إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الموسم السياحي في تونس انتهى قبل أن يبدأ...!


تونس- الصباح

حذرت الصحف الفرنسية ، امس ، من زيارة تونس بعد التفشي المهول لفيروس كورونا، وذلك بعد ان شهد الفيروس طفرة خطيرة ، تسببت في اغلاق كامل البلاد وشلل المرافق العامة، وخروج الاوضاع عن السيطرة، لافتة الى ان اقتصاد البلاد يمر بأزمة غير مسبوقة، لم تنجح جل الاجراءات المتخذة في انقاذ الموسم السياحي الذي انتهى رسميا خلال هذه الصائفة، بعد تسجيل معدل اصابات ووفيات غير مسبوق بالبلاد.

واعلن تقرير لصحيفة "Le Point" الفرنسية ، بعنوان " لا سياح لهذه الصائفة في تونس"، عن نهاية الموسم السياحي منذ دخول البلاد في اجراءات الغلق بداية من شهر جويلية الجاري ، وهو الشهر الذي تشهد فيه السياحة التونسية ذروة الحجوزات، مبرزة ان وفاة ضابط شرطة أمام مستشفى ابن الجزار الجهوي بالقيروان بمثابة الصدمة التي كشفت عن هشاشة النظام الصحي بالبلاد وعدم قدرتها على مجاراة الجائحة.

خروج الاوضاع عن السيطرة

واشارت الصحيفة ان معدل امتلاء الأسرة كان في حدود 96.9٪. في مارس 2020 ، وكان عدد الاصابات في البلاد 596 حالة فقط و 22 حالة وفاة، وبعد 15 شهرًا ، تم تسجيل 14959 حالة وفاة و420103 حالة اصابة ، وخرج الامر عن السيطرة تماما، مشيرة الى ان الاحتواء الاقتصادي للجائحة أصيح مستحيلا، خاصة وان تونس أصبح لديها الرقم القياسي من بين البلدان الخمسة التي تشكل المغرب العربي (موريتانيا ، الجزائر ، ليبيا ، المغرب). وبينما كان الوضع تحت السيطرة في الجزائر العاصمة كما في الرباط ، فإن تونس تمر بأسوأ وضع صحي، ففي 30 جوان الماضي ، تجاوز معدل الاصابات الايجابية 35٪: وتم تسجيل 5921 حالة جديدة خلال 24 ساعة ، و 116 حالة وفاة ، وهو أعلى معدل يومي مسجل منذ بداية الوباء، في حين بلغت نسبة من تلقوا الجرعتين 5٪ من التونسيين وهو عدد قليل جدا، يكشف عن نظام صحي غير متكافئ في كافة المناطق بالبلاد ، ونظام صحي اوشك على الانهيار.

وذكرت الصحيفة الفرنسية ان دول اتحاد الاوروبي سارعت الى تقديم المساعدات الفورية لتونس، وآخرها وصول طائرة عسكرية من ألمانيا محملة ب25 محطة لتوليد الأكسيجين ، بالاضافة الى مساعدات مالية قدمتها السلطات الإيطالية، فضلا عن وصول 40 طنا من المعدات الطبية الفرنسية في أعقاب زيارة جان كاستاكس الرسمية ، بما في ذلك 325000 جرعة من اللقاحات.


السياحة "تلفظ" انفاسها الاخيرة

واشار تقرير الصحيفة الى ان فترة الخروج من الازمة الصحية تحتاج الى 6 أسابيع من اجراءات الغلق الشامل ، في الوقت الذي تمر به البلاد بأزمة اقتصادية غير مسبوقة ، توقفت على اثرها إجراءات انعاش السياحة التي كان من المزمع ان تنطلق في 30 جوان الماضي ، ولم يعد بإمكان تونس ان تعول على ايرادات السياحة من العملة الصعبة خلال هذا العام، في حين يمكن للسياحة الداخلية التونسية أن تمنع إفلاس بعض مكونات القطاع التي تضررت بنسبة 30٪ مع بداية الجائحة في تونس.

واكدت الصحيفة ان موسم الذروة السياحي في تونس ينطلق عادة بين جويلية واوت وهذه الفترة تجلب الانتعاشة للبلاد، في حين تمثل ايرادات السياحة 14٪ من الناتج المحلي الإجمالي ، ويهدد الوضع الوبائي الحالي في فقدان 400 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة بحسب وزارة السياحة ، علما وان القطاع مر بفترة صعبة خلال السنوات الماضية بسبب العمليات الارهابية، الا انه نجح في التعافي والاستمرار، الا ان الجائحة الحالية ، خلفت خسائر كبيرة لا يمكن تعويضها على المدى القصير بالنظر الى الازمة المالية الحادة التي تمر بها البلاد انطلاقا من سنة 2020.

وكشفت الصحيفة ، ان "القصبة" اليوم (مقر رئاسة الحكومة) ، تعلم جيدا انها لم تعد قادرة على تقديم المساعدات الاجتماعية نتيجة اللجوء لإجراءات الغلق الشامل في العديد من المناطق المتضررة بالبلاد، كما ان عملية الانقاذ المالية التي تعول عليها من صندوق النقد الدولي لا تبدو كافية لإخراج البلاد من الازمة الحادة التي تمر بها ، خاصة وان شروط الصندوق تمس بشكل مباشر من الطبقات الاجتماعية الهشة، وتحرمهم من دعم الدولة المباشر ، واستنادا الى تقرير البنك الدولي في أكتوبر 2020 فإن "800 ألف تونسي سوف يقعون في براثن الفقر"، تزامنا مع ارتفاع معدلات البطالة الى آكثر من 18٪، وتسجيل الآلاف من الاصابات يوميا بالفيروس المتحور ، وهذه الاوضاع تزيد من قتامة المشهد بالبلاد وتضاعف من حدة الازمات الاقتصادية والاجتماعية والصحية على المدى القصير.


على صعيد متصل، يرجح المهنيون أن يواصل المستثمرون تأجيل خططهم الاستثمارية، بسبب تواصل ضبابية مناخ الأعمال وتواصل تدابير الغلق في عدد من القطاعات المهمة، كما أن البنوك باتت أكثر تشددا في تمويل المشاريع الجديدة وتطالب بخطط أعمال على المدى المتوسط، غير أن تواصل الجائحة يحبط القطاع الخاص، ويؤكد المهنيون في القطاع السياحي أن جل مؤسساتهم باتت متعثرة، ولم تعد قادرة على دفع الضرائب، وأصبحت مهددة بالاندثار، داعين الى انقاذ كافة الشركات المتعثرة قبل وصولها إلى مرحلة الغلق النهائي.

ومنذ انطلاق الجائحة الصحية في مارس الماضي لجأت الحكومة التونسية إلى حلول الحظر الشامل في مناسبتين كما تواصل تدابير الغلق الجزئي في القطاعات الخدماتية، ولا سيما قطاعات المقاهي والمطاعم، وتواصل الشلل التام في القطاع السياحي.

الحجوزات متوقفة منذ نحو سنة!

ويؤكد أصحاب النزل أن الحجوزات متوقفة تماما منذ نحو السنة، فيما يتواصل تعثّر قطاع النقل الجوي، لافتين الى ان تونس خسرت فعليا الموسم السياحي الثاني على التوالي في ظل غياب حلول عاجلة لكبح الفيروس ، معتبرين أن الأسواق التي ستكسب معركتها ضد كورونا ستكون في صدارة البلدان المستقبلة للسياح.

وأظهرت أحدث الأرقام الرسمية، أن إيرادات قطاع السياحة في تونس هوت بنسبة 65 بالمائة إلى حوالي ملياري دينار (746 مليون دولار)، بينما تراجع عدد السياح الى أكثر من 78 بالمائة في 2020، وهي ضربة قوية لاقتصاد البلاد الذي يعول على ايرادات السياحة في تمويل ميزانية الدولة.


سفيان المهداوي

 الموسم السياحي في تونس انتهى  قبل أن يبدأ...!

تونس- الصباح

حذرت الصحف الفرنسية ، امس ، من زيارة تونس بعد التفشي المهول لفيروس كورونا، وذلك بعد ان شهد الفيروس طفرة خطيرة ، تسببت في اغلاق كامل البلاد وشلل المرافق العامة، وخروج الاوضاع عن السيطرة، لافتة الى ان اقتصاد البلاد يمر بأزمة غير مسبوقة، لم تنجح جل الاجراءات المتخذة في انقاذ الموسم السياحي الذي انتهى رسميا خلال هذه الصائفة، بعد تسجيل معدل اصابات ووفيات غير مسبوق بالبلاد.

واعلن تقرير لصحيفة "Le Point" الفرنسية ، بعنوان " لا سياح لهذه الصائفة في تونس"، عن نهاية الموسم السياحي منذ دخول البلاد في اجراءات الغلق بداية من شهر جويلية الجاري ، وهو الشهر الذي تشهد فيه السياحة التونسية ذروة الحجوزات، مبرزة ان وفاة ضابط شرطة أمام مستشفى ابن الجزار الجهوي بالقيروان بمثابة الصدمة التي كشفت عن هشاشة النظام الصحي بالبلاد وعدم قدرتها على مجاراة الجائحة.

خروج الاوضاع عن السيطرة

واشارت الصحيفة ان معدل امتلاء الأسرة كان في حدود 96.9٪. في مارس 2020 ، وكان عدد الاصابات في البلاد 596 حالة فقط و 22 حالة وفاة، وبعد 15 شهرًا ، تم تسجيل 14959 حالة وفاة و420103 حالة اصابة ، وخرج الامر عن السيطرة تماما، مشيرة الى ان الاحتواء الاقتصادي للجائحة أصيح مستحيلا، خاصة وان تونس أصبح لديها الرقم القياسي من بين البلدان الخمسة التي تشكل المغرب العربي (موريتانيا ، الجزائر ، ليبيا ، المغرب). وبينما كان الوضع تحت السيطرة في الجزائر العاصمة كما في الرباط ، فإن تونس تمر بأسوأ وضع صحي، ففي 30 جوان الماضي ، تجاوز معدل الاصابات الايجابية 35٪: وتم تسجيل 5921 حالة جديدة خلال 24 ساعة ، و 116 حالة وفاة ، وهو أعلى معدل يومي مسجل منذ بداية الوباء، في حين بلغت نسبة من تلقوا الجرعتين 5٪ من التونسيين وهو عدد قليل جدا، يكشف عن نظام صحي غير متكافئ في كافة المناطق بالبلاد ، ونظام صحي اوشك على الانهيار.

وذكرت الصحيفة الفرنسية ان دول اتحاد الاوروبي سارعت الى تقديم المساعدات الفورية لتونس، وآخرها وصول طائرة عسكرية من ألمانيا محملة ب25 محطة لتوليد الأكسيجين ، بالاضافة الى مساعدات مالية قدمتها السلطات الإيطالية، فضلا عن وصول 40 طنا من المعدات الطبية الفرنسية في أعقاب زيارة جان كاستاكس الرسمية ، بما في ذلك 325000 جرعة من اللقاحات.


السياحة "تلفظ" انفاسها الاخيرة

واشار تقرير الصحيفة الى ان فترة الخروج من الازمة الصحية تحتاج الى 6 أسابيع من اجراءات الغلق الشامل ، في الوقت الذي تمر به البلاد بأزمة اقتصادية غير مسبوقة ، توقفت على اثرها إجراءات انعاش السياحة التي كان من المزمع ان تنطلق في 30 جوان الماضي ، ولم يعد بإمكان تونس ان تعول على ايرادات السياحة من العملة الصعبة خلال هذا العام، في حين يمكن للسياحة الداخلية التونسية أن تمنع إفلاس بعض مكونات القطاع التي تضررت بنسبة 30٪ مع بداية الجائحة في تونس.

واكدت الصحيفة ان موسم الذروة السياحي في تونس ينطلق عادة بين جويلية واوت وهذه الفترة تجلب الانتعاشة للبلاد، في حين تمثل ايرادات السياحة 14٪ من الناتج المحلي الإجمالي ، ويهدد الوضع الوبائي الحالي في فقدان 400 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة بحسب وزارة السياحة ، علما وان القطاع مر بفترة صعبة خلال السنوات الماضية بسبب العمليات الارهابية، الا انه نجح في التعافي والاستمرار، الا ان الجائحة الحالية ، خلفت خسائر كبيرة لا يمكن تعويضها على المدى القصير بالنظر الى الازمة المالية الحادة التي تمر بها البلاد انطلاقا من سنة 2020.

وكشفت الصحيفة ، ان "القصبة" اليوم (مقر رئاسة الحكومة) ، تعلم جيدا انها لم تعد قادرة على تقديم المساعدات الاجتماعية نتيجة اللجوء لإجراءات الغلق الشامل في العديد من المناطق المتضررة بالبلاد، كما ان عملية الانقاذ المالية التي تعول عليها من صندوق النقد الدولي لا تبدو كافية لإخراج البلاد من الازمة الحادة التي تمر بها ، خاصة وان شروط الصندوق تمس بشكل مباشر من الطبقات الاجتماعية الهشة، وتحرمهم من دعم الدولة المباشر ، واستنادا الى تقرير البنك الدولي في أكتوبر 2020 فإن "800 ألف تونسي سوف يقعون في براثن الفقر"، تزامنا مع ارتفاع معدلات البطالة الى آكثر من 18٪، وتسجيل الآلاف من الاصابات يوميا بالفيروس المتحور ، وهذه الاوضاع تزيد من قتامة المشهد بالبلاد وتضاعف من حدة الازمات الاقتصادية والاجتماعية والصحية على المدى القصير.


على صعيد متصل، يرجح المهنيون أن يواصل المستثمرون تأجيل خططهم الاستثمارية، بسبب تواصل ضبابية مناخ الأعمال وتواصل تدابير الغلق في عدد من القطاعات المهمة، كما أن البنوك باتت أكثر تشددا في تمويل المشاريع الجديدة وتطالب بخطط أعمال على المدى المتوسط، غير أن تواصل الجائحة يحبط القطاع الخاص، ويؤكد المهنيون في القطاع السياحي أن جل مؤسساتهم باتت متعثرة، ولم تعد قادرة على دفع الضرائب، وأصبحت مهددة بالاندثار، داعين الى انقاذ كافة الشركات المتعثرة قبل وصولها إلى مرحلة الغلق النهائي.

ومنذ انطلاق الجائحة الصحية في مارس الماضي لجأت الحكومة التونسية إلى حلول الحظر الشامل في مناسبتين كما تواصل تدابير الغلق الجزئي في القطاعات الخدماتية، ولا سيما قطاعات المقاهي والمطاعم، وتواصل الشلل التام في القطاع السياحي.

الحجوزات متوقفة منذ نحو سنة!

ويؤكد أصحاب النزل أن الحجوزات متوقفة تماما منذ نحو السنة، فيما يتواصل تعثّر قطاع النقل الجوي، لافتين الى ان تونس خسرت فعليا الموسم السياحي الثاني على التوالي في ظل غياب حلول عاجلة لكبح الفيروس ، معتبرين أن الأسواق التي ستكسب معركتها ضد كورونا ستكون في صدارة البلدان المستقبلة للسياح.

وأظهرت أحدث الأرقام الرسمية، أن إيرادات قطاع السياحة في تونس هوت بنسبة 65 بالمائة إلى حوالي ملياري دينار (746 مليون دولار)، بينما تراجع عدد السياح الى أكثر من 78 بالمائة في 2020، وهي ضربة قوية لاقتصاد البلاد الذي يعول على ايرادات السياحة في تمويل ميزانية الدولة.


سفيان المهداوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews