إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

وفق أحدث سبر آراء 70% : من المؤسسات سجلت تراجعا في رقم معاملاتها و12% اضطرت الى الغلق النهائي !

وفق احدث سبر آراء  "مقياس":

70% من المؤسسات التونسية سجلت تراجعا فادحا في رقم معاملاتها و12% اضطرت الى الغلق النهائي !

 

الخبير المحاسب مراد بن محمود لـ"الصباح" : 40% من اصحاب المؤسسات يخشون من عودة الجائحة مجددا و 12% قلقون من المناخ السياسي

رئيس منظمة "كونكت" طارق الشريف لـ"الصباح" : تخلف الادارة التونسية يمثل عائقا كبيرا في جلب رؤوس الاموال

المديرة العامة للنهوض بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة لـ"الصباح" : الحكومة مستمرة في دعم المؤسسات التونسبة ماليا عبر آليتين

"مارتين ثارر" ممثلة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تونس لـ"الصباح" : هناك هوة "رقمية" شاسعة في تونس تحد من تطور المؤسسات

 

تونس- الصباح

كشفت منظمة "كونكت"، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) بالتعاون مع شركة التدقيق والاستشارات HLBGS Audit Advisory ، ومعهد One to One لسبر الآراء ، امس الخميس، خلال ندوة صحفية بالعاصمة ، عن نتائج عملية سبر الآراء في دورته الخامسة « مقياس » للوضعية الإقتصادية للشركات التونسية الصغرى والمتوسطة ، والشركات ذات المساهمة الاجنبية منذ بداية جائحة كوفيد-19، والذي اشار الى تراجع فادح في رقم معاملات 70% من الشركات ، واضطرار 12% من المؤسسات الى الاغلاق نهائيا ، في حين تعاني 40% من الشركات من تراجع انشطتها وأرباحها ، الامر الذي أدى الى تسريح العمال.

وتم عرض نتائج سبر الآراء بحضور السيدة مليكة كريت المديرة العامة للنهوض بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة والسيد طارق الشريف، رئيس كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية CONECT ، والسيدة مارتين ثارر، الممثلة المقيمة بالنيابة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تونس.

وأجريت عملية استطلاع الرأي في الفترة الممتدة بين 21 سبتمبر و5 نوفمبر 2021 واستهدفت 527 مؤسسة تشغّل من 6 إلى 199 شخص، بما في ذلك 101 شركة بمساهمة أجنبية.

وقال المشرف على الدراسة، مراد بن محمود، الخبير المحاسب، في تصريح لـ"الصباح"، ان سبر الآراء المعد ، حديثا ، يهدف الى معرفة واقع الشركات الصغرى والمتوسطة ، بعد ازمة "كورونا" ، والوقوف عن كثب على الاضرار التي لحقتها بعد الازمة الصحية الخانقة التي ضربت البلاد وتسببت في خسائر فادحة للإقتصاد الوطني.

وكشف مراد بن محمود، انه بناء على دراسات سابقة، مرت 25% من المؤسسات بصعوبات كبيرة على مستوى التمويل نتيجة الازمة الاقتصادية في السنوات الاخيرة، وارتفعت النسبة اليوم مع ظهور جائحة كوفيد-19، لتبلغ 50% ، لافتا الى ان اكثر من 49% من أصحاب المؤسسات اقروا بإخفاقهم في تحقيق أرباح ، في حين كشف 70% من رؤساء المؤسسات عن تراجع رقم معاملاتهم الى مستويات خطيرة.

70% من المؤسسات في حاجة الى تمويلات عاجلة

واكد الخبير المحاسب ، ان نسبة 70% من رواد الشركات أقروا بحاجتهم العاجلة الى تمويلات كافية ، لإعادة تموقعهم في الاسواق، كما ان 35% من أصحاب الشركات الكبرى أقروا بحاجتهم الملحة الى مصادر تمويل لإعادة الهيكلة، والترفيع من الرأس المال، لافتا الى ان أهم المسائل التي تؤرق أصحاب هذه الشركات اليوم هو ظهور موجة جديدة من جائحة كوفيد-19، حيث انه وفقا للدراسة هناك 40% من الشركات لم تسترجع بعد نشاطها، في حين اضطر 12% من أصحاب الشركات الى الغلق النهائي.

وتابع المشرف على سبر الآراء بالقول انه تم تسجيل فقدان 0.7% من مواطن الشغل في أغلب المؤسسات تزامنا مع جائحة كوفيد-19، في حين كان يتم خلق 1.5 % من مواطن الشغل في السابق في أغلب المؤسسات، مشيرا الى ان أكثر القطاعات المتضررة بفقدان مواطن الشغل ، هي قطاعات التجارة والتي بلغت نسبتها 1.3% لكل مؤسسة.

وكشف مراد بن محمود، من جهة اخرى، ان قرابة 44% من أصحاب الشركات يخشون من عودة الجائحة مجددا الى بلادنا ، في حين أقر 12.7% من تأثر أنشطتهم بسبب عدم استقرار المناخ السياسي بالبلاد، علما وان هذه النسبة كانت في حدود 4% في سنة 2019، بالاضافة الى تنامي المخاوف من ارتفاع الاسعار ونقص المواد الاولية.

تخلف الادارة التونسية

من جهته افاد طارق الشريف، رئيس كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية CONECT ، في تصريح لـ"الصباح" ، ان سبر الآراء المعد هو الخامس من نوعه وتم بالتعاون مع الامم المتحدة وعدد من الشركاء، ويهدف بالاساس الى الحصول على عينات آنية لأوضاع الشركات الصغرى والمتوسطة ، والإلمام بالمشاكل التي تعترضها في ظل جائحة كوفيد-19، لافتا الى ان من أبرز المشاكل التي تعترض هذه الشركات على غرار صعوبة حصولها على التمويلات الضرورية ، نجد إدارة الضرائب والتي تمثل عائقا إداريا رئيسيا، تليها الديوانة ، وايضا حالة بعض الموانئ المتردية ، بالاضافة الى تخلف الادارة التونسية ، والتي ماازال تعتمد على الاوراق والوثائق في معاملاتها مع اصحاب الشركات وخاصة الاجنبية، داعيا ، الى ضرورة العمل ،على تطوير الادارة التونسية ورقمنتها ، خصوصا ، وان العديد من الدول الافريقية تفوقت على بلادنا من الناحية الرقمية، وهذا العائق يؤرق اصحاب المال والاعمال، ويحد من استقطاب رؤوس الاموال .

وشدد رئيس كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية CONECT، على ضرورة ان تجد المؤسسات التونسية المساندة الكاملة من البنوك عبر تمويلات ميسرة ومباشرة لإعادة تموقعها في الاسواق الخارجية ، بالاضافة الى خلق مواطن شغل جديدة ، ولن يكون ذلك الا عبر الاستثمار، داعيا الى ضرورة ان تعمل بلادنا مستقبلا على مزيد استقطاب الاستثمارات ، خاصة وان الدراسة كشفت ان قرابة 50% من اصحاب المؤسسات الاجنبية عازمون على توسيع أنشطتهم الاستثمارية خلال سنة 2022، رغم الصعوبات الكبيرة التي تمر بها مؤسساتهم منذ ظهور جائحة كوفيد-19 ببلادنا.

الحكومة مستمرة في دعم المؤسسات

من جهتها أفادت مليكة كريت المديرة العامة للنهوض بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة ، في تصريح لـ" الصباح" ، ان الحكومة ممثلة في وزارة الصناعة والمناجم والطاقة ، قدمت منذ ظهور الجائحة الصحية في البلاد ، العديد من المساعدات المالية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة ،معتبرة ان ما تم الكشف عنه خلال الدراسة حول اعتزام 50% من اصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة ذات المساهمة الاجنبية ، توسيع أنشطتهم الاستثمارية خلال سنة 2022 ، يعد مؤشرا جيدا لبداية تعافي نشاط هذه المؤسسات.

وأقرت مليكة كريت بصعوبة الاوضاع التي تمر بها أغلب المؤسسات التونسية منذ ظهور جائحة كورونا ، الا ان الجهود المبذولة من قبل وزارة الصناعة للحد من انعكاسات آثار الجائحة على هذه المؤسسات مستمرة ، والبحث متواصل عن حلول فورية تسمح بالتمويل المباشر لهذه المؤسسات بالتعاون مع كافة الاطراف ذات الصلة ، سواء من حيث اعادة هيكلتها او تطويرها، وأيضا مساعدتها على التموقع في الاسواق المحلية والخارجية ، مشددة على ان تنسيق الوزارة مع معدي هذه الدراسة هو دليل على اعتزام الجميع انقاذ النسيج الصناعي التونسي من أي تهديد يطاله جراء جائحة كوفيد-19.

وكشفت المديرة العامة للنهوض بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة ، عن آليتين صلب وزارة الصناعة لمساعدة الشركات الصغرى والمتوسطة أبرزها برنامج اعادة الهيكلة المالية ، والثاني تكفل الدولة بمساهمة 3% من القروض التي تتحصل عليها بعض المؤسسات التي تعاني من أزمات مالية، نتيجة تعثر أنشطتها، وهي مساهمة فعالة لإنقاذها واعادة تموقعها في السوق التونسية.

وأقرت مليكة كريت بإغلاق العشرات من المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس ، لافتة الى ان الازمة لم تشمل بلادنا فقط، وهي أزمة عالمية تضررت على اثرها الآلاف من الشركات في عديد الدول.

هوة رقمية شاسعة في تونس

من جهتها، أفادت السيدة مارتين ثارر، الممثلة المقيمة بالنيابة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تونس، في تصريح لـ"الصباح" ، ان الارقام التي ابرزتها الدراسة المعدة من مختلف الاطراف الفاعلة ، كشفت عن هشاشة بعض المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس، والتي تمثل 95% من الانتاج التونسي، ومن الضروري العمل اليوم على تقديم المساعدات لهذه المؤسسات، حتى تتمكن من الاستمرار، محذرة من ان التهديدات التي تواجهها اليوم لا تقتصر عى جائحة كوفيد-19 فقط، وانما هناك تهديدات أخرى قد تزيد من معاناتها مستقبلا، وابرزها التغييرات المناخية الحاصلة في الاونة الاخيرة، والتي تشكل تهديدا على جل المؤسسات في مختلف الدول.

وأضافت مارتين ثارر ، بالقول ، انه من الضروري اليوم دعم البنية الرقمية لهذه المؤسسات وايضا تطويرها ، مؤكدة وجود هوة رقمية شاسعة في تونس وجب العمل على تلافيها مستقبلا والحد منها ،وهناك العديد من المؤسسات التي ماتزال متأخرة من الناحية الرقمية، ومن الضروري العمل على تسهيل ولوج كافة المؤسسات التونسية رقميا للحصول على مساعدات مالية او تمويلات مباشرة من مختلف المصادر.

وحسب المشرفين على التقرير ، فإن خطورة الوضع الاقتصادي على المستويين الوطني والعالمي، وخاصة انعكاسات انتشار جائحة كوفيد-19 ادت إلى انكماش اقتصادي خلال سنة 2020 للناتج الإجمالي الخام العالمي بنسبة 3.5 ٪ وفي تونس بنسبة 8.2٪ ، وهو الامر الذي دفع المنظمين الى اعداد دراسة شاملة عن وضعية المؤسسات الصغرى والمتوسطة بعد جائحة كوفيد-19.

وخلصت نتائج الدراسة المعدة، والتي تحصلت "الصباح" على نسخة منها، إلى اقرار 85٪ من الشركات بتضررها من جائحة كوفيد-19 ، والتي أثرت سلبيا على كافة أنشطتها ، في حين أعلن 12.9 بالمائة من رجال الأعمال خلال السنة الماضية عن إغلاق مؤسساتهم لمدّة مطوّلة أو بشكل نهائي.

وحسب الدراسة ، فإن الوضعية الهشة التي تعيشها جل الشركات، ادت الى صعوبات للحصول على تمويلات كافية للخروج من الازمة ، حيث صرّح 17٪ من اصحاب المؤسسات انهم اضطروا الى اللجوء الى مدخراتهم لإدارة مؤسساتهم، في حين اعتبر حوالي 35٪ من مسيّري هذه المؤسسات والتي تشغل بين 50 و199 شخص أن شركاتهم لم تتمكن من الحصول على القدر الكافي من التمويلات.

مؤسسات تمر بأزمات خانقة

وفيما يتعلق بنفاذ الشركات الصغرى والمتوسطة إلى السوق، أشارت الدراسة إلى أنّ 49.6٪ من المؤسسات فقدت حريفا رئيسيًا سنة 2020 بسبب جائحة كوفيد-19 والصعوبات المالية لحرفائها، كما أثر ذلك على نسق التشغيل بشكل مباشر ، حيث خسرت الشركات الصغرى والمتوسطة ما معدّله 0.7 من صافي مواطن الشغل سنة 2020. وأثرت هذه الخسارة على قطاع التجارة بشكل خاص، الى جانب قطاع الخدمات وقطاع الصناعة بنسبة قليلة جدًا.

كما كشفت الدراسة عن انخفاض الاستثمارات إلى مستويات متدنية ، حيث صرّح 15.5٪ فقط من اصحاب الشركات المستجوبة أنهم قاموا باستثمارات سنة 2020 مقارنة بـ 36.2٪ سنة 2019 ، واعتبر 49.4٪ من أصحاب المؤسسات أن مناخ الأعمال غير محفّز، وذلك لأسباب عديدة، في حين عبر 8.4٪ عن رضاهم.

وعلى غرار الدورات السابقة من دراسة "مقياس" ، يعتبر أصحاب الشركات إدارة الضرائب عائقا إداريا رئيسيا (19.7٪)، تليها الديوانة بنسبة (16.5٪) وأخيراً منظومة التراخيص بنسبة (13.1٪). و يعتبر 30٪ من رؤساء الشركات ذات رأس المال ذي أغلبية أجنبية أن الديوانة تمثل مصدر إعاقة إدارية لأنشطتها.

50% من اصحاب المؤسسات يوسعون أنشطتهم

ومن بين المستجوبين، أعلن ثلث رؤساء الشركات أنهم واجهوا حالة من الفساد سنة 2020 مقابل ربع المستجوبين فقط سنة 2019. كما كشفت الدراسة أن 69.7٪ من الشركات شهدت انخفاضًا في مبيعاتها سنة 2020 مقابل 32.4٪ سنة 2019 و41.6٪ فقط أعلنت أنها حققت ربحًا مقابل 66.8٪ سنــة 2019.

وعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية، لا تزال أكثر من 50٪ من الشركات الصغرى والمتوسطة تخطط لمزيد الاستثمار سنة 2022، و توسيع مجال نشاطها في تونس.وكان الهدف الرئيسي من الدراسة تحديد العقبات الرئيسية مع الأخذ بعين الاعتبار الدراسات السابقة وتوصيات الخبراء.

وللتذكير، تم إطلاق سبر الآراء "مقياس" للشركات الصغرى والمتوسطة سنة 2016، ويهدف أساسا إلى دراسة واقع وآفاق الشركات الصغرى والمتوسطة. وقدمت هذه الدراسات خلال الدورات السابقة، وعلى فترات منتظمة، تصورًا واقعيًا لأداء الشركات وإنجازاتها وتحدياتها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والمالية.

 

سفيان المهداوي

وفق أحدث سبر آراء 70% : من المؤسسات سجلت تراجعا في رقم معاملاتها و12% اضطرت الى الغلق النهائي !

وفق احدث سبر آراء  "مقياس":

70% من المؤسسات التونسية سجلت تراجعا فادحا في رقم معاملاتها و12% اضطرت الى الغلق النهائي !

 

الخبير المحاسب مراد بن محمود لـ"الصباح" : 40% من اصحاب المؤسسات يخشون من عودة الجائحة مجددا و 12% قلقون من المناخ السياسي

رئيس منظمة "كونكت" طارق الشريف لـ"الصباح" : تخلف الادارة التونسية يمثل عائقا كبيرا في جلب رؤوس الاموال

المديرة العامة للنهوض بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة لـ"الصباح" : الحكومة مستمرة في دعم المؤسسات التونسبة ماليا عبر آليتين

"مارتين ثارر" ممثلة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تونس لـ"الصباح" : هناك هوة "رقمية" شاسعة في تونس تحد من تطور المؤسسات

 

تونس- الصباح

كشفت منظمة "كونكت"، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) بالتعاون مع شركة التدقيق والاستشارات HLBGS Audit Advisory ، ومعهد One to One لسبر الآراء ، امس الخميس، خلال ندوة صحفية بالعاصمة ، عن نتائج عملية سبر الآراء في دورته الخامسة « مقياس » للوضعية الإقتصادية للشركات التونسية الصغرى والمتوسطة ، والشركات ذات المساهمة الاجنبية منذ بداية جائحة كوفيد-19، والذي اشار الى تراجع فادح في رقم معاملات 70% من الشركات ، واضطرار 12% من المؤسسات الى الاغلاق نهائيا ، في حين تعاني 40% من الشركات من تراجع انشطتها وأرباحها ، الامر الذي أدى الى تسريح العمال.

وتم عرض نتائج سبر الآراء بحضور السيدة مليكة كريت المديرة العامة للنهوض بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة والسيد طارق الشريف، رئيس كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية CONECT ، والسيدة مارتين ثارر، الممثلة المقيمة بالنيابة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تونس.

وأجريت عملية استطلاع الرأي في الفترة الممتدة بين 21 سبتمبر و5 نوفمبر 2021 واستهدفت 527 مؤسسة تشغّل من 6 إلى 199 شخص، بما في ذلك 101 شركة بمساهمة أجنبية.

وقال المشرف على الدراسة، مراد بن محمود، الخبير المحاسب، في تصريح لـ"الصباح"، ان سبر الآراء المعد ، حديثا ، يهدف الى معرفة واقع الشركات الصغرى والمتوسطة ، بعد ازمة "كورونا" ، والوقوف عن كثب على الاضرار التي لحقتها بعد الازمة الصحية الخانقة التي ضربت البلاد وتسببت في خسائر فادحة للإقتصاد الوطني.

وكشف مراد بن محمود، انه بناء على دراسات سابقة، مرت 25% من المؤسسات بصعوبات كبيرة على مستوى التمويل نتيجة الازمة الاقتصادية في السنوات الاخيرة، وارتفعت النسبة اليوم مع ظهور جائحة كوفيد-19، لتبلغ 50% ، لافتا الى ان اكثر من 49% من أصحاب المؤسسات اقروا بإخفاقهم في تحقيق أرباح ، في حين كشف 70% من رؤساء المؤسسات عن تراجع رقم معاملاتهم الى مستويات خطيرة.

70% من المؤسسات في حاجة الى تمويلات عاجلة

واكد الخبير المحاسب ، ان نسبة 70% من رواد الشركات أقروا بحاجتهم العاجلة الى تمويلات كافية ، لإعادة تموقعهم في الاسواق، كما ان 35% من أصحاب الشركات الكبرى أقروا بحاجتهم الملحة الى مصادر تمويل لإعادة الهيكلة، والترفيع من الرأس المال، لافتا الى ان أهم المسائل التي تؤرق أصحاب هذه الشركات اليوم هو ظهور موجة جديدة من جائحة كوفيد-19، حيث انه وفقا للدراسة هناك 40% من الشركات لم تسترجع بعد نشاطها، في حين اضطر 12% من أصحاب الشركات الى الغلق النهائي.

وتابع المشرف على سبر الآراء بالقول انه تم تسجيل فقدان 0.7% من مواطن الشغل في أغلب المؤسسات تزامنا مع جائحة كوفيد-19، في حين كان يتم خلق 1.5 % من مواطن الشغل في السابق في أغلب المؤسسات، مشيرا الى ان أكثر القطاعات المتضررة بفقدان مواطن الشغل ، هي قطاعات التجارة والتي بلغت نسبتها 1.3% لكل مؤسسة.

وكشف مراد بن محمود، من جهة اخرى، ان قرابة 44% من أصحاب الشركات يخشون من عودة الجائحة مجددا الى بلادنا ، في حين أقر 12.7% من تأثر أنشطتهم بسبب عدم استقرار المناخ السياسي بالبلاد، علما وان هذه النسبة كانت في حدود 4% في سنة 2019، بالاضافة الى تنامي المخاوف من ارتفاع الاسعار ونقص المواد الاولية.

تخلف الادارة التونسية

من جهته افاد طارق الشريف، رئيس كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية CONECT ، في تصريح لـ"الصباح" ، ان سبر الآراء المعد هو الخامس من نوعه وتم بالتعاون مع الامم المتحدة وعدد من الشركاء، ويهدف بالاساس الى الحصول على عينات آنية لأوضاع الشركات الصغرى والمتوسطة ، والإلمام بالمشاكل التي تعترضها في ظل جائحة كوفيد-19، لافتا الى ان من أبرز المشاكل التي تعترض هذه الشركات على غرار صعوبة حصولها على التمويلات الضرورية ، نجد إدارة الضرائب والتي تمثل عائقا إداريا رئيسيا، تليها الديوانة ، وايضا حالة بعض الموانئ المتردية ، بالاضافة الى تخلف الادارة التونسية ، والتي ماازال تعتمد على الاوراق والوثائق في معاملاتها مع اصحاب الشركات وخاصة الاجنبية، داعيا ، الى ضرورة العمل ،على تطوير الادارة التونسية ورقمنتها ، خصوصا ، وان العديد من الدول الافريقية تفوقت على بلادنا من الناحية الرقمية، وهذا العائق يؤرق اصحاب المال والاعمال، ويحد من استقطاب رؤوس الاموال .

وشدد رئيس كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية CONECT، على ضرورة ان تجد المؤسسات التونسية المساندة الكاملة من البنوك عبر تمويلات ميسرة ومباشرة لإعادة تموقعها في الاسواق الخارجية ، بالاضافة الى خلق مواطن شغل جديدة ، ولن يكون ذلك الا عبر الاستثمار، داعيا الى ضرورة ان تعمل بلادنا مستقبلا على مزيد استقطاب الاستثمارات ، خاصة وان الدراسة كشفت ان قرابة 50% من اصحاب المؤسسات الاجنبية عازمون على توسيع أنشطتهم الاستثمارية خلال سنة 2022، رغم الصعوبات الكبيرة التي تمر بها مؤسساتهم منذ ظهور جائحة كوفيد-19 ببلادنا.

الحكومة مستمرة في دعم المؤسسات

من جهتها أفادت مليكة كريت المديرة العامة للنهوض بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة ، في تصريح لـ" الصباح" ، ان الحكومة ممثلة في وزارة الصناعة والمناجم والطاقة ، قدمت منذ ظهور الجائحة الصحية في البلاد ، العديد من المساعدات المالية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة ،معتبرة ان ما تم الكشف عنه خلال الدراسة حول اعتزام 50% من اصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة ذات المساهمة الاجنبية ، توسيع أنشطتهم الاستثمارية خلال سنة 2022 ، يعد مؤشرا جيدا لبداية تعافي نشاط هذه المؤسسات.

وأقرت مليكة كريت بصعوبة الاوضاع التي تمر بها أغلب المؤسسات التونسية منذ ظهور جائحة كورونا ، الا ان الجهود المبذولة من قبل وزارة الصناعة للحد من انعكاسات آثار الجائحة على هذه المؤسسات مستمرة ، والبحث متواصل عن حلول فورية تسمح بالتمويل المباشر لهذه المؤسسات بالتعاون مع كافة الاطراف ذات الصلة ، سواء من حيث اعادة هيكلتها او تطويرها، وأيضا مساعدتها على التموقع في الاسواق المحلية والخارجية ، مشددة على ان تنسيق الوزارة مع معدي هذه الدراسة هو دليل على اعتزام الجميع انقاذ النسيج الصناعي التونسي من أي تهديد يطاله جراء جائحة كوفيد-19.

وكشفت المديرة العامة للنهوض بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة ، عن آليتين صلب وزارة الصناعة لمساعدة الشركات الصغرى والمتوسطة أبرزها برنامج اعادة الهيكلة المالية ، والثاني تكفل الدولة بمساهمة 3% من القروض التي تتحصل عليها بعض المؤسسات التي تعاني من أزمات مالية، نتيجة تعثر أنشطتها، وهي مساهمة فعالة لإنقاذها واعادة تموقعها في السوق التونسية.

وأقرت مليكة كريت بإغلاق العشرات من المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس ، لافتة الى ان الازمة لم تشمل بلادنا فقط، وهي أزمة عالمية تضررت على اثرها الآلاف من الشركات في عديد الدول.

هوة رقمية شاسعة في تونس

من جهتها، أفادت السيدة مارتين ثارر، الممثلة المقيمة بالنيابة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تونس، في تصريح لـ"الصباح" ، ان الارقام التي ابرزتها الدراسة المعدة من مختلف الاطراف الفاعلة ، كشفت عن هشاشة بعض المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس، والتي تمثل 95% من الانتاج التونسي، ومن الضروري العمل اليوم على تقديم المساعدات لهذه المؤسسات، حتى تتمكن من الاستمرار، محذرة من ان التهديدات التي تواجهها اليوم لا تقتصر عى جائحة كوفيد-19 فقط، وانما هناك تهديدات أخرى قد تزيد من معاناتها مستقبلا، وابرزها التغييرات المناخية الحاصلة في الاونة الاخيرة، والتي تشكل تهديدا على جل المؤسسات في مختلف الدول.

وأضافت مارتين ثارر ، بالقول ، انه من الضروري اليوم دعم البنية الرقمية لهذه المؤسسات وايضا تطويرها ، مؤكدة وجود هوة رقمية شاسعة في تونس وجب العمل على تلافيها مستقبلا والحد منها ،وهناك العديد من المؤسسات التي ماتزال متأخرة من الناحية الرقمية، ومن الضروري العمل على تسهيل ولوج كافة المؤسسات التونسية رقميا للحصول على مساعدات مالية او تمويلات مباشرة من مختلف المصادر.

وحسب المشرفين على التقرير ، فإن خطورة الوضع الاقتصادي على المستويين الوطني والعالمي، وخاصة انعكاسات انتشار جائحة كوفيد-19 ادت إلى انكماش اقتصادي خلال سنة 2020 للناتج الإجمالي الخام العالمي بنسبة 3.5 ٪ وفي تونس بنسبة 8.2٪ ، وهو الامر الذي دفع المنظمين الى اعداد دراسة شاملة عن وضعية المؤسسات الصغرى والمتوسطة بعد جائحة كوفيد-19.

وخلصت نتائج الدراسة المعدة، والتي تحصلت "الصباح" على نسخة منها، إلى اقرار 85٪ من الشركات بتضررها من جائحة كوفيد-19 ، والتي أثرت سلبيا على كافة أنشطتها ، في حين أعلن 12.9 بالمائة من رجال الأعمال خلال السنة الماضية عن إغلاق مؤسساتهم لمدّة مطوّلة أو بشكل نهائي.

وحسب الدراسة ، فإن الوضعية الهشة التي تعيشها جل الشركات، ادت الى صعوبات للحصول على تمويلات كافية للخروج من الازمة ، حيث صرّح 17٪ من اصحاب المؤسسات انهم اضطروا الى اللجوء الى مدخراتهم لإدارة مؤسساتهم، في حين اعتبر حوالي 35٪ من مسيّري هذه المؤسسات والتي تشغل بين 50 و199 شخص أن شركاتهم لم تتمكن من الحصول على القدر الكافي من التمويلات.

مؤسسات تمر بأزمات خانقة

وفيما يتعلق بنفاذ الشركات الصغرى والمتوسطة إلى السوق، أشارت الدراسة إلى أنّ 49.6٪ من المؤسسات فقدت حريفا رئيسيًا سنة 2020 بسبب جائحة كوفيد-19 والصعوبات المالية لحرفائها، كما أثر ذلك على نسق التشغيل بشكل مباشر ، حيث خسرت الشركات الصغرى والمتوسطة ما معدّله 0.7 من صافي مواطن الشغل سنة 2020. وأثرت هذه الخسارة على قطاع التجارة بشكل خاص، الى جانب قطاع الخدمات وقطاع الصناعة بنسبة قليلة جدًا.

كما كشفت الدراسة عن انخفاض الاستثمارات إلى مستويات متدنية ، حيث صرّح 15.5٪ فقط من اصحاب الشركات المستجوبة أنهم قاموا باستثمارات سنة 2020 مقارنة بـ 36.2٪ سنة 2019 ، واعتبر 49.4٪ من أصحاب المؤسسات أن مناخ الأعمال غير محفّز، وذلك لأسباب عديدة، في حين عبر 8.4٪ عن رضاهم.

وعلى غرار الدورات السابقة من دراسة "مقياس" ، يعتبر أصحاب الشركات إدارة الضرائب عائقا إداريا رئيسيا (19.7٪)، تليها الديوانة بنسبة (16.5٪) وأخيراً منظومة التراخيص بنسبة (13.1٪). و يعتبر 30٪ من رؤساء الشركات ذات رأس المال ذي أغلبية أجنبية أن الديوانة تمثل مصدر إعاقة إدارية لأنشطتها.

50% من اصحاب المؤسسات يوسعون أنشطتهم

ومن بين المستجوبين، أعلن ثلث رؤساء الشركات أنهم واجهوا حالة من الفساد سنة 2020 مقابل ربع المستجوبين فقط سنة 2019. كما كشفت الدراسة أن 69.7٪ من الشركات شهدت انخفاضًا في مبيعاتها سنة 2020 مقابل 32.4٪ سنة 2019 و41.6٪ فقط أعلنت أنها حققت ربحًا مقابل 66.8٪ سنــة 2019.

وعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية، لا تزال أكثر من 50٪ من الشركات الصغرى والمتوسطة تخطط لمزيد الاستثمار سنة 2022، و توسيع مجال نشاطها في تونس.وكان الهدف الرئيسي من الدراسة تحديد العقبات الرئيسية مع الأخذ بعين الاعتبار الدراسات السابقة وتوصيات الخبراء.

وللتذكير، تم إطلاق سبر الآراء "مقياس" للشركات الصغرى والمتوسطة سنة 2016، ويهدف أساسا إلى دراسة واقع وآفاق الشركات الصغرى والمتوسطة. وقدمت هذه الدراسات خلال الدورات السابقة، وعلى فترات منتظمة، تصورًا واقعيًا لأداء الشركات وإنجازاتها وتحدياتها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والمالية.

 

سفيان المهداوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews