقد أن مدة العرض التي تتجاوز الساعتين والنصف من هنات «الجدار»، كما مسألة اختصار إشكاليات المرأة في «الأنثى» والجنس بمجتمعاتنا. نتساءل: لو أن نص حيدر جمعة تجاوز هذا الجدار وكشف عن قضايا نسوية أخرى، هل كان العمل سيقف عند نمطية صورة المرأة في علاقتها بالرجل والسلطة والأعراف؟
جدير بالذكر أن سينوغرافيا مسرحية «الجدار» بإمضاء علي السوداني، وهي من بطولة كل من:
لبوة عرب، إسراء رفعت، آلاء نجم، يحيى إبراهيم، رضاب أحمد، زمن الربيعي، رهام البياتي، نعمت عبد الحسين، ورنا لفته.
نجلاء قموع
رئيس مجلس نواب الشعب في جلسة عامة برلمانية:
التدخل في الشؤون الداخلية مرفوض
يواصل مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم خلال الأيام القادمة النظر في مشروع قانون المالية لسنة 2026 في إطار جلسة عامة مشتركة بقصر باردو، على أن تقع المصادقة عليه في أجل أقصاه يوم 10 ديسمبر 2025. وخلال النقاش العام لهذا المشروع مساء أمس بحضور وزيرة المالية مشكاة سلامة طالب أعضاء الغرفة النيابية الأولى بالتعويل على الذات والحد من الضغط الجبائي ومحاربة الاقتصاد الموازي، ودعوا إلى تسوية وضعيات التشغيل الهش وانتداب أصحاب الشهادات العليا ممن طالت بطالتهم وعبروا عن تمسكهم بمقترحات سيارة لكل عائلة وجدولة ديون الفلاحين وتخفيف الأداءات المستوجبة على جرايات المتقاعدين وغيرها. وانتقد العديد منهم مشروع القانون وبينوا أنه لا يعبر عن رغبة في تحقيق سيادة وطنية فعلية نظرا لتواصل التداين كما أنه يفتقر إلى إجراءات من شأنها أن تساهم في التشغيل والحد من التلوث البيئي.
وهناك من انتهزوا الفرصة للتنديد بالقرار الصادر عن البرلمان الأوروبي، ولم يخف النائب يوسف طرشون في هذا السياق شعوره بالألم ممن يهللون هذه الأيام فرحا بهذا القرار الذي ينم عن تدخل سافر من قبل البرلمان الأوروبي في الشأن الداخلي لتونس وفي السيادة الوطنية وأضاف ما يحزنه أكثر ليس قرار هذا البرلمان وإنما تواطؤ من يدعون أنهم أبناء هذا الوطن.. وأضاف أنه على الاتحاد الأوروبي أن يعلم أن تونس سيدة قرارها وأنه لا مجال للتدخل فيها وأن السيادة الوطنية خط أحمر وما دونها الدم وما دونها الموت حسب وصفه، وقال نحن لا نساوم في قرارنا الوطني، وأشار إلى أنه لا يوجد محتجزون سياسيون في تونس وتساءل بأي حق أن يتم تصنيف من هم على ذمة القضاء بأنهم سجناء سياسيين ولماذا في الاتحاد الأوروبي يتدخلون في تونس بعد أن عمت عيونهم عن جرائم الكيان الصهيوني وأجاب أنهم يتدخلون في الشأن التونسي لأنهم خسروا عملاءهم ويريدون استرجاعهم. ونددت النائبة فاطمة المسدي بدورها بالتدخل الأجنبي من قبل البرلمان الأوروبي في الشؤون الداخلية لتونس وأشارت إلى إعداد لائحة من قبل نواب الشعب للتنديد بهذا التدخل وطلبت عرضها على الجلسة العامة للمصادقة عليها.
الحقوق مكفولة
وقال رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة:» ليعلم الجميع أن سيادتنا الوطنية ومشاكلنا الداخلية تحل داخليا من طرف المؤسسات الرسمية وأن العقلية الاستعمارية التي مازالت تؤمن بها بعض الأطراف الأجنبية والذين لم يتحرروا إلى حد الآن من عقليتهم الاستعمارية أن ذلك العهد قد ولى وانقضى بصورة نهائية وأن تونس هذا الوطن العزيز على كل التونسيات والتونسيين حرة ونالت استقلالها بفضل من جاهدوا في سبيل ذلك وهي تمارس السيادة التامة ولن تسمح لأي طرف من الأطراف بالتدخل في شؤونها الداخلية». وبين بودربالة أنه انطلاقا مما نصت عليه أحكام الدستور والاتفاقيات التي صادقت عليها تونس فهو يؤمن بأن الفرد في تونس له اعتباره وله كرامته ولا يحاسب إلا طبق الإجراءات القانونية المكفولة من طرف المحاكم لذلك فإنه يقول لهؤلاء إذا كنتم تريدون التعامل على أساس الاحترام المتبادل فأهلا وسهلا أما إذا أردتم النظر إلى تونس بصفة فوقية فنقول لكم إن ذلك العهد ولى وانقضى، وأوضح أن ممارسة الوظائف التشريعية والتنفيذية والقضائية تتم بكل استقلالية وأن الفرد محترم وأن الحريات الشخصية والحريات العامة محترمة وأن حق التظاهر وحق الاحتجاج وحق إبداء الرأي المعارض كلها حقوق محترمة ومكفولة دستوريا وذهب رئيس المجلس إلى أبعد من ذلك وقال إن حرية الإعلام والصحافة مكفولة وما عليهم إلا الإطلاع على ما يجري في تونس لذلك فهو يجدد التأكيد على أن الشعب التونسي مدرك لحقوقه ولواجباته وخلص إلى أن ما صدر مؤخرا يعتبر من قبيل التدخل في الشؤون الداخلية وهو أمر مرفوض ولا يمكن بأي صيغة من الصيغ قبوله.
تهرب جبائي وتلاعب
النائب عن كتلة الأمانة والعمل محمد اليحياوي فبين أن الشركات المهيكلة مازالت تعاني من الضغط الجبائي وبإضافة المساهمة التضامنية فإن الضغط الجبائي يتجاوز خمسين بالمائة وفي المقابل هناك بضائع أجنبية تدخل عبر المعابر المراقبة وتضخ في السوق الموازية وهو ما ساهم في الإضرار بالمنتوج التونسي كما ان المواطن الذين يشتري من تلك البضائع يعرض نفسه إلى عقوبات عندما يتم التفطن إليه من قبل أعوان الحرس أو الديوانة . وبخصوص الشركات المصدرة كليا لاحظ النائب وجود تهرب جبائي وتلاعب حيث لا يتم تصدير البضائع ودعا إلى ضرورة المطالبة بالاستظهار بفواتير بلد التصدير واقترح على وزارة المالية تعميم الفوترة ووضع نظام موحد لغرض لمراقبة مسالك التوزيع.
ولدى حديثه عن المؤسسات العمومية بين أنه لم يقع صلب مشروع قانون المالية التطرق إلى شركة التبغ والوقيد والشركة التونسية للأنشطة البترولية. وذكر أنه طال انتظار المجلس النيابي لمجلة الاستثمار ومجلة الصرف وبين أن هناك مهندسين يعملون مع شركات أجنبية عن بعد ويجدون صعوبة في إدخال أموال من العملة الصعبة وهو ما يقتضي تمكينهم من امتيازات على غرار ما حصل سابقا مع الأطباء لضمان استقرارهم في تونس وعدم استنزاف هذه الطاقة البشرية.
وأكد النائب على ضرورة مقاومة اقتصاد الريع من خلال تحرير الاقتصاد ولو جزئيا عبر إزالة بعض الرخص والتوجه نحو كراس شروط خاصة في قطاعات لها قيمة مضافة مثل النقل والاتصالات والطاقة والاقتصاد الرقمي وغيرها. وعن رأيه في عدد من فصول مشروع قانون المالية بين أنه يتحفظ على حذف الفصل خمسين المتعلق بالضريبة التصاعدية على الثروة ودعا إلى إعادته إلى الجلسة العامة ونبه أن الفصل المتعلق بحيازة الأموال يسبب خطر شبهة تبييض أموال والتلاعب بالأموال وهو ما يقتضي إعادة النظر فيه كما يجب معالجة مشاكل الصفقات العمومية ومراجعة الأمر المنظم لها لأنه يسبب مشاكل كبيرة جدا على مستوى المؤسسات العمومية. وثمن النائب التوجهات الاجتماعية في الميزانية.
أما النائب غير المنتمي إلى كتل هشام حسني فبين أنه لا بد من الالتزام بأحكام المرسوم عدد 1 المتعلق بتنظيم العلاقات بين مجلسي نواب الشعب والجهات والأقاليم لأنه لا يحق للجنة المالية والميزانية إلغاء فصول ومنها الفصل خمسين المتعلق بالضريبة التصاعدية وهي ضريبة معمول بها في عديد الدول لتحقيق العدالة الاجتماعية، وعبر عن اعتراضه عن إلغاء الفصول الجيدة في مشروع قانون المالية مقابل إضافة فصول أخرى وقال إنه يرفض إلغاء الفصل المتعلق باللاقطات الشمسية لأنه توجد ثلاثة شركات فقط في تونس وحذف هذا الفصل الذي ينص على تخفيف ضريبي على التوريد يطرح نقطة استفهام. وثمن حسني الحد من التداين الخارجي لكنه نبه من تبعات اللجوء إلى البنك المركزي للحصول على 11 ألف مليار. وذكر أنه في صورة تمرير مقترحات التعديل التي تقدم بها النواب فقد يتطلب الأمر الترفيع في هذا المبلغ إلى 15 ألف مليار.
الأحياء الشعبية
وبين النائب عادل ضياف أن ميزانية 2026 فيها زيادة في المداخيل بنسبة خمسة فاصل واحد بالمائة مقابل زيادة في النفقات بستة فاصل ثلاثة بالمائة وهو ما يخلق عجزا في الميزانية وسيتم تسديد هذا العجز عبر اقتراض 11 ألف مليار من البنك المركزي، لكن الإيجابي في مشروع قانون المالية حسب رأيه البعد اجتماعي فهو يهدف إلى دعم الفئات الهشة والمتقاعدين وذوي الإعاقة وصغار الفلاحين كما أنه يدعم التوازن الاجتماعي وهو ما تؤكده الدولة من خلال توجهها الاجتماعي والتعويل على الذات. وأضاف أنه يوجد توجه نحو العدالة الجبائية حيث تم اقتراح ضريبة على الثروة. وطالب بإعادة التصويت على هذا الإجراء وأن العدالة الاجتماعية يجب أن تكون المحرار لهذه الدولة. ولاحظ النائب وجود دعم للاستثمار والتنمية الجهوية والمحلية فمشروع القانون صمم في إطار رؤية تنموية لفترة 2026ـ 2030 مع مراعاة التنمية المتوازنة بين الجهات والتمييز الايجابي. وهناك فيه حسب قوله إجراءات لدعم المؤسسات العمومية والمشاريع الوطنية.
وأشار ضياف في المقابل إلى أن مشروع قانون المالية يقوم في جانب منه على الضرائب وهو ما يثقل كاهل المواطنين، كما توجد هيمنة لكتلة الأجور وهو ما يحد من الاستثمار. وتحدث النائب عن الضيم الذي يشعر به المواطنون في الأحياء الشعبية ودعا إلى تحسين ظروف عيشهم وتوفير مطاعم مدرسية وملاعب ودور ثقافة وشباب يقضي فيها أبناء هذه الأحياء أوقات فراغهم وهو ما يقيهم من العنف والمخدرات وقوارب الموت.
أنسنة قانون المالية
وقالت النائبة عن كتلة الأحرار سيرين مرابط لوزيرة المالية إن النواب شخصوا الوضع وقدموا مقترحات وحلول وتساءلت لماذا لا تقع تسوية وضعيات التشغيل الهش إذا كانت هناك موارد مالية لم يقع صرفها واستغربت من تنقل البعض من منبر إعلامي إلى آخر لترذيل المقترحات التي قدمها النواب لإثراء مشروع قانون المالية ومنها مقترح السيارة لكل عائلة وكيف أنه تم التركيز على تصريح مفاده أن هذا المقترح سيشجع الشباب على الزواج. وبينت أنها ستقدم مقترحات تتعلق بمرضى السكري وبتسوية الوضعيات الهشة لأنها ترى أنه لا بد من أنسنة هذا القانون، وخلصت قائلة لا للتدخل الأجنبي وكررت هذه العبارة عدة مرات لأن تونس دولة حرة مستقلة أبد الدهر.
لا للتدخل الأجنبي
وقال النائب علي زغدود عن كتلة لينتصر الشعب إنه في ظل التطورات المتلاحقة خاصة ما صدر في الساعات الأخيرة كشف مجددا حجم الصلف الأوروبي ونزعته الاستعمارية المتجددة، إذ تجرأ البرلمان الأوروبي على مناقشة الوضع الداخلي في تونس والتصويت عليه واتخاذ قرارات بشأنه وكأن تونس أصبحت ولاية تابعة أو كيانا بلا سيادة. وقال إنه يعتبر هذا التدخل عدوانا سافرا على سيادة الدولة التونسية وكرامة الشعب التونسي بما يستوجب ردا وطنيا قويا وصريحا. وأضاف أن كتلته ترى أن أول واجب في هذا الرد هو تعليق كل أشكال التعاون والوفود والتبادل مع البرلمان الأوروبي إلى أن يتوقف على هذه الممارسات الاستعلائية. وحمّل زغدود نواب الشعب مسؤولية تعبئة الرأي العام دفاعا عن سيادة تونس مهما كانت التكاليف. وذكر أنه بقدر دفاعهم في الكتلة عن كل رأي وطني معارض فإنهم يدينون بشدة كل من يتورط في الارتهان للأجنبي تحت أي مسوغ كان. وبين أنهم لا يسمحون بتكرار المآسي التي عاشتها دول عربية أخرى حين ترك الباب مفتوحا للتدخلات الأجنبية والخارجية فكان الثمن انهيار الدولة وضياع القرار الوطني. وذكر أنه لن يقع السماح بذلك في تونس.
ولدى حديثه عن مشروع قانون المالية أشار زغدود إلى أن هذا القانون هو واجهة السيادة وخط الدفاع الأول، وذكر أن أول رد عملي دفاعا عن السيادة الوطنية هو أن تكون فصول هذا القانون مستجيبة لتطلعات الشعب التونسي من كادحين وفلاحين وعمال وصناعيين وموظفين ومعطلين فضلا عن الشباب والنساء والمتقاعدين فهذه الفئات الشعبية حسب وصفه هي الحصن الحقيقي الذي يحمي استقلال تونس حينما تستهدف سيادتها. وأضاف أن التونسيين يشعرون بأن معركة التحرر الاقتصادي والاجتماعي هي معركتهم وأن الدولة تقف إلى جانبهم في مواجهة البطالة والفقر والاستغلال، فبهذه الكيفية يتحولون إلى قوة لا تهزم. وخلص إلى أن التشغيل ضرورة وطنية وليس خيارا فإنهاء مأساة عشرات الآلاف من أصحاب الشهائد الجامعية ممن طالت بطالتهم لم يعد ترفا ولا مطلبا ثانويا بل أصبح ضرورة وطنية حيوية وتبعا لذلك يجب تخصيص الاعتمادات الكافية لتشغيل الدفعة الأولى منهم ودفعات السنوات الثلاث القادمة حماية لمستقبلهم ومستقبل الوطن. وتحدث النائب عن المتقاعدين الذين خدموا الدولة عقودا طويلة فهم أول من سيقف للدفاع عن سيادة تونس ومن حقهم اليوم أن يتم إنصافهم عبر إعفاء جزئي لجرايتهم من الأداء على الدخل. وأضاف أن الفلاحين هم درع السيادة الغذائية وأبطال التحرر إذ كانوا دوما عنونا للسيادة وفي طليعة معارك التحرر لكن اليوم يتم التنكيل بهم من فلاحي الزياتين والتمور حيث عادت شبكات الاحتكار والمافيات بقوة مما يستدعي من الحكومة التدخل العاجل، وأضاف أن كتلة لينتصر الشعب ترى أنه لا بد اتخاذ الإجراءات الضرورية لدعم الصناعات الغذائية وحمايتها وإعادة العمل بالمعاليم الديوانية المرتفعة على المواد الفلاحية الموردة وضبط قائمة في المواد الممكن توريدها بصفة استثنائية استجابة لحاجيات وطنية مع اتخاذ إجراءات لدعم قطاع زيت الزيتون منها إعفاء التخزين والتعليب من الأداءات والمعاليم وإقرار منحة استثمار لا تقل عن 25 بالمائة من الكلفة. كما أشار إلى ضرورة دعم الصناعة الوطنية وبين أنه في الوقت الذي يطالب فيه بحلول ظرفية مثل تسهيل توريد سيارة لكل عائلة يجب ألا يتم التغافل عن الحل الجذري وهو الاستثمار في الصناعة الوطنية وحمايتها وتحصينها من المنافسة الأجنبية الشرسة ويجب أن تتجه تونس حسب قوله إلى قطب للصناعات الدوائية وقطب للصناعات الغذائية وقطب للصناعات المتجددة مع تعزيز السيادة الوطنية على الثروات الطبيعية. وطالب بدعم المؤسسات الصناعية الوطنية القادرة على التشغيل وتقديم حوافز جبائية ومالية وتشجيع الاندماج في مجمعات صناعية قوية قادرة على المنافسة والتطور، كما شدد زغدود على ضرورة التركيز على الاقتصاد الرقمي بوصفة مجالا سياديا جديدا فالنهوض به لم يعد خيارا بل أصبح ضرورة سيادية عبر محاضن أعمال وشركات ناشئة تمولها الدولة جزئيا وصناديق الاستثمار الوطنية. وخلص إلى أن المعركة التي يخوضها الشعب التونسي اليوم هي معركة كسب التحدي الاقتصادي ففي صورة كسب هذه المعركة فيمكن كسب المعركة السياسية بامتياز، ويرى أنه آن الأوان لإيقاف النزيف الخطير للتداين الخارجي والداخلي. كما يجب الحد من التراخيص والبيروقراطية فهي مكامن للفساد وخصم للسيادة. وذكر أنه على كل طرف أن يحدد موقعه فإما في صف الشعب والتنمية أو في صف الاستعمار وأعوانه من لوبيات مالية وبنكية. وفي علاقة بالبنوك بين أنه يجب إنهاء حالة التمرد البنكي وإلغاء التراخيص أو تقليص عددها مع تبسيط الإجراءات وتقليص الآجال على مستوى الجباية والديوانة والسجل التجاري مع تقديم حوافز للمشاريع المرتبطة بالتشغيل والتصدير. وقال إن هذه المعركة هي معركة الشعب التونسي بأسره لحماية السيادة في مواجهة كل أشكال الابتزاز، وذكر أنه من واجب البرلمان أن يمكن كل قوى الشعب من المشاركة الفعلية في بناء دولة قوية وعادلة منتجة وذات سيادة لا تخترق ولا تبتز.
بين الشعارات والواقع
وقال النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي عبد الرزاق عويدات إن كتلته تثمن الشعارات التي قامت عليها ميزانية 2026 مثل التعويل على الذات والتشغيل والدور الاجتماعي للدولة لكن البرامج المقترحة ضمن مشروع قانون المالية لا يمكن أن تحقق تلك الشعارات فعلى مستوى التعويل على الذات فإن 91 بالمائة من الميزانية متأت من الضرائب وفي صورة التعويل على الذات يجب دعم الاستثمار في استخراج الثروات الطبيعية مثل جبس وفسفاط ورخام مع اقتراح القيام بإصلاح شامل لمؤسسة عمومية أو ديوان. وأضاف أن الحديث عن الدور الاجتماعي للدولة يقتضي تحقيق الرعاية الاجتماعية وهذه الرعاية لا تتم في مناسبات ظرفية بل يجب تحسين أداء المؤسسات العمومية في التعليم والصحة والنقل فهي التي تقدم الخدمات العمومية التي يحتاجها المواطن.
وقال النائب عماد أولاد جبريل إن أي مقترح إضافي لمشروع قانون المالية لسنة 2026 يكون في صالح الشعب سيتم التصويت عليه بنعم دون نقاش ولكن أي مقترح من شأنه أن يثقل كاهل المواطن والشعب فهو مرفوض. وبين أن جميع التعديلات التي سيتم إدخالها على المشروع خلال الجلسة العامة يجب أن تمر عبر نواب الشعب وقال لا للمفاوضات ولا للبيع والشراء ويرى أنه من غير المقبول عند تمرير إعفاء ديواني للفلاح لكي يقتني معدات فلاحية أن يأتي من يشكك في أن الفلاح سيبيع الجرار، وبين أنه حتى وإن باعه فسيشتريه فلاح آخر.
وشدد النائب على أن مقترح السيارة لكل عائلة سيمر كما أن المقترحات التي تمت إضافتها من قبل النواب لفائدة المتقاعدين والفلاحين والفئات الهشة كلها ستمر ولا مجال لجلسة مفاوضات مع وزارة المالية وأشار إلى الامتيازات الكبيرة التي يتمتع بها أعوان المالية، وبين أنه لن يقبل التعلات الواهية التي يتم تقديمها من أجل عدم تمرير الفصول التي هي في صالح الشعب والفصول التي تهم الشركات الصغرى والمتوسطة فالنواب هم أصحاب القرار وفسر أن تقديرات كلفة المقترحات الإضافية التي تقدم بها النواب لا تتجاوز أربعة آلاف مليار وبين أنه يمكن تمريرها حتى يشعر الشعب بتحسن ملموس في واقعه المعيشي وقال :»نحن مع كل المقترحات التي تهم الشعب».
تقرير مشترك
وقبل الشروع في النقاش العام لمشروع قانون المالية لسنة 2026 استعرضت لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب التي يرأسها عبد الجليل الهاني بمعية لجنة المالية والميزانية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم التي يرأسها سليم سالم تقريرا مشتركا حول هذا المشروع،
وبين الهاني أنه تم عقد 13 جلسة عمل مشتركة تواصلت 80 ساعة خصصت أولها للاستماع إلى وزيرة المالية، كما تم بعد ذلك الاستماع إلى ممثلي عديد المنظمات والجمعيات الذين قدموا قراءاتهم في المشروع واقترحوا عديد التعديلات والإضافات وتم أخذ بعضها بعين الاعتبار ونقاشها كما تم فتح الباب لأعضاء المجلسين لتقديم مقترحاتهم التعديلية والإضافية قبل الانطلاق في نقاش الفصول فصلا فصلا. وأشار إلى أنه تم عقد جلستين مع رؤساء الكتل وممثلي غير المنتمين إلى كتل للاتفاق حول طريقة عمل لترشيد عملية تقديم المقترحات التعديلية لتجنيب اللجنة والجلسة العامة النظر في زخم كبير منها مثلما تم سابقا. وأضاف أنه أمام العدد الكبير للمقترحات المقدمة للجنة من قبل النواب تبين بعد الإطلاع عليها أنها لا تعود إلى كتل نيابية بعينها بل تم تبنيها من قبل نواب من مختلف الكتل ومن غير المنتمين إلى كتل لذلك ارتأى مكتب اللجنة عقد جلسة ثانية مع رؤساء الكتل وممثلي غير المنتمين إلى كتل لإيجاد صيغة توافقية حول كيفية التعاطي مع تلك المقترحات نظرا لأنه لا يمكن للجنة النظر في جميعها لكثرتها من جهة ومن جهة أخرى لضيق الوقت المتاح أمامها. وفسر الهاني أنه تم التفطن إلى أن العديد من المقترحات المقدمة متشابهة إلى حد بعيد وهو ما تمت معاينته من قبل ممثلي النواب الذين قدموها وتم الاتفاق على تجميعها في محاور على أن تقوم اللجنة بتبنيها وعرضها على أشغال جلساتها المشتركة مع لجنة المالية والميزانية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم وهو ما حصل فعلا حيث تم الاتفاق على أربعة محاور كبرى تهم بالخصوص الجانب الاجتماعي والاقتصادي كما تم النظر في عدد من المقترحات المقدمة من قبل أعضاء لجنتي المالية بالمجلسين وإثر النظر في المشروع المقدم من قبل الحكومة تم عرض تلك المقترحات على ممثلي وزارة المالية بحضور الوزيرة لإبداء الرأي فيها وانتهت الجلسة الأخيرة بمصادقة أعضاء لجنة المالية بمجلس نواب الشعب بإجماع أعضائها الحاضرين وبمصادقة جميع أعضاء لجنة المالية والميزانية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم الحاضرين على فصول مشروع قانون المالية لسنة 2026 معدلا.
سعيدة بوهلال
+++++++++++++++++
+++++++++++++++++++++
بعضها حوّل «التوظيف بالخارج» من حلم إلى كابوس
وزير التشغيل يؤكد إحالة عشرات مكاتب التوظيف المتحيّلة على القضاء
الحصول على فرصة عمل في الخارج بطريقة قانونية وعبر مكاتب التوظيف أو وكالة التعاون الفني من الأهداف والأحلام التي يسعى لتحقيقها جزء هام من الشباب، سواء من خرّيجي الجامعة أو من خرّيجي مراكز التكوين. ولذلك، انتشرت في السنوات الأخيرة عدة مكاتب للتوظيف بالخارج. ولئن نجح بعضها في توفير فرص عمل حقيقية ومهمة لطالبي الشغل، فإن البعض الآخر لاحقته عدة تهم بالتحيّل والتلاعب بأحلام الراغبين في تحسين ظروف عيشهم، وكم من ضحايا نُسفت أحلامهم جرّاء وعود واهية قدمتها مكاتب توظيف متحيّلة كان هدفها سرقة أموالهم بعقود شغل وهمية.
وخلال الجلسة العامة المشتركة للغرفتين التشريعيتين المخصّصة لمناقشة مشروع ميزانية الوزارة لسنة 2026، عرّج وزير التشغيل والتكوين المهني رياض شّود على هذا الملف الخطير وأكد إحالة عدد من الملفات على القضاء تخص مكاتب توظيف بالخارج قامت بإيهام طالبي الشغل بعقود غير قانونية. كما أشار إلى أن الوزارة تعمل على مواجهة كل أشكال التحيل التي تستهدف الشباب الراغب في الهجرة أو العمل خارج البلاد. كما دعا وزير التشغيل طالبي الشغل إلى التحري والتثبت من قانونية مكاتب التوظيف قبل التعامل معها من خلال الرجوع إلى القائمة الرسمية المنشورة على الموقع الإلكتروني للوزارة أو عبر الإدارات الجهوية للتشغيل. وكان المدير العام للتوظيف بالخارج واليد العاملة الأجنبية بوزارة التشغيل والتكوين المهني أحمد المسعودي، في أفريل الماضي قد أكد أنه تمّت إحالة أكثر من 70 قضية على القضاء.
حيث تضبط الوزارة هذه القائمة الرسمية لمكاتب التوظيف بالخارج باعتبار أن وزارة التشغيل والتكوين المهني تتولّى من خلال الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل توجيه ومرافقة التونسيين الراغبين في العمل بالخارج، كما تقدم الوزارة معلومات عن الوكالات الخاصة المرخص لها بالتوظيف بالخارج وتصدر تحذيرات ضد التعامل مع المكاتب غير المرخص لها.
التوظيف بالخارج وتحذيرات وزارة التشغيل
منذ ما قبل الثورة، انتشرت ظاهرة مكاتب التوظيف بالخارج، ولكن في السنوات الأخيرة زاد عدد المكاتب غير القانونية بشكل لافت، وهذه المكاتب تستغل طموح وحلم بعض الشباب وتحوله إلى كابوس من خلال التجاوزات والتحيّل.
وحذّرت وزارة التشغيل في عدة مرّات سابقة من مغبّة التعامل مع هذه المكاتب، ودعت طالبي الشغل إلى التحقق من الوضعية القانونية لمكاتب التوظيف قبل التعامل معها، حيث إن الوزارة تسند تراخيص لممارسة هذا النشاط في إطار قانون 2010 الذي خلق نشاط هذه المكاتب ونظمه.
ووفق معطيات رسمية قدّمتها الوزارة، فإنه منذ بداية سنة 2010 وإلى حدود الثلاثية الأولى من سنة 2025، بلغ عدد المكاتب المرخّص لها 62 مكتبا. وهذه المكاتب تشتغل بطريقة قانونية وتحت رقابة الوزارة، إلا أن المقلق هو انتشار مكاتب التشغيل بالخارج غير المرخص لها وغير القانونية، والتي تعتمد على تقديم عروض شغل وهمية لطالبي التوظيف، خاصة نحو دول الخليج وبعض الدول الأوروبية، لقاء مبالغ مالية ضخمة. ولكن بعد ذلك قد يفاجأ مُمضي العقد عند وصوله إلى البلد الذي من المفترض أنه سيعمل فيه بأن عقد العمل غير موجود أو أن الشروط تغيّرت كليا سواء على مستوى الراتب أو المهام أو الامتيازات.
كما يتعرّض طالبو الشغل المتعاملين مع مكاتب غير قانونية إلى تجاوزات عديدة، من بينها احتجاز وثائقهم الرسمية مثل جوازات السفر مما يقيّد حريتهم في التنقل ويمنعهم من العودة إلى تونس. ووفق تصريحات سابقة لمسؤولين بوزارة التشغيل، فإن هذه المكاتب غير القانونية تطالب أحيانا بمبالغ خيالية تصل إلى 20 ألف دينار مقابل تسهيل التوظيف!
وفي أفريل الماضي، أعلنت وزارة التشغيل أنه وفي خطوة تهدف إلى الحد من هذه التجاوزات، تمّ إعداد مشروع قانون جديد بالتشاور مع كافة الأطراف المعنية، يهدف إلى تعزيز الرقابة وتوسيع صلاحيات التفقد والردع. وينص مشروع القانون المرتقب على الغلق الفوري للمكاتب غير المرخص لها وتحرير عقد وساطة بين طالب الشغل والمكتب يضمن الحقوق والالتزامات للطرفين. كما يتضمن مشروع القانون عقوبات ردعية تصل إلى 5 سنوات سجن وخطايا مالية بـ20 ألف دينار لكل مؤسسة تُبرم عقودا وهمية أو لا تتطابق مع التراتيب الجاري بها العمل مع تشديد الرقابة على التوظيف الرقمي بما فيها عروض الشغل عبر الإنترنت دون ترخيص رسمي.
وفي الجلسة البرلمانية الأخيرة، أشار وزير التشغيل إلى أن الوزارة تعمل على التقليص من نسب البطالة من خلال تنفيذ السياسة العمومية في مجال التشغيل، والتي تركز على تنشيط سوق الشغل بتقليص الفجوة بين العرض والطلب، وتحسين التشغيلية، ورفع نسبة إدماج الباحثين عن عمل، والاستجابة السريعة لحاجيات المؤسسات الاقتصادية من الكفاءات والمهارات عبر تطوير التكوين المهني باعتباره جزءا من منظومة الموارد البشرية ودعم الشركات الأهلية وريادة الأعمال للإدماج الاقتصادي والاجتماعي لجميع الفئات. وقد أكّد الوزير أن هذه الاستراتيجيات تهدف إلى دعم النمو الاقتصادي وتشجيع الشباب على الانخراط في سوق العمل بشكل فعّال بما يساهم في استقرار الوضع الاجتماعي وتحسين جودة الموارد البشرية في تونس.
وتؤكّد وزارة التشغيل كل مرة على دورها في الحدّ من الهجرة غير الشرعية عبر دعم هجرة العمل المنظمة. وفي الأشهر الأخيرة، عملت على تفعيل اتفاقيات التعاون في مجال الهجرة المنظمة مع كل من الجانب الفرنسي والإيطالي والسويسري، ولاسيما من حيث توفير فرص الشغل والتوظيف. حيث تفيد آخر معطيات رسمية أعلنتها الوزارة في 2024 أنه تم توظيف 2198 شابًا في سوق الشغل الفرنسية، دون اعتبار الذين تم توظيفهم في إطار آلية جواز كفاءات. كما تم توقيع البروتوكول التنفيذي لمذكرة التفاهم بين تونس وإيطاليا للتعاون في مجال التصرف في تدفقات الهجرة، والتي تهدف أساسا إلى تلبية حاجيات المؤسسات الإيطالية عن طريق انتداب عمال أجراء غير موسميين من الجنسية التونسية، بحصة تقدر بـ4000 عامل سنويا في العديد من القطاعات. أما في مجال التعاون التونسي السويسري، فقد تم إمضاء اتفاقية تعاون بين وزارة التشغيل والتكوين المهني والسفارة السويسرية لتنفيذ برنامج يهدف إلى توظيف 200 شاب تونسي بسويسرا في إطار الاتفاق الخاص بالشبان المهنيين، ومساعدة ما لا يقل عن 30 من الكفاءات التونسية بالخارج على إحداث مشاريع بتونس وتحسين حوكمة الهجرة.
كما أعلنت الوزارة في وقت سابق خلال جلسة نقاش برلماني أنه تم إعداد كراس شروط لوضع منصة رقمية تهم المؤسسات الخاصة للتوظيف بالخارج. وفي الأشهر الماضية، أكّد القنصل العام لفرنسا بتونس دومينيك ماس، أن أكثر من 80 % من مطالب التأشيرة التي يتقدم بها الطلبة والراغبون في العمل تحظى بالقبول، كما أكّد أن بعض التأخير في معالجة الملفات يعود إلى نقص في المعطيات أو إلى تقديم ملفات غير مكتملة.
وكانت تونس قد وقّعت اتفاقية إطارية في 31 جانفي 2025 بين وزارة التكوين المهني والتشغيل والوكالة التونسية للتعاون الفني والديوان الفرنسي للهجرة والاندماج تهدف إلى تسهيل تنقل الشباب التونسي للعمل في قطاعي النقل والخدمات اللوجستية عبر برنامج تكويني يشمل مائة شاب.
وتدعو مختلف الأطراف المعنية بهذا الملف إلى تطوير آليات الهجرة القانونية بما يضمن كرامة الأفراد ويستجيب للمعايير الدولية في مجال الشغل. حيث إن اليوم هناك فرص عمل مهمة في أوروبا وخاصة في دول تعاني من التهرّم السكاني كألمانيا، ولكن البحث من طرف الشباب عن تلك الفرص لا يجب أن يجعلهم ضحايا لمكاتب التوظيف الوهمية، حيث من الضروري التثبت لتفادي الوقوع ضحية العقود الوهمية.
ودعت الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل، طالبي الشغل الراغبين في العمل بالخارج، إلى عدم التعامل مع المكاتب الخاصة للتوظيف بالخارج غير المتحصلة على الترخيص القانوني المسلّم من الوزارة.
تحذير من مكاتب التشغيل بالخارج
وفي أوت الماضي، حذّرت الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل من المكاتب الخاصة للتوظيف بالخارج التي «تتولى نشر عروض شغل وهميّة ومغلوطة وتحمّل طالبي الشغل مبالغ مالية خاصة» وفق نصّ بلاغ نشرته الوكالة. التي أكدت أن الإطار القانوني يمنع منعا باتا تحميل المترشحين للعمل بالخارج أعباء مالية. وتأتي هذه الدعوة في إطار تقنين المؤسسات الخاصة للتوظيف بالخارج وتنظيم قطاع الوساطة وحماية طالبي الشغل من النشاط غير القانوني لبعض المكاتب الناشطة في مجال التوظيف بالخارج حسب البلاغ. كما نشرت الوكالة قائمة بأسماء المكاتب الخاصة للتوظيف بالخارج المتحصلة على الترخيص القانوني وعناوينها وأرقام هواتفها في جميع ولايات الجمهورية.
منية العرفاوي
+++++++++++++++++
+++++++++++++++++++
رئيس الغرفة الوطنية لموزعي قوارير الغاز المنزلي بالجملة لـ«الصباح»:
قوارير الغاز متوفرة.. لكن الخلل في بعض مراكز التعبئة الخاصة
يتزايد الطلب على قوارير الغاز المنزلي في ظل تواصل موجة البرد، خاصة في مناطق الشمال الغربي والوسط الغربي وبعض مناطق الجنوب، حيث تنخفض درجات الحرارة بشكل لافت ليلا. وفيما يتعلق بتوفر قوارير الغاز المنزلي، تحدثت «الصباح» مع رئيس الغرفة النقابية الوطنية لموزعي قوارير الغاز المنزلي بالجملة، محمد منيف، الذي أفادنا أن قوارير الغاز متوفرة وأن الموزعين يعملون ليلا نهارا لتوفير قوارير الغاز المنزلي من شمال تونس إلى جنوبها.
وفي سياق متصل، استدرك محمد منيف بالقول: «هناك ضغط كبير على مراكز التعبئة، حيث تمتد صفوف وطوابير شاحنات الموزعين لعدة أمتار في انتظار دورها للحصول على شحنتها من قوارير الغاز المنزلي، حتى أن البعض أصبح يقضي الليلة أمام مراكز التعبئة ليحصل على مراده». وأوضح أن بعض مراكز التعبئة، وخاصة المراكز التي تملكها شركات خاصة، تعاني من نقص في عدد العمال، مما أدى إلى تسجيل نقص في عدد القوارير المعبأة. وأضاف أن هذا الوضع أدى إلى نقص في تزويد بعض المناطق بقوارير الغاز، في ظل الإقبال الكبير على شرائها من قبل المواطنين خلال هذه الفترة، خاصة بعد انطلاق موجة البرد القوية.
وبين رئيس الغرفة النقابية الوطنية لموزعي قوارير الغاز المنزلي أن عدد مراكز تعبئة قوارير الغاز المنزلي يبلغ 7 مراكز، ثلاثة منها تابعة للشركة الوطنية «عجيل» وتتمركز في رادس وغنوش بولاية قابس، وأخرى في بنزرت، في حين أن لدى الشركات الخاصة مركزين لكل منها.
زيادة في حجم حاجياتنا شتاء
وأكد مصدرنا أن حاجيات تونس اليومية من قوارير الغاز المنزلي تتراوح بين 180 ألفا و200 ألف قارورة خلال فترة ذروة الاستهلاك، أي في فصل الشتاء، مشيرا إلى وجود خلل في بعض مراكز التعبئة، الأمر الذي يضطر الشاحنات إلى قضاء وقت طويل في انتظار دورها. وقد تسبب ذلك في نقص وصول قوارير الغاز إلى بعض المناطق، مثل بعض مناطق ولاية الكاف.
جهود الدولة
وفي هذا الصدد، قال منيف: «إن الدولة تبذل جهدًا كبيرًا لتوفير الغاز وتعبئة قوارير الغاز المنزلي حتى يصل إلى جميع مناطق البلاد». مؤكدًا على وجود جهد أكبر لتوفير الغاز إلى مناطق الشمال الغربي، التي تعدها مؤسسات الدولة من الأولويات في التزود بقوارير الغاز المنزلي، بسبب انخفاض درجات الحرارة في ولاياته.
وكشف مصدرنا أن والي الكاف قد تدخل يوم الأحد الماضي لتحويل الكميات المعبأة بمركز التعبئة ببنزرت إلى هذه الولاية لتغطية حاجيات المنطقة. وشدد على سعي الدولة لتوفير الغاز بالكميات المطلوبة، وهو ما لمسه أهل القطاع على أرض الواقع. مشيرا إلى أن المادة متوفرة، لكن المشكلة تكمن في نقص التعبئة ببعض مراكز الشركات الخاصة. وفي هذا السياق، أكد محمد منيف على ضرورة عمل مراكز التعبئة التابعة لهذه الشركات يوم الأحد لتوفير كميات إضافية لتفادي أي نقص. وأضاف أن الوضع خلال هذه الفترة جيد ومطمئن، وأن سعر قارورة الغاز بقي على حاله مراعاة للمقدرة الشرائية للمواطن. وذكر بما حدث العام الماضي، عندما تم تسجيل نقص فادح في قوارير الغاز المنزلي في عدة مناطق، مع تسجيل ضغط كبير على مراكز التعبئة.
دعوة إلى التفاعل الايجابي
في سياق آخر، لوح رئيس الغرفة النقابية الوطنية لموزعي قوارير الغاز المنزلي بالجملة، محمد منيف، باعتزام 200 موزع لقوارير الغاز المنزلي تعليق نشاطهم في موعد سيتم تحديده في الأيام القادمة. وعن أسباب هذه الخطوة، أرجعها محدثنا إلى عدم تفاعل سلطة الإشراف بشكل جاد وإيجابي مع مطالبهم، والتي تتعلق بعدم التزامها بمحضر جلسة 23 مارس 2022 المبرم بمقر وزارة التجارة وتنمية الصادرات، والمتعلق بتعديل القرار المشترك المؤرخ في 4 مارس 2022 حول تنظيم تجارة توزيع غاز البترول المسيل وبترول الإنارة. كما أشار إلى عدم صرف منحة النقل المقدرة بـ40 مليم، والمتخلدة بذمة وزارة الصناعة منذ أكثر من سنتين، بالإضافة إلى عدم برمجة زيادات في منحة التوزيع للسنتين 2023 و2024، رغم الزيادات الكبيرة في كلفة التوزيع.
وأشار إلى أن مهنيي القطاع مستاؤون من عدم استجابة سلط الإشراف، رغم العديد من المراسلات والمطالب، وعدم الجلوس على طاولة الحوار، رغم شرعية مطالبهم.
حنان قيراط
+++++++++++++++++++++++
+++++++++++++++++++++++++++
بين تونس والبنك الإفريقي للتصدير والتوريد
شراكات مُتقدّمة وآفاق واسعة للتكامل الاقتصادي
في خطوة تهدف إلى تمتين العلاقات التجارية والاقتصادية بين تونس والبنك الإفريقي للتصدير والتوريد (Afreximbank)، أدى الرئيس الجديد للبنك جورج إلومببيو زيارة إلى تونس امتدت ليومين 25 و26 نوفمبر الجاري.
وشكّلت تونس أحد المحطات البارزة التي حرص الرئيس الجديد للبنك على زيارتها في بداية عهدته بالنظر إلى أنه تسلّم مهامه رسميا على رأس هذا البنك أواخر شهر أكتوبر.
ومثّل التعاون الاقتصادي أحد أبرز نقاط اللقاءات التي جمعته في بلادنا برئيس الجمهورية قيس سعيّد وبمحافظ البنك المركزي التونسي فتحي زهير النوري.
ويبدو أن الفترة القادمة ستشهد آفاقا أكبر للشراكة بين الطرفين بالنظر إلى أن البنك يستعدّ لفتح مكتب إقليمي له في تونس، وهي الخطوة التي ثمّنها رئيس الجمهورية خلال استقباله لجورج إلومببيو، حيث أعرب عن ترحيبه باعتزام هذه المؤسسة المالية الإفريقية فتح مكتب إقليمي لها ببلادنا بما يساعد على خلق ديناميكية في الساحة المالية التونسية من خلال تطوير حجم التمويلات المتوقع منحها للمؤسّسات التونسية.
ومن المنتظر أن يشكّل هذا المولود المؤسساتي الجديد للبنك الإفريقي للتصدير والتوريد ملامح مغايرة للعلاقات التونسية الإفريقية، قوامها التكامل الاقتصادي ودفع الصادرات البينية والمساهمة الفعلية في خلق تجربة تجارية ثرية مع إفريقيا وتوسيع نطاق الفرص مع هذا الفضاء التجاري، مما يُرسّخ مكانة تونس الوازنة صلب التكتّل الإفريقي.
البنك الإفريقي للتصدير والتوريد مُموّل بارز للميزانية وللمشاريع التنموية
ويعدّ البنك الإفريقي للتصدير والتوريد أحد كبار المموّلين الأجانب للميزانية التونسية بالنظر إلى حجم القروض التي تم منحها إلى تونس، إلى جانب العديد من التدخلات التمويلية البارزة لفائدة حزمة من المشاريع.
وفي هذا الصدد، نوّه رئيس الجمهورية خلال لقائه الأخير برئيس البنك بمستوى الشراكة الاستراتيجية القائمة بين تونس والبنك الإفريقي للتصدير والتوريد، مبرزا الدّور الهام الذي يضطلع به البنك في توفير الموارد المالية اللازمة بشروط ميسّرة لدعم ميزانية الدولة وتمويل عدد من المشاريع الاقتصادية الحيوية، هذا بالإضافة إلى دوره على مستوى القارة الإفريقية في دعم التجارة البينية الإفريقية وتطويرها داخل القارّة على وجه الخصوص.
وشدّد رئيس الجمهورية على أنّ البنك يمثل شريكا أساسيا لتونس في القطاعين العام والخاص لمجابهة مختلف التحديات الاقتصادية والمالية، ورحّب بالتزام البنك بمعاضدة جهود بلادنا في دعم مشاريع بنية تحتية ضخمة وأخرى في قطاعات حيوية.
أما اللقاء الذي جمع بين محافظ البنك المركزي التونسي فتحي زهير النوري والرئيس الجديد للبنك الإفريقي للتصدير والتوريد جورج إلومببيو، فقد تم الاتفاق خلاله على مواصلة العمل المشترك وتوسيع مجالات التعاون وتعزيز حضور تونس داخل الفضاء الاقتصادي الإفريقي، إلى جانب متابعة البرامج التمويلية القائمة والمستقبلية بما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني.
وأتاح اللقاء، وفق بلاغ صدر عن البنك المركزي التونسي، الفرصة لاستعراض أبرز البرامج والآليات التي يضعها البنك على ذمة الدول الإفريقية لتعزيز التجارة البينية ودفع الاستثمار داخل القارة، وبحث سبل استفادة تونس منها على النحو الأمثل.
وفي هذا الإطار، ثمّن محافظ البنك المركزي الدور الإيجابي والمتواصل للبنك الإفريقي للتصدير والتوريد في مساندة الجهود الوطنية الرامية إلى مواجهة التحديات المالية والاقتصادية، مشددا على حرص البنك المركزي على توطيد أواصر التعاون مع هذه المؤسسة الإفريقية والارتقاء بها إلى مستويات جديدة تدعم الاستقرار والنمو الشامل والمستدام.
قدرة تونس على النفاذ إلى التمويلات الخارجية
وسعت تونس إلى رسم مسار مضيء من الانسجام المالي والاقتصادي في علاقتها بالبنك الإفريقي للتنمية. ففي أكتوبر 2024، صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية قرار مصادقة رئيس الجمهورية على قرض من البنك الإفريقي للتصدير والتوريد بقيمة 500 مليون دولار لفائدة الدولة ولحسابها.
وقبلها، جرى توقيع اتفاق قرض بقيمة 700 مليون دولار مع البنك الإفريقي للاستيراد والتصدير لتمويل ميزانية 2022، على أن فائدة هذا القرض بلغت 5.76 %، ومن المقرر سداد القرض على 7 سنوات تشمل فترة سماح لسنتين.
ويُحيل هذا التوجه من قبل البنك المذكور نحو تدعيم تعاونه المالي مع تونس إلى قدرة تونس على النفاذ إلى التمويلات الخارجية وكسب ثقة الهيئات المالية الدولية، وبناء أسس سليمة من التعاون.
ومن المهم أن يكون لتونس العديد من الشركاء الماليين الدوليين وعدم الاكتفاء بجهة واحدة، فثراء وجهة الاقتراض الخارجي يُوفّر لبلادنا صلابة إضافية للاقتصاد التونسي ويُخوّل بالتالي توفير دعم مالي خارجي أكبر، علاوة على الحفاظ على علاقات قوية مع العديد من الشركاء الماليين، من ضمنهم البنك الإفريقي للتصدير والتوريد والبنك الدولي والعديد من الهيئات المالية الأوروبية، على سبيل الذكر البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (BERD).
ويندرج توطيد العلاقات الاستراتيجية بين تونس والبنك الإفريقي للتصدير والتوريد في إطار تنويع مصادر التمويل الخارجي التي اقتصرت في السابق بدرجة كبيرة على القروض المُسندة من طرف صندوق النقد الدولي.
وقد بنى البنك الإفريقي جسورًا مميّزة من الشراكة مع العديد من المنظمات التونسية المعنية بالشأن الاقتصادي الإفريقي، من بينها مجلس الأعمال التونسي- الإفريقي، إذ جرى توقيع اتفاقية شراكة بين الجانبين في جوان 2025، ومثّل الجانب التونسي في هذه الاتفاقية ائتلاف تونس للتنمية الإفريقية المُنضوي تحت لواء مجلس الأعمال التونسي- الإفريقي.
وتهدف الاتفاقية المذكورة إلى دعم الائتلاف في تمويل مشاريع تنموية كبرى وذات تأثير واسع على مستوى القارة الإفريقية.
وشكّل توقيع هذه الاتفاقية دليلًا على ثقة البنك الإفريقي للتصدير في الخبرة التونسية، كما اعتُبر خطوة محورية لترسيخ مكانة الائتلاف كفاعل إقليمي مرجعي في تنفيذ مشاريع ذات قيمة مضافة عالية.
الاستفادة من اتفاقية «زليكاف» ومن نظام الدفع والتسوية بين البلدان الإفريقية
ورسمت تونس لانطلاقة قوية في علاقتها بدول القارة السمراء من أجل الاندماج في عمقها الإفريقي، من خلال الاستفادة من العديد من المزايا التي أطلقها البنك الإفريقي للتصدير والتوريد، حيث سبق أن بعث منطقة التجارة الحرة الإفريقية «زليكاف»، وباتت تونس أحد الركائز المحورية لهذه المنطقة من خلال التزايد الملحوظ في عمليات التصدير إلى جانب ارتفاع وتيرة إصدار شهادة المنشأ في إطار اتفاقية «زليكاف».
وكان البنك المركزي التونسي قد انضم إلى نظام الدفع والتسوية بين البلدان الإفريقية «PASS»، الذي يعدّ من البنى التحتية للسوق المالية، وهو النظام التابع للبنك الإفريقي للتصدير والتوريد ويُمكّن من تدفّق الأموال بكفاءة وأمان وسلاسة عبر الحدود الإفريقية، وتكمن مُهمته بالأساس في ربط البنوك المركزية الإفريقية.
درصاف اللموشي
++++++++++++++++
+++++++++++++++++
كشف وتعرية للذات البشرية
مشهدية بصرية مبهرة للعرض العراقي «الجدار» في أيام قرطاج المسرحية
«الجدار» عرض مسرحي عراقي للمخرج سنان العزاوي ونص حيدر جمعة ينافس ضمن خيارات المسابقة الرسمية لأيام قرطاج المسرحية (من 22 إلى 29 نوفمبر 2025). وقد استقطب عند عرضه يوم الخميس عددا كبيرا من محبي الفن الرابع والشغوفين باكتشاف تجارب معاصرة للمسرح العراقي، والذي يعتبر سنان العزاوي من الأسماء المجددة على خشبته.
يخوض صناع «جدار» تجربة فنية جمالية لافتة تغوص بجرأة في عمق مجتمعاتنا – المنطلق محلي عراقي للكاتب حيدر جمعة – والرمزية تلوّن عوالمنا الشرقية في قيودها وأعرافها... يتساءل الشخوص كما المشاهدون: هل نحن أحياء أم أموات؟ بشر أو حيوانات؟ منسوب العنف يطغى على حياة النساء كما الرجال. هم ضحايا السلطة، الجشع والفساد السياسي والأخلاقي. فمن المُدان في هذا العالم؟ الآن وهنا تتجلى إسقاطات الزمان والمكان ومخلفات الماضي في «الجدار» لسنان العزاوي.
كم هي موجعة حياة النساء في أوطاننا... تُروى قصصهن على جدار «التعري» و»البوح» في مسرحية سنان العزاوي وحيدر جمعة، عن العنف الجنسي، الاغتصاب، «السلعنة» و»زنا المحارم». عالم موحش هستيري يفتقد للقيم والإنسانية... هنا، في هذا الفضاء المسرحي، يتجاوز المتفرج حدود الفرجة ويغوص تدريجيا إلى أعماق الحكاية، فيسقط الجدار الفاصل بين الشخوص والمتفرجين. تقنيا، أجاد المخرج سحب البساط من جمهوره وسحب أرواحهم لعالمه أمام «جدار الاعتراف». كم هي مقززة هذه البشاعة التي تلوّن عالم البشر؛ لا تدرج أو تبرير أو مساحة وردية للتنفس، بل منجز فني يفرض مواجهة الذات والآخر...
على «الجدار» تتآكل النفوس وتتحرر من آلامها: نساء معنفات ورجل اغتصب طفلا ففقد هوية الانتماء، وعين تراقب هذه المشهدية لمجتمع ينخره الاستغلال الجنسي والمادي والسياسي...
يستلهم حيدر جمعة بعض الحكايات من دفاتر الماضي. إسقاطاتها موجعة واعية ومدركة، تُنسج في رؤية إخراجية وسينوغرافية وظفت جماليات السرد البصري وموسيقى العمل؛ مشهدية راقية أنيقة ومبهرة على مستوى الشكل، في تناقض عميق مع هول الحكاية كما أداء الممثلين (إدارة ممثل عالية الحرفية من قبل سنان العزاوي)، وتقنيات الإضاءة التي منحت العرض بعدا جماليا خاصا.
«الجدار» من بين المسرحيات الأكثر تميزا فنيا وتقنيا من بين عروض المسابقة الرسمية للدورة السادسة والعشرين لأيام قرطاج المسرحية. عمل متقن من حيث الجودة الفنية والتقنية، ومع ذلك نعتقد أن مدة العرض التي تتجاوز الساعتين والنصف من هنات «الجدار»، كما مسألة اختصار إشكاليات المرأة في «الأنثى» والجنس بمجتمعاتنا. نتساءل: لو أن نص حيدر جمعة تجاوز هذا الجدار وكشف عن قضايا نسوية أخرى، هل كان العمل سيقف عند نمطية صورة المرأة في علاقتها بالرجل والسلطة والأعراف؟
جدير بالذكر أن سينوغرافيا مسرحية «الجدار» بإمضاء علي السوداني، وهي من بطولة كل من:
لبوة عرب، إسراء رفعت، آلاء نجم، يحيى إبراهيم، رضاب أحمد، زمن الربيعي، رهام البياتي، نعمت عبد الحسين، ورنا لفته.
نجلاء قموع