إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بلدية زانوش مثالا.. "سلطة محلية" على رمال متحركة و %93 من المتساكنين أمام مجلس بلدي لم يلتزم بوعوده الانتخابية

تعيش بلدية زانوش كغيرها من البلديات التونسية خاصة منها البلديات المحدثة عديد العراقيل والصعوبات وهو ما سنطرح في هذا التقرير الصحفي متعدد المنصات حول تقييم عمل المجلس البلدي الحالي  ببلدية زانوش خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ومدى التزام أعضاء المجلس البلدي بزانوش بوعودهم الانتخابية، وكذلك نظرة المتساكنين للعمل البلدي وتقييمهم له. كما سيتم استعراض  نتائج استبيان الكتروني تم إنجازه في إطار هذا العمل، اضافة الى حوار مصور مع رئيس بلدية زانوش، لنتطرق كذلك في نفس التقرير إلى قراءة تحليلية من قبل الخبير  في الشأن المحلي، بلال مناعي، حول وضعيات البلديات التونسية وخاصة منها البلديات المحدثة، وسيم أيضا ذكر أبرز نتائج الاستشارة الوطنية حول مسار اللامركزية من اعداد الجامعة الوطنية للبلديات التونسية، لتكون قفلة هذا التقرير الصحفي بحوار مصور مع رئيس الهيئَة العامّة للاستشراف ومرافقة مسار اللامركزية بوزارة الشؤون المحليّة والبيئة، منذر بوسنينَة.

تعتبر بلدية زانوش من ولاية قفصة من البلديات التونسية المحدثة عام 2015، بعد أن كانت من بين عمادات بلدية السند المجاورة لها والتي تبعد عن مركز بلدية زانوش حاليا 20 كيلومترا، فيها بدأ عمل بلدية زانوش رسميا عن طريقة النيابات الخصوصية سنة 2017، الى أن جاءت الانتخابات البلدية يوم 6 ماي 2018 وترشح في بلدية زانوش 5 قائمات منها 3 قائمات مستقلة.

اعداد: صلاح الدين كريمي

جاءت فكرة الاستبيان الالكتروني في هذا التقرير الصحفي بهدف تشريك المتساكنين ببلدية زانوش والاطلاع على ارائهم وتقييمهم للعمل البلدي ونظرا للوضع الصحي خيرنا أن يكون الاستبيان الكتروني أولا لسرعة انتشاره ومشاركته على وسائل التواصل الاجتماعي بهدف تشريك أكثر عدد ممكن، وشارك في هذا  الاستبيان الموجّه 40 متساكن/ة من بلدية زانوش تراوحت أعمارهم بين 17 سنة إلى 48 سنة كما هو مبين في هذا الرسم.

a2.png

الفئات المشاركة

فيما بلغت نسبة المشاركين في الاستبيان من جنس الذكور % 87.5 أي 35 ذكر  فيما بلغت  في صنف الإناث %12.5 أي 5 إناث كما هو مبين في هذا الرسم البياني التالي

a3.jpg

 

 

كما تم تحديد مكان الاقامة ( أكثرية الأوقات) بهدف معرفة مكان تواجد المشاركين في الاستبيان أغلبية الأوقات مما سيعطينا تفسير عن مشاركتهم من عدمها في الجلسات البلدية حيث كشف الاستبيان أن أغلبية المشاركين فيه والمهتمين بالعمل البلدي من متساكني حي أبو بكري الصديق بزانوش بنسبة %50 فيما جاءت المرتبة الثانية وبنسبة %12.5  لمتساكني منطقة عبد الصادق والتي تبعد 10 كلم عن مركز مدينة زانوش، فيما انقسمت بقية نسب المشاركين عن مناطق مختلفة من البلدية مثل " البهلولة، أم العلق، زانوش، قفصة…"

 

 

a4.png

 

وبعد الاطلاع على بعض المعلومات العامة والمتعلقة بالسن ومكان الإقامة والجنس، اهتم المحور الأول من هذا الاستبيان بتقييم العمل البلدي.

تقييم العمل البلدي

وتم طرح السؤال الأول في هذا المحور كالتالي" كيف تقيم عمل المجلس البلدي ببلدية زانوش؟". واعتبر %47.5  وهم الأغلبية في تقييمهم لعمل المجلس البلدي بزانوش أنه "سيئ جدا"، فيما اعتبر %35 منهم أنه "دون المطلوب" وبنسبة %15 "سيئ"، فيما اختار %2.5 "عدم الاجابة

 

 243415529_986813685197339_8995492649931934655_n.jpg

وتمحور السؤال الثاني حول المشاركة والحضور في الجلسات البلدية ببلدية زانوش وكان السؤال كالتالي  "هل شاركت ( حضرت) في جلسة بلدية من قبل ببلدية زانوش؟"

وكما هو مبين في هذا الرسم فان %52.5 حضروا مرة على الأقل في الجلسات البلدية بينما نسبة كبيرة كذلك منهم وهي%47.5 منهم لم يحضروا في أي جلسة بلدية بمختلف أصناف الجلسات

a6.jpg

 

العزوف عن العمل البلدي

هذه النتائج يجب التوقف عندها لمعرفة أسباب عدم المشاركة وهو ما تم فعلا طرحه في السؤال الذي يليه حول أسباب عدم الحضور أو طريقة الإعلام بموعد الجلسة، حيث اعتبر أحد المشاركين في الاستبيان أن السبب يعود الى سوء التنسيق صلب المجلس البلدي  "جلسة بلدية و بلدية زانوش ما يتقابلوش بينات بعضهم...بلدية زانوش ما تعترفش بحاجة اسمها جلسات"،  "لأنه لا يتم الإعلان عن الجلسات مسبقا بالكيفية التي تخول لكل المهتمين العلم بها الحضور". بالإضافة الى  "لم ارى اي عمل قامت به البلدية يستحق و يشجع ان احضر في جلسة البلدية".

لا يتم الإعلان عن الجلسات مسبقا

وكما طالب عدد مهم من المشاركين بضرورة بث الجلسات مباشرة على الصفحة الرسمية للبلديات وفتح مجال التفاعل مع المتابعين، كما أن " قلة الجلسات و عدم طرح مواضيع تهم المواطن للمشاركة و إبداء الرأي كذلك عدم الأخذ برأي المواطن مهما كانت جدية وأهمية مقترحات" ساهمت في عزوف المتساكنين عن الحضور في الجلسات البلدية.

فيما أكد المشاركين الدين حضروا في الجلسات البلدية أنهم عرفوا بموعد الجلسات اما عن  "استدعاء، منشور،دعوة شخصية،  بالصدفة من صفحات عامة و ذلك أن الصفحة الرسمية للبلدية تقوم بحظر كل من يبدى رايه او ينتقدها".

عزوف المتساكنين عن الحضور في الجلسات البلدية

الالتزام بالوعود والبرامج الانتخابية

اعتبر %93 من المشاركين في الاستبيان أن المجلس البلدي بزانوش لم يلتزم بوعوده الانتخابية إبان الحملة الانتخابية سنة 2016، فيما اعتبر %7  من بقية المشاركين/ات أن هناك تطبيق والتزام بالوعود الى حد ما، فيما مثلت نسبة الرضا ( الاجابة بنعم) %0 وهو ما يعني أن أغلبية متساكني بلدية زانوش يعتبرون المجلس البلدي لم يلتزم بوعوده الانتخابية  المقدمة كما هو مبين في الرسم البياني.

 

a8.jpg

 

المشاركة في الانتخابات البلدية

ومن بين النقاط الإيجابية والتي يجب التنويه بها هو نسبة المشاركة المهمة في الانتخابات البلدية ببلدية زانوش يوم 6 ماي 2018 حيث تجاوزت نسبة المشاركة في الانتخابات %51.7 وفق للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فيما بلغت نسبة الذين شاركوا في الانتخابات البلدية ممن هم شاركوا في هذا الاستبيان %58.5 بينما لم يشارك منهم %22 وقاطعت نسبة مهمة منهم الانتخابات بنسبة بلغت %19.5

 

a9.jpg

 

وفي تقييمهم لتنفيذ المشاريع   البلدية بزانوش أعتبر %43.9 أن مسار تنفيذ المشاريع دون المطلوب فيما أعتبر %39 أنه مسار سيء جدا و%17 اعتبروا في تقييمهم انه مسار سيء

a5.jpg

 

 الحلول والاقتراحات

وفي محور الحلول والاقتراحات كانت الإجابات بالنسبة للسؤال الأول حول "ما هو الحل حسب رأيك لتحسين العمل البلدي وتشريك المواطنين أكثر في العمل البلدي؟" حيث اعتبروا أنه من المهم تشريك الشباب الذي تم ي تم تغييبه تعمدا بالرغم ما يعيشه العمل البلدي في زانوش كما طالب المشاركين في الاستبيان بضرورة تجنب  تدعيم مبدأ الشفافية والوضوح في كل الالتزامات الممضاة من طرفهم، والحد مما تعيشه تركيبة المجلس البلدي نظرا لعديد المشاكل الداخلية في ما بينهم وصلت حد تبادل التهم و الشتائم في صفحات زانوش العامة...

 نقائص بلدية زانوش

وفي يخص النقائص التي تعيشها بلدية زانوش  عبر المشاركون  عن رغبتهم في توفير مشاريع ثقافية وتعزيز التعاون مع الجمعيات في المنطقة، مع التسريع في انجاز مثال تهيئة عمرانية متطور يساهم في تهذيب الأحياء وحل اشكالية انتشار النفايات في المنطقة.

مطالب بتحسين البنية التحتية للمنطقة

وأشار نفس المشاركين الى ضرورة  إنشاء سوق جملة للخضر والغلال "فهو لأمر مؤسف أن تكون منطقة كزانوش يساهم القطاع الفلاحي بها بشكل كبير في تزويد عديد أسواق الجملة بمناطق أخرى مختلفة في حين أنه كان من الأجدر أن يكون بزانوش سوق من أكبر أسواق الجملة بالبلاد نظرا للإنتاج الضخم التي توفره الأراضي الفلاحية الخصبة الشاسعة بزانوش من خضر وغلال"...، مع تحسين البنية التحتية للمنطقة والحد من مركزية الإنجازات في القيام مثلا بملعب كرة قدم، دار شباب، دار ثقافة..

السلطة المحلية واللامركزية

وفيما اعتبر %36.6 من المشاركين في الاستبيان من متساكنين بلدية زانوش أن السلطة المحلية واللامركزية أحد أبرز أشكال الديمقراطية في البلاد، بينما %31.7 منهم يعتبرون أنها الى حد ما تمثل السلطة المحلية شكل من أشكال الديمقراطية، فيما أن %29.3 منهم يعتبرون أن السلطة المحلية واللامركزية ليست شكل من  أشكال الديمقراطية في البلاد.

a10.jpg

 

وكان لا بد من طرح سؤال يتعلق بإنشاء صحافة محلية والتركيز أكثر على صحافة القرب وصحافة المواطنة من شأنه أن يعزز السلطة المحلية وحق الجمهور في الاعلام والنفاذ الى المعلومة خاصة وأن هذا الاستبيان والعمل الصحفي ينجز في إطار برنامج "مراسلو الديمقراطية المحلية "(مراسلون) Mourasiloun  والذي  يهدف إلى المساهمة في إنشاء صحافة محلية ناجعة،  حيث يؤيد %82.9 من متساكني بلدية زانوش المشاركين في هذا الاستبيان أن إنشاء صحافة محلية والتركيز أكثر على صحافة القرب وصحافة المواطنة من شأنه أن يعزز السلطة المحلية وحق الجمهور في الاعلام والنفاذ الى المعلومة، فيما أعتبر %9.8 منهم أن ذلك صحيح وناجع نوعا ما، بينما نفى %4.9 منهم هذه الفرضية وأما البقية أي %2.4 منهم خيروا عدم الإجابة مثلما هو مبين في هذا الرسم

a11.jpg

الصعوبات الهيكلية والادارية

بدوره رئيس بلدية زانوش، عبد القادر علياني، أفاد في لقاءه مع "الصباح" أن "بلدية زانوش تعيش عديد الصعوبات الهيكلية والادارية، كما أنه أقر بعدم تطبيق المجلس البلدي لكافة الوعود الانتخابية، خاصة وأن البلدية من البلديات المحدثة ويفوق عدد سكان البلدية 16 ألف ساكن على مساحة جغرافية كبيرة نسبيا، تم تنصيب المجلس البلدي بها يوم 5 جويلية 2018…".

وأضاف العلياني، في علاقة بتنفيذ الوعود الانتخابية المقدمة من القائمات المترشحة للانتخابات البلدية 2018، أن " جل القائمات وعدت بالقيام بعديد المشاريع الضرورية للبلدية وقد وعدت شخصيا باقتراح عدة مشاريع لفائدة المنطقة من أجل توفير مختلف المرافق الحياتية والادارية وتحسين جودة الخدمات وإرساء ادارة مهيكلة وخلق فضاءات ثقافية وشبابية...، وهو ما تم طرحه فعليا في اجتماعات برامج الاستثمار البلدي والجلسات المتعددة مع صندوق القروض ومساعدة الجماعات المحلية، وبعد 3 سنوات من تنصيب المجلس البلدي للأسف والى حد الان لم يقع الشروع في أي مشروع من المشاريع البلدية التي تم اقتراحها هو ما يحيلنا إلى البيروقراطية المقيتة التي تعيشها الادارة التونسية والتي انعكست سلبا على سير عمل  المجالس البلدي، كما أن هناك رغبة لإظهار المجالس البلدية وكأنها عاجزة على الإيفاء بتعهداتها من خلال التأخير في تنفيذ المشاريع وليس هناك أي مبرر لبقاء مشاريع في الرفوف لأكثر من سنتين بتعلة الدراسات…".

وأشار رئيس البلدية، أن "زانوش  مازالت تعاني من عديد النقائص والمتمثلة أساسا في نقص الموارد البشرية ومنذ تاريخ الإعلان عن إحداث البلديات المحدثة وعد وزير الشؤون المحلية والبيئة، رياض الموخر، حينها  بدعم الموارد البلدية والبشرية لهذه البلديات مثل انتداب 5 اطارات في مختلف الاختصاصات لفائدة كل بلدية محدثة من أجل دعمها ومرافقتها، إلا أن ذلك لم يحدث فعلا وظل حبرا على ورق بالرغم من تعاقب الوزراء، وفي نفس الوقت لم يتم اضافة دعم مادي لبلدية زانوش مثلا بالقيام بمناظرة لانتداب اعوان واطارات بإمكانهم المساهمة في تطوير العمل البلدي…".

وفي حديثه عن المشاركة المواطنية في العمل البلدي، قال رئيس بلدية زانوش عبد القادر علياني أن هناك عزوف كبير عن المشاركة في الشأن المحلي حتى أن هناك جلسة تم عقدها دون حضور أي مواطن بالرغم من الاعلان عنها وتوجه بدعوة في نفس الصدد الى " مختلف متساكني  ومتساكنات بلدية زانوش بمزيد المشاركة في العمل البلدي من خلال الحضور في الجلسات وتقديم المقترحات، وكذلك  أوجه دعوة الى مختلف الفاعلين في المجتمع المدني لمزيد تدعيم الانشطة الثقافية والمدنية والتعاون مع البلدية في القيام بعدة نشاطات ومبادرات لفائدة متساكني ومتساكنات المنطقة ...، فالتنمية وتحسين جودة الحياة بأي منطقة ليس فقط عمل اداري بل هو عمل تشاركي وهي من بين مبادئ السلطة المحلية واللامركزية.

صعوبات مالية وهيكلية

كما اعتبر الخبير في الشؤون المحلية، بلال المناعي، في تصريح لـ"الصباح"،

" أن البلديات في تونس تعيش وضعيات صعبة خاصة منها البلديات المحدثة  التي يفتقر جزء كبير منها للمقرات والموارد البشرية الضرورية وكذلك المعدات والتجهيزات، وبالرغم من الالتزامات المتكررة من الحكومات المتتالية لمساعدة ومرافقة البلديات من خلال برامج دعم شهدت تعطيلات كبيرة، وهو ما انعكس على مسار تركيز السلطة المحلية خلال السنوات الثلاث الأخيرة اد تعيش البلديات صعوبات مالية وهيكلية كبيرة مما انعكس سلبا على تنفيذ المشاريع البلدية وعلاقة السلطة المحلية مع المواطنين".

وأضاف المناعي، أن  " مسار اللامركزية في تونس هو محل متابعة من مختلف الأطراف الفاعلة في المجال وهناك نتائج طيبة تحققت خاصة على مستوى العمل البلدي، وحلحلة المشاريع التنموية واضفاء حركية على مستوى الإدارات البلدية، إلا أن ذلك لا يخفي أن هناك نقائص وصعوبات ومنها التجاذبات السياسية في عدة مجالس بلدية انعكس على عدم استقرار  المجالس واستقالة أكثر من 70 رئيس بلدية وحل  أكثر من 30 مجلس بلدي وإجراء انتخابات جزئية في أكثر من 25 مجلس بلدي، مع ضعف كبير في الموارد المالية للبلديات...، ولكن اجمالا هو مسار إصلاحي للإدارة التونسية وتدعيم المشاركة المواطنية في السلطة المحلية يتطلب مزيد تدعيمه".

مزيد التفاصيل في الرابط التالي

 توصيات  لدفع مسار اللامركزية

بدورها الجامعة الوطنية للبلديات أفادت في تقريرها التأليفي لـ  "الاستشارة حول مسار اللامركزية من منظور البلديات"، وهو نتيجة استشارة وطنية للبلديات التونسية نظمت بدعم من مشروع " تعزيز السلطة المحلية في تونس" لمؤتمر السلطات المحلية والإقليمية لمجلس أوروبا بين   نوفمبر 2020 وفيفري 2021، شاركت فيها  320 بلدية تونسية (من مجموع  350 بلدية ) في هذا الجهد الذي ركز على ستة مجالات ذات أولوية: النظام الأساسي للمنتخبين المحليين، استقرار المجالس البلدية، العلاقات بين المنتخبين والإدارة البلدية، علاقة البلديات مع الإدارة، المصالح الإدارية للدولة والمؤسسات و المنشآت العمومية، النظام المالي للبلديات، والديمقراطية التشاركية والحوكمة المفتوحة، حيث تهدف  هذه الاستشارة الى تقديم تشخيص متكامل لواقع البلديات وتقديم توصيات  لدفع مسار اللامركزية «.، وفق ما صرّح به عدنان بوعصيدة، رئيس الجامعة الوطنية للبلديات التونسية.

كما كشف ذات التقرير أن المجالــس البلديــة المنتخبــة ســنة 2018 ظلت فــي جــزء كبيــر منهــا تعانـي مـن عــدم استقرار. واثّــر هــذا ســلبا علــى سالســة العمــل البلــدي وتســبب فــي تدهــور صــورة المجالــس لــدى المتساكنين وتدني منسوب الثقــة فيهــا، مما تسبب بالتالي توتــرا فــي العلاقــة بيــن المواطــن و البلديــة ومــن يمثلها.

لقــد ســاهمت الطريقــة التــي تــم اعتمادهــا مــن قبــل المشــرع فــي القانــون الانتخابــي الفصــل 117 خامسا من مجلــة الجماعـات المحليـة و الفصــل 203 بخصــوص انتخاب رئيــس البلديــة ومساعديه، فــي تفاقــم التجاذب داخــل المجالـس البلديــة باعتبار أن انتخابهــم لــم يعــد خاضعــا لإرادة الناخبين وإنمــا لتفاهمــات قائمــة علــى توازنــات هشــة تبــرز مباشــرة بعــد الاعلان  عــن النتائــج النهائيــة للانتخابــات البلديــة وتتأثر بعــد وقــت قصيــر مســببة توتــرا كبيــرا بيــن المجلــس ورئيسه الذي  يجــد حالــه فــي أحيــان كثيــرة مهددا بانهيــار المجلــس بأكمله.

"وتجعــل هــذه الطريقــة كل رؤسـاء القائمــات معنييــن بتــرأس البلديــة ويدفعهــم نفــس الطمــوح حتــى إن لــم يكــن ذلــك مســتندا إلــى تمثيليــة واضحــة وواســعة. إذ يكفــي أن يوجــد اتفــاق مــع مكونــات أخــرى علــى أســاس ترضيــات أو تبــادل مصالــح. بمــا يجعــل قواعــد اللعبــة غير واضحـة المعالم وخاضعة لتقلبات المواقــف واالمزجــة ومحكومة بالعشــوائية. ويفاقــم كل ذلــك المخاطــر على اســتقرار المجالـس البلديــة ويهدد الســير الطبيعــي للعمــل البلــدي. هــذا فضلا عــن التجاذبــات والخالفــات التــي تصــل إلــى رفــع الدعــاوى والطعــون فــي صحــة انتخــاب رئيس البلديــة ومساعديه. فــي هــذا الســياق، تمثــل التجربــة الســابقة فــي انتخابــات 2018 أكبــر دليــل علــى مخاطــر هــذه الطريقــة إذ بقيــت بعــض المجالـس معطلــة لأشــهر لعــدم استكمال عمليــة انتخــاب الرئيــس ومساعديه بمــا أثــر ســلبا علــى العمــل البلــدي وعلــى صــورة المنتخبين والالمركزية لــدى المواطنيـن.

استقرار المجالـس البلديــة

لذلـك فــإنّ أحــد متطلبــات الحفــاظ علــى استقرار المجالـس البلديــة، يكمـن فــي مراجعــة طريقــة اختيــار رئيــس البلديــة. ويمكـن فــي هــذا الاطــار اعتماد الطريقــة التــي كانــت مقترحــة فــي مشــروع مجلــة الجماعـات المحليـة قبــل ان يتــم استبدالها فيمــا بعــد والمتمثلة فـي أن يكــون رئيــس القائمــة الفائــزة بأكبـر عــدد مــن المقاعــد هــو مــن يتولى منصب رئيــس البلديّــة. وكما هو الحال في بلدية زانوش من ولاية قفصة لم يكن رئيس البلدية الحالي ضمن القائمة التي فازت بأغلبية المقاعد بل كان مترشحا عن قائمة مستقلون التي تحصلت على 3 مقاعد بينما تحصلت كل من قائمة الأمل والقائمة المستقلة للعمل والتنمية على 4 مقاعد لكل منهما.

دعم ومرافقة "الشؤون المحلية" للبلديات

كما اعتبر رئيس الهيئة العامة الاستشراف و مرافقة مسار اللامركزية بوزارة الشؤون المحلية والبيئة، منذر بوسنينة، في تصريح لـ"الصباح" حول تقييمه لمسار اللامركزية منذ الانتخابات البلدية لسنة 2018 إلى الآن "أنه لا يمكن تقييم مسار بحجم مسار اللامركزية في 3 سنوات فقط فهو صورة مصغرة من طريق طويل..، وهو بناء على موارد بشرية كانت  محدودة بشكل كبير إذ كانت نسبة التأطير لا تتجاوز %11 منهم %80 من العملة وبقية النسبة مقسمة بين أعوان  وإطارات فنية بنسبة أقل...، فالموارد المالية للبلديات لا تتجاوز %4  من حجم ميزانية الدولة ، وفي الجانب القانوني والمؤسساتي لم يكن النظام اللامركزي كما هو عليه الآن وكان عبارة عن امتداد للمؤسسات المركزية للدولة بإشراف  السلطة اللامحورية للوالي  دور كبير في ذلك، إلا أن السلطة المحلية الحالية تجسمت في الباب السابع للدستور ومجلة الجماعات المحلية من خلال إعطاء صلاحيات وتصور جديد لممارسة السلطة اللامركزية في مستوياتها الثلاثة ( البلديات، الجهات، الأقاليم)".

وأكد بوسنينة، أنه " في مجال الـ 86 بلدية المحدثة ما بعد سنة 2015، منها %20 لا تحتوي على مركز عمراني أي لا يوجد تجمع سكني يوجد حوله متساكنين و%30 من البلديات المحدثة بها مركز سكاني وحيد يمثل النواة الاساسية للمطقة، وبقية البلديات المحدثة أي %50 منها بها أكثر من تجمع سكاني وحيد، حيث كان المعيار في احداث بلديات أن تكون المسافة بين تواجد تجمع سكني يفوق أو يساوي 20 كلم عن تجمع سكني اخر مجاور".

، بالرغم مما تعيشه البلديات في تونس المحدثة منها والبلديات الأخرى من عدم استقرار الذي انعكس على أدائها، مشيرا في نفس اللقاء الى الدعم المالي للوزارة للبلديات ( التفاصيل في الفيديو المصاحب)

يشار الى  أنه في الانتخابات البلدية بزانوش  ترشحت 5 قائمات منها 3 قائمات مستقلة وهي قائمة الأمل( 4 مقاعد)  والقائمة المستقلة للعمل والتنمية  ( 4 مقاعد)  وقائمة مستقلون ( 3 مقاعد)، بالاضافة الى قائمتين حزبيتين وهما قائمة حركة نداء تونس ( 4 مقاعد) وقائمة حركة النهضة ( 3 مقاعد). وقد بلغ عدد الناخبين الدين قاموا بالتصويت 3642 ناخبا من جملة 7039 مرسما في الدائرة الانتخابية، وفقا لما نشرته  الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في قرارها المتعلق بتصريح  النتائج النهائية لانتخابات بلدية زانوش المنشور بتاريخ 17 ماي 2018.

الضمانات الدستورية للسلطة المحلية

لم يعطي الدستور التونسي القديم الصادر سنة 1959 أهمية كبيرة للسلطة المحلية واللامركزية بقدر ما اهتمامه باللامحورية،  إذ تضمّن مادةً واحدة فقط تتعلّق بالجماعات المحلّية وهي الفصل 71 وهي "تمارس المجالس البلدية والمجالس الجهوية والهياكل التي يمنحها القانون صفة الجماعة المحلية المصالح المحلية حسبما يضبطه القانون"، بينما لم يتم ذكر مصطلح "اللّامركزية".  أما في الدستور التونسي الجديد الصادر في 26 جانفي 2014، فقد تمّ إتاحة باب  باب كامل للسلطة المحلية ألا وهو الباب السابع من الدستور بعنوان "السلطة المحلّية" يتكون من  12 فصلاً  وهي الفصول من 131 إلى 142، بالإضافة إلى الفصلين 14 و 15 حيث تحتلّ اللّامركزية ما يقرب من 10% من أحكام الدستور.

جدير بالذكر أن  هذا التقرير الصحفي  أنجز في إطار برنامج تدريبي ألا وهو "مراسلو الديمقراطية المحلية "(مراسلون) Mourasiloun من تنظيم  المؤسسة الدولية للنظم الانتخابية IFES مكتب تونس، حيث يهدف هذا البرنامج الى المساهمة في إنشاء صحافة محلية ناجعة عبر شبكة من المراسلين والمراسلات المحليين والمحليات من ولايات مختلفة، حيث تم  إنجاز عدد من المواضيع الصحفية الأخرى المتعلقة بالديمقراطية المحلية وصحافة القرب تحت عنوان "بلدية زانوش من ولاية قفصة: أي تقييم للمشاركة المواطنية في العمل البلدي؟" وكذلك "  بلدية سوسة : نفاذ الأشخاص ذوي الاعاقة للبلدية والأماكن العامة "طريق محفوف بالمخاطر ينتظر تطبيق القانون"، اضافة الى موضوع "مرجان طبرقة: ثروة في طريقها للاندثار، فهل يكون الحل في إدماجها في المنوال الاقتصادي للبلدية ؟" و مقال صحفي آخر متعدد المنصات عن بلدية زانوش تحت  عنوان " زانوش - قفصة / رئتا المنطقة تخنقهما المصبات العشوائية.. فأين دور البلدية؟".

 

بلدية زانوش مثالا.. "سلطة محلية" على رمال متحركة  و %93 من المتساكنين أمام مجلس بلدي لم يلتزم بوعوده الانتخابية

تعيش بلدية زانوش كغيرها من البلديات التونسية خاصة منها البلديات المحدثة عديد العراقيل والصعوبات وهو ما سنطرح في هذا التقرير الصحفي متعدد المنصات حول تقييم عمل المجلس البلدي الحالي  ببلدية زانوش خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ومدى التزام أعضاء المجلس البلدي بزانوش بوعودهم الانتخابية، وكذلك نظرة المتساكنين للعمل البلدي وتقييمهم له. كما سيتم استعراض  نتائج استبيان الكتروني تم إنجازه في إطار هذا العمل، اضافة الى حوار مصور مع رئيس بلدية زانوش، لنتطرق كذلك في نفس التقرير إلى قراءة تحليلية من قبل الخبير  في الشأن المحلي، بلال مناعي، حول وضعيات البلديات التونسية وخاصة منها البلديات المحدثة، وسيم أيضا ذكر أبرز نتائج الاستشارة الوطنية حول مسار اللامركزية من اعداد الجامعة الوطنية للبلديات التونسية، لتكون قفلة هذا التقرير الصحفي بحوار مصور مع رئيس الهيئَة العامّة للاستشراف ومرافقة مسار اللامركزية بوزارة الشؤون المحليّة والبيئة، منذر بوسنينَة.

تعتبر بلدية زانوش من ولاية قفصة من البلديات التونسية المحدثة عام 2015، بعد أن كانت من بين عمادات بلدية السند المجاورة لها والتي تبعد عن مركز بلدية زانوش حاليا 20 كيلومترا، فيها بدأ عمل بلدية زانوش رسميا عن طريقة النيابات الخصوصية سنة 2017، الى أن جاءت الانتخابات البلدية يوم 6 ماي 2018 وترشح في بلدية زانوش 5 قائمات منها 3 قائمات مستقلة.

اعداد: صلاح الدين كريمي

جاءت فكرة الاستبيان الالكتروني في هذا التقرير الصحفي بهدف تشريك المتساكنين ببلدية زانوش والاطلاع على ارائهم وتقييمهم للعمل البلدي ونظرا للوضع الصحي خيرنا أن يكون الاستبيان الكتروني أولا لسرعة انتشاره ومشاركته على وسائل التواصل الاجتماعي بهدف تشريك أكثر عدد ممكن، وشارك في هذا  الاستبيان الموجّه 40 متساكن/ة من بلدية زانوش تراوحت أعمارهم بين 17 سنة إلى 48 سنة كما هو مبين في هذا الرسم.

a2.png

الفئات المشاركة

فيما بلغت نسبة المشاركين في الاستبيان من جنس الذكور % 87.5 أي 35 ذكر  فيما بلغت  في صنف الإناث %12.5 أي 5 إناث كما هو مبين في هذا الرسم البياني التالي

a3.jpg

 

 

كما تم تحديد مكان الاقامة ( أكثرية الأوقات) بهدف معرفة مكان تواجد المشاركين في الاستبيان أغلبية الأوقات مما سيعطينا تفسير عن مشاركتهم من عدمها في الجلسات البلدية حيث كشف الاستبيان أن أغلبية المشاركين فيه والمهتمين بالعمل البلدي من متساكني حي أبو بكري الصديق بزانوش بنسبة %50 فيما جاءت المرتبة الثانية وبنسبة %12.5  لمتساكني منطقة عبد الصادق والتي تبعد 10 كلم عن مركز مدينة زانوش، فيما انقسمت بقية نسب المشاركين عن مناطق مختلفة من البلدية مثل " البهلولة، أم العلق، زانوش، قفصة…"

 

 

a4.png

 

وبعد الاطلاع على بعض المعلومات العامة والمتعلقة بالسن ومكان الإقامة والجنس، اهتم المحور الأول من هذا الاستبيان بتقييم العمل البلدي.

تقييم العمل البلدي

وتم طرح السؤال الأول في هذا المحور كالتالي" كيف تقيم عمل المجلس البلدي ببلدية زانوش؟". واعتبر %47.5  وهم الأغلبية في تقييمهم لعمل المجلس البلدي بزانوش أنه "سيئ جدا"، فيما اعتبر %35 منهم أنه "دون المطلوب" وبنسبة %15 "سيئ"، فيما اختار %2.5 "عدم الاجابة

 

 243415529_986813685197339_8995492649931934655_n.jpg

وتمحور السؤال الثاني حول المشاركة والحضور في الجلسات البلدية ببلدية زانوش وكان السؤال كالتالي  "هل شاركت ( حضرت) في جلسة بلدية من قبل ببلدية زانوش؟"

وكما هو مبين في هذا الرسم فان %52.5 حضروا مرة على الأقل في الجلسات البلدية بينما نسبة كبيرة كذلك منهم وهي%47.5 منهم لم يحضروا في أي جلسة بلدية بمختلف أصناف الجلسات

a6.jpg

 

العزوف عن العمل البلدي

هذه النتائج يجب التوقف عندها لمعرفة أسباب عدم المشاركة وهو ما تم فعلا طرحه في السؤال الذي يليه حول أسباب عدم الحضور أو طريقة الإعلام بموعد الجلسة، حيث اعتبر أحد المشاركين في الاستبيان أن السبب يعود الى سوء التنسيق صلب المجلس البلدي  "جلسة بلدية و بلدية زانوش ما يتقابلوش بينات بعضهم...بلدية زانوش ما تعترفش بحاجة اسمها جلسات"،  "لأنه لا يتم الإعلان عن الجلسات مسبقا بالكيفية التي تخول لكل المهتمين العلم بها الحضور". بالإضافة الى  "لم ارى اي عمل قامت به البلدية يستحق و يشجع ان احضر في جلسة البلدية".

لا يتم الإعلان عن الجلسات مسبقا

وكما طالب عدد مهم من المشاركين بضرورة بث الجلسات مباشرة على الصفحة الرسمية للبلديات وفتح مجال التفاعل مع المتابعين، كما أن " قلة الجلسات و عدم طرح مواضيع تهم المواطن للمشاركة و إبداء الرأي كذلك عدم الأخذ برأي المواطن مهما كانت جدية وأهمية مقترحات" ساهمت في عزوف المتساكنين عن الحضور في الجلسات البلدية.

فيما أكد المشاركين الدين حضروا في الجلسات البلدية أنهم عرفوا بموعد الجلسات اما عن  "استدعاء، منشور،دعوة شخصية،  بالصدفة من صفحات عامة و ذلك أن الصفحة الرسمية للبلدية تقوم بحظر كل من يبدى رايه او ينتقدها".

عزوف المتساكنين عن الحضور في الجلسات البلدية

الالتزام بالوعود والبرامج الانتخابية

اعتبر %93 من المشاركين في الاستبيان أن المجلس البلدي بزانوش لم يلتزم بوعوده الانتخابية إبان الحملة الانتخابية سنة 2016، فيما اعتبر %7  من بقية المشاركين/ات أن هناك تطبيق والتزام بالوعود الى حد ما، فيما مثلت نسبة الرضا ( الاجابة بنعم) %0 وهو ما يعني أن أغلبية متساكني بلدية زانوش يعتبرون المجلس البلدي لم يلتزم بوعوده الانتخابية  المقدمة كما هو مبين في الرسم البياني.

 

a8.jpg

 

المشاركة في الانتخابات البلدية

ومن بين النقاط الإيجابية والتي يجب التنويه بها هو نسبة المشاركة المهمة في الانتخابات البلدية ببلدية زانوش يوم 6 ماي 2018 حيث تجاوزت نسبة المشاركة في الانتخابات %51.7 وفق للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فيما بلغت نسبة الذين شاركوا في الانتخابات البلدية ممن هم شاركوا في هذا الاستبيان %58.5 بينما لم يشارك منهم %22 وقاطعت نسبة مهمة منهم الانتخابات بنسبة بلغت %19.5

 

a9.jpg

 

وفي تقييمهم لتنفيذ المشاريع   البلدية بزانوش أعتبر %43.9 أن مسار تنفيذ المشاريع دون المطلوب فيما أعتبر %39 أنه مسار سيء جدا و%17 اعتبروا في تقييمهم انه مسار سيء

a5.jpg

 

 الحلول والاقتراحات

وفي محور الحلول والاقتراحات كانت الإجابات بالنسبة للسؤال الأول حول "ما هو الحل حسب رأيك لتحسين العمل البلدي وتشريك المواطنين أكثر في العمل البلدي؟" حيث اعتبروا أنه من المهم تشريك الشباب الذي تم ي تم تغييبه تعمدا بالرغم ما يعيشه العمل البلدي في زانوش كما طالب المشاركين في الاستبيان بضرورة تجنب  تدعيم مبدأ الشفافية والوضوح في كل الالتزامات الممضاة من طرفهم، والحد مما تعيشه تركيبة المجلس البلدي نظرا لعديد المشاكل الداخلية في ما بينهم وصلت حد تبادل التهم و الشتائم في صفحات زانوش العامة...

 نقائص بلدية زانوش

وفي يخص النقائص التي تعيشها بلدية زانوش  عبر المشاركون  عن رغبتهم في توفير مشاريع ثقافية وتعزيز التعاون مع الجمعيات في المنطقة، مع التسريع في انجاز مثال تهيئة عمرانية متطور يساهم في تهذيب الأحياء وحل اشكالية انتشار النفايات في المنطقة.

مطالب بتحسين البنية التحتية للمنطقة

وأشار نفس المشاركين الى ضرورة  إنشاء سوق جملة للخضر والغلال "فهو لأمر مؤسف أن تكون منطقة كزانوش يساهم القطاع الفلاحي بها بشكل كبير في تزويد عديد أسواق الجملة بمناطق أخرى مختلفة في حين أنه كان من الأجدر أن يكون بزانوش سوق من أكبر أسواق الجملة بالبلاد نظرا للإنتاج الضخم التي توفره الأراضي الفلاحية الخصبة الشاسعة بزانوش من خضر وغلال"...، مع تحسين البنية التحتية للمنطقة والحد من مركزية الإنجازات في القيام مثلا بملعب كرة قدم، دار شباب، دار ثقافة..

السلطة المحلية واللامركزية

وفيما اعتبر %36.6 من المشاركين في الاستبيان من متساكنين بلدية زانوش أن السلطة المحلية واللامركزية أحد أبرز أشكال الديمقراطية في البلاد، بينما %31.7 منهم يعتبرون أنها الى حد ما تمثل السلطة المحلية شكل من أشكال الديمقراطية، فيما أن %29.3 منهم يعتبرون أن السلطة المحلية واللامركزية ليست شكل من  أشكال الديمقراطية في البلاد.

a10.jpg

 

وكان لا بد من طرح سؤال يتعلق بإنشاء صحافة محلية والتركيز أكثر على صحافة القرب وصحافة المواطنة من شأنه أن يعزز السلطة المحلية وحق الجمهور في الاعلام والنفاذ الى المعلومة خاصة وأن هذا الاستبيان والعمل الصحفي ينجز في إطار برنامج "مراسلو الديمقراطية المحلية "(مراسلون) Mourasiloun  والذي  يهدف إلى المساهمة في إنشاء صحافة محلية ناجعة،  حيث يؤيد %82.9 من متساكني بلدية زانوش المشاركين في هذا الاستبيان أن إنشاء صحافة محلية والتركيز أكثر على صحافة القرب وصحافة المواطنة من شأنه أن يعزز السلطة المحلية وحق الجمهور في الاعلام والنفاذ الى المعلومة، فيما أعتبر %9.8 منهم أن ذلك صحيح وناجع نوعا ما، بينما نفى %4.9 منهم هذه الفرضية وأما البقية أي %2.4 منهم خيروا عدم الإجابة مثلما هو مبين في هذا الرسم

a11.jpg

الصعوبات الهيكلية والادارية

بدوره رئيس بلدية زانوش، عبد القادر علياني، أفاد في لقاءه مع "الصباح" أن "بلدية زانوش تعيش عديد الصعوبات الهيكلية والادارية، كما أنه أقر بعدم تطبيق المجلس البلدي لكافة الوعود الانتخابية، خاصة وأن البلدية من البلديات المحدثة ويفوق عدد سكان البلدية 16 ألف ساكن على مساحة جغرافية كبيرة نسبيا، تم تنصيب المجلس البلدي بها يوم 5 جويلية 2018…".

وأضاف العلياني، في علاقة بتنفيذ الوعود الانتخابية المقدمة من القائمات المترشحة للانتخابات البلدية 2018، أن " جل القائمات وعدت بالقيام بعديد المشاريع الضرورية للبلدية وقد وعدت شخصيا باقتراح عدة مشاريع لفائدة المنطقة من أجل توفير مختلف المرافق الحياتية والادارية وتحسين جودة الخدمات وإرساء ادارة مهيكلة وخلق فضاءات ثقافية وشبابية...، وهو ما تم طرحه فعليا في اجتماعات برامج الاستثمار البلدي والجلسات المتعددة مع صندوق القروض ومساعدة الجماعات المحلية، وبعد 3 سنوات من تنصيب المجلس البلدي للأسف والى حد الان لم يقع الشروع في أي مشروع من المشاريع البلدية التي تم اقتراحها هو ما يحيلنا إلى البيروقراطية المقيتة التي تعيشها الادارة التونسية والتي انعكست سلبا على سير عمل  المجالس البلدي، كما أن هناك رغبة لإظهار المجالس البلدية وكأنها عاجزة على الإيفاء بتعهداتها من خلال التأخير في تنفيذ المشاريع وليس هناك أي مبرر لبقاء مشاريع في الرفوف لأكثر من سنتين بتعلة الدراسات…".

وأشار رئيس البلدية، أن "زانوش  مازالت تعاني من عديد النقائص والمتمثلة أساسا في نقص الموارد البشرية ومنذ تاريخ الإعلان عن إحداث البلديات المحدثة وعد وزير الشؤون المحلية والبيئة، رياض الموخر، حينها  بدعم الموارد البلدية والبشرية لهذه البلديات مثل انتداب 5 اطارات في مختلف الاختصاصات لفائدة كل بلدية محدثة من أجل دعمها ومرافقتها، إلا أن ذلك لم يحدث فعلا وظل حبرا على ورق بالرغم من تعاقب الوزراء، وفي نفس الوقت لم يتم اضافة دعم مادي لبلدية زانوش مثلا بالقيام بمناظرة لانتداب اعوان واطارات بإمكانهم المساهمة في تطوير العمل البلدي…".

وفي حديثه عن المشاركة المواطنية في العمل البلدي، قال رئيس بلدية زانوش عبد القادر علياني أن هناك عزوف كبير عن المشاركة في الشأن المحلي حتى أن هناك جلسة تم عقدها دون حضور أي مواطن بالرغم من الاعلان عنها وتوجه بدعوة في نفس الصدد الى " مختلف متساكني  ومتساكنات بلدية زانوش بمزيد المشاركة في العمل البلدي من خلال الحضور في الجلسات وتقديم المقترحات، وكذلك  أوجه دعوة الى مختلف الفاعلين في المجتمع المدني لمزيد تدعيم الانشطة الثقافية والمدنية والتعاون مع البلدية في القيام بعدة نشاطات ومبادرات لفائدة متساكني ومتساكنات المنطقة ...، فالتنمية وتحسين جودة الحياة بأي منطقة ليس فقط عمل اداري بل هو عمل تشاركي وهي من بين مبادئ السلطة المحلية واللامركزية.

صعوبات مالية وهيكلية

كما اعتبر الخبير في الشؤون المحلية، بلال المناعي، في تصريح لـ"الصباح"،

" أن البلديات في تونس تعيش وضعيات صعبة خاصة منها البلديات المحدثة  التي يفتقر جزء كبير منها للمقرات والموارد البشرية الضرورية وكذلك المعدات والتجهيزات، وبالرغم من الالتزامات المتكررة من الحكومات المتتالية لمساعدة ومرافقة البلديات من خلال برامج دعم شهدت تعطيلات كبيرة، وهو ما انعكس على مسار تركيز السلطة المحلية خلال السنوات الثلاث الأخيرة اد تعيش البلديات صعوبات مالية وهيكلية كبيرة مما انعكس سلبا على تنفيذ المشاريع البلدية وعلاقة السلطة المحلية مع المواطنين".

وأضاف المناعي، أن  " مسار اللامركزية في تونس هو محل متابعة من مختلف الأطراف الفاعلة في المجال وهناك نتائج طيبة تحققت خاصة على مستوى العمل البلدي، وحلحلة المشاريع التنموية واضفاء حركية على مستوى الإدارات البلدية، إلا أن ذلك لا يخفي أن هناك نقائص وصعوبات ومنها التجاذبات السياسية في عدة مجالس بلدية انعكس على عدم استقرار  المجالس واستقالة أكثر من 70 رئيس بلدية وحل  أكثر من 30 مجلس بلدي وإجراء انتخابات جزئية في أكثر من 25 مجلس بلدي، مع ضعف كبير في الموارد المالية للبلديات...، ولكن اجمالا هو مسار إصلاحي للإدارة التونسية وتدعيم المشاركة المواطنية في السلطة المحلية يتطلب مزيد تدعيمه".

مزيد التفاصيل في الرابط التالي

 توصيات  لدفع مسار اللامركزية

بدورها الجامعة الوطنية للبلديات أفادت في تقريرها التأليفي لـ  "الاستشارة حول مسار اللامركزية من منظور البلديات"، وهو نتيجة استشارة وطنية للبلديات التونسية نظمت بدعم من مشروع " تعزيز السلطة المحلية في تونس" لمؤتمر السلطات المحلية والإقليمية لمجلس أوروبا بين   نوفمبر 2020 وفيفري 2021، شاركت فيها  320 بلدية تونسية (من مجموع  350 بلدية ) في هذا الجهد الذي ركز على ستة مجالات ذات أولوية: النظام الأساسي للمنتخبين المحليين، استقرار المجالس البلدية، العلاقات بين المنتخبين والإدارة البلدية، علاقة البلديات مع الإدارة، المصالح الإدارية للدولة والمؤسسات و المنشآت العمومية، النظام المالي للبلديات، والديمقراطية التشاركية والحوكمة المفتوحة، حيث تهدف  هذه الاستشارة الى تقديم تشخيص متكامل لواقع البلديات وتقديم توصيات  لدفع مسار اللامركزية «.، وفق ما صرّح به عدنان بوعصيدة، رئيس الجامعة الوطنية للبلديات التونسية.

كما كشف ذات التقرير أن المجالــس البلديــة المنتخبــة ســنة 2018 ظلت فــي جــزء كبيــر منهــا تعانـي مـن عــدم استقرار. واثّــر هــذا ســلبا علــى سالســة العمــل البلــدي وتســبب فــي تدهــور صــورة المجالــس لــدى المتساكنين وتدني منسوب الثقــة فيهــا، مما تسبب بالتالي توتــرا فــي العلاقــة بيــن المواطــن و البلديــة ومــن يمثلها.

لقــد ســاهمت الطريقــة التــي تــم اعتمادهــا مــن قبــل المشــرع فــي القانــون الانتخابــي الفصــل 117 خامسا من مجلــة الجماعـات المحليـة و الفصــل 203 بخصــوص انتخاب رئيــس البلديــة ومساعديه، فــي تفاقــم التجاذب داخــل المجالـس البلديــة باعتبار أن انتخابهــم لــم يعــد خاضعــا لإرادة الناخبين وإنمــا لتفاهمــات قائمــة علــى توازنــات هشــة تبــرز مباشــرة بعــد الاعلان  عــن النتائــج النهائيــة للانتخابــات البلديــة وتتأثر بعــد وقــت قصيــر مســببة توتــرا كبيــرا بيــن المجلــس ورئيسه الذي  يجــد حالــه فــي أحيــان كثيــرة مهددا بانهيــار المجلــس بأكمله.

"وتجعــل هــذه الطريقــة كل رؤسـاء القائمــات معنييــن بتــرأس البلديــة ويدفعهــم نفــس الطمــوح حتــى إن لــم يكــن ذلــك مســتندا إلــى تمثيليــة واضحــة وواســعة. إذ يكفــي أن يوجــد اتفــاق مــع مكونــات أخــرى علــى أســاس ترضيــات أو تبــادل مصالــح. بمــا يجعــل قواعــد اللعبــة غير واضحـة المعالم وخاضعة لتقلبات المواقــف واالمزجــة ومحكومة بالعشــوائية. ويفاقــم كل ذلــك المخاطــر على اســتقرار المجالـس البلديــة ويهدد الســير الطبيعــي للعمــل البلــدي. هــذا فضلا عــن التجاذبــات والخالفــات التــي تصــل إلــى رفــع الدعــاوى والطعــون فــي صحــة انتخــاب رئيس البلديــة ومساعديه. فــي هــذا الســياق، تمثــل التجربــة الســابقة فــي انتخابــات 2018 أكبــر دليــل علــى مخاطــر هــذه الطريقــة إذ بقيــت بعــض المجالـس معطلــة لأشــهر لعــدم استكمال عمليــة انتخــاب الرئيــس ومساعديه بمــا أثــر ســلبا علــى العمــل البلــدي وعلــى صــورة المنتخبين والالمركزية لــدى المواطنيـن.

استقرار المجالـس البلديــة

لذلـك فــإنّ أحــد متطلبــات الحفــاظ علــى استقرار المجالـس البلديــة، يكمـن فــي مراجعــة طريقــة اختيــار رئيــس البلديــة. ويمكـن فــي هــذا الاطــار اعتماد الطريقــة التــي كانــت مقترحــة فــي مشــروع مجلــة الجماعـات المحليـة قبــل ان يتــم استبدالها فيمــا بعــد والمتمثلة فـي أن يكــون رئيــس القائمــة الفائــزة بأكبـر عــدد مــن المقاعــد هــو مــن يتولى منصب رئيــس البلديّــة. وكما هو الحال في بلدية زانوش من ولاية قفصة لم يكن رئيس البلدية الحالي ضمن القائمة التي فازت بأغلبية المقاعد بل كان مترشحا عن قائمة مستقلون التي تحصلت على 3 مقاعد بينما تحصلت كل من قائمة الأمل والقائمة المستقلة للعمل والتنمية على 4 مقاعد لكل منهما.

دعم ومرافقة "الشؤون المحلية" للبلديات

كما اعتبر رئيس الهيئة العامة الاستشراف و مرافقة مسار اللامركزية بوزارة الشؤون المحلية والبيئة، منذر بوسنينة، في تصريح لـ"الصباح" حول تقييمه لمسار اللامركزية منذ الانتخابات البلدية لسنة 2018 إلى الآن "أنه لا يمكن تقييم مسار بحجم مسار اللامركزية في 3 سنوات فقط فهو صورة مصغرة من طريق طويل..، وهو بناء على موارد بشرية كانت  محدودة بشكل كبير إذ كانت نسبة التأطير لا تتجاوز %11 منهم %80 من العملة وبقية النسبة مقسمة بين أعوان  وإطارات فنية بنسبة أقل...، فالموارد المالية للبلديات لا تتجاوز %4  من حجم ميزانية الدولة ، وفي الجانب القانوني والمؤسساتي لم يكن النظام اللامركزي كما هو عليه الآن وكان عبارة عن امتداد للمؤسسات المركزية للدولة بإشراف  السلطة اللامحورية للوالي  دور كبير في ذلك، إلا أن السلطة المحلية الحالية تجسمت في الباب السابع للدستور ومجلة الجماعات المحلية من خلال إعطاء صلاحيات وتصور جديد لممارسة السلطة اللامركزية في مستوياتها الثلاثة ( البلديات، الجهات، الأقاليم)".

وأكد بوسنينة، أنه " في مجال الـ 86 بلدية المحدثة ما بعد سنة 2015، منها %20 لا تحتوي على مركز عمراني أي لا يوجد تجمع سكني يوجد حوله متساكنين و%30 من البلديات المحدثة بها مركز سكاني وحيد يمثل النواة الاساسية للمطقة، وبقية البلديات المحدثة أي %50 منها بها أكثر من تجمع سكاني وحيد، حيث كان المعيار في احداث بلديات أن تكون المسافة بين تواجد تجمع سكني يفوق أو يساوي 20 كلم عن تجمع سكني اخر مجاور".

، بالرغم مما تعيشه البلديات في تونس المحدثة منها والبلديات الأخرى من عدم استقرار الذي انعكس على أدائها، مشيرا في نفس اللقاء الى الدعم المالي للوزارة للبلديات ( التفاصيل في الفيديو المصاحب)

يشار الى  أنه في الانتخابات البلدية بزانوش  ترشحت 5 قائمات منها 3 قائمات مستقلة وهي قائمة الأمل( 4 مقاعد)  والقائمة المستقلة للعمل والتنمية  ( 4 مقاعد)  وقائمة مستقلون ( 3 مقاعد)، بالاضافة الى قائمتين حزبيتين وهما قائمة حركة نداء تونس ( 4 مقاعد) وقائمة حركة النهضة ( 3 مقاعد). وقد بلغ عدد الناخبين الدين قاموا بالتصويت 3642 ناخبا من جملة 7039 مرسما في الدائرة الانتخابية، وفقا لما نشرته  الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في قرارها المتعلق بتصريح  النتائج النهائية لانتخابات بلدية زانوش المنشور بتاريخ 17 ماي 2018.

الضمانات الدستورية للسلطة المحلية

لم يعطي الدستور التونسي القديم الصادر سنة 1959 أهمية كبيرة للسلطة المحلية واللامركزية بقدر ما اهتمامه باللامحورية،  إذ تضمّن مادةً واحدة فقط تتعلّق بالجماعات المحلّية وهي الفصل 71 وهي "تمارس المجالس البلدية والمجالس الجهوية والهياكل التي يمنحها القانون صفة الجماعة المحلية المصالح المحلية حسبما يضبطه القانون"، بينما لم يتم ذكر مصطلح "اللّامركزية".  أما في الدستور التونسي الجديد الصادر في 26 جانفي 2014، فقد تمّ إتاحة باب  باب كامل للسلطة المحلية ألا وهو الباب السابع من الدستور بعنوان "السلطة المحلّية" يتكون من  12 فصلاً  وهي الفصول من 131 إلى 142، بالإضافة إلى الفصلين 14 و 15 حيث تحتلّ اللّامركزية ما يقرب من 10% من أحكام الدستور.

جدير بالذكر أن  هذا التقرير الصحفي  أنجز في إطار برنامج تدريبي ألا وهو "مراسلو الديمقراطية المحلية "(مراسلون) Mourasiloun من تنظيم  المؤسسة الدولية للنظم الانتخابية IFES مكتب تونس، حيث يهدف هذا البرنامج الى المساهمة في إنشاء صحافة محلية ناجعة عبر شبكة من المراسلين والمراسلات المحليين والمحليات من ولايات مختلفة، حيث تم  إنجاز عدد من المواضيع الصحفية الأخرى المتعلقة بالديمقراطية المحلية وصحافة القرب تحت عنوان "بلدية زانوش من ولاية قفصة: أي تقييم للمشاركة المواطنية في العمل البلدي؟" وكذلك "  بلدية سوسة : نفاذ الأشخاص ذوي الاعاقة للبلدية والأماكن العامة "طريق محفوف بالمخاطر ينتظر تطبيق القانون"، اضافة الى موضوع "مرجان طبرقة: ثروة في طريقها للاندثار، فهل يكون الحل في إدماجها في المنوال الاقتصادي للبلدية ؟" و مقال صحفي آخر متعدد المنصات عن بلدية زانوش تحت  عنوان " زانوش - قفصة / رئتا المنطقة تخنقهما المصبات العشوائية.. فأين دور البلدية؟".

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews