إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مع تنامي التصعيد بين روسيا وأوكرانيا: انهيار في أسواق المال العالمية وارتفاع في أسعار المواد الأساسية والأولية!

مخاوف من ارتفاع التضخم وتنامي العجز التجاري في تونس بسبب الحرب شرق أوروبا

* أسعار الحديد تقفز من جديد والذهب ملاذ جميع المستثمرين

تونس- الصباح

عمت الفوضى أسواق المال العالمية، خلال اليومين الأخيرين، مع تصاعد الأزمة الروسية الأوكرانية، فبينما انهارت أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم، قفزت أسعار السلع إلى مستويات قياسية، تهدد من جديد استنزاف ميزانية تونس الحالية التي تشكو عجزا فادحا، بالإضافة إلى مخاوف من تنامي العجز التجاري مع الخارج الذي بلغ 16215،1 مليون دينار لكامل سنة 2021.

وصعدت أسعار القمح، الذي تعد روسيا وأوكرانيا من أبرز منتجيه، لأعلى مستوى في عشر سنوات، وقفزت عقود القمح الأمريكي، 50 دولارا أو بنسبة 5.7 بالمائة، لتتداول عند 926 دولارا للطن، وارتفعت عقود زيت الصويا 4 دولارات أو بنسبة 5.66 بالمائة، إلى نحو 75 دولارا لكل 60 رطلا، كما قفزت أسعار النفط الخام لأعلى مستوياتها في 7 سنوات، إلى جانب أسعار الحديد التي ارتفعت عالميا إلى أكثر من 230 دولار للطن الواحد.

وزادت عقود خام برنت القياسي، تسليم مارس 7.42 دولار أو بحوالي 8%، لتتداول عند 101.5 دولار، وهو أعلى سعر منذ سنة 2014، وعززت عقود الغاز مكاسبها، مرتفعة بنسبة 6.4%، ليتم تداولها عند حوالي 4.9 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، علما وان روسيا من أكبر منتجي النفط والغاز في العالم، بحصة تتجاوز 13% من إمدادات النفط ونحو 18% من إمدادات الغاز العالمية، وتستأثر بنحو 40% من سوق الغاز في أوروبا.

وقفزت أسعار الذهب، الذي يعد ملاذا آمنا وقت الأزمات، بأكثر من 60 دولارا، إلى جانب العقود الأمريكية الآجلة للذهب بأكثر من 61 دولارا أو بنسبة 3.21%، ليجري تداولها عند 1971.45 دولار للأوقية او السبيكة الواحدة، كما ارتفع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية أمام سلة من ست عملات رئيسية منافسة، بنسبة 0.93% إلى 97.1 نقطة.

انهيار البورصة العالمية

في المقابل، شهدت أسواق الأسهم العالمية تراجعات جماعية حادة، إذ هبط مؤشر بورصة موسكو بنحو 29 بالمائة، كما تراجعت مؤشرات جميع الأسواق الأوروبية، إذ هبط مؤشر "يورو ستوكس 50" لأسهم أوروبا بنحو 4.04%، وفوتسي البريطاني 2.75%، وداكس الألماني بنسبة 4.17%، وكاك الفرنسي 3.96%.

وفي آسيا، أغلقت أسواق الأسهم على تراجعات حادة أيضا، إذ أغلق مؤشر "نيكي" في بورصة طوكيو منخفضا بنحو 2%، وشنغهاي الصيني 1.7%، فيما نزل مؤشر "هانغ سانغ" لبورصة هونغ كونغ بنسبة 3.21 بالمئة.

وبعد إطلاق هجوم موسكو في أوكرانيا، افتتحت الأسواق الأوروبية في هبوط حاد للغاية، في أعقاب أسواق الأسهم الآسيوية وول ستريت، وتراجعت بورصة موسكو بأكثر من 45٪، كما تراجعت الأسهم العالمية وعائدات السندات الأمريكية، أمس، إلى مستويات حادة، بينما ارتفعت أسعار الدولار والذهب بشدة مع إطلاق القوات الروسية صواريخ على عدة مدن أوكرانية وإنزال قوات على ساحلها الجنوبي.

وبعد وقت قصير من إعلان الرئيس فلاديمير بوتين أنه سمح بما أسماه عملية عسكرية خاصة، سمع دوي انفجارات فجر أمس، في العاصمة الأوكرانية كييف، واتهمت الحكومة الأوكرانية موسكو بشن غزو واسع النطاق. وقال الرئيس الأميركي جو بايدن إن الولايات المتحدة وحلفاءها سيفرضون "عقوبات صارمة" على روسيا بعد الهجمات.

ويبدو أن انهيار الأسهم سيستمر في أوروبا والولايات المتحدة، مع قفزة حادة في أسعار السلع، مما زاد من المخاوف بشأن التضخم والنمو الاقتصادي، وانعكاسات هذه الازمة على اقتصاد العديد من الدول النامية وعلى رأسها تونس، والتي شهدت مع بداية العام ارتفاعا في أسعار المواد الأولية، وأيضا المواد الأساسية.

ارتفاع أسعار الحديد والمواد الخام

ويخشى المستثمرون في العالم من أنه رداً على الهجوم في أوكرانيا، ستفرض الولايات المتحدة وأوروبا، عقوبات على قطاع الطاقة الروسي، الأمر الذي ستتلاشى معه إمدادات النفط الروسية بين عشية وضحاها، علما وان أوبك ليست قادرة بالسرعة الكافية لتغطية هذه الفجوة الهائلة.

وتزامنا مع هذه الأزمة سجل خامُ الحديد أيضًا رقْما قياسياً متجاوزا 230 دولارا للطُن، مع ارتفاع الطلبِ من الصين بشكل قوي، علما وأن الصين هي أكبرُ مستهلكٍ لخامِ الحديد، حيث تستوردُ نحوَ سبعينَ 70% من الشِحْنات العالمية.

وإجمالا، فإن معظم أسعارِ المواد الخام التي تُستخدم في صناعةِ كلِ شيء من بناءِ المنازل لصناعةِ القهوة ارتفعت أمس بشكل جنوني، وباتت تهدد بأزمة عالمية جديدة اشد وقعا من الأزمة الصحية التي خلفتها جائحة كورونا منذ سنتين.

تونس وشبح التضخم

وسجلت أسعار المواد الغذائية في تونس نسقا تصاعديا في الأشهر الماضية، وهو ما أدى إلى ارتفاع نسبة التضخم إلى 6.6 بالمائة في ديسمبر 2021 ، ويعود هذا الارتفاع أساسا إلى تسارع نسق ارتفاع أسعار مجموعة المواد الغذائية من 6.9 بالمائة في نوفمبر إلى 7.6 بالمائة في ديسمبر 2021.

ورغم تطمينات المسؤولين بتوفر المواد الغذائية الأساسية، فإن الواقع مخالف تماما لما يصرحون به، والأزمة المشتعلة في شرق أوروبا، بدأت انعكاساتها تظهر على جميع الدول منذ بداية العام الحالي، وارتفعت حدتها يوم أمس حيث ارتفعت كافة أسعار المواد الأولية والأساسية بشكل جنوني، ما يستدعي في تونس اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمنع انفلات الأسعار والبحث عن أسواق جديدة في أسرع الآجال للحد من ارتدادات الأزمة الروسية-الأوكرانية على اقتصادنا الوطني.

 

سفيان المهداوي

 مع تنامي التصعيد بين روسيا وأوكرانيا: انهيار في أسواق المال العالمية وارتفاع في أسعار المواد الأساسية والأولية!

مخاوف من ارتفاع التضخم وتنامي العجز التجاري في تونس بسبب الحرب شرق أوروبا

* أسعار الحديد تقفز من جديد والذهب ملاذ جميع المستثمرين

تونس- الصباح

عمت الفوضى أسواق المال العالمية، خلال اليومين الأخيرين، مع تصاعد الأزمة الروسية الأوكرانية، فبينما انهارت أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم، قفزت أسعار السلع إلى مستويات قياسية، تهدد من جديد استنزاف ميزانية تونس الحالية التي تشكو عجزا فادحا، بالإضافة إلى مخاوف من تنامي العجز التجاري مع الخارج الذي بلغ 16215،1 مليون دينار لكامل سنة 2021.

وصعدت أسعار القمح، الذي تعد روسيا وأوكرانيا من أبرز منتجيه، لأعلى مستوى في عشر سنوات، وقفزت عقود القمح الأمريكي، 50 دولارا أو بنسبة 5.7 بالمائة، لتتداول عند 926 دولارا للطن، وارتفعت عقود زيت الصويا 4 دولارات أو بنسبة 5.66 بالمائة، إلى نحو 75 دولارا لكل 60 رطلا، كما قفزت أسعار النفط الخام لأعلى مستوياتها في 7 سنوات، إلى جانب أسعار الحديد التي ارتفعت عالميا إلى أكثر من 230 دولار للطن الواحد.

وزادت عقود خام برنت القياسي، تسليم مارس 7.42 دولار أو بحوالي 8%، لتتداول عند 101.5 دولار، وهو أعلى سعر منذ سنة 2014، وعززت عقود الغاز مكاسبها، مرتفعة بنسبة 6.4%، ليتم تداولها عند حوالي 4.9 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، علما وان روسيا من أكبر منتجي النفط والغاز في العالم، بحصة تتجاوز 13% من إمدادات النفط ونحو 18% من إمدادات الغاز العالمية، وتستأثر بنحو 40% من سوق الغاز في أوروبا.

وقفزت أسعار الذهب، الذي يعد ملاذا آمنا وقت الأزمات، بأكثر من 60 دولارا، إلى جانب العقود الأمريكية الآجلة للذهب بأكثر من 61 دولارا أو بنسبة 3.21%، ليجري تداولها عند 1971.45 دولار للأوقية او السبيكة الواحدة، كما ارتفع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية أمام سلة من ست عملات رئيسية منافسة، بنسبة 0.93% إلى 97.1 نقطة.

انهيار البورصة العالمية

في المقابل، شهدت أسواق الأسهم العالمية تراجعات جماعية حادة، إذ هبط مؤشر بورصة موسكو بنحو 29 بالمائة، كما تراجعت مؤشرات جميع الأسواق الأوروبية، إذ هبط مؤشر "يورو ستوكس 50" لأسهم أوروبا بنحو 4.04%، وفوتسي البريطاني 2.75%، وداكس الألماني بنسبة 4.17%، وكاك الفرنسي 3.96%.

وفي آسيا، أغلقت أسواق الأسهم على تراجعات حادة أيضا، إذ أغلق مؤشر "نيكي" في بورصة طوكيو منخفضا بنحو 2%، وشنغهاي الصيني 1.7%، فيما نزل مؤشر "هانغ سانغ" لبورصة هونغ كونغ بنسبة 3.21 بالمئة.

وبعد إطلاق هجوم موسكو في أوكرانيا، افتتحت الأسواق الأوروبية في هبوط حاد للغاية، في أعقاب أسواق الأسهم الآسيوية وول ستريت، وتراجعت بورصة موسكو بأكثر من 45٪، كما تراجعت الأسهم العالمية وعائدات السندات الأمريكية، أمس، إلى مستويات حادة، بينما ارتفعت أسعار الدولار والذهب بشدة مع إطلاق القوات الروسية صواريخ على عدة مدن أوكرانية وإنزال قوات على ساحلها الجنوبي.

وبعد وقت قصير من إعلان الرئيس فلاديمير بوتين أنه سمح بما أسماه عملية عسكرية خاصة، سمع دوي انفجارات فجر أمس، في العاصمة الأوكرانية كييف، واتهمت الحكومة الأوكرانية موسكو بشن غزو واسع النطاق. وقال الرئيس الأميركي جو بايدن إن الولايات المتحدة وحلفاءها سيفرضون "عقوبات صارمة" على روسيا بعد الهجمات.

ويبدو أن انهيار الأسهم سيستمر في أوروبا والولايات المتحدة، مع قفزة حادة في أسعار السلع، مما زاد من المخاوف بشأن التضخم والنمو الاقتصادي، وانعكاسات هذه الازمة على اقتصاد العديد من الدول النامية وعلى رأسها تونس، والتي شهدت مع بداية العام ارتفاعا في أسعار المواد الأولية، وأيضا المواد الأساسية.

ارتفاع أسعار الحديد والمواد الخام

ويخشى المستثمرون في العالم من أنه رداً على الهجوم في أوكرانيا، ستفرض الولايات المتحدة وأوروبا، عقوبات على قطاع الطاقة الروسي، الأمر الذي ستتلاشى معه إمدادات النفط الروسية بين عشية وضحاها، علما وان أوبك ليست قادرة بالسرعة الكافية لتغطية هذه الفجوة الهائلة.

وتزامنا مع هذه الأزمة سجل خامُ الحديد أيضًا رقْما قياسياً متجاوزا 230 دولارا للطُن، مع ارتفاع الطلبِ من الصين بشكل قوي، علما وأن الصين هي أكبرُ مستهلكٍ لخامِ الحديد، حيث تستوردُ نحوَ سبعينَ 70% من الشِحْنات العالمية.

وإجمالا، فإن معظم أسعارِ المواد الخام التي تُستخدم في صناعةِ كلِ شيء من بناءِ المنازل لصناعةِ القهوة ارتفعت أمس بشكل جنوني، وباتت تهدد بأزمة عالمية جديدة اشد وقعا من الأزمة الصحية التي خلفتها جائحة كورونا منذ سنتين.

تونس وشبح التضخم

وسجلت أسعار المواد الغذائية في تونس نسقا تصاعديا في الأشهر الماضية، وهو ما أدى إلى ارتفاع نسبة التضخم إلى 6.6 بالمائة في ديسمبر 2021 ، ويعود هذا الارتفاع أساسا إلى تسارع نسق ارتفاع أسعار مجموعة المواد الغذائية من 6.9 بالمائة في نوفمبر إلى 7.6 بالمائة في ديسمبر 2021.

ورغم تطمينات المسؤولين بتوفر المواد الغذائية الأساسية، فإن الواقع مخالف تماما لما يصرحون به، والأزمة المشتعلة في شرق أوروبا، بدأت انعكاساتها تظهر على جميع الدول منذ بداية العام الحالي، وارتفعت حدتها يوم أمس حيث ارتفعت كافة أسعار المواد الأولية والأساسية بشكل جنوني، ما يستدعي في تونس اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمنع انفلات الأسعار والبحث عن أسواق جديدة في أسرع الآجال للحد من ارتدادات الأزمة الروسية-الأوكرانية على اقتصادنا الوطني.

 

سفيان المهداوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews