إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في مناقشة ميزانية مهمة النقل لسنة 2026.. مطالبة بتحسين خدمات النقل والتوزيع العادل للحافلات

طالب العديد من أعضاء مجلس نواب الشعب وأعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم أمس خلال جلستهم العامة المشتركة بقصر باردو بحضور وزير النقل رشيد عامري، بالتوزيع العادل للحافلات الجديدة بين مختلف ولايات الجمهورية لضمان فك العزلة عن المناطق الداخلية. وعبروا عن انشغالهم بالوضعية الصعبة لمختلف شركات النقل العمومي مما أدى إلى تردي نوعية الخدمات المقدمة للمسافرين، وتحدثوا عن المعاناة اليومية التي يتكبدها التلاميذ والطلبة للالتحاق بمقاعد الدراسة وطالبوا بتحسين ظروف النقل المدرسي والجامعي وتأمين سفرات منتظمة. وأضافوا خلال نقاش مهمة النقل بمشروع ميزانية الدولة لسنة 2026 أن النقل يجب أن يكون قاطرة للتنمية في كامل ربوع البلاد وهو ما يقتضي حسب قول بعضهم مراعاة التقسيم الترابي الجديد للأقاليم عند برمجة مشاريع تهم قطاع النقل.

وتوجه النواب بعشرات المطالب الرامية إلى تدعيم خدمات النقل بجهاتهم واقترحوا بعث شركات نقل عمومي في العديد من الولايات ودعوا بالخصوص إلى إصلاح شركة الخطوط التونسية وتحسين خدماتها والتصدي لكل من يحاولون الإضرار بها بنية أن يتم التفويت فيها وهناك منهم من قال بعبارات قاطعة إن الشركات الوطنية للنقل خط أحمر ولا سبيل لخوصصتها. وشدد الكثير من النواب على ضرورة دعم النقل الحديدي وتحسين النقل عبر شبكات المترو الخفيف وزجر الاعتداءات على وسائل النقل. وللنهوض بالنقل البحري هناك من النواب من اقترح التسريع بإنشاء ميناء المياه العميقة في حين هناك من  نبه إلى ضرورة دعم الشركة التونسية للملاحة لأن باخرتي تانيت وقرطاج قد لا تستجيبان في المستقبل لحاجيات المسافرين بحرا. وأكد عدد من النواب على ضرورة حوكمة قطاع النقل ومقاومة الفساد فيه.  

وقبل الشروع في النقاش العام تمت تلاوة تقرير حول مهمة النقل لسنة 2026  وخلال تقديم لهذا التقرير قال رئيس لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية بمجلس نواب الشعب صابر الجلاصي إن النقل يجسد الدور الاجتماعي للدولة وهو أهم ركيزة اجتماعية من خلال فك العزلة عن المناطق والمواطن كما أنه رافعة للاقتصاد في كل أنحاء تونس من خلال الخدمات التي يقدمها في نقل البضائع وعلى مستوى الولوج لمواطن الشعل ولتحقيق التنمية المستدامة. وبين أن أغلب بلدان العالم انخرطت في منظومة النقل الذكي والانتقال الطاقي في وسائل النقل العمومي والخاص، أما في تونس فمازال النقل يعاني وذلك في ظل نقص الوسائل والمعدات اللوجستية وعلى مستوى جميع مؤشرات النقل الخاص سواء تعلق الأمر بنقل المواطنين أو البضائع بما أثر على جل المعاملات الاقتصادية والمطالب الاجتماعية للمواطن. ويرى رئيس اللجنة أنه يجب العمل على أن يكون قطاع النقل رافعة في كل المجالات وحافزا على التنمية المستدامة وداعما للنهوض بمؤشرات الاقتصاد الوطني وأن تكون مشاريعه  متناغمة مع المخطط التنموي من أجل فك العزلة ومحركا للاقتصاد.

أما رئيس لجنة المخططات التنموية والمشاريع الكبرى بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم محمد الكو فأشار إلى أن النقل في الاقتصاد الحديث هو النبض الحيوي للدولة والأداة التي تقيس فاعلية الحركة في المجتمع. وأضاف أنه رغم ما تم إنجازه في تونس إلى حد الآن فإنه عندما يتعطل النقل يتعطل معه الاقتصاد وتتعطل الدراسة وتتأخر المشاريع. وقال إن الفشل في توفير منظومة نقل سلمية هو عجز عن توفير أبسط حق دستوري للمواطن وهو حق التحرك بكرامة وحق الجهات الداخلية في فك العزلة. وبين رئيس اللجنة أن المطلوب هو تحويل النقل من مشكل إلى قاطرة للتنمية، ويجب أن يكون الهدف المنشود، فرض العدالة الترابية حتى لا يبقى النقل امتيازا للمدن الكبرى بل حق مكفول لكل تونسي أينما وجد في تراب الوطن، وتعاني الجهة بأكملها من أسطول متهالك غير قادر على تلبية الحد الأدنى من الحاجيات وذكر أن السيادة الوطنية لا تتحقق والإقلاع الاقتصادي لا يكتمل إلا بثورة في قطاع النقل وتساءل كيف يتم الحديث عن اقتصاد تنافسي في ظل العجز عن انجاز مشاريع مهيكلة كميناء النفيضة وعن تفعيل المطارات الداخلية وكيف يمكن تحقيق تكامل إقليمي في ظل التخبط من ضعف القدرات اللوجستية ولاحظ أن الشبكة الحديدية للبضائع مازالت غير قادرة على التخفيف من عبء الطرقات. وأكد الكو على ضرورة أن يكون النقل قاطرة التنمية والجسر الذي يربط مناطق الإنتاج بمنافذ التصدير من موانئ ومطارات ومعابر حدودية لتحقيق نقل مقبول يليق بكرامة المواطن التونسي. وطالب بالتوزيع العادل والشفاف للأسطول الجديد مع منح الأولوية المطلقة للشركات الجهوية من أجل إنهاء عزلة المناطق الداخلية، يجب أن تكون مشاريع النقل القادمة حسب قوله مصممة لخدمة إستراتيجية الأقاليم الخمسة التنموية لضمان أن كل إقليم يتمتع ببنية تحتية لوجستية متكاملة تخدم طاقاته الاقتصادية والإنتاجية الخاصة وتحقق له الاندماج الاقتصادي والاجتماعي المنشود.    

وقدرت ميزانية مهمة النقل لسنة 2026 المعروضة على أنظار الجلسة العامة بـ 1281,080 م.د تعهدا و1267,300 م.د دفعا مقابل 1063,928 م.د تعهدا و1076,470 م.د دفعا سنة 2025، أي بزيادة في إعتمادات الدفع بنسبة قدرها 17 فاصل 7 بالمائة..

توفير السواق

وخلال النقاش قال عضو مجلس نواب الشعب مراد الخزامي إن قطاع النقل يمثل محركا أساسيا للاقتصاد الوطني ويلعب دورا حيويا في ربط الجهات وتسهيل تنقل المواطنين،  ورغم ذلك فهو يواجه تحديات كثيرة تتمثل في تقادم الأسطول وتراجع جودة الخدمات وضعف الصيانة واختلال التوازنات المالية للمؤسسات العمومية. وذكر أنه مع نقاش مشروع الميزانية تبرز الحاجة لإصلاح عميق يرتكز على تحديث البنية التحتية وتحسين الحوكمة وتعصير الأسطول والانتقال نحو نقل عمومي مستدام يستجيب لحاجيات المواطنين والجهات. وتطرق النائب إلى صعوبات التي يواجهها المواطن في معتمدية فوشانة بولاية بن عروس في علاقة بالنقل وتساءل عن مدى تقدم انجاز مشروع الخط الحديدي السريع الذي سيربط العاصمة بالضاحية الجنوبية. وأضاف أنه تلقى عديد الشكاوى من المواطنين في فوشانة بسبب النقص الفادح في عدد السفرات وذكر انه عاين مستودع الحافلات بن عروس وفوجئ بوجود عدد كبير من الحافلات وفي المقابل فإن المشكل الحقيقي يتمثل في نقص عدد السواق وهو ما يقتضي وضع خطة عاجلة لتوفير الموارد البشرية اللازمة وضمان انتظام السفرات. واقترح النائب إحداث خط ينطلق من فوشانة في اتجاه العاصمة وتنتهي سفرة العودة في محطة بفوشانة وبهذه الكيفية يتم تحسين ظروف نقل متساكني هذه المعتمدية البالغ عددهم أكثر من مائة ألف ساكن.   وخلص النائب إلى أن تحسين قطاع النقل ليس مجرد مشروع تقني بل هو حق للمواطن في تنقل آمن ومريح وبكلفة عادلة وعبر عن أمله في الاستجابة إلى مطالب المواطنين.

معاناة التلاميذ 

وأشار النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم فهمي مبارك إلى أن وضعية النقل بصفاقس صعبة للغاية، فالمواطن يعاني يوميا في هذه الولاية الكبرى من خدمات النقل التي تكاد تكون غائبة في بير علي بن خليفة وطينة والصخيرة والغريبة وصفاقس الغربية ومنزل شاكر. وذكر أن وضعية النقل في صفاقس فيها تناقضات كبيرة، فعلى سبيل الذكر كان عدد سكان معتمدية طينة في السابق 35 ألف ساكن وكانت هناك 11 حافلة بمعدل 54 رحلة أما اليوم فهي تعد 100 ألف ساكن لكن عدد الحافلات تقلص إلى 6. وتحدث النائب عن معاناة التلاميذ من عدم توفر النقل وبين أنه في صورة عدم وجود حل يجب التنسيق مع وزارة التربية حتى يتم تغيير موعد دخول التلاميذ إلى العاشرة صباحا عوضا عن الساعة الثامنة وطالب من جديد بإرساء خدمة النقل الجماعي في صفاقس معتبرا أن هذا المقترح يعد من الحلول التي تساهم في حل مشكل النقل في هذه الجهة وأكد أن جميع المسؤولين ونواب صفاقس موافقون على مقترح إضافة خدمة التاكسي الجماعي.

وبخصوص رخص التاكسي الفردي في ولاية صفاقس بين النائب أنه سبق له أن نبه الوزير في جلسة عقدها المجلس الوطني للجهات والأقاليم في وقت سابق إلى أن الحصول عليها يتم بطرق ملتوية، وفي نفس اليوم تم وقتها نشر قائمة تتضمن 479 رخصة وتبين له أنه تم حرمان من يستحقون الرخصة مقابل منحها لغير مستحقيها وتقرر إعادة النظر في القائمة لكن إلى غاية اليوم لم يقع منح الرخص والحال أن العمال والتلاميذ لا يجدون وسائل للتنقل وطالب وزير النقل بفتح هذا الملف.  كما تطرق النائب إلى مشروع المترو الخفيف بصفاقس وقال إن هذا الملف أصبح ثقيلا للغاية فالأعوان يحصلون على أجور والمدير العام تقاعد لكن إلى حد الآن لا وجود لهذا المترو، ودعا الوزير إلى التحلي بالجرأة، فإذا كانت هناك استحالة في تنفيذ هذا المشروع فيجب مصارحة المواطنين بذلك حتى يتم التفكير في حلول أخرى. وذكر النائب أنه طالب سابقا بتحسين خدمات مطار طينة صفاقس وتوصل بإجابة من وزير النقل لكن الوضع لم يتغير. وخلص إلى أنه لا يحب المطلبية لأنه يدرك محدودية موارد الدولة لكنه أراد  إيصال صوت المواطن لأنه إذا لم يتمكن التلميذ من الوصول إلى المؤسسة التربوية في الموعد فهذا سيؤدي إلى تراجع ترتيب صفاقس في التحصيل المعرفي. واقترح الزيادة في عدد رحلات الحافلات لتغطية الأحياء خاصة تلك الكائنة بمعتمدية طيبة وتدعيم رحلات سيدي سالم من معتمدية طينة وسيدي عبيد  وتجديد أسطول الحافلات.

إسناد الرخص

وبين النائب عن المجلس الوطني للجهات والأقاليم عثمان الرياحي أنه ينتظر موعد استلام الحافلات الجديدة لتحسين أسطول النقل. واقترح إحكام توزيعها على المعتمديات وأن يتم ذلك بصفة عادلة خاصة المعتمديات التي ليست لديها خطوط داخل الولاية أو خارجها منذ عقود مثل قبلاط وغيرها من المعتمديات. ولاحظ أن النقل المدرسي يشهد اكتظاظا كبيرا في بعض الخطوط ودعا إلى توفير حافلات مزدوجة لتأمين وصول التلاميذ إلى مؤسساتهم التربوية سالمين وتجنب المشاكل واقترح على وزير النقل التنسيق مع وزارة التربية لمعرفة الخطوط التي تشهد اكتظاظا وتساءل عن سبب حذف خط قبلاط الذي يعود تاريخ إحداثه إلى سنة 1935 وذكر أنه بحذف هذا الخط تم حرمان متساكني هذه المنطقة من التنقل إلى العاصمة بيسر لأن حافلات الخطوط الأخرى لا تتوقف في قبلاط وإضافة إلى مطالبته بإرجاع هذا الخط اقترح التمديد في الخط 23 الذي تؤمنه الشركة الوطنية للنقل إلى قبلاط وتأمين سفرة صباحية وأخرى مسائية ودعا إلى الاستجابة على مطالب الراغبين في الحصول على رخص التاكسي و»اللواج».

نقل البضائع

وبين النائب عن المجلس الوطني للجهات والأقاليم محمد العياش الجامعي أن أسطول الفروع المحلية لشركة النقل بالقصرين فوسانة وحيدرة ترهل. وذكر أنه يعرف معاناة السواق فهم إضافة إلى سياقة الحافلات ويقومون ببيع التذاكر للمسافرين بأنفسهم، وأشار إلى صعوبات النقل المدرسي بالقصرين وذكر أنه يجب مراعاة موعد خروج المتكونين من مراكز التكوين المهني والسماح لهم بامتطاء حافلة منتصف النهار المخططة للتلاميذ وتجنبيهم بذلك معاناة انتظار حافلة المساء. وعبر النائب عن رغبته في تسوية وضعيات عمال في شركة النقل بالقصرين الذين تم انتدابهم في ما مضى عن طريق التعاقد ثم تم التخلي عنهم لأن وضعياتهم الاجتماعية صعبة. واقترح النائب تغيير الحافلة المتهترئة التي تم تخصيصها لنقل المسافرين بين فوسانة وصحراوي وتغيير موعد سفرة الحافلة المخصصة للنقل المدرسي بين عين الدفلة وحيدرة لأن التلاميذ يصلون إلى المؤسسات التربوية على الساعة السادسة والنصف صباحا. وطالب النائب بإطلاعه على برنامج انطلاق سفرات القطارات على الخط الحديدي عدد 6 والخط 11 خاصة على مستوى نقل البضائع لأن النقل الحديدي من شأنه أن يساهم في جلب الاستثمار للقصرين وعبر عن أمله في أن يتم القيام بدراسة حول مقترح تغيير موقع محطة القطارات بالقصرين.

خدمات التعاونية

وتساءل النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم قيس اللواتي عن الأسباب التي أدت إلى عدم تعيين مديرين عامين على رأس عدد من المؤسسات الراجعة بالنظر لوزارة النقل والاكتفاء بتعيين متصرفين مفوضين على هذه الشركات الوطنية والجهوية الكبرى وهي الشركة التونسية للملاحة وديوان الطيران المدني والمطارات والخطوط الجوية التونسية والشركات الجهوية للنقل ببنزرت وقابس وسليانة وغيرها ويرى أن اللجوء إلى تكليف متصرف مفوض يجب أن يكون حلا وقتيا لأن مهامه تقتصر على التسيير اليومي وتأمين الأعمال الإدارية وفي المقابل فإنه عند تعيين رئيس مدير عام فإن هذا الأخير يقوم بصيانة الخطط وقيادة مشاريع التطوير والإصلاح وهي مهام لا يمكن للمتصرف القيام بها وأبرز مثال على ذلك الشركة الجهوية للنقل ببنزرت التي كانت نموذجا، أما اليوم فهي تعاني من نقص في الحافلات والأعوان وقطع الغيار بما تسبب في إلغاء عدة خطوط حيوية. وطالب النائب بدعم هذه الشركة ببعض الحافلات خاصة نيابة راس الجبل. ولم يخف اللواتي استغرابه من توفير موظفين وإدارة تابعة للشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية ببنزرت فقط من أجل تأمين سفرة صباحية وأخرى مسائية. ولدى حديثه عن شركة «نقل تونس» بين النائب أنه بعد المجهودات التي قامت بها الدولة لتجديد الأسطول أصبح من الضروري توفير زي رسمي للأعوان لأن آخر مرة تمتعوا فيها بالزي كانت سنة 2015 ويرى أن حسن الهندام سيعكس صورة ايجابية للشركة ويسهل التواصل مع المواطن، وأشار إلى معاناة هذه الشركة من سوء خدمات التعاونية وقدم مثالا على ذلك عدم تقديمها لمنح لفائدة المغادرين إلى التقاعد، أما بخصوص الاتفاقية المبرمة بين وزارة النقل ووزارة الشؤون الاجتماعية وتفقدية الشغل منتصف شهر ماي فقد نصت حسب قوله في الفصل 15 على أن يتم التنفيذ على ثلاثة أقساط أولها في أكتوبر 2025 والثاني في أكتوبر 2026 والثالث في أكتوبر 2027 لكن هذا الاتفاق في قسطه الأول لم يقع تفعيله إلى حد الآن.

مطار مطماطة

وقال النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم صالح الهداجي إنه يشكر وزير النقل على الانجازات التي تمت في قابس بين العام الماضي وهذا العام لأنه في العام الماضي قام بمعية نواب قابس من الغرفتين بإطلاع الوزير على مشاكل قطاع النقل في هذه الجهة. وذكر أنه على مستوى النقل المدرسي هناك معتمديات تبعد 40 كلم عن مركز الولاية وأمام صعوبات النقل فإن التلاميذ لا يواظبون على الدراسة بصفة منتظمة وحتى عندما يذهبون إلى مؤسساتهم فعادة ما يصلون بصفة متأخرة وحتى العمل فإنهم يواجهون صعوبات بسبب عدم توفر وسائل النقل. وأضاف النائب أن وزارة النقل منحته بطاقة للتنقل بين مطماطة وتونس العاصمة لتسهيل مهامه النيابية لكن هذه البطاقة فاقدة للصلوحية على اعتبار عدم وجود حافلة وحتى القطار فإن سفراته غير منتظمة ويمكن للرحلة أن تدوم 10 أو 12 ساعة. وأضاف أن مطار مطماطة تقريبا خارج عن الخدمة إذ يتم من خلاله تنظيم رحلة سنوية وحيدة في موسم الحج رغم وجود ديوانة وشرطة ورغم إمكانية لعبه دورا حيويا لتنشيط السياحة في المنطقة خاصة السياحة الداخلية، وبين أنه بالنسبة إلى ميناء قابس فيجب فتح رصيف خاص بالحاويات لأن هذا الميناء له أهمية كبرى على مستوى المبادلات مع الجزائر. ودعا الهداجي إلى إرجاع الخط الحديدي المعطل منذ الثمانينات الذي يربط بين قابس ومدنين لأنه في ظل تقسيم تونس إلى أقاليم فهذا الخط ستكون له أهمية كبيرة في صورة تفعيله لكي يساهم في ربط ولايات الجنوب الشرقي بالعاصمة فضلا عن دوره الاقتصادي.

شركات جهوية جديدة

ويرى النائب رفيق الشنوفي أن قطاع النقل هو القاطرة الأولى للتطور الاقتصادي وأشار إلى مشكل النقل بين الفحص وزغوان فطوابير المسافرين في تمتد كل صباح على طول يزيد عن الكيلومتر ومعاناتهم تتكرر يوميا، وبين أن المواطنين استبشروا بتوفير حافلة لكن سرعان ما تم حذفها بعد ثلاثة أيام فقط وهو لا يعرف من الذي له مصلحة في إلغائها. ودعا إلى توفير حافلات لنقل المواطنين بصفة منتظمة بين الفحص وتونس العاصمة وإرجاع الخطوط الرابطة بين الفحص سوسة وبين الفحص ونابل وإحداث خط نقل مدرسي بين الزوابي والناظور وتساءل عن نصيب ولاية زغوان من مداخيل الشركة الجهوية للنقل بنابل، وعلى غرار العديد من النواب الذين طالبوا وزير النقل بإحداث شركات نقل عمومي لفائدة جهاتهم دعا الشنوفي بدوره إلى إحداث شركة جهوية للنقل بزغوان وأكد أن هذا المطلب هو مطلب شعبي تم تقديمه من قبل المجالس المحلية. وبين أنه لا بد من اتخاذ إجراءات استثنائية لفائدة قطاع النقل بزغوان عبر توفير حافلات جديدة.

وطالب النائب الحبيب الخودي بدوره بإحداث شركة جهوية للنقل بجهته سيدي بوزيد وبين أن هذه الولاية تعد نصف مليون ساكن، وهناك 73 بالمائة منهم يقطنون بالأرياف لكن المواطن فيها يعاني الأمرين عند التنقل داخل الولاية وحتى بين الولايات فالأسطول التابع للشركة الجهوية للنقل القوافل في حالة سيئة جدا ولا يفي بحاجات المواطنين. ولاحظ أن أغلب المؤسسات التربوية موجودة في الأرياف وأغلب الأرياف لها طابع فلاحي وفسر أن الوضعية سيئة جدا ويمكن اختزلها في حادث احتراق حافلة لنقل التلاميذ الأسبوع الماضي بمنزل بوزيان. وعبر النائب عن معاناة يومية من النقل يعيشها المواطن والتلميذ والعامل في المكناسي والمزونة ومنزل بوزيان والرقاب والسعيدة وجلمة والسبالة وبن عون بير الحفي والهيشرية وسوق الجديد وكل معتمديات سيدي بوزيد البالغ عددها 14 معتمدية فمصالحهم معطلة بشكل يومي لذلك يرى أن إحداث شركة جهوية للنقل أصبح ضرورة قصوى. ولاحظ أن معتمدية المزونة تعيش نفس الوضعية فأكثر من 80 بالمائة من سكانها بالأرياف والتلميذ يتنقل يوميا إلى مقاعد الدراسة في ظروف سيئة جدا، وهناك تلاميذ يقطعون 50 كلم ذهابا ومثلها إيابا. وذكر أنه تم توفير حافلة من الحجم الصغير لنقل تلاميذ مدرسة غدير ربايع منذ عام لكن لم يقع توفير سائق.

النقل العمومي المنتظم

وأشار النائب حمدي عمران إلى تردي وضعية النقل بولاية سوسة وتساءل هل أن إقالة الرئيس المدير لشركة النقل بالساحل وهل أن الزيارة التي أداها وزير النقل لشركة النقل بالساحل حلت المشكل، مذكرا بأن هناك 40 معتمدية في الساحل. وذكر أنه على ما يبدو فإن وزارة النقل لم تقدر حجم المشكل الموجود في هذه الشركة. وطالب عمران بضمان حق جهات الساحل في النقل العمومي المنتظم وفي البنية التحتية التي تحترم المواطنين وحقه في أسطول ليس من «الخردة».. وقارن النائب بين وضعية شركة نقل تونس وشركة النقل بالساحل وتساءل بدوره عن سبب عدم تعيين مديرين عامين على العديد من الشركات والاكتفاء بتكليف متصرفين مفوضين . و حمل الوزير مسؤولية موت التلميذ عمر المؤدب من سيدي بوعلي الذي توفي جراء سقوطه من حافلة كانت موضوع تقرير مقدم من قبل الإدارة الفنية وأشار هذا التقرير إلى أن  الحافلة تمثل خطرا على التلاميذ والطلبة ورغم ذلك تواصل استغلالها.  

 مشاكل هيكلية            

رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة أشار خلال افتتاح الجلسة العامة المشتركة مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم للنظر في مهمة النقل بمشروع ميزانية الدولة لسنة 2026 إلى أن النظر في هذه المهمة مناسبة لتجديد التأكيد على أن هذا القطاع الحيوي والحساس يواجه تحديات متزايدة ألقت بظلالها على ظروف عيش المواطن اليومية، وعلى أسباب معاناته، على المستوى الفردي، أما على المستوى الجماعي فقد أثر الوضع الراهن لهذا القطاع الخدماتي سلبيا على مقومات التنمية. وذكر أنه في هذا الإطار فهو ينوه بالمتابعة الدائمة وبالحرص الرئاسي الدؤوب على تجاوز مختلف العراقيل الماثلة وهذا الإدراك بخطورة الوضع والثبات والعزم على معالجته يجب أن يرفق من طرف الوزارة والمؤسسات تحت الإشراف ببرامج عاجلة وأخرى على المدى المتوسط لحلحلة أبرز المشاكل المطروحة وتوفير الحد الأدنى للخدمات التي ينتظرها المواطن والفاعلين الاقتصاديين على حد السواء، وأضاف رئيس المجلس إلى أن الشروع في إصلاح قطاع النقل لا ينتظر وهو يتطلب رؤية إستراتيجية شاملة لإعادة بناء منظومة منهكة جراء الإهمال وجراء السياسات الفاشلة خلال العقود الماضية، وهي حسب وصفه سياسات خلفت العديد من المشاكل الهيكلية على عدة مستويات منها على وجه الخصوص تهالك الأسطول البري والجوي والبحري، وهو ما أدى إلى تراجع جودة الخدمات وتأخر السفرات وزيادة التذمر والشكاوى.  وقال بودربالة إنه إضافة إلى المشاكل الهيكلية فإن القطاع بات يتأثر بالنقائص المسجلة على مستوى البنية التحتية من محطات النقل وشبكات الطرقات سواء بسبب نقص في الصيانة أو في التطوير والإحداثات الجديدة فضلا عن التأثيرات الناجمة عن إكراهات التمويل وضعف الحوكمة في المنشآت العمومية وعدم وجود رؤية واضحة للتخطيط والبرمجة على المستوى البعيد، تخطيط يأخذ بعين الاعتبار العديد من العوامل وفي مقدمتها التطور السكاني أو النمو الحضري المتسارع مما جعل قطاع النقل غير قادر على مواكبة الاحتياجات المتزايدة والمتغيرة. كما أن الفساد قد طال هذا القطع حسب قوله وشمل سوء التصرف المالي والإداري الذي استنزف موارد الشركات العمومية من جهة ومن جهة أخرى سلوكيات غير مسؤولة مثل السرقات والإتلاف. وخلص إلى أن إصلاح قطاع النقل في تونس من مختلف الجوانب التنظيمية واللوجستية والمؤسساتية والتشريعية ليس خيارا بل ضرورة بما يجعل من واجب جميع الأطراف المعنية توحيد الجهد وتوجيهه من أجل إرساء ركائز هذا الإصلاح ومن أجل تطوير القطاع والنهوض به استجابة إلى آمال التونسيات والتونسيين وتطلعاتهم وليكون بالفعل رافعة للنمو الاقتصادي والاجتماعي المنشودين.

توفر الإرادة السياسية

أما عماد الدربالي رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم فأشار إلى أن قطاع النقل يمثل أحد أعمدة الاقتصاد الوطني وشريانا أساسا للحياة الاجتماعية في تونس، وأضاف أن النقل هو رافعة للتنمية ولترسيخ العدالة بين الجهات وضمان تكافؤ الفرص في التعليم والعمل والخدمات الأساسية، وذكر أنه لا يمكن التغافل عما عرفه هذا القطاع من تدهور هيكلي عبر سنوات تجلى في تقادم الأسطول وضعف البنية التحتية وتردي الخدمات خاصة في المناطق الداخلية التي مازالت تعاني من نقص كبير في وسائل النقل، وغياب البدائل. ويرى رئيس المجلس أن هذا الوضع هو نتيجة تراكمات ثقيلة خلفتها ممارسات غير مسؤولية وصفقات مشبوهة مست من جودة الأسطول، وأرهقت المرفق العمومي. ولاحظ أنه رغم ذلك فمن واجبه الإشادة بما تحقق في الآونة الأخيرة من خطوات إصلاحية ملموسة أسهمت في تحسين انتظام بعض الخطوط وتطوير آليات الصيانة وبرمجة تدخلات عاجلة لمعالجة النقائص فضلا عن إطلاق مسار تجديد الأسطول وخلص إلى أن هذه الجهود تعبر عن إرادة سياسية جادة في إعادة الاعتبار لهذا القطاع ووضعه على سكة النجاعة المطلوبة. وأشار الدربالي إلى أنهم في المجلس الوطني للجهات والأقاليم يؤكدون دعمهم الثابت للمسار الإصلاحي الذي يقوده رئيس الجمهورية إدراكا منهم بأن معركة التحرر والبناء تتطلب الوقوف صفا واحدا ضد كل محاولات التفريط في مؤسسات القطاع أو المساس بدوره العمومي، وبين أن المحافظة على هذه المؤسسات ليست خيارا إداريا فحسب بل هي أيضا التزام وطني ومسؤولية تجاه الوطن والدولة. وثمن رئيس المجلس النيابي الجهود التي يبذلها أعوان وزارة النقل وإطاراتها لضمان استمرارية المرفق العمومي رغم الظروف الصعبة وهو جهد يستحق حسب قوله كامل الاحترام والتقدير، وأضاف أنه باعتبار أهمية تكريس اللامركزية فهو يجدد الدعوة إلى إحداث إدارات جهوية للنقل قادرة على الاستجابة الفورية لحاجيات الشعب وخاصة الطلبة والتلاميذ الذين يعانون يوميا من صعوبات التنقل وغياب الخدمات الملائمة، وذكر أن ضمان حق هؤلاء في التنقل الآمن هو جزء أساسي من العدالة الاجتماعية. وعبر عن استعداد المجلس لمواصلة العمل المشترك من أجل دعم مسار الإصلاح والبناء أملا في تونس جديدة تليق بتضحيات شعبها وآماله المشروعة. 

سعيدة بوهلال

في مناقشة ميزانية مهمة النقل لسنة 2026..   مطالبة بتحسين خدمات النقل والتوزيع العادل للحافلات

طالب العديد من أعضاء مجلس نواب الشعب وأعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم أمس خلال جلستهم العامة المشتركة بقصر باردو بحضور وزير النقل رشيد عامري، بالتوزيع العادل للحافلات الجديدة بين مختلف ولايات الجمهورية لضمان فك العزلة عن المناطق الداخلية. وعبروا عن انشغالهم بالوضعية الصعبة لمختلف شركات النقل العمومي مما أدى إلى تردي نوعية الخدمات المقدمة للمسافرين، وتحدثوا عن المعاناة اليومية التي يتكبدها التلاميذ والطلبة للالتحاق بمقاعد الدراسة وطالبوا بتحسين ظروف النقل المدرسي والجامعي وتأمين سفرات منتظمة. وأضافوا خلال نقاش مهمة النقل بمشروع ميزانية الدولة لسنة 2026 أن النقل يجب أن يكون قاطرة للتنمية في كامل ربوع البلاد وهو ما يقتضي حسب قول بعضهم مراعاة التقسيم الترابي الجديد للأقاليم عند برمجة مشاريع تهم قطاع النقل.

وتوجه النواب بعشرات المطالب الرامية إلى تدعيم خدمات النقل بجهاتهم واقترحوا بعث شركات نقل عمومي في العديد من الولايات ودعوا بالخصوص إلى إصلاح شركة الخطوط التونسية وتحسين خدماتها والتصدي لكل من يحاولون الإضرار بها بنية أن يتم التفويت فيها وهناك منهم من قال بعبارات قاطعة إن الشركات الوطنية للنقل خط أحمر ولا سبيل لخوصصتها. وشدد الكثير من النواب على ضرورة دعم النقل الحديدي وتحسين النقل عبر شبكات المترو الخفيف وزجر الاعتداءات على وسائل النقل. وللنهوض بالنقل البحري هناك من النواب من اقترح التسريع بإنشاء ميناء المياه العميقة في حين هناك من  نبه إلى ضرورة دعم الشركة التونسية للملاحة لأن باخرتي تانيت وقرطاج قد لا تستجيبان في المستقبل لحاجيات المسافرين بحرا. وأكد عدد من النواب على ضرورة حوكمة قطاع النقل ومقاومة الفساد فيه.  

وقبل الشروع في النقاش العام تمت تلاوة تقرير حول مهمة النقل لسنة 2026  وخلال تقديم لهذا التقرير قال رئيس لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية بمجلس نواب الشعب صابر الجلاصي إن النقل يجسد الدور الاجتماعي للدولة وهو أهم ركيزة اجتماعية من خلال فك العزلة عن المناطق والمواطن كما أنه رافعة للاقتصاد في كل أنحاء تونس من خلال الخدمات التي يقدمها في نقل البضائع وعلى مستوى الولوج لمواطن الشعل ولتحقيق التنمية المستدامة. وبين أن أغلب بلدان العالم انخرطت في منظومة النقل الذكي والانتقال الطاقي في وسائل النقل العمومي والخاص، أما في تونس فمازال النقل يعاني وذلك في ظل نقص الوسائل والمعدات اللوجستية وعلى مستوى جميع مؤشرات النقل الخاص سواء تعلق الأمر بنقل المواطنين أو البضائع بما أثر على جل المعاملات الاقتصادية والمطالب الاجتماعية للمواطن. ويرى رئيس اللجنة أنه يجب العمل على أن يكون قطاع النقل رافعة في كل المجالات وحافزا على التنمية المستدامة وداعما للنهوض بمؤشرات الاقتصاد الوطني وأن تكون مشاريعه  متناغمة مع المخطط التنموي من أجل فك العزلة ومحركا للاقتصاد.

أما رئيس لجنة المخططات التنموية والمشاريع الكبرى بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم محمد الكو فأشار إلى أن النقل في الاقتصاد الحديث هو النبض الحيوي للدولة والأداة التي تقيس فاعلية الحركة في المجتمع. وأضاف أنه رغم ما تم إنجازه في تونس إلى حد الآن فإنه عندما يتعطل النقل يتعطل معه الاقتصاد وتتعطل الدراسة وتتأخر المشاريع. وقال إن الفشل في توفير منظومة نقل سلمية هو عجز عن توفير أبسط حق دستوري للمواطن وهو حق التحرك بكرامة وحق الجهات الداخلية في فك العزلة. وبين رئيس اللجنة أن المطلوب هو تحويل النقل من مشكل إلى قاطرة للتنمية، ويجب أن يكون الهدف المنشود، فرض العدالة الترابية حتى لا يبقى النقل امتيازا للمدن الكبرى بل حق مكفول لكل تونسي أينما وجد في تراب الوطن، وتعاني الجهة بأكملها من أسطول متهالك غير قادر على تلبية الحد الأدنى من الحاجيات وذكر أن السيادة الوطنية لا تتحقق والإقلاع الاقتصادي لا يكتمل إلا بثورة في قطاع النقل وتساءل كيف يتم الحديث عن اقتصاد تنافسي في ظل العجز عن انجاز مشاريع مهيكلة كميناء النفيضة وعن تفعيل المطارات الداخلية وكيف يمكن تحقيق تكامل إقليمي في ظل التخبط من ضعف القدرات اللوجستية ولاحظ أن الشبكة الحديدية للبضائع مازالت غير قادرة على التخفيف من عبء الطرقات. وأكد الكو على ضرورة أن يكون النقل قاطرة التنمية والجسر الذي يربط مناطق الإنتاج بمنافذ التصدير من موانئ ومطارات ومعابر حدودية لتحقيق نقل مقبول يليق بكرامة المواطن التونسي. وطالب بالتوزيع العادل والشفاف للأسطول الجديد مع منح الأولوية المطلقة للشركات الجهوية من أجل إنهاء عزلة المناطق الداخلية، يجب أن تكون مشاريع النقل القادمة حسب قوله مصممة لخدمة إستراتيجية الأقاليم الخمسة التنموية لضمان أن كل إقليم يتمتع ببنية تحتية لوجستية متكاملة تخدم طاقاته الاقتصادية والإنتاجية الخاصة وتحقق له الاندماج الاقتصادي والاجتماعي المنشود.    

وقدرت ميزانية مهمة النقل لسنة 2026 المعروضة على أنظار الجلسة العامة بـ 1281,080 م.د تعهدا و1267,300 م.د دفعا مقابل 1063,928 م.د تعهدا و1076,470 م.د دفعا سنة 2025، أي بزيادة في إعتمادات الدفع بنسبة قدرها 17 فاصل 7 بالمائة..

توفير السواق

وخلال النقاش قال عضو مجلس نواب الشعب مراد الخزامي إن قطاع النقل يمثل محركا أساسيا للاقتصاد الوطني ويلعب دورا حيويا في ربط الجهات وتسهيل تنقل المواطنين،  ورغم ذلك فهو يواجه تحديات كثيرة تتمثل في تقادم الأسطول وتراجع جودة الخدمات وضعف الصيانة واختلال التوازنات المالية للمؤسسات العمومية. وذكر أنه مع نقاش مشروع الميزانية تبرز الحاجة لإصلاح عميق يرتكز على تحديث البنية التحتية وتحسين الحوكمة وتعصير الأسطول والانتقال نحو نقل عمومي مستدام يستجيب لحاجيات المواطنين والجهات. وتطرق النائب إلى صعوبات التي يواجهها المواطن في معتمدية فوشانة بولاية بن عروس في علاقة بالنقل وتساءل عن مدى تقدم انجاز مشروع الخط الحديدي السريع الذي سيربط العاصمة بالضاحية الجنوبية. وأضاف أنه تلقى عديد الشكاوى من المواطنين في فوشانة بسبب النقص الفادح في عدد السفرات وذكر انه عاين مستودع الحافلات بن عروس وفوجئ بوجود عدد كبير من الحافلات وفي المقابل فإن المشكل الحقيقي يتمثل في نقص عدد السواق وهو ما يقتضي وضع خطة عاجلة لتوفير الموارد البشرية اللازمة وضمان انتظام السفرات. واقترح النائب إحداث خط ينطلق من فوشانة في اتجاه العاصمة وتنتهي سفرة العودة في محطة بفوشانة وبهذه الكيفية يتم تحسين ظروف نقل متساكني هذه المعتمدية البالغ عددهم أكثر من مائة ألف ساكن.   وخلص النائب إلى أن تحسين قطاع النقل ليس مجرد مشروع تقني بل هو حق للمواطن في تنقل آمن ومريح وبكلفة عادلة وعبر عن أمله في الاستجابة إلى مطالب المواطنين.

معاناة التلاميذ 

وأشار النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم فهمي مبارك إلى أن وضعية النقل بصفاقس صعبة للغاية، فالمواطن يعاني يوميا في هذه الولاية الكبرى من خدمات النقل التي تكاد تكون غائبة في بير علي بن خليفة وطينة والصخيرة والغريبة وصفاقس الغربية ومنزل شاكر. وذكر أن وضعية النقل في صفاقس فيها تناقضات كبيرة، فعلى سبيل الذكر كان عدد سكان معتمدية طينة في السابق 35 ألف ساكن وكانت هناك 11 حافلة بمعدل 54 رحلة أما اليوم فهي تعد 100 ألف ساكن لكن عدد الحافلات تقلص إلى 6. وتحدث النائب عن معاناة التلاميذ من عدم توفر النقل وبين أنه في صورة عدم وجود حل يجب التنسيق مع وزارة التربية حتى يتم تغيير موعد دخول التلاميذ إلى العاشرة صباحا عوضا عن الساعة الثامنة وطالب من جديد بإرساء خدمة النقل الجماعي في صفاقس معتبرا أن هذا المقترح يعد من الحلول التي تساهم في حل مشكل النقل في هذه الجهة وأكد أن جميع المسؤولين ونواب صفاقس موافقون على مقترح إضافة خدمة التاكسي الجماعي.

وبخصوص رخص التاكسي الفردي في ولاية صفاقس بين النائب أنه سبق له أن نبه الوزير في جلسة عقدها المجلس الوطني للجهات والأقاليم في وقت سابق إلى أن الحصول عليها يتم بطرق ملتوية، وفي نفس اليوم تم وقتها نشر قائمة تتضمن 479 رخصة وتبين له أنه تم حرمان من يستحقون الرخصة مقابل منحها لغير مستحقيها وتقرر إعادة النظر في القائمة لكن إلى غاية اليوم لم يقع منح الرخص والحال أن العمال والتلاميذ لا يجدون وسائل للتنقل وطالب وزير النقل بفتح هذا الملف.  كما تطرق النائب إلى مشروع المترو الخفيف بصفاقس وقال إن هذا الملف أصبح ثقيلا للغاية فالأعوان يحصلون على أجور والمدير العام تقاعد لكن إلى حد الآن لا وجود لهذا المترو، ودعا الوزير إلى التحلي بالجرأة، فإذا كانت هناك استحالة في تنفيذ هذا المشروع فيجب مصارحة المواطنين بذلك حتى يتم التفكير في حلول أخرى. وذكر النائب أنه طالب سابقا بتحسين خدمات مطار طينة صفاقس وتوصل بإجابة من وزير النقل لكن الوضع لم يتغير. وخلص إلى أنه لا يحب المطلبية لأنه يدرك محدودية موارد الدولة لكنه أراد  إيصال صوت المواطن لأنه إذا لم يتمكن التلميذ من الوصول إلى المؤسسة التربوية في الموعد فهذا سيؤدي إلى تراجع ترتيب صفاقس في التحصيل المعرفي. واقترح الزيادة في عدد رحلات الحافلات لتغطية الأحياء خاصة تلك الكائنة بمعتمدية طيبة وتدعيم رحلات سيدي سالم من معتمدية طينة وسيدي عبيد  وتجديد أسطول الحافلات.

إسناد الرخص

وبين النائب عن المجلس الوطني للجهات والأقاليم عثمان الرياحي أنه ينتظر موعد استلام الحافلات الجديدة لتحسين أسطول النقل. واقترح إحكام توزيعها على المعتمديات وأن يتم ذلك بصفة عادلة خاصة المعتمديات التي ليست لديها خطوط داخل الولاية أو خارجها منذ عقود مثل قبلاط وغيرها من المعتمديات. ولاحظ أن النقل المدرسي يشهد اكتظاظا كبيرا في بعض الخطوط ودعا إلى توفير حافلات مزدوجة لتأمين وصول التلاميذ إلى مؤسساتهم التربوية سالمين وتجنب المشاكل واقترح على وزير النقل التنسيق مع وزارة التربية لمعرفة الخطوط التي تشهد اكتظاظا وتساءل عن سبب حذف خط قبلاط الذي يعود تاريخ إحداثه إلى سنة 1935 وذكر أنه بحذف هذا الخط تم حرمان متساكني هذه المنطقة من التنقل إلى العاصمة بيسر لأن حافلات الخطوط الأخرى لا تتوقف في قبلاط وإضافة إلى مطالبته بإرجاع هذا الخط اقترح التمديد في الخط 23 الذي تؤمنه الشركة الوطنية للنقل إلى قبلاط وتأمين سفرة صباحية وأخرى مسائية ودعا إلى الاستجابة على مطالب الراغبين في الحصول على رخص التاكسي و»اللواج».

نقل البضائع

وبين النائب عن المجلس الوطني للجهات والأقاليم محمد العياش الجامعي أن أسطول الفروع المحلية لشركة النقل بالقصرين فوسانة وحيدرة ترهل. وذكر أنه يعرف معاناة السواق فهم إضافة إلى سياقة الحافلات ويقومون ببيع التذاكر للمسافرين بأنفسهم، وأشار إلى صعوبات النقل المدرسي بالقصرين وذكر أنه يجب مراعاة موعد خروج المتكونين من مراكز التكوين المهني والسماح لهم بامتطاء حافلة منتصف النهار المخططة للتلاميذ وتجنبيهم بذلك معاناة انتظار حافلة المساء. وعبر النائب عن رغبته في تسوية وضعيات عمال في شركة النقل بالقصرين الذين تم انتدابهم في ما مضى عن طريق التعاقد ثم تم التخلي عنهم لأن وضعياتهم الاجتماعية صعبة. واقترح النائب تغيير الحافلة المتهترئة التي تم تخصيصها لنقل المسافرين بين فوسانة وصحراوي وتغيير موعد سفرة الحافلة المخصصة للنقل المدرسي بين عين الدفلة وحيدرة لأن التلاميذ يصلون إلى المؤسسات التربوية على الساعة السادسة والنصف صباحا. وطالب النائب بإطلاعه على برنامج انطلاق سفرات القطارات على الخط الحديدي عدد 6 والخط 11 خاصة على مستوى نقل البضائع لأن النقل الحديدي من شأنه أن يساهم في جلب الاستثمار للقصرين وعبر عن أمله في أن يتم القيام بدراسة حول مقترح تغيير موقع محطة القطارات بالقصرين.

خدمات التعاونية

وتساءل النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم قيس اللواتي عن الأسباب التي أدت إلى عدم تعيين مديرين عامين على رأس عدد من المؤسسات الراجعة بالنظر لوزارة النقل والاكتفاء بتعيين متصرفين مفوضين على هذه الشركات الوطنية والجهوية الكبرى وهي الشركة التونسية للملاحة وديوان الطيران المدني والمطارات والخطوط الجوية التونسية والشركات الجهوية للنقل ببنزرت وقابس وسليانة وغيرها ويرى أن اللجوء إلى تكليف متصرف مفوض يجب أن يكون حلا وقتيا لأن مهامه تقتصر على التسيير اليومي وتأمين الأعمال الإدارية وفي المقابل فإنه عند تعيين رئيس مدير عام فإن هذا الأخير يقوم بصيانة الخطط وقيادة مشاريع التطوير والإصلاح وهي مهام لا يمكن للمتصرف القيام بها وأبرز مثال على ذلك الشركة الجهوية للنقل ببنزرت التي كانت نموذجا، أما اليوم فهي تعاني من نقص في الحافلات والأعوان وقطع الغيار بما تسبب في إلغاء عدة خطوط حيوية. وطالب النائب بدعم هذه الشركة ببعض الحافلات خاصة نيابة راس الجبل. ولم يخف اللواتي استغرابه من توفير موظفين وإدارة تابعة للشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية ببنزرت فقط من أجل تأمين سفرة صباحية وأخرى مسائية. ولدى حديثه عن شركة «نقل تونس» بين النائب أنه بعد المجهودات التي قامت بها الدولة لتجديد الأسطول أصبح من الضروري توفير زي رسمي للأعوان لأن آخر مرة تمتعوا فيها بالزي كانت سنة 2015 ويرى أن حسن الهندام سيعكس صورة ايجابية للشركة ويسهل التواصل مع المواطن، وأشار إلى معاناة هذه الشركة من سوء خدمات التعاونية وقدم مثالا على ذلك عدم تقديمها لمنح لفائدة المغادرين إلى التقاعد، أما بخصوص الاتفاقية المبرمة بين وزارة النقل ووزارة الشؤون الاجتماعية وتفقدية الشغل منتصف شهر ماي فقد نصت حسب قوله في الفصل 15 على أن يتم التنفيذ على ثلاثة أقساط أولها في أكتوبر 2025 والثاني في أكتوبر 2026 والثالث في أكتوبر 2027 لكن هذا الاتفاق في قسطه الأول لم يقع تفعيله إلى حد الآن.

مطار مطماطة

وقال النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم صالح الهداجي إنه يشكر وزير النقل على الانجازات التي تمت في قابس بين العام الماضي وهذا العام لأنه في العام الماضي قام بمعية نواب قابس من الغرفتين بإطلاع الوزير على مشاكل قطاع النقل في هذه الجهة. وذكر أنه على مستوى النقل المدرسي هناك معتمديات تبعد 40 كلم عن مركز الولاية وأمام صعوبات النقل فإن التلاميذ لا يواظبون على الدراسة بصفة منتظمة وحتى عندما يذهبون إلى مؤسساتهم فعادة ما يصلون بصفة متأخرة وحتى العمل فإنهم يواجهون صعوبات بسبب عدم توفر وسائل النقل. وأضاف النائب أن وزارة النقل منحته بطاقة للتنقل بين مطماطة وتونس العاصمة لتسهيل مهامه النيابية لكن هذه البطاقة فاقدة للصلوحية على اعتبار عدم وجود حافلة وحتى القطار فإن سفراته غير منتظمة ويمكن للرحلة أن تدوم 10 أو 12 ساعة. وأضاف أن مطار مطماطة تقريبا خارج عن الخدمة إذ يتم من خلاله تنظيم رحلة سنوية وحيدة في موسم الحج رغم وجود ديوانة وشرطة ورغم إمكانية لعبه دورا حيويا لتنشيط السياحة في المنطقة خاصة السياحة الداخلية، وبين أنه بالنسبة إلى ميناء قابس فيجب فتح رصيف خاص بالحاويات لأن هذا الميناء له أهمية كبرى على مستوى المبادلات مع الجزائر. ودعا الهداجي إلى إرجاع الخط الحديدي المعطل منذ الثمانينات الذي يربط بين قابس ومدنين لأنه في ظل تقسيم تونس إلى أقاليم فهذا الخط ستكون له أهمية كبيرة في صورة تفعيله لكي يساهم في ربط ولايات الجنوب الشرقي بالعاصمة فضلا عن دوره الاقتصادي.

شركات جهوية جديدة

ويرى النائب رفيق الشنوفي أن قطاع النقل هو القاطرة الأولى للتطور الاقتصادي وأشار إلى مشكل النقل بين الفحص وزغوان فطوابير المسافرين في تمتد كل صباح على طول يزيد عن الكيلومتر ومعاناتهم تتكرر يوميا، وبين أن المواطنين استبشروا بتوفير حافلة لكن سرعان ما تم حذفها بعد ثلاثة أيام فقط وهو لا يعرف من الذي له مصلحة في إلغائها. ودعا إلى توفير حافلات لنقل المواطنين بصفة منتظمة بين الفحص وتونس العاصمة وإرجاع الخطوط الرابطة بين الفحص سوسة وبين الفحص ونابل وإحداث خط نقل مدرسي بين الزوابي والناظور وتساءل عن نصيب ولاية زغوان من مداخيل الشركة الجهوية للنقل بنابل، وعلى غرار العديد من النواب الذين طالبوا وزير النقل بإحداث شركات نقل عمومي لفائدة جهاتهم دعا الشنوفي بدوره إلى إحداث شركة جهوية للنقل بزغوان وأكد أن هذا المطلب هو مطلب شعبي تم تقديمه من قبل المجالس المحلية. وبين أنه لا بد من اتخاذ إجراءات استثنائية لفائدة قطاع النقل بزغوان عبر توفير حافلات جديدة.

وطالب النائب الحبيب الخودي بدوره بإحداث شركة جهوية للنقل بجهته سيدي بوزيد وبين أن هذه الولاية تعد نصف مليون ساكن، وهناك 73 بالمائة منهم يقطنون بالأرياف لكن المواطن فيها يعاني الأمرين عند التنقل داخل الولاية وحتى بين الولايات فالأسطول التابع للشركة الجهوية للنقل القوافل في حالة سيئة جدا ولا يفي بحاجات المواطنين. ولاحظ أن أغلب المؤسسات التربوية موجودة في الأرياف وأغلب الأرياف لها طابع فلاحي وفسر أن الوضعية سيئة جدا ويمكن اختزلها في حادث احتراق حافلة لنقل التلاميذ الأسبوع الماضي بمنزل بوزيان. وعبر النائب عن معاناة يومية من النقل يعيشها المواطن والتلميذ والعامل في المكناسي والمزونة ومنزل بوزيان والرقاب والسعيدة وجلمة والسبالة وبن عون بير الحفي والهيشرية وسوق الجديد وكل معتمديات سيدي بوزيد البالغ عددها 14 معتمدية فمصالحهم معطلة بشكل يومي لذلك يرى أن إحداث شركة جهوية للنقل أصبح ضرورة قصوى. ولاحظ أن معتمدية المزونة تعيش نفس الوضعية فأكثر من 80 بالمائة من سكانها بالأرياف والتلميذ يتنقل يوميا إلى مقاعد الدراسة في ظروف سيئة جدا، وهناك تلاميذ يقطعون 50 كلم ذهابا ومثلها إيابا. وذكر أنه تم توفير حافلة من الحجم الصغير لنقل تلاميذ مدرسة غدير ربايع منذ عام لكن لم يقع توفير سائق.

النقل العمومي المنتظم

وأشار النائب حمدي عمران إلى تردي وضعية النقل بولاية سوسة وتساءل هل أن إقالة الرئيس المدير لشركة النقل بالساحل وهل أن الزيارة التي أداها وزير النقل لشركة النقل بالساحل حلت المشكل، مذكرا بأن هناك 40 معتمدية في الساحل. وذكر أنه على ما يبدو فإن وزارة النقل لم تقدر حجم المشكل الموجود في هذه الشركة. وطالب عمران بضمان حق جهات الساحل في النقل العمومي المنتظم وفي البنية التحتية التي تحترم المواطنين وحقه في أسطول ليس من «الخردة».. وقارن النائب بين وضعية شركة نقل تونس وشركة النقل بالساحل وتساءل بدوره عن سبب عدم تعيين مديرين عامين على العديد من الشركات والاكتفاء بتكليف متصرفين مفوضين . و حمل الوزير مسؤولية موت التلميذ عمر المؤدب من سيدي بوعلي الذي توفي جراء سقوطه من حافلة كانت موضوع تقرير مقدم من قبل الإدارة الفنية وأشار هذا التقرير إلى أن  الحافلة تمثل خطرا على التلاميذ والطلبة ورغم ذلك تواصل استغلالها.  

 مشاكل هيكلية            

رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة أشار خلال افتتاح الجلسة العامة المشتركة مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم للنظر في مهمة النقل بمشروع ميزانية الدولة لسنة 2026 إلى أن النظر في هذه المهمة مناسبة لتجديد التأكيد على أن هذا القطاع الحيوي والحساس يواجه تحديات متزايدة ألقت بظلالها على ظروف عيش المواطن اليومية، وعلى أسباب معاناته، على المستوى الفردي، أما على المستوى الجماعي فقد أثر الوضع الراهن لهذا القطاع الخدماتي سلبيا على مقومات التنمية. وذكر أنه في هذا الإطار فهو ينوه بالمتابعة الدائمة وبالحرص الرئاسي الدؤوب على تجاوز مختلف العراقيل الماثلة وهذا الإدراك بخطورة الوضع والثبات والعزم على معالجته يجب أن يرفق من طرف الوزارة والمؤسسات تحت الإشراف ببرامج عاجلة وأخرى على المدى المتوسط لحلحلة أبرز المشاكل المطروحة وتوفير الحد الأدنى للخدمات التي ينتظرها المواطن والفاعلين الاقتصاديين على حد السواء، وأضاف رئيس المجلس إلى أن الشروع في إصلاح قطاع النقل لا ينتظر وهو يتطلب رؤية إستراتيجية شاملة لإعادة بناء منظومة منهكة جراء الإهمال وجراء السياسات الفاشلة خلال العقود الماضية، وهي حسب وصفه سياسات خلفت العديد من المشاكل الهيكلية على عدة مستويات منها على وجه الخصوص تهالك الأسطول البري والجوي والبحري، وهو ما أدى إلى تراجع جودة الخدمات وتأخر السفرات وزيادة التذمر والشكاوى.  وقال بودربالة إنه إضافة إلى المشاكل الهيكلية فإن القطاع بات يتأثر بالنقائص المسجلة على مستوى البنية التحتية من محطات النقل وشبكات الطرقات سواء بسبب نقص في الصيانة أو في التطوير والإحداثات الجديدة فضلا عن التأثيرات الناجمة عن إكراهات التمويل وضعف الحوكمة في المنشآت العمومية وعدم وجود رؤية واضحة للتخطيط والبرمجة على المستوى البعيد، تخطيط يأخذ بعين الاعتبار العديد من العوامل وفي مقدمتها التطور السكاني أو النمو الحضري المتسارع مما جعل قطاع النقل غير قادر على مواكبة الاحتياجات المتزايدة والمتغيرة. كما أن الفساد قد طال هذا القطع حسب قوله وشمل سوء التصرف المالي والإداري الذي استنزف موارد الشركات العمومية من جهة ومن جهة أخرى سلوكيات غير مسؤولة مثل السرقات والإتلاف. وخلص إلى أن إصلاح قطاع النقل في تونس من مختلف الجوانب التنظيمية واللوجستية والمؤسساتية والتشريعية ليس خيارا بل ضرورة بما يجعل من واجب جميع الأطراف المعنية توحيد الجهد وتوجيهه من أجل إرساء ركائز هذا الإصلاح ومن أجل تطوير القطاع والنهوض به استجابة إلى آمال التونسيات والتونسيين وتطلعاتهم وليكون بالفعل رافعة للنمو الاقتصادي والاجتماعي المنشودين.

توفر الإرادة السياسية

أما عماد الدربالي رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم فأشار إلى أن قطاع النقل يمثل أحد أعمدة الاقتصاد الوطني وشريانا أساسا للحياة الاجتماعية في تونس، وأضاف أن النقل هو رافعة للتنمية ولترسيخ العدالة بين الجهات وضمان تكافؤ الفرص في التعليم والعمل والخدمات الأساسية، وذكر أنه لا يمكن التغافل عما عرفه هذا القطاع من تدهور هيكلي عبر سنوات تجلى في تقادم الأسطول وضعف البنية التحتية وتردي الخدمات خاصة في المناطق الداخلية التي مازالت تعاني من نقص كبير في وسائل النقل، وغياب البدائل. ويرى رئيس المجلس أن هذا الوضع هو نتيجة تراكمات ثقيلة خلفتها ممارسات غير مسؤولية وصفقات مشبوهة مست من جودة الأسطول، وأرهقت المرفق العمومي. ولاحظ أنه رغم ذلك فمن واجبه الإشادة بما تحقق في الآونة الأخيرة من خطوات إصلاحية ملموسة أسهمت في تحسين انتظام بعض الخطوط وتطوير آليات الصيانة وبرمجة تدخلات عاجلة لمعالجة النقائص فضلا عن إطلاق مسار تجديد الأسطول وخلص إلى أن هذه الجهود تعبر عن إرادة سياسية جادة في إعادة الاعتبار لهذا القطاع ووضعه على سكة النجاعة المطلوبة. وأشار الدربالي إلى أنهم في المجلس الوطني للجهات والأقاليم يؤكدون دعمهم الثابت للمسار الإصلاحي الذي يقوده رئيس الجمهورية إدراكا منهم بأن معركة التحرر والبناء تتطلب الوقوف صفا واحدا ضد كل محاولات التفريط في مؤسسات القطاع أو المساس بدوره العمومي، وبين أن المحافظة على هذه المؤسسات ليست خيارا إداريا فحسب بل هي أيضا التزام وطني ومسؤولية تجاه الوطن والدولة. وثمن رئيس المجلس النيابي الجهود التي يبذلها أعوان وزارة النقل وإطاراتها لضمان استمرارية المرفق العمومي رغم الظروف الصعبة وهو جهد يستحق حسب قوله كامل الاحترام والتقدير، وأضاف أنه باعتبار أهمية تكريس اللامركزية فهو يجدد الدعوة إلى إحداث إدارات جهوية للنقل قادرة على الاستجابة الفورية لحاجيات الشعب وخاصة الطلبة والتلاميذ الذين يعانون يوميا من صعوبات التنقل وغياب الخدمات الملائمة، وذكر أن ضمان حق هؤلاء في التنقل الآمن هو جزء أساسي من العدالة الاجتماعية. وعبر عن استعداد المجلس لمواصلة العمل المشترك من أجل دعم مسار الإصلاح والبناء أملا في تونس جديدة تليق بتضحيات شعبها وآماله المشروعة. 

سعيدة بوهلال