أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن بلاده ستظلّ وفية لموقفها الداعم لفلسطين مهما كانت الظروف، محذّراً من سايكس بيكو جديدة في غزة، التي قال إن ما يحدث فيها من جرائم وصمة عار في جبين البشرية.
وقال الرئيس تبون، في خطاب له أمام غرفتي البرلمان، هو الأول من نوعه في عهدته الحالية، إن الجزائر ستبقى “مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”، وهي جملة اشتهر بها الرئيس الراحل هواري بومدين، مضيفاً أن “موقفنا من القضية الفلسطينية واضح، ولن نتخلى عنه”.
وكرّر تبون، في كلمته: “نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة من وقت سيدي بومدين الغوثي (متصوف جزائري عاش في القرن العاشر ميلادي)، وصلاح الدين الأيوبي، لدينا شهداء هناك، لم نتخلَّ يوماً عن فلسطين ولن نتخلى عنها”.
وأبرز الرئيس الجزائري أن ما يحدث في “غزة وصمة عار على البشرية، وليس على العرب فقط”، مشيراً إلى 10 آلاف طفل ليس لهم أي ذنب يقصفون ويبادون، ورغم ذلك يحاولون إقامة سايكس بيكو جديد ويسعون لترحيل الفلسطينيين”. وقال إن “الجزائر تدافع بشراسة عن مبادئ ثورتها وقيم البشرية، ولا تتخلى عن الدول الضعيفة”.
وتحدث تبون، في السياق، عن وقوف بلاده مع قضية الصحراء الغربية، بوصفها “قضية تصفية استعمار، وليس كرهاً في أشقائنا المغاربة”، لأن هذا الملف -كما قال- “لايزال مطروحاً على مستوى لجنة تصفية الاستعمار للأمم المتحدة”.
وأبرز الرئيس الجزائري أن بلاده ستستغل حضورها في مجلس الأمن من أجل أن تدافع عن القضايا العادلة، متوجهاً بالشكر لـ184 دولة صوتت لصالح الجزائر لتولي منصب عضو غير دائم في مجلس الأمن للأمم المتحدة، واعتبر أن هذا “الإجماع الدولي يشرف الجزائر التي ستقوم بدورها لصالح البلدان الأفريقية والعربية وكل الأشقاء”.
وتعددت، منذ عملية “طوفان الأقصى”، مواقف الرئيس الجزائري التي يظهر من خلالها دعمه لفلسطين ولحق شعبها في مقاومة المحتل. وذكر، في أول تدخل له في بداية الحرب، أن عدوان الاحتلال الصهيوني ضد سكان قطاع غزة في فلسطين هو عبارة عن “جرائم حرب مكتملة الأركان”. وأضاف أن “الفلسطينيين ليسوا إرهابيين، لأنهم يدافعون عن وطنهم وحقوقهم”، محيلاً إلى الثورة الجزائرية، حيث كان المقاومون الجزائريون ضد المستعمر الفرنسي ينعتون أيضاً بالإرهاب.
وأبرز تبون أن الجزائريين لقبوا هم أيضاً بالإرهابيين، حينما دافعوا عن أرضهم، مستشهداً بمقولة الشهيد العربي بن مهيدي (أحد أبطال الثورة الجزائرية)، في رده على اتهامات الفرنسيين للمجاهدين بممارسة الإرهاب عن طريق تفجير القنابل الموضوعة في القفف: “أعطونا طائراتكم.. نمنحكم قففنا”.
وفي رسالته بمناسبة إحياء ذكرى مظاهرات 11 ديسمبر 1960 (حدث تاريخي بارز في الثورة الجزائرية)، أكد الرئيس عبد المجيد تبون أن نفس إرادة الحياة والتحرر التي كانت لدى الجزائريين في مواجهة الاستعمار الفرنسي نجدها اليوم لدى الفلسطينيين في مقاومة العدوان الصهيوني.
وشبّه ما يجري في فلسطين ببطولات المناضلين والمجاهدين، الذين كان يحدوهم، مع اندلاع ثورة الفاتح من نوفمبر 1954، “إيمانهم بالنصر على استعمار استيطاني، وعلى آلة عدوانه المدججة بأفتك أسلحة التقتيل والتدمير، والتي أمعنت في سياسة الأرض المحروقة بأبشع صورها”.
وفي كلمة له خلال افتتاح السنة القضائية بالجزائر، ناشد الرئيس الجزائري “جميع أحرار العالم، والخبراء القانونيين، والهيئات والمنظمات الحقوقية، لرفع دعوى قضائية أمام محكمة الجنايات الدولية والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان ضد الكيان الاسرائيلي”.
وأكد أن ذلك هو “السبيل الوحيد لإنهاء عقود من الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة في حق الفلسطينيين، على اعتبار أن الملاحقة القضائية الدولية الفعالة تبقى الملاذ الوحيد لأشقائنا الفلسطينيين لتحقيق العدالة الدولية واستعادة حقوقهم المشروعة في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف”.
ولفت تبون إلى أن قيم العدالة والحق للشعوب المضطهدة، وعلى رأسها الشعب الفلسطيني، أصبحت غائبة، مشيراً إلى “انهيار كل المعايير الأخلاقية والإنسانية والدينية والقانونية في فلسطين المحتلة أمام ما يشهده العام يومياً من مجازر وحشية ترتكبها قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني الشقيق أمام مرأى وصمت عالمي رهيب”.
ولقي نداء الرئيس الجزائري، في ذلك الوقت، تفاعلاً من نظيره الكولومبي غوستافو بيترو، الذي نشر تغريدة على موقع “إكس” قال فيها إن “جمهورية كولومبيا ستساهم في الشكوى التي قدمتها جمهورية الجزائر أمام المحكمة الجنائية الدولية، بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضدّ بنيامين نتنياهو، في ضوء المذبحة التي ارتكبها بحق الأطفال والمدنيين من الشعب الفلسطيني”. كما ترتب على ذلك تحرك نقابتي القضاة والمحامين في الجزائر لتنظيم ندوة دولية من أجل محاكمة إسرائيل على جرائمها.
وكالات