إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

خبراء الإقتصاد : قانون الانعاش «ثوري».. لكن تنقصه حوافز الاستثماروآليات التمويل

 

تونس- الصباح

شكك العشرات من خبراء الاقتصاد والمحللون ، أمس، من نجاعة قانون إنعاش الاقتصاد الذي صادق عليه البرلمان مساء الاثنين الماضي بعد ايام من الجدل بسبب عدم قدرة الدولة على توفير الاعتمادات المالية في الوقت الراهن الذي يتسم بأزمة مالية غير مسبوقة نتيجة تبعات جائحة كورونا، وكذلك بسبب عدم تضمنه لحوافز تشجع على الاستثمار.

ورغم ما حمله القانون من حزمة تحفيزية طالت أغلب شرائح المجتمع التونسي ، ومساعدات لأغلب القطاعات الإنتاجية والمؤسسات التونسية والافراد ، فإن تطبيقه على الواقع يبدو صعبا وفق العديد من الخبراء وأبرزهم عز الدين سعيدان ووزير التجارة السابق محسن حسن والذين اعتبرا ان انهيار القدرة الشرائية للتونسيين والأزمة المالية الخانقة التي تمر بها البلاد في الآونة الأخيرة ، عاملان يحولان دون نجاح قانون الانعاش الاقتصادي على ارض الواقع.

وكشف وزير المالية علي الكعلي امس، إن “هذا القانون سيتيح للتونسيين جميعا من امتلاك العملة الرقمية "بيتكوين" وفتح حسابات بنكية بالعملة الصعبة، والحصول على قروض سكن بنسبة فائدة ضعيفة لا تتجاوز 3 بالمائة وتسدد على مدة أقصاها 40 عاما”.

واكد الوزير في معرض حديثه عن القانون الجديد، تضمنه لإجراءات من شأنها ان تخفف من العبء الضريبي المفروض على الشركات، ويشجع على دفع الاستثمار، ويسمح للشركات التونسية المصدرة من مضاعفة حجم صادراتها.

قلق من تراجع القدرة الشرائية للتونسيين

ويستبعد الخبراء ، في الوقت الراهن ، وبالنظر الى الارقام الاقتصادية السلبية، نجاح جل الاجراءات التي تم التطرق اليها مرارا في قانون الانعاش الاقتصادي قبل عرضه على انظار البرلمان، خاصة في ظل الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها البلاد، مشددين على ان نجاحه رهين توفير السيولة المالية والسيطرة على الأزمة الصحية التي فرضتها "كورونا" ، والرفع من المستوى المعيشي للتونسيين، بالاضافة الى الحد من نزيف التداين وجدولة الديون الداخلية والخارجية ، وهذه عوامل صعبة التحقيق على المدى القصير.

وسيمنح قانون الانعاش الاقتصادي الذي تم اجهاض محاولات تمريره خلال السنوات الماضية، الشركات العاملة في البلاد تسهيلات للحصول على قروض مصرفية لتعويض خسائرها الناجمة عن الازمة الصحية التي شهدتها البلاد منذ مارس 2020 ، وبشروط وفوائد ميسرة، بالاضافة الى السماح بتسديد جل المعاملات المالية رقميا والتقليص من المعاملات النقدية.

ويرى الخبراء في المسألة المتعلقة بنسبة الفائدة المقترحة بشأن قروض السكن، والسماح لجميع التونسيين بامتلاك منزل، صعوبة تطبيق ذلك على أرض الواقع، ويعزى ذلك الى التراجع المقلق في القدرة الشرائية للتونسيين ،بالاضافة الى مرور البلاد بازمة مالية خانقة تستدعي العمل على الحد من النفقات خلال السنوات القليلة القادمة.

كما اعتبر البعض الآخر، ان القانون لا يشجع مطلقا على الاستثمار والنمو ، بقدر ما قدمه من تسهيلات جبائية لفائدة المؤسسات، ما يعني غياب المحركات الاساسية والتحفيزية التي تشجع على الاستثمار وبعث المشاريع.

ويتضمن القانون الجديد، بحسب نسخة تحصلت "الصباح" عليها ، 20 فصلا يتعلق بعدة مجالات، بينها تخفيف العبء الجبائي على المؤسسات، ودفع الاستثمار من خلال تمكين الشركات من إعادة تقييم عقاراتها حسب قيمتها الحقيقية ، فضلا عن فصول تتعلق بإجراءات لإدراج الأنشطة والعملة المتأتية من الاقتصاد الموازي في الدورة الاقتصادية، عبر تسوية وضعية كافة العاملين، وادماج الاقتصاد غير المنظم في السوق المنظم.

كما يتضمن القانون الجديد لإنعاش الاقتصاد خط تمويل بحوالي 3 مليارات دينار بضمان الدولة لفائدة الشركات المتضررة من الجائحة، بنسبة فائدة سنوية لا تتجاوز 3 في المائة وفترة سداد على 7 سنوات مع مدة إمهال بسنتين، بالاضافة الى إجراءات لمقاومة التهرب الجبائي ودعم الشفافية من ضمنها مضاعفة مقدار معلوم التسجيل القار المستوجب على العقد أو الكتب أو التصريح، وتحسين رقمنة الإدارة وتمكينها من تطوير قاعدة بياناتها، ودعم الشفافية الجبائية بإرساء منصة إلكترونية تسمح لوزارة المالية بمنح شهائد الخصم بعنوان الأداء.

مخاوف من عدم تفعيل القانون مستقبلا

ويخشى بعض الخبراء ان يبقى قانون الانعاش الاقتصادي الذي تمت المصادقة عليه في اجواء من الفوضى، من بقاء جل التدابير حبر على ورق، وهو ما حذر منه أمس، الخبير الاقتصادي أحمد كرم في تصريح اعلامي ، معتبرا أن الفاعلين الاقتصاديين انتظروا كثيرا مثل هذه الاجراءات التي تحفز الاستثمار في مختلف القطاعات، وتمكن من جلب العملة الصعبة للبلاد ، في وقت تشهد فيه ازمة اقتصادية حادة بسبب تبعات الازمة الصحية.

واعتبر كرم ، انه مجرد المصادقة على هذا القانون يعتبر امرا ايجابيا، الا انه من الضروري التسريع في عمليات تفعيله عبر اصدار الاوامر والتراتيب الحكومية ليدخل حيز العمل في اسرع الآجال.

بدوره اعرب الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية في بلاغ له أمس ، الاربعاء ، عن ارتياحه لمصادقة مجلس نواب الشعب على قانون الإنعاش الاقتصادي مثمنا جهود كل من ساهم في إنجاح هذه المبادرة التشريعية و التي تعتبر خطوة هامة على طريق تطوير التشريعات الاقتصادية والمالية وملائمتها مع تشريعات البلدان المتطورة.

فرص عمل جديدة للشباب ورفاهية التونسيين

وقالت منظمة الأعراف في بلاغها ، أن هذا القانون يمثل أرضية مناسبة لتحسين المناخ العام للاستثمار والأعمال وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني وجاذبية الوجهة التونسية، وسيمكن من المحافظة على ديمومة المؤسسات وعلى مواطن الشغل وخلق فرص عمل جديدة خاصة للشباب في كل الجهات والقطاعات، لافتة الى ان القانون يحمل أبعادا اقتصادية ومالية واجتماعية، وجاء في وقت تمر فيه البلاد بأزمة اقتصادية حادة.

ورحبت منظمة الأعراف بتوفير خط تمويل بثلاثة مليارات دينار، وضعت على ذمة المؤسسات بشروط ميسرة وبضمان الدولة وهي خطوة ستساهم في تجاوز المصاعب المالية والاقتصادية الراهنة وستدفع بنسب النمو وتنشيط الاقتصاد.

واجمالا ، استبشرت الاوساط الاقتصادية بما تضمنته فصول القانون الجديد من اجراءات اعتبرها البعض "ثورية" وتتكيف مع التطور الحاصل في العديد من الدول المتقدمة، داعين السلطات الى تفعيل العمل به في اقرب الآجال، وذلك حتى تتمكن تونس من استعادة قدرتها الاقتصادية التي تراجعت خلال السنوات الاخيرة وعمقت من حدتها جائحة "كورونا" ، والمضي نحو بناء اقتصاد قوي ومتين يضمن تحقيق الرفاهية للتونسيين.

سفيان المهداوي

خبراء الإقتصاد :  قانون الانعاش «ثوري».. لكن تنقصه حوافز الاستثماروآليات التمويل

 

تونس- الصباح

شكك العشرات من خبراء الاقتصاد والمحللون ، أمس، من نجاعة قانون إنعاش الاقتصاد الذي صادق عليه البرلمان مساء الاثنين الماضي بعد ايام من الجدل بسبب عدم قدرة الدولة على توفير الاعتمادات المالية في الوقت الراهن الذي يتسم بأزمة مالية غير مسبوقة نتيجة تبعات جائحة كورونا، وكذلك بسبب عدم تضمنه لحوافز تشجع على الاستثمار.

ورغم ما حمله القانون من حزمة تحفيزية طالت أغلب شرائح المجتمع التونسي ، ومساعدات لأغلب القطاعات الإنتاجية والمؤسسات التونسية والافراد ، فإن تطبيقه على الواقع يبدو صعبا وفق العديد من الخبراء وأبرزهم عز الدين سعيدان ووزير التجارة السابق محسن حسن والذين اعتبرا ان انهيار القدرة الشرائية للتونسيين والأزمة المالية الخانقة التي تمر بها البلاد في الآونة الأخيرة ، عاملان يحولان دون نجاح قانون الانعاش الاقتصادي على ارض الواقع.

وكشف وزير المالية علي الكعلي امس، إن “هذا القانون سيتيح للتونسيين جميعا من امتلاك العملة الرقمية "بيتكوين" وفتح حسابات بنكية بالعملة الصعبة، والحصول على قروض سكن بنسبة فائدة ضعيفة لا تتجاوز 3 بالمائة وتسدد على مدة أقصاها 40 عاما”.

واكد الوزير في معرض حديثه عن القانون الجديد، تضمنه لإجراءات من شأنها ان تخفف من العبء الضريبي المفروض على الشركات، ويشجع على دفع الاستثمار، ويسمح للشركات التونسية المصدرة من مضاعفة حجم صادراتها.

قلق من تراجع القدرة الشرائية للتونسيين

ويستبعد الخبراء ، في الوقت الراهن ، وبالنظر الى الارقام الاقتصادية السلبية، نجاح جل الاجراءات التي تم التطرق اليها مرارا في قانون الانعاش الاقتصادي قبل عرضه على انظار البرلمان، خاصة في ظل الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها البلاد، مشددين على ان نجاحه رهين توفير السيولة المالية والسيطرة على الأزمة الصحية التي فرضتها "كورونا" ، والرفع من المستوى المعيشي للتونسيين، بالاضافة الى الحد من نزيف التداين وجدولة الديون الداخلية والخارجية ، وهذه عوامل صعبة التحقيق على المدى القصير.

وسيمنح قانون الانعاش الاقتصادي الذي تم اجهاض محاولات تمريره خلال السنوات الماضية، الشركات العاملة في البلاد تسهيلات للحصول على قروض مصرفية لتعويض خسائرها الناجمة عن الازمة الصحية التي شهدتها البلاد منذ مارس 2020 ، وبشروط وفوائد ميسرة، بالاضافة الى السماح بتسديد جل المعاملات المالية رقميا والتقليص من المعاملات النقدية.

ويرى الخبراء في المسألة المتعلقة بنسبة الفائدة المقترحة بشأن قروض السكن، والسماح لجميع التونسيين بامتلاك منزل، صعوبة تطبيق ذلك على أرض الواقع، ويعزى ذلك الى التراجع المقلق في القدرة الشرائية للتونسيين ،بالاضافة الى مرور البلاد بازمة مالية خانقة تستدعي العمل على الحد من النفقات خلال السنوات القليلة القادمة.

كما اعتبر البعض الآخر، ان القانون لا يشجع مطلقا على الاستثمار والنمو ، بقدر ما قدمه من تسهيلات جبائية لفائدة المؤسسات، ما يعني غياب المحركات الاساسية والتحفيزية التي تشجع على الاستثمار وبعث المشاريع.

ويتضمن القانون الجديد، بحسب نسخة تحصلت "الصباح" عليها ، 20 فصلا يتعلق بعدة مجالات، بينها تخفيف العبء الجبائي على المؤسسات، ودفع الاستثمار من خلال تمكين الشركات من إعادة تقييم عقاراتها حسب قيمتها الحقيقية ، فضلا عن فصول تتعلق بإجراءات لإدراج الأنشطة والعملة المتأتية من الاقتصاد الموازي في الدورة الاقتصادية، عبر تسوية وضعية كافة العاملين، وادماج الاقتصاد غير المنظم في السوق المنظم.

كما يتضمن القانون الجديد لإنعاش الاقتصاد خط تمويل بحوالي 3 مليارات دينار بضمان الدولة لفائدة الشركات المتضررة من الجائحة، بنسبة فائدة سنوية لا تتجاوز 3 في المائة وفترة سداد على 7 سنوات مع مدة إمهال بسنتين، بالاضافة الى إجراءات لمقاومة التهرب الجبائي ودعم الشفافية من ضمنها مضاعفة مقدار معلوم التسجيل القار المستوجب على العقد أو الكتب أو التصريح، وتحسين رقمنة الإدارة وتمكينها من تطوير قاعدة بياناتها، ودعم الشفافية الجبائية بإرساء منصة إلكترونية تسمح لوزارة المالية بمنح شهائد الخصم بعنوان الأداء.

مخاوف من عدم تفعيل القانون مستقبلا

ويخشى بعض الخبراء ان يبقى قانون الانعاش الاقتصادي الذي تمت المصادقة عليه في اجواء من الفوضى، من بقاء جل التدابير حبر على ورق، وهو ما حذر منه أمس، الخبير الاقتصادي أحمد كرم في تصريح اعلامي ، معتبرا أن الفاعلين الاقتصاديين انتظروا كثيرا مثل هذه الاجراءات التي تحفز الاستثمار في مختلف القطاعات، وتمكن من جلب العملة الصعبة للبلاد ، في وقت تشهد فيه ازمة اقتصادية حادة بسبب تبعات الازمة الصحية.

واعتبر كرم ، انه مجرد المصادقة على هذا القانون يعتبر امرا ايجابيا، الا انه من الضروري التسريع في عمليات تفعيله عبر اصدار الاوامر والتراتيب الحكومية ليدخل حيز العمل في اسرع الآجال.

بدوره اعرب الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية في بلاغ له أمس ، الاربعاء ، عن ارتياحه لمصادقة مجلس نواب الشعب على قانون الإنعاش الاقتصادي مثمنا جهود كل من ساهم في إنجاح هذه المبادرة التشريعية و التي تعتبر خطوة هامة على طريق تطوير التشريعات الاقتصادية والمالية وملائمتها مع تشريعات البلدان المتطورة.

فرص عمل جديدة للشباب ورفاهية التونسيين

وقالت منظمة الأعراف في بلاغها ، أن هذا القانون يمثل أرضية مناسبة لتحسين المناخ العام للاستثمار والأعمال وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني وجاذبية الوجهة التونسية، وسيمكن من المحافظة على ديمومة المؤسسات وعلى مواطن الشغل وخلق فرص عمل جديدة خاصة للشباب في كل الجهات والقطاعات، لافتة الى ان القانون يحمل أبعادا اقتصادية ومالية واجتماعية، وجاء في وقت تمر فيه البلاد بأزمة اقتصادية حادة.

ورحبت منظمة الأعراف بتوفير خط تمويل بثلاثة مليارات دينار، وضعت على ذمة المؤسسات بشروط ميسرة وبضمان الدولة وهي خطوة ستساهم في تجاوز المصاعب المالية والاقتصادية الراهنة وستدفع بنسب النمو وتنشيط الاقتصاد.

واجمالا ، استبشرت الاوساط الاقتصادية بما تضمنته فصول القانون الجديد من اجراءات اعتبرها البعض "ثورية" وتتكيف مع التطور الحاصل في العديد من الدول المتقدمة، داعين السلطات الى تفعيل العمل به في اقرب الآجال، وذلك حتى تتمكن تونس من استعادة قدرتها الاقتصادية التي تراجعت خلال السنوات الاخيرة وعمقت من حدتها جائحة "كورونا" ، والمضي نحو بناء اقتصاد قوي ومتين يضمن تحقيق الرفاهية للتونسيين.

سفيان المهداوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews