احتضن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية اليوم الخميس، منتدى الأعمال التونسي البرازيلي الذي نظمه الاتحاد بالتعاون مع الوكالة البرازيلية للنهوض بالتجارة والاستثمار (ApexBrazil).
وشارك في هذا اللقاء كل من سمير ماجول رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، و Fernando José Marroni de Abreu سفير البرازيل في تونس، و Alex Giacomelli da Silva سفير ومدير الترويج التجاري والاستثمار والفلاحة في وزارة الخارجية البرازيلية، ومعز ادريس رئيس الجانب التونسي في مجلس الأعمال التونسي البرازيلي، و Marcel Moreira كاتب دولة مساعد بوزارة الفلاحة في البرازيل، و André Luiz Pimentel Queiroz المدير التنفيذي التجاري في ApexBrasil، و مراد بن حسين الرئيس المدير العام لمركز النهوض بالصادرات (CEPEX)، وفق منظمة الأعراف.
كما شهد اللقاء حضور عدد من أعضاء المكتب التنفيذي الوطني وأصحاب مؤسسات وممثلين للقطاع الخاص في تونس والبرازيل، وممثلون عن غرف وقطاعات الاقتصادية، إضافة إلى مسؤولين من عدة وزارات واطارات مركزية ومسؤولين من الاتحاد.
وأكّد سمير ماجول في كلمته أن هذا الاجتماع يعكس متانة علاقات الصداقة والتعاون بين تونس والبرازيل، ويؤكد المكانة الاستراتيجية لتونس كجسر تواصل بين إفريقيا والعالم العربي وأوروبا.
وأبرز رئيس الاتحاد أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، مشيرًا إلى أن إمكانيات التعاون تتجاوز المبادلات التجارية لتشمل فرصًا واعدة للاستثمار المشترك وإرساء شراكات استراتيجية في قطاعات متعددة، كما عبّر عن تطلع تونس إلى زيادة صادراتها من المنتجات ذات القيمة المضافة، في وقت تعتبر فيه البرازيل شريكًا مهمًا في توريد المواد الأولية الاستراتيجية.
كما أفاد أن الوفد البرازيلي يضم ممثلين عن قطاعات حيوية، منها الصناعات الغذائية، الفلاحة، تصنيع الآلات والتجهيزات، مواد البناء، الصناعات البلاستيكية، صناعة الخشب والأثاث، صناعة السيارات وقطع الغيار، الصناعات الكهربائية والإلكترونية، الصناعات الكيميائية، الصناعات الصيدلانية، الجلد والنسيج والملابس، تجهيزات الصحة، والتكنولوجيا، إلى جانب قطاع مستحضرات التجميل ومنتجات النظافة.
وأكد سمير ماجول أن تونس بفضل موقعها الجغرافي وشبكة اتفاقياتها التجارية وبنيتها التحتية وكفاءاتها، تمثل منصة واعدة للنفاذ إلى الأسواق الإفريقية والعربية والأوروبية، داعيًا الجانب البرازيلي إلى الاستفادة من هذه الميزات،
كما شدّد على أهمية التعاون في مجالات المستقبل، مثل الاقتصاد الأخضر، الأمن الغذائي والطاقي، الرقمنة والابتكار، لافتًا إلى أن تونس تطمح إلى أن تصبح مركزًا إقليميًا في هذه المجالات.
وأعرب رئيس الاتحاد على رغبة تونس الصادقة في أن تكون شريكًا مميزًا للبرازيل، معربًا عن ثقته في أن مجلس الأعمال التونسي البرازيلي سيلعب دورًا محوريًا في تحويل هذه الإرادة المشتركة إلى مشاريع واقعية تدعم الشراكة الاقتصادية بين البلدين، ومعربا عن تقديره لاختيار تونس محطة في الجولة المغاربية للوفد البرازيلي.
أهمية الشراكة التاريخية
من جهته أكّد سفير البرازيل في تونس، Fernando José Marroni de Abreu، في كلمته أهمية الشراكة التاريخية بين البلدين، ونوّه بالدعم الكبير الذي قدّمه وزير التجارة التونسي، لا سيما في قرار إعادة تفعيل المفاوضات حول اتفاق تجاري بين تونس ودول الـMERCOSUR ، والذي من شأنه أن يعزز القدرة التنافسية للمنتجات الثنائية ويفتح آفاقًا جديدة للاستثمار.
ورغم التطور المسجل في السنوات الأخيرة وتنوع المبادلات، أقر السفير بأن حجم التجارة الحالي، والمقدر بـ550 مليون دولار، لا يزال دون الإمكانيات المتاحة، مؤكدا الاهتمام المتواصل للبرازيل بالفسفاط التونسي عالي الجودة شريطة توفر الاستقرار في التزود. وأبرز السفير تقارب وجهات النظر بين البلدين في ما يتعلق بالتحديات الدولية، خاصة في مجالات السيادة الغذائية، التعاون جنوب-جنوب، وفي قضايا مكافحة الجوع والفقر.
وختم السفير كلمته بالتعبير عن أمله في أن يكون هذا المنتدى بداية مرحلة جديدة من التعاون والشراكة الفعلية، مثمنًا حضور أكبر بعثة تجارية برازيلية إلى تونس، إلى جانب حضور مؤسسات مالية برازيلية مرافقة للبعثة.
خلق فرص جديدة
واكد Alex Giacomelli da Silva سفير ومدير الترويج التجاري والاستثمار والفلاحة في وزارة الخارجية البرازيلية، في كلمته أن من أولويات عمله خلق فرص جديدة لفائدة الفاعلين الاقتصاديين، لاسيما في الأسواق ذات الإمكانات العالية مثل تونس، مشيرًا إلى أن القارة الإفريقية تمثل شريكًا استراتيجيًا في صياغة جغرافيا اقتصادية دولية جديدة.
واعتبر أن موقع تونس يمنحها مزايا جغرافية ولوجستية هامة تجعل منها بوابة رئيسية نحو أسواق واعدة،
وشدّد ممثل وزارة الخارجية البرازيلية على العزم المشترك بين تونس والبرازيل على تعزيز التعاون الثنائي، وتطوير المبادلات التجارية ودفع الاستثمار، مستندًا إلى تقاليد سياسية تجمع البلدين، تقوم على التعددية والحوار والسلم والتعاون بين بلدان الجنوب، كما أشار إلى أن العلاقات التجارية الثنائية شهدت في الآونة الأخيرة نموًا ملحوظًا، ما يعكس الإرادة المتبادلة للارتقاء بها إلى مستوى شراكة استراتيجية.
موقع تونس الاستراتيجي
معز ادريس رئيس الجانب التونسي في مجلس الأعمال التونسي البرازيلي، أكد بدوره أن انعقاد هذا اللقاء يعكس الإرادة المشتركة لتأسيس شراكة ديناميكية، موسّعة ومتوازنة وطموحة، في إطار تعاون جنوب-جنوب يعزز الروابط بين الضفتين.
واعتبر أن موقع تونس الاستراتيجي ، يجعل منها شريكًا جيو-اقتصاديًا هامًا للبرازيل، بما يمكّن من بناء محور تعاون صلب بين أمريكا الجنوبية، ومنطقة المتوسط، والقارة الإفريقية. كما جدّد الدعوة إلى دعم انضمام تونس إلى تكتل الـMERCOSUR ، لما لذلك من أهمية مزدوجة بالنسبة لتونس والبرازيل على حدّ سواء.
وفي هذا السياق، شدد معز ادريس على أهمية تطوير تنسيق قطاعي فعّال في مجالات استراتيجية تشمل الصناعات الغذائية، والصناعة الصيدلانية، والطاقات المتجددة، والسياحة المستدامة، داعيًا إلى مرافقة هذا التوجه من خلال تعزيز التعاون بين الهياكل المعنية، مثل وكالة ApexBrasil، ووكالة النهوض بالاستثمار ، ومركز النهوض بالصادرات إلى جانب الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية.
وابرز ادريس دور مجلس الأعمال التونسي البرازيلي كعنصر محفّز في هذه الديناميكية، من خلال هيكلة خلايا متابعة ثنائية عملية، وتنظيم بعثات استكشافية نحو البرازيل، وتنشيط شبكة دائمة للحوار والتواصل بين المؤسسات، وأكد في الختام أن الهدف من هذا اللقاء هو التأسيس لشراكة استراتيجية، مستدامة وقائمة على النجاعة والابتكار والمصلحة المتبادلة.
القارة الإفريقية أولوية استراتيجية للحكومة البرازيلية
من جانبه، أكد Marcel Moreira كاتب دولة مساعد بوزارة الفلاحة في البرازيل ، أن القارة الإفريقية تمثّل أولوية استراتيجية للحكومة البرازيلية في المرحلة المقبلة، مشيرًا إلى تكثيف اللقاءات مع الوفود الإفريقية لتعزيز التعاون وتبادل الزيارات،
وشدد Moreira على أهمية البروتينات الحيوانية ضمن السياسة الزراعية البرازيلية، مبرزًا إمكانيات التعاون في هذا المجال مع تونس، إضافة إلى التعاون التقني في عدة مجالات وخاصة الحبوب، وأشاد بتطور صادرات تونس نحو البرازيل، خاصة في ما يتعلق بالتمور وزيت الزيتون، معتبرًا ذلك مؤشرًا إيجابيًا لتوسيع وتنويع المبادلات بين المؤسسات في البلدين.
فتح آفاق جديدة لعلاقات اقتصادية أكثر استدامة
بدوره عبّر André Luiz Pimentel Queiroz المدير التنفيذي التجاري في ApexBrasil عن سعادته بانعقاد هذا الملتقى بحضور ممثلين عن القطاعين العام والخاص من تونس والبرازيل، مؤكدا أن هذا اللقاء لا يعبّر فقط عن استمرارية التعاون، بل يفتح آفاقًا جديدة لعلاقات اقتصادية أكثر استدامة وشراكة متقدمة، كما قدّم لمحة عن دور وكالة Apex-Brasil في دعم تدويل الشركات البرازيلية، والترويج للمنتجات والخدمات البرازيلية، وربط المشترين الدوليين بالشركات المناسبة، واعتبر أن حجم المبادلات التجارية بين تونس والبرازيل يعكس إمكانيات كبيرة ينبغي استثمارها لتعزيز التعاون الاستراتيجي بين البلدين.
بدوره أبرز مراد بن حسين المدير العام لمركز النهوض بالصادرات أن حجم التبادل التجاري بين البلدين تجاوز 1.5 مليار دينار سنة 2024 وهو رقم مهم ولكنه لا يعكس الإمكانيات الحقيقية بين البلدين، كما شهدت صادرات تونس إلى البرازيل نموا ملحوظا خاصة في قطاعي زيت الزيتون والتمور ، حيث تضاعفت واردات البرازيل من زيت الزيتون بنسبة 18 بالمائة سنة 2024 وأصبحت تونس حاليا خامس أكبر مزود محققة زيادة قدرها 116 بالمائة خلال العمين الماضيين، وقد عززت هذه الديناميكية البرازيلية بإجراءات برازيلية منها إعفاء 11 منتج غذائي من الرسوم الجمركية على الواردات بما في ذلك زيت الزيتون البكر الممتاز.
وأشار المدير العام لمركز النهوض بالصادرات إلى أن الميزان التجاري بين البلدين مازال يحقق فائضا لصالح البرازيل، معربا عن أمله في عودة التوازن من خلال تطور العلاقات والاجراءات المتخذة، ومضيفا ان تونس تصدر أيضا إلى البرازيل المنتجات الكيمياوية والفسفاط والآلات الكهربائية، حيث تعد البرازيل من أهم الأسواق العالمية بالنسبة لمنتوج الفسفاط ومشتقاته الذي تنتجه بلادنا بجودة عالية.
وانعقد خلال الجزء الثاني من اللقاء مداخلات قدمها ممثلون عن Apexbrazil ، والCEPEX والـFIPA وغرفة التجارة العربية البرازيلية للتعريف بأنشطتهم ودورهم في دعم العلاقات والتبادل الثنائي بين البلدين، كما شهد المنتدى انعقاد لقاءات B2B بين الفاعلين الاقتصاديين في كل من تونس والبرازيل.