بشكل متواتر سجلت في الفترة الماضية مظاهر نفوق أعداد كبيرة من الأسماك على الشواطئ التونسية، مما يثير جملة من المخاوف والأسئلة لاسيما وأن للمسألة وجهان على الأقل يتعلق الأول بمخاطر بيع واستهلاك هذه الأسماك وتداعياتها السلبية على صحة المواطنين، في حين يتعلق الإشكال الثاني،الذي لا يقل خطورة، بالأسباب وراء تكرر هذه الظاهرة في ظرف وجيز ومدى ارتباطها بالتلوث والتغييرات المناخية المتسارعة، زد على ذلك التداعيات السلبية على الثروة السمكية.
تم منذ يوم الجمعة الفارط على مواقع التواصل الاجتماعي تداول صور لنفوق أسماك في سليمان من ولاية نابل وليست هذه المرة الأولى التي تسجل فيها هذه الظاهرة بل تكررت في الفترة الأخيرة في أكثر من شاطئ ومكان على امتداد الشريط الساحلي، حيث شهد شاطئ مدينة قربة من ولاية نابل، في جويلية الفارط حادثة نفوق كميات هامة من الأسماك على مستوى نقطة التقاء أحد الوديان بالبحر، وقبل ذلك خلال شهر جوان الفارط سجلت سواحل المنستير وشاطئ سليمان حوادث مماثلة.
تواتر الظاهرة في فترة وجيزة يثير العديد من الأسئلة والمخاوف ولعل ذلك ما دفع بوزير البيئة، حبيب عبيد، إلى القيام بزيارة لمعاينة، وضع الشريط الساحلي بسليمان، من ولاية نابل، بعد نفوق تلك الكميّة من الأسماك. وسرعان ما تعهدت مصالح المعهد الوطني لعلوم البحار، ومصالح الوكالة الوطنية لحماية المحيط، بإجراء التحاليل اللازمة من أجل الوقوف على أسباب نفوق الأسماك، إلى جانب القيام بجمع الأسماك النافقة وتغطيتها بطبقة من مادة الجير وردمها وفق الإجراءات المعمول بها.
التغيرات المناخية
الواضح وفق المختصين في المجال البيئي والمهتمين بدراسة تحديات وتأثيرات التغييرات المناخية المتسارعة والتي تؤكد كل التقارير الدولية والمحلية أن تونس والبحر الأبيض المتوسط من أكثر الدول والمناطق عرضة لهذه التغييرات.
كما يؤكد المختصون أن ظاهرة نفوق الأسماك أصبحت تختلف من سنة إلى أخرى على مستوى الكميات التي يلفظها البحر في إشارة إلى حدة تسارع التغييرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة وتمدد فصل الصيف مع تسجيل درجات حرارة قياسية تتجاوز المعدلات العادية.
وهنا تقول ممثلة «جمعية البيئة والتنمية بسليمان» سعاد شطوطي، إن «نفوق الأسماك بشاطئ سليمان يعود إلى نقص الأوكسجين في مياه البحر، وتقلص مستوى المياه جراء ارتفاع درجات الحرارة، ما انجر عنه تكاثر الطحالب المجهرية الهائمة، وهي ظاهرة طبيعية تسمى “الطحالب المزدهرة”».
وتضيف في تصريح إعلامي أمس «أن هذه الظاهرة الطبيعة مرتبطة بالتغيّرات المناخية، وارتفاع درجات الحرارة، بالإضافة إلى التلوّث الناجم عن تسرّب مياه المصانع بمحطة التطهير بالجهة، مشيرة إلى تكاثر الطحالب البحرية، وانعدام الأوكسجين في مياه البحر، وتقلص ارتفاعها، تسبب في نفوق الكائنات البحرية في شاطئ سليمان وخاصة الأسماك الزرقاء».
وفي جوان الفارط أظهرت الاختبارات الأولية اثر تسجيل حالات نفوق في خليج المنستير خلال أيام 18 و19 و20 و21 جوان الفارط، أن «ظاهرة تكاثر الطحالب المجهرية (بلوم) ونفوق بعض الكائنات البحرية في خليج المنستير هذه السنة، وعلى خلاف الظواهر البيئية السابقة التي كانت ناتجة غالبا عن تكاثر بكتيريا مختزلة للكبريت، تعود أساسا إلى تكاثر الطحالب المجهرية حيث ساهمت عدة عوامل بيئية في تفاقم هذه الظاهرة».
وتضمن بلاغ وزارة الفلاحة حينها «أن من بين هذه العوامل وفرة المغذيات في المياه نتيجة للأمطار الربيعية الغزيرة والتصريفات الحضرية تلتها وفرة وتفكك كبير للطحالب الخضراء إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة وضعف تجدد الكتل المائية وانعدام الرياح.
وقد أدت هذه العوامل إلى انخفاض حاد في الأوكسجين الذائب في المياه، تخللته حالات من انعدام الأوكسجين، مما تسبب في نفوق الكائنات البحرية المتواجدة بالمنطقة».
مخاوف على صحة المستهلك
وتطرح أيضا ظاهرة نفوق الأسماك تحديات أخرى على صحة المواطنين في ظل مخاوف من ترويج تلك الأسماك في الأسواق واستهلاكها.
ورغم تركيز فرق مراقبة مستمرة تابعة للمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحة بالمناطق التي يتم فيها تسجيل الظاهرة تتكون من حرس صيد بحري وطبيب بيطري لضمان عدم تجميع وترويج الأسماك النافقة من طرف البحارة والمواطنين، لكن إمكانية تسجيل تجاوزات وارد في ظل نقص الوعي الاستهلاكي لدى التونسي عموما وانتشار ظاهرة الغش.
ولمزيد توعية المستهلكين أصدرت الهيئة الوطنية للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، التابعة لوزارة الصحة، بلاغًا أول أمس أعلمت فيه كافة المواطنين أنّه تمّ تسجيل نفوق كميات من الأسماك ببحيرة تونس والضاحية الجنوبية وسليمان وعدد من الشواطئ، وشددت على الامتناع الكلي عن شراء أو استهلاك هذه الأسماك مهما كان مصدرها أو سعرها»، محذّرة تجار الأسماك والبحارة من أنّ جمع أو بيع أو ترويج الأسماك النافقة يُعتبر مخالفة جسيمة للقوانين، وتعرّض مرتكبيها إلى تتبعات جزائية قد تصل إلى غلق المحلات إضافة إلى التتبعات العدلية.
كما دعت هيئة السلامة الصحية في هذا الإطار، الجميع إلى التبليغ الفوري عن كل من يتعمد بيع أو توزيع هذه الأسماك عبر الرقم الأخضر للهيئة 80106977، وإذ أهابت الهيئة بجميع المتدخلين الالتزام بهذه التعليمات، فإنها أكدت أنّها ستواصل تكثيف المراقبة الميدانية واتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة لحماية صحة المواطن وضمان سلامة المنتج الغذائي، وفقها.
◗ م.ي
بشكل متواتر سجلت في الفترة الماضية مظاهر نفوق أعداد كبيرة من الأسماك على الشواطئ التونسية، مما يثير جملة من المخاوف والأسئلة لاسيما وأن للمسألة وجهان على الأقل يتعلق الأول بمخاطر بيع واستهلاك هذه الأسماك وتداعياتها السلبية على صحة المواطنين، في حين يتعلق الإشكال الثاني،الذي لا يقل خطورة، بالأسباب وراء تكرر هذه الظاهرة في ظرف وجيز ومدى ارتباطها بالتلوث والتغييرات المناخية المتسارعة، زد على ذلك التداعيات السلبية على الثروة السمكية.
تم منذ يوم الجمعة الفارط على مواقع التواصل الاجتماعي تداول صور لنفوق أسماك في سليمان من ولاية نابل وليست هذه المرة الأولى التي تسجل فيها هذه الظاهرة بل تكررت في الفترة الأخيرة في أكثر من شاطئ ومكان على امتداد الشريط الساحلي، حيث شهد شاطئ مدينة قربة من ولاية نابل، في جويلية الفارط حادثة نفوق كميات هامة من الأسماك على مستوى نقطة التقاء أحد الوديان بالبحر، وقبل ذلك خلال شهر جوان الفارط سجلت سواحل المنستير وشاطئ سليمان حوادث مماثلة.
تواتر الظاهرة في فترة وجيزة يثير العديد من الأسئلة والمخاوف ولعل ذلك ما دفع بوزير البيئة، حبيب عبيد، إلى القيام بزيارة لمعاينة، وضع الشريط الساحلي بسليمان، من ولاية نابل، بعد نفوق تلك الكميّة من الأسماك. وسرعان ما تعهدت مصالح المعهد الوطني لعلوم البحار، ومصالح الوكالة الوطنية لحماية المحيط، بإجراء التحاليل اللازمة من أجل الوقوف على أسباب نفوق الأسماك، إلى جانب القيام بجمع الأسماك النافقة وتغطيتها بطبقة من مادة الجير وردمها وفق الإجراءات المعمول بها.
التغيرات المناخية
الواضح وفق المختصين في المجال البيئي والمهتمين بدراسة تحديات وتأثيرات التغييرات المناخية المتسارعة والتي تؤكد كل التقارير الدولية والمحلية أن تونس والبحر الأبيض المتوسط من أكثر الدول والمناطق عرضة لهذه التغييرات.
كما يؤكد المختصون أن ظاهرة نفوق الأسماك أصبحت تختلف من سنة إلى أخرى على مستوى الكميات التي يلفظها البحر في إشارة إلى حدة تسارع التغييرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة وتمدد فصل الصيف مع تسجيل درجات حرارة قياسية تتجاوز المعدلات العادية.
وهنا تقول ممثلة «جمعية البيئة والتنمية بسليمان» سعاد شطوطي، إن «نفوق الأسماك بشاطئ سليمان يعود إلى نقص الأوكسجين في مياه البحر، وتقلص مستوى المياه جراء ارتفاع درجات الحرارة، ما انجر عنه تكاثر الطحالب المجهرية الهائمة، وهي ظاهرة طبيعية تسمى “الطحالب المزدهرة”».
وتضيف في تصريح إعلامي أمس «أن هذه الظاهرة الطبيعة مرتبطة بالتغيّرات المناخية، وارتفاع درجات الحرارة، بالإضافة إلى التلوّث الناجم عن تسرّب مياه المصانع بمحطة التطهير بالجهة، مشيرة إلى تكاثر الطحالب البحرية، وانعدام الأوكسجين في مياه البحر، وتقلص ارتفاعها، تسبب في نفوق الكائنات البحرية في شاطئ سليمان وخاصة الأسماك الزرقاء».
وفي جوان الفارط أظهرت الاختبارات الأولية اثر تسجيل حالات نفوق في خليج المنستير خلال أيام 18 و19 و20 و21 جوان الفارط، أن «ظاهرة تكاثر الطحالب المجهرية (بلوم) ونفوق بعض الكائنات البحرية في خليج المنستير هذه السنة، وعلى خلاف الظواهر البيئية السابقة التي كانت ناتجة غالبا عن تكاثر بكتيريا مختزلة للكبريت، تعود أساسا إلى تكاثر الطحالب المجهرية حيث ساهمت عدة عوامل بيئية في تفاقم هذه الظاهرة».
وتضمن بلاغ وزارة الفلاحة حينها «أن من بين هذه العوامل وفرة المغذيات في المياه نتيجة للأمطار الربيعية الغزيرة والتصريفات الحضرية تلتها وفرة وتفكك كبير للطحالب الخضراء إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة وضعف تجدد الكتل المائية وانعدام الرياح.
وقد أدت هذه العوامل إلى انخفاض حاد في الأوكسجين الذائب في المياه، تخللته حالات من انعدام الأوكسجين، مما تسبب في نفوق الكائنات البحرية المتواجدة بالمنطقة».
مخاوف على صحة المستهلك
وتطرح أيضا ظاهرة نفوق الأسماك تحديات أخرى على صحة المواطنين في ظل مخاوف من ترويج تلك الأسماك في الأسواق واستهلاكها.
ورغم تركيز فرق مراقبة مستمرة تابعة للمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحة بالمناطق التي يتم فيها تسجيل الظاهرة تتكون من حرس صيد بحري وطبيب بيطري لضمان عدم تجميع وترويج الأسماك النافقة من طرف البحارة والمواطنين، لكن إمكانية تسجيل تجاوزات وارد في ظل نقص الوعي الاستهلاكي لدى التونسي عموما وانتشار ظاهرة الغش.
ولمزيد توعية المستهلكين أصدرت الهيئة الوطنية للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، التابعة لوزارة الصحة، بلاغًا أول أمس أعلمت فيه كافة المواطنين أنّه تمّ تسجيل نفوق كميات من الأسماك ببحيرة تونس والضاحية الجنوبية وسليمان وعدد من الشواطئ، وشددت على الامتناع الكلي عن شراء أو استهلاك هذه الأسماك مهما كان مصدرها أو سعرها»، محذّرة تجار الأسماك والبحارة من أنّ جمع أو بيع أو ترويج الأسماك النافقة يُعتبر مخالفة جسيمة للقوانين، وتعرّض مرتكبيها إلى تتبعات جزائية قد تصل إلى غلق المحلات إضافة إلى التتبعات العدلية.
كما دعت هيئة السلامة الصحية في هذا الإطار، الجميع إلى التبليغ الفوري عن كل من يتعمد بيع أو توزيع هذه الأسماك عبر الرقم الأخضر للهيئة 80106977، وإذ أهابت الهيئة بجميع المتدخلين الالتزام بهذه التعليمات، فإنها أكدت أنّها ستواصل تكثيف المراقبة الميدانية واتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة لحماية صحة المواطن وضمان سلامة المنتج الغذائي، وفقها.