إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في ظل تراجع كل مؤشرات المالية العمومية... تحسن الاستخلاص رفّع من مداخيل الدولة

 

تونس-الصباح

في الوقت الذي سجلت فيه كل الارقام المتعلقة بالمالية العمومية تراجعا حتى  تجاوزت الخطوط الحمراء، ارتفعت المداخيل الذاتية للدولة لتصل  الى 20.566 مليون دينار مع موفى شهر اوت المنقضي اي بزيادة بـ 10.4 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2020 وبزيادة بـ 2412 مليون دينار في ما بين شهري جويلية واوت المنقضيين بعد أن بلغت حدود الـ  18.154 مليون دينار  في شهر جويلية..

هذا الارتفاع بعث في الحقيقة العديد من نقاط الاستفهام بين  الاوساط التونسية، في ما يتعلق بالاسباب المباشرة  وراء تحسن الاستخلاص الجبائي على وجه الخصوص باعتبار ان ما قيمته 19.313 مليون دينار  من مجموع المداخيل هي موارد ذاتية متاتية من الجباية مسجلة ارتفاعا بـحوالي الـ 16 بالمائة مقارنة بالسنة المنقضية في حين بلغت المداخيل غير الجبائية حدود الـ 1208 مليون دينار ...

وفسر عدد من المتدخلين في الشان الاقتصادي التحسن في الاستخلاص بتغير نشاط الادارة العامة للجباية نحو مزيد متابعة المتهربين من دافعي الضرائب وضبط خطة جديدة تهدف الى استقطاب اكثر ما يمكن من هذه الفئة، بما يؤكد اهمية الجباية لدى الدولة في قدرتها على توفير موارد مالية جديدة للخزينة العامة  تحتاجها لسد العجز الحاصل بها مع موفى السنة الجارية..

وهذا الاستثناء الوحيد والنقطة المضيئة من بين الارقام والاحصائيات الخاصة بالمالية العمومية التي تم نشرها مؤخرا، يتاكد من جديد ضرورة اطلاق اجراءات فعلية وسريعة في قانون المالية التكميلي للسنة الحالية والقانون الاصلي لسنة 2022 خاصة بالتهرب الضريبي وتعقب المتهربين بعد ان خلت القوانين السابقة على اختلافها من أي اجراء في هذا الجانب ماعدا اجراء يتيم في اخر قانون للمالية والذي يخص التقليص من التعامل نقدا من 5 الاف دينار الى 3 الاف دينار...

 كما توجهت العديد من الجهات والمنظمات المدنية الى الدولة باللوم عن تغافلها على استرجاع ديونها غير المستخلصة والتي بلغت اكثر من 10 الاف مليون دينار في اخر تقرير  نشرته دائرة المحاسبات بخصوص في ما يتعلق بالمهمّة الرقابية حول استخلاص الديون الجبائية الراجعة للدولة مؤخرا وتراكم بقايا الديون الجبائية المثقلة وغير المستخلصة ..

فاليوم، تبقى الدولة مطالبة بضرورة تتبع المتهربين من دافعي الضرائب ولا تكتفي بفئة الاجراء الذين يقومون بانتظام باستخلاص الجباية، حتى لا تكرس ما يعرف بالحيف الجبائي عن طريق التغافل عن الفئات المتهربة والتي تتسبب في اختلال توازنات المالية العمومية خاصة في ما يتعلق بالموارد الذاتية ...

من جهة اخرى، تعتبر العديد من الاوساط المالية ان المنظومة الجبائية في تونس، منذ عقود من الزمن ، تشكو العديد من النقائص ، التي أثرت على الاستثمار وتنامي ظاهرة التهرب الضريبي ، وذلك رغم اتخاذ أكثر من 500 إجراء ضريبي جديد منذ عام 2011 لفائدة رجال الاعمال والمستثمرين، الا ان ارتفاع الضغط الجبائي مع نهاية العام 2020 الى أكثر من 25 بالمائة وفق بيانات حكومية رسمية ، أثر بشكل مباشر على نسق الاستثمارات بالبلاد التي تراجعت بشكل لافت بعد ان كانت نسبتها أكثر من 24.6 بالمائة سنة 2010، وكلفت الدولة خسائر ناهزت 6 مليار دينار سنويا نتيجة التهرب الضريبي من المؤسسات والافراد.

وتساهم الضرائب في تمويل ميزانية الدولة بنسبة تجاوزت 60 بالمائة، وارتفعت الايرادات بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث وصلت إلى 30 مليار دينار في عام 2019، مقابل 12,5 مليار دينار في سنة 2010، وبلغ الضغط الجبائي في العام 2019 نسبة 25.3 % وشهد ارتفاعا منذ العام 2016 ليسجل 20.8 % و21.9 % في العام 2017، وعلى الرغم من التشكيك في بعض الأرقام واعتبار الضغط الجبائي ارفع من النسب المعلنة إلا أن تونس تعد الأعلى إفريقيا في هذا المقياس.

وحسب الخبير الاقتصادي والمحاسب وليد بن صالح فإن نسبة الضغط الجبائي في تونس تقترب من 35٪، فيما قدر حجم ثروات التونسيين المهربة إلى الخارج بـ2,2مليار دولار أي حوالي 6 مليار دينار، وذلك نتيجة ارتفاع الضغط الجبائي ونقص العدالة الجبائية ، ما دفع بأصحاب الثروات في تونس الى تهريب أموالهم الى الخارج، ولاسترجاع هذه الثروات المهربة، شدد بن صالح ،على ضرورة مراجعة مجلة الصرف واضفاء مرونة اكبر على مسك العملة الصعبة بالنسبة للتونسيين من مستثمرين ورجال اعمال.

ووفق دراسة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ارتفعت نسبة الضريبة من الناتج المحلي الإجمالي في تونس بنسبة 1.6 % بين 2016 و2017، فيما أشارت الدراسة إلى أن نحو 26 بلدا إفريقيا حافظ على درجة 17.2 % خلال الفترة نفسها. ويعتبر بعض الخبراء ان نسبة الضغط الجبائي اعلى من النسب المعلنة باعتبار وجود اداءات اخرى غير معتمدة في طريقة الاحتساب.

وسجلت تونس أعلى نسبة ضغط جبائي مقارنة بمعدل دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي بلغ المعدل فيها 15.4 في المائة وأعلى كذلك من معدل دول الاتحاد الأوروبي الذي بلغ 20.2 في المائة في العام 2016.وكانت تونس من البلدان التي عولت إلى حد كبير على مواردها الداخلية وبالخصوص الموارد المالية لتمويل إنفاقها العام وقد مولت العائدات الضريبية ميزانية الدولة بمعدل 60 في المائة ما بين 1986 و2017 .

ومنذ 2011 تفاقم العجز من سنة إلى أخرى بسبب الاضطرابات الاجتماعية وحالة عدم الاستقرار السياسي، ليبلغ المعدل الحقيقي للضغط الجبائي في تونس 35,5 بالمائة، وهو المعدل الأرفع في إفريقيا، في حين أن المعدل، الذي تعلن عنه الحكومة في حدود 25,6 بالمائة بحسب ما أوضحه الخبير في المحاسبة، وليد بن صالح، مؤكدا أن المعدل المعلن من الحكومة لا يأخذ في الاعتبار سوى الضريبة المباشرة وغير المباشرة.

 

وفاء بن محمد


في ظل تراجع كل مؤشرات المالية العمومية... تحسن الاستخلاص رفّع من مداخيل الدولة

 

تونس-الصباح

في الوقت الذي سجلت فيه كل الارقام المتعلقة بالمالية العمومية تراجعا حتى  تجاوزت الخطوط الحمراء، ارتفعت المداخيل الذاتية للدولة لتصل  الى 20.566 مليون دينار مع موفى شهر اوت المنقضي اي بزيادة بـ 10.4 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2020 وبزيادة بـ 2412 مليون دينار في ما بين شهري جويلية واوت المنقضيين بعد أن بلغت حدود الـ  18.154 مليون دينار  في شهر جويلية..

هذا الارتفاع بعث في الحقيقة العديد من نقاط الاستفهام بين  الاوساط التونسية، في ما يتعلق بالاسباب المباشرة  وراء تحسن الاستخلاص الجبائي على وجه الخصوص باعتبار ان ما قيمته 19.313 مليون دينار  من مجموع المداخيل هي موارد ذاتية متاتية من الجباية مسجلة ارتفاعا بـحوالي الـ 16 بالمائة مقارنة بالسنة المنقضية في حين بلغت المداخيل غير الجبائية حدود الـ 1208 مليون دينار ...

وفسر عدد من المتدخلين في الشان الاقتصادي التحسن في الاستخلاص بتغير نشاط الادارة العامة للجباية نحو مزيد متابعة المتهربين من دافعي الضرائب وضبط خطة جديدة تهدف الى استقطاب اكثر ما يمكن من هذه الفئة، بما يؤكد اهمية الجباية لدى الدولة في قدرتها على توفير موارد مالية جديدة للخزينة العامة  تحتاجها لسد العجز الحاصل بها مع موفى السنة الجارية..

وهذا الاستثناء الوحيد والنقطة المضيئة من بين الارقام والاحصائيات الخاصة بالمالية العمومية التي تم نشرها مؤخرا، يتاكد من جديد ضرورة اطلاق اجراءات فعلية وسريعة في قانون المالية التكميلي للسنة الحالية والقانون الاصلي لسنة 2022 خاصة بالتهرب الضريبي وتعقب المتهربين بعد ان خلت القوانين السابقة على اختلافها من أي اجراء في هذا الجانب ماعدا اجراء يتيم في اخر قانون للمالية والذي يخص التقليص من التعامل نقدا من 5 الاف دينار الى 3 الاف دينار...

 كما توجهت العديد من الجهات والمنظمات المدنية الى الدولة باللوم عن تغافلها على استرجاع ديونها غير المستخلصة والتي بلغت اكثر من 10 الاف مليون دينار في اخر تقرير  نشرته دائرة المحاسبات بخصوص في ما يتعلق بالمهمّة الرقابية حول استخلاص الديون الجبائية الراجعة للدولة مؤخرا وتراكم بقايا الديون الجبائية المثقلة وغير المستخلصة ..

فاليوم، تبقى الدولة مطالبة بضرورة تتبع المتهربين من دافعي الضرائب ولا تكتفي بفئة الاجراء الذين يقومون بانتظام باستخلاص الجباية، حتى لا تكرس ما يعرف بالحيف الجبائي عن طريق التغافل عن الفئات المتهربة والتي تتسبب في اختلال توازنات المالية العمومية خاصة في ما يتعلق بالموارد الذاتية ...

من جهة اخرى، تعتبر العديد من الاوساط المالية ان المنظومة الجبائية في تونس، منذ عقود من الزمن ، تشكو العديد من النقائص ، التي أثرت على الاستثمار وتنامي ظاهرة التهرب الضريبي ، وذلك رغم اتخاذ أكثر من 500 إجراء ضريبي جديد منذ عام 2011 لفائدة رجال الاعمال والمستثمرين، الا ان ارتفاع الضغط الجبائي مع نهاية العام 2020 الى أكثر من 25 بالمائة وفق بيانات حكومية رسمية ، أثر بشكل مباشر على نسق الاستثمارات بالبلاد التي تراجعت بشكل لافت بعد ان كانت نسبتها أكثر من 24.6 بالمائة سنة 2010، وكلفت الدولة خسائر ناهزت 6 مليار دينار سنويا نتيجة التهرب الضريبي من المؤسسات والافراد.

وتساهم الضرائب في تمويل ميزانية الدولة بنسبة تجاوزت 60 بالمائة، وارتفعت الايرادات بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث وصلت إلى 30 مليار دينار في عام 2019، مقابل 12,5 مليار دينار في سنة 2010، وبلغ الضغط الجبائي في العام 2019 نسبة 25.3 % وشهد ارتفاعا منذ العام 2016 ليسجل 20.8 % و21.9 % في العام 2017، وعلى الرغم من التشكيك في بعض الأرقام واعتبار الضغط الجبائي ارفع من النسب المعلنة إلا أن تونس تعد الأعلى إفريقيا في هذا المقياس.

وحسب الخبير الاقتصادي والمحاسب وليد بن صالح فإن نسبة الضغط الجبائي في تونس تقترب من 35٪، فيما قدر حجم ثروات التونسيين المهربة إلى الخارج بـ2,2مليار دولار أي حوالي 6 مليار دينار، وذلك نتيجة ارتفاع الضغط الجبائي ونقص العدالة الجبائية ، ما دفع بأصحاب الثروات في تونس الى تهريب أموالهم الى الخارج، ولاسترجاع هذه الثروات المهربة، شدد بن صالح ،على ضرورة مراجعة مجلة الصرف واضفاء مرونة اكبر على مسك العملة الصعبة بالنسبة للتونسيين من مستثمرين ورجال اعمال.

ووفق دراسة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ارتفعت نسبة الضريبة من الناتج المحلي الإجمالي في تونس بنسبة 1.6 % بين 2016 و2017، فيما أشارت الدراسة إلى أن نحو 26 بلدا إفريقيا حافظ على درجة 17.2 % خلال الفترة نفسها. ويعتبر بعض الخبراء ان نسبة الضغط الجبائي اعلى من النسب المعلنة باعتبار وجود اداءات اخرى غير معتمدة في طريقة الاحتساب.

وسجلت تونس أعلى نسبة ضغط جبائي مقارنة بمعدل دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي بلغ المعدل فيها 15.4 في المائة وأعلى كذلك من معدل دول الاتحاد الأوروبي الذي بلغ 20.2 في المائة في العام 2016.وكانت تونس من البلدان التي عولت إلى حد كبير على مواردها الداخلية وبالخصوص الموارد المالية لتمويل إنفاقها العام وقد مولت العائدات الضريبية ميزانية الدولة بمعدل 60 في المائة ما بين 1986 و2017 .

ومنذ 2011 تفاقم العجز من سنة إلى أخرى بسبب الاضطرابات الاجتماعية وحالة عدم الاستقرار السياسي، ليبلغ المعدل الحقيقي للضغط الجبائي في تونس 35,5 بالمائة، وهو المعدل الأرفع في إفريقيا، في حين أن المعدل، الذي تعلن عنه الحكومة في حدود 25,6 بالمائة بحسب ما أوضحه الخبير في المحاسبة، وليد بن صالح، مؤكدا أن المعدل المعلن من الحكومة لا يأخذ في الاعتبار سوى الضريبة المباشرة وغير المباشرة.

 

وفاء بن محمد


  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews