إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد وصوله إلى مستويات "مفزعة".. هل يتدخل البنك المركزي قريبا لكبح جماح "التضخم"؟

*التضخم يواصل اتجاهه التصاعدي ويتجاوز 7.2 ٪ على أساس سنوي

*الحكومة مطالبة بالعمل ميدانيا على الحد من انفلات الأسعار وتقديم مساعدات حينية

*مخاوف من ارتفاع نسبة التضخم في تونس إلى قرابة 10٪ مع نهاية العام الحالي

تونس- الصباح

يتوقع بشدة خلال الأيام القادمة، أن يسارع البنك المركزي التونسي إلى رفع سعر الفائدة، وذلك تزامنا مع تسارع معدل نمو التضخم، والذي يفرض على البنك تشديد السياسة النقدية التي تهدف إلى خفض التضخم بسرعة قبل أن يزيد من عمق الأزمة الاقتصادية والمالية. ووفق معطيات حديثة نشرها المعهد الوطني للإحصاء (INS) في 6 أفريل 2022، فقد أشار إلى تسجيل أرقام قياسية لأسعار المستهلك لشهر مارس 2022، لافتا إلى أن التضخم واصل اتجاهه التصاعدي من خلال الزيادة على أساس سنوي إلى 7.2٪ بعد 7٪ في فيفري و 6.7٪ في جانفي الماضي.

وأرجع المعهد هذه الزيادة بشكل رئيسي إلى تسارع معدل الزيادات في أسعار المشروبات الكحولية والتبغ (21٪ مقابل 19.4٪ في فيفري) وكذلك في أسعار مجموعة الملابس والأحذية (9.8٪ مقابل 8.9٪) وأسعار مجموعة الأثاث والأدوات المنزلية وأسعار الصيانة المنزلية الروتينية (6.1٪ مقابل 5.7٪).

ارتفاع أسعار الحديد والمواد الخام

وتزامنا مع تسارع معدلات التضخم عند الاستهلاك، أضافت الحرب الروسية-الأوكرانية، أزمة جديدة، حيث سجل خامُ الحديد أيضًا رقْما قياسياً متجاوزا 230 دولارا للطُن، مع ارتفاع الطلبِ من الصين بشكل قوي، علما وأن الصين هي أكبرُ مستهلكٍ لخامِ الحديد، حيث تستوردُ نحوَ سبعينَ 70% من الشِحْنات العالمية.

وإجمالا، فإن معظم أسعارِ المواد الخام التي تُستخدم في صناعةِ كلِ شيء من بناءِ المنازل لصناعةِ القهوة ارتفعت أسعارها بشكل جنوني، وباتت تهدد بأزمة عالمية جديدة أشد وقعا من الأزمة الصحية التي خلفتها جائحة كورونا منذ سنتين.

تونس وشبح التضخم

وسجلت أسعار المواد الغذائية في تونس نسقا تصاعديا في الأشهر الماضية، وهو ما أدى إلى ارتفاع نسبة التضخم إلى 6.6 بالمائة في ديسمبر 2021 ، ويعود هذا الارتفاع أساسا إلى تسارع نسق ارتفاع أسعار مجموعة المواد الغذائية من 6.9 بالمائة في نوفمبر إلى 7.6 بالمائة في ديسمبر 2021.

ورغم تطمينات المسؤولين بتوفر المواد الغذائية الأساسية، فإن الواقع مخالف تماما لما يصرحون به، والأزمة المشتعلة في شرق أوروبا، بدأت انعكاساتها تظهر على جميع الدول منذ بداية العام الحالي، وارتفعت حدتها في الآونة الأخيرة، ما يستدعي في تونس اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمنع انفلات الأسعار، والتي تعد الخطر الأول لتسارع معجلات التضخم.

وباستثناء الفترة الشهيرة من مارس 2018 إلى ديسمبر 2018، يعد معدل التضخم المسجل في الآونة الأخيرة الأعلى منذ عقود من الزمن، ففي مارس 2018، ارتفع معدل التضخم إلى 7.2٪ واستمر في الارتفاع ليصل إلى 7.7٪ في جويلية 2018، علما وأن أعلى نسبة تضخم سجلت في تونس كانت سنة 1988.

وتزامن ارتفاع التضخم عند الاستهلاك، مع ارتفاع حجم إعادة التمويل من 9.6 مليار دينار في 22 مارس 2022 إلى 11.4 مليار دينار في 4 أفريل 2022، بزيادة تجاوزت 1.7 مليار دينار، ما رفع من حدة الضغوطات المالية على البنك المركزي، بالإضافة إلى اكبر محفز جديد للتضخم وهو ارتفاع أسعار السلع في الأسواق الدولية، وخاصة النفط والحبوب، والتي زادت على التوالي منذ بداية العام لتبلغ نسبة 39.1٪، ومن المتوقع أن تظل أسعار النفط والغاز مرتفعة، بينما قد ترتفع أسعار المواد الغذائية أكثر، مع توقعات بتواصل تراجع الدينار التونسي أمام الدولار الأمريكي في أسواق الصرف العالمية.

وتشير جل التوقعات الصادرة عن العديد من الخبراء الدوليين وجهات رسمية إلى تواصل التضخم في الارتفاع بنهاية عام 2022، وستتجاوز وفق بعض الخبراء حاجز 10٪، وهو ما يستدعي من البنك المركزي التونسي، التدخل للحفاظ على استقرار الأسعار ومحاربة التضخم، علما وانه قد قام مسبقًا برفع سعر الفائدة الرئيسي إلى 6.25٪.

بداية التضخم

وبدأ مؤشر أسعار الاستهلاك العائلي يشهد ارتفاعا ملحوظا خلال شهر أفريل 2021 مقارنة بشهر مارس بنسبة 1,1% بعد 0,7% خلال الشهر الفارط. ويعزا هذا التطور بالأساس إلى الارتفاع المسجل في أسعار مجموعة الملابس والأحذية بنسبة 6% وأسعار مجموعة التغذية والمشروبات بنسبة 1,6% وأسعار مواد وخدمات الصحة بنسبة 0,9% وأسعار مواد وخدمات النقل بنسبة 0,7% ، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الملابس والأحذية بنسبة 6,0 % نتيجة انتهاء فترة التخفيضات الشتوية الموسمية، وارتفعت أسعار الملابس بنسبة 6,2% وأسعار الأحذية بنسبة 6,9% وأسعار مكملات اللباس بنسبة 1,4%.

كما شهد مؤشر أسعار مجموعة التغذية والمشروبات ارتفاعا هاما بنسبة 1,6% وفق احدث بيانات معهد الإحصاء، ويعود ذلك بالأساس إلى ارتفاع أسعار الخضر الطازجة بنسبة 3,7% والأسماك الطازجة بنسبة 3,1% ومشتقات الحليب والأجبان بنسبة 2,9% وأسعار الدواجن بنسبة 2,5%. كذلك شهدت أسعار الغلال ارتفاعا بنسبة 2,1% وأسعار زيت الزيتون بنسبة 1,7%.

كما شهد مؤشر أسعار النقل ارتفاعا انطلاقا من منتصف العام الماضي بنسبة 0,7% نتيجة التعديل الأخير في أسعار المحروقات والذي وقع إقراره منتصف العام الماضي، كذلك شهدت أسعار خدمات النقل الجوي للمسافرين ارتفاعا في أسعارها بنسبة 5,7%.

وسجلت نسبة التضخم عند الاستهلاك ارتفاعا إلى مستوى 5.3 بالمائة بعد أن كانت في حدود 4,8% خلال شهر مارس 2021، وارجع المعهد الوطني للإحصاء ارتفاع نسبة التضخم إلى تسارع نسق الزيادة في الأسعار بين شهر أفريل ومارس 2021 بالمقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة، حيث ارتفعت أسعار مجموعة التغذية والمشروبات بنسبة 4,9% مقابل 4,1% وارتفاع أسعار مجموعة الصحة بنسبة 8,8% مقابل 8,1% وكذلك شهدت أسعار مجموعة النقل زيادة بنسبة2,1% مقابل 1,3% .

غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار

وسجلت عديد المواد الاستهلاكية التي يحتاجها المواطن، ارتفاعا مشطا، وذلك بسبب الضعف الذي طال أجهزة الرقابة ومحاولات ردع تجاوزات المحتكرين، وزاد ذلك من معاناة المواطن تزامنا مع تفشي الجائحة الصحية، والتي أدت إلى غلاء المعيشة.

ورغم توفر عديد الآليات والقوانين والإجراءات الرادعة للتجاوزات، وتعدد الهياكل المتدخلة في منظومة السوق، إلا أن الوضع أصبح تقريبا خارجا عن سيطرة الدولة، فالأسعار تأخذ منحى تصاعديا، والقدرة الشرائية للتونسيين تنهار يوما بعد يوم، وحالة الاحتقان والغليان لدى الأسر التونسية لا يُمكن التكهن بتداعياتها خاصة في الفترة القادمة التي ستكون صعبة من حيث الوضع الصحي والوضع الاجتماعي، وأصبحت الحكومة أمام حتمية التدخل في أسرع وقت ممكن لتسخير كافة إمكانياتها القانونية واللوجستية والبشرية لإعادة ترشيد الأسعار والحد من عمليات الاحتكار وتعديل السوق.

كبح جماح الأسعار والتضخم

وينبه الخبراء في الشأن الاقتصادي اليوم إلى انعكاسات تمويل البنك المركزي موفى سنة 2020 لميزانية الدولة حيث تم ضخ 3 مليارات لتخفيض العجز في الميزانية تزامن مع ارتفاع في أسعار الفائدة، الأمر الذي دفع بنسب التضخم إلى الارتفاع، وبدأت آثار هذه العملية تظهر على الاقتصاد التونسي بعد ارتفاع مصاريف الإنتاج للمؤسسات التي أدت إلى ارتفاع أسعار أغلب المواد الاستهلاكية.

وبات غلاء الأسعار واقعا ملموسا يواجهه التونسيون يوميا، وسجلت أسعار الخضر والحبوب والدواجن والبيض واللحوم ومختلف المواد الغذائية والاستهلاكية ارتفاعا "جنونيا"، في وقت تعجز السطات على كبح جماح الأسعار التي تتأرجح وفق أهواء المضاربين في السوق.

وأمام هذه الوضعية الحرجة يجد البنك المركزي التونسي نفسه في مواجهة كبح الطلب المحلي لخفض التضخم، ومن الحكمة أن يبادر البنك المركزي التونسي إلى رفع أسعار الفائدة خلال الأشهر القليلة القادمة، وذلك في خطوة عملية تهدف إلى كبح التضخم النقدي، أما ميدانيا فالأمر متروك للحكومة للتخفيف من تأثير الأزمة الاقتصادية الحادة في البلاد من خلال الإعانات والتخفيضات الضريبية على حساب التوسع المؤقت في عجز الميزانية.

 

سفيان المهداوي

بعد وصوله إلى مستويات "مفزعة".. هل يتدخل البنك المركزي قريبا لكبح جماح "التضخم"؟

*التضخم يواصل اتجاهه التصاعدي ويتجاوز 7.2 ٪ على أساس سنوي

*الحكومة مطالبة بالعمل ميدانيا على الحد من انفلات الأسعار وتقديم مساعدات حينية

*مخاوف من ارتفاع نسبة التضخم في تونس إلى قرابة 10٪ مع نهاية العام الحالي

تونس- الصباح

يتوقع بشدة خلال الأيام القادمة، أن يسارع البنك المركزي التونسي إلى رفع سعر الفائدة، وذلك تزامنا مع تسارع معدل نمو التضخم، والذي يفرض على البنك تشديد السياسة النقدية التي تهدف إلى خفض التضخم بسرعة قبل أن يزيد من عمق الأزمة الاقتصادية والمالية. ووفق معطيات حديثة نشرها المعهد الوطني للإحصاء (INS) في 6 أفريل 2022، فقد أشار إلى تسجيل أرقام قياسية لأسعار المستهلك لشهر مارس 2022، لافتا إلى أن التضخم واصل اتجاهه التصاعدي من خلال الزيادة على أساس سنوي إلى 7.2٪ بعد 7٪ في فيفري و 6.7٪ في جانفي الماضي.

وأرجع المعهد هذه الزيادة بشكل رئيسي إلى تسارع معدل الزيادات في أسعار المشروبات الكحولية والتبغ (21٪ مقابل 19.4٪ في فيفري) وكذلك في أسعار مجموعة الملابس والأحذية (9.8٪ مقابل 8.9٪) وأسعار مجموعة الأثاث والأدوات المنزلية وأسعار الصيانة المنزلية الروتينية (6.1٪ مقابل 5.7٪).

ارتفاع أسعار الحديد والمواد الخام

وتزامنا مع تسارع معدلات التضخم عند الاستهلاك، أضافت الحرب الروسية-الأوكرانية، أزمة جديدة، حيث سجل خامُ الحديد أيضًا رقْما قياسياً متجاوزا 230 دولارا للطُن، مع ارتفاع الطلبِ من الصين بشكل قوي، علما وأن الصين هي أكبرُ مستهلكٍ لخامِ الحديد، حيث تستوردُ نحوَ سبعينَ 70% من الشِحْنات العالمية.

وإجمالا، فإن معظم أسعارِ المواد الخام التي تُستخدم في صناعةِ كلِ شيء من بناءِ المنازل لصناعةِ القهوة ارتفعت أسعارها بشكل جنوني، وباتت تهدد بأزمة عالمية جديدة أشد وقعا من الأزمة الصحية التي خلفتها جائحة كورونا منذ سنتين.

تونس وشبح التضخم

وسجلت أسعار المواد الغذائية في تونس نسقا تصاعديا في الأشهر الماضية، وهو ما أدى إلى ارتفاع نسبة التضخم إلى 6.6 بالمائة في ديسمبر 2021 ، ويعود هذا الارتفاع أساسا إلى تسارع نسق ارتفاع أسعار مجموعة المواد الغذائية من 6.9 بالمائة في نوفمبر إلى 7.6 بالمائة في ديسمبر 2021.

ورغم تطمينات المسؤولين بتوفر المواد الغذائية الأساسية، فإن الواقع مخالف تماما لما يصرحون به، والأزمة المشتعلة في شرق أوروبا، بدأت انعكاساتها تظهر على جميع الدول منذ بداية العام الحالي، وارتفعت حدتها في الآونة الأخيرة، ما يستدعي في تونس اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمنع انفلات الأسعار، والتي تعد الخطر الأول لتسارع معجلات التضخم.

وباستثناء الفترة الشهيرة من مارس 2018 إلى ديسمبر 2018، يعد معدل التضخم المسجل في الآونة الأخيرة الأعلى منذ عقود من الزمن، ففي مارس 2018، ارتفع معدل التضخم إلى 7.2٪ واستمر في الارتفاع ليصل إلى 7.7٪ في جويلية 2018، علما وأن أعلى نسبة تضخم سجلت في تونس كانت سنة 1988.

وتزامن ارتفاع التضخم عند الاستهلاك، مع ارتفاع حجم إعادة التمويل من 9.6 مليار دينار في 22 مارس 2022 إلى 11.4 مليار دينار في 4 أفريل 2022، بزيادة تجاوزت 1.7 مليار دينار، ما رفع من حدة الضغوطات المالية على البنك المركزي، بالإضافة إلى اكبر محفز جديد للتضخم وهو ارتفاع أسعار السلع في الأسواق الدولية، وخاصة النفط والحبوب، والتي زادت على التوالي منذ بداية العام لتبلغ نسبة 39.1٪، ومن المتوقع أن تظل أسعار النفط والغاز مرتفعة، بينما قد ترتفع أسعار المواد الغذائية أكثر، مع توقعات بتواصل تراجع الدينار التونسي أمام الدولار الأمريكي في أسواق الصرف العالمية.

وتشير جل التوقعات الصادرة عن العديد من الخبراء الدوليين وجهات رسمية إلى تواصل التضخم في الارتفاع بنهاية عام 2022، وستتجاوز وفق بعض الخبراء حاجز 10٪، وهو ما يستدعي من البنك المركزي التونسي، التدخل للحفاظ على استقرار الأسعار ومحاربة التضخم، علما وانه قد قام مسبقًا برفع سعر الفائدة الرئيسي إلى 6.25٪.

بداية التضخم

وبدأ مؤشر أسعار الاستهلاك العائلي يشهد ارتفاعا ملحوظا خلال شهر أفريل 2021 مقارنة بشهر مارس بنسبة 1,1% بعد 0,7% خلال الشهر الفارط. ويعزا هذا التطور بالأساس إلى الارتفاع المسجل في أسعار مجموعة الملابس والأحذية بنسبة 6% وأسعار مجموعة التغذية والمشروبات بنسبة 1,6% وأسعار مواد وخدمات الصحة بنسبة 0,9% وأسعار مواد وخدمات النقل بنسبة 0,7% ، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الملابس والأحذية بنسبة 6,0 % نتيجة انتهاء فترة التخفيضات الشتوية الموسمية، وارتفعت أسعار الملابس بنسبة 6,2% وأسعار الأحذية بنسبة 6,9% وأسعار مكملات اللباس بنسبة 1,4%.

كما شهد مؤشر أسعار مجموعة التغذية والمشروبات ارتفاعا هاما بنسبة 1,6% وفق احدث بيانات معهد الإحصاء، ويعود ذلك بالأساس إلى ارتفاع أسعار الخضر الطازجة بنسبة 3,7% والأسماك الطازجة بنسبة 3,1% ومشتقات الحليب والأجبان بنسبة 2,9% وأسعار الدواجن بنسبة 2,5%. كذلك شهدت أسعار الغلال ارتفاعا بنسبة 2,1% وأسعار زيت الزيتون بنسبة 1,7%.

كما شهد مؤشر أسعار النقل ارتفاعا انطلاقا من منتصف العام الماضي بنسبة 0,7% نتيجة التعديل الأخير في أسعار المحروقات والذي وقع إقراره منتصف العام الماضي، كذلك شهدت أسعار خدمات النقل الجوي للمسافرين ارتفاعا في أسعارها بنسبة 5,7%.

وسجلت نسبة التضخم عند الاستهلاك ارتفاعا إلى مستوى 5.3 بالمائة بعد أن كانت في حدود 4,8% خلال شهر مارس 2021، وارجع المعهد الوطني للإحصاء ارتفاع نسبة التضخم إلى تسارع نسق الزيادة في الأسعار بين شهر أفريل ومارس 2021 بالمقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة، حيث ارتفعت أسعار مجموعة التغذية والمشروبات بنسبة 4,9% مقابل 4,1% وارتفاع أسعار مجموعة الصحة بنسبة 8,8% مقابل 8,1% وكذلك شهدت أسعار مجموعة النقل زيادة بنسبة2,1% مقابل 1,3% .

غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار

وسجلت عديد المواد الاستهلاكية التي يحتاجها المواطن، ارتفاعا مشطا، وذلك بسبب الضعف الذي طال أجهزة الرقابة ومحاولات ردع تجاوزات المحتكرين، وزاد ذلك من معاناة المواطن تزامنا مع تفشي الجائحة الصحية، والتي أدت إلى غلاء المعيشة.

ورغم توفر عديد الآليات والقوانين والإجراءات الرادعة للتجاوزات، وتعدد الهياكل المتدخلة في منظومة السوق، إلا أن الوضع أصبح تقريبا خارجا عن سيطرة الدولة، فالأسعار تأخذ منحى تصاعديا، والقدرة الشرائية للتونسيين تنهار يوما بعد يوم، وحالة الاحتقان والغليان لدى الأسر التونسية لا يُمكن التكهن بتداعياتها خاصة في الفترة القادمة التي ستكون صعبة من حيث الوضع الصحي والوضع الاجتماعي، وأصبحت الحكومة أمام حتمية التدخل في أسرع وقت ممكن لتسخير كافة إمكانياتها القانونية واللوجستية والبشرية لإعادة ترشيد الأسعار والحد من عمليات الاحتكار وتعديل السوق.

كبح جماح الأسعار والتضخم

وينبه الخبراء في الشأن الاقتصادي اليوم إلى انعكاسات تمويل البنك المركزي موفى سنة 2020 لميزانية الدولة حيث تم ضخ 3 مليارات لتخفيض العجز في الميزانية تزامن مع ارتفاع في أسعار الفائدة، الأمر الذي دفع بنسب التضخم إلى الارتفاع، وبدأت آثار هذه العملية تظهر على الاقتصاد التونسي بعد ارتفاع مصاريف الإنتاج للمؤسسات التي أدت إلى ارتفاع أسعار أغلب المواد الاستهلاكية.

وبات غلاء الأسعار واقعا ملموسا يواجهه التونسيون يوميا، وسجلت أسعار الخضر والحبوب والدواجن والبيض واللحوم ومختلف المواد الغذائية والاستهلاكية ارتفاعا "جنونيا"، في وقت تعجز السطات على كبح جماح الأسعار التي تتأرجح وفق أهواء المضاربين في السوق.

وأمام هذه الوضعية الحرجة يجد البنك المركزي التونسي نفسه في مواجهة كبح الطلب المحلي لخفض التضخم، ومن الحكمة أن يبادر البنك المركزي التونسي إلى رفع أسعار الفائدة خلال الأشهر القليلة القادمة، وذلك في خطوة عملية تهدف إلى كبح التضخم النقدي، أما ميدانيا فالأمر متروك للحكومة للتخفيف من تأثير الأزمة الاقتصادية الحادة في البلاد من خلال الإعانات والتخفيضات الضريبية على حساب التوسع المؤقت في عجز الميزانية.

 

سفيان المهداوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews