إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أمام الازمة المالية غير المسبوقة : تحيين مجلة الصرف وتهيئة الموانئ أولوية مستعجلة لإنقاذ الاقتصاد من "الانهيار"

 

تونس-الصباح

تعالت الاصوات في الآونة الاخيرة بضرورة ان تعمل تونس على رفع كافة العراقيل التي تحول دون الاستثمار في بلادنا، وخاصة العوائق التي يصطدم بها المستثمرين الاجانب كمجلة الصرف المستوحاة عن مجلة الصرف الفرنسية وتعود الى سنة 1946 ، وحالة الموانئ التي مازالت لا تستجيب للمواصفات الدولية ودفعت بالعشرات منذ سنة 2019 الى مغادرة البلاد وتحويل أنشطتهم نحو المغرب واوروبا.

وباتت الحكومة اليوم في حاجة للخروج من الأزمة الاقتصادية الحادة، التعويل على الاستثمار لتحقيق التنمية وجذب رؤوس الأموال الأجنبية بعد تسجيل نسبة انكماش اقتصادي غير مسبوقة بلغت 8.8 بالمائة خلال سنة 2020، وانكماش بـ 3 بالمائة خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة الحالية 2021 .

واثر الارتفاع المسجل من سنة الى أخرى في الضرائب الى بروز عامل خطير يتمثل في هروب المستثمرين وهو أحد أبرز الاسباب التي تجبر المستثمرين على العدول عن قرار توسيع استثماراتهم في تونس منذ عقد من الزمن ، ولم تتوفق تونس في تعبئة الاستثمارات الخارجية المباشرة المستهدفة في كامل السنة الماضية والمقدرة بنحو 3 مليار دينار لكامل 2020 ، بسبب تنامي تداعيات جائحة فيروس كورونا الذي عطل حركة تدفق الاستثمارات في كامل أنحاء العالم ومن ضمنها تونس.

ووفق ما نشرته وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي ، في بيانات حديثة ، فقد استطاعت تونس أن تستقطب خلال كامل العام الماضي 1.885 مليون دينار مقابل 2648 مليون دينار في سنة 2019 أي بتراجع لافت بنسبة 28.8 بالمائة. ومن المتوقع ان ترتفع المداخيل الجبائية للدولة لسنة 2021 بنسبة 9.7 بالمائة مقارنة بسنة 2020 لتصل الى 29725 مليون دينار (م د) مقابل 26107 م د لسنة 2020 .

وتتوزع المداخيل الجبائية، باعتبار نظام الاستخلاص، بنسبة 75 بالمائة الى مداخيل النظام الداخلي و25 بالمائة إلى مداخيل متأتية من التوريد، ويتوقع أن تزيد المداخيل الجبائية بالنظام الداخلي، بما قدره 2596 م د (13.3 بالمائة خلال 2021) ، مقابل تراجع بـ 9 بالمائة لسنة 2020 ، في حين سترتفع المداخيل الجبائية المتأتية من التوريد بـنسبة 15.6 بالمائة.

زيادة في الآداءات وهروب المستثمرين

وقدرت الاداءات المباشرة في مشروع ميزانية الدولة لسنة 2021 بـ 12805 د م مسجلة بذلك زيادة بـ 10 بالمائة مقارنة بسنة 2020 ، وتعود هذه الزيادة بالأساس إلى احتساب مردود الاجراءات الجبائية الجديدة المقترحة ضمن قانون المالية، علما وان الاداءات المباشرة لسنة 2021 تتميز بارتفاع مردود الضريبة على الدخل بــ9.5 بالمقارنة مع سنة 2020 وارتفاع مردود الضريبة على الشركات 11.7 بالمائة بالمقارنة مع سنة 2020.

وسجل المعهد في تقرير صادر مؤخرا ، تراجع الاستثمارات في البلاد خلال العشرية الاخيرة بسبب عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وتفاقم هذا الوضع مع وصول جائحة كوفيد -19 وتأثيرها على النشاط الاقتصادي محليًا وعالميًا.

وأشارت بيانات المعهد انه من المرجح ان تبلغ الاستثمارات خلال سنتي 2020 و2021 نسبة 13 بالمائة و14 بالمائة، مقابل 24.6 بالمائة في سنة 2010 ، مبرزا ان الاستثمار الأجنبي المباشر، شهد انخفاضًا كبيرا منذ الاطاحة بالنظام السابق ليصل إلى معدل متوسط قدره 2.4 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 4.2 بالمائة بين عامي 2000-2010.

كما كشف المعهد عن خسارة تونس لحصصها السوقية في الاتحاد الأوروبي، حيث انخفضت من 0.62 بالمائة في عام 2010 إلى 0.55 بالمائة في المتوسط خلال الفترة 2011-2016 ، و0.51 بالمائة بين عامي 2017 و 2018، ومازالت التداعيات متواصلة ومستمرة مع جائحة كوفيد-19، والامر ازداد سوءا بعد تسجيل زيادة في العجز التجاري الذي كان لا يراوح 7.5 بالمائة الى حدود 2011، ليرتفع الى 13.1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مع موفى 2020.

وشهدت تونس منذ سنة 2011 نموا ضعيفا لم يسمح بإحداث مواطن شغل جديدة وقيمة مضافة، وكانت نسبة النمو قد استقرت لفترة طويلة قبل 2011 في حدود 4 بالمائة سنويا ، وانخفضت الى نحو 2 بالمائة سنويا، اثر ظهور الأزمة المالية سنة 2008، في حين كان لهذه الأزمة وقع شديد في مختلف أنحاء العالم وخاصة في أوروبا، الشريك الاستراتيجي لتونس، ومرت العديد من البلدان فيها بأزمة حادة وركود اقتصادي.

وأظهرت دراسات تم اعدادها منذ 2012، أن نسبة النمو الممكن تحقيقها في تونس لا تتجاوز 4 بالمائة سنويا ولبلوغ مستويات أعلى من ذلك، لابد من ارساء العديد من الاصلاحات القطاعية، ووضع استراتيجية شاملة، والى الآن لم تنفذ خطط واضحة لدفع الاقتصاد وتحقيق النمو الممكن في تونس جراء انعدام الاستقرار السياسي وغياب الرؤية والإرادة، مما أدى الى تدهور مستوى المعيشة وتفاقم البطالة وتدهور القدرة الشرائية.

ومنذ الفترة الممتدة بين 2011 و2019، ارتفعت نسبة البطالة من 13 بالمائة من مجموع السكان النشيطين إلى 17.4 بالمائة وفق آخر تحيين لمعهد الاحصاء ، وذلك دون احتساب تأثير فيروس كوفيد – 19، اي ان النسبة أكثر من 18 بالمائة، باعتبار تأثير هذا الوباء.

تخفيف العبء الجبائي وتحيين مجلة الصرف

وتشير جميع الإحصائيات، ان تونس لم تعد قادرة عن المنافسة في المجال الصناعي، حيث يشهد هذا القطاع تراجعا كبيرا من سنة إلى أخرى منذ 15 عاما، وحسب الخبراء تفتقر تونس إلى استراتيجية صناعية طموحة، فقد ترك القطاع الخاص يتخبط بمفرده خلال ازمة كورونا ، فيما شهدت قطاعات الصناعات التقليدية، على غرار النسيج وصناعة الجلود والأحذية والصناعية الميكانيكية والالكترونية والصناعات الغذائية، تراجعا هاما نتيجة للأزمة الاقتصادية والاجتماعية والامنية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية.

ويحذر خبراء المحاسبة، من أزمة مالية حادة ستعيشها بلادنا في الفترة القادمة، خاصة مع تواصل ارتفاع الضغط الجبائي المسلط على الشركات والمؤسسات ، ما عمق ازمتها ودفع بالمئات من الشركات الاجنبية وعلى رأسها الشركات الطاقية الى مغادرة البلاد، وللحد من انعكاسات ذلك يشدد الخبراء على ضرورة البحث عن موارد مالية جديدة للدولة وتخفيف العبء الجبائي، في ظل عجز المؤسسات والشركات على دفع التزاماتها الجبائية في الوقت الراهن بسبب الأزمة الحادة التي خلفتها جائحة كوفيد - 19 ،واتخاذ الاجراءات العاجلة في شأن عدد من المؤسسات الصناعية الوطنية لانقاذها من الافلاس.

وتظل معضلة توفير موارد مالية للدولة خلال هذه الفترة صعبة ذاتيا، بالنظر الى الازمات الكبيرة التي تعيشها عدة قطاعات بفعل جائحة كورونا، الامر الذي دفع بعدد من خبراء الاقتصاد الى الدعوة بإعداد مخطط انعاش اقتصادي طارئ ينطلق العمل به بداية من هذه الصائفة، ومن اولوياته تحيين مجلة الصرف التي لا تستجيب مع المتغيرات العالمية وخاصة في ما يتعلق بتداول العملة الرقمية والمشفرة ، والسماح للتونسيين بالخارج بفتح حسابات بالعملة الصعبة ، بالاضافة الى تسهيل اجراءات الدفع بالعملة الصعبة للشركات الخاصة المقيمة في تونس، وهي أحد أبرز التوصيات التي طالب بها محافظ البنك المركزي مروان العباسي خلال ظهوره الاعلامي الاخير.

ضرورة تحيين مجلة الصرف

وبتحيين مجلة الصرف ، يمكن القول ان تونس بدأت تقطع اشواطا مهمة نحو تحرير اقتصادها المكبل منذ عقود بإجراءات وصفها مسؤولو البنوك العالمية بالبالية ، داعين تونس الى الانفتاح اكثر على العملات الرقمية، وتذليل كافة العراقيل امام المستثمرين الاجانب وخاصة على مستوى تحويل الاموال ، والتي ماتزال جل الاجراءات المتبعة قديمة ولا تتكيف مع المتغيرات العالمية في مجال الدفع وتحويل الاموال.

ووفق احصائيات صادرة عن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة فأن 300 مؤسسة أجنبية غادرت البلاد مؤخرا ، وتسببت في خسارة 40 ألف فرصة عمل، وتوجهت إلى بلدان منافسة لها مثل المغرب أو بلدان شرق أوروبا، بسبب سوء مناخ الاستثمار، والذي جعل حتى المستثمرين التونسيين مترددين في بعث مشاريع جديدة، فضلاً عن عدم تشجيع المستثمرين الأجانب على الاستثمار.

ويبقى العاملان الاشد وقعا في تونس على غرار رفع التراخيص البيروقراطية في بعض القطاعات ، تهيئة الموانئ التونسية لتصبح قادرة على استيعاب تدفق السلع والبضائع بما يتيح للمستثمرين الاجانب توسيع دائرة أنشطتهم ، ومراجعة مجلة الصرف وعرضها على مصادقة البرلمان في أسرع وقت، وذلك في خطوة لدفع تدفق الاموال على بلادنا التي تشكو أزمة مالية غير مسبوقة اضطرتها لتقديم تنازلات قاسية لصندوق النقد الدولي للحصول على قروض بقيمة 4 مليار دولار ، وهو الاعلى على مر التاريخ.

سفيان المهداوي

أمام الازمة المالية غير المسبوقة :  تحيين مجلة الصرف وتهيئة الموانئ أولوية مستعجلة لإنقاذ الاقتصاد من "الانهيار"

 

تونس-الصباح

تعالت الاصوات في الآونة الاخيرة بضرورة ان تعمل تونس على رفع كافة العراقيل التي تحول دون الاستثمار في بلادنا، وخاصة العوائق التي يصطدم بها المستثمرين الاجانب كمجلة الصرف المستوحاة عن مجلة الصرف الفرنسية وتعود الى سنة 1946 ، وحالة الموانئ التي مازالت لا تستجيب للمواصفات الدولية ودفعت بالعشرات منذ سنة 2019 الى مغادرة البلاد وتحويل أنشطتهم نحو المغرب واوروبا.

وباتت الحكومة اليوم في حاجة للخروج من الأزمة الاقتصادية الحادة، التعويل على الاستثمار لتحقيق التنمية وجذب رؤوس الأموال الأجنبية بعد تسجيل نسبة انكماش اقتصادي غير مسبوقة بلغت 8.8 بالمائة خلال سنة 2020، وانكماش بـ 3 بالمائة خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة الحالية 2021 .

واثر الارتفاع المسجل من سنة الى أخرى في الضرائب الى بروز عامل خطير يتمثل في هروب المستثمرين وهو أحد أبرز الاسباب التي تجبر المستثمرين على العدول عن قرار توسيع استثماراتهم في تونس منذ عقد من الزمن ، ولم تتوفق تونس في تعبئة الاستثمارات الخارجية المباشرة المستهدفة في كامل السنة الماضية والمقدرة بنحو 3 مليار دينار لكامل 2020 ، بسبب تنامي تداعيات جائحة فيروس كورونا الذي عطل حركة تدفق الاستثمارات في كامل أنحاء العالم ومن ضمنها تونس.

ووفق ما نشرته وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي ، في بيانات حديثة ، فقد استطاعت تونس أن تستقطب خلال كامل العام الماضي 1.885 مليون دينار مقابل 2648 مليون دينار في سنة 2019 أي بتراجع لافت بنسبة 28.8 بالمائة. ومن المتوقع ان ترتفع المداخيل الجبائية للدولة لسنة 2021 بنسبة 9.7 بالمائة مقارنة بسنة 2020 لتصل الى 29725 مليون دينار (م د) مقابل 26107 م د لسنة 2020 .

وتتوزع المداخيل الجبائية، باعتبار نظام الاستخلاص، بنسبة 75 بالمائة الى مداخيل النظام الداخلي و25 بالمائة إلى مداخيل متأتية من التوريد، ويتوقع أن تزيد المداخيل الجبائية بالنظام الداخلي، بما قدره 2596 م د (13.3 بالمائة خلال 2021) ، مقابل تراجع بـ 9 بالمائة لسنة 2020 ، في حين سترتفع المداخيل الجبائية المتأتية من التوريد بـنسبة 15.6 بالمائة.

زيادة في الآداءات وهروب المستثمرين

وقدرت الاداءات المباشرة في مشروع ميزانية الدولة لسنة 2021 بـ 12805 د م مسجلة بذلك زيادة بـ 10 بالمائة مقارنة بسنة 2020 ، وتعود هذه الزيادة بالأساس إلى احتساب مردود الاجراءات الجبائية الجديدة المقترحة ضمن قانون المالية، علما وان الاداءات المباشرة لسنة 2021 تتميز بارتفاع مردود الضريبة على الدخل بــ9.5 بالمقارنة مع سنة 2020 وارتفاع مردود الضريبة على الشركات 11.7 بالمائة بالمقارنة مع سنة 2020.

وسجل المعهد في تقرير صادر مؤخرا ، تراجع الاستثمارات في البلاد خلال العشرية الاخيرة بسبب عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وتفاقم هذا الوضع مع وصول جائحة كوفيد -19 وتأثيرها على النشاط الاقتصادي محليًا وعالميًا.

وأشارت بيانات المعهد انه من المرجح ان تبلغ الاستثمارات خلال سنتي 2020 و2021 نسبة 13 بالمائة و14 بالمائة، مقابل 24.6 بالمائة في سنة 2010 ، مبرزا ان الاستثمار الأجنبي المباشر، شهد انخفاضًا كبيرا منذ الاطاحة بالنظام السابق ليصل إلى معدل متوسط قدره 2.4 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 4.2 بالمائة بين عامي 2000-2010.

كما كشف المعهد عن خسارة تونس لحصصها السوقية في الاتحاد الأوروبي، حيث انخفضت من 0.62 بالمائة في عام 2010 إلى 0.55 بالمائة في المتوسط خلال الفترة 2011-2016 ، و0.51 بالمائة بين عامي 2017 و 2018، ومازالت التداعيات متواصلة ومستمرة مع جائحة كوفيد-19، والامر ازداد سوءا بعد تسجيل زيادة في العجز التجاري الذي كان لا يراوح 7.5 بالمائة الى حدود 2011، ليرتفع الى 13.1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مع موفى 2020.

وشهدت تونس منذ سنة 2011 نموا ضعيفا لم يسمح بإحداث مواطن شغل جديدة وقيمة مضافة، وكانت نسبة النمو قد استقرت لفترة طويلة قبل 2011 في حدود 4 بالمائة سنويا ، وانخفضت الى نحو 2 بالمائة سنويا، اثر ظهور الأزمة المالية سنة 2008، في حين كان لهذه الأزمة وقع شديد في مختلف أنحاء العالم وخاصة في أوروبا، الشريك الاستراتيجي لتونس، ومرت العديد من البلدان فيها بأزمة حادة وركود اقتصادي.

وأظهرت دراسات تم اعدادها منذ 2012، أن نسبة النمو الممكن تحقيقها في تونس لا تتجاوز 4 بالمائة سنويا ولبلوغ مستويات أعلى من ذلك، لابد من ارساء العديد من الاصلاحات القطاعية، ووضع استراتيجية شاملة، والى الآن لم تنفذ خطط واضحة لدفع الاقتصاد وتحقيق النمو الممكن في تونس جراء انعدام الاستقرار السياسي وغياب الرؤية والإرادة، مما أدى الى تدهور مستوى المعيشة وتفاقم البطالة وتدهور القدرة الشرائية.

ومنذ الفترة الممتدة بين 2011 و2019، ارتفعت نسبة البطالة من 13 بالمائة من مجموع السكان النشيطين إلى 17.4 بالمائة وفق آخر تحيين لمعهد الاحصاء ، وذلك دون احتساب تأثير فيروس كوفيد – 19، اي ان النسبة أكثر من 18 بالمائة، باعتبار تأثير هذا الوباء.

تخفيف العبء الجبائي وتحيين مجلة الصرف

وتشير جميع الإحصائيات، ان تونس لم تعد قادرة عن المنافسة في المجال الصناعي، حيث يشهد هذا القطاع تراجعا كبيرا من سنة إلى أخرى منذ 15 عاما، وحسب الخبراء تفتقر تونس إلى استراتيجية صناعية طموحة، فقد ترك القطاع الخاص يتخبط بمفرده خلال ازمة كورونا ، فيما شهدت قطاعات الصناعات التقليدية، على غرار النسيج وصناعة الجلود والأحذية والصناعية الميكانيكية والالكترونية والصناعات الغذائية، تراجعا هاما نتيجة للأزمة الاقتصادية والاجتماعية والامنية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية.

ويحذر خبراء المحاسبة، من أزمة مالية حادة ستعيشها بلادنا في الفترة القادمة، خاصة مع تواصل ارتفاع الضغط الجبائي المسلط على الشركات والمؤسسات ، ما عمق ازمتها ودفع بالمئات من الشركات الاجنبية وعلى رأسها الشركات الطاقية الى مغادرة البلاد، وللحد من انعكاسات ذلك يشدد الخبراء على ضرورة البحث عن موارد مالية جديدة للدولة وتخفيف العبء الجبائي، في ظل عجز المؤسسات والشركات على دفع التزاماتها الجبائية في الوقت الراهن بسبب الأزمة الحادة التي خلفتها جائحة كوفيد - 19 ،واتخاذ الاجراءات العاجلة في شأن عدد من المؤسسات الصناعية الوطنية لانقاذها من الافلاس.

وتظل معضلة توفير موارد مالية للدولة خلال هذه الفترة صعبة ذاتيا، بالنظر الى الازمات الكبيرة التي تعيشها عدة قطاعات بفعل جائحة كورونا، الامر الذي دفع بعدد من خبراء الاقتصاد الى الدعوة بإعداد مخطط انعاش اقتصادي طارئ ينطلق العمل به بداية من هذه الصائفة، ومن اولوياته تحيين مجلة الصرف التي لا تستجيب مع المتغيرات العالمية وخاصة في ما يتعلق بتداول العملة الرقمية والمشفرة ، والسماح للتونسيين بالخارج بفتح حسابات بالعملة الصعبة ، بالاضافة الى تسهيل اجراءات الدفع بالعملة الصعبة للشركات الخاصة المقيمة في تونس، وهي أحد أبرز التوصيات التي طالب بها محافظ البنك المركزي مروان العباسي خلال ظهوره الاعلامي الاخير.

ضرورة تحيين مجلة الصرف

وبتحيين مجلة الصرف ، يمكن القول ان تونس بدأت تقطع اشواطا مهمة نحو تحرير اقتصادها المكبل منذ عقود بإجراءات وصفها مسؤولو البنوك العالمية بالبالية ، داعين تونس الى الانفتاح اكثر على العملات الرقمية، وتذليل كافة العراقيل امام المستثمرين الاجانب وخاصة على مستوى تحويل الاموال ، والتي ماتزال جل الاجراءات المتبعة قديمة ولا تتكيف مع المتغيرات العالمية في مجال الدفع وتحويل الاموال.

ووفق احصائيات صادرة عن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة فأن 300 مؤسسة أجنبية غادرت البلاد مؤخرا ، وتسببت في خسارة 40 ألف فرصة عمل، وتوجهت إلى بلدان منافسة لها مثل المغرب أو بلدان شرق أوروبا، بسبب سوء مناخ الاستثمار، والذي جعل حتى المستثمرين التونسيين مترددين في بعث مشاريع جديدة، فضلاً عن عدم تشجيع المستثمرين الأجانب على الاستثمار.

ويبقى العاملان الاشد وقعا في تونس على غرار رفع التراخيص البيروقراطية في بعض القطاعات ، تهيئة الموانئ التونسية لتصبح قادرة على استيعاب تدفق السلع والبضائع بما يتيح للمستثمرين الاجانب توسيع دائرة أنشطتهم ، ومراجعة مجلة الصرف وعرضها على مصادقة البرلمان في أسرع وقت، وذلك في خطوة لدفع تدفق الاموال على بلادنا التي تشكو أزمة مالية غير مسبوقة اضطرتها لتقديم تنازلات قاسية لصندوق النقد الدولي للحصول على قروض بقيمة 4 مليار دولار ، وهو الاعلى على مر التاريخ.

سفيان المهداوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews