إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بميزانية 1.5 مليون دولار.. تونس تطلق مشروع «دعم الثقافة والتنمية المستدامة»

 

  • مسؤول برامج الثقافة باليونسكو المكتب المغاربي لـ«الصباح»: الاستفادة لن تكون حكرا على جربة بل ستشمل مواقع أخرى ضمن مسار «طريق التراث العالمي»
  • تسعة مواقع بالتراث العالمي ليست سوى جزءًا صغيرًا من ثراء التراث التونسي
  • تقديم عرض رسمي «طريق التراث لليونسكو» في 10 ديسمبر القادم المتكون من تسعة مواقع مدرجة على قائمة التراث العالمي، إلى جانب تسعة عناصر من التراث الثقافي غير المادي

تمّ أمس الثلاثاء 25 نوفمبر الجاري الإعلان الرسمي عن انطلاق مشروع «دعم دور الثقافة في التنمية المستدامة في تونس»، وهو برنامج يمتد من سنة 2025 إلى سنة 2029 ويهدف إلى تعزيز حضور البعد الثقافي ضمن السياسات الوطنية للتنمية، في خطوة تعكس وعيا متناميا بأهمية إدماج الثقافة باعتبارها موردا تنمويا لا يقل أهمية عن الموارد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. ويأتي هذا المشروع كثمرة تعاون بين منظمة اليونسكو ومؤسسة الدكتور الصادق بالسرور الكندية، بعد مسار من المشاورات تُوّج بداية بتوقيع اتفاق تعاون في نوفمبر 2024 بباريس، ثم باتفاقية شراكة أوسع أبرمت يوم 15 سبتمبر من العام الجاري بمقر اليونسكو بين مدير المكتب الإقليمي للمنظمة في المغرب العربي شرف أحميميد، والصادق بالسّرور، بحضور السفير التونسي لدى اليونسكو ضياء خالد، لتُعلن بذلك مرحلة جديدة من دعم تونس في مجالات التراث والثقافة وبميزانية تُقدّر بـ1.5 مليون دولار ستُصرف على مدى أربع سنوات، وذلك بالتنسيق الوثيق مع الهياكل الحكومية التونسية والبلديات والخبراء ومكوّنات المجتمع المدني.

ووصف مسؤول برامج الثقافة باليونسكو المكتب المغاربي كريم هنذيلي في تصريح لـ«الصباح» الخطوة التي قام بها الدكتور الصادق بالسرور بـ»البادرة الاستثنائية»، إذ قام هذا الأخير بالتوجّه مباشرة إلى اليونسكو عقب إدراج موقع جربة على قائمة التراث العالمي سنة 2023، معبرا عن رغبته في دعم جهود المنظمة في تونس. وأوضح هنذيلي أنه «اكتشف وجود تراث تونسي يحتاج إلى من يدعمه ويسهم في صونه، وهو ما دفعه إلى إطلاق إطار عمل جديد، انطلق أولًا بمشروع خاص بجربة، قبل أن يتوسع لاحقا إلى مشروع ثانٍ يشمل تونس بأكملها، بكلفة تناهز 1.5 مليون دولار على مدى أربع سنوات.»

وأشار في تصريحه إلى أن المشروع الجديد سيتناول مجموعة واسعة من الملفات المرتبطة بالتراث العالمي، وبشبكة المدن المبدعة والاقتصاد الإبداعي، إلى جانب التكوين وبناء القدرات في مجال صون التراث، مؤكدًا أنه يضم سلسلة من المبادرات المتنوعة. ولفت إلى أن خصوصية المشروع تكمن في رغبة المموّل في إسناد المبادرات القائمة أصلًا، سواء تلك التي انتهت وتحتاج إلى تحديث أو تطوير، أو التي ما تزال قيد الإنجاز ويمكن أن تحقق أثرًا أكبر بدعم إضافي.

وأضاف المتحدث أن سنة 2025 خُصّصت بالكامل للاستشارات مع المؤسسات الوطنية بهدف تحديد الأولويات. فالمبدأ الأساسي، كما قال، هو أن يستجيب المشروع لحاجيات الفاعلين ومقتضيات الواقع، مع إمكانية إطلاق مبادرات جديدة عند الحاجة، لكن دائمًا وفق ترتيب الأولويات وضبط الاحتياجات الفعلية، ليكون المشروع في نهاية المطاف دعما مباشرًا للمجهود الجماعي.

وتوقّف كريم هنذيلي عند وضعية التراث الوطني، مشيرًا إلى أن تونس — إلى جانب المغرب — هي الدولة العربية التي تمتلك أكبر عدد من مواقع التراث العالمي، بما مجموعه تسعة مواقع، معربًا عن أمله في تسجيل الموقع العاشر. لكنه شدد في الوقت ذاته على أنّ هذه المواقع التسعة ليست سوى جزءًا صغيرًا من ثراء التراث التونسي، الذي يضم مساحات شاسعة من المعالم والموروثات التي لا تزال خارج دائرة الواجهة.

وأوضح أن دور اليونسكو، سواء عبر الاتفاقيات الدولية أو عبر آليات الإدراج في قوائم التراث، يتمثل في رفع الوعي والتحسيس بأهمية هذا التراث بمختلف أشكاله، سواء كان تراثًا مادّيا أو غير مادّي، بما في ذلك تراث ما قبل التاريخ، والتراث الحديث، والتراث الصناعي، وغيرها من المجالات التي تحتاج إلى مزيد من الاهتمام. وبيّن أن المشاريع من هذا النوع لا يمكنها معالجة جميع الإشكاليات دفعة واحدة، لكنها تفتح الباب أمام مقاربة أشمل للتراث والثقافة في إطار التنمية المستدامة، وهو أساس العمل، على حد قوله.

وعند سؤاله عن «الصورة النهائية» المتوقعة عند انتهاء المشروع، أوضح كريم هنذيلي لـ»الصباح» أنه «إذا أخذنا مثلًا محور الصناعات التقليدية، فإن المشروع سيُفضي إلى الاعتراف بـ28 حرفة تقليدية ضمن قائمة التراث الوطني، مع الاعتراف بمهارة «المعلمين» الذين يمارسونها، مما يمنحهم مكانة رسمية تساعدهم على نقل خبراتهم.» وأضاف أن المشروع سيُكوّن 84 حرفيًا شابًا، بما يسمح باستمرار هذه الحرف ويمنع اندثارها، كما سيدمج نحو 30 حرفة في إطار الصون الفعلي.

أما في ما يتعلق بالتراث العالمي، فأكد أن «الاستفادة لن تكون حكرا على جربة باعتبارها الموقع المدرج حديثًا، بل ستشمل عدة مواقع أخرى ضمن مسار «طريق التراث العالمي» الذي أنجز فعلا. وفي جانب الاقتصاد الإبداعي، أوضح أن 48 مدينة وقرية تونسية بمختلف أحجامها ستشارك في مسار التفكير في دور الثقافة في التنمية الاقتصادية المحلية.» وختم بالإشارة إلى أن تغيّر المناخ أصبح اليوم جزءًا لا يتجزأ من التحديات التي تواجه الثقافة والتراث، مبينا أن تأثيراته باتت واضحة وحاضرة ضمن المشروع، وأن إدماج البعد المناخي أصبح ضروريا في كل تدخل يُعنى بالتراث والتنمية الثقافية.

ويرتكز المشروع على خمسة محاور كبرى تبدأ بحماية المعارف والحرف التقليدية المهدّدة بالاندثار، وذلك عبر برنامج شامل لتحديد المهارات المهدّدة، وتوثيقها، وتمكين حامليها من نقلها إلى الجيل الجديد من خلال ورشات تدريبية وهيكلة آليات دائمة للتوارث الثقافي، إضافة إلى الاعتراف بالأساتذة الحرفيين كـ»كنوز بشرية حيّة».

ويأتي ثانيًا محور صون التراث العالمي، الذي يتجلى في مواصلة مشروع حماية تراث جزيرة جربة المصنّف عالميا، وتطوير «مسار التراث العالمي لليونسكو في تونس» بما يجمع المواقع والأصول التراثية في مسار وطني واحد، إلى جانب دعم الجهود الإقليمية الرامية إلى حماية الأنظمة الواحية الهشّة في المنطقة المغاربية باعتبارها أنظمة بيئية وثقافية مهدّدة.

أمّا المحور الثالث فيتمثل في تكوين الشباب في مهن التراث، من خلال برامج تدريب تقنية وعلمية تُنفَّذ بالشراكة مع مؤسسات وطنية وخبراء دوليين، بهدف إعداد جيل قادر على صون التراث المادي واللامادي وفق المعايير الدولية. ويُعنى المحور الرابع بالنهوض بالاقتصاد الإبداعي عبر تعزيز برنامج شبكة المدن المبدعة لليونسكو وتشجيع البلديات التونسية على تقديم ترشحاتها، بما يتيح تحويل الثقافة والإبداع إلى رافعة للتنمية المحلية.

ويُختتم البرنامج بمحور خامس يُركّز على التوعية بدور الثقافة في التنمية المستدامة من خلال إطلاق موقع إلكتروني جديد يبرز أوجه التعاون بين اليونسكو ومؤسسة بالسرور، ويُسهِم في نشر المعرفة والتعريف بالمشاريع والأثر الثقافي والتنموي المرتبط بها.

وفي سياق أوسع ضمن مشروع «تونس وجهتنا» (Tounes wijhetouna)، يأتي «طريق التراث لليونسكو» باعتباره مقاربة مبتكرة لتعبئة الإمكانات الاقتصادية للثقافة لدعم التنمية. ويتكوّن هذا الطريق من تسعة مواقع مدرجة على قائمة التراث العالمي، إلى جانب تسعة عناصر من التراث الثقافي غير المادي. ورغم التعقيد الناجم عن تنوع طبيعة هذه المواقع بين حضرية وأثرية وطبيعية، إضافة إلى كون معظم عناصر التراث غير المادي غير مرتبطة بجهة جغرافية محددة، فإن المشروع يعمل على إبراز هذه المواقع وتعزيزها من خلال تدريب أصحاب العلاقة، وتنظيم حملات تواصل وتسويق، وتثمين التراث المادي وغير المادي المدرج على قوائم اليونسكو.

وسيستفيد من هذا المشروع مديرو المواقع، وحاملو معارف التراث غير المادي، والهيئات الوطنية للسياحة والثقافة، إضافة إلى الأدلاء السياحيين والحرفيين والمواطنين والزوار الأجانب. وتشمل عملية التثمين وضع هوية بصرية، وتصميم لافتات إرشادية، وإطلاق تطبيق رقمي، وإنتاج فيلم ترويجي ومنتجات مشتقة، مع تقديم عرض رسمي للطريق في 10 ديسمبر القادم.

ويستكمل هذا الإطار بمشروعٌ فرعيٌّ خاص بجربة يهدف إلى «إشراك الأطراف المحلية لصون التراث العالمي» المدرج تحت عنوان «جربة: شهادة على نمط استيطان إقليم جزيري»، من خلال رفع الوعي بقيمة هذا التراث وأهميته.

إيمان عبد اللطيف

بميزانية 1.5 مليون دولار..   تونس تطلق مشروع «دعم الثقافة والتنمية المستدامة»

 

  • مسؤول برامج الثقافة باليونسكو المكتب المغاربي لـ«الصباح»: الاستفادة لن تكون حكرا على جربة بل ستشمل مواقع أخرى ضمن مسار «طريق التراث العالمي»
  • تسعة مواقع بالتراث العالمي ليست سوى جزءًا صغيرًا من ثراء التراث التونسي
  • تقديم عرض رسمي «طريق التراث لليونسكو» في 10 ديسمبر القادم المتكون من تسعة مواقع مدرجة على قائمة التراث العالمي، إلى جانب تسعة عناصر من التراث الثقافي غير المادي

تمّ أمس الثلاثاء 25 نوفمبر الجاري الإعلان الرسمي عن انطلاق مشروع «دعم دور الثقافة في التنمية المستدامة في تونس»، وهو برنامج يمتد من سنة 2025 إلى سنة 2029 ويهدف إلى تعزيز حضور البعد الثقافي ضمن السياسات الوطنية للتنمية، في خطوة تعكس وعيا متناميا بأهمية إدماج الثقافة باعتبارها موردا تنمويا لا يقل أهمية عن الموارد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. ويأتي هذا المشروع كثمرة تعاون بين منظمة اليونسكو ومؤسسة الدكتور الصادق بالسرور الكندية، بعد مسار من المشاورات تُوّج بداية بتوقيع اتفاق تعاون في نوفمبر 2024 بباريس، ثم باتفاقية شراكة أوسع أبرمت يوم 15 سبتمبر من العام الجاري بمقر اليونسكو بين مدير المكتب الإقليمي للمنظمة في المغرب العربي شرف أحميميد، والصادق بالسّرور، بحضور السفير التونسي لدى اليونسكو ضياء خالد، لتُعلن بذلك مرحلة جديدة من دعم تونس في مجالات التراث والثقافة وبميزانية تُقدّر بـ1.5 مليون دولار ستُصرف على مدى أربع سنوات، وذلك بالتنسيق الوثيق مع الهياكل الحكومية التونسية والبلديات والخبراء ومكوّنات المجتمع المدني.

ووصف مسؤول برامج الثقافة باليونسكو المكتب المغاربي كريم هنذيلي في تصريح لـ«الصباح» الخطوة التي قام بها الدكتور الصادق بالسرور بـ»البادرة الاستثنائية»، إذ قام هذا الأخير بالتوجّه مباشرة إلى اليونسكو عقب إدراج موقع جربة على قائمة التراث العالمي سنة 2023، معبرا عن رغبته في دعم جهود المنظمة في تونس. وأوضح هنذيلي أنه «اكتشف وجود تراث تونسي يحتاج إلى من يدعمه ويسهم في صونه، وهو ما دفعه إلى إطلاق إطار عمل جديد، انطلق أولًا بمشروع خاص بجربة، قبل أن يتوسع لاحقا إلى مشروع ثانٍ يشمل تونس بأكملها، بكلفة تناهز 1.5 مليون دولار على مدى أربع سنوات.»

وأشار في تصريحه إلى أن المشروع الجديد سيتناول مجموعة واسعة من الملفات المرتبطة بالتراث العالمي، وبشبكة المدن المبدعة والاقتصاد الإبداعي، إلى جانب التكوين وبناء القدرات في مجال صون التراث، مؤكدًا أنه يضم سلسلة من المبادرات المتنوعة. ولفت إلى أن خصوصية المشروع تكمن في رغبة المموّل في إسناد المبادرات القائمة أصلًا، سواء تلك التي انتهت وتحتاج إلى تحديث أو تطوير، أو التي ما تزال قيد الإنجاز ويمكن أن تحقق أثرًا أكبر بدعم إضافي.

وأضاف المتحدث أن سنة 2025 خُصّصت بالكامل للاستشارات مع المؤسسات الوطنية بهدف تحديد الأولويات. فالمبدأ الأساسي، كما قال، هو أن يستجيب المشروع لحاجيات الفاعلين ومقتضيات الواقع، مع إمكانية إطلاق مبادرات جديدة عند الحاجة، لكن دائمًا وفق ترتيب الأولويات وضبط الاحتياجات الفعلية، ليكون المشروع في نهاية المطاف دعما مباشرًا للمجهود الجماعي.

وتوقّف كريم هنذيلي عند وضعية التراث الوطني، مشيرًا إلى أن تونس — إلى جانب المغرب — هي الدولة العربية التي تمتلك أكبر عدد من مواقع التراث العالمي، بما مجموعه تسعة مواقع، معربًا عن أمله في تسجيل الموقع العاشر. لكنه شدد في الوقت ذاته على أنّ هذه المواقع التسعة ليست سوى جزءًا صغيرًا من ثراء التراث التونسي، الذي يضم مساحات شاسعة من المعالم والموروثات التي لا تزال خارج دائرة الواجهة.

وأوضح أن دور اليونسكو، سواء عبر الاتفاقيات الدولية أو عبر آليات الإدراج في قوائم التراث، يتمثل في رفع الوعي والتحسيس بأهمية هذا التراث بمختلف أشكاله، سواء كان تراثًا مادّيا أو غير مادّي، بما في ذلك تراث ما قبل التاريخ، والتراث الحديث، والتراث الصناعي، وغيرها من المجالات التي تحتاج إلى مزيد من الاهتمام. وبيّن أن المشاريع من هذا النوع لا يمكنها معالجة جميع الإشكاليات دفعة واحدة، لكنها تفتح الباب أمام مقاربة أشمل للتراث والثقافة في إطار التنمية المستدامة، وهو أساس العمل، على حد قوله.

وعند سؤاله عن «الصورة النهائية» المتوقعة عند انتهاء المشروع، أوضح كريم هنذيلي لـ»الصباح» أنه «إذا أخذنا مثلًا محور الصناعات التقليدية، فإن المشروع سيُفضي إلى الاعتراف بـ28 حرفة تقليدية ضمن قائمة التراث الوطني، مع الاعتراف بمهارة «المعلمين» الذين يمارسونها، مما يمنحهم مكانة رسمية تساعدهم على نقل خبراتهم.» وأضاف أن المشروع سيُكوّن 84 حرفيًا شابًا، بما يسمح باستمرار هذه الحرف ويمنع اندثارها، كما سيدمج نحو 30 حرفة في إطار الصون الفعلي.

أما في ما يتعلق بالتراث العالمي، فأكد أن «الاستفادة لن تكون حكرا على جربة باعتبارها الموقع المدرج حديثًا، بل ستشمل عدة مواقع أخرى ضمن مسار «طريق التراث العالمي» الذي أنجز فعلا. وفي جانب الاقتصاد الإبداعي، أوضح أن 48 مدينة وقرية تونسية بمختلف أحجامها ستشارك في مسار التفكير في دور الثقافة في التنمية الاقتصادية المحلية.» وختم بالإشارة إلى أن تغيّر المناخ أصبح اليوم جزءًا لا يتجزأ من التحديات التي تواجه الثقافة والتراث، مبينا أن تأثيراته باتت واضحة وحاضرة ضمن المشروع، وأن إدماج البعد المناخي أصبح ضروريا في كل تدخل يُعنى بالتراث والتنمية الثقافية.

ويرتكز المشروع على خمسة محاور كبرى تبدأ بحماية المعارف والحرف التقليدية المهدّدة بالاندثار، وذلك عبر برنامج شامل لتحديد المهارات المهدّدة، وتوثيقها، وتمكين حامليها من نقلها إلى الجيل الجديد من خلال ورشات تدريبية وهيكلة آليات دائمة للتوارث الثقافي، إضافة إلى الاعتراف بالأساتذة الحرفيين كـ»كنوز بشرية حيّة».

ويأتي ثانيًا محور صون التراث العالمي، الذي يتجلى في مواصلة مشروع حماية تراث جزيرة جربة المصنّف عالميا، وتطوير «مسار التراث العالمي لليونسكو في تونس» بما يجمع المواقع والأصول التراثية في مسار وطني واحد، إلى جانب دعم الجهود الإقليمية الرامية إلى حماية الأنظمة الواحية الهشّة في المنطقة المغاربية باعتبارها أنظمة بيئية وثقافية مهدّدة.

أمّا المحور الثالث فيتمثل في تكوين الشباب في مهن التراث، من خلال برامج تدريب تقنية وعلمية تُنفَّذ بالشراكة مع مؤسسات وطنية وخبراء دوليين، بهدف إعداد جيل قادر على صون التراث المادي واللامادي وفق المعايير الدولية. ويُعنى المحور الرابع بالنهوض بالاقتصاد الإبداعي عبر تعزيز برنامج شبكة المدن المبدعة لليونسكو وتشجيع البلديات التونسية على تقديم ترشحاتها، بما يتيح تحويل الثقافة والإبداع إلى رافعة للتنمية المحلية.

ويُختتم البرنامج بمحور خامس يُركّز على التوعية بدور الثقافة في التنمية المستدامة من خلال إطلاق موقع إلكتروني جديد يبرز أوجه التعاون بين اليونسكو ومؤسسة بالسرور، ويُسهِم في نشر المعرفة والتعريف بالمشاريع والأثر الثقافي والتنموي المرتبط بها.

وفي سياق أوسع ضمن مشروع «تونس وجهتنا» (Tounes wijhetouna)، يأتي «طريق التراث لليونسكو» باعتباره مقاربة مبتكرة لتعبئة الإمكانات الاقتصادية للثقافة لدعم التنمية. ويتكوّن هذا الطريق من تسعة مواقع مدرجة على قائمة التراث العالمي، إلى جانب تسعة عناصر من التراث الثقافي غير المادي. ورغم التعقيد الناجم عن تنوع طبيعة هذه المواقع بين حضرية وأثرية وطبيعية، إضافة إلى كون معظم عناصر التراث غير المادي غير مرتبطة بجهة جغرافية محددة، فإن المشروع يعمل على إبراز هذه المواقع وتعزيزها من خلال تدريب أصحاب العلاقة، وتنظيم حملات تواصل وتسويق، وتثمين التراث المادي وغير المادي المدرج على قوائم اليونسكو.

وسيستفيد من هذا المشروع مديرو المواقع، وحاملو معارف التراث غير المادي، والهيئات الوطنية للسياحة والثقافة، إضافة إلى الأدلاء السياحيين والحرفيين والمواطنين والزوار الأجانب. وتشمل عملية التثمين وضع هوية بصرية، وتصميم لافتات إرشادية، وإطلاق تطبيق رقمي، وإنتاج فيلم ترويجي ومنتجات مشتقة، مع تقديم عرض رسمي للطريق في 10 ديسمبر القادم.

ويستكمل هذا الإطار بمشروعٌ فرعيٌّ خاص بجربة يهدف إلى «إشراك الأطراف المحلية لصون التراث العالمي» المدرج تحت عنوان «جربة: شهادة على نمط استيطان إقليم جزيري»، من خلال رفع الوعي بقيمة هذا التراث وأهميته.

إيمان عبد اللطيف