إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حاجيات تونس من القروض الداخلية تضرب من جديد استقلالية البنك المركزي

الاقتراض الثنائي الحل الأنسب إذا نجحت الدولة في تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية

 

تونس-الصباح

بعد صدور قانون المالية التعديلي بامر رئاسي امس الاول، تباينت الاراء بين الاوساط التونسية حول ابرز التعديلات التي ضبطها القانون تتعلق بنسبة العجز الحاصل بالميزانية العمومية بـ 9.7 مليار دينار وحجم حاجيات تمويلية بـ 20.2 مليار دينار، الى جانب ارتفاع في النفقات اليومية الى ما يناهز الـ 44 مليار دينار مقابل تحسن في قيمة المداخيل التي بلغت حدود الـ 34 مليار دينار.

وبالرغم من انخفاض حجم الاقتراض الخارجي بـ 1مليار دينار تقريبا بعد ان كان محددا في قانون المالية الاصلي بـ 13 مليار دينار ليضبط في القانون التعديلي بـ 12.1 مليار دينار، الا ان الدولة ستتوجه حسب ذات القانون الى تعبئة موارد مالية جديدة من الاقتراض الداخلي بقيمة 8.1 مليار دينار بعد الـ 5.5 مليار دينار تم ضبطها في القانون الاصلي..

هذا التوجه في الحقيقة بعث الكثير من المخاوف في الاوساط المالية باعتباره يمثل خطورة على التوازنات المالية للبلاد خاصة على مستوى السيولة النقدية وتراجع الاستهلاك وارتفاع التضخم وبالتالي ارتفاع اسعار المواد الاستهلاكية في الاسواق المحلية... كل هذه المخاطر كان قد واجهها البنك المركزي في وقت سابق بجملة من الاجراءات التي استطاع من خلالها على الحط من نسبة التضخم لاكثر من 4 سنوات على التوالي..

كما ان هذا التوجه من شانه ان يفتح الباب اليوم امام مواجهات بين الحكومة والبنك المركزي للدفاع عن استقلاليته والحفاظ على دوره التعديلي بعيدا عن مواصلة تمويل الميزانية العمومية كما حدث في السنة المنقضية لاغلاق ميزانية 2020 بضغوطات كبيرة من قبل الحكومة من جهة ومجلس نواب الشعب من جهة ثانية، وكانت اهم تداعياته تصنيف تونس من قبيل مؤسسات التراقيم السيادية الدولية تصنيفات سلبية في العديد من المجالات، فضلا عن ارتفاع غير مسبوق عرفته نسبة التضخم في البلاد...

وكان محافظ البنك المركزي مروان العباسي قد اشترط وقتها على مجلس نواب الشعب تمكينه من ضمانات وإيجاد الغطاء القانوني لمواصلة تمويل ميزانية الدولة، محذرا من خطورة هذه العملية خاصة ان القانون المؤرخ في 25 أفريل 2016 المتعلق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي يمنع التمويل المباشر للخزينة من قبل البنك المركزي مشددا على ان مثل هذا التمويل يستوجب في كل الحالات ترخيصا تشريعيا خاصا واستثنائيا من قبل مجلس نواب الشعب.

كما أكد العباسي على أن من شأن إتاحة التمويل المباشر من قبل البنك للخزينة بصفة مستمرة لسد عجز الميزانية أن يقوض صورة الوجهة التونسية لدى المؤسسات الدولية ووكالات التصنيف العالمية والمستثمرين بصفة عامة بخصوص قدرة الحكومة على وضع حد لاختلال التوازنات المالية العمومية والتحكم في الدين العمومي ويزيد في صعوبة النفاذ إلى الأسواق المالية العالمية.

ويرى عدد من المتدخلين في الشأن المالي ان مزيد تمويل الدولة من قبل البنوك التونسية سيكون له تأثيرات سلبية على نسبة التضخم وارتفاع الأسعار والتكاليف الباهظة اذا ما استوجب الوضع طباعة الأموال، وبالتالي فان العملية معقدة جدا وسلبياته على التوازنات المالية تتجاوز مسالة تمويل خزينة الدولة.

وكانت قد شددت العديد من الأطراف الخارجية من مؤسسات مانحة ومنظمات دولية على أهمية الحفاظ على استقلالية البنك المركزي، خاصة ان البنوك المركزية في البلدان العالمية على غرار البنك المركزي الأوروبي والاحتياطي الفدرالي لا تمول عجز موازنتها العامة، لان هذه العملية تضعف قدرة البنك ولا يدعم استقلاليته.

وبحسب قانون المالية التكميلي، فقد ضبطت الحكومة التمويلات التي تحتاجها من السوق الداخلية بـ 8.1 مليار دينار وهي نسبة مرتفعة ستكون لها تأثيرات سلبية في قادم الأيام حتى وان وافقت البنوك المحلية من توفيرها، إلا في صورة إطلاق عمليات جديدة للاكتتاب في قرض رقاعي جديد وقد تكون الفكرة الأنسب في الوقت الراهن، تغيير صبغته بالعملة الصعبة حتى يوفر موارد كبيرة..

كما ضبط القانون حاجيات الدولة التمويلية من الخارج لسنة 2021 بما يناهز الـ 12.1 مليار دينار، وتبدو هذه العملية تقنيا صعبة وتكاد تكون مستحيلة باعتبار ان تعبئة هذه الموارد الخارجية في ظرف وجيز من موعد غلق ميزانية 2021 في ظل الأوضاع التي تشهدها البلاد وخاصة مع تواصل غياب خطة إنعاش اقتصادي ومخطط للإصلاح لن تكون عملية سهلة على الدولة...

وشهدت النفقات العمومية للدولة في القانون التعديلي للمالية ارتفاعا بـ3.2 مليار دينار لتصل الى حدود الـ 44.241 مليار دينار بعد ان ضبطت في القانون الاصلي بما يناهز الـ 41 مليار دينار، وتاتي هذه الزيادة بالاساس من نفقات التاجير ومن حجم الدعم خاصة في المحروقات على خلفية ارتفاع برميل النفط العالمي الذي تجاوز اليوم الـ 80 دولارا في حين تم تحديده في القانون الاصلي بـ 45 دولارا ..

وبالرغم من الزيادة الطفيفة في حجم الاقتراض، الا ان صنف الاقتراض الداخلي عرف قفزة ملحوظة ببلوغه الـ 8.1 مليار دينار في قانون المالية التعديلي الا ان حجم الاقتراض الخارجي عرف بالمقابل انخفاضا من 13  مليار دينار كان مقدرا في القانون الاصلي للمالية ليتم ضبطه في التعديلي في حدود  الـ 12.1 مليار دينار، تنضاف اليها موارد الخزينة بقيمة 801 مليون دينار ليصل حجم الحاجيات التمويلية لتونس الى 20.2 مليار دينار، بعد ان حددت بـ 18.6 مليار دينار في قانون المالية الاصلي...

وتبعا لما تضمنه قانون المالية التعديلي خاصة في ما يتعلق بحجم الحاجيات التمويلية، فان الحل الاقرب الذي يجب ان تعيره الدولة الاهمية القصوى في الوقت الراهن هو تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية في المفاوضات مع البلدان الصديقة من اجل تدعيم التعاون المالي الثنائي من خلال الاقتراض الثنائي...

 

وفاء بن محمد

حاجيات تونس من القروض الداخلية تضرب من جديد استقلالية البنك المركزي

الاقتراض الثنائي الحل الأنسب إذا نجحت الدولة في تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية

 

تونس-الصباح

بعد صدور قانون المالية التعديلي بامر رئاسي امس الاول، تباينت الاراء بين الاوساط التونسية حول ابرز التعديلات التي ضبطها القانون تتعلق بنسبة العجز الحاصل بالميزانية العمومية بـ 9.7 مليار دينار وحجم حاجيات تمويلية بـ 20.2 مليار دينار، الى جانب ارتفاع في النفقات اليومية الى ما يناهز الـ 44 مليار دينار مقابل تحسن في قيمة المداخيل التي بلغت حدود الـ 34 مليار دينار.

وبالرغم من انخفاض حجم الاقتراض الخارجي بـ 1مليار دينار تقريبا بعد ان كان محددا في قانون المالية الاصلي بـ 13 مليار دينار ليضبط في القانون التعديلي بـ 12.1 مليار دينار، الا ان الدولة ستتوجه حسب ذات القانون الى تعبئة موارد مالية جديدة من الاقتراض الداخلي بقيمة 8.1 مليار دينار بعد الـ 5.5 مليار دينار تم ضبطها في القانون الاصلي..

هذا التوجه في الحقيقة بعث الكثير من المخاوف في الاوساط المالية باعتباره يمثل خطورة على التوازنات المالية للبلاد خاصة على مستوى السيولة النقدية وتراجع الاستهلاك وارتفاع التضخم وبالتالي ارتفاع اسعار المواد الاستهلاكية في الاسواق المحلية... كل هذه المخاطر كان قد واجهها البنك المركزي في وقت سابق بجملة من الاجراءات التي استطاع من خلالها على الحط من نسبة التضخم لاكثر من 4 سنوات على التوالي..

كما ان هذا التوجه من شانه ان يفتح الباب اليوم امام مواجهات بين الحكومة والبنك المركزي للدفاع عن استقلاليته والحفاظ على دوره التعديلي بعيدا عن مواصلة تمويل الميزانية العمومية كما حدث في السنة المنقضية لاغلاق ميزانية 2020 بضغوطات كبيرة من قبل الحكومة من جهة ومجلس نواب الشعب من جهة ثانية، وكانت اهم تداعياته تصنيف تونس من قبيل مؤسسات التراقيم السيادية الدولية تصنيفات سلبية في العديد من المجالات، فضلا عن ارتفاع غير مسبوق عرفته نسبة التضخم في البلاد...

وكان محافظ البنك المركزي مروان العباسي قد اشترط وقتها على مجلس نواب الشعب تمكينه من ضمانات وإيجاد الغطاء القانوني لمواصلة تمويل ميزانية الدولة، محذرا من خطورة هذه العملية خاصة ان القانون المؤرخ في 25 أفريل 2016 المتعلق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي يمنع التمويل المباشر للخزينة من قبل البنك المركزي مشددا على ان مثل هذا التمويل يستوجب في كل الحالات ترخيصا تشريعيا خاصا واستثنائيا من قبل مجلس نواب الشعب.

كما أكد العباسي على أن من شأن إتاحة التمويل المباشر من قبل البنك للخزينة بصفة مستمرة لسد عجز الميزانية أن يقوض صورة الوجهة التونسية لدى المؤسسات الدولية ووكالات التصنيف العالمية والمستثمرين بصفة عامة بخصوص قدرة الحكومة على وضع حد لاختلال التوازنات المالية العمومية والتحكم في الدين العمومي ويزيد في صعوبة النفاذ إلى الأسواق المالية العالمية.

ويرى عدد من المتدخلين في الشأن المالي ان مزيد تمويل الدولة من قبل البنوك التونسية سيكون له تأثيرات سلبية على نسبة التضخم وارتفاع الأسعار والتكاليف الباهظة اذا ما استوجب الوضع طباعة الأموال، وبالتالي فان العملية معقدة جدا وسلبياته على التوازنات المالية تتجاوز مسالة تمويل خزينة الدولة.

وكانت قد شددت العديد من الأطراف الخارجية من مؤسسات مانحة ومنظمات دولية على أهمية الحفاظ على استقلالية البنك المركزي، خاصة ان البنوك المركزية في البلدان العالمية على غرار البنك المركزي الأوروبي والاحتياطي الفدرالي لا تمول عجز موازنتها العامة، لان هذه العملية تضعف قدرة البنك ولا يدعم استقلاليته.

وبحسب قانون المالية التكميلي، فقد ضبطت الحكومة التمويلات التي تحتاجها من السوق الداخلية بـ 8.1 مليار دينار وهي نسبة مرتفعة ستكون لها تأثيرات سلبية في قادم الأيام حتى وان وافقت البنوك المحلية من توفيرها، إلا في صورة إطلاق عمليات جديدة للاكتتاب في قرض رقاعي جديد وقد تكون الفكرة الأنسب في الوقت الراهن، تغيير صبغته بالعملة الصعبة حتى يوفر موارد كبيرة..

كما ضبط القانون حاجيات الدولة التمويلية من الخارج لسنة 2021 بما يناهز الـ 12.1 مليار دينار، وتبدو هذه العملية تقنيا صعبة وتكاد تكون مستحيلة باعتبار ان تعبئة هذه الموارد الخارجية في ظرف وجيز من موعد غلق ميزانية 2021 في ظل الأوضاع التي تشهدها البلاد وخاصة مع تواصل غياب خطة إنعاش اقتصادي ومخطط للإصلاح لن تكون عملية سهلة على الدولة...

وشهدت النفقات العمومية للدولة في القانون التعديلي للمالية ارتفاعا بـ3.2 مليار دينار لتصل الى حدود الـ 44.241 مليار دينار بعد ان ضبطت في القانون الاصلي بما يناهز الـ 41 مليار دينار، وتاتي هذه الزيادة بالاساس من نفقات التاجير ومن حجم الدعم خاصة في المحروقات على خلفية ارتفاع برميل النفط العالمي الذي تجاوز اليوم الـ 80 دولارا في حين تم تحديده في القانون الاصلي بـ 45 دولارا ..

وبالرغم من الزيادة الطفيفة في حجم الاقتراض، الا ان صنف الاقتراض الداخلي عرف قفزة ملحوظة ببلوغه الـ 8.1 مليار دينار في قانون المالية التعديلي الا ان حجم الاقتراض الخارجي عرف بالمقابل انخفاضا من 13  مليار دينار كان مقدرا في القانون الاصلي للمالية ليتم ضبطه في التعديلي في حدود  الـ 12.1 مليار دينار، تنضاف اليها موارد الخزينة بقيمة 801 مليون دينار ليصل حجم الحاجيات التمويلية لتونس الى 20.2 مليار دينار، بعد ان حددت بـ 18.6 مليار دينار في قانون المالية الاصلي...

وتبعا لما تضمنه قانون المالية التعديلي خاصة في ما يتعلق بحجم الحاجيات التمويلية، فان الحل الاقرب الذي يجب ان تعيره الدولة الاهمية القصوى في الوقت الراهن هو تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية في المفاوضات مع البلدان الصديقة من اجل تدعيم التعاون المالي الثنائي من خلال الاقتراض الثنائي...

 

وفاء بن محمد

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews