إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

القيروان.. مشهد يقلق الأولياء والمربين: تلاميذ خارج أسوار المؤسسات التربوية

في جولة صباحية وسط مدينة القيروان، وتحديدا في محيط عدد من المعاهد والإعداديات، يلفت الانتباه مشهد غير مريح: أعداد كبيرة من التلاميذ متفرقة في مجموعات صغيرة، يجلسون تحت الجدران وأمام المحلات المغلقة، وعلى عتبات المؤسسات التربوية.. مشهد يومي أصبح مألوفا لدى المارة، لكنه يثير القلق لما يحمله من دلالات تربوية واجتماعية عميقة.

هذه الظاهرة التي تتوسع سنة بعد أخرى، تكشف عن أزمة في العلاقة بين التلميذ ومدرسته. فبدل أن تكون المدرسة فضاء جاذبا يحتضن المتعلم داخل أسوارها، أصبحت في كثير من الأحيان فضاء طاردا، لا يجد فيه التلميذ مكانا يقضي فيه أوقات الانتظار بين الحصص أو فترات الفراغ. والنتيجة أن شوارع المدينة تحولت إلى "فضاء بديل" يفتقد كل مقومات التأطير والحماية.

تعددت أسباب هذه الظاهرة، فهناك مشكل النقل الذي يضطر بعض التلاميذ إلى البقاء ساعات طويلة قرب المدارس في انتظار موعد الدخول أو العودة، إلى جانب غياب فضاءات مهيّأة للمراجعة أو الاستراحة داخل المؤسسات التربوية. كما أن ضعف الأنشطة الموازية وغياب النوادي الثقافية والرياضية يجعل المدرسة بالنسبة للتلميذ مكانا جامدا لا حياة فيه. 
يضاف إلى ذلك الهروب المتزايد من الدروس نتيجة الإحباط، والضغط، وطبيعة العلاقة الصارمة أحيانا بين المتعلم والمربين.

في ظل كل ذلك، يبدو أن الحل لا يقتصر على معالجة ظاهرية للمشكل، بل يتطلب رؤية تربوية شاملة تعيد للمدرسة دورها الاجتماعي والثقافي. 
ويمكن في هذا السياق التفكير في فتح قاعات للمراجعة خلال الأوقات الجوفاء، وتوفير الإطار التربوي الكافي لتأطير التلاميذ، وخلق أنشطة موازية في شكل ورشات ونوادٍ ثقافية ورياضية وبيئية. كما يمكن تمكين المدرسة من تقديم خدمات مساندة مثل الطباعة والبحوث والمطالعة، إلى جانب تأمين محيطها وضبط مواعيد فتح وغلق الأبواب بصرامة.


مروان الدعلول 

 القيروان.. مشهد يقلق الأولياء والمربين: تلاميذ خارج أسوار المؤسسات التربوية

في جولة صباحية وسط مدينة القيروان، وتحديدا في محيط عدد من المعاهد والإعداديات، يلفت الانتباه مشهد غير مريح: أعداد كبيرة من التلاميذ متفرقة في مجموعات صغيرة، يجلسون تحت الجدران وأمام المحلات المغلقة، وعلى عتبات المؤسسات التربوية.. مشهد يومي أصبح مألوفا لدى المارة، لكنه يثير القلق لما يحمله من دلالات تربوية واجتماعية عميقة.

هذه الظاهرة التي تتوسع سنة بعد أخرى، تكشف عن أزمة في العلاقة بين التلميذ ومدرسته. فبدل أن تكون المدرسة فضاء جاذبا يحتضن المتعلم داخل أسوارها، أصبحت في كثير من الأحيان فضاء طاردا، لا يجد فيه التلميذ مكانا يقضي فيه أوقات الانتظار بين الحصص أو فترات الفراغ. والنتيجة أن شوارع المدينة تحولت إلى "فضاء بديل" يفتقد كل مقومات التأطير والحماية.

تعددت أسباب هذه الظاهرة، فهناك مشكل النقل الذي يضطر بعض التلاميذ إلى البقاء ساعات طويلة قرب المدارس في انتظار موعد الدخول أو العودة، إلى جانب غياب فضاءات مهيّأة للمراجعة أو الاستراحة داخل المؤسسات التربوية. كما أن ضعف الأنشطة الموازية وغياب النوادي الثقافية والرياضية يجعل المدرسة بالنسبة للتلميذ مكانا جامدا لا حياة فيه. 
يضاف إلى ذلك الهروب المتزايد من الدروس نتيجة الإحباط، والضغط، وطبيعة العلاقة الصارمة أحيانا بين المتعلم والمربين.

في ظل كل ذلك، يبدو أن الحل لا يقتصر على معالجة ظاهرية للمشكل، بل يتطلب رؤية تربوية شاملة تعيد للمدرسة دورها الاجتماعي والثقافي. 
ويمكن في هذا السياق التفكير في فتح قاعات للمراجعة خلال الأوقات الجوفاء، وتوفير الإطار التربوي الكافي لتأطير التلاميذ، وخلق أنشطة موازية في شكل ورشات ونوادٍ ثقافية ورياضية وبيئية. كما يمكن تمكين المدرسة من تقديم خدمات مساندة مثل الطباعة والبحوث والمطالعة، إلى جانب تأمين محيطها وضبط مواعيد فتح وغلق الأبواب بصرامة.


مروان الدعلول