إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

37 ألف موطن شغل في القطاع الزراعي مهددة و6.3 مليار دينار خسائر السياحة

أعلنت وزيرة البيئة ، ليلى الشيخاوي المهداوي ، مؤخرًا أن «تداعيات تغير المناخ وتأثيره المباشر على الأمن الغذائي والموارد المائية والآليات البيئية والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والصحية العامة ، تثبت أن التحديات المناخية تمثل ، دون أدنى شك ، تهديدا حقيقيا للكوكب ، وكذلك للتنمية في البلاد». وأكدت الوزيرة خلال الاجتماع الذي عقد مؤخرا في مقر إقامة السفير البريطاني بالمرسى لعرض نتائج الدراسات حول تأثير التغير المناخي على الاقتصاد التونسي ، أن «التغير المناخي على الرغم من آثاره وتهديداته الحالية ، يمثل تحديًا وفرصة جديدة لتنمية أفضل وأكثر استدامة وشمولية ، مما يجعل من الممكن استفادة تونس في عدة قطاعات اقليميا ومتوسطيا ، واستغلال التغييرات المناخية في دفع النمو الاقتصادي.

وحثت الدراسات ، التي أجرتها شركتا VIVID و ACC تحت رعاية وزارة البيئة وبدعم من سفارة المملكة المتحدة ، على ضرورة استفادة تونس من المتغيرات المناخية عبر الانتقال إلى اقتصاد محايد للكربون في قطاعات مثل النقل أو الصناعة أو رسكلة النفايات ، وهي تمثل فرصًا جديدة للاستثمار والوظائف. وكشف القائم بأعمال السفير البريطاني ماثيو فورمان ، ان الدراسات الحديثة التي تم اعدادها من قبل الخبراء «تظهر بوضوح أن تغير المناخ قد تحول من مشكلة هامشية في تونس إلى حالة طوارئ اقتصادية».

وكشفت احدى الدراسات التي تحمل عنوان «الآثار الاقتصادية لتغير المناخ في تونس: المخاطر والفرص» أنه في ظل ارتفاع درجات الحرارة ، سيكون مناخ تونس أكثر سخونة وجفافًا ، مع تغيرات واسعة ، كما ستتعرض الدولة لارتفاع منسوب مياه البحر وزيادة الملوحة والحموضة ، وستؤدي هذه التغييرات إلى مخاطر كبيرة على قطاعات الزراعة وصيد الأسماك والسياحة.

فقدان 37 ألف موطن شغل في القطاع الزراعي

وحذرت الدراسة المعدة من فقدان 37 ألف فرصة عمل في القطاع الزراعي وقدرت الخسائر في هذا القطاع بنحو 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030. وهي ناتجة عن الآثار المشتركة لتدهور موارد المياه والمياه الجوفية ، وتراجع المساحات الزراعية ، وانخفاض مساحة الأشجار ، ومحاصيل الحبوب وزيادة مخاطر الحرائق.

خسائر بأكثر من 11 مليون دولار سنويا

وتتوقع الدراسة أن تصل تكلفة الأضرار ، الناجمة عن زيادة الفيضانات والجفاف ، إلى 11.52 مليون دولار سنويًا ، وحدها ، في قطاع الغابات بحلول عام 2030. كما ستتأثر العمالة في الزراعة بشدة مع خسائر تتراوح بين 8250 و 16500 وظيفة ، ومن المكن أن تصل إلى 37 ألف موطن شغل  في حالة حدوث جفاف كبير ، وسيتأثر إنتاج الزيتون وزيت الزيتون بشكل خاص بسبب الجفاف.

228 مليون دولار خسائر الصادرات

وحسب ذات الدراسة ، من الممكن أن تتجاوز الخسائر من حيث قيمة الصادرات 228 مليون دولار سنويًا بحلول عام 2100. وبالنسبة لقطاع التمور سينخفض ​​حجم الصادرات من 20 الى 26 مليون دينار عام 2050 وأكثر من 85 مليون دينار عام 2100. أما بالنسبة لإنتاج الحبوب ، فسوف يتأثر بشدة ، مع تخفيضات تقدر بـ 30 إلى 50 ٪ من المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي الزراعي بحلول عام 2100 و 30 ٪ من فقدان الوظائف بحلول عام 2050.

ووفق ذات المصدر ستؤدي هذه المخاطر المحتملة إلى تعريض الاقتصاد الوطني للخطر ، من حيث الاكتفاء الذاتي الغذائي وسيرتفع الاعتماد على الواردات، كما ستشهد صناعة صيد الأسماك أيضًا تغييرات بشكل كبير وديناميكي ، خاصة مع انقراض أنواع من السمك، والتي ستواجه مخاطر متزايدة للإصابة بالأمراض. وبشكل عام ، لفتت الدراسة الى ان حجم تأثير الاحتباس الحراري على صناعة صيد الأسماك على المنطقة يهدد بفقدان وظائف بجزيرة قرقنة، وأيضا في مختلف السواحل التونسية.

وكشفت الدراسة الحديثة إن اشتداد العواصف وموجات الحر، وارتفاع مستوى سطح البحر وارتفاع درجات الحرارة ، كلها ظواهر ستؤثر على معدل نفوق تجمعات الأسماك ، ولكن أيضًا على إنتاج الأسماك وانتشارها. ونتيجة لذلك ، يخاطر القطاع بفقدان مناطق كبيرة للصيد والتجميع ، وتشير التوقعات إلى أن موارد مصايد الأسماك يمكن أن تشهد اتجاهًا عكسيًا ، مما يؤدي إلى زيادة إنتاجية مناطق الصيد البحري وزيادة الموارد بنسبة 85 ٪ بحلول عام 2050 و 175 ٪ في سنة 2100 (أي ما بين 80.000 و 150.000 طن) من المنتجات السمكية الإضافية،  ومع ذلك ، فإن الخسارة المحتملة للوظائف في صناعة صيد الأسماك ، قد تصل إلى 20 ٪ والتي ستكون مصحوبة بانخفاض في دخل العمال من 30 إلى 50 ٪ .

3.6 مليار دينار خسائر السياحة

أما الخسائر الأكثر إثارة للقلق ، هي من نصيب القطاع السياحي والذي من المتوقع ان تبلغ 3.6 مليار دينار ، وهو يمثل 14.2 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي الوطني ، وسيترتب عن ذلك فقدان ما يقرب من 1000 وظيفة في السنة بالاضافة الى رأس مال إنتاجي قدره 3.6 مليار دينار تونسي ، ويرجع ذلك على وجه الخصوص إلى ارتفاع مستوى سطح البحر ، ولكن أيضًا بسبب الحرارة المفرطة التي ستجعل مواسم الصيف أقل جاذبية.

وتوضح الدراسة ، اجمالا ، أنه في حالة عدم وجود إجراءات مناخية فعالة ، سيكون التأثير الاقتصادي للاحترار العالمي ثقيلًا ، ولكن يمكن تخفيفه ويمكن تحويل المخاطر إلى فرص إذا تم اتخاذ الإجراءات الصحيحة في الوقت المناسب. ولفتت الدراسة ، الى ان الاستثمار في الطاقة والطاقات المتجددة لا يقلل من انبعاثات غازات الدفيئة فحسب ، بل يساهم في أمن الطاقة في البلاد وخلق آلاف الوظائف. بالإضافة إلى ذلك ، يساهم تلوث الهواء في حدوث عدد كبير من الأمراض ، بما في ذلك مشاكل الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية ، وحتى السرطان، وجزء كبير منها ناتج من التلوث الصادر عن قطاعي الصناعة والنقل.

وأوردت الدراسة ان نشر 130 ألف سيارة كهربائية هي وسيلة ناجعة للحد من 2.2 مليون طن من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ، و20٪ من انبعاثات الدولة بحلول عام 2030 ، وبالتالي خلق فرص عمل في تركيب وتشغيل وصيانة البنية التحتية لإعادة الشحن ، والتي تقدر بـ 910 وظيفة في السنة .

توصيات الخبراء

وحسب تقرير صادر مؤخرا ، أنجز بالتعاون بين وزارة الصناعة والطاقة والمناجم، والوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة، اوصى بضرورة رصد اعتمادات جديدة لفائدة صندوق الانتقال الطاقي حتى يتمكن من ضخ أموال لتمويل مشاريع طاقية وتمكينه من اسداء قروض لفائدة المستثمرين ، في خطوة لدفع مشاريع الطاقات المتجددة ، وانتاج الكهرباء من مياه البحر وطاقة الرياح ، وهي مشاريع ستجني على الاقتصاد الوطني فوائد جمة أبرزها خلق أكثر من 45 ألف موطن شغل جديدة مع حلول سنة 2030.

التحول الى قطب مصدر للطاقة النظيفة

وتطمح تونس إلى زيادة حصة الطاقات المتجددة في إنتاج الكهرباء إلى 30 بالمائة بحلول سنة 2030 واستثمار ما يقرب من مليار دينار سنويًا في هذا القطاع لضمان استقلالية الطاقة ، علما وان تونس تمتاز بمناخ معتدل وموقع استراتيجي يسمح لها بأن تتحول خلال عقد من الزمن الى مصدر للطاقة النظيفة وهي محل طلب كبير من بلدان الاتحاد الاوروبي ، بالاضافة الى جني ارباح تضمن استقرار الخزينة العامة للدولة.

وحتى الآن ، نجحت الدولة التونسية فقط في وضع حلول قصيرة المدى ، ومواردها تعتمد بشكل أساسي على عائدات التصدير والسياحة والاستثمار الأجنبي، وتستورد الكثير من طاقتها ومنتجاتها الغذائية بسبب عدم السيادة في هذا المجال ، وتستورد أيضًا الكثير من المنتجات ذات القيمة المضافة العالية لتشغيل صناعاتها ، فضلاً عن المعدات عالية التقنية، في المقابل ، تصدر الدولة منتجات ذات قيمة مضافة منخفضة مثل زيت الزيتون أو المنسوجات أو الكابلات الكهربائية أو الفسفاط، وهذا ما يخلق خللاً هيكلياً في الميزان التجاري، اذ ان الضغط على قيمة العملة متواصل، وكلما انخفضت قيمة الدينار مقابل اليورو والدولار ، زادت واردات الدولة بتكلفة عالية وزاد معدل التضخم، ويؤدي ذلك الى ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية للتونسيين.

التوجه نحو التصدير 

وهناك عدة رؤى استراتيجية تم صياغتها في مجال الطاقة النظيفة قد تحول تونس الى مركز لهذه الطاقة فهي تزخر بالسواحل البحرية الهامة وتتمتع بمناخ حار يسمح بتخزين الطاقة وتصديرها، كما يمكن الاستفادة من خطة الهيدروجين النظيفة التي أطلقتها أوروبا ورصدت لها اموال ضخمة، وذلك من خلال تبني محرك اقتصادي جديد يعتمد أساسًا على لبنة تكنولوجية جديدة ، وطاقات متجددة تسمح بالقضاء نهائيا على انبعاثات غاز الكربون.

وتحتاج تونس الى ارساء منشآت تعمل على ازالة الكربون من الهيدروجين «النظيف»، أي دون انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. وفي أوروبا ، لا يزال عدد الشركات التي تعمل في هذا المجال قليلة، الا ان بعض الدراسات ، أكدت ان تونس بإمكانها ان تصبح قطبا لهذه الطاقة النظيفة من خلال استغلال السواحل البحرية لأنتاج الطاقة وربطها بمحطات الطاقة الشمسية، علما وان الكميات من الطاقة النظيفة التي سيتم انتاجها ستكون ضخمة ولا تنضب، وانتاجها في تونس سيكون مميزا وأفضل بكثير من عديد الدول الاوروبية والعربية.

◗  سفيان المهداوي

 

37 ألف موطن شغل في القطاع الزراعي مهددة و6.3 مليار دينار خسائر السياحة

أعلنت وزيرة البيئة ، ليلى الشيخاوي المهداوي ، مؤخرًا أن «تداعيات تغير المناخ وتأثيره المباشر على الأمن الغذائي والموارد المائية والآليات البيئية والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والصحية العامة ، تثبت أن التحديات المناخية تمثل ، دون أدنى شك ، تهديدا حقيقيا للكوكب ، وكذلك للتنمية في البلاد». وأكدت الوزيرة خلال الاجتماع الذي عقد مؤخرا في مقر إقامة السفير البريطاني بالمرسى لعرض نتائج الدراسات حول تأثير التغير المناخي على الاقتصاد التونسي ، أن «التغير المناخي على الرغم من آثاره وتهديداته الحالية ، يمثل تحديًا وفرصة جديدة لتنمية أفضل وأكثر استدامة وشمولية ، مما يجعل من الممكن استفادة تونس في عدة قطاعات اقليميا ومتوسطيا ، واستغلال التغييرات المناخية في دفع النمو الاقتصادي.

وحثت الدراسات ، التي أجرتها شركتا VIVID و ACC تحت رعاية وزارة البيئة وبدعم من سفارة المملكة المتحدة ، على ضرورة استفادة تونس من المتغيرات المناخية عبر الانتقال إلى اقتصاد محايد للكربون في قطاعات مثل النقل أو الصناعة أو رسكلة النفايات ، وهي تمثل فرصًا جديدة للاستثمار والوظائف. وكشف القائم بأعمال السفير البريطاني ماثيو فورمان ، ان الدراسات الحديثة التي تم اعدادها من قبل الخبراء «تظهر بوضوح أن تغير المناخ قد تحول من مشكلة هامشية في تونس إلى حالة طوارئ اقتصادية».

وكشفت احدى الدراسات التي تحمل عنوان «الآثار الاقتصادية لتغير المناخ في تونس: المخاطر والفرص» أنه في ظل ارتفاع درجات الحرارة ، سيكون مناخ تونس أكثر سخونة وجفافًا ، مع تغيرات واسعة ، كما ستتعرض الدولة لارتفاع منسوب مياه البحر وزيادة الملوحة والحموضة ، وستؤدي هذه التغييرات إلى مخاطر كبيرة على قطاعات الزراعة وصيد الأسماك والسياحة.

فقدان 37 ألف موطن شغل في القطاع الزراعي

وحذرت الدراسة المعدة من فقدان 37 ألف فرصة عمل في القطاع الزراعي وقدرت الخسائر في هذا القطاع بنحو 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030. وهي ناتجة عن الآثار المشتركة لتدهور موارد المياه والمياه الجوفية ، وتراجع المساحات الزراعية ، وانخفاض مساحة الأشجار ، ومحاصيل الحبوب وزيادة مخاطر الحرائق.

خسائر بأكثر من 11 مليون دولار سنويا

وتتوقع الدراسة أن تصل تكلفة الأضرار ، الناجمة عن زيادة الفيضانات والجفاف ، إلى 11.52 مليون دولار سنويًا ، وحدها ، في قطاع الغابات بحلول عام 2030. كما ستتأثر العمالة في الزراعة بشدة مع خسائر تتراوح بين 8250 و 16500 وظيفة ، ومن المكن أن تصل إلى 37 ألف موطن شغل  في حالة حدوث جفاف كبير ، وسيتأثر إنتاج الزيتون وزيت الزيتون بشكل خاص بسبب الجفاف.

228 مليون دولار خسائر الصادرات

وحسب ذات الدراسة ، من الممكن أن تتجاوز الخسائر من حيث قيمة الصادرات 228 مليون دولار سنويًا بحلول عام 2100. وبالنسبة لقطاع التمور سينخفض ​​حجم الصادرات من 20 الى 26 مليون دينار عام 2050 وأكثر من 85 مليون دينار عام 2100. أما بالنسبة لإنتاج الحبوب ، فسوف يتأثر بشدة ، مع تخفيضات تقدر بـ 30 إلى 50 ٪ من المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي الزراعي بحلول عام 2100 و 30 ٪ من فقدان الوظائف بحلول عام 2050.

ووفق ذات المصدر ستؤدي هذه المخاطر المحتملة إلى تعريض الاقتصاد الوطني للخطر ، من حيث الاكتفاء الذاتي الغذائي وسيرتفع الاعتماد على الواردات، كما ستشهد صناعة صيد الأسماك أيضًا تغييرات بشكل كبير وديناميكي ، خاصة مع انقراض أنواع من السمك، والتي ستواجه مخاطر متزايدة للإصابة بالأمراض. وبشكل عام ، لفتت الدراسة الى ان حجم تأثير الاحتباس الحراري على صناعة صيد الأسماك على المنطقة يهدد بفقدان وظائف بجزيرة قرقنة، وأيضا في مختلف السواحل التونسية.

وكشفت الدراسة الحديثة إن اشتداد العواصف وموجات الحر، وارتفاع مستوى سطح البحر وارتفاع درجات الحرارة ، كلها ظواهر ستؤثر على معدل نفوق تجمعات الأسماك ، ولكن أيضًا على إنتاج الأسماك وانتشارها. ونتيجة لذلك ، يخاطر القطاع بفقدان مناطق كبيرة للصيد والتجميع ، وتشير التوقعات إلى أن موارد مصايد الأسماك يمكن أن تشهد اتجاهًا عكسيًا ، مما يؤدي إلى زيادة إنتاجية مناطق الصيد البحري وزيادة الموارد بنسبة 85 ٪ بحلول عام 2050 و 175 ٪ في سنة 2100 (أي ما بين 80.000 و 150.000 طن) من المنتجات السمكية الإضافية،  ومع ذلك ، فإن الخسارة المحتملة للوظائف في صناعة صيد الأسماك ، قد تصل إلى 20 ٪ والتي ستكون مصحوبة بانخفاض في دخل العمال من 30 إلى 50 ٪ .

3.6 مليار دينار خسائر السياحة

أما الخسائر الأكثر إثارة للقلق ، هي من نصيب القطاع السياحي والذي من المتوقع ان تبلغ 3.6 مليار دينار ، وهو يمثل 14.2 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي الوطني ، وسيترتب عن ذلك فقدان ما يقرب من 1000 وظيفة في السنة بالاضافة الى رأس مال إنتاجي قدره 3.6 مليار دينار تونسي ، ويرجع ذلك على وجه الخصوص إلى ارتفاع مستوى سطح البحر ، ولكن أيضًا بسبب الحرارة المفرطة التي ستجعل مواسم الصيف أقل جاذبية.

وتوضح الدراسة ، اجمالا ، أنه في حالة عدم وجود إجراءات مناخية فعالة ، سيكون التأثير الاقتصادي للاحترار العالمي ثقيلًا ، ولكن يمكن تخفيفه ويمكن تحويل المخاطر إلى فرص إذا تم اتخاذ الإجراءات الصحيحة في الوقت المناسب. ولفتت الدراسة ، الى ان الاستثمار في الطاقة والطاقات المتجددة لا يقلل من انبعاثات غازات الدفيئة فحسب ، بل يساهم في أمن الطاقة في البلاد وخلق آلاف الوظائف. بالإضافة إلى ذلك ، يساهم تلوث الهواء في حدوث عدد كبير من الأمراض ، بما في ذلك مشاكل الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية ، وحتى السرطان، وجزء كبير منها ناتج من التلوث الصادر عن قطاعي الصناعة والنقل.

وأوردت الدراسة ان نشر 130 ألف سيارة كهربائية هي وسيلة ناجعة للحد من 2.2 مليون طن من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ، و20٪ من انبعاثات الدولة بحلول عام 2030 ، وبالتالي خلق فرص عمل في تركيب وتشغيل وصيانة البنية التحتية لإعادة الشحن ، والتي تقدر بـ 910 وظيفة في السنة .

توصيات الخبراء

وحسب تقرير صادر مؤخرا ، أنجز بالتعاون بين وزارة الصناعة والطاقة والمناجم، والوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة، اوصى بضرورة رصد اعتمادات جديدة لفائدة صندوق الانتقال الطاقي حتى يتمكن من ضخ أموال لتمويل مشاريع طاقية وتمكينه من اسداء قروض لفائدة المستثمرين ، في خطوة لدفع مشاريع الطاقات المتجددة ، وانتاج الكهرباء من مياه البحر وطاقة الرياح ، وهي مشاريع ستجني على الاقتصاد الوطني فوائد جمة أبرزها خلق أكثر من 45 ألف موطن شغل جديدة مع حلول سنة 2030.

التحول الى قطب مصدر للطاقة النظيفة

وتطمح تونس إلى زيادة حصة الطاقات المتجددة في إنتاج الكهرباء إلى 30 بالمائة بحلول سنة 2030 واستثمار ما يقرب من مليار دينار سنويًا في هذا القطاع لضمان استقلالية الطاقة ، علما وان تونس تمتاز بمناخ معتدل وموقع استراتيجي يسمح لها بأن تتحول خلال عقد من الزمن الى مصدر للطاقة النظيفة وهي محل طلب كبير من بلدان الاتحاد الاوروبي ، بالاضافة الى جني ارباح تضمن استقرار الخزينة العامة للدولة.

وحتى الآن ، نجحت الدولة التونسية فقط في وضع حلول قصيرة المدى ، ومواردها تعتمد بشكل أساسي على عائدات التصدير والسياحة والاستثمار الأجنبي، وتستورد الكثير من طاقتها ومنتجاتها الغذائية بسبب عدم السيادة في هذا المجال ، وتستورد أيضًا الكثير من المنتجات ذات القيمة المضافة العالية لتشغيل صناعاتها ، فضلاً عن المعدات عالية التقنية، في المقابل ، تصدر الدولة منتجات ذات قيمة مضافة منخفضة مثل زيت الزيتون أو المنسوجات أو الكابلات الكهربائية أو الفسفاط، وهذا ما يخلق خللاً هيكلياً في الميزان التجاري، اذ ان الضغط على قيمة العملة متواصل، وكلما انخفضت قيمة الدينار مقابل اليورو والدولار ، زادت واردات الدولة بتكلفة عالية وزاد معدل التضخم، ويؤدي ذلك الى ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية للتونسيين.

التوجه نحو التصدير 

وهناك عدة رؤى استراتيجية تم صياغتها في مجال الطاقة النظيفة قد تحول تونس الى مركز لهذه الطاقة فهي تزخر بالسواحل البحرية الهامة وتتمتع بمناخ حار يسمح بتخزين الطاقة وتصديرها، كما يمكن الاستفادة من خطة الهيدروجين النظيفة التي أطلقتها أوروبا ورصدت لها اموال ضخمة، وذلك من خلال تبني محرك اقتصادي جديد يعتمد أساسًا على لبنة تكنولوجية جديدة ، وطاقات متجددة تسمح بالقضاء نهائيا على انبعاثات غاز الكربون.

وتحتاج تونس الى ارساء منشآت تعمل على ازالة الكربون من الهيدروجين «النظيف»، أي دون انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. وفي أوروبا ، لا يزال عدد الشركات التي تعمل في هذا المجال قليلة، الا ان بعض الدراسات ، أكدت ان تونس بإمكانها ان تصبح قطبا لهذه الطاقة النظيفة من خلال استغلال السواحل البحرية لأنتاج الطاقة وربطها بمحطات الطاقة الشمسية، علما وان الكميات من الطاقة النظيفة التي سيتم انتاجها ستكون ضخمة ولا تنضب، وانتاجها في تونس سيكون مميزا وأفضل بكثير من عديد الدول الاوروبية والعربية.

◗  سفيان المهداوي

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews