إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

خليج المنستير : تلوّث متواصل.. وضع بيئي يستغيث.. وحلول جاهزة تنتظر التمويل

 

"مياه ملوّثة وراكدة تشعّ بالسّواد.. روائح كريهة..اختفاء للأنشطة البحرية وقوارب الصيد.. تصحر للنباتات".. تلك هي حالة خليج المنستير الذي بات يوصّف بالمنطقة "الميّتة" والذي ما فتئت تتعالى الأصوات بشأنه للتدخّل العاجل وإنقاذ المواطنين من وضع بيئي يهدّدهم ويعيشونه لأكثر من عقدين من الزمن.

 
يمتدّ خليج المنستير على مساحة 1700 هكتار حيث يبلغ طول سواحله من رأس المنستير الى رأس الديماس بمنطقة البقالطة حوالي 31 كلم كما أنّه يتميّز وفق دراسة للمنتدى الاقتصادي بتنوّع الأعشاب والحيوانات البحرية مما يجعل المنطقة ذات موقعا إيكولوجيا متنوعا وحسّاسا وملائما جدا لتكاثر الأسماك والرخويات والقشريات.
 
وعلى طول سواحل هذا الخليج تمتدّ 7 مدن هي من الشمال في اتجاه الجنوب المنستير وخنيس وقصيبة المديوني ولمطة وصيادة وطبلبة والبقالطة.
 
ويرى نشطاء بالمجتمع المدني أنّ ما يعيشه خليج المنستير من تلوّث هو نتيجة لسياسات يصفونها بــ"الفاشلة" تمّ انتهاجها منذ أكثر من عقدين من الزمن ولإدارة "عشوائية" لا ترتقي إلى حلّ المشكل.
 
اعتداءات بيئيّة
 
كما يشير نشطاء المجتمع المدني إلى أنّ الخليج يتعرّض إلى اعتداءات بيئية متنوعة مثل السكب المباشر للمياه المستعملة وسكب المياه الصناعية والصرف العشوائي للمياه المنزلية من شبكات التطهير.
 
ويحذّر هؤلاء من "كارثة" بيئيّة قد تحدث بين الفينة والأخرى خاصة وأنّ الخليج يشهد في السنوات الأخيرة تزايدا ملحوظا في مستويات التلوّث ممّا يهدّد البيئة البحرية وصحّة السكان المحليين كما أنّه شهد نفوق أعداد كبيرة من الكائنات البحرية.
 
ويقول رئيس فرع المنتدى الاقتصادي والاجتماعي منير حسين إنّ "خليج المنستير يعكس تداعيات منوال تنموي "متوحش" يستند إلى اقتصاد استخراجي يقوم أساسا على إهدار الموارد الطبيعية ويجسم خيارات وسياسات لا تعطي أي قيمة للاستدامة والموارد الطبيعية".
 
ويشير إلى انّ دراسة تمّ إعدادها سابقا من قبل الديوان الوطني للتطهير صحبة مركز دراسات ألماني تونسي وقدّمت على أنّها تحمل حلولا رفضها المجتمع المدني لأنّها تتضمّن معطيات مغلوطة على غرار تجديد المحطّة بطاقة استعاب 6200 متر مكعب في حين أنه كان يصلها 8000 متر مكعب يوميا آنذاك.
 
ويحمّل المتحدّث المسؤولية إلى الشركات الصناعية الخاصة و محطات التطهير التي تقوم وفق قوله بدور محوري في تلويث خليج المنستير ، موضّحا أنّ التلوّث انطلق مع بداية التسعينات مع استثمارات صناعات النسيج خاصة المتعلقة بمعالجة مواد النسيج وكذلك تركيز محطات التطهير التي تلقي بالمياه المنزليّة في سواحل الخليج دون معالجتها
 
وبيّن أنّ أكثر منطقة ملوّثة هي بحيرة المنستير التي تقع قبالة منطقة صناعية ليمتد التلوث في إتجاه صيادة والآن في اتجاه طبلبة و البقالطة.
 
كما ذكّر في هذا السياق، بمشروع "الكاهنة" الذي قدّمه المنتدى الاقتصادي والإجتماعي والذي يقوم على محورين إثنين، الأوّل يتمثّل في الفصل بين المياه الصناعية والمياه المنزلية والثاني يتعلق بتثمين المياه الصناعية والمنزلية.
 
واقترح المشروع إنشاء مركّب كبير لمعالجة مياه قابلة لاستغلالها في التنمية واستثمارها في الزراعات العلفية.
 
واكّد أنّ المقترح الذي يجب العمل عليه اليوم، هو تحويل محطة صيادة لمطة بوحجر الى محطة ضخ لأن عمرها الافتراضي انتهى، وفق قوله.
 
 
رّ متساكنو الجهة أنّ المنطقة التي باتت اليوم "مصبّا" للمياه المستعملة غير المعالجة كانت متنفّسا لهم لسنوات مضت سواء للسباحة أو للصيد.
 
وكان سكان المدن المحاذية للخليج، وفق معطيات موثقة، يتعاطون منذ القدم مهنة الصيد البحري الساحلي التقليدي في مياه الخليج وبالموانئ التي توجد به ممّا يجعل آلاف من الأسر تعيش من منتجات هذا الخليج.
 
كما يؤكّد الأهالي أنّ تلوث المياه أثّر على صحّتهم الجسدية والنفسية سواء بسبب استهلاك مياه او مأكولات بحرية ملوّثة أو بسبب الروائح الكريهة المنبعثة.
 
وكان رئيس فرع المنتدى بالمنستير ذكر في تصريحات سابقة إنّ التلوّث أدّى الى ظهور أمراض جلدية وتنفسية لدى البحارة وانتشار الأمراض بين السكان.
 
وتمّت المطالبة من عدّة جهات بإعلان حالة الطوارئ بيئية في خصوص الخليج متبوعة باجراءات عاجلة ومتوسطة وبعيدة المدى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من منظومات بيئية ومنظومات انتاج وكذلك حماية للمتساكنين.
 
ضعف آليات الرقابة...
 
من جانبه، يؤكّد رئيس الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بالمنستير مصطفى بن تقيّة أنّ ضعف آليات الرقابة تشكّل أيضا عاملا من عوامل تفاقم التلوّث في الخليج والضغط على طاقة استيعاب محطة التطهير المخصصة لمعالجة المياه المستعملة المنزلية والصناعية.
 
ويوضّح انّ الرّقابة تقتصر فقط على المؤسسات الصناعية المنظّمة أو القائمة بطريقة قانونية وحاصلة على تراخيص، في حين أنّ المؤسسات العشوائية التي لا تقوم بمعالجة مياهها الصناعية تتفصّى من هذه الرقابة
 
وأكدّ المسؤول وجود 400 محطة غسيل للسيارات دون رخصة يقتصر نشاطها المدرج في كراس الشروط على تنظيف الزرابي بما يتسبب في تسجيل نسبة تلوّث تضاهي نسبة تلوّث أكثر من 20 شركة صناعية.
 
كما أكدّ أنّ المؤسسات الصناعية المنظّمة والمستجيبة لشروط إحداثها لديها محطات معالجة لكن أحيانا تقع زيادة في الإنتاج وأمام ضعف طاقة استيعاب المحطات المخصصة لمعالجة المياه تفقد المحطة قدرتها على معالجة المياه لتصبّ في الخليج دون معالجة.
 
وأشار إلى أنّ غياب محطات التطهير يؤثّر مباشرة على الاستثمار لأنّ الشركات الصناعية الراغبة في الاستثمار بالجهة ترفض أن تقوم بذلك في غياب محطة تطهير تستقبل المياه المستعملة.
 
 طاقة استعاب غير كافية
 
تؤكّد رئيسة التصفية وتحاليل السكب الصناعي بديوان التطهير رشيدة شرّادة أنّ أزمة تلوّث خليج المنستير انطلقت بداية التسعينات وأنّه تمّ إحداث محطّة تطهير القصيبة لمطة بوحجر سنة 1993 بسعة معالجة مياه تقدّر بـ 1660 متر كم في اليوم ومعالجة 600 كلغ تلوّث بيولوجي يوميا لكن اليوم باتت طاقة استيعابها ضعيفة وتقدّر ب 400 بالمائة في خصوص معالجة التلوّث الهيدروليكي او البيولوجي.
 
ولفتت إلى أنّ محطة تطهير لمطة أحدثت لمعالجة المياه المستعملة لــ3 مدن غير أنّها أصبحت تستقبل مياه الصرف الصحي لــ6 مدن بما يفوق بكثير طاقة استعابها
 
 حلول وعراقيل ..
 
عن الحلول، قالت رئيسة التصفية وتحاليل السكب الصناعي بديوان التطهير رشيدة شرادة، أنّه سيقع إضافة محطة جاهزة أخرى في محطة لمطة بوحجر بطاقة استيعاب معالجة مياه يومية 1000 متر كم .
 
وأوضحت أنّه توجد أيضا محطة تصفية صناعية في المكنين لقبول مياه الجهة ككل ستكون جاهزة قريبا إضافة إلى محطة صناعية في القطب التكنولوجي .
 
في المقابل، أكدّت المسؤولة أنّه وقعت دراسة انطلقت سنة 2002 وانتهت سنة 2009 بتكلفة مشروع 35 مليون دينار لكن المجتمع المدني رفض إعادة المحطة في موقعها ليتم إثرها الانطلاق في دراسة أخرى انتهت سنة 2023، لكن تكلفة المشروع أصبحت 125 مليار
 
وأفادت بأن الدراسة اليوم جاهزة والملف موضوع على طاولة الأطراف المتداخلة والجهات الرسميّة المعنية ، قائلة " لكن هذه الدراسة في انتظار التمويلات للتنفيذ وإنجاز المشاريع المعطلة" .
 
وبيّنت أنّ رئيس الجمهورية يولي المسألة أهمية قصوى وأنّ لجنة الصفقات أدرجت المشاريع المذكورة والمتعلقة بإنشاء محطات التطهير خلال شهر جانفي 2025 ضمن الصفقات المعطلة لإعطائها أولوية في التمويلات
 
وكان والي الجهة أكدّ، في لقائه بوفد وكالة تونس افريقيا للأنباء، أنّه سيتم إحداث محطة تطهير جديدة بمعتمدية لمطة صيادة بوحجر وأخرى جديدة بالقطب التكنولوجي بكلفة 65 مليون دينار ستعمل على الحد من التلوّث ، إضافة إلى محطة تطهير المياه الصناعية بالمكنين التي ستكون جاهزة ستحدّ من التلوّث البيئي من خلال معالجة ما يقارب 5000 متر مكعّب من المياه الملوّثة المتأتية من عدد من المؤسسات الصناعية على غرار قصر هلال المكنين وبوحجر.
 
وقال إنّ الدراسات جاهزة بانتظار التمويل وأنّ جلسة ستنقعد قريبا لحلحلة هذا المشروع في إطار إيجاد حلول جذرية للتلوث الذي اكتسح خليج المنستير.
 
وأكد أنّ جلسة ستنقعد قريبا لحلحلة هذا المشروع في إطار إيجاد حلول جذرية للتلوث الذي اكتسح خليج المنستير.
 
وتم التأكيد على أنّ كلفة مشروع محطتي لمطة صيادة بوحجر ومحطة تطهير القطب التكنولوجي تتجاوز 190 مليون دينار وبانتظار التمويلات الجاري البحث عنها لإنجازهما.
 
وكان رئيس الجمهورية قد أدّى يوم 10 جويلية 2025 زيارة فجئيّة إلى خليج المنستير لمعاينة الوضع البيئي وتحوّل إلى شاطئ قصيبة المديوني ، أين تواصل مع عدد من المواطنين الذين أعربوا عن استيائهم من الوضع البيئي في منطقتهم.
 
وفي لقائه بوزير البيئة، دعا رئيس الجمهورية باتخاذ إجراءات عاجلة بالتنسيق مع كلّ الإدارات المعنية لوضع حدّ للاعتداء السافر المتواصل منذ سنوات على البيئة وحماية الشريط الساحلي في كلّ مناطق الجمهورية
 
وذكّر رئيس الدولة، بأنّ الحق في بيئة سليمة هو حق من حقوق الانسان فضلا عن انّ الدولة محمول عليها وفق الدستور ضمان الحق في بيئة سليمة ومتوازنة والمساهمة في سلامة المناخ مع توفير الوسائل الكفيلة بالقضاء على التلوّث البيئي.
 
بدوره، كان وزير البيئة أجرى زيارات إلى المنطقة شهر جويلية 2025 أيضا، وأشرف على مجلس جهوي للبيئة بالولاية خصّص لتدارس الحلول الكفيلة باستصلاح خليج المنستير في ظلّ التحدّيات البيئية التي توجهها الجهة.
 
وأكّد على جاهزيّة الدراسات الخاصّة بكلّ من محطّة التطهير بالمنستير الشمالية (صيادة –لمطة – بوحجر) ومحطة تطهير القطب التكنولوجي
 
ولفت إلى أنّ التنسيق جار مع وزارة المالية لتوفير الاعتمادات الضرورية لإطلاق هذه المشاريع في أقرب الآجال.
 
وات
 
خليج المنستير : تلوّث متواصل.. وضع بيئي يستغيث.. وحلول جاهزة تنتظر التمويل
 

"مياه ملوّثة وراكدة تشعّ بالسّواد.. روائح كريهة..اختفاء للأنشطة البحرية وقوارب الصيد.. تصحر للنباتات".. تلك هي حالة خليج المنستير الذي بات يوصّف بالمنطقة "الميّتة" والذي ما فتئت تتعالى الأصوات بشأنه للتدخّل العاجل وإنقاذ المواطنين من وضع بيئي يهدّدهم ويعيشونه لأكثر من عقدين من الزمن.

 
يمتدّ خليج المنستير على مساحة 1700 هكتار حيث يبلغ طول سواحله من رأس المنستير الى رأس الديماس بمنطقة البقالطة حوالي 31 كلم كما أنّه يتميّز وفق دراسة للمنتدى الاقتصادي بتنوّع الأعشاب والحيوانات البحرية مما يجعل المنطقة ذات موقعا إيكولوجيا متنوعا وحسّاسا وملائما جدا لتكاثر الأسماك والرخويات والقشريات.
 
وعلى طول سواحل هذا الخليج تمتدّ 7 مدن هي من الشمال في اتجاه الجنوب المنستير وخنيس وقصيبة المديوني ولمطة وصيادة وطبلبة والبقالطة.
 
ويرى نشطاء بالمجتمع المدني أنّ ما يعيشه خليج المنستير من تلوّث هو نتيجة لسياسات يصفونها بــ"الفاشلة" تمّ انتهاجها منذ أكثر من عقدين من الزمن ولإدارة "عشوائية" لا ترتقي إلى حلّ المشكل.
 
اعتداءات بيئيّة
 
كما يشير نشطاء المجتمع المدني إلى أنّ الخليج يتعرّض إلى اعتداءات بيئية متنوعة مثل السكب المباشر للمياه المستعملة وسكب المياه الصناعية والصرف العشوائي للمياه المنزلية من شبكات التطهير.
 
ويحذّر هؤلاء من "كارثة" بيئيّة قد تحدث بين الفينة والأخرى خاصة وأنّ الخليج يشهد في السنوات الأخيرة تزايدا ملحوظا في مستويات التلوّث ممّا يهدّد البيئة البحرية وصحّة السكان المحليين كما أنّه شهد نفوق أعداد كبيرة من الكائنات البحرية.
 
ويقول رئيس فرع المنتدى الاقتصادي والاجتماعي منير حسين إنّ "خليج المنستير يعكس تداعيات منوال تنموي "متوحش" يستند إلى اقتصاد استخراجي يقوم أساسا على إهدار الموارد الطبيعية ويجسم خيارات وسياسات لا تعطي أي قيمة للاستدامة والموارد الطبيعية".
 
ويشير إلى انّ دراسة تمّ إعدادها سابقا من قبل الديوان الوطني للتطهير صحبة مركز دراسات ألماني تونسي وقدّمت على أنّها تحمل حلولا رفضها المجتمع المدني لأنّها تتضمّن معطيات مغلوطة على غرار تجديد المحطّة بطاقة استعاب 6200 متر مكعب في حين أنه كان يصلها 8000 متر مكعب يوميا آنذاك.
 
ويحمّل المتحدّث المسؤولية إلى الشركات الصناعية الخاصة و محطات التطهير التي تقوم وفق قوله بدور محوري في تلويث خليج المنستير ، موضّحا أنّ التلوّث انطلق مع بداية التسعينات مع استثمارات صناعات النسيج خاصة المتعلقة بمعالجة مواد النسيج وكذلك تركيز محطات التطهير التي تلقي بالمياه المنزليّة في سواحل الخليج دون معالجتها
 
وبيّن أنّ أكثر منطقة ملوّثة هي بحيرة المنستير التي تقع قبالة منطقة صناعية ليمتد التلوث في إتجاه صيادة والآن في اتجاه طبلبة و البقالطة.
 
كما ذكّر في هذا السياق، بمشروع "الكاهنة" الذي قدّمه المنتدى الاقتصادي والإجتماعي والذي يقوم على محورين إثنين، الأوّل يتمثّل في الفصل بين المياه الصناعية والمياه المنزلية والثاني يتعلق بتثمين المياه الصناعية والمنزلية.
 
واقترح المشروع إنشاء مركّب كبير لمعالجة مياه قابلة لاستغلالها في التنمية واستثمارها في الزراعات العلفية.
 
واكّد أنّ المقترح الذي يجب العمل عليه اليوم، هو تحويل محطة صيادة لمطة بوحجر الى محطة ضخ لأن عمرها الافتراضي انتهى، وفق قوله.
 
 
رّ متساكنو الجهة أنّ المنطقة التي باتت اليوم "مصبّا" للمياه المستعملة غير المعالجة كانت متنفّسا لهم لسنوات مضت سواء للسباحة أو للصيد.
 
وكان سكان المدن المحاذية للخليج، وفق معطيات موثقة، يتعاطون منذ القدم مهنة الصيد البحري الساحلي التقليدي في مياه الخليج وبالموانئ التي توجد به ممّا يجعل آلاف من الأسر تعيش من منتجات هذا الخليج.
 
كما يؤكّد الأهالي أنّ تلوث المياه أثّر على صحّتهم الجسدية والنفسية سواء بسبب استهلاك مياه او مأكولات بحرية ملوّثة أو بسبب الروائح الكريهة المنبعثة.
 
وكان رئيس فرع المنتدى بالمنستير ذكر في تصريحات سابقة إنّ التلوّث أدّى الى ظهور أمراض جلدية وتنفسية لدى البحارة وانتشار الأمراض بين السكان.
 
وتمّت المطالبة من عدّة جهات بإعلان حالة الطوارئ بيئية في خصوص الخليج متبوعة باجراءات عاجلة ومتوسطة وبعيدة المدى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من منظومات بيئية ومنظومات انتاج وكذلك حماية للمتساكنين.
 
ضعف آليات الرقابة...
 
من جانبه، يؤكّد رئيس الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بالمنستير مصطفى بن تقيّة أنّ ضعف آليات الرقابة تشكّل أيضا عاملا من عوامل تفاقم التلوّث في الخليج والضغط على طاقة استيعاب محطة التطهير المخصصة لمعالجة المياه المستعملة المنزلية والصناعية.
 
ويوضّح انّ الرّقابة تقتصر فقط على المؤسسات الصناعية المنظّمة أو القائمة بطريقة قانونية وحاصلة على تراخيص، في حين أنّ المؤسسات العشوائية التي لا تقوم بمعالجة مياهها الصناعية تتفصّى من هذه الرقابة
 
وأكدّ المسؤول وجود 400 محطة غسيل للسيارات دون رخصة يقتصر نشاطها المدرج في كراس الشروط على تنظيف الزرابي بما يتسبب في تسجيل نسبة تلوّث تضاهي نسبة تلوّث أكثر من 20 شركة صناعية.
 
كما أكدّ أنّ المؤسسات الصناعية المنظّمة والمستجيبة لشروط إحداثها لديها محطات معالجة لكن أحيانا تقع زيادة في الإنتاج وأمام ضعف طاقة استيعاب المحطات المخصصة لمعالجة المياه تفقد المحطة قدرتها على معالجة المياه لتصبّ في الخليج دون معالجة.
 
وأشار إلى أنّ غياب محطات التطهير يؤثّر مباشرة على الاستثمار لأنّ الشركات الصناعية الراغبة في الاستثمار بالجهة ترفض أن تقوم بذلك في غياب محطة تطهير تستقبل المياه المستعملة.
 
 طاقة استعاب غير كافية
 
تؤكّد رئيسة التصفية وتحاليل السكب الصناعي بديوان التطهير رشيدة شرّادة أنّ أزمة تلوّث خليج المنستير انطلقت بداية التسعينات وأنّه تمّ إحداث محطّة تطهير القصيبة لمطة بوحجر سنة 1993 بسعة معالجة مياه تقدّر بـ 1660 متر كم في اليوم ومعالجة 600 كلغ تلوّث بيولوجي يوميا لكن اليوم باتت طاقة استيعابها ضعيفة وتقدّر ب 400 بالمائة في خصوص معالجة التلوّث الهيدروليكي او البيولوجي.
 
ولفتت إلى أنّ محطة تطهير لمطة أحدثت لمعالجة المياه المستعملة لــ3 مدن غير أنّها أصبحت تستقبل مياه الصرف الصحي لــ6 مدن بما يفوق بكثير طاقة استعابها
 
 حلول وعراقيل ..
 
عن الحلول، قالت رئيسة التصفية وتحاليل السكب الصناعي بديوان التطهير رشيدة شرادة، أنّه سيقع إضافة محطة جاهزة أخرى في محطة لمطة بوحجر بطاقة استيعاب معالجة مياه يومية 1000 متر كم .
 
وأوضحت أنّه توجد أيضا محطة تصفية صناعية في المكنين لقبول مياه الجهة ككل ستكون جاهزة قريبا إضافة إلى محطة صناعية في القطب التكنولوجي .
 
في المقابل، أكدّت المسؤولة أنّه وقعت دراسة انطلقت سنة 2002 وانتهت سنة 2009 بتكلفة مشروع 35 مليون دينار لكن المجتمع المدني رفض إعادة المحطة في موقعها ليتم إثرها الانطلاق في دراسة أخرى انتهت سنة 2023، لكن تكلفة المشروع أصبحت 125 مليار
 
وأفادت بأن الدراسة اليوم جاهزة والملف موضوع على طاولة الأطراف المتداخلة والجهات الرسميّة المعنية ، قائلة " لكن هذه الدراسة في انتظار التمويلات للتنفيذ وإنجاز المشاريع المعطلة" .
 
وبيّنت أنّ رئيس الجمهورية يولي المسألة أهمية قصوى وأنّ لجنة الصفقات أدرجت المشاريع المذكورة والمتعلقة بإنشاء محطات التطهير خلال شهر جانفي 2025 ضمن الصفقات المعطلة لإعطائها أولوية في التمويلات
 
وكان والي الجهة أكدّ، في لقائه بوفد وكالة تونس افريقيا للأنباء، أنّه سيتم إحداث محطة تطهير جديدة بمعتمدية لمطة صيادة بوحجر وأخرى جديدة بالقطب التكنولوجي بكلفة 65 مليون دينار ستعمل على الحد من التلوّث ، إضافة إلى محطة تطهير المياه الصناعية بالمكنين التي ستكون جاهزة ستحدّ من التلوّث البيئي من خلال معالجة ما يقارب 5000 متر مكعّب من المياه الملوّثة المتأتية من عدد من المؤسسات الصناعية على غرار قصر هلال المكنين وبوحجر.
 
وقال إنّ الدراسات جاهزة بانتظار التمويل وأنّ جلسة ستنقعد قريبا لحلحلة هذا المشروع في إطار إيجاد حلول جذرية للتلوث الذي اكتسح خليج المنستير.
 
وأكد أنّ جلسة ستنقعد قريبا لحلحلة هذا المشروع في إطار إيجاد حلول جذرية للتلوث الذي اكتسح خليج المنستير.
 
وتم التأكيد على أنّ كلفة مشروع محطتي لمطة صيادة بوحجر ومحطة تطهير القطب التكنولوجي تتجاوز 190 مليون دينار وبانتظار التمويلات الجاري البحث عنها لإنجازهما.
 
وكان رئيس الجمهورية قد أدّى يوم 10 جويلية 2025 زيارة فجئيّة إلى خليج المنستير لمعاينة الوضع البيئي وتحوّل إلى شاطئ قصيبة المديوني ، أين تواصل مع عدد من المواطنين الذين أعربوا عن استيائهم من الوضع البيئي في منطقتهم.
 
وفي لقائه بوزير البيئة، دعا رئيس الجمهورية باتخاذ إجراءات عاجلة بالتنسيق مع كلّ الإدارات المعنية لوضع حدّ للاعتداء السافر المتواصل منذ سنوات على البيئة وحماية الشريط الساحلي في كلّ مناطق الجمهورية
 
وذكّر رئيس الدولة، بأنّ الحق في بيئة سليمة هو حق من حقوق الانسان فضلا عن انّ الدولة محمول عليها وفق الدستور ضمان الحق في بيئة سليمة ومتوازنة والمساهمة في سلامة المناخ مع توفير الوسائل الكفيلة بالقضاء على التلوّث البيئي.
 
بدوره، كان وزير البيئة أجرى زيارات إلى المنطقة شهر جويلية 2025 أيضا، وأشرف على مجلس جهوي للبيئة بالولاية خصّص لتدارس الحلول الكفيلة باستصلاح خليج المنستير في ظلّ التحدّيات البيئية التي توجهها الجهة.
 
وأكّد على جاهزيّة الدراسات الخاصّة بكلّ من محطّة التطهير بالمنستير الشمالية (صيادة –لمطة – بوحجر) ومحطة تطهير القطب التكنولوجي
 
ولفت إلى أنّ التنسيق جار مع وزارة المالية لتوفير الاعتمادات الضرورية لإطلاق هذه المشاريع في أقرب الآجال.
 
وات