بلغت عائدات قطاع صناعة مكونات السيارات في تونس ما يُناهز 10 مليار دينار سنويا، منها 9 مليار دينار صادرات، ويضم حوالي 300 شركة 50% منها ذات مُساهمة أجنبية. كما يُوفر قرابة 120 ألف موطن شغل.
وأكد مدير الصناعات المعدنية والميكانيكية والكهربائية وصناعات مواد البناء بالإدارة العامة للصناعات المعملية بوزارة الصناعة والمناجم والطاقة المهندس العام سليم الفرشيشي، أنّ هذا القطاع من أكثر القطاعات الصناعية الواعدة والأكثر تطوّرا.
وأوضح الفرشيشي في تصريح لـ"الصباح نيوز" ان قطاع صناعة مكونات السيارات يعدّ رافعة حقيقية للاقتصاد الوطني، من حيث التشغيل ودعم الصادرات، اذ يحظى بأولوية من قبل الحكومة التونسية ما مكّن تونس من احتلال المرتبة الثانية إفريقيا في تصدير وصناعة مكوّنات السيارات. كما أكّد قدرة بلادنا على استقطاب شركات عالمية كبرى.
عوائق يمكن معالجتها
لم يُخف المسؤول بوزارة الصناعة وجود بعض العوائق في قطاع صناعة مكونات السيارات ولعل أهمها البنية التحتية رغم ما يتم تسجيله من ارقام مهمة في هذا القطاع، اذا ان العمل جار من أجل بلوغ 150 ألف مواطن شغل سنة 2027، بعد ان كان في حدود 85 ألف وبلغ اليوم 120 ألف موطن شغل إضافة الى رفع صادرات القطاع من 7.5 مليار دينار سنة 2019 إلى 13.5 مليار دينار.
ودعا سليم الفرشيشي إلى ضرورة تبسيط الإجراءات الإدارية لدعم المستثمرين، مشددا على أهمية معالجة التحديات اللوجستية والإدارية من ديوانة، وزارة بيئة، وغيرها.. من أجل تحقيق الأهداف المرجوة.
إحداث ميناء مياه عميقة
وفي ذات السياق، شدّد على ضرورة إحداث ميناء مياه عميقة في البلاد، لما يكتسيه من أهمية استراتيجية في دعم القطاع الصناعي وتطوير صناعة مكونات السيارات ببلادنا، مُعتبرا أنّ وجود الميناء العميق ليس مجرد مسألة لوجستية، بل جزء من خطة شاملة للدولة التونسية لتطوير البنية التحتية الصناعية، بما يضمن سرعة حركة البضائع والمكونات الصناعية وكفائتها.
وقال:" هذا الميناء سيمثل نقطة حيوية لتسهيل عمليات التصدير والاستيراد، ما يعزّز قدرة المؤسسات الصناعية على استقطاب الاستثمارات الأجنبية وتحقيق النمو الاقتصادي وكذلك تنافسية تونس على الصعيدين الإقليمي والدولي."
كما أكد الفرشيشي على أهمية تطوير البنية التحتية وخلق مناطق صناعية جديدة تستقطب استثمارات جديدة، مُشيرا الى أن تونس تتلقى بصفة دورية طلبات استثمار جديدة لما تتميز به من تموقع استراتيجي وقيمة مضافة عالية والصيت الهام في قطاع صناعة مكونات السيارات وكذلك كفاءة اليد العاملة التونسية لتكون بذلك من البلدان الرائدة في هذا القطاع الاستراتيجي .
وأعرب عن الرغبة في ترفيع صادرات قطاع مكوّنات السيارات إلى جانب إحداث مزيد من مواطن الشغل في هذا القطاع ازاء ما امتلاكه تونس من مقوّمات صناعية وتقنية مُتميّزة في مجال تصنيع مكوّنات السيارات ما يطرح فرضية تواجد مُصنع للسيارات بتونس واحدة.
تعزيز البحث والتجديد
وفي ما يهم جانب البحث، أفاد الفرشيشي أن تونس انطلقت في إنشاء مركز بحث وتجديد جديد بالشراكة مع شركة دولية أمريكية على ان تشغل في مرحلة أولى أكثر من 200 مهندس، ومن المتوقع أن يصل العدد إلى 500 مهندس خلال 3 او 4 سنوات.
كما أشار الى أنه تم استقبال مستثمر الماني في وزارة الصناعة خلال هذا الأسبوع، والذي قدم فكرة جديدة تتمثل في بعث مركز بحث وتطوير مع المهندسين التونسيين في جميع المجالات على ان يتولى اثر ذلك إنشاء وحدات صناعية بطاقة تشغيلية تقدر ب500 مواطن شغل لكل واحدة منها.
السيارات الكهربائية
وبالنسبة للسيارات الكهربائية، أكد الفرشيشي أن تونس واعية بالتحولات العالمية نحو المركبات الكهربائية، مشيرًا إلى أن الحكومة في قانون المالية لسنة 2026 قدمت حوافز مالية وجبائية لتشجيع الاستثمار في شحن السيارات الكهربائية والبنية التحتية المرتبطة بها ما من شأنه اتاحة فرص استثمارية كبيرة وتسريع وتيرة تطوير القطاع.
مشروع المدينة الذكية للسيارات
وبخصوص مشروع المدينة الذكية للسيارات، أفاد أنه يُعدُّ من أهم المشاريع التي أطلقتها بلادنا، وأشار إلى أن المشروع يطمح لاستقطاب استثمارات كبرى في قطاع تصنيع السيارات خاصة في مجال السيارات الكهربائية، إضافة إلى مضاعفة الصادرات ورفع قيمة الاستثمارات على ان تبلغ 22 بالمائة من الناتج الداخلي الوطني الخام سنة 2027.
واشار إلى وجود لجنة قيادة صلب وزارة الصناعة وبقيادتها وبمشاركة الاطراف المتداخلة.
وأضاف أن المشروع يهدف إلى تطوير مكونات السيارات محليًا، مؤكّدًا أن كل خطوة تُخطط بدقة ووفق معايير علمية محددة لضمان الاستفادة القصوى.
وقال: "من حقنا نحن نحلم كتونسيين بأن تكون لدينا مدينة ذكية لصناعة سيارات.. ولأنه مشروع كبير يجب أن نتقدم بخطى ثابتة بخطة ذكية وكل شيء يكون مدروسا".
علما ان المشروع يشمل إنشاء مدينة صناعية متكاملة تمتد على مساحة 300 هكتار او أكثر تضم مصانع للسيارات ومكوناتها ومراكز بحث وتطوير، مع مراعاة الجانب اللوجستي والبنية التحتية من قرب للطرقات السيارة والموانئ بهدف تسهيل النقل والتصدير.
وللتذكير فقد كانت وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة فاطمة الثابت شيبوب دعت في اجتماع سابق، إلى مزيد التنسيق بين مختلف الأطراف بهدف تنفيذ مشروع المدينة الذكية للسيارات خاصة في ظل تزايد طلبات الاستثمار في قطاع صناعة السيارات ومكوناتها، مؤكدة أن إنجاز مشروع المدينة الذكية للسيارات يتماشى مع التوجهات الكبرى لكل من الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتجديد وميثاق رفع تنافسية قطاع تصنيع المعدات السيارة ومكوناتها في أفق 2027.
عبير الطرابلسي
