إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رغم الظروف العالمية الصعبة تونس تخالف توقعات المؤسسات المالية وتحقق نموا اقتصاديا بـ 3.1 ٪ كامل سنة 2021

*البنك المركزي سجل نسبة نمو 2.9 ٪ ووكالات التصنيف العالمية توقعت 2.1٪

*وزارة الاقتصاد والتخطيط تشجع على المبادرة الخاصة للحفاظ على استقرار نسب النمو

* مخاوف متنامية من تراجع نسب النمو خلال 2022 بسبب الأزمة الأوكرانية-الروسية

تونس - الصباح

تمكن الاقتصاد التونسي من تسجيل نسبة نموّ ايجابية بـ 3.1 بالمائة خلال سنة 2021، حسب ما أعلن عنه المعهد الوطني للإحصاء، في تقريره الحديث بعد نموّ سلبي بـ8.7- بالمائة خلال سنة 2020 بسبب تداعيات أزمة كورونا، وهو ما يعد مخالفا لتوقعات البنك المركزي الذي سجلت بياناته نسبة نمو قدرها بـ 2.9 ٪، في حين ذهبت بعض وكالات التصنيف العالمية إلى القول أن تونس لن تتمكن من تحقيق سوى 2.1٪ نسبة نمو مع نهاية العام 2021.

وكشف المعهد الوطني للإحصاء، في تقريره الاستثنائي، أنّ الاقتصاد الوطني سجّل خلال الربع الأخير من العام الماضي نموّا بـ 1.6 بالمائة، ولفت إلى تباين نسب النموّ حسب القطاعات. وسجّلت القيمة المضافة لقطاع الفلاحة والصيد البحري خلال الثلاثي الرابع تراجعا بنسبة 4.2 في المائة بحساب الانزلاق السنوي.

وشهد النشاط الاقتصادي في قطاع الصناعات المعملية تراجعا في الإنتاج في النسيج والملابس بنسبة 3.9 بالمائة وقطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية بنسبة 4.6 بالمائة، في المقابل تطوّرت القيمة المضافة في قطاع الصناعات الكيميائية وقطاع الصناعات الفلاحية والغذائية وقطاع صناعة مواد البناء والخزف على التوالي بنسبة 29.5% وبـ 2.9% وبـ 0.7%.

وارتفع الإنتاج في قطاع المناجم بنسبة 78.6 بالمائة وفي قطاع استخراج النفط والغاز الطبيعي بنسبة 20.6 بالمائة، وفي مجال الخدمات ارتفع الإنتاج في قطاع النزل والمطاعم بنسبة 5.2 بالمائة كما ارتفعت القيمة المضافة لقطاع خدمات النقل بنسبة 11.4 بالمائة، وسجّل قطاع الخدمات المالية انخفاضا بنسبة 3.7 بالمائة، حسب تقرير المعهد الوطني للإحصاء.

2.9٪ تقديرات البنك المركزي

وكان البنك المركزي، قد قدم في اجتماع مجلس إدارته الشهر الماضي، معطيات هامة حول نسبة النمو المسجلة في تونس طيلة سنة 2021، والتي بلغت حسب ذات المصدر 2.9٪، متوقعا آفاقا اقتصادية ضعيفة لعام 2022، وسط تباطؤ جهود تعبئة الموارد الخارجية الضرورية للميزانية الحالية، والتوافق حول الإصلاحات الاقتصادية بهدف التمهيد لمفاوضات مع صندوق النقد حول برنامج إقراض جديد.

ولاحظ مجلس إدارة البنك المركزي التونسي، المنعقد بتاريخ 3 فيفري 2022، انتعاشًا معتدلًا نسبيًا في النشاط الاقتصادي والذي تطور بنحو 2.9٪ لكامل عام 2021، مع توقعات باستمرار التضخم في اتجاهه التصاعدي، والذي بلغ نهاية العام الماضي 6.6٪ مقابل 6.4٪ في نوفمبر 2021 و4.9٪ في العام السابق.

وسجّل الاقتصاد التونسي نموا سنويا بنسبة 0.3 في المائة في حجم الناتج المحلي الإجمالي خلال الثلاثي الثالث من سنة 2021، وذلك مقارنة بالثلاثي الثالث من سنة 2020 بحسب قياس النمو بحساب الانزلاق السنوي وذلك حسب إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء. وبالمقارنة بالثلاثي الثاني من السنة الماضية، فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.7 بالمائة، بعد تراجع بنسبة 2.0 بالمائة خلال الربع الثاني.

وتميز النشاط الاقتصادي في قطاع الصناعات المعملية بتراجع الإنتاج في أنشطة قطاع النسيج والملابس والأحذية بنسبة 2.5 في المائة وقطاع صناعة مواد البناء والخزف بنسبة 4.5 في المائة وقطاع الصناعات الفلاحيّة والغذائيّة بنسبة 2.2 في المائة، مقابل تطور القيمة المضافة في قطاع الصناعات الكيمائية وقطاع الصناعات الميكانيكيّة والكهربائيّة إيجابيا بنسب تقدر على التوالي بــ 14في المائة وبــ 1.1في المائة.

وحسب مؤشر معهد الإحصاء الوطني شهد الثلاثي الثالث تراجعا في نسبة النمو قدرت بـ 0.3 بالمائة، وذلك بعد الانكماش الحاد الذي عرفه الاقتصاد الوطني في سنة 2020 والذي وصل لحدود 8.8 بالمائة، علما وأن كل نقطة نمو من شأنها أن تحقق أكثر من 10 آلاف موطن شغل .

تضارب التوقعات

كما تضاربت توقعات المؤسسات المالية حول نسبة النمو المسجلة في تونس السنة الماضية، حيث توقع البنك الأفريقي للتنمية أن يسجل الاقتصاد التونسي نسبة نمو في حدود 2 بالمائة مع نهاية سنة 2021 على أن يتواصل الانتعاش الاقتصادي ليبلغ 3.9 بالمائة سنة 2022، كما توقع البنك الأوروبي لإعادة الأعمار والتنمية أن يشهد الاقتصاد التونسي انتعاشة متواضعة بنسبة 2.5 بالمائة لكامل سنة 2021 قبل أن يتسارع نموّه بنسبة 3.3 بالمائة خلال سنة 2022، فيما أفاد تقرير للبنك الدولي، صادر حديثا، أن تونس عانت من تباطؤ نمو الاقتصاد خلال كامل عام 2021، متوقعا تسجيل نسبة نمو مقدرة بـ 3٪ خلال كامل السنة، محذرا من تفاقم الدين العام التونسي المتزايد والذي سيكون من الصعب تمويله دون إصلاحات مالية عامة واقتصادية حاسمة، وأيضا من تواصل ارتفاع نسب البطالة بالبلاد.

كما توقع البنك الدولي، أن يحقق الاقتصاد التونسي نموا بنسبة 3.5 بالمائة خلال سنة 2022 ونسبة 3.3بالمائة في سنة 2023 مقابل 2.9 بالمائة في سنة 2021.

وتوقع البنك الدولي في تقرير "المرصد الاقتصادي لتونس - شتاء 2022'' تواصل ارتفاع نسب البطالة في البلاد بسبب تبعات أزمة كورونا والتي مازالت متواصلة منذ عام 2020، معتبرا أن الانتعاش الضعيف لاقتصاد يضغط على المالية العامة التي تمر بأزمة خانقة، حيث لا يزال عجز الميزانية مرتفعاً عند 7.6٪ في عام 2021، على الرغم من الانكماش الطفيف من 9.4٪ في عام 2020.

وكشفت وكالة التصنيف الأمريكية ستاندرد آند بورز في احدث تقرير لها عن منطقة شرق الأوسط وشمال إفريقيا أن "الانتعاش سيكون بطيئا بالنسبة لتونس"، التي تتوقع نموا اقتصاديا دون المتوسط في دول المنطقة، معتبرة أن نسبة النمو في تونس لن تتجاوز 2.1٪ في المتوسط على مدى السنوات الثلاث المقبلة، وبمعدل 2.4٪ على مدى 5 سنوات، لافتة إلى أن نسبة النمو في تونس لن تراوح هذه المستويات بسبب حالة عدم الاستقرار السياسي بالبلاد والتي أربكت بشكل مباشر المسار الاقتصادي.

محركات النمو معطلة

وأبرزت الوكالة أن النمو في تونس يعوقه عدم الاستقرار السياسي في البلاد، وقد تباطأ بسبب الاضطرابات السياسية في الأشهر الأخيرة، فضلاً عن "عدم وضوح الرؤية للخطوات التالية"، وهو ما خلف أضرارا للقطاع المصرفي الذي يشهد ضغوطات كبيرة منذ ظهور جائحة كوفيد-19 بالبلاد، واعتماد حلول الغلق الجزئي والكلي للبلاد لأكثر من سنة ونصف.

وأوضحت وكالة ستاندرد آند بورز أنه من المرجح أن يؤدي ضعف القاعدة المالية للبنوك وزيادة المخاطر الاقتصادية والسياسية إلى تدهور ربحيتها، في ظل بيئة اشتدت فيها المنافسة مع الاقتصاديات المجاورة، أفضت إلى ارتفاع في أسعار أغلب المواد، الأمر الذي رفع من الحاجيات المالية للبلاد ويعرض المؤسسات المصرفية لخطر الانهيار، خصوصا وان الأزمة الصحية ضربت العديد من القطاعات الحيوية بالبلاد وتسببت في إفلاس بعض المؤسسات في قطاعي السياحة والتجارة.

وبينت الوكالة في تقريرها أن كل نقطة نمو إضافية لتونس تتيح للدولة امتلاك موارد تتراوح بين 6.5 و 7 مليارات دينار، وتحد من الدين الخارجي وتقلل الاعتماد على الخزانة العامة، بما في ذلك النظام المصرفي، والمؤسسات المالية الدولية أو المانحين في الدولة .

مخاوف من الحرب الأوكرانية-الروسية

ومنذ أسابيع، تواجه الدولة التونسية وضعا غير مسبوق حيث تحجم البنوك الوطنية عن إقراض الدولة على المدى الطويل، لأسباب تتعلق بالربحية وبسبب عدم اليقين الذي يثقل كاهل هذه المؤسسات والتي باتت عاجزة عن الإقراض.

ويتخوف اغلب الخبراء الاقتصاديين في تونس، من تراجع "كارثي" في نسب النمو للسنة الحالية، مرده الحرب الروسية-الأوكرانية، والتي أثرت بشكل لافت على نسق تزود المؤسسات الاقتصادية التونسية بالمواد الأولية وشبه الأولية، خاصة وان تونس تعول هذه السنة على رفع محركات التصدير التي تراجعت خلال السنتين الأخيرتين بسبب كوفيد-19، وتوقف أغلب الموانئ في العالم نتيجة إجراءات الحجر الصحي.

وحسب معطيات تحصلت عليها "الصباح" من وزارة الاقتصاد والتخطيط، فإن النية تتجه اليوم إلى التشجيع على المبادرة الخاصة، وخلق مواطن الشغل الجديدة في مجالات الريادة بالتعاون مع القطاع الخاص، في ظل عدم قدرة المالية العمومية على استيعاب مزيد من الانتدابات في الوظيفة العمومية، ومن شان ذلك أن يحافظ على استقرار نسب النمو طيلة العام الحالي، إلى حين استقرار الأوضاع العالمية.

سفيان المهداوي

 رغم الظروف العالمية الصعبة تونس تخالف توقعات المؤسسات المالية وتحقق نموا اقتصاديا بـ 3.1 ٪ كامل سنة 2021

*البنك المركزي سجل نسبة نمو 2.9 ٪ ووكالات التصنيف العالمية توقعت 2.1٪

*وزارة الاقتصاد والتخطيط تشجع على المبادرة الخاصة للحفاظ على استقرار نسب النمو

* مخاوف متنامية من تراجع نسب النمو خلال 2022 بسبب الأزمة الأوكرانية-الروسية

تونس - الصباح

تمكن الاقتصاد التونسي من تسجيل نسبة نموّ ايجابية بـ 3.1 بالمائة خلال سنة 2021، حسب ما أعلن عنه المعهد الوطني للإحصاء، في تقريره الحديث بعد نموّ سلبي بـ8.7- بالمائة خلال سنة 2020 بسبب تداعيات أزمة كورونا، وهو ما يعد مخالفا لتوقعات البنك المركزي الذي سجلت بياناته نسبة نمو قدرها بـ 2.9 ٪، في حين ذهبت بعض وكالات التصنيف العالمية إلى القول أن تونس لن تتمكن من تحقيق سوى 2.1٪ نسبة نمو مع نهاية العام 2021.

وكشف المعهد الوطني للإحصاء، في تقريره الاستثنائي، أنّ الاقتصاد الوطني سجّل خلال الربع الأخير من العام الماضي نموّا بـ 1.6 بالمائة، ولفت إلى تباين نسب النموّ حسب القطاعات. وسجّلت القيمة المضافة لقطاع الفلاحة والصيد البحري خلال الثلاثي الرابع تراجعا بنسبة 4.2 في المائة بحساب الانزلاق السنوي.

وشهد النشاط الاقتصادي في قطاع الصناعات المعملية تراجعا في الإنتاج في النسيج والملابس بنسبة 3.9 بالمائة وقطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية بنسبة 4.6 بالمائة، في المقابل تطوّرت القيمة المضافة في قطاع الصناعات الكيميائية وقطاع الصناعات الفلاحية والغذائية وقطاع صناعة مواد البناء والخزف على التوالي بنسبة 29.5% وبـ 2.9% وبـ 0.7%.

وارتفع الإنتاج في قطاع المناجم بنسبة 78.6 بالمائة وفي قطاع استخراج النفط والغاز الطبيعي بنسبة 20.6 بالمائة، وفي مجال الخدمات ارتفع الإنتاج في قطاع النزل والمطاعم بنسبة 5.2 بالمائة كما ارتفعت القيمة المضافة لقطاع خدمات النقل بنسبة 11.4 بالمائة، وسجّل قطاع الخدمات المالية انخفاضا بنسبة 3.7 بالمائة، حسب تقرير المعهد الوطني للإحصاء.

2.9٪ تقديرات البنك المركزي

وكان البنك المركزي، قد قدم في اجتماع مجلس إدارته الشهر الماضي، معطيات هامة حول نسبة النمو المسجلة في تونس طيلة سنة 2021، والتي بلغت حسب ذات المصدر 2.9٪، متوقعا آفاقا اقتصادية ضعيفة لعام 2022، وسط تباطؤ جهود تعبئة الموارد الخارجية الضرورية للميزانية الحالية، والتوافق حول الإصلاحات الاقتصادية بهدف التمهيد لمفاوضات مع صندوق النقد حول برنامج إقراض جديد.

ولاحظ مجلس إدارة البنك المركزي التونسي، المنعقد بتاريخ 3 فيفري 2022، انتعاشًا معتدلًا نسبيًا في النشاط الاقتصادي والذي تطور بنحو 2.9٪ لكامل عام 2021، مع توقعات باستمرار التضخم في اتجاهه التصاعدي، والذي بلغ نهاية العام الماضي 6.6٪ مقابل 6.4٪ في نوفمبر 2021 و4.9٪ في العام السابق.

وسجّل الاقتصاد التونسي نموا سنويا بنسبة 0.3 في المائة في حجم الناتج المحلي الإجمالي خلال الثلاثي الثالث من سنة 2021، وذلك مقارنة بالثلاثي الثالث من سنة 2020 بحسب قياس النمو بحساب الانزلاق السنوي وذلك حسب إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء. وبالمقارنة بالثلاثي الثاني من السنة الماضية، فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.7 بالمائة، بعد تراجع بنسبة 2.0 بالمائة خلال الربع الثاني.

وتميز النشاط الاقتصادي في قطاع الصناعات المعملية بتراجع الإنتاج في أنشطة قطاع النسيج والملابس والأحذية بنسبة 2.5 في المائة وقطاع صناعة مواد البناء والخزف بنسبة 4.5 في المائة وقطاع الصناعات الفلاحيّة والغذائيّة بنسبة 2.2 في المائة، مقابل تطور القيمة المضافة في قطاع الصناعات الكيمائية وقطاع الصناعات الميكانيكيّة والكهربائيّة إيجابيا بنسب تقدر على التوالي بــ 14في المائة وبــ 1.1في المائة.

وحسب مؤشر معهد الإحصاء الوطني شهد الثلاثي الثالث تراجعا في نسبة النمو قدرت بـ 0.3 بالمائة، وذلك بعد الانكماش الحاد الذي عرفه الاقتصاد الوطني في سنة 2020 والذي وصل لحدود 8.8 بالمائة، علما وأن كل نقطة نمو من شأنها أن تحقق أكثر من 10 آلاف موطن شغل .

تضارب التوقعات

كما تضاربت توقعات المؤسسات المالية حول نسبة النمو المسجلة في تونس السنة الماضية، حيث توقع البنك الأفريقي للتنمية أن يسجل الاقتصاد التونسي نسبة نمو في حدود 2 بالمائة مع نهاية سنة 2021 على أن يتواصل الانتعاش الاقتصادي ليبلغ 3.9 بالمائة سنة 2022، كما توقع البنك الأوروبي لإعادة الأعمار والتنمية أن يشهد الاقتصاد التونسي انتعاشة متواضعة بنسبة 2.5 بالمائة لكامل سنة 2021 قبل أن يتسارع نموّه بنسبة 3.3 بالمائة خلال سنة 2022، فيما أفاد تقرير للبنك الدولي، صادر حديثا، أن تونس عانت من تباطؤ نمو الاقتصاد خلال كامل عام 2021، متوقعا تسجيل نسبة نمو مقدرة بـ 3٪ خلال كامل السنة، محذرا من تفاقم الدين العام التونسي المتزايد والذي سيكون من الصعب تمويله دون إصلاحات مالية عامة واقتصادية حاسمة، وأيضا من تواصل ارتفاع نسب البطالة بالبلاد.

كما توقع البنك الدولي، أن يحقق الاقتصاد التونسي نموا بنسبة 3.5 بالمائة خلال سنة 2022 ونسبة 3.3بالمائة في سنة 2023 مقابل 2.9 بالمائة في سنة 2021.

وتوقع البنك الدولي في تقرير "المرصد الاقتصادي لتونس - شتاء 2022'' تواصل ارتفاع نسب البطالة في البلاد بسبب تبعات أزمة كورونا والتي مازالت متواصلة منذ عام 2020، معتبرا أن الانتعاش الضعيف لاقتصاد يضغط على المالية العامة التي تمر بأزمة خانقة، حيث لا يزال عجز الميزانية مرتفعاً عند 7.6٪ في عام 2021، على الرغم من الانكماش الطفيف من 9.4٪ في عام 2020.

وكشفت وكالة التصنيف الأمريكية ستاندرد آند بورز في احدث تقرير لها عن منطقة شرق الأوسط وشمال إفريقيا أن "الانتعاش سيكون بطيئا بالنسبة لتونس"، التي تتوقع نموا اقتصاديا دون المتوسط في دول المنطقة، معتبرة أن نسبة النمو في تونس لن تتجاوز 2.1٪ في المتوسط على مدى السنوات الثلاث المقبلة، وبمعدل 2.4٪ على مدى 5 سنوات، لافتة إلى أن نسبة النمو في تونس لن تراوح هذه المستويات بسبب حالة عدم الاستقرار السياسي بالبلاد والتي أربكت بشكل مباشر المسار الاقتصادي.

محركات النمو معطلة

وأبرزت الوكالة أن النمو في تونس يعوقه عدم الاستقرار السياسي في البلاد، وقد تباطأ بسبب الاضطرابات السياسية في الأشهر الأخيرة، فضلاً عن "عدم وضوح الرؤية للخطوات التالية"، وهو ما خلف أضرارا للقطاع المصرفي الذي يشهد ضغوطات كبيرة منذ ظهور جائحة كوفيد-19 بالبلاد، واعتماد حلول الغلق الجزئي والكلي للبلاد لأكثر من سنة ونصف.

وأوضحت وكالة ستاندرد آند بورز أنه من المرجح أن يؤدي ضعف القاعدة المالية للبنوك وزيادة المخاطر الاقتصادية والسياسية إلى تدهور ربحيتها، في ظل بيئة اشتدت فيها المنافسة مع الاقتصاديات المجاورة، أفضت إلى ارتفاع في أسعار أغلب المواد، الأمر الذي رفع من الحاجيات المالية للبلاد ويعرض المؤسسات المصرفية لخطر الانهيار، خصوصا وان الأزمة الصحية ضربت العديد من القطاعات الحيوية بالبلاد وتسببت في إفلاس بعض المؤسسات في قطاعي السياحة والتجارة.

وبينت الوكالة في تقريرها أن كل نقطة نمو إضافية لتونس تتيح للدولة امتلاك موارد تتراوح بين 6.5 و 7 مليارات دينار، وتحد من الدين الخارجي وتقلل الاعتماد على الخزانة العامة، بما في ذلك النظام المصرفي، والمؤسسات المالية الدولية أو المانحين في الدولة .

مخاوف من الحرب الأوكرانية-الروسية

ومنذ أسابيع، تواجه الدولة التونسية وضعا غير مسبوق حيث تحجم البنوك الوطنية عن إقراض الدولة على المدى الطويل، لأسباب تتعلق بالربحية وبسبب عدم اليقين الذي يثقل كاهل هذه المؤسسات والتي باتت عاجزة عن الإقراض.

ويتخوف اغلب الخبراء الاقتصاديين في تونس، من تراجع "كارثي" في نسب النمو للسنة الحالية، مرده الحرب الروسية-الأوكرانية، والتي أثرت بشكل لافت على نسق تزود المؤسسات الاقتصادية التونسية بالمواد الأولية وشبه الأولية، خاصة وان تونس تعول هذه السنة على رفع محركات التصدير التي تراجعت خلال السنتين الأخيرتين بسبب كوفيد-19، وتوقف أغلب الموانئ في العالم نتيجة إجراءات الحجر الصحي.

وحسب معطيات تحصلت عليها "الصباح" من وزارة الاقتصاد والتخطيط، فإن النية تتجه اليوم إلى التشجيع على المبادرة الخاصة، وخلق مواطن الشغل الجديدة في مجالات الريادة بالتعاون مع القطاع الخاص، في ظل عدم قدرة المالية العمومية على استيعاب مزيد من الانتدابات في الوظيفة العمومية، ومن شان ذلك أن يحافظ على استقرار نسب النمو طيلة العام الحالي، إلى حين استقرار الأوضاع العالمية.

سفيان المهداوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews