إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تورطت فيها عائلات ووسطاء استغلال جنسي..رضع "في المزاد"..وو"ضعيات هشة" في "مصيدة" شبكات الاتجار بالبشر

 * عقوبات بالسجن والخطايا تنتظر المورطين

*أم أنجبت 4 مرات سفاحا وباعت أطفالها

*مواقع  التواصل الاجتماعي سهلت عمل الشبكات

*الجوع للجنس والمال عمقا الظاهرة

تونس-الصباح

جدت مؤخرا حادثة غريبة تمثلت في الكشف عن شبكة تستقطب النساء من ذوات الوضعيات الهشة للإنجاب خارج إطار الزواج في مرحلة أولى ثم بيع الرضع في مرحلة ثانية وقالت رئيسة الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر روضة العبيدي إن الهيئة تلقت إشعارا من الإدارة العامة للحرس الوطني بخصوص وضعية اتجار بالأشخاص متورطين فيها امرأتان عبر استغلال النساء في علاقات جنسية داخل ضيعة في مدينة الهوارية التابعة لولاية نابل.

وتتراس هذه الشبكة امرأة ومساعدة لها تتمثل مهامها في استقطاب الفتيات من الفئات الهشة حيث تضعهم المرأة على ذمة امرأة اخرى

تقوم باستغلالهن في العمل المنزلي والعمل الفلاحي وكذلك يتمّ استغلالهن جنسيا ثم تنتظر المرأة أن تنجب الفتيات خارج اطار الزواج ثم تتسلم في ما بعد الرضيع لتقوم بالتصرف فيه وبيعه لعائلات لا يمكنهم الانجاب.

وكشفت روضة العبيدي أنّ إحدى الضحايا فتاة قاصر وقد أنجبت ولدا وفي مرّة ثانية أنجبت طفلا ثانيا وكانت قد تجاوزت 18 سنة ، أيضا امرأة ثانية أنجبت طفلين الأوّل في 2021 والثاني في 2022، وأما المرأة الثالثة وقع استغلالها وهي في طور الإعداد للإنجاب.

وليست هذه الحادثة الاولى التي كشفت عن وجود شبكات للاتجار بالرضع فقد هزت السنة الماضية حادثة اتجار بالبشر مارستها عائلة في حق اطفالها بجهة المهدية الرأي العام وتحركت النيابة العمومية على الفور واعتقلت مجموعة من الاشخاص شملت زوجين باعا اولادهما بالاضافة الى عدد من الوسطاء والاشخاص الذين "اشتروا" الابناء عن طريق التبني بمقابل او تدليس الحالة المدنية وقد اعترف الزوج انه قبل زواجه من زوجته انجبت اربعة اطفال خارج اطار الزواج وباعتهم مقابل المال.

تنامي الظاهرة..

كشف تقرير الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر الإحصائيات الوطنية أن ظاهرة بيع الرضع باعتماد شبكات التواصل الاجتماعي تضاعفت بـ60.2 في المائة خلال سنة 2020 مقارنة بسنة 2019، وبين التقرير أن الأمهات اللاتي يقمن ببيع أطفالهن لا يشملن فقط الأمهات العازبات وإنما تورطت بعض العائلات في هذه الجرائم حيث جعلت من إنجاب الرضع ومن ثمة بيعهم مهنة لها.

ولفتت روضة العبيدي إلى أنه رغم تسجيل تقرير الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر تراجعا في عدد الضحايا من مختلف الأصناف خلال سنة 2020، حيث تم إحصاء 1313 ضحية سنة 2019 مقابل 907 ضحية سنة 2020، إلا أن هذا لا يعني تراجع انتشار هذه الظاهرة في تونس بقدر ما يعود ذلك إلى غلق الحدود التونسية وفترة الحجر الصحي التي شهدتها البلاد خلال سنة 2020، حسب تقديرها.

وبيّن تقرير الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر ارتفاع نسبة الاستغلال الجنسي للأطفال بصفة غير مسبوقة حيث بلغت32% أربع مرات تقريبا أكثر من سنة 2019 

وسجّل التقرير السنوي  للهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر لسنة 2020 أنه لأول مرة منذ أربع سنوات تورط اطفال في هذه الجرائم وقد ارتفعت نسبة النساء المتورطين في جرائم الاتجار بالأشخاص من 2.5 % سنة 2019 إلى 49 % سنة 2020 وهو مؤشر خطير جدّا ومن الضروري التوقف عنده وتكريس مبدا عدم الإفلات من العقاب وفق ما أفادت به روضة العبيدي رئيسة الهيئة المذكورة.

القانون..

يعد اتجارا بالأشخاص استقطاب أو تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو تحويل وجهتهم أو ترحيلهم أو إيواءهم أو استقبالهم باستعمال القوة أو السلاح أو التهديد بهما أو غير ذلك من أشكال الإكراه أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال حالة استضعاف أو استغلال نفوذ أو تسليم أو قبول مبالغ مالية أو مزايا أو عطايا أو وعود بعطايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر وذلك بقصد الاستغلال أيا كانت صوره سواء من طرف مرتكب تلك الأفعال أو بوضعه على ذمة الغير لاستغلاله.

ويشمل الاستغلال استغلال بغاء الغير أو دعارته أو غيرها من أشكال الاستغلال الجنسي أو الخدمة قسرا أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد أو التسول أو نزع الأعضاء أو الأنسجة أو الخلايا أو الأمشاج أو الأجنة أو جزء منها أو غيرها من أشكال الاستغلال الأخرى.

وينص القانون الأساسي عدد 61 لسنة 2016 مؤرخ في 3 أوت 2016 يتعلق بمنع الاتجار بالأشخاص ومكافحته في بابه الثاني المتعلق بزجر الاتجار بالاشخاص في فصله الثامن والتاسع على أنه "يعاقب بالسجن مدة عشرة أعوام وبخطية قدرها خمسون ألف دينار كل من يرتكب إحدى جرائم الاتجار بالأشخاص المنصوص عليها بالعدد 1 من الفصل 2 من هذا القانون" ويعاقب بنصف العقوبات المقررة لجرائم الاتجار بالأشخاص المنصوص عليها بهذا القانون أو للجرائم المرتبطة بها كل من يحرض علنا بأي وسيلة كانت على ارتكابها..وإذا كان العقاب المستوجب هو الإعدام أو السجن بقية العمر يعوض ذلك العقاب بالسجن مدة عشرين عاما".

وينص في فصله العاشر على أنه "يعاقب بالسجن مدة سبعة أعوام وبخطية قدرها أربعون ألف دينار كل من انخرط أو شارك بأي عنوان كان، داخل تراب الجمهورية أو خارجه، في جماعة إجرامية منظمة أو وفاق يهدف إلى إعداد أو تحضير أو ارتكاب إحدى جرائم الاتجار بالأشخاص المنصوص عليها بهذا القانون وتكون مدة العقوبة خمسة عشر عاما وخطية قدرها مائة ألف دينار لمكوني ومديري الجماعات أو الوفاقات المذكورة".

 

ضحايا الإنجاب خارج مؤسسة الزواج..

اعتبر الباحث في علم الاجتماع طارق بالحاج محمد في قراءته للظاهرة أنه في بيئة اجتماعية وثقافية يحتل فيها الهوس والاهتمام الجنسي المرضي حيزا كبيرا من اهتماماتنا ونقاشاتنا، ليس من الغريب أن تتحول ظاهرة الدعارة والبغاء إلى ظاهرة اجتماعية ملفتة للانتباه، وبالتالي تتحول هذه الظاهرة  من مجرد ممارسة شخصية خارج القانون إلى ظاهرة اجتماعية تمثل الوجه الآخر للدعوات المتكررة للزواج العرفي والزواج بأربع والزواج بالقاصرات وجهاد النكاح وممارسات الاغتصاب وكلها ظواهر تنتج كل يوم مزيدا من الأمهات العازبات اللاتي تتخلين عن أبنائهن حال ولادتهم.

وبين بالحاج محمد أنه حين يرتبط الهوس والجوع الجنسي عند الرجال بجوع المال عند النساء وحين يكون بلدنا مرتعا لكل شبكات الجريمة المنظمة وحين تغلق الأبواب في وجه طيف كثير من التونسيين تصبح الدعارة هي الوجه الآخر للازمة الاقتصادية والقيمية والأمنية التي تعيشها تونس.

العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج

يعتبر بالحاج محمد أن إقامة علاقات خارج إطار الزواج ممكنة ومتاحة، نظراً لتوفر عامل الاختلاط في جميع الفضاءات الاجتماعية فمن الناحية العملية تعتبر العلاقات الجنسية الحرة أمرا متاحا لمن يريد، خصوصا مع تأخر سن الزواج والعزوف عليه لكن هذا الإقبال على العلاقات الحرة يترافق عموما مع  غياب الحد الأدنى من الثقافة الجنسية العلمية  الكفيلة بتجنيب من يمارسها الإصابة بالإمراض والحمل غير المرغوب فيه وهذا ما يجعل من هذه الممارسات إما سببا للأمراض المنقولة جنسيا أو سببا في إنجاب مولود خارج إطار الزواج وعند وقوعنا في هذا "المأزق" فإننا نحاول البحث عن صيغة للتخلص من هذا الزائر غير المرغوب فيه وأول هذه الصيغ هو رميه والتخلي عنه.

محكمة المجتمع..

 

 يقول بالحاج محمد أننا قد نبدو للوهلة الأولى بأننا عصريون من خلال لباسنا وطريقة عيشنا واستهلاكنا، لكن الحقيقة أن القيم التي تقودنا وتحركنا وتحكم تصرفاتنا في غفلة منا هي قيم تقليدية يمثل فيها مفهوم "الحرام والحلال" حجر الزاوية، فعادة ما ينظر إلى المرأة التي تنجب خارج إطار الزواج على أنها نوع من العبء والعار على عائلتها وأقاربها ومعارفها وحتى حيها ومدينتها، وبالتالي تتراوح ردود فعل المحيط الاجتماعي تجاهها بين التجاهل والازدراء والاحتقار، بحيث يقع رفضهن كزوجات أو كصديقات أو حتى كعاملات أو موظفات في مؤسسة معينة رغم أن الأغلبية سواسية في هذه الممارسة ولكن في الخفاء وليس في العلن وهذا ما يؤكد نفاق هذا المجتمع وانفصامه النفسي والثقافي حين يسرع للإدانة والتشهير دون أن يكون جديرا بذلك.

 

 مجتمع تتداخل فيه الأدوار ولا تنطبق فيه الأسماء على المسميات ولا تنطبق فيه الأقوال على الأفعال.. مواقف تؤكد أن المجتمع يحمل في ذات الوقت الشيء ونقيضه في تعايش وانسجام غريبين، إذ نجده تقدمي ورجعي في نفس الوقت، متشدد ومتسامح، ولائكي، يقدر الثقافة والعلم ويمارس عكسهما.

 

الهروب من المسؤولية..

 

إذا كان الأولياء الذين ينجبون أبناءهم في إطار الزواج يتفصون من مسؤولياتهم تجاه أبنائهم رغم أنه واجب أخلاقي وقانوني فما بالك بالأولياء الذين ينجبونهم خارج إطار الزواج وفق قراءة بالحاج محمد.

وتكتسب هذه الظاهرة خطورتها مما ينتج عنها من آثار نفسية وخاصة على النساء اللاتي تورطن فيه ومن الأبناء الذين يمكن أن يأتوا نتيجة هذه التجربة والذين لن يجدوا قانونا يحميهم أو يعطيهم حقوقهم أو حتى يثبت نسبهم، فهم في إطار المنظومة القانونية القائمة يعتبرون أبناء خارج إطار الزواج وبالتالي فهم عبارة عن حالات اجتماعية أكثر منهم أبناء شرعيون وهذا مشكل إضافي يمكن أن يزيد العبء على المجتمع المنهك والمتذبذب أصلا.

فإضافة إلى الأطفال فاقدي النسب والسند العائلي الموجودين أصلا في المجتمع، فان هذه النوعية الجديدة من المواليد ستزيد في أعداد هذه الفئة المهمشة، فلا هم قادرون على التمتع بالحماية القانونية والاجتماعية والتربوية لإبائهم ولا هم قادرون على عيش حياة طبيعية في مجتمع يزدريهم ولا يعترف بهم قانونيا.

 

مفيدة القيزاني

 تورطت فيها عائلات ووسطاء استغلال جنسي..رضع "في المزاد"..وو"ضعيات هشة" في "مصيدة" شبكات الاتجار بالبشر

 * عقوبات بالسجن والخطايا تنتظر المورطين

*أم أنجبت 4 مرات سفاحا وباعت أطفالها

*مواقع  التواصل الاجتماعي سهلت عمل الشبكات

*الجوع للجنس والمال عمقا الظاهرة

تونس-الصباح

جدت مؤخرا حادثة غريبة تمثلت في الكشف عن شبكة تستقطب النساء من ذوات الوضعيات الهشة للإنجاب خارج إطار الزواج في مرحلة أولى ثم بيع الرضع في مرحلة ثانية وقالت رئيسة الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر روضة العبيدي إن الهيئة تلقت إشعارا من الإدارة العامة للحرس الوطني بخصوص وضعية اتجار بالأشخاص متورطين فيها امرأتان عبر استغلال النساء في علاقات جنسية داخل ضيعة في مدينة الهوارية التابعة لولاية نابل.

وتتراس هذه الشبكة امرأة ومساعدة لها تتمثل مهامها في استقطاب الفتيات من الفئات الهشة حيث تضعهم المرأة على ذمة امرأة اخرى

تقوم باستغلالهن في العمل المنزلي والعمل الفلاحي وكذلك يتمّ استغلالهن جنسيا ثم تنتظر المرأة أن تنجب الفتيات خارج اطار الزواج ثم تتسلم في ما بعد الرضيع لتقوم بالتصرف فيه وبيعه لعائلات لا يمكنهم الانجاب.

وكشفت روضة العبيدي أنّ إحدى الضحايا فتاة قاصر وقد أنجبت ولدا وفي مرّة ثانية أنجبت طفلا ثانيا وكانت قد تجاوزت 18 سنة ، أيضا امرأة ثانية أنجبت طفلين الأوّل في 2021 والثاني في 2022، وأما المرأة الثالثة وقع استغلالها وهي في طور الإعداد للإنجاب.

وليست هذه الحادثة الاولى التي كشفت عن وجود شبكات للاتجار بالرضع فقد هزت السنة الماضية حادثة اتجار بالبشر مارستها عائلة في حق اطفالها بجهة المهدية الرأي العام وتحركت النيابة العمومية على الفور واعتقلت مجموعة من الاشخاص شملت زوجين باعا اولادهما بالاضافة الى عدد من الوسطاء والاشخاص الذين "اشتروا" الابناء عن طريق التبني بمقابل او تدليس الحالة المدنية وقد اعترف الزوج انه قبل زواجه من زوجته انجبت اربعة اطفال خارج اطار الزواج وباعتهم مقابل المال.

تنامي الظاهرة..

كشف تقرير الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر الإحصائيات الوطنية أن ظاهرة بيع الرضع باعتماد شبكات التواصل الاجتماعي تضاعفت بـ60.2 في المائة خلال سنة 2020 مقارنة بسنة 2019، وبين التقرير أن الأمهات اللاتي يقمن ببيع أطفالهن لا يشملن فقط الأمهات العازبات وإنما تورطت بعض العائلات في هذه الجرائم حيث جعلت من إنجاب الرضع ومن ثمة بيعهم مهنة لها.

ولفتت روضة العبيدي إلى أنه رغم تسجيل تقرير الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر تراجعا في عدد الضحايا من مختلف الأصناف خلال سنة 2020، حيث تم إحصاء 1313 ضحية سنة 2019 مقابل 907 ضحية سنة 2020، إلا أن هذا لا يعني تراجع انتشار هذه الظاهرة في تونس بقدر ما يعود ذلك إلى غلق الحدود التونسية وفترة الحجر الصحي التي شهدتها البلاد خلال سنة 2020، حسب تقديرها.

وبيّن تقرير الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر ارتفاع نسبة الاستغلال الجنسي للأطفال بصفة غير مسبوقة حيث بلغت32% أربع مرات تقريبا أكثر من سنة 2019 

وسجّل التقرير السنوي  للهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر لسنة 2020 أنه لأول مرة منذ أربع سنوات تورط اطفال في هذه الجرائم وقد ارتفعت نسبة النساء المتورطين في جرائم الاتجار بالأشخاص من 2.5 % سنة 2019 إلى 49 % سنة 2020 وهو مؤشر خطير جدّا ومن الضروري التوقف عنده وتكريس مبدا عدم الإفلات من العقاب وفق ما أفادت به روضة العبيدي رئيسة الهيئة المذكورة.

القانون..

يعد اتجارا بالأشخاص استقطاب أو تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو تحويل وجهتهم أو ترحيلهم أو إيواءهم أو استقبالهم باستعمال القوة أو السلاح أو التهديد بهما أو غير ذلك من أشكال الإكراه أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال حالة استضعاف أو استغلال نفوذ أو تسليم أو قبول مبالغ مالية أو مزايا أو عطايا أو وعود بعطايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر وذلك بقصد الاستغلال أيا كانت صوره سواء من طرف مرتكب تلك الأفعال أو بوضعه على ذمة الغير لاستغلاله.

ويشمل الاستغلال استغلال بغاء الغير أو دعارته أو غيرها من أشكال الاستغلال الجنسي أو الخدمة قسرا أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد أو التسول أو نزع الأعضاء أو الأنسجة أو الخلايا أو الأمشاج أو الأجنة أو جزء منها أو غيرها من أشكال الاستغلال الأخرى.

وينص القانون الأساسي عدد 61 لسنة 2016 مؤرخ في 3 أوت 2016 يتعلق بمنع الاتجار بالأشخاص ومكافحته في بابه الثاني المتعلق بزجر الاتجار بالاشخاص في فصله الثامن والتاسع على أنه "يعاقب بالسجن مدة عشرة أعوام وبخطية قدرها خمسون ألف دينار كل من يرتكب إحدى جرائم الاتجار بالأشخاص المنصوص عليها بالعدد 1 من الفصل 2 من هذا القانون" ويعاقب بنصف العقوبات المقررة لجرائم الاتجار بالأشخاص المنصوص عليها بهذا القانون أو للجرائم المرتبطة بها كل من يحرض علنا بأي وسيلة كانت على ارتكابها..وإذا كان العقاب المستوجب هو الإعدام أو السجن بقية العمر يعوض ذلك العقاب بالسجن مدة عشرين عاما".

وينص في فصله العاشر على أنه "يعاقب بالسجن مدة سبعة أعوام وبخطية قدرها أربعون ألف دينار كل من انخرط أو شارك بأي عنوان كان، داخل تراب الجمهورية أو خارجه، في جماعة إجرامية منظمة أو وفاق يهدف إلى إعداد أو تحضير أو ارتكاب إحدى جرائم الاتجار بالأشخاص المنصوص عليها بهذا القانون وتكون مدة العقوبة خمسة عشر عاما وخطية قدرها مائة ألف دينار لمكوني ومديري الجماعات أو الوفاقات المذكورة".

 

ضحايا الإنجاب خارج مؤسسة الزواج..

اعتبر الباحث في علم الاجتماع طارق بالحاج محمد في قراءته للظاهرة أنه في بيئة اجتماعية وثقافية يحتل فيها الهوس والاهتمام الجنسي المرضي حيزا كبيرا من اهتماماتنا ونقاشاتنا، ليس من الغريب أن تتحول ظاهرة الدعارة والبغاء إلى ظاهرة اجتماعية ملفتة للانتباه، وبالتالي تتحول هذه الظاهرة  من مجرد ممارسة شخصية خارج القانون إلى ظاهرة اجتماعية تمثل الوجه الآخر للدعوات المتكررة للزواج العرفي والزواج بأربع والزواج بالقاصرات وجهاد النكاح وممارسات الاغتصاب وكلها ظواهر تنتج كل يوم مزيدا من الأمهات العازبات اللاتي تتخلين عن أبنائهن حال ولادتهم.

وبين بالحاج محمد أنه حين يرتبط الهوس والجوع الجنسي عند الرجال بجوع المال عند النساء وحين يكون بلدنا مرتعا لكل شبكات الجريمة المنظمة وحين تغلق الأبواب في وجه طيف كثير من التونسيين تصبح الدعارة هي الوجه الآخر للازمة الاقتصادية والقيمية والأمنية التي تعيشها تونس.

العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج

يعتبر بالحاج محمد أن إقامة علاقات خارج إطار الزواج ممكنة ومتاحة، نظراً لتوفر عامل الاختلاط في جميع الفضاءات الاجتماعية فمن الناحية العملية تعتبر العلاقات الجنسية الحرة أمرا متاحا لمن يريد، خصوصا مع تأخر سن الزواج والعزوف عليه لكن هذا الإقبال على العلاقات الحرة يترافق عموما مع  غياب الحد الأدنى من الثقافة الجنسية العلمية  الكفيلة بتجنيب من يمارسها الإصابة بالإمراض والحمل غير المرغوب فيه وهذا ما يجعل من هذه الممارسات إما سببا للأمراض المنقولة جنسيا أو سببا في إنجاب مولود خارج إطار الزواج وعند وقوعنا في هذا "المأزق" فإننا نحاول البحث عن صيغة للتخلص من هذا الزائر غير المرغوب فيه وأول هذه الصيغ هو رميه والتخلي عنه.

محكمة المجتمع..

 

 يقول بالحاج محمد أننا قد نبدو للوهلة الأولى بأننا عصريون من خلال لباسنا وطريقة عيشنا واستهلاكنا، لكن الحقيقة أن القيم التي تقودنا وتحركنا وتحكم تصرفاتنا في غفلة منا هي قيم تقليدية يمثل فيها مفهوم "الحرام والحلال" حجر الزاوية، فعادة ما ينظر إلى المرأة التي تنجب خارج إطار الزواج على أنها نوع من العبء والعار على عائلتها وأقاربها ومعارفها وحتى حيها ومدينتها، وبالتالي تتراوح ردود فعل المحيط الاجتماعي تجاهها بين التجاهل والازدراء والاحتقار، بحيث يقع رفضهن كزوجات أو كصديقات أو حتى كعاملات أو موظفات في مؤسسة معينة رغم أن الأغلبية سواسية في هذه الممارسة ولكن في الخفاء وليس في العلن وهذا ما يؤكد نفاق هذا المجتمع وانفصامه النفسي والثقافي حين يسرع للإدانة والتشهير دون أن يكون جديرا بذلك.

 

 مجتمع تتداخل فيه الأدوار ولا تنطبق فيه الأسماء على المسميات ولا تنطبق فيه الأقوال على الأفعال.. مواقف تؤكد أن المجتمع يحمل في ذات الوقت الشيء ونقيضه في تعايش وانسجام غريبين، إذ نجده تقدمي ورجعي في نفس الوقت، متشدد ومتسامح، ولائكي، يقدر الثقافة والعلم ويمارس عكسهما.

 

الهروب من المسؤولية..

 

إذا كان الأولياء الذين ينجبون أبناءهم في إطار الزواج يتفصون من مسؤولياتهم تجاه أبنائهم رغم أنه واجب أخلاقي وقانوني فما بالك بالأولياء الذين ينجبونهم خارج إطار الزواج وفق قراءة بالحاج محمد.

وتكتسب هذه الظاهرة خطورتها مما ينتج عنها من آثار نفسية وخاصة على النساء اللاتي تورطن فيه ومن الأبناء الذين يمكن أن يأتوا نتيجة هذه التجربة والذين لن يجدوا قانونا يحميهم أو يعطيهم حقوقهم أو حتى يثبت نسبهم، فهم في إطار المنظومة القانونية القائمة يعتبرون أبناء خارج إطار الزواج وبالتالي فهم عبارة عن حالات اجتماعية أكثر منهم أبناء شرعيون وهذا مشكل إضافي يمكن أن يزيد العبء على المجتمع المنهك والمتذبذب أصلا.

فإضافة إلى الأطفال فاقدي النسب والسند العائلي الموجودين أصلا في المجتمع، فان هذه النوعية الجديدة من المواليد ستزيد في أعداد هذه الفئة المهمشة، فلا هم قادرون على التمتع بالحماية القانونية والاجتماعية والتربوية لإبائهم ولا هم قادرون على عيش حياة طبيعية في مجتمع يزدريهم ولا يعترف بهم قانونيا.

 

مفيدة القيزاني

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews