إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الإعلام الليبي خذل المجتمع وأصبح أداة حرب في يد قادة المعارك في ليبيا..

كانوا رفقتي في رحلة الاستكشاف وسط مدينة طرابلس العاصمة الليبية. التقيتهم جميعا هنا في تونس ينهلون من معين التدريب وصقل مهاراتهم الصحافية لعلهم يطورون قليلا من أداء الصحافة في ليبيا.

اليوم وجدتهم هناك يستضيفونني بكل رحابة صدر، كانوا كما بلدهم ليبيا ينفضون عنهم ما علق بعملهم الصحافي من غبار الطريق نحو الاستقرار.

كنت برفقة عديد الزملاء الصحافيين، كانت إيمان بن عامر الصحافية العاملة في وكالة الغيمة ترافقني على امتداد ثلاثة أيام. طوال وجودي برفقتها كانت تتحدث وتناقش مع زملائها إمكانيات التنظيم في هيكل جديد يعدل محرار الإعلام الليبي ويضع حجر الأساس لمواثيق مهنية وأخلاقية في ظل غياب البوصلة. في ظل صوت الفوضى الإعلامية الذي مازال يطغى على صوت الحكمة...

في رحلتي إلى ليبيا كنت أود أن استكشف معهم وبهم مآل إعلام ليبي يرى فيه جلهم انه لم يكن إعلاما بل كانت مؤسسات إعلامية بمثابة دبابة حرب تدار من فوقها المعارك بين ميليشيات تريد كل واحدة منها ان تصنع لها ذراعا إعلامية تقود بها حربها ضد العدو الآخر.

حين نفضت ليبيا عن نفسها بعض الدمار كانت تريد أن تدخل أيضا مرحلة التقييم. كيف تعاملت وسائل الإعلام الليبية مع الحرب التي دارت رحاها في السنوات الأخيرة داخل كل المناطق؟ هل لعب الإعلام الليبي بمكوناته دور المحرار المعدل للمزاج المتشنج أم انه هو أيضا لعب دور الشيطان في إدارة الاشتباكات بما ساهم في زيادة التناحر؟ هل كان الإعلام الليبي منصة لإطلاق صواريخ القتل وخطاب الكراهية أم انه كان واعيا بمسؤوليته المجتمعية في تهدئة النفوس داخل منطقة تشتعل نيرانها بين قوى ليبية ودولية خلفت للمواطنين في ليبيا جرحا يحتاج وقتا ليتعالج؟

يكاد يجمع الجميع أن عمق الجرح في ليبيا ساهمت فيه وسائل إعلام ليبية اصطفت وانزاحت وعمقت الشرخ بين الليبيين.

بعض المؤسسات الإعلامية على حد تعبير الصحافي طارق الهوني أصبحت "ثكنات حربية وجبهات قتال".

 

ليس من السهل بأي شكل من الأشكال أن تكون صحافيا وسط معمعة الحروب، والأصعب أن تقود حربك الإعلامية وسط بلد مازالت تشريعاته في مجال حرية التعبير متخلفة وقديمة قدم الأنظمة الدكتاتورية. في بلد مثل ليبيا، تخلص من نظام قديم كان يمكن أن ينغمس خلال السنوات الأخيرة في ترتيب بيت إعلامه الداخلي. لكن ما إن سقط النظام حتى برزت معارك اتخذت فيها المدن الليبية منصة لتصفية حسابات دولية. انصرف الليبيون يبحثون عن الأمان في بلد متفجر، وانغمس الصحافيون يبحثون عن ركن آمن لتغطية الأحداث المتسارعة الدامية الخطيرة على حياتهم ونفسياتهم.

لم يكد الصحافي هناك يلتقط النفس لتخلصه من نظام يكبل الأصوات حتى جاءت آلة الحرب تحاول أن تكتم صوته أو أن تجعل من صوته امتدادا لأزيز دبابة الحرب وصواريخها المدمرة.

الهروب أو الاصطفاف..

دربت فيمن دربت في السنوات الأخيرة على أرض تونس صحافيين ليبيين هربوا من جحيم المعارك. كنت في كل مرة أتساءل: كيف يمكن أن نصقل مهارات الصحافي ونحن نجتثه من بيئته التي نشأ فيها ونأتي به هنا إلى تونس لندربه على مهارات العمل الصحفي وسط نزل فاخرة؟

اختارت المنظمات الدولية ألا تحرم الصحافي الليبي من برامج التدريب بعيدا عن بيئة موبوءة بالحروب والاقتتال. اختارت أن تستثمر في تطوير مهارات الأفراد بجلبهم إلى برامج تدريب في بلدان مجاورة أكثر أمانا واستقرارا.

توجه كنت استغربه وأدعو إلى القطع معه بقناعة ذاتية في أن الصحافي ابن بيئته وأن ندربه فيعني أن نعلمه في أرضه كيف يتعامل مع الوضع. وقد وقفت بنفسي على حجم الدمار هناك فقد تفهمت الوضع قليلا وأيقنت أن المدرب أو الصحافي لو عمل في تلك الأجواء لكان عرضة لأن يفقد حياته. والقاعدة في العمل الصحافي انه ما من خبر مهما تكن أهميته يستحق أن ندفع حياتنا مقابلا له...

وبالعودة إلى مسار الأحداث: انقسم الصحافيون إذا بين من هرب من جحيم الحرب يبحث عن الهدوء والأمان وآخرين اختاروا الاصطفاف وراء مؤسسات إعلامية تعمل دون ضوابط أخلاقية أو مهنية. كانوا يحاولون التموقع هنا أو هناك ليتحول جزء منهم لوقود لهذه الحرب إما لجهله بنواميس المهنة الصحافية أو عن وعي بذلك.

كنت ابحث وسط أحاديثي مع كل الزملاء الليبيين عن مكمن الداء في الإعلام الليبي. لاحظت مرارتهم وهم يقيمون الوضع وأملهم في أن يتغير الحال.

تحدثت إلى الصحافي طارق الهوني، ذاك الصحافي الليبي الذي يرى فيه زملاؤه أحد قامات المشهد الإعلامي. حاول الرجل أن يغير من الوضع قليلا انغمس في التأسيس لوكالة أخبار الغيمة، كان له في كل شبر من التراب الليبي صحافيين يغطون بأمانة الأحداث. دفع بعضهم ثمن الحياد هرسلة وتضييقا. 

سالت الصحافي طارق الهوني عن طريقة تعامل وسائل الإعلام الليبية مع الحرب الدائرة هناك منذ أعوام. لم ينكر الهوني حالة الاصطفاف التي يشهدها الإعلام في ليبيا الآن بين مؤيد للحرب ورافض لها. هو يدرك أن الإعلام بكافة أصنافه تحول "إلى إعلام خاص يدافع كلٌّ بطريقته عن طرفي النزاع، وهي حالة انزلاق أضرت بالمجتمع وأججت الوضع وجعلته أكثر خطورة فليس أخطر من أن تستغل الإعلام في إدارة الرأي العام نحو هذه الوجهة او تلك.."

بحسب شهادة الصحافي طارق الهوني فقد انتعش خطاب الكراهية في السنوات الأخيرة، واستعملت الوسائل الإعلامية منصات لبث خطاب العنف وحادت عن حيادها واستعملت مصطلحات تزيد من تأجيج الوضع ووصل الأمر إلى حدود الدعوة إلى محق مدن ومهاجمتها من قبل إعلاميين يتصدرون المنابر الإعلامية.

كانت هناك شيطنة وبروز للصوت الواحد وعدم التوازن في المنتج الإعلامي. كانت هناك جبهة صراع تدار في وسائل إعلام وباستغلال صحافيين يعملون خارج نواميس القانون وبعيدا عن أي التزامات. كانت هناك أخبار كاذبة ومضللة، الهدف منها إثارة الرأي العام في اتجاهات غير محمودة العواقب. كانت هناك إذا فوضى إعلامية إلى جانب الفوضى الميدانية.

كان هناك حل غائب. والحل اليوم بحسب تصريحات الصحافي طارق الهوني يكمن بالأساس في البحث عن تشريعات جديدة وبعث هياكل مهنية تراقب ووضع مواثيق تحريرية وأخلاقية داخل غرف الأخبار.

لقد ظل الإعلام الليبي خلال السنوات الأخيرة رهينة الحروب الأهلية التي أدخلت فيها قوى إقليمية ودولية. حروب أبعدت جزءا كبيرا من الصحافيين عن هدفهم في تأمين حرية التعبير وتحصينها من الخروقات القاتلة. أنقذ البعض نفسه من هذا الأتون فيما تحول جزء آخر إلى أداة لبث الفتنة وشيطنة الخصوم على أرض المعركة.

الصحافي طارق الهوني يوضح هنا في هذا الفيديو مكن الداء...

https://www.youtube.com/watch?v=F6II0SkZnL0

ولكن أيا تكن التحديات المطروحة اليوم على الإعلام الليبي فالأكيد انه يحتاج بشكل عاجل إلى دواء حتى لا يواصل الوقوع في فخ الاصطفاف من جديد وسط حقبة ستتغير فيها المطامح لكسب ود الطبقة السياسية الجديدة للصحافيين داخل مؤسساتهم.

دون أن ننسى أيضا أن بلوغ الموضوعية والحيادية مسالة طوباوية في مجملها، لكن المفيد أن يوجد في المرحلة الحالية إعلام ليبي متوازن بعض الشيء لتأمين المرحلة الانتقالية لانتخابات قادمة. 

ولكن وجب التذكير في هذا السياق أيضا أن الهنات المتراكمة في الإعلام الليبي لا تعني أن وسائل الإعلام المحلية الليبية وقعت كلها في فخ هذه التجاوزات، فهناك وسائل -وإن قلّ عددها- التزمت الحد الأدنى من المعايير الأخلاقية للمهنة. 

لكن التحدي مازال قائما الآن في التفصي من اكراهات الواقع فالانقسام السياسي والحروب الأهلية و"الاصطفاف المجتمعي وعدم الاستقرار الذي أصاب المجتمع والدولة معا، كل هذه العوامل ألقت بظلالها على مجمل العمل الإعلامي، وهو عمل في نهاية المطاف يدور مع رأس المال والتوجه السياسي للممول"

والجدير بالذكر أخيرا، أن ليبيا تقبع في المرتبة 162 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة، من أصل 180 دولة. وبحسب منظمة "مراسلون بلا حدود"، فإن العمل الصحفي في ليبيا يصنف كأحد أخطر الأماكن في العالم. 

مبروكة خذير

الإعلام الليبي خذل المجتمع وأصبح أداة حرب في يد قادة المعارك في ليبيا..

كانوا رفقتي في رحلة الاستكشاف وسط مدينة طرابلس العاصمة الليبية. التقيتهم جميعا هنا في تونس ينهلون من معين التدريب وصقل مهاراتهم الصحافية لعلهم يطورون قليلا من أداء الصحافة في ليبيا.

اليوم وجدتهم هناك يستضيفونني بكل رحابة صدر، كانوا كما بلدهم ليبيا ينفضون عنهم ما علق بعملهم الصحافي من غبار الطريق نحو الاستقرار.

كنت برفقة عديد الزملاء الصحافيين، كانت إيمان بن عامر الصحافية العاملة في وكالة الغيمة ترافقني على امتداد ثلاثة أيام. طوال وجودي برفقتها كانت تتحدث وتناقش مع زملائها إمكانيات التنظيم في هيكل جديد يعدل محرار الإعلام الليبي ويضع حجر الأساس لمواثيق مهنية وأخلاقية في ظل غياب البوصلة. في ظل صوت الفوضى الإعلامية الذي مازال يطغى على صوت الحكمة...

في رحلتي إلى ليبيا كنت أود أن استكشف معهم وبهم مآل إعلام ليبي يرى فيه جلهم انه لم يكن إعلاما بل كانت مؤسسات إعلامية بمثابة دبابة حرب تدار من فوقها المعارك بين ميليشيات تريد كل واحدة منها ان تصنع لها ذراعا إعلامية تقود بها حربها ضد العدو الآخر.

حين نفضت ليبيا عن نفسها بعض الدمار كانت تريد أن تدخل أيضا مرحلة التقييم. كيف تعاملت وسائل الإعلام الليبية مع الحرب التي دارت رحاها في السنوات الأخيرة داخل كل المناطق؟ هل لعب الإعلام الليبي بمكوناته دور المحرار المعدل للمزاج المتشنج أم انه هو أيضا لعب دور الشيطان في إدارة الاشتباكات بما ساهم في زيادة التناحر؟ هل كان الإعلام الليبي منصة لإطلاق صواريخ القتل وخطاب الكراهية أم انه كان واعيا بمسؤوليته المجتمعية في تهدئة النفوس داخل منطقة تشتعل نيرانها بين قوى ليبية ودولية خلفت للمواطنين في ليبيا جرحا يحتاج وقتا ليتعالج؟

يكاد يجمع الجميع أن عمق الجرح في ليبيا ساهمت فيه وسائل إعلام ليبية اصطفت وانزاحت وعمقت الشرخ بين الليبيين.

بعض المؤسسات الإعلامية على حد تعبير الصحافي طارق الهوني أصبحت "ثكنات حربية وجبهات قتال".

 

ليس من السهل بأي شكل من الأشكال أن تكون صحافيا وسط معمعة الحروب، والأصعب أن تقود حربك الإعلامية وسط بلد مازالت تشريعاته في مجال حرية التعبير متخلفة وقديمة قدم الأنظمة الدكتاتورية. في بلد مثل ليبيا، تخلص من نظام قديم كان يمكن أن ينغمس خلال السنوات الأخيرة في ترتيب بيت إعلامه الداخلي. لكن ما إن سقط النظام حتى برزت معارك اتخذت فيها المدن الليبية منصة لتصفية حسابات دولية. انصرف الليبيون يبحثون عن الأمان في بلد متفجر، وانغمس الصحافيون يبحثون عن ركن آمن لتغطية الأحداث المتسارعة الدامية الخطيرة على حياتهم ونفسياتهم.

لم يكد الصحافي هناك يلتقط النفس لتخلصه من نظام يكبل الأصوات حتى جاءت آلة الحرب تحاول أن تكتم صوته أو أن تجعل من صوته امتدادا لأزيز دبابة الحرب وصواريخها المدمرة.

الهروب أو الاصطفاف..

دربت فيمن دربت في السنوات الأخيرة على أرض تونس صحافيين ليبيين هربوا من جحيم المعارك. كنت في كل مرة أتساءل: كيف يمكن أن نصقل مهارات الصحافي ونحن نجتثه من بيئته التي نشأ فيها ونأتي به هنا إلى تونس لندربه على مهارات العمل الصحفي وسط نزل فاخرة؟

اختارت المنظمات الدولية ألا تحرم الصحافي الليبي من برامج التدريب بعيدا عن بيئة موبوءة بالحروب والاقتتال. اختارت أن تستثمر في تطوير مهارات الأفراد بجلبهم إلى برامج تدريب في بلدان مجاورة أكثر أمانا واستقرارا.

توجه كنت استغربه وأدعو إلى القطع معه بقناعة ذاتية في أن الصحافي ابن بيئته وأن ندربه فيعني أن نعلمه في أرضه كيف يتعامل مع الوضع. وقد وقفت بنفسي على حجم الدمار هناك فقد تفهمت الوضع قليلا وأيقنت أن المدرب أو الصحافي لو عمل في تلك الأجواء لكان عرضة لأن يفقد حياته. والقاعدة في العمل الصحافي انه ما من خبر مهما تكن أهميته يستحق أن ندفع حياتنا مقابلا له...

وبالعودة إلى مسار الأحداث: انقسم الصحافيون إذا بين من هرب من جحيم الحرب يبحث عن الهدوء والأمان وآخرين اختاروا الاصطفاف وراء مؤسسات إعلامية تعمل دون ضوابط أخلاقية أو مهنية. كانوا يحاولون التموقع هنا أو هناك ليتحول جزء منهم لوقود لهذه الحرب إما لجهله بنواميس المهنة الصحافية أو عن وعي بذلك.

كنت ابحث وسط أحاديثي مع كل الزملاء الليبيين عن مكمن الداء في الإعلام الليبي. لاحظت مرارتهم وهم يقيمون الوضع وأملهم في أن يتغير الحال.

تحدثت إلى الصحافي طارق الهوني، ذاك الصحافي الليبي الذي يرى فيه زملاؤه أحد قامات المشهد الإعلامي. حاول الرجل أن يغير من الوضع قليلا انغمس في التأسيس لوكالة أخبار الغيمة، كان له في كل شبر من التراب الليبي صحافيين يغطون بأمانة الأحداث. دفع بعضهم ثمن الحياد هرسلة وتضييقا. 

سالت الصحافي طارق الهوني عن طريقة تعامل وسائل الإعلام الليبية مع الحرب الدائرة هناك منذ أعوام. لم ينكر الهوني حالة الاصطفاف التي يشهدها الإعلام في ليبيا الآن بين مؤيد للحرب ورافض لها. هو يدرك أن الإعلام بكافة أصنافه تحول "إلى إعلام خاص يدافع كلٌّ بطريقته عن طرفي النزاع، وهي حالة انزلاق أضرت بالمجتمع وأججت الوضع وجعلته أكثر خطورة فليس أخطر من أن تستغل الإعلام في إدارة الرأي العام نحو هذه الوجهة او تلك.."

بحسب شهادة الصحافي طارق الهوني فقد انتعش خطاب الكراهية في السنوات الأخيرة، واستعملت الوسائل الإعلامية منصات لبث خطاب العنف وحادت عن حيادها واستعملت مصطلحات تزيد من تأجيج الوضع ووصل الأمر إلى حدود الدعوة إلى محق مدن ومهاجمتها من قبل إعلاميين يتصدرون المنابر الإعلامية.

كانت هناك شيطنة وبروز للصوت الواحد وعدم التوازن في المنتج الإعلامي. كانت هناك جبهة صراع تدار في وسائل إعلام وباستغلال صحافيين يعملون خارج نواميس القانون وبعيدا عن أي التزامات. كانت هناك أخبار كاذبة ومضللة، الهدف منها إثارة الرأي العام في اتجاهات غير محمودة العواقب. كانت هناك إذا فوضى إعلامية إلى جانب الفوضى الميدانية.

كان هناك حل غائب. والحل اليوم بحسب تصريحات الصحافي طارق الهوني يكمن بالأساس في البحث عن تشريعات جديدة وبعث هياكل مهنية تراقب ووضع مواثيق تحريرية وأخلاقية داخل غرف الأخبار.

لقد ظل الإعلام الليبي خلال السنوات الأخيرة رهينة الحروب الأهلية التي أدخلت فيها قوى إقليمية ودولية. حروب أبعدت جزءا كبيرا من الصحافيين عن هدفهم في تأمين حرية التعبير وتحصينها من الخروقات القاتلة. أنقذ البعض نفسه من هذا الأتون فيما تحول جزء آخر إلى أداة لبث الفتنة وشيطنة الخصوم على أرض المعركة.

الصحافي طارق الهوني يوضح هنا في هذا الفيديو مكن الداء...

https://www.youtube.com/watch?v=F6II0SkZnL0

ولكن أيا تكن التحديات المطروحة اليوم على الإعلام الليبي فالأكيد انه يحتاج بشكل عاجل إلى دواء حتى لا يواصل الوقوع في فخ الاصطفاف من جديد وسط حقبة ستتغير فيها المطامح لكسب ود الطبقة السياسية الجديدة للصحافيين داخل مؤسساتهم.

دون أن ننسى أيضا أن بلوغ الموضوعية والحيادية مسالة طوباوية في مجملها، لكن المفيد أن يوجد في المرحلة الحالية إعلام ليبي متوازن بعض الشيء لتأمين المرحلة الانتقالية لانتخابات قادمة. 

ولكن وجب التذكير في هذا السياق أيضا أن الهنات المتراكمة في الإعلام الليبي لا تعني أن وسائل الإعلام المحلية الليبية وقعت كلها في فخ هذه التجاوزات، فهناك وسائل -وإن قلّ عددها- التزمت الحد الأدنى من المعايير الأخلاقية للمهنة. 

لكن التحدي مازال قائما الآن في التفصي من اكراهات الواقع فالانقسام السياسي والحروب الأهلية و"الاصطفاف المجتمعي وعدم الاستقرار الذي أصاب المجتمع والدولة معا، كل هذه العوامل ألقت بظلالها على مجمل العمل الإعلامي، وهو عمل في نهاية المطاف يدور مع رأس المال والتوجه السياسي للممول"

والجدير بالذكر أخيرا، أن ليبيا تقبع في المرتبة 162 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة، من أصل 180 دولة. وبحسب منظمة "مراسلون بلا حدود"، فإن العمل الصحفي في ليبيا يصنف كأحد أخطر الأماكن في العالم. 

مبروكة خذير

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews